المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى الثقافة الإسلامية
   

منتدى الثقافة الإسلامية لتناول المواضيع والقضايا الإسلامية الهامة والجوانب الدينية

إضافة رد
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #31  
قديم 22/03/2004, 11:59 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
الزنى وآثاره الصحية والاجتماعية

هذا المقال ملخص بحث كان قد أعده الدكتور حسان حتحوت تحت عنوان

" ثورة الجنس في عالمنا المعاصر "

نظرات طبيب مسلم

مع إضافات أخرى



بين يدي البحث

إن انفجار المعلومات في عصرنا الحالي استفاد منه الإنسان في شتى مجالات الحياة, إلا أنه بدل أن يحمد الله على نعمة هذه الهداية وهذا التسهيل العظيم في مجريات البحث العلمي ونتائجه , أعرض ونأى بجانبه وتكبر وتجبر زاعما أن ما حازه من الفتح العلمي إنما أوتيه على مقدرته العقلية وقوته الذاتية , فانحرف به مسار الطريق نحو الهاوية , وابتغى بعلمه واختراعه الملذات والشهوات العابرة , غير عابئ بما تعقبه من دمار اجتماعي ماحق !!

اخترع بعقله الضال أحكاما ونظريات اجتماعية , يدعي بعقله القاصر أنها لسعادة البشرية , فمن أهم هذه النظريات ما سموه نظرية "الحرية الجنسية" . نظرية اخترعها أبالسة الإنس تحت شعار ظاهره السعادة وباطنه وكل ما فيه من قبله العذاب والدمار والضياع للبشرية قاطبة .

ولما وقفت على بحث الأخ الدكتور/ حسان حتحوت / أستاذ الولادة وأمراض النساء بجامعة الكويت بعنوان" ثورة الجنس في عالمنا المعاصر" رأيت أن أختصره, ويُعرض فحواه في موقع الدعوة التابع لهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية لما فيه من الفائدة العميمة بالنسبة لشباب الأمة وشاباتها .

ويبين الباحث سمات واضحة على وجه ما يسمونه بالثورة الجنسية منها :

1ــ الفلسفة الإباحية :

الإباحة الجنسية ليست جديدة في تاريخ البشرية , وقد تتالت على التاريخ كموجات الأثير ترتفع تارة وتحط أخرى , فكلما ارتفعت وازداد أوارها كلما كان فسادها ودمارها أعظم .

حدث ذلك للإمبراطورية الرومانية , ولسدوم وعمورة محل البحر الميت الآن , ولفرنسا بين الحربين العالميتين و كما اعترف مارشالها بيتان وهو يستسلم للألمان . وما هي من الحضارة الحالية ببعيد : وآثارها وأهوال أمراضها وجراثيمها التي تطالعنا الأخبار كل يوم على جديد منها قد طبقت الآفاق .

وكلها نتاج الحضارة الغربية المادية العقلانية الحديثة , حيث استطال قرناها في نمطين يظن الناس أنهما مختلفان , والصحيح أنهما وجهان لعملة واحدة .

أولاهما : - الشيوعية المنهارة , وقد كانت تنكر الله تماما , وتعزو خلق الكون على حتمية الصدفة المادية المتطورة , وترى أن الدين اختراع بشري ابتكره سلسلة من المصلحين الاجتماعيين هم الأنبياء والرسل , وأن الآخرة مصرف وهمي بديل, وَعَدُوا الناس أن يكافئوهم منه بعد الموت إن هم أطاعوهم , وأن الدين أفيون الشعوب .

وانتشرت هذه الفلسفة والأفكار بين بسطاء الناس وعامتهم عند خلو الساحة من المفاهيم النيرة الخيرة من روح الإسلام وتعاليمه , وبسطت سلطان القهر والشدة والعنف لمّا تسنمت هرم السلطة في بعض بلاد العالم . وتلونت وتنوعت باسم الاشتراكية والعدالة والمساواة و. . . ألفاظ جوفاء براقة المظهر تحوي بمضمونها السم الزعاف .

وثانيهما :ــ المادية الرأسمالية , فقد امتدت في العالم الغربي المسيحي . واستغلت هذه الحركةُ التقدمَ العلمي الهائل الذي أحرزه العقل البشري , وانبهار الناس في المخترعات والمكتشفات الجديدة , فدعت إلى تحكيم هذا العقل في كل أمور الحياة الإنسانية ونبذ كل ما يتعارض معه من القيم والثقافات والأخلاق , فكان من ضمن ما احتكم إليه فيه العلاقات الجنسية .

كانت القاعدة عندهم أن ما وافق العقل فهو صحيح ونافذ وما خالفه فهو باطل, وفاتهم أن العقل ذاته أداة ناقصة , إذ أن كل كشف جديد اعتراف بنقص العقل قبل أن نكشفه , وسَعْيَنَا وراء الجديد اعترافٌ منا بالمدى الذي ما زال العقل يجهله , وما أكثر وأعظم وأوسع دائرة ذلك المجهول !! والحق أنه كلما ازداد العلم تقدما ازداد الإنسان إدراكا بمدى ما يجهله.

العقل إذن ناقص , ولا يستطيع أن يصدر الأحكام المطلقة . مع العلم أن العقل قابل للتأثر وهذه من صفات الإنسان : يغالبه الهوى , وكم من عاقل مُعْتدٍّ برأيه صرعته الأهواء وأثرت فيه أمواج التيارات فحرفته عن جادة الصواب, فما كان عنده بالأمس خطأ أو رذيلة يصبح اليوم مقبولا وفي غد يصبح فضيلة من الفضائل .

وهكذا فعل العقل بقضية الجنس, واتبع هواه وكان أمره فرطا , فبعد أن كان الزنى من أقبح الرذائل : تدرج شيئا فشيئا بنظر العقل حتى أصبح من شيم الحرية والأخلاق الفاضلة , وكان ذلك نتيجة هجمة شرسة قام بها منظروا من يدّعون تحكم العقل , أمثال برتراند راسل الذي دعا لحرية الجنس بين طلاب وطالبات الجامعات وزاد الطَّامَّةَ طامةً بعضُ رجال الكهنوت أمثال الأسقف الأحمر في إنجلترا الذي ادعى أنه إذا ضاجع الشاب فتاة في محبة وبغير قهر كان ذلك مبرة . حتى أساتذة علم النفس جاءتهم الحمية لمصلحة الإنسان فجعلوا يحذرون من العواقب الوخيمة من جراء الكبت الجنسي لدى الشباب المتمسكين بالعفاف . ورجال التشريع لهم دور أيضا فقد عبثوا بالقوانين حتى جعلوا جريمة اللواط تصرفا شخصيا لا علاقة لأحد به طالما أن القطبين راضيان فيما بينهما . ومؤلفون ومخرجون وسينمائيون وصحافيون وعلماء اجتماع: سلطوا أقلامهم وإعلامهم ونظرياتهم وأفكارهم حتى غيروا مناخ وأوصاف ومدلولات القيم الاجتماعية تماما .

ومن المؤلم جدا أن تقرأ في الصحف أن لجنة من مجلس الكنائس البريطاني , في تقرير لها عن الجنس والفضيلة تقول :" إنها ضد الاستغلال الجنسي وأنها تبارك الصلة الجنسية في الزواج ولكنها ترفض الرأي الداعي إلى العفة قبل الزواج !! أو الالتزام بعده , وترفض رأي الإنجيل ضد الزنى الذي تراه مسموحا في بعض الأحوال ؛ إن شكل امتزاجا شاملا بين بالغين راضين "

مجلة التايم 28 أكتوبر 1966 ص28

ويدعو التقرير إلى تهيئة وسائل منع الحمل للفتيات غير المتزوجات وإلى مزيد من التراخي في تشريعات الإجهاض .

وفي موجة الحرية والمساواة دعوا الناس إلى مساواة المرأة بالرجل في حرية الجنس بدلاً من دعوة الجنسين إلى مراعاة العفة .

ورأي الإسلام واضح في هذا الموضوع وأشهر من أن يعرف . ونحمد الله تعالى أنه نزَّل الإسلام وتكفل الله بحفظه بحفظ كتابه الكريم وسنة نبيه العظيم و على الشباب المسلم في هذا المقام واجبان :

الواجب الأول – أن يُحكم صلته بربه , ويوثق قبضته على دينه , فإن وسائل الإغراء الفائقة في دقة الجذب والتي صنعتها بيوت الفحش والرذيلة وتأنقت في صنعها , إذا لم يكن مع الشاب وسائل تحميه من شرها وتقيه من إثمها , فهو معرض للسقوط والهوي فيها, وخير وقاية هو حسن الصلة مع الله , فهو خير حافظا وهو أرحم الراحمين .

الواجب الثاني – أن ينصب من نفسه داعية يدعو القوم إلى سبيل الرشاد , بالأسلوب الذي أمر الله به , وينبغي أن نستمد الحجة من منطقهم وثقافتهم ماداموا لا يؤمنون بقرآننا , ولا بإنجيلهم . إلا أنهم كما يدعون العدالة والمساواة بين الناس رجالا ونساء, نقول لهم بمنطقهم : إن أية علاقة بين اثنين لا تتوزع نتائجها على الاثنين توزيعا عادلا بالتساوي فهي علاقة نابية عن العدل , ونظرة إلى نتائج العلاقة الإباحية التي صارت عرفا متبعا في الغرب, وهي للأسف تصدر إلى العالم الآن على أنها تقدم وتطور, والتي تبيح المعاشرة بغير رباط الزواج ومسؤولياته, ترينا أن المردود غير موزع بالتساوي, فالمرأة دائما هي الخاسرة , إن عوشرت ثم هُجرت فهي الخاسرة , وإن حملت سفاحا فهي الخاسرة , وإن لجأت إلى الإجهاض فهي الخاسرة , وإن وضعت وتنازلت عن وليدها فهي الخاسرة , وإن احتفظت به ولدا بلا والد فهي الخاسرة ! ! !



2ــ منع الحمل:

لأول مرة في التاريخ يمكن التحكم في الخصوبة البشرية بصفة فعالة وبوسائل ميسورة , وقد هلل الكثيرون من أهل الدراسات السكانية والاقتصادية لمجيء هذا الإنجاز, في الوقت الذي بدا فيه أن خطر الانفجار السكاني يوشك في رأيهم أن يهدد الحياة البشرية على الأرض , ويتوقعون أنه إذا استمر معدل الزيادة في السكان على ما هو عليه فستصل الأرض إلى مرحلة التشبع , فلا يعود ما فيها من الرزق يكفي من فيها من السكان.

يقول الدكتور حتحوت صاحب البحث الأساس : وفي مجال عملي وجب علي كطبيب مسلم أن أنظر في هذا الأمر نظرة المسلم ونظرة الطبيب :

ودلني النظر في هذا الأمر إلى أن منع الحمل , ككثير غيره من الأمور, لا يحكم له أو عليه حكما عينيا بالحل أو الحرمة , حكما عابرا , بل أعتقد أن العبرة بالتطبيق : الذين يقولون بالحل يتمثلون بإجابة الرسول عليه السلام بقوله " اعزل أو لا تعزل فإنه آتيها ما قدر لها " رواه مسلم وأبو داود . ويقول بعض الصحابة : " كنا نعزل على عهد رسول الله فلم ينهنا ." متفق عليه من حديث جابر بن عبد الله

وبالتفريق بين منع الحمل والإجهاض والوأد من حيث أن الوأد والإجهاض عُدْوان على كائن حي موجود ومنع الحمل ليس كذلك .

ولا شك أن من يجرد الزواج من وظيفة التكاثر ويقصره على وظيفة المتعة فقد نبا عن الصواب , لأن الأمة في حاجة إلى الكثرة العددية التي تفي بالدفاع عنها والقيام بأمر قيادتها وإدارة مرافق حياتها والمحافظة على عزتها وكرامتها, وإيجاد نخب فكرية تخطط لاستمرار رقيها وتقدمها بين الأمم .

هناك كذلك على النطاق العالمي اهتمام مركز جدا جدا على مسألة تحديد النسل , ومن يرى هذا الاهتمام يظن أن تحديد النسل هو المدخل الوحيد لتوقي شح الموارد , ولا نرى ذات الاهتمام ينصب على التعاون لاستخراج خيرات الأرض و سواء اليابسة أو المغمورة بالبحار والمحيطات .

ولكن لمسألة تحديد النسل شأنا آخر, يسيره ويستغله أهل السيطرة والنفوذ في العالم كما يشاؤون . من يريدون إضعافه ويخشون من مارده, الذي يرونه الإسلام, أن يستيقظ من جديد , يشيعون فيه تحديد النسل بل ويشجعونه بكل ما أوتوا من وسائل الزيغ والتضليل حتى يصوروا للناس أنهم على حافة هاوية سيسيحون فيها وتدمرهم إن لم يحددوا النسل , بل يفرضون على بعض الدول ذات القيادات الهزيلة والموارد المتخلفة في طرق الإنتاج , أن يقوموا بهذه العملية مجبرين وإلا فإن الدول الصناعية والغنيّة لا تقرضهم وتمنع عنهم الفُتاة الذي تشحدهم إياه .

ولو أن الدول الغنية تنافست في الإعمار العالمي وساعدت الدول الفقيرة وأوجدت مشاريع إنتاجية عالمية لأغنت العالم ولبقي العالم بحاجة على اليد العاملة , إلا أنهم نفخ شيطان الحرب والعداء للإسلام في رؤوسهم فسخّروا قدراتهم المادية في تصنيع الدمار وآلة الحروب وافتعلوا هذا الهياج العالمي ليبرروا مخازيهم العالمية وعدوانهم على غيرهم من الأمم .

ونحن المسلمين , وإن كنا في عالمنا المعاصر دولا ذات حدود وحكومات , ينبغي أن لا يصرفنا ذلك عما وصفنا الله به أننا أمة واحدة عرفها الله بقوله

((وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)) المؤمنون52

ولو استطاعت هذه الدول المستضعفة أن يكون واقعها هو حاصل جمع ما تملكه من أرض ومن ماء ومن معادن ومن سواعد ومن عقول ومن شواطئ ومن أنهار ومن بحار , إن تعاملت فيما بينها جمعا وضربا وليس طرحا وقسمة , لحققت بذلك رسالتها , ولحلت أزمتها وأزمة العالم , وليس من سبيل إلى ذلك إلا بأن تُحيي في قلوب أبنائها جذوة الإسلام من جديد , فليس لها دون الإسلام من رباط يربط أواصرها , وليس لها من دون الله من نصير مهما شرقت أو غربت في البحث عن النصير, إنه الإسلام وليس غير الإسلام , فلذلك فلندْعُ الشباب المؤمن للقيام بواجباته التي كلفه الله بها .





3-الإجهاض:

الإجهاض هو خروج أو إخراج الجنين من رحم أمه ولمّا يكتمل نموه لدرجة تتيح له أن يعيش بعد ذلك . وقد يحدث الإجهاض تلقائيا لعلة مرضية ظاهرة أو خفية , ولكن الذي يعنينا هنا هو ذلك الإجهاض المحدث عنوة بفعل فاعل .

فمنذ بواكير الحضارة الإنسانية, ومنذ فجر المهنة الطبية وأعلامها , كانت حرمة الحياة الإنسانية تنسدل على الجنين , فكان من قَسَم الأطباء ألاّ تمتد يدهم بالأذى دوائيا أو جراحيا للجنين المحمول , وظلت هذه الأفكار من مقدسات المهنة الطبية وموروثاتها حتى عقدنا الحالي, حين امتدت إليها كذلك تلك اليد العابثة.

ومسألة الإجهاض خيط من نسيج وغيض من فيض وجزء من كل .

ونعود إلى موانع الحمل , فنقول : إنها وإن كانت تقدما علميا وعونا طبيا واجتماعيا , إلا أنها كانت ممولة ومحفوزة من قبل الحركة التي سمت نفسها " حركة تحرير المرأة " , وكان مما تدعو إليه تلك الحركة مساواة المرأة بالرجل , وإنه إن كان الرجل يمارس الجنس دون أن يهدد بالحمل فينبغي أن يكون للمرأة كذالك أن تمارسه دون تهديد الحمل .

ولم تكد تستقر أمور منع الحمل حتى جعلوها في المتناول الميسور للبنات غير المتزوجات .

ثم تدرج الأمر إلى أن تتنادى النساء بحقهن في أجسادهن, ثم تَنَادَيْنَ بأنه من الظلم أن تضطر المرأة إلى أن تحتفظ في أحشائها بجنين لا تريده . وهذه أمور كلها دبرت بليل وخطط لها من قبل , وبعد أن كان الإجهاض الطبي مباحا فقط في الحالات التي يشكل فيها استمرار الحمل خطرا على حياة الأم , مرر المشرعون أعضاء البرلمان البريطاني القانون الجديد الذي وسع رقعة الإباحة لتشمل " تهديد صحتها الجسمية أو النفسية , أو الصحة الجسمية أو النفسية لأي أحد من أفراد الأسرة بما فيهم الأبناء بالتبني , ويستوي أن يكون هذا التهديد في الحاضر أو في المستقبل المرتقب .

إن هذا القانون لا يضبط من أمر تنظيم الإجهاض إلا ما يحمل الغربال من الماء إذا رفع , فلو أن أسرة تبنت طفلا ثم حملت السيدة , فذهبت إلى الطبيب تقول : إن متبناها يشعر بالغيرة من قدوم طفل جديد , فالقانون الطيع اللين يسمح بالإجهاض إن وافق الطبيب, على أن ذلك يهدد الصحة النفسية للمتبنى في المستقبل .

لقد ظهر أن هذه الإباحة لم تستخدم للمحافظة على صحة الزوجات أو للحد من نسل الأسر كثيرة العيال التي تعوزها النفقة .

ولكن أنبأتنا الإحصاءات بأن الكثرة الغالبة من المُجهَضات كن نساء غير متزوجات , بل حاملات من سفاح , فكشفت بذلك عن حقيقة المؤامرة التي جعلت الإجهاض فيما بعد تجارة رابحة ذات بريق ولمعان يغطي ظاهرها, أما باطنها, والعياذ بالله ممن خطط لها , فهو الدمار والخراب وإشاعة الفساد والاضطراب بين أفراد الأمم وقتل المروءات والغيرة على الحرمات , بحيث يصبح الناس فوضى لا سراة لهم , أو سراة جهالاً لا يعون من أمرهم ولا من امر دينهم ولا من أمر أممهم شيئا.

يقول الدكتور حتحوت : " في كتاب لبريطاني وبريطانية تنكرا في هيئة عشيقة حامل وصديقها ... يرويان ما شهداه في مطافهما بسوق الإجهاض , مما تشمئز له النفس . وقد تكونت هناك في عاصمة الحرية والمساواة شبكة إجهاضية وكأنها المؤسسات السياحية ترتب للبنات هناك أو القادمات من الخارج كل شيء من أول التاكسي بالمطار مرورا بالفندق والمستشفى والعملية حتى المطار مرة أخرى للمغادرة :

ومن العجيب أنهم ظنوا أن شيوع الإجهاض ومنع الحمل سيمنع ظاهرة الأطفال المولودين سفاحا , فهالهم أن هؤلاء في ازدياد, ومع إقبال الأسر المحترمة على الحد من عدد الأبناء, تحت تأثير الدعايات المغرضة, أصبح كل خامس مولود في بريطانيا مولودا من سفاح" – وهذه المعلومات تكاد تكون قديمة جدا- أما اليوم فحدث ولا حرج , حيث انتقلت العدوى من بريطانيا العظمى إلى كثير من دول أوروبا وكثير من ولايات أمريكا و وانحدر السيل الجارف نحو شرقنا البائس الحزين الذي خلع عنه ما كان يقيه من تعاليم الدين الحنيف ضد هذه العاديات .

ولننظر إلى مسألة الإجهاض من خلال آيات القرآن الكريم :

(( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ))الأنعام151

(( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءاً كَبِيراً))الإسراء 31

((وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ))الأنعام137

‏(( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ))الممتحنة12

آيات كلها تدور حول جريمة قتل الأولاد , وكلمة الأولاد تشمل الذكور والإناث , وهو قتل يشترك في اقترافه الرجال والنساء, ونعلم أن الجاهلية في جريمة الوأد كان رجالها وحدهم يئدون الإناث وحدهن , فمتى تكون الضحايا ذكورا وإناثا تغدر بها الرجل والنساء جميعا إلا إن كان القصد أنها الأجنة تغدر بها يد الإجهاض ؟

ولننظر إلى الشريعة الإسلامية وموقفها من الجنين فنجد الآتي:

أولاً – إذا مات رجل وظهر أن امرأته حامل , حجز من تركته نصيب ولد, ولم يأخذ باقي الورثة أنصبتهم إلا إن تعهدوا إن وضعت أكثر من ولد أن يردوا على التوأم نصيبه .

ثانيا – إذا حكم على امرأة بالإعدام وتبين أنها حامل أرجئ تنفيذ العقوبة حتى تلد ثم ترضع .. حتى لو كان الجنين محمولا من سفاح .

ثالثا – إذا أجهض جنين في أية مرحلة من مراحل وظهرت عليه أية علامة من علامات الحياة كتحريك إصبع أو نفس أو سعلة أو عطسة أو غيرها ثم مات بعدها , فإن هذا الجنين يرث أيّاً من مورثيه الشرعيين مات بعد بداية الحمل , ثم يرث الجنينَ ورثنه الشرعيون.

رابعا – في الإسلام عقوبة مالية (غرامة) على الإجهاض , لا تجب غيرها من عقوبات التعزير على عدوان أو إصابة أخرى , وهذه الغرامة اسمها " الغرة " وتبلغ عشر دية البالغ , تدفع لورثة الجنين الشرعيين , فإن كان من بين هؤلاء الورثة متسبب في الإجهاض دفع ما عليه من الغرم وحرم نصيبه من الإرث .

حياة الجنين إذا محترمة , ولا يضحى بها إلا إن كان في استمرار الحمل خطورة على حياة الأم المريضة , لأن الأم في الشريعة أصل والجنين فرع , والفرع فداء الأصل .



4- الأمراض الجنسية:

وهي تعرف أيضا بالأمراض السرية , وتنقل عدواها عن طريق الاتصال الجنسي عادة , ومن أهمها :

مرض السيلان , مرض الزهري , مرض فقد المناعة المعروف

بـ( ايدز) وكلها أمراض معدية وقاتلة ويسهل انتشارها بين من يتعاطون فاحشة الزنى , وإن كانوا استطاعوا إيجاد علاجات مضادة للمرضين الأولين , إلا أن الجراثيم المسببة كانت في كثير من الأحيان اقوى من الإنسان فسرعان ما توجد لها طرق ومخابئ تزيغ عن طريق المضادات ثم تعود فتنشط من جديد .

أما مرض الأيدز, والعياذ بالله , فليس أمام المصاب إلا أن يندب حظه ويودع ملذاته وفواحشه وينتظر استقبال آخرته بما قدم لها , لأن هذا المرض والعياذ بالله , رغم الجهود المكثفة والبحوث المتكاثرة والأموال الطائلة التي تنفق من أجل مكافحته , لم يعثروا على حل لهذه الكارثة الإنسانية , وصدق رسول الله r حيث يقول :" ولا فشا الزنى في قوم قط إلاّ كثر فيهم الموت " أي من كثرة أمراض الزنى والحديث قطعة من حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الموطأ.

ومن أجل ذلك قال ربنا عز وجل (( ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا ))الإسراء32

إن الأنواع الجديدة من الزهري والسيلان أكثر عصيانا على التداوي من أجيالها السابقة عند بدء استعمال المضادات الحيوية .

ونوع المريض وسماته قد اختلفت عن ذي قبل اختلافا خطيرا, لم يعد التوزيع الجنسي كما كان في السابق خمسين رجلا لكل امرأة , ولكنه أصبح متساويا بين الجنسين من المرضى . ولم يعد معدل سن الإصابة حول الخامسة والثلاثين , ولكنه أصبح في العشرين فما دون .

لم يعد مصدر الإصابة مومس الأمس يقصدها العديد من الرجال المنحرفين , ولكن زنى اليوم صار دولة بين الشباب, فزانية اليوم في بلاد الغرب هي الفتاة العادية الشابة في كافة مرافق الحياة , شجعوها على هذا الإثم باسم حرية الجنس !! باسم التقدم !! باسم التحرر !!

وهنا الجناية .. يمهد لها .. ويعين عليها حشد كامل ذكي لكل ما يثير الغرائز وشهوة الجنس ؛ من أزياء ومن مطبوعات ماجنة , ومن أفلام وأقلام مأجورة رخيصة , كلها تآمرت واحتالت على العفة والشرف والطهر , فسمت الزنى حبا, وسمت الرذيلة عشقا سد حاجة فيسيولوجية للجسد , وسمت العفة والشرف والطهر رجعية وتخلفا وجمودا لا يليق بمدنية العصر, وسمت الغناء الماجن الفاسق والتغزل بأعراض الناس فناً, ودعت الناس إلى التفاخر والتباهي به وقالت مقولتها الفاجرة " من لم يتحسس الفن ويأنس به ويتذوقه فليس بإنسان"

وسمت القيان والداعرات الممثلات اللاتي يشعن الرقص العاهر والغناء الفاجر, سمتهن فنانات !! يا لطيف نسألك اللطف . . .

إن وراء الضوء الذي يجذب الفراشة إلى المصباح النارُ التي تحرقها.

يعلن أحد المتخصصين من المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض: أن ستمائة وخمسين ألف من الأمريكان شبابا وفتيات تحت سن العشرين يصابون بالزهري أو السيلان ( وهذه معلومات قديمة قبل اكتشاف مرض الادز, فما حالهم اليوم؟ )

أما شبابنا المسلم : في حله وترحاله و في إقامته وفي اغترابه فليعلم أن عليه واجبين : واجبا دفاعيا وآخر هجوميا :

أما الدفاعي فليسأل الله عز وجل أن يثبت جنانه وإيمانه تجاه كل ما يعرض له من إغراء وإن بدا لذيذا طيبا , فكم من لذة ساعة أورثت صاحبها غما طويلا . القلب المليء بحب الله ليس فيه متسع لسواه , فلتعمر القلوب بذكر الله , ولتحسن إيمانك بالله , فالإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك . واعلم أنك كما تدين تدان , فارض لبنات آدم ما ترضاه لأختك وأمك وابنتك وزوجتك , وكفى بالمثل الواقعي أمامنا واعظا وزاجرا .

وأما الواجب الهجومي: ونقصد به الدعوي , فوفاء بواجب من آتاه الله النور , والناس تتخبط في الظلام (( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين)) المائدة/15 ومسئولية من آتاه الله الدواء والناس في قبضة المرض , علينا نحن المسلمين أن نطبب الإنسانية المريضة, وأن ننير لها السبيل , وأن ننتشلها من غرقها , لا باللوم والسباب , ولكن بتحبيبها فيما ندعوها إليه من محاسن الإسلام, والإسلام كله محاسن, وعلينا أن نكون لهم قدوة صالحة ننصحهم بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة .

والطريق طويلة , والبناء أشق من الهدم , والنار حفت بالشهوات, ولكن أي امرئ أولى بالثقة ممن علم أنه مع الله وأن الله معه, وكان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما .

ويوم نستطيع أن نُري الناس الإسلام في صورة رجال تمشي على الأرض, ويوم نستطيع أن نملك زمام أنفسنا فسنملك زمام الناس , إن أحسنّا العمل وأخلصنا في الدعوة وصبرنا عليها صبر أولي العزم , فقد علمنا أن الله لا يضيع صبر الصابرين .

(( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )). آل عمران104
اضافة رد مع اقتباس
  #32  
قديم 23/03/2004, 11:23 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
الفصل الثاني: كشف دعاة المرأة إلى الرَّذيلة

أما بعد‏:‏ فهذه هي الفضيلة لنساء المؤمنين، وهذه هي الأصول التي تقوم عليها وتحرسها من العدوان عليها، لكن بعض مَن في قلوبهم مرض يأبون إلا الخروج عليها، بنداءاتهم المعلنة في ذلك، فمعاذ الله أن يَمُرَّ على السمع والبصر، إعلان المنكر والمناداة به، وهضم المعروف والصدّ عنه، ولا يكون للمصلحين مِنَّا في وجه هذا العدوان صَوتٌ جَهيزٌ بإحسان يَبْلُغُ الحاضر والباد، إقامة لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي به يُنافَحُ عن الدين، ويُنصح للمسلمين عن الترذي في هوة صيحات العابثين، وبه تُحْرَسُ الفضائل، وتكبت الرذائل، ويؤخذ على أيدي السفهاء، ومعلوم أن فشُوَّ المنكرات يكون بالسكوت عن الكبائر والصغائر، وبتأويل الصغائر، لا سيما ونحن نُشاهد كظيظًا من زِحام المعدومين المجهولين من أهل الرَّيب والفتن، المستغربين الـمُسَيَّرين بحمل الأقلام المتلاعبة بدين الله وشرعه، يختالون في ثياب الصحافة والإعلام، وقد شرحوا بالمنكر صدرًا، فانبسطت ألسنتهم بالسوء، وجَرَت أقلامهم بالسُّوأَى ، وجميعها تلتئم على معنى واحد‏:‏ التطرف الجنوني في مزاحمة الفطرة، ومنابذة الشريعة، وجرِّ أذيال الرذائل على نساء المسلمين، وتفريغهن من الفضائل، بدعوتهم الفاجرة في بلاد الإسلام إلى‏:‏ حرية المرأة و المساواة بين المرأة والرجل في جميع الأحكام ، للوصول إلى‏:‏ جريمة التبرج والاختلاط و خلع الحجاب‏.‏

ونداءاتهم الخاسرة من كل جانب بتفعيل الأسباب لخلعه من البقية الباقية في نساء المسلمين، اللائي أسلمن الوجه لله تعالى، وسلَّمن القيادة لمحمد بن عبدالله‏.‏

نسأل الله لنا ولهن الثبات، ونبرأ إلى الله من الضلالة، ونعوذ بالله من سوء المنقلب‏.‏

وهؤلاء الرُّماة الغاشون لأمتهم، المشؤومون على أهليهم وبني جنسهم بل على أنفسهم، قد عَظُمت جرَاءتهم، وتَلَوَّن مَكْرُهم، بكلمات تخرج من أفمامهم ، وتجري بها أقلامهم، إذ أخذوا يهدمون في الوسائل، ويخترقون سدَّ الذرائع إلى الرذائل، ويتقحَّمون الفضائل، ويهوِّنون من شأنها، ويسخرون منها ومن أهلها‏.‏

نعم قد كتب أولئك المستغربون في كل شؤون المرأة الحياتية، وخاضوا في كل المجالات العلمية، إلا في أمومتها وفطرتها، وحراسة فضيلتها ‏.‏

كل هذا البلاء المتناسل، واللّغو الفاجر، وسَقَط القول المتآكل، تفيض به الصحف وغيرها باسم التباكي والانتصار للمرأة في حقوقها، وحريتها، ومساواتها بالرجل في كل الأحكام، حتى يصل ذوو الفَسَالة المستغربون إلى هذه الغاية الآثمة؛ إنزال المرأة إلى جميع ميادين الحياة، والاختلاط، وخلع الحجاب، بل لتمد المرأة يدها بطوعها إلى وجهها، فتسفع عنه خمارها مع ما يتبعه من فضائل ‏.‏

وإذا خُلع الحجاب عن الوجه فلا تسأل عن انكسار عيون أهل الغيرة، وتقلص ظلِّ الفضيلة وانتشار الرذيلة، والتحلل من الدين، وشيوع التبرج والسفور والتهتك والإباحية بين الزناة والزواني، وأن تهب المرأة نفسها لمن تشاء ‏.‏

وفي تفسير ابن جرير عند قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلًا عظيمًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 27‏]‏، قال مجاهد بن جبر ـ رحمه الله تعالى ـ ‏:‏ يزني أهل الإسلام كما يزنون، قال‏:‏ هي كهيئة‏:‏ ‏{‏ودوا لو تدهن فيدهنون‏}‏ ‏[‏القلم‏:‏ 9‏]‏ ‏.‏ انتهى ‏.‏

ويتصاعد شأن القضية، من قضية المرأة إلى قضية إفساد العالم الإسلامي، وهذه الخطة الضالة ليست وليدة اليوم، فإنها جادة الذين مكروا السيئات من قبل في عدد من الأقطار الإسلامية، حتى آلت الحال ـ واحسرتاه ـ إلى واقع شاع فيه الزنا، وشُرعت فيه أبواب بيوت الدعارة ودور البِغاء بأذون رسمية، وعمرت خشبات المسارح بالفن الهابط من الغِناء والرقص والتمثيل، وسُنّت القوانين بإسقاط الحدود، وأن لا تعزير عن رضا ‏.‏‏.‏ وهكذا، من آثار التدمير في الأعراض، والأخلاق والآداب‏.‏

ولا ينازع في هذا الواقع الإباحي الأثيم إلا من نزع الله البصيرة من قلبه ‏.‏

فهل يُريد أُجَراء اليوم أن تصل الحال إلى ما وصلت إليه البلاد الأخرى من الحال الأخلاقية البائسة، والواقع المر الأثيم ‏؟‏

أمام هذا العدوان السافر على الفضيلة، والانتصار الفاجر للرذيلة، وأمام تجاوز حدود الله، وانتهاك حرمات شرعه المطهر، نُبَين للناس محذرين من دخائل أعدائهم‏:‏ أن في الساحة أُجَراء مستغربين، ولهم أتباع أجراء من سَذَجة الفساق، أتابع كل ناعق، يُفوِّقون سهامهم لاستلاب الفضيلة من نساء المؤمنين، وإنزال الرذيلة بهن، ويجمع ذلك كلَّه قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلًا عظيمًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 27‏]‏‏.‏

قال ابن جرير ـ رحمه الله تعالى ـ ‏[‏8/214 - 215‏]‏ ‏:‏ ‏(‏‏(‏ معنى ذلك‏:‏ ويريد الذين يتبعون شهوات أنفسهم من أهل الباطل وطلاب الزنا ونكاح الأخوات من الآباء، وغير ذلك مما حرمه الله ‏{‏أن تميلوا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 27‏]‏‏.‏ عن الحق، وعما أذن الله لكم فيه، فتجوروا عن طاعته إلى معصيته، وتكونوا أمثالهم في اتباع شهوات أنفسكم فيما حرم الله وترك طاعته ‏{‏ميلًا عظيما‏}‏[النساء: 25] ‏.‏

وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب‏:‏ لأن الله عز وجل عمَّ بقوله‏:‏ ‏{‏ويريد الذين يتبعون الشهوات‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 27‏]‏‏.‏ فوصفهم باتباع شهوات أنفسهم المذمومة، وعمهم بوصفهم بذلك، من غير وصفهم باتباع بعض الشهوات المذمومة، فإذا كان ذلك كذلك، فأولى المعاني بالآية ما دل عليه ظاهرها، دون باطنها الذي لا شاهد عليه من أصل أو قياس، وإذا كان ذلك كذلك كان داخلًا في الذين يتبعون الشهوات‏:‏ اليهود والنصارى، والزناة، وكل متبع باطلًا؛ لأن كلَّ متبع ما نهاه الله عنه مُتَّبعٌ شهوة نفسه، فإذا كان ذلك بتأويل الآية الأولى، وجبت صحة ما اخترنا من القول في تأويل ذلك‏)‏ انتهى ‏.‏

وقد سلك أولئك الجناة لهذا خطة غضبية ضالة في مجالات الحياة كافة، بلسان الحال، أو بلسان المقال ‏.‏

ففي مجال الحياة العامة‏:‏

1ـ الدعوة إلى خلع الحجاب عن الوجه ـ الخمار ـ والتخلص من الجلباب

ـ الملاءة ـ ويقال‏:‏ العباءة ‏.‏

وهذا بلسان الحال دعوة إلى خلع الحجاب عن جميع الجسد، ودعوة إلى اللباس الفاتن بأنواعه‏:‏ الفاتن في شكله، والتعري بلبس القصير، والضيق الواصف للأعضاء، والشفاف الذي يشف عن جسد المرأة ‏.‏

ودعوة إلى التشبه بالرجال في اللباس ‏.‏

ودعوة إلى التشبه بالنساء الكوافر في اللباس ‏.‏

2ـ الدعوة إلى منابذة حجب النساء في البيوت عن الأجانب بالاختلاط في مجالات الحياة كافة ‏.‏

وفــيــه ‏:‏

3ـ الدعوة إلى دمج المرأة في جميع مجالات تنمية الحياة ‏.‏

وهذا دعوة إلى ظهور المرأة في الطرقات والأماكن العامة متبرجة سافرةً ‏.‏

4ـ الدعوة إلى مشاركتها في الاجتماعات، واللجان، والمؤتمرات، والندوات، والاحتفالات، والنوادي ‏.‏

وفي هذا دعوتها إلى الخضوع بالقول، والملاينة في الكلام، ودعوتها إلى مصافحة الرجل الأجنبي عنها، ومنها مصافحتها لخطيبها وَلَـمَّا يُعقد بينهما‏.‏

ودعوة لها إلى خروجها من بيتها أمام الأجانب في حال تُثير الفتنة في اللباس، والمشية، وإعمال المساحيق، والتمضخ بالطيب، ولبس ما يجعلهن كَواعب، ولبس الكعب العالي، وهكذا من وسائل الإغراء والإثارة والفتنة ‏.‏

5 ـ الدعوة إلى فتح النوادي لهن، والأمسيات الشعرية، والدعوة للجميع ‏.‏

6ـ الدعوة إلى فتح مقاهي الإنترنت النسائية والمختلطة ‏.‏

7ـ الدعوة إلى قيادتها السيارة، والآلات الأخرى ‏.‏

8ـ الدعوة إلى التساهل في المحارم، ومنها ‏:‏

الدعوة إلى سفر المرأة بلا محرم، ومنه سفرها غربًا وشرقًا لتعلم بلا محرم، وسفرها لمؤتمرات‏:‏ رجالات الأعمال ‏.‏

9ـ الدعوة إلى الخلوة بالأجنبية، ومنها‏:‏ خلوة الخاطب بمخطوبته ولما يُعقد بينهما‏.‏

10ـ الدعوة إلى قيامها بالفنِّ، ومنه ‏:‏


11ـ الدعوة إلى قيامها بدورها في الفن، والغناء، والتمثيل ‏.‏

وهذا ينتهي بالدعوة إلى مشاركتها في اختيار ملكة الجمال ‏.‏

12ـ الدعوة إلى مشاركتها في صناعة الأزياء الغربية ‏.‏

13ـ الدعوة إلى فتح أبواب الرياضة للمرأة، ومنه ‏:‏

المطالبة بإنشاء فريق كرة قدم نسائي ‏.‏

المطالبة بركوب النساء الخيل للسباق ‏.‏

المطالبة برياضة النساء على الدراجات العادية والنارية ‏.‏

14ـ فتح المسابح لهن في المراكز والنوادي وغيرها ‏.‏

15ـ وفي شَعْر المرأة ضروب من الدعايات الآثمة، كالتنمص في الحاجبين، وقص شعر الرأس تشبهًا بالرجال، أو بالنساء الكافرات، وفتح بيوت الكوافير لهن‏.‏

16ـ وأولًا وأخيرًا‏:‏ الدعوة الحادة إلى تصوير المرأة في الوثائق والبطاقات، وبخاصة في بطاقة الأحوال، وجواز السفر ‏.‏‏.‏ والتركيز عليها، لأنها بوابة سريعة النفوذ إلى‏:‏ خلع الحجاب و انخلاع الحياء ‏.‏

وفي مجال الإعلام ‏:‏

17ـ تصوير المرأة في الصحف والمجلات ‏.‏

18ـ خروجها في التلفاز مغنية، وممثلة، وعارضة أزياء، ومذيعة ‏.‏‏.‏ وهكذا ‏.‏

19ـ عرض برامج مباشرة تعتمد على المكالمات الخاضعة بالقول بين النساء والرجال في الإذاعة والتلفاز ‏.‏

20ـ ترويج المجلات الهابطة المشهورة بنشر الصور النسائية الفاتنة ‏.‏


21ـ استخدام المرأة في الدعاية والإعلان ‏.‏

22ـ الدعوة إلى الصداقة بين الجنسين عبر برامج في أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة، وتبادل الهدايا بالأغاني وغيرها ‏.‏

23ـ إشاعة صور القُبُلات والاحتضان بين الرجال وزوجاتهم على مستوى الزعماء والوزراء في وسائل الإعلام المتنوعة ‏.‏

وفي مجال التعليم ‏:‏

24ـ الدعوة إلى التعليم المختلط في بعضها إلى الصفوف الدنيا منه ‏.‏

25ـ الدعوة إلى تدريس النساء للرجال وعكسه ‏.‏

26ـ الدعوة إلى إدخال الرياضة في مدارس البنات ‏.‏

وهذا داعية إلى المطالبة بفتح‏:‏ مدرسة الفنون الجميلة للنساء ‏.‏

وفي مجال العمل والتوظيف ‏:‏

27ـ الدعوة إلى توظيف المرأة في مجالات الحياة كافة بلا استثناء كالرجال سواء‏.‏

28ـ ومنه الدعوة إلى عملها في‏:‏ المتاجر، والفنادق، والطائرات، والوزارات، والغُرف التجارية، وغيرها كالشركات، والمؤسسات ‏.‏

29ـ الدعوة إلى إنشاء مكاتب نسائيه للسفر والسياحة، وفي الهندسة والتخطيط‏.‏

وهذا داعية إلى الدعوة إلى عمل المرأة في المهن الحرفية كالسباكة، والكهرباء وغيرها‏.‏

30ـ الدعوة إلى جعل المرأة مندوبة مبيعات ‏.‏

والدعوة إلى إدخالها في نظام الجندية والشُّرط ‏.‏

والدعوة إلى إدخالها في السياسة في المجالس النيابية، والانتخابات، والبرلمانات‏.‏

والدعوة إلى إيجاد مصانع للنساء ‏.‏

31ـ الدعوة إلى توظيفهن في التوثيق الشرعي، وفتح أقسام نسائية في المحاكم‏.‏

وهكذا في سلسلة طويلة من المطالبات، التي تنتهي أيضًا بما لم يطالب به، نسأل الله سبحانه أن يبطل كيدهم، وأن يكف عن المسلمين شرَّهم، لا إلـه إلا هو سبحانه وتعالى ‏.‏
الأستاذ الدكتور الشيخ بكر عبدالله أبي زيد
اضافة رد مع اقتباس
  #33  
قديم 23/03/2004, 11:27 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
‏ إعادة المطالب المنحرفة

لضرب الفضيلة في آخر معقل للإسلام، وجعلها مِهادًا للجهر بفساد الأخلاق‏.‏

إن البداية مدخل النهاية، وإن أول عقبة يصطدم بها دعاة المرأة إلى الرذيلة هي الفضيلة الإسلامية‏:‏ الحجاب لنساء المؤمنين، فإذا أسفرن عن وجوههن حَسَرْن عن أبدانهن وزينتهن التي أمر الله بحجبها وسترها عن الرجال الأجانب عنهن، وآلت حال نساء المؤمنين إلى الانسلاخ من الفضائل إلى الرذائل، من الانحلال والتهتك والإباحية، كما هي سائدة في جل العالم الإسلامي، نسأل الله صلاح أحوال المسلمين‏.‏

واليوم يمشي المستغربون الأجراء على الخطى نفسها، فيبذلون جهودهم مهرولين، لضرب فضيلة الحجاب في آخر معقل للإسلام، حتى تصل الحال

ـ سواء أرادوا أم لم يريدوا ـ إلى هذه الغايات الإلحادية في وسط دار الإسلام الأولى والأخيرة، وعاصمة المسلمين، وحبيبة المؤمنين‏:‏ جزيرة العرب التي حمى الله قلبها وقبلتها منذ أسلمت ببعثة خادم الأنبياء والمرسلين إلى يومنا هذا من أن ينفذ إليها الاستعمار، والإسلام فيها ـ بحمد الله ـ ظاهر، والشريعة نافذة، والمجتمع فيها مسلم، لا يشوبه تجنس كافر، وهؤلاء المفتونون السَّخابون على أعمدة الصحف اتَّبعوا سنن من كان مثلهم من الضالين من قبل، فنقلوا خطتهم التي واجهوا بها الحجاب إلى بلادنا وصحافتنا، وبدأوا من حيث بدأ أولئك بمطالبهم هذه يُجَرِّمون الوضع القائم، وهو وضع إسلامي في الحجاب، وفيه الطهر والعفاف، وكل من الجنسين في موقعه حسب الشرع المطهر، فماذا ينقمون‏؟‏

وإن ما تقدم بيانه من أصول الفضيلة، ترد على هذه المطالب المنحرفة الباطلة، الدائرة في أجواء الرذيلة؛ من السفور عن الوجه، والتبرج، والاختلاط، وسلب قيام الرِّجال على النساء، ومنازعة المرأة في اختصاص الرجل، وهكذا من الغايات المدمرة‏.‏

وإن حقيقة هذه المطالب المنحرفة عن سبيل المؤمنين، إعلان بالمطالبة بالمنكر، وهجر للمعروف، وخروج على الفطرة، وخروج على الشريعة، وخروج على الفضائل والقيم بجميع مقوماتها، وخروج على القيادة الإسلامية التي تحكم الشرع المطهر، وجعل البلاد مِهادًا للتبرج والسفور والاختلاط والحسور‏.‏

وهذا نوع من المحاربة باللسان ـ والقلم أحد اللسانين ـ وقد يكون أنكى من المحاربة باليد، وهو من الإفساد في الأرض ‏.‏

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ في ‏[‏الصارم المسلول‏:‏ 2/ 735‏]‏ ‏:‏ ‏(‏وما يفسده اللسان من الأديان أضعاف ما تفسده اليد، كما أن ما يصلحه اللسان من الأديان أضعاف ما تصلحه اليد‏)‏ انتهى ‏.‏

لهذا فإن المتعين إجراؤه هو ما يأتي‏:‏

1ـ على مَن بسط الله يده إصدار الأوامر الحاسمة للمحافظة على الفضيلة من عاديات التبرج والسفور والاختلاط، وكفُّ أقلام الرعاع السُّفوريّين عن الكتابة في هذه المطالب، حماية للأمة من شرورهم، وإحالة مَن يَسْخر من الحجاب إلى القَضاء الشرعي، ليطبق عليهم ما يقضي به الشرع من عقاب‏.‏

وإلحاق العقاب بالمتبرجات؛ لأنهن شراك للافتتان، وهن أولى بالعقاب من الشاب الذي يتعرض لهن، إذ هي التي أغرته فَجَرَّته إلى نفسها ‏.‏

2ـ على العلماء وطلبة العلم بذل النصح، والتحذير من قالة السوء، وتثبيت نساء المؤمنين على ما هن عليه من الفضيلة، وحراستها من المعتدين عليها، والرحمة بهن بالتحذير من دعاة السوء، عبيد الهوى ‏.‏

3ـ على كل مَن ولاه الله أمر امرأة من الآباء والأبناء والأزواج وغيرهم، أن يتقوا الله فيما وُلُّوا من أمر النساء، وأن يعملوا الأسباب لحفظهن من السفور والتبرج والاختلاط، والأسباب الداعية إليها، ومن دعاة السفور ‏.‏

وليعلموا أن فساد النساء سببه الأول تساهل الرجال ‏.‏

4ـ على نساء المؤمنين أن يتقين الله في أنفسهن، وفي مَن تحت أيديهن من الذراري، بلزوم الفضيلة، والتزام اللباس الشرعي والحجاب بلبس العباءة والخمار، وأن لا يمشين وراء دعاة الفتنة وعشاق الرذيلة ‏.‏

5ـ ننصح هؤلاء الكتاب بالتوبة النصوح، وأن لا يكونوا باب سوء على أهليهم، وأمتهم، وليتقوا الله سخط الله ومقته وأليم عقابه ‏.‏

6ـ على كل مسلم الحذر من إشاعة الفاحشة ونشرها وتكثيفها، وليعلم أن محبتها كما بينها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في ‏[‏الفتاوى‏:‏ 15/ 332،344‏]‏ لا تكون بالقول والفعل فقط، بل تكون بذلك، وبالتحدث بها، وبالقلب، وبالركون إليها، وبالسكوت عنها، فإن هذه المحبة تُمَكِّن من انتشارها، وتُمَكن من الدفع في وجه من ينكرها من المؤمنين، فليتق الله امرؤ مسلم من محبة إشاعة الفاحشة، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليمٌ في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون‏}‏ ‏[‏النور‏:‏ 19‏]‏‏.‏

هذا ما أردت بيانه، وما على أهل العلم والإيمان إلا البلاغ والبيان، للتخفف من عهدته، ورجاء انتفاع من شاء الله من عباده، وللنصح به، لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏

‏(‏الدين النصيحة‏)‏ قالوا‏:‏ لمن يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم‏)‏ خرجه مسلم في صحيحه ‏.‏

وقال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله تعالى ـ في ‏[‏الحِكَم الجديرة بالإذاعة‏:‏ ص43‏]‏‏:‏ ‏(‏رُوي عن الإمام أحمد أنه قيل له‏:‏ إن عبد الوهاب الوراق ينكر كذا وكذا، فقال‏:‏ لا نزال بخير ما دام فينا من يُنكر‏)‏، ومن هذا الباب قول عمر لمن قال له‏:‏ اتق الله يا أمير المؤمنين، فقال‏:‏ لا خير فيكم إن لم تقولوها لنا، ولا خير فينا إذا لم نقبلها منكم ‏.‏

وما يتذكر إلا أولوا الألباب، والله يتولى الجزاء والحساب، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم ‏.
الأستاذ الدكتور الشيخ بكر عبدالله أبي زيد
اضافة رد مع اقتباس
  #34  
قديم 23/03/2004, 11:33 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
درء الفتنة الأستاذ الدكتور الشيخ بكر عبدالله أبي زيد

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وآله وصحبه ‏.‏


أما بعد ‏:‏ فأداء لبعض ما أوجب الله من البلاغ والبيان ، والنصح والإرشاد ، والدعوة إلى الخير ، والتواصي به ، والدلالة عليه ، وبذل الأسباب لدفع الشرور عن المسلمين ، والتحذير منها ، حتى تكون أمة الإسلام كما أراد الله منها ، أمة متماسكة ، مترابطة متراحمة ، تدين بالإسلام ‏:‏ اعتقادا ، وقولا ، وعملا ‏,‏ مستمسكة بالوحيين الشريفين ‏:‏ الكتاب والسنة ، لا تتقاسمها الأهواء ، ولا تنفذ إليها الأفكار الهدامة ، ولا يبلغ منها الأعداء مبلغهم كما قال الله تعالى ‏:‏ ‏{‏ ومن يعتصم بالله فقد هُدي إلى صراط مستقيم ‏}‏ ‏[‏ آل عمران/101 ‏]‏ وقال -سبحانه - ‏:‏ ‏{‏ وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلك وصاكم به لعلكم تتقون‏}‏ ‏[‏ الأنعام/153‏]‏ ‏.‏

رأيت لذلك تحرير هذا النصيحة ‏:‏ تذكيرا بفرائض الدين ، ولإنقاذ المسلمين مما أخذ بعض المفتونين - الذين سقطوا في الفتنة - في إلقاء بذوره بينهم في جانبين ‏:‏

في جانب الغلو والإفراط في التكفير ؛ لإخراج المسلمين من الإسلام والخروج عليهم ‏.‏ وفي جانب الجفاء والتفريط في الإرجاء ، للانحلال من ربقة الإسلام ‏.‏

وكلاهما من أسباب الفتنة والفساد بإيقاع التظالم بين العباد من وجه ‏,‏ وإماتة الدين من وجه آخر ‏.‏

وبيان هذه النصيحة في سبعة فصول ‏:‏




الفصل الأول‏:‏ في التحذير من الفتن

‏"‏ أعاذنا الله منها ‏"‏


قد حذرنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من المفتونين وفتونهم ، قال الله تعالى ‏{‏ واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ‏}‏ ‏]‏الأنفال/27‏[‏ ‏.‏

وأرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاستعاذة بالله من الفتن ، وشرها ، وسوئها ، ومضلاتها ‏.‏

وكان من دعاء بعض السلف ‏(‏ اللهم انا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو أن نُفْتَن ‏)‏ ‏"‏رواه البخاري‏"‏ ‏.‏

وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن بين يدي الساعة أياماً ينزل فيها الجهل ، ويرفع العلم ‏.‏

والحديث العظيم ، حديث حذيفة - رضي الله عنه - في التحذير من الفتن ، معلوم مشهور ‏.‏

وقد بيَّن الله - سبحانه - في كتابه أن الفتنة تحول دون أن يكون الدين كله لله - سبحانه - ولهذا قال - عز شأنه - ‏:‏ ‏{‏ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ‏}‏ ‏[‏ الأنفال/39 ‏]‏ ‏.‏

فالفتنة تناقض الدين ، وهي فتنة الشبهات ، وأسوأُها فتنة الشرك بالله وفتنة العدول عن محكم الآيات وصريح السنة وصحيحها ‏.‏

ولما كانت هذه الفتنة ‏:‏ ‏(‏ فتنة المرجئة ‏)‏ التي تُخْرِج العمل عن حقيقة الإيمان وتقول ‏:‏ ‏(‏ لا كفر إلا كفر الجحود والتكذيب ‏)‏ بدعة ظلما وضلالة عميا ، والتي حصل من آثارها ‏:‏

التهوين من خصال الإسلام وفرائضه - شأن أسلافهم من قبل - ‏.‏

ومنها ‏:‏ التهوين من شأن الصلاة ، لاسيما في هذا الزمان الذي كثر فيه إضاعة الصلوات واتباع الشهوات وطاشت فيه موجة الملحدين الذي لا يعرفون ربهم طرفة عين ‏.‏

ومنها ‏:‏ التهوين من تحكيم شريعة الله في عباده بل ومساندة من يتحاكم إلى الطاغوت وقد أمر الله بالكفر به ‏.‏

قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - في ‏:‏ إعلام الموقعين ‏:‏ ‏"‏ ومن أعظم الحدث تعطيل كتاب الله و سنة رسوله ‏,‏ و إحداث ما خالفهما ‏"‏ انتهى ‏.‏

لما كانت هذه الفتنة الارجائية في مقابلة فتنة الخوارج الذين يقولون ‏"‏ بتكفير مرتكب الكبيرة ‏"‏ وهي آخية لها في الضلال، والابتداع، وسوء الآثار لا يجوز أن يدين الله بأي منهما مسلم قط كان لزاما على أهل العلم و الإيمان بيان بطلانهما ، وإظهار المذهب الحق الذي يجب على كل مسلم أن يدين الله به ‏.‏

ونُحذِّر المسلمين من هاتين الفتنتين ، ومن هؤلاء المفتونين ، المتجاوزين لحدود رب العالمين ‏{‏ ولا تطيعوا أمر المسرفين ‏.‏ الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون ‏}‏ ‏[‏ الشعراء/151-152‏]‏ ‏.‏

ونحذر المسلمين من هؤلاء المحرومين المخذولين الذين يختارون الأقوال الباطلة الصادة عن الصراط المستقيم ‏:‏ ‏{‏ ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين ‏}‏ ‏[‏ لقمان /6 ‏]‏ ‏.‏


وإن من الضلال المبين ، والغش للمسلمين ، والتدليس على شبَبَتِهم جَلْبُ أقوال الفرق الضالة ، وكسائها بلِحَاء الشريعة ، ونسبتها إلى مذهب أهل السنة والجماعة نتيجة لردود الأفعال ، وجدل المخاصمات فلا يجوز بحال الميل لشيء من أهواء النواصب لمواجهة الروافض ولا لشيء من أهواء القدرية لمواجهة الجبرية ، ولا لشيء من أهواء المرجئة لمواجهة الخوارج ، أو العكس في ذلك كله ، وهكذا من رد الباطل بمثله ، والضلالة بأخرى وهذه جادة الأخسرين أعمالا ، وقد فضح الله المنافقين بها ، وهتك أستارهم فيها في مواضع من كتابه ، منها في صدر سورة البقرة ؛ إذ قالوا لتأييد إفسادهم ‏:‏ ‏{‏ إنما نحن مصلحون ‏}‏ فكذبهم الله بقوله ‏{‏ ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ‏}‏ ‏[‏ البقرة/11 ‏]‏ ‏.‏

ولما صَدُّوا عما أنزل الله - تعالى - حكى الله عنهم اعتذارهم ‏:‏ ‏{‏ ثم جاؤوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا ‏}‏ ‏[‏ النساء/61 ‏]‏ ‏.‏

فالواجب رد الباطل والأهواء المضلة بالكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة من الصحابة - رضي الله عنهم - فمن تبعهم بإحسان ‏.‏

ولا نرى مثل هذا التوجه إلى نصرة مذهب المرجئة ، وإدخاله في مذهب أهل السنة والجماعة ، إلا من ‏"‏السقوط في الفتنة‏"‏ ‏{‏ ألا في الفتنة سقطوا ‏}‏ ‏[‏ التوبة /49 ‏]‏ ‏.‏

ومن أراد الله سعادته جعله يعتبر بما أصاب غيره فيسلك مسلك من أيده الله ونصره ، ويجتنب مسلك من خذله الله وأهانه ‏.‏‏.‏‏.‏ ‏"‏مجموع الفتاوى35/388 ‏"‏ ‏.‏



الفصل الثاني‏:‏ العمل بخصال الإسلام

والتحذير من أسباب الردة والفساد


الوصية لنفسي ولكل عبد مسلم بتقوى الله تعالى في السر والعلانية ، وأن على كل من أتم الله عليه هذه النعمة ، فرضي بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا وبالإسلام دينا ، أن يحمد الله - تعالى - ويثني عليه الخير كله ، على هذه النعمة العظيمة التي هي أعظم النعم وأجلها - وما أكثر نعم الله على عبيده - والتي بها سمانا مسلمين وأن يقيم المسلم ما أمر الله به من خصال الإسلام وما افترضه الله عليه أمرا ونهيا فيأتمر بأوامره وأعظمها ‏:‏ توحيد الله، وإخلاص العبادة لله ، والعمل على وفق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏ وأجل أعمالها بعد التوحيد ‏:‏ إقامة الصلوات الخمس وسائر أركان الإسلام العظيمة ، وأوامره الكريمة ، وأسباب طاعة الله ومرضاته ‏.‏

وأن ينتهي عن مناهيه ، وأسوأها الشرك بالله ، وما يتبع ذلك من البدع والمعاصي والضلالات التي هي من أسباب سخط الله وعقابه ‏.‏

ويجب على المسلمين تواصيهم بهذه النعم ، وبلزوم الكتاب والسنة والرغبة فيهما والترغيب بهما ومعرفة الأحكام الشرعية من مشكاتهما على أيدي العلماء الراسخين والهداة المشهود لهم بالعلم والدين ، والدعوة إلى ذلك على بصيرة وإقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على الأذى في الله ولزوم جماعة المسلمين ووحدة صفهم والتراحم والتعاطف فيما بينهم ، والشفقة عليهم والنصرة على الحق إلى غير ذلك من معالم الإسلام السامية التي بها النجاح والفلاح وفيها خير الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى ‏:‏ ‏{‏ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ‏.‏ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ‏}‏ ‏[‏ آل عمران/102-103 ‏]‏ ‏.‏

وليحذر كل مسلم أن تزل به قدم عن الإسلام بعد ثبوتها ، فعن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏ ‏(‏ ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان ‏:‏ من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه ، كما يكره أن يقذف في النار‏)‏ ‏[‏ متفق على صحته ‏]‏ ‏.‏

فالحذر، الحذر من أسباب الفتنة والفساد والزيغ والانحراف والردة والإلحاد وأعظمها الفتنة في الدين ومنها شق عصا المسلمين وتفريق جماعتهم والدعوات المضللة والوسائل المغرضة والأفكار الهدامة والتوجهات العقدية المضلة والمجادلة بالباطل ، لدحض الحق ، ونشر الإباحية وفساد الأخلاق إلى غير ما ذُكِر مما يُوهِن المسلمين ويضعف المد الإسلامي ‏.‏ وليتأمل كل مسلم قول الله تعالى ‏:‏ ‏{‏ يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوءٍ تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد ‏}‏ ‏[‏ آل عمران/30 ‏]‏ ‏.‏

فالحمد لله على نعمة الإسلام التي هي أعظم النعم وأصل كل خير ، كما يحب ربنا ويرضى ‏.‏


الفصل الثالث‏:‏ في بيان حقيقة الإيمان


الإيمان هو ‏:‏ الدين وهو ‏:‏ اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وعلى ذلك حُكِيَ الإجماع المستند إلى الأدلة المتكاثرة من الكتاب والسنة ، عن كل من يدور عليه الإجماع من الصحابة والتابعين ‏.‏

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في ‏:‏ ‏"‏ الفتاوى ‏:‏ 7/209 ‏"‏ ‏:‏

‏"‏ قال الشافعي - رحمه الله تعالى - ‏:‏ وكان الإجماع من الصحابة و التابعين بعدهم ‏,‏ ومن أدركناهم ‏,‏ يقولون ‏:‏ الإيمان قول و عمل و نية ‏,‏ و لا يجزئ واحد من الثلاث إلا بالآخر ‏"‏ انتهى ‏.‏

و قال البخاري - رحمه الله تعالى - ‏:‏ ‏"‏ لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار ‏,‏ فما رأيت أحدا منهم يختلف في أن الإيمان قول و عمل ‏,‏ ويزيد و ينقص ‏"‏ أخرجه اللالكائي في ‏:‏ ‏"‏ أصول الاعتقاد ‏"‏ بسند صحيح ‏.‏

ولجلالة هذه المسألة وأهميتها افتتح الإمام مسلم - رحمه الله تعالى- صحيحه ‏:‏ بـ ‏"‏ كتاب الإيمان ‏"‏ وساقه الإمام البخاري - رحمه الله تعالى - في ‏:‏ ‏"‏ الكتاب الثاني ‏"‏ من ‏:‏ ‏"‏صحيحه‏"‏ بعد ‏:‏ ‏"‏ كتاب بدء الوحي ‏"‏ وفي هذا تأكيد على أن حقيقة الإيمان هذه مبناها على الوحي و أكثر أبوابه التي عقدها - رحمه الله تعالى - للرد على المرجئة وغيرهم من المخالفين في حقيقة الإيمان ‏,‏ و بعضها للرد على المرجئة خاصة كما في الباب /36 منه ‏[‏ انظر الفتاوى 7/351 ‏]‏ ‏.‏

و لأهميته - أيضا - أفرده الأئمة بالتأليف منهم ‏:‏ أبو عبيد ، وأحمد بن حنبل ، وابن أبي شيبة ، والطحاوي ، وابن منده ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وغيرهم - رحم الله الجميع - ‏.‏

وعلى هذه الحقيقة للإيمان بني المروزي - رحمه الله تعالى - كتابه ‏:‏ ‏"‏ تعظيم قدر الصلاة ‏"‏ و الصلاة هي أعظم الأعمال و أعمها و أولها و أجلها بعد التوحيد ‏,‏ و هي شعار المسلمين ‏,‏ و لهذا يعبر عنهم بها ‏,‏ فيقال ‏:‏ اختلف أهل الصلاة ‏,‏ واختلف أهل القبلة ‏.‏

ولعظم شأنها عنون أبو الحسن الأشعري - رحمه الله تعالى - كتابه في الاعتقاد باسم ‏"‏ مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ‏"‏ أي أن غير المصلي لا يُعَدُّ في خلاف ولا إجماع ‏.‏

والمخالفة في تلك الحقيقة الشرعية للإيمان ‏:‏ ابتداع ، وضلال ، وإعراض عن دلالة نصوص الوحي ، وخرق للإجماع ‏.‏

وإياك ثم إياك - أيها المسلم - أن تغتر بما فاه به بعض الناس من التهوين بواحد من هذه الأسس الخمسة لحقيقة الإيمان لاسيما ما تلقفوه عن الجهمية وغلاة المرجئة من أن ‏"‏ العمل ‏"‏ كمالي في حقيقة الإيمان ليس ركناً فيه وهذا إعراض عن المحكم من كتاب الله - تعالى - في نحو ستين موضعا ‏,‏ مثل قول الله - تعالى - ‏:‏ ‏{‏ ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ‏}‏ ‏[‏ الأعراف/43 ‏]‏ ونحوها في السنة كثير ، وخرق لإجماع الصحابة ومن تبعهم بإحسان ‏.‏


وإياك يا عبدالله من الجنوح إلى الغلو فتهبط - وأنت لا تشعر - في مزالق الخوارج الذين تَبنَّى - في المقابل - مذهبهم بعض نابتة عصرنا ‏.‏

بل إياك ثم إياك أن تجعل أيا من مسائل العقيدة الإسلامية ‏"‏ عقيدة أهل السنة والجماعة ‏"‏ مجالاً للقبول والرد ، والحذف والتصحيح ، بما يشغب به ذو هوى ، أو ينتحله ذو غرض فهي - بحمد الله - حق مجمع عليه فاحذرهم أن يفتنوك ‏.‏ ثبتنا الله جميعا على الإسلام والسنة ، آمين ‏.‏



الفصل الرابع‏:‏ في بيان ضلال من ضل في حقيقة الإيمان ومسألة التكفير


كثر الخوض في بيان حقيقة الإيمان ومسألة التكفير وأخذ من لا يريد خيرا بالمسلمين يلقي بذورها المنحرفة بينهم من خلال وجهتين ضالتين ومذهبين باطلين ‏:‏

أحدهما ‏:‏ في جانب الغلو والإفراط في نصوص الوعيد وهو مذهب الخوارج الذين ضلوا في بيان حقيقة الإيمان فجعلوه بشقيه شيئاً واحداً ، إذا زال بعضه زال جميعه فأنتج هذا مذهبهم الضال ‏:‏ ‏"‏ وهو تكفير مرتكب الكبيرة ‏"‏ ‏.‏

ومن آثاره ‏:‏ فتح باب التكفير على مصراعيه ، مما يصيب الأمة بالتصدع والانشقاق وهتك حرمات المسلم في دينه وعرضه ‏.‏

وثانيهما ‏:‏ في جانب التقصير والجفاء والتفريط في فهم نصوص الوعد ، والصدِّ عن نصوص الوعيد وهو مذهب المرجئة الذين ضلوا في بيان حقيقة الإيمان فجعلوه شيئاً واحداً لا يتفاضل وأهله فيه سواء ، وهو ‏:‏ ‏"‏ التصديق بالقلب مجرداً من أعمال القلب والجوارح ‏"‏ وجعلوا الكفر هو ‏"‏ التكذيب بالقلب ، وإذا ثبت بعضه ثبت جميعه ‏"‏ فأنتج هذا مذهبهم الضال ‏:‏ ‏"‏ وهو حصر الكفر بكفر الجحود والتكذيب ‏"‏ المسمى ‏:‏ ‏"‏ كفر الاستحلال ‏"‏ ‏.‏

ومن آثاره ‏:‏ فتح باب التخلي عن الواجبات والوقوع في المحرمات وتجسير كل فاسق وقاطع طريق على الموبقات مما يؤدِّي إلى الإنسلاخ من الدين وهتك حرمات الإسلام ‏.‏ نعوذ بالله من الخذلان ‏.‏

كما يلزم عليه عدم تكفير الكفار ، لأنهم في الباطن لا يكذبون رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم وإنما يجحدونها في الظاهر كما قال الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏{‏ فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ‏}‏ ‏[‏ الأنعام/33 ‏]‏ ‏.‏

وقال - سبحانه - عن فرعون وقومه ‏:‏ ‏{‏ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماًَ وعلواً ‏}‏ ‏[‏ النحل/14 ‏]‏ ‏.‏

و لهذا قال إبراهيم النخعي - رحمه الله تعالى - ‏"‏ لفتنتهم - يعني المرجئة - أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة ‏"‏ ‏.‏

وقال الإمام الزهري - رحمه الله تعالى - ‏:‏ ‏"‏ ما ابتدعت في الإسلام بدعة هي أضر على أهله من هذه - يعني ‏:‏ الإرجاء - ‏"‏ رواه ابن بطة في ‏:‏ ‏"‏الإبانة‏"‏ ‏.‏

و قال الأوزاعي - رحمه الله تعالى - ‏:‏ ‏"‏ كان يحيى بن كثير و قتادة يقولان ‏:‏ ليس شيء من الأهواء أخوف عندهم على الأمة من الإرجاء ‏"‏ ‏.‏

و قال شريك القاضي - رحمه الله تعالى - وذكر المرجئة فقال ‏:‏ ‏"‏ هم أخبث قوم ‏,‏ حسبك بالرفض خبثا ‏,‏ و لكن المرجئة يكذبون على الله ‏"‏ ‏.‏

وقال سفيان الثوري - رحمه الله تعالى - ‏:‏ ‏"‏ تركت المرجئة الإسلام أرق من ثوب سابري ‏"‏ ‏[‏ الفتاوى ‏:‏ 7/394 - 395 ‏]‏

و عن سعيد بن جبير - رحمه الله تعالى - ‏:‏ ‏"‏ أن المرجئة يهود أهل القبلة ‏,‏ و صابئة هذه الأمة ‏"‏ ‏[‏ رواه ابن بطة وغيره ‏]‏


* لوازم الإرجاء الباطلة ‏:‏


و إنما عظمت أقوال السلف في الإرجاء ‏,‏ لجرم آثاره ‏,‏ ولوازمه الباطلة ‏,‏ و قد تتابع علماء السلف على كشف آثاره السيئة على الإسلام و المسلمين ‏.‏

قال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - في الرد على المرجئة ‏:‏ ‏"‏ ويلزمه أن يقول ‏:‏ هو مؤمن بإقراره ‏,‏ و إن أقر بالزكاة في الجملة و لم يجد في كل مائتي درهم خمسة ‏:‏ أنه مؤمن ‏,‏ فيلزمه أن يقول ‏:‏ إذا أقر ثم شد الزنار في وسطه ‏,‏ و صلى للصليب ‏,‏ و أتى الكنائس و البيع ‏,‏ و عمل الكبائر كلها ‏,‏ إلا أنه في ذلك مقر بالله ‏,‏ فيلزمه أن يكون عنده مؤمنا ‏.‏ و هذه الأشياء من أشنع ما يلزمهم ‏"‏ انتهى ‏.‏

ثم قال بعده شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - ‏:‏ ‏"‏ قلت ‏:‏ هذا الذي ذكره الإمام أحمد من أحسن ما احتج الناس به عليهم ‏,‏ جمع في ذلك جملا يقول غيره بعضها ‏.‏ و هذا الإلزام لا محيد لهم عنه ‏.‏‏.‏ ‏"‏ انتهى ‏[‏ الفتاوى 7/401 ‏]‏

ثم إن هذه اللوازم السيئة على قول المرجئة التي ذكرها الإمام أحمد ‏,‏ بسطها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في ‏"‏ الفتاوى ‏:‏ 7/188-190 ‏"‏ ‏.‏

ثم قال الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - في ‏:‏ ‏"‏ النونية ‏"‏ ناظما لآثار الإرجاء ولوازمه الباطلة هذه ‏:‏

وكذلك الإرجاء حين تقر بالــ **ـمعبود تصبح كامل الإيمان

فارم المصاحف في الحشوش و خرب الـ ** ـبيت العتيق وجد في العصيان

واقتل إذا ما استطعت كل موحد ** وتمسحن بالقس والصلبان

واشتم جميع المرسلين ومن أتوا **من عنده جهرا بلا كتمان

وإذا رأيت حجارة فاسجد لها ** بل خر للأصنام و الأوثان

و أقر أن رسوله حقا أتى ** من عنده بالوحي والقرآن

فتكون حقا مؤمنا وجميع ذا ** وزر عليك وليس بالكفران

هذا هو الإرجاء عند غلاتهم ** من كل جهمي أخي شيطان


وقال - رحمه الله تعالى - في ‏:‏ إعلام الموقعين ‏:‏ في بيان تناقض الأَرْئَتِيَّة ‏:‏ ‏"‏ ومن العجب إخراج الأعمال عن مسمى الإيمان ‏,‏ و أنه مجرد التصديق ‏,‏ والناس فيه سواء ‏,‏ وتكفير من يقول ‏:‏ مُسَيْجِدْ ‏,‏ أو فُقَيْه ‏,‏ أو يصلي بلا وضوء أو يلتذ بآلات الملاهي ‏,‏ ونحو ذلك ‏"‏ انتهى ‏.‏

وكشف عن آثار الإرجاء ولوازمه الباطلة الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - ‏[‏ فتح الباري ‏"‏11/270 ‏.‏ وانظر فيض القدير ‏:‏ 6/159 ‏.‏ و أصله في شرح المشكاة للطيبي ‏:‏ 2/477 ‏]‏ ‏:‏ ‏"‏ قال الطِّيبي ‏:‏ قال بعض المحققين ‏:‏ وقد يتخذ من أمثال هذه الأحاديث المبطلة ذريعة إلى طرح التكاليف و إبطال العمل ‏,‏ ظنا أن ترك الشرك كاف ‏!‏‏!‏ و هذا يستلزم طي بساط الشريعة و إبطال الحدود ‏,‏ و أن الترغيب في الطاعة و التحذير من المعصية لا تأثير له ‏,‏ بل يقتضي الانخلاع عن الدين ‏,‏ و الانحلال عن قيد الشريعة ‏,‏ و الخروج عن الضبط ‏,‏ والولوج في الخبط ‏,‏ وترك الناس سدى مهملين ‏,‏ وذلك يفضي إلى خراب الدنيا بعد أن يفضي إلى خراب الأخرى ‏,‏ مع أن قوله في بعض طرق الحديث ‏:‏ ‏"‏ أن يعبدوه ‏"‏ يتضمن جميع أنواع التكاليف الشرعية ‏,‏ وقوله ‏:‏ ‏"‏ ولا يشركوا به شيئا ‏"‏ يشمل مسمى الشرك الجلي والخفي ‏,‏ فلا راحة للتمسك به في ترك العمل ‏,‏ لأن الأحاديث إذا ثبتت وجب ضم بعضها إلى بعض ‏,‏ فإنها في حكم الحديث الواحد ‏,‏ فيحمل مطلقها على مقيدها ليحصل العمل بجميع ما في مضمونها ‏.‏ وبالله التوفيق ‏"‏ انتهى ‏.‏

وفي كتاب ‏"‏ صفوة الآثار و المفاهيم ‏"‏ في فوائد قول الله تعالى ‏:‏ ‏{‏ إياك نعبد و إياك نستعين ‏}‏ قال مبينا أن القول بالإرجاء دسيسة يهودية وغاية ماسونية ‏[‏ 1/187 للشيخ عبدالرحمن الدوسري - رحمه الله تعالى - ‏]‏ ‏:‏

‏"‏ التاسع و الثمانون بعد المائة ‏:‏ تعليم الله لعباده الضراعة إليه بـ ‏{‏ إياك نعبد و إياك نستعين ‏}‏ إعلام صريح بوجوب الصلة بين الإيمان والعمل ‏,‏ وأنه لا يستقيم الإيمان بالله ولا تصح دعواه إلا بتحقيق مقتضيات عبوديته ‏,‏ التي هي العمل بطاعته ‏,‏ وتنفيذ شريعته ‏,‏ وإخلاص القصد لوجهه الكريم ‏,‏ والانشغال بمرضاته ‏,‏ والعمل المتواصل لنصرة دينه ‏,‏ والدفع به إلى الأمام بجميع القوى المطلوبة ؛ ليرتفع بدين الله عن الصورة إلى الحقيقة ‏,‏ وأن المسلم لا يجوز له الإخلال بذلك ‏,‏ ولا لحظة واحدة ‏.‏

وإن الدعوات لمجرد إيمان خال من العمل هي إفك وخداع وتلبيس ‏,‏ بل هي من دس اليهود على أيدي الجهمية ‏,‏ وفروعها من المرجئة كالماسونية ‏,‏ وغيرهم ‏,‏ إذ متى انفصمت الصلة بين الإيمان والعمل ، فلن نستطيع أن نبني قوة روحية نقدر على نشرها والدفع بمدها في أنحاء المعمورة ‏,‏ بل إذا انفصمت الصلة بين الإيمان و العملفقد المسلم قوته الروحية ‏,‏ وصار وجوده مهددا بالخطر ‏,‏ الذي يزيل شخصيته أو يذيبها في بوتقة غيره ‏,‏ لأنه لا يستطيع أن ينمي قوة روحية يصمد بها أمام أعدائه ‏,‏ فضلا عن أن يزحف بها عليهم ‏"‏ انتهى ‏.‏

وبالجملة فهذان المذهبان ‏:‏ مذهب الخوارج ومذهب المرجئة ‏,‏ باطلان ‏,‏ مُردِيَان ، أثَّرا ضلالاً في الاعتقاد ‏,‏ وظلما للعباد ، وخرابا للديار ‏,‏ وإشعالا للفتن ‏,‏ ووهاءً في المد الإسلامي ‏,‏ وهتكاً لحرماته وضرورياته ‏,‏ إلى غير ذلك من المفاسد والأضرار التي يجمعها الخروج على ما دلت عليه نصوص الوحيين الشريفين ، والجهل بدلائلها تارة ، وسوء الفهم لها تارة أخرى وتوظيفها في غير ما دلت عليه ‏,‏ وبتر كلام العالِم تارة ‏,‏ والأخذ بمتشابه قوله تارة أخرى ‏.‏

وقد هدى الله ‏(‏ جماعة المسلمين ‏)‏ أهل السنة والجماعة - الذين مَحَّضُوا الإسلام ولم يشوبوه بغيره - إلى القول الحق ‏,‏ والمذهب العدل ‏,‏ والمعتقد الوسط بين الإفراط والتفريط مما قامت عليه دلائل الكتاب والسنة ، ومضى عليه سلف الأمة من الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين لهم بإحسان إلى يومنا هذا ‏,‏ وقد بينه علماء الاسلام في كتب الاعتقاد ‏,‏ وفي ‏(‏ باب حكم المرتد ‏)‏ من كتب فقه الشريعة المطهرة ‏,‏ من أن الإيمان ‏:‏ قول باللسان ، واعتقاد بالقلب ‏,‏ وعمل بالجوارح ‏,‏ يزيد بالطاعة ‏,‏ وينقص بالمعصية ولا يزول بها ‏,‏ فجمعوا بين نصوص الوعد والوعيد ونزلوها منزلتها ‏,‏ وأن الكفر يكون بالاعتقاد وبالقول وبالفعل وبالشك وبالترك ‏,‏ وليس محصورا بالتكذيب بالقلب كما تقوله المرجئة ‏,‏ ولا يلزم من زوال بعض الإيمان زوال كله كما تقوله الخوارج ‏.‏

و أختم هذا الفصل بكلام جامع لابن القيم - رحمه الله تعالى - في كتاب ‏:‏ ‏"‏ الفوائد ‏"‏ بيَّن فيه آراء من ضل في معرفة حقيقة الإيمان ‏,‏ ثم ختمه ببيان الحق في ذلك ‏,‏ فقال - رحمه الله تعالى - ‏:‏

‏"‏ و أما الإيمان ‏:‏ فأكثر الناس أو كلهم يدعونه ‏{‏ و ما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ‏}‏ ‏[‏ يوسف/103 ‏]‏ و أكثر المؤمنين إنما عندهم إيمان مجمل ‏,‏ و أما الإيمان المفصل بما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم معرفة وعلما و إقرارا و محبة ‏,‏ ومعرفة بضده وكراهيته وبغضه ‏,‏ فهذا إيمان خواص الأمة وخاصة الرسول ‏,‏ وهو إيمان الصديق وحزبه ‏.‏

وكثير من الناس حظهم من الإيمان الإقرار بوجود الصانع ‏,‏ وأنه وحده هو الذي خلق السماوات و الأرض وما بينهما ‏,‏ و هذا لم يكن ينكره عباد الأصنام من قريش ونحوهم ‏.‏

و آخرون الإيمان عندهم التكلم بالشهادتين سواء كان معه عمل أو لم يكن ‏,‏ وسواء رافق تصديق القلب أو خالفه ‏.‏

و آخرون عندهم الإيمان مجرد تصديق القلب بأن الله سبحانه خالق السماوات و الأرض و أن محمدا عبده ورسوله ‏,‏ و إن لم يقر بلسانه ولم يعمل شيئا ‏,‏ بل ولو سب الله ورسوله و أتى بكل عظيمة ‏,‏ وهو يعتقد وحدانية الله ونبوة رسوله فهو مؤمن ‏.‏

و آخرون عندهم الإيمان هو جحد صفات الرب تعالى من علوه على عرشه ‏,‏ وتكلمه بكلماته وكتبه ‏,‏ وسمعه وبصره ومشيئته وقدرته و إرادته وحبه وبغضه ‏,‏ وغير ذلك مما وصف به نفسه ‏,‏ ووصف به رسوله ‏,‏ فالإيمان عندهم إنكار حقائق ذلك كلهوجحده ‏,‏ والوقوف مع ما تقتضيه آراء المتهوكين وأفكار المخرصين الذين يَرُدُّ بعضهم على بعض ‏,‏ وينقض بعضهم قول بعض ‏,‏ الذين هم كما قال عمر بن الخطاب و الإمام أحمد ‏:‏ مختلفون في الكتاب ‏,‏ مخالفون للكتاب متفقون على مفارقة الكتاب ‏.‏

و آخرون عندهم الإيمان عبادة الله بحكم أذواقهم ومواجيدهم وما تهواه نفوسهم من غير تقييد بما جاء به الرسول ‏.‏

و آخرون الإيمان عندهم ما وجدوا عليه آباءهم و أسلافهم بحكم الاتفاق كائنا ما كان ‏,‏ بل إيمانهم مبني على مقدمتين ‏:‏ إحداهما ‏:‏ أن هذا قول أسلافنا و آبائنا ‏,‏ و الثانية ‏:‏ أن ما قالوه فهو الحق ‏.‏

و آخرون عندهم الإيمان مكارم الأخلاق وحسن المعاملة وطلاقة الوجه و إحسان الظن بكل أحد ‏,‏ وتخلية الناس وغفلاتهم ‏.‏

و آخرون عندهم الإيمان التجرد من الدنيا و علائقها وتفريغ القلب منها و الزهد فيها ‏,‏ فإذا رأوا رجلا هكذا جعلوه من سادات أهل الإيمان و إن كان منسلخا من الإيمان علما وعملا ‏.‏

و أعلى من هؤلاء من جعل الإيمان هو مجرد العلم وإن لم يقارنه عمل ‏.‏

وكل هؤلاء لم يعرفوا حقيقة الإيمان ولا قاموا به و لا قام بهم ‏,‏ وهم أنواع ‏:‏

منهم من جعل الإيمان ما يضاد الإيمان ‏.‏

ومنهم من جعل الإيمان ما لا يعتبر في الإيمان ‏.‏

ومنهم من جعله ما هو شرط فيه و لا يكفي في حصوله ‏.‏

ومنهم من اشترط في ثبوته ما يناقضه ويضاده ‏.‏

ومنهم من اشترط فيه ما ليس منه بوجه ‏.‏

و الإيمان وراء ذلك كله ‏,‏ وهو حقيقة مركبة من معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم علما و التصديق به عقدا و الإقرار به نطقا و الانقياد له محبةوخضوعا ‏,‏ والعمل به باطنا وظاهرا ‏,‏ وتنفيذه والدعوة إليه بحسب الإمكان ‏,‏ وكماله في الحب في الله والبغض في الله ‏,‏ والعطاء لله و المنع لله ‏,‏ و أن يكون الله وحده إلهه ومعبوده ‏,‏ والطريق إليه ‏:‏ تجريد متابعة رسوله ظاهرا وباطنا ‏,‏ وتغميض عين القلب عن الالتفات إلى سوى الله ورسوله ‏.‏ وبالله التوفيق ‏"‏ انتهى ‏.‏


الفصل الخامس‏:‏ الأصول والضوابط في مسألة التكفير


ونظرا لما حصل من تسرب المذهبين المذكورين المخالفين لمذهب أهل السنة إلى عقائد بعض المعدودين من أهل السنة ، وخفاء أصول هذه المسألة شرعاً على آخرين ؛ رأيت إيضاح ما يجب اعتباره شرعاً في هذه المسألة مما يُعْرَفُ به الحق بدليله ‏,‏ وبطلان ما خالفه من المذاهب المردية ‏,‏ والاتجاهات الفكرية الضالة ‏,‏ وأنها مسألة خطيرة ‏,‏ وعظيمة ‏,‏ مُحاطةٌ شرعا بما يحفظ للإسلام حرمته ‏,‏ وللمسلمين حرمتهم ‏,‏ وذلك فيما يأتي ‏:‏


1- التكفير حكم شرعي لا مدخل للرأي المجرد فيه ‏,‏ لأنه من المسائل الشرعية لا العقلية ‏,‏ لذا صار القول فيه من خالص - حق الله تعالى - لا حَقَّ فيه لأحد من عباده ، فالكافر من كفره الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم لا غير ‏.‏

وكذلك الحكم بالفسق ، والحكم بالعدالة ، وعصمة الدم ، والسعادة في الدنيا والآخرة ، كل هذه ونحوها من المسائل الشرعية ‏,‏ لا مدخل للرأي فيها ‏,‏ وإنما الحكم فيها لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ‏,‏ وهي المعروفة في كتب الاعتقاد باسم ‏:‏ ‏"‏ مسائل الأسماء والأحكام ‏"‏ ‏.‏


2- للحكم بالردة والكفر موجبات وأسباب هي نواقض الإيمان والإسلام ، من اعتقاد ‏,‏ أو قول ‏,‏ أو فعل ‏,‏ أو شك ‏,‏ أو ترك ، مما قام على اعتباره ناقضا الدليلُ الواضح ‏,‏ والبرهان الساطع من الكتاب أو السنة ‏,‏ أو الإجماع ‏,‏ فلا يكفي الدليل الضعيف السند ‏,‏ ولا مشكل الدلالة ، ولا عبرة بقول أحد كائنا من كان إذا لم يكن لقوله دليل صريح صحيح ‏.‏

وقد أوضح العلماء - رحمهم الله تعالى - هذه الأسباب في كتب الاعتقاد ‏,‏ وفرعوا مسائلها في ‏:‏ ‏"‏ باب حكم المرتد ‏"‏ من كتب الفقه ‏.‏

وأَوْلَوها عناية فائقة ‏,‏ لأنها من استبانة سبيل الكافرين ، والله - تعالى - يقول ‏:‏ ‏{‏ وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين ‏}‏ ‏[‏ الأنعام/55 ‏]‏ ‏.‏

وفي استبانة سبيل المجرمين ‏:‏ تحذير للمسلم من الوقوع في شيء منها ، وهو لا يشعر ‏,‏ وليتبين له الإسلام من الكفر ، والخطأ من الصواب ويكون على بصيرة في دين الله تعالى ‏.‏

وبقدر ما يحصل من الجهل بسبيل المؤمنين ، وبسبيل الكافرين ، أو بأحدهما يحصل اللبس ويكثر الخلط ‏.‏

وكما أن للحكم بالردة والكفر موجباتٍ وأسباباً فله شروط وموانع ‏.‏

فيشترط إقامة الحجة الرسالية التي تزيل الشبهة ‏.‏

وخلوه من الموانع كالتأويل ‏,‏ والجهل ‏,‏ والخطأ ‏,‏ والإكراه ‏.‏

وفي بعضها تفاصيل مطولة معلومة في محلها ‏.‏


3- يتعين التفريق بين التكفير المطلق وهو ‏:‏ التكفير على وجه العموم في حق من ارتكب ناقضا من نواقض الإسلام ، وبين تكفير المعين ، فإن الاعتقاد ، أو القول ، أو الفعل ، أو الشك ، أو الترك ، إذا كان كفرا فإنه يطلق القول بتكفير من فعل ذلك الفعل ، أو قال تلك المقالة وهكذا ‏.‏‏.‏‏.‏ دون تحديد معين به ‏.‏ أما المعين إذا قال هذه المقالة ، أو فعل هذا الفعل الذي يكون كفرا ‏,‏ فينظر قبل الحكم بكفره ‏,‏ بتوفر الشروط ‏,‏ وانتفاء الموانع في حقه ، فإذا توفرت الشروط ‏,‏ وانتفت الموانع ، حكم بكفره وردته فيستتاب فإن تاب وإلا قتل شرعاً ‏.‏


4- الحق عدم تكفير كل مخالف لأهل السنة والجماعة لمخالفته ‏,‏ بل ينزل حكمه حسب مخالفته من كفر ، أو بدعة أو فسق أو معصية ‏.‏


وهذا ما جرى عليه أهل السنة والجماعة من عدم تكفير كل من خالفهم وهو يدل على ما لديهم بحمدالله من العلم والإيمان والعدل والرحمة بالخلق ، وهذا بخلاف أهل الأهواء ، فان كثيرا منهم يكفِّرون كل من خالفهم ‏.‏


5- كما أن ‏"‏الإيمان‏"‏ شعب متعددة ورتبها متفاوتة أعلاها قول ‏"‏لا اله إلا الله‏"‏ وأدناها ‏:‏ إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان ، فكذلك ‏"‏الكفر‏"‏ الذي هو في مقابلة الإيمان ، ذو شعب متعددة ، ورتب متفاوتة أشنعها ‏"‏الكفر المخرج من الملة‏"‏ مثل ‏:‏ الكفر بالله ، وتكذيب ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ‏.‏


وهناك كفر دون كفر ، ومنه تسمية بعض المعاصي كفراً ‏.‏


ولهذا نبه علماء التفسير ، والوجوه والنظائر في كتاب الله - تعالى- وشراح الحديث والمؤلفون في‏:‏ ‏"‏لغته‏"‏ وفي الأسماء المشتركة ، والمتواطئة ، أن لفظ ‏"‏الكفر‏"‏ جاء في نصوص الوحيين ، على وجوه عدة ‏:‏ ‏"‏الكفر الناقل عن الملة‏"‏ و ‏"‏كفر دون كفر‏"‏ و‏"‏كفر النعمة‏"‏ و‏"‏التبرؤ‏"‏ و‏"‏الجحود‏"‏ و‏"‏التغطية‏"‏ على أصل معناه اللغوي ‏.‏


وبناء على هذا ‏:‏ فانه لا يلزم من قيام شعبة من شعب الكفر بالعبد ، أن يصير كافراً الكفر المطلق ، الناقل عن الملة ، حتى يقوم به أصل الكفر ، بناقض من نواقض الإسلام ‏:‏ الاعتقادية أو القولية أو العملية عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لا غير ‏.‏


كما أنه ليس كل من قام به شعبة من شعب الإيمان يكون مؤمنا حتى يقوم به أصل الإيمان ‏.‏


فالواجب وضع النصوص في مواضعها وتفسيرها حسب المراد منها من العلماء العاملين الراسخين ، وان الغلط هنا إنما يحصل من جهة العمل وتفسير النصوص وعلى الناصح لنفسه أن يحس بخطورة الأمر ودقته وأن يقف عند حده ويكل العلم إلى عالمه ‏.‏


6- إصدار الحكم بالتكفير لا يكون لكل أحد من آحاد الناس أو جماعاتهم وإنما مرد الإصدار إلى العلماء الراسخين في العلم الشرعي المشهود لهم به ، وبالخيرية والفضل الذين أخذ الله عليهم العهد والميثاق أن يبلغوا الناس ما علموه وأن يبينوا لهم ما أشكل عليهم من أمر دينهم امتثالا لقول الله تعالى ‏(‏وإذ أخذ الله ميثاق الذي أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه‏)‏ ‏"‏آل عمران/187‏"‏ ‏.‏ وقوله سبحانه ‏(‏إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون‏)‏ ‏"‏البقرة/159‏"‏ وقوله سبحانه ‏:‏ ‏(‏ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون‏)‏ ‏"‏النحل/43‏"‏ ‏.‏


فما أمر الله بالسؤال حتى أخذ سبحانه العهد والميثاق على العلماء بالبيان ‏.‏


7- التحذير الشديد ، والنهي الأكيد عن سوء الظن بالمسلم فضلا عن النيل منه فكيف بتكفيره والحكم بردته والتسرع في ذلك بلا حجة ولا برهان من كتاب ولا سنة ‏.‏


ولهذا جاءت نصوص الوحيين الشريفين محذرة من تكفير أحد من المسلمين وهو ليس كذلك كما قال الله تعالى ‏(‏يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عَرَض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمنَّ الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعلمون خبيرا ‏)‏ ‏"‏النساء/94‏"‏ ‏.‏


وفي عموم قول الله سبحانه ‏:‏ ‏(‏والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا‏)‏ ‏"‏الأحزاب/58‏"‏ ‏.‏


وقد تواترت الأحاديث النبوية في النهي عن تكفير المسلم بغير حق ، منها ‏.‏‎‏:‏


حديث أبي ذر -رضي الله عنه- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ، ولا يرميه بالكفر ،إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك ‏"‏ متفق على صحته ‏.‏


وعن ابن عمر -رضي الله عنهما -أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏أيَّما رجل قال لأخيه ‏:‏يا كافر فقد باء بها أحدهما ‏"‏ متفق على صحته ‏.‏


وعن أبي ذر - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏ومن دعا رجلا بالكفر ، أو قال ‏:‏ عدو الله ، وليس كذلك ، إلا حار عليه ‏"‏ متفق على صحته ‏.‏


ومعنى حار عليه ‏:‏ رجع عليه ‏.‏


وفي حديث ثابت بن الضحاك -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏ ‏"‏ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله‏"‏ رواه البخاري في صحيحه ‏.‏


فهذه النصوص وغيرها فيها الوعيد الشديد لمن كَفَّر أحداً من المسلمين وليس هو كذلك ، وهذا والله أعلم - لما في إطلاق الكفر بغير حق على المؤمن من الطعن في نفس الإيمان ، كما أن فيها التحذير من إطلاق التكفير إلا ببينة شرعية ، إذ هو حكم شرعي لا يصار إليه إلا بالدليل ، لا بالهوى والرأي العاطل من الدليل ‏.‏


وهذه الحماية الكريمة والحصانة العظيمة للمسلمين في أعراضهم وأديانهم من أصول الاعتقاد في ملة الإسلام ‏.‏


بناء على جميع ما تقدم فليحذر المسلم أن يخوض مع الخائضين في هذا الأمر الخطير في المجالس الخاصة ، والمجتمعات العامة ، وفي الصحف والمجلات وغيرها ، من غير قدرة شرعية ولا قواعد علمية ولا أدلة قطعية فهذا تصرف يأباه الله ورسوله والمؤمنون ، وفاعله مأزور غير مأجور ، فالله تعالى ، يقول ‏:‏‏(‏ ولا تقف ما ليس لك به علم أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ‏)‏ ‏"‏الإسراء/36‏"‏ ‏.‏


ويقول -سبحانه- ‏:‏ ‏(‏قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ‏)‏ ‏"‏الأعراف


وبذلك يكون المسلم في مأمن من الإثم والتبعة في الدارين ، وتسلم المجتمعات الإسلامية من مظاهر الانحراف التي سببها الجهل والميل إلى الهوى ‏.‏ والله المستعان ‏.‏


وفي هذا الفصل نقض لمذهب الخوارج في غلوهم وإفراطهم ‏.‏


الفصل السادس‏:‏ في أنواع الكافرين وكفرهم


لا يجوز لمسلم التحاشي عن تكفير من كفرهم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم لِمَا فيه من تكذيبٍ لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ‏.‏


والكفار على صنفين ‏:‏


الصنف الأول ‏:‏ الكفار كفراً أصلياً ، وهم كل من لم يدخل في دين الله ‏:‏ ‏(‏الإسلام‏)‏ الذي بعث الله به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى والدهريين والوثنين وغيرهم من أمم الكفر الذين قال الله تعالى فيهم ‏(‏قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون‏)‏ التوبة/29‏.‏


والذين قال الله فيهم ‏(‏لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ‏)‏ المائدة/73‏.‏


والذين قال الله فيهم ‏:‏‏(‏ لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة ‏)‏ البينة /1 ‏.‏


والذين قال الله فيهم ‏:‏ ‏(‏إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا‏)‏ النساء/150-151

وهؤلاء الكفار كفراً أصلياً لا يفرق في الحكم عليهم بالكفر ، سواء كانوا أفراداً أو جماعاتٍ ، أحياءً وأمواتاً كما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة ‏.‏

وهؤلاء يجب على المسلمين قتالهم متى استطاعوا حتى يدخلوا في الإسلام أو يدفعوا الجزية ‏.‏


الصنف الثاني ‏:‏ المسلم الذي يرتد بعد إسلامه بارتكاب ناقض من نواقض الإسلام ، نعوذ بالله من ذلك ، ومن أمثلة في القرآن العظيم ‏:‏


كفر التكذيب ‏:‏ كما قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالُهُم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون‏)‏ الأعراف/147 ‏.‏


ومثل كفر ‏:‏ المستهزئين بالله ، ورسوله ، ودينه ، الذين قال الله فيهم ‏(‏ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين ‏)‏ التوبة/65-66‏.‏


ومثل كفر ‏:‏ من سب الله ورسوله ودينه ، فان السب ينافي التعظيم الواجب لله ولرسوله ولدينه وشرعه ، قال الله تعالى ‏(‏ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب‏)‏ الحج/32 ‏.‏


ومثل كفر ‏:‏ الإباء والاستكبار والامتناع عن طاعة الله تعالى كما قال سبحانه عن إبليس ‏:‏ ‏(‏أبى واستكبر وكان من الكافرين‏)‏ البقرة /34 ‏.‏

وهذا النوع هو الغالب على كفر أعداء الرسل ‏.‏


ومثل كفر ‏:‏ الإعراض عن دين الله تعالى كما قال سبحانه ‏(‏والذين كفروا عما انذروا معرضون‏)‏ الأحقاف/3 ‏.‏


ومثل الكفر ‏:‏ بالقول كما قال تعالى ‏(‏ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ‏.‏ لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ‏)‏ التوبة /65-66 ‏.‏


وكما قال سبحانه ‏:‏ ‏(‏ ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم ‏)‏التوبة/74 ‏.‏ إذ قالوا ‏:‏ ‏(‏ليخرجن الأعز منها الأذل ‏)‏ المنافقون/8 ‏.‏


ومنه قول المنافقين في غزاة تبوك ‏:‏ ‏(‏ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء- يعنون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم- أرغب بطونا، وأكذب ألسنا ، وأجبن عند اللقاء ‏)‏ ‏.‏


ومنه صرف الدعاء لغير الله والاستغاثة بالأموات ‏.‏

ومثل الكفر ‏:‏ بالعمل كما قال الله تعالى ‏:‏ ‏(‏قل أن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ‏)‏ الأنعام /162-163 ‏.‏ فالسجود لغير الله والذبح لغير الله ، شرك وكفر بالله ‏.‏


ومن الكفر العملي ‏:‏ السحر كما قال الله تعالى ‏(‏ وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر‏)‏ البقرة /102‏.‏


وذلك لما فيه من استخدام الشياطين والتعلق بهم ودعوى علم الغيب ودعوى مشاركة الله في ذلك قال الله تعالى ‏(‏ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ‏)‏ البقرة /102 ‏.‏


ولأن السحر شرك وكفر أدخله العلماء المصنفون في ‏:‏ ‏(‏التوحيد وأبوابه‏)‏ في أنواع الشرك ، للتحذير منه ، وبيان أنه من نواقض التوحيد ‏.‏


ومثل الكفر ‏:‏ بالاعتقاد والشك ، كما قال الله تعالى ‏(‏إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ‏)‏ الحجرات/15 ‏.‏وقال سبحانه‏:‏ ‏(‏إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون ‏)‏ التوبة/45 ‏.‏


وقال عَزَّ من قائل ‏(‏ودخل جنته هو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا ‏.‏ وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلبا ‏.‏ قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا ‏)‏ الكهف/35-37 ‏.‏


فكل هؤلاء قد كفرهم الله ورسوله بعد إيمانهم بأقوال وأفعال صدرت منهم ولو لم يعتقدوها بقلوبهم ‏.‏ لا كما يقول المرجئة المنحرفون ، نعوذ بالله من ذلك ‏.‏


مع العلم أن الحكم بكفر المعين المتلبس بشيء من هذه النواقض المذكورة موقوف على توافر الشروط وانتفاء الموانع في حقه كما هو مقرر معلوم ، وتقدم ‏.‏


وفي هذا الفصل نَقْضٌ لمذهب المرجئة في تقصيرهم وتفريطهم ‏.‏



الفصل السابع‏:‏ في تذكير الأمة بحقوق الراعي والرعية


ومن المناسب ههنا تذكير الأمة جمعاء بحقوق الراعي والرعية في كل بلد إسلامي ، إذ أن الخلل في القيام بهذه الحقوق ، لا بد أن ينتج منه آثار سيئة غير مرضية ، وأمراض فكرية تظهر في حياة الفرد والجماعة فأقول ‏:‏


من ولى شيئا من أمور المسلمين فان أعظم ما يجب عليه أن يسوس الرعية بالكتاب والسنة وينشر التوحيد من مِشْكاتِهما ويزيل ما يناقضه من مظاهر الشرك والوثنية ويحكم بين الناس بهما إقامة للعدل بينهم ولا أحكم ولا أعدل ولا أصلح للناس من شريعة ربهم ، ففيها العدل والرحمة والشفاء لما في الصدور كما قال الله جل وعلا ‏(‏يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ‏)‏ يونس/57 ‏.‏


وقال سبحانه ‏(‏ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون‏)‏ المائدة/50 ‏.‏ وقال تعالى ‏(‏ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ‏)‏ الجاثية /18 ‏.‏


وان تحكيم شرع الله تعالى من أعظم الواجبات قال سبحانه ‏(‏فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما‏)‏ النساء/65 ‏.‏

وهو أيضا من أجل أنواع العبادة قال الله تعالى ‏(‏إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ‏)‏ يوسف/40 ‏.‏


وقال كل رسول لقومه ‏:‏ ‏(‏ اعبدوا الله ما لكم من اله غيره‏)‏الأعراف/36 ‏.‏وجعل الله سبحانه الحكم بغير ما أنزله شركا في عبادته وشركا في حكمه فقال تعالى ‏(‏ولا يشرك في حكمه أحدا‏)‏ الكهف/26 ‏.‏


وقال عز من قائل ‏(‏أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ‏)‏ الشورى/21 ‏.‏


وقال سبحانه ‏(‏فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا‏)‏ الكهف /110‏.‏


كما يجب على كل وال السعي فيما يصلح رعيته ويدفع المضار عنهم ويطهر مجتمعاتهم من الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ومن سائر الموبقات والمحرمات كالخمر والبغاء والربا والقمار وغيرها قال النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ‏)‏ متفق على صحته ‏.‏


ومما يجب التنبه له والتحذير والحذر منه ‏:‏ أن على من بسط الله يده ، أن يكف عن المسلمين تلك السموم التي تقذف بها بعض القنوات الإعلامية في بعض البلاد ‍‍‍‍‍‍‍‍‏!‏‏!‏ وعلى وجه الخصوص ذلك التركيز الخبيث على تغريب المجتمعات المسلمة في أخلاقهم ولباسهم وغدوهم ورواحهم وبخاصة إخراج المرأة من عفتها وطهارتها وحجابها إلى أحط دركات السفالة ، والتبذل والحيوانية في شتى وجوه ‏(‏الإباحية‏)‏ ‏.‏


وتعمل تلك القنوات جاهدة على التشكيك في الاعتقاد الإسلامي الحق والاعتراض على أحكام الله المحكمة ، والسخرية بالله وآياته ورسوله ، والدعوة للإباحية والانسلاخ من الدين ، وتمكين المنافقين بإعلان ما يحيك في صدورهم ومجاهرة المضلين بمقالات الكفر والتشكيك والردة عن الدين كل ذلك باسم ‏:‏ حرية الفكر ‏!‏‏!‏ المناظرات المحايدة‏!‏‏!‏ معرفة الرأي الأخر ‏!‏‏!‏ قاتلهم الله أني يؤفكون ‏.‏


ألا فليعلم أولئك إن كان لهم عقول ويحبون لأنفسهم النجاة أن من فتح ذلك الباب ، أو أعان عليه أو رضي به فله نصيب من قول الله تعالى ‏:‏ ‏(‏قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون لا تعتذروا قد كفرتم بعد أيمانكم ‏)‏ التوبة/65-66‏.‏ وقول الله جل شأنه ‏(‏وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا ‏)‏النساء/140 ‏.‏وقوله سبحانه ‏(‏إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة‏)‏ النور/19 ‏.‏قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في أثناء كلامه على هذه الآية ‏:‏0وهذا ذم لمن يحب ذلك وذلك يكون بالقلب فقط ، ويكون مع ذلك باللسان والجوارح ، وهو ذم لمن يتكلم بالفاحشة أو يخبر بها محبة لوقوعها في المؤمنين ‏:‏ إما حسدا أو بغضاً ، وإما محبة للفاحشة وإرادة لها ، وكلاهما محبة للفاحشة وبغضا للذين آمنوا ، فكل من أحب فعلها ذكرها ‏)‏ الفتاوى15/332


وقال أيضا مستنبطا من أسرار التنزيل ما يعز نظيره ‏:‏ ‏"‏ فكل عمل يتضمن محبة أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا داخل في هذا ، بل يكون عذابه أشد فان الله قد توعد بالعذاب على مجرد محبة أن تشيع الفاحشة بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة وهذه المحبة قد لا يقترن بها قول ولا فعل فكيف إذا اقترن بها قول أو فعل ‏؟‏ بل على الإنسان أن يبغض ما أبغضه الله من فعل الفاحشة والقذف بها وإشاعتها في الذين آمنوا ، ومن رضى عمل قوم حشر معهم كما حشرت امرأة لوط معهم ولم تكن تعمل فاحشة اللواط ، فان ذلك لا يقع من المرأة لكنها لما رضيت فعلهم عمها العذاب معهم ‏.‏


فمن هذا الباب قيل ‏:‏ من أعان على الفاحشة وإشاعتها ، مثل القَوَّاد الذي يقود النساء والصبيان إلى الفاحشة ، لأجل ما يحصل له من رياسة أو سُحتٍ يأكله ، وكذلك أهل الصناعات التي تنفق بذلك ‏:‏ مثل المغنين ، وشربة الخمر وضمان الجهات السلطانية وغيرها فانهم يحبون أن تشيع الفاحشة ليتمكنوا من دفع من ينكرها من المؤمنين ، خلاف ما إذا كانت قليلة خفيفة خفية ، ولا خلاف بين المسلمين أن ما يدعو إلى معصية الله وينهي عن طاعته منهي عنه محرم ، بخلاف عكسه فانه واجب ‏"‏ الفتاوى 15/344


كما يجب على الراعي أن يسوس رعيته بالرفق وللين ، وأن يجتهد في قضاء حوائجهم وإيصال الخير لهم بكل طريق فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏ ‏(‏اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ‏)‏ خرجه مسلم في صحيحه ‏.‏


كما يجب الاهتمام بمناهج التعليم السليمة في جميع أطواره على منهج الكتاب والسنة وما عليه صالح سلف هذه الأمة وإلزام الرعية بتعلم العقيدة الإسلامية الصافية من شوائب الانحراف وتعلم سائر أحكام الدين ، وتقوية مناهجها في جميع مراحل التعليم ‏.‏


كما أنه يجدر بحكام المسلمين اليوم أن يعيدوا لبيوت الله مجدها وعزها ووظيفتها في الإسلام ، فتقام فيها الصلوات ، وتفتح حلقات الوعظ والتعليم للعلماء المصلحين ، ليبثوا على الشريعة بين المسلمين فيتذكر الغافل ويتعلم الجاهل ويتعظ العاصي وتتهذب النفوس وتقبل على طاعة ربها ويحصل بذلك خير كثير للأمة طالما حرمته زمنا طويلا ‏.‏


تلك من الواجبات على الراعي لرعيته ‏.‏


أما الرعية فيجب عليها السمع والطاعة لمن قادها بكتاب ربها وسنة نبيها ، ما لم يأمر بمعصية فانه لا تجوز طاعته في تلك المعصية ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏لا طاعة في معصية الله ، إنما الطاعة في المعروف ‏)‏ متفق على صحته ‏.‏


وقوله صلى الله عليه وسلم ‏:‏‏(‏ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق‏)‏ رواه أحمد، والحاكم ، وغيرهما ‏.‏


ويجب النصح له والدعاء له والاجتهاد في جمع الكلمة معه تحت راية الإسلام فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏ ‏(‏الدين النصيحة ‏)‏ قلنا ‏:‏ لمن ‏؟‏ قال ‏:‏ ‏"‏لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ‏"‏ خرجه مسلم في صحيحه ‏.‏


وثبت أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ‏:‏ ‏(‏ثلاث خصال لا يغل عليهن قلب مسلم ‏:‏ إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمر ، ولزوم الجماعة ، فان دعوتهم تحيط من وراءهم ‏)‏ رواة أحمد ، وغيره ‏.‏


وفي بعض روايات الصحيح لوصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - المشهورة في الصحيحين ، وغيرهما ، قوله ‏:‏ ‏(‏وأحسنوا مؤازرة من يلي أمركم ، وأعينوه ، وأدوا إليه الأمانة‏)‏ ‏.‏


وعلى الرعية ‏:‏ الصبر على الأثرة وقول كلمة الحق حسب القدرة والطاقة ، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال ‏(‏بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر ، والمنشط والمكره ، وعلى أثرة علينا ، وعلى ألا ننازع الأمر أهله ، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله تعالي فيه برهان ، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا ، لا نخاف في الله لومة لائم ‏"‏ متفق على صحته ‏.‏


هذه من الواجبات على الرعية للراعي ‏.‏


وعلى كل عبد مسلم من الرعاة والرعية ‏:‏ ملازمة تقوى الله ، وأن يكون مقصدهم الأعظم هو عبادة الله وحده ، والدعوة إليها ، وأن يحافظوا على ‏"‏رأس مالهم ‏"‏ جماعة المسلمين ، وأن لا يكون من عصيانهم وعدم تطبيقهم لشريعة ربهم وتنكبهم الصراط المستقيم ‏:‏ فتنة للكافرين في الإصرار على كفرهم ولْيَدْعُ كلُّ مسلم بدعوة نبي الله إبراهيم عليه السلام ومن آمن معه ‏(‏ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا انك أنت العزيز الحكيم ‏)‏ الممتحنة /5 ‏.‏


أسأل الله الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يلهم المسلمين رشدهم ويقيهم شر أنفسهم ويصلح حالهم أنه على كل شي قدير وبالإجابة جدير ‏.‏


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ‏.‏
اضافة رد مع اقتباس
  #35  
قديم 23/03/2004, 12:19 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
حضانة الفاسق

عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه ‏.‏‏.‏ ‏)‏ الحديث ‏.‏ رواه البخاري في صحيحه ‏.‏

فهذا الحديث العظيم يبين مدى تأثير الوالدين على المولود، وتحويله في حال الانحراف عن مقتضى فطرته إلى الكفر أو الفسوق، وهذه بداية البدايات ‏.‏

ومنه إذا كانت الأم غير محتجة ولا محتشم، وإذا كانت خرَّاجة ولاجة، وإذا كانت متبرجة سافرة أو حاسرة، وإذا كانت تغشى مجتمعات الرجال الأجانب عنها، وما إلى ذلك، فهي تربية فعلية للبنت على الانحراف، وصرف لها عن التربية الصالحة ومقتضياتها القويمة من التحجب والاحتشام والعفاف والحياء، وهذا ما يسمى‏:‏ التعليم الفطري ‏.‏

ومنه يُعلم ما للخادمة والمربية في البيت من أثر كبير على الأطفال سلبًا أو إيجابًا‏.‏

ولهذا قرر العلماء أنه لا حضانة لكافر ولا لفاسق، لخطر تلك المحاضن على الأولاد في إسلامهم وأخلاقهم واستقامتهم ‏.‏

الاختلاط في المضاجع

عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏

‏(‏مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع‏)‏ ‏.‏ رواه الإمام أحمد، وأبو داود‏.‏

فهذا الحديث نص في النهي عن بداية الاختلاط داخل البيوت، إذا بلغ الأولاد عشر سنين، فواجب على الأولياء التفريق بين أولادهم في مضاجعهم، وعدم اختلاطهم، لغرس العفة والاحتشام في نفوسهم، وخوفًا من غوائل الشهوة التي تؤدّي إليها هذه البداية في الاختلاط، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه‏.‏

قال إبراهيم الحربي ـ رحمه الله تعالى ـ ‏:‏ أول فساد الصبيان بعضهم من بعض‏.‏ كما في ‏[‏ذم الهوى لابن الجوزي‏]‏‏.‏
اضافة رد مع اقتباس
  #36  
قديم 25/03/2004, 12:46 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
وجوب وقاية النفس والأهل من النار
بسم الله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد : فيقول الله جل وعلا في كتابه الكريم : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ يأمر الله سبحانه عباده المؤمنين بأن يقوا أنفسهم وأهليهم عذاب الله وذلك بتقوى الله وإلزام الأهل بها ،

فالوقاية من النار تكون بتقوى الله ، والاستقامة على دينه ، وهكذا مع أهلك توصيهم بتقوى الله والاستقامة على دينه من والدين وأولاد وإخوة وسائر الأقارب ، وذلك بالتواصي بالحق ، والتعاون على البر والتقوى ، وبالتناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - هكذا المؤمن مع أهله ومع إخوانه المؤمنين ومع غيرهم - بالدعوة إلى الله عز وجل ، يسعى في وقاية نفسه ، وفي وقاية غيره من عذاب الله ، وهذا الأمر يحتاج إلى صبر ، وإخلاص لله وصدق ، ومداومة ، فأحق الناس ببرك وإحسانك أهلك وقراباتك كما قال صلى الله عليه وسلم : كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته وأعظم الرعاية العناية بما يتعلق بنجاتهم من عذاب الله ، بأن توصيهم بتقوى الله وأن تلزمهم بأمر الله وأن تحذرهم من محارم الله ، وأن تستمر في هذا الخير العظيم حتى تلقى ربك كما قال الله عز وجل في كتابه الكريم : وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ثم قال سبحانه : وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ فأمر سبحانه بعد حقه وهو توحيده والإخلاص له وترك الإشراك به ، أمر بعد ذلك بالإحسان إلى الوالدين والأقارب وهم أهل بيتك ، فالواجب على كل مسلم أن يهتم بهذا الموضوع ، وأن يحرص أن يكون سببا لنجاتهم يوم القيامة بسبب نصيحته لهم وقيامه عليهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، وهكذا يجب على المسلم أن يكون كذلك مع إخوانه المسلمين ، وأن يكون ناصحا مبصرا موجها إلى الخير يرجو ثواب الله ويخشى عقابه كما قال سبحانه : وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ

هكذا المؤمنون فيما بينهم ومع أهليهم ، يقومون بالواجب مع أهليهم ويقومون بالواجب مع إخوانهم المسلمين يرجون ثواب الله ويخشون عقاب الله ، وقد قال الله لنبيه عليه الصلاة والسلام : وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا وذكر سبحانه عن نبيه ورسوله إسماعيل عليه الصلاة والسلام أنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ، وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا وذلك في قوله تعالى في سورة مريم : وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا فأهلك وأولادك وقراباتك أحق الناس ببرك وإحسانك ، وبالسعي لخلاصهم من النار فهذا من أعظم الإحسان إليهم عملا بالآية السابقة وهي قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا فهذا الأمر العظيم أهم من أن تعطيهم الدراهم والدنانير وما يحتاجون إليه في الدنيا ، فالسعي في خلاصهم من عذاب الله ونجاتهم من غضب الله يوم القيامة أمر مهم وعظيم ، والإحسان إليهم بالصدقات وبالنفقة من جملة الخير الذي أنت مأمور به ، ولكن الأهم من ذلك أن توصيهم بطاعة الله وأن تلزمهم بما أوجب الله عليهم حسب طاقتك ، وأن تمنعهم مما حرم الله عليهم ، وأن تستقيم في ذلك وأن تكون أسوة حسنة ، وقدوة طيبة في كل خير ، فتبدأ بنفسك ، حتى يتأسوا بك في كل خير ومن ذلك المسارعة إلى الصلاة والمحافظة عليها في الجماعة وفي حفظ لسانك عما لا ينبغي وفي إكرام الأقارب والجيران وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي الدعوة إلى الله وفي غير ذلك من وجوه الخير . تكون قدوة حسنة لأهل بيتك ولجلسائك ولزملائك وجيرانك ، وهذا المقام يحتاج إلى صبر وإلى إخلاص لله وصدق فهو مقام عظيم : مقام دعوة ، لرشاد ، ونصح ، مقام سعي في خلاصك وأهلك من النار عملا بقول الله سبحانه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ الآية ، ناداهم الله سبحانه بوصف الإيمان لأن الإيمان يأمرهم بهذا الأمر ويدعوهم إليه وإن كان الأمر واجبا على الجميع.

كلمة ألقاها سماحته في مسجد الإفتاء بالرياض يوم الأربعاء 6/6/1415هـ
اضافة رد مع اقتباس
  #37  
قديم 26/03/2004, 02:03 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز

ما رأي الإسلام في عمل المرأة مع الرجال ؟

الجواب : من المعلوم بأن نزول المرأة للعمل في ميدان الرجال يؤدي إلى الإختلاط المذموم والخلوة بهن , وذلك أمر خطير جدا له تبعاته الخطيرة , وثمراته المرة , وعواقبه الوخيمة , وهو مصادم للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها و القيام بالأعمال التي خصها وفطرها الله عليها مما تكون فيه بعيدة عن مخالطة الرجال

والأدلة الصريحة والصحيحة الدالة على تحريم الخلوة بالأجنبية وتحريم النظر إليها وتحريم الوسائل الموصلة إلى الوقوع فيما حرم الله , أدلة كثيرة محكمة قاضية بتحريم الإختلاط المؤدي إلى ما لا تحمده عقباه , منها قوله تعالى : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا * واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا ) وقال تعالى : ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ) وقال الله جل وعلا : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن )

وقال صلى الله عليه وسلم : ( إياكم والدخول على النساء ) يعني الأجنبيات قيل يا رسول الله أفرأيت الحموا فقال : ( الحمو الموت ) ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخلوة بالمرأة الأجنبية على الإطلاق وقال : ( إن ثالثهما الشيطان ) ونهى عن السفر إلا مع ذي محرم سدا لذريعة الفساد وغلقا لباب الإثم , وحسما لأسباب الشر , وحماية للنوعين من مكائد الشيطان , ولهذا صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كان في النسا ء) وقال عليه الصلاة والسلام : ( ما تركت بعدي في أمتي فتنة أضر على الرجال من النساء )

وهكذا الآيات والأحاديث صريحة الدلالة في وجوب الإبتعاد عن الإختلاط المؤدي إلى الفساد , وتقويض الأسر , وخراب المجتمعات وعندما تنظر إلى وضع المرأة في بعض البلدان الإسلامية نجدها أصبحت مهانة مبتذلة بسبب إخراجها من بيتها وجعلها تقوم في غير وظيفتها , لقد نادى العقلاء هناك وفي البلدان الغربية بوجوب إعادة المرأة إلى وضعها الطبيعي الذي هيأها الله له وركبها عليه جسميا وعقليا , ولكن بعد ما فات الأوان

وفي ميدان عمل النساء في بيوتهن وفي التدريس وغيره مما يتعلق بالنساء ما يغنيهن عن التوظيف في ميدان عمل الرجال , نسأل الله أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين جميعا من مكائد الأعداء ومخططاتهم المدمرة , وأن يوفق المسئولين وسائر الكتاب إلى حمل النساء على ما يصلح شئونهم في الدنيا والآخرة تنفيذا لأمر ربهم وخالقهم والعالم بمصالحهم , وأن يوفق المسؤلين في ديار الإسلام لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد , وفي أمر المعاش والمعاد , وأن يعيذنا وإياهم وسائر المسلمين من مضلات الفتن وأسباب النقم , إنه ولي ذلك والقادر عليه

--------------------------------------------------------------------------------

3
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين

ما هو مجال العلم المباح الذي يمكن للمرأة المسلمة أن تعمل فيه بدون مخالفة لتعاليم دينها ؟

الجواب : المجال العملي للمرأة أن تعمل بما يختص به النساء مثل أن تعمل في تعليم البنات سواء كان ذلك عملا إداريا أو فنيا , وأن تعمل في بيتها في خياطة ثياب النساء وما أشبه ذلك , وأما العمل في مجالات تختص بالرجال فإنه لا يجوز لها أن تعمل حيث إنه يستلزم الإختلاط بالرجال وهي فتنة عظيمة يجب الحذر منها , ويجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال : ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء وأن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) فعلى المرء أن يجنب أهله مواقع الفتن وأسبابها بكل حال

--------------------------------------------------------------------------------

4
سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء

ما حكم عمل المرأة ؟ وما المجالات التي يجوز للمرأة أن تعمل ف
يها ؟

الجواب : ما اختلف أحد في أن المرأة تعمل ولكن الكلام إنما يكون عن المجال الذي تعمل فيه وبيانه : إنها تقوم بما يقوم به مثلها في بيت زوجها وأسرتها من طبخ , وعجن , وخبز , وكنس , وغسل ملابس , وسائر أنواع الخدمة والتعاون التي تتناسب معها في الأسرة , ولها أن تقوم بالتدريس , والبيع , والشراء , والصناعة من النسيج , وغزل , وخياطة ونحو ذلك إذا لم يفض ذلك إلى ما لا يجوز شرعا من خلوتها بأجنبي أو اختلاطها برجال غير محارم اختلاطا تحدث منه فتنة أو يؤدي إلى فوات ما يجب عليها نحو أسرتها دون أن تقيم مقامها من يقوم بالواجب عنها ودون رضاهم
اضافة رد مع اقتباس
  #38  
قديم 26/03/2004, 11:48 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
كلمات خطيرة احذري منها

استوقف أحد الأجانب سائحاً عربياً بصحبته طفل صغير ، وسأله : ما سعر هذا الطفل ؟ فاعتلت الدهشة والد هذا الطفل إثر هذا السؤال ، فما السبب الذي دعا الأجنبي لأن يسأل هذا السؤال ؟
إنها جملة أجنبية كتبت على قميص الطفل دون علم بمعناها من قبل الأب وهي Baby For Sale ومعناها طفل للبيع، وهكذا الحال لكثير من الكلمات الأجنبية ، والتي تحمل الكثير من المعاني المضادة والمخالفة لتعليم ديننا الحنيف فإليك بعض هذه الكلمات ومعانيها :


المعنى بالعربي
الكلمة بالإنجليزي المعنى بالعربي الكلمة بالإنجليزي المعنى بالعربي الكلمة بالإنجليزي
صهيون Zion قبِّلني Kiss me النصرانية Christianity
صوفي Woolen خذني Take me عيد المسيح Christmas
امرأة سيئة الخلق Vixen اتبعني Follow me أنا يهودية I’m Jewish
العارية
( اسم عطر ) Nude اشتري Buy me أنا نصرانية I’m Christian
عاهر Whore خنزيرة Sow كتاب النصارى Bible
الشرك بالله Theocracy خنزير Pig عيد الميلاد Birthday
الاشتراكية Socialism لحم خنزير Pork كنيسة النصارى Church
امرأة وقحة Hussy رذيلة Vice كاهن Vicar
راقصة الملاهي Chorus Girl ساحر Charming إنجيل Gospel
مريم العذراء Madonna إله الحب Cupid فاسق ( زاني ) Adulterer
شهوات Lusts كأس خمر Dram زنا Adultery
شذوذ Eccentricity مشروب مخمر Brew دنيء ( ابن زنا) Base- Born
تعويذة
يستخدمها السحرة Spell,Charm كاهن هندوسي

Brahman سفيه Bawdy
مشروب
روحي كحول
Sprint مشروب مسكر Brandy قديسة
( اختصارها.st)
Saint
يغازل Flirt توجد هذه الكلمة على الأقلام ماسوني Mason عاهرة Prostitute
نحن نشتري الناس We buy a people كنيسة
Kirk قسيس Clergyman
كلمة معناها إله الحب عند الإغريق وهو صنم يعبد من دون الله NIKE
كلمة إغراقية مدمن خمر Tippler ملحد Athirst
أنا مستعدة للعلاقات الجنسية I’m ready for sexual affairs كنيسة
( مجمع النصارى) Synagogue
اضافة رد مع اقتباس
  #39  
قديم 27/03/2004, 12:33 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
انا بنت قد كتب كتابي من قبل سنه ولم استطيع الزواج مباشره لسبب من الاسباب فعشنا انا
وزوجي كل واحد منا في بيت اهله ولكننا كنا نرى بعضنا كل اسبوع ولللاسف توفي زوجي
وراحا الى رحمه الله .
انا الان ارمله وايضا لست عدراء لااننا انا وزوجي كنا متاكدين اننا لبعضنا ولقد كتبنا
ولم يبقى الا ليله الزفاف
يعني اني فقدت عدريتي و لم يكون لدي او لدا زوجي اي شك لااننا كنا نقول ان كتبنا قد كتب
وان زواجنا كان على سنه اله ورسوله .
سؤالي هو هل ممارستنا الحلال حرام لااننا لم ننتضر الى يوم الحفله? وهل سيعاقب الله
زوجي في الاخره علما انه كان يقول اننا زوجان املم اله وعلى سنته وسنه رسوله
اما انا اريد ان اصلي لزوجي طول العمر هل توصله صلاتي?
واختم له القران هل يوصله الاجر?
وادا مات الانسان صائم في شهر رمان يدخل الجنه?
وماالدي استطيع ان افعله ادا كان مارستنا الحلال ليس في وقته , حتى يغفر الله لي
ولزوجي ?
اريد ايضا ان ادهب الى مكه باسم زوجي وبنقوده هل توصل علما اني لم احج لنفسي من قبل.
ساعدوني يساعدكم الله.
اختكم مسلمه
يوم الدخلة :
ما وقع منكما أنت وزوجك يرحمه الله قبل يوم الدخلة من الجماع أو المداعبة فهو محض حلال مئة في المئة ، ولا إثم عليكما بل كلما الأجر والثواب إن شاء الله لأن كل منكما حصن زوجه بالحلال ومنعه من الوقوع في الحرام .
والزواج بمجرد العقد الشرعي يحل لكما به كل شيء إلا الجماع في الدبر أو وقت الحيص مهما تأخر يوم الزفاف أو تقدم إلا أن يكون قد تعهد الزوج لأهل الزوجة على أن لا يدخل عليها إلا يوم الدخلة ثم دخل عليها فقد غشهم بذلك ، أما إذا هم اشترطوا دون موافقته دون وجه مصلحة منهم فهو في الخيار أن يوافقهم على شرطهم بالإنتظار أو يدخل بها .
وعموما ما وقع منكما برضاكم إن شاء الله لا بأس به ما لم يكن هناك أضرارا تحلق بالأسرة ونسأل الله أن يسكنه فسيح جناته .
وأما ما ينفع زوجك بعد وفاته فالدعاء له والصدقة عنه ، وعمل البر والإحسان باسمه من الصدقة ، وحفر الآبار وكفالة الأيتام ، وأجاز الشافعية إذا ختمت القرآن أن تقولي : اللهم اقبله مني واجعل أجره لزوجي فلان .
أم الصلاة فلا توهب لأحد ، وأما الحج عنه من ماله فلا يصح الحج عنه حتى تحجي عن نفسك أولا ثم في عام آخر تحجي عنه ، أو تدفعي الأموال لمن يحج عنه نيابة .
وأما وفاته وهو صائم فإن شاء الله تكون بشرى خير وعلامة على حسن الخاتمة ، وفاته على طاعة الله تعالى .
والله يرفع قدره في عليين ويخلف على أهله في الغابرين ويغفر لنا ولكم أجمعين ، والله أعلم .
اضافة رد مع اقتباس
  #40  
قديم 27/03/2004, 12:38 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
عن حكم الاحتفال بما يسمى عيد الأم؟

المسلمين أيضاً، فيكون فيها مع البدعة مشابهة أعداء الله ـ سبحانه وتعالى ـ والأعياد الشرعية معروفة عند أهل الإسلام، وهي عيد الفطر، وعيد الأضحى، وعيد الأسبوع «يوم الجمعة» وليس في الإسلام أعياد سوى هذه الأعياد الثلاثة، وكل أعياد أحدثت سوى ذلك فإنها مردودة على محدثيها وباطلة في شريعة الله ـ سبحانه وتعالى ـ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، أي مردود عليه غير مقبول عند الله، وفي لفظ: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». وإذا تبين ذلك فإنه لا يجوز في العيد الذي ذكر في السؤال والمسمى عيد الأم، لا يجوز فيه إحداث شيء من شعائر العيد؛ كإظهار الفرح والسرور، وتقديم الهدايا وما أشبه ذلك، والواجب على المسلم أن يعتز بدينه ويفتخر به وأن يقتصر على ما حده الله ـ تعالى ـ ورسوله صلى الله عليه وسلم، في هذا الدين القيم الذي ارتضاه الله تعالى لعباده فلا يزيد فيه ولا ينقص منه، والذي ينبغي للمسلم أيضاً أن لا يكون إمعة يتبع كل ناعق، بل ينبغي أن يكون شخصيته بمقتضى شريعة الله تعالى حتى يكون متبوعاً لا تابعاً، وحتى يكون أسوة لا متأسياً، لأن شريعة الله ـ والحمد لله ـ كاملة من جميع الوجوه كما قال الله تعالى: {ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلأِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ ٱضْطُرَّ فِى مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ دِيناً فَمَنِ ٱضْطُرَّ فِى مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }. والأم أحق من أن يحتفى بها يوماً واحداً في السنة، بل الأم لها الحق على أولادها أن يرعوها، وأن يعتنوا بها، وأن يقوموا بطاعتها في غير معصية الله ـ عز وجل ـ في كل زمان ومكان. * * * 5131 سئـل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: عن حكـم إقامة أعياد الميلاد للأولاد أو بمناسبة الزواج؟ فأجاب بقوله: ليس في الإسلام أعياد سوى يوم الجمعة عيد الأسبوع، وأول يوم من شوال عيد الفطر من رمضان، والعاشر من شهر ذي الحجة عيد الأضحى، وقد يسمى يوم عرفة عيداً لأهل عرفة وأيام التشريق أيام عيد تبعاً لعيد الأضحى. وأما أعياد الميلاد للشخص أو أولاده، أو مناسبة زواج ونحوها فكلها غير مشروعة، وهي للبدعة أقرب من الإباحة. * * * 6131 سئـل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: عن حكـم أعياد الميلاد؟ فأجاب فضيلته بقوله: يظهر من السؤال أن المراد بعيد الميلاد عيد ميلاد الإنسان، كلما دارت السنة من ميلاده أحدثوا له عيداً تجتمع فيه أفراد العائلة على مأدبة كبيرة أو صغيرة. وقولي في ذلك إنه ممنوع؛ لأنه ليس في الإسلام عيد لأي مناسبة سوى عيد الأضحى، وعيد الفطر من رمضان، وعيد الأسبوع وهو يوم الجمعة، وفي سنن النسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيهما فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال: «كان لكم يومان تلعبون فيهما وقد أبدلكم الله بهما خيراً منهما يوم الفطر ويوم الأضحى» ولأن هذا يفتح باباً إلى البدع مثل أن يقول قائل: إذا جاز العيد لمولد المولود فجوازه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أولى، وكل ما فتح باباً للممنوع كان ممنوعاً. والله الموفق. * * * 7131 سئـل فضيلـة الشيـخ: رجـل يوجـد عنده مؤسسـة وسيمر عليه فترة من الزمن بعد أيام سيحتفل بها لإظهار الأعمال التي قام بها، فما توجيه فضيلتكم له في ذلك هل يفعل أم لا؟ ولماذا؟ وما حكم تهنئته بذلك؟ فأجاب فضيلته بقوله: أرى أن لا يفعل؛ لأني أخشى أن يتخذ ذلك عيداً، كلما حال الحول أقام احتفالاً، ولم يجعل الله لهذه الأمة عيداً يحتفل فيه إلا الفطر، والأضحى، والجمعة عيد الأسبوع، ولها خصائصها، لكن العيدان الأضحى والفطر يجوز فيهما من اللعب والدف ما لا يجوز في غيرهما، فهذه الأعياد الثلاثة الإسلامية، ولا ينبغي للإنسان أن يتخذ عيداً سواها، ولكنه لا بأس أن الإنسان إذا تم الحول على تجارته وهي مستقيمة، أن يشكر الله تعالى ويحمده عليها، بل هذا من الأمور المطلوبة، أما تخاذ احتفال، أو عيد، أو عزائم فلا. * * * بسم الله الرحمن الرحيم فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد. فقد انتشر في الاونة الأخيرة الاحتفال بعيد الحب ـ خاصة بين الطالبات ـ وهو عيد من أعياد النصارى، ويكون الزي كاملاً باللون الأحمر الملبس والحذاء ويتبادلن الزهور الحمراء، نأمل من فضيلتكم بيان حكم الاحتفال بمثل هذا العيد، وما توجيهكم للمسلمين في مثل هذه الأمور والله يحفظكم ويرعاكم؟ بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الاحتفال بعيد الحب لا يجوز لوجوه: الأول: أنه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة. الثاني: أنه يدعو إلى العشق والغرام. الثالث: أنه يدعو إلى اشتغال القلب بمثل هذه الأمور التافهة المخالفة لهدي السلف الصالح رضي الله عنهم. فلا يحل أن يحدث في هذا اليوم شيء من شعائر العيد سواء كان في المآكل، أو المشارب، أو الملابس، أو التهادي، أو غير ذلك. وعلى المسلم أن يكون عزيزاً بدينه وأن لا يكون إمعة يتبع كل ناعق. أسأل الله تعالى أن يعيذ المسلمين من كل الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يتولانا بتوليه وتوفيقه. كتبه محمد الصالح العثيمين في 5/11/0241هـ. رسالة بسم الله الرحمن الرحيم فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله تعالى نرجو من فضيلتكم التكرم بإفادتنا عما إذا كان تحديد موعد منتظم أسبوعياً لإلقاء محاضرة دينية، أو حلقة علم، بدعة منهيًّا عنها، باعتبار طلب العلم عبادة والرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يحدد موعداً لهذه العبادة. وتبعاً لذلك هل إذا اتفق مجموعة من الأخوة على الالتقاء في المسجد ليلة محددة كل شهر لقيام الليل، هل يكون ذلك بدعة مع إيراد الدليل على ذلك؟ وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فأجاب فضيلته بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إن تحديد يوم معين منتظم لإلقاء محاضرة، أو حلقة علم ليس ببدعة منهي عنها، بل هو مباح، كما يقرر يوم معين في المدارس والمعاهد لحصة الفقه، أو التفسير أو نحو ذلك. ولا شك أن طلب العلم الشرعي من العبادات لكن توقيته بيوم معين تابع لما تقتضيه المصلحة، ومن المصلحة أن يعين يوم لذلك حتى لا يضطرب الناس. وطلب العلم ليس عبادة مؤقتة بل هو بحسب ما تقتضيه المصلحة والفراغ. لكن لو خص يوماً معيناً لطلب العلم باعتبار أنه مخصوص لطلب العلم وحده فهذا هو البدعة. وأما اتفاق مجموعة على الالتقاء في ليلة معينة لقيام الليل فهذا بدعة؛ لأن إقامة الجماعة في قيام الليل غير مشروعة إلا إذا فعلت أحياناً وبغير قصد كما جرى للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع عبدالله بن عباس رضي الله عنهما. كتبه محمد الصالح العثيمين في 82/5/5141هـ. 8131 وسئـل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: شاع في بعض البلاد الإسلامية الاحتفال بأول يوم من شهر محرم من كل عام، باعتباره أول أيام العام الهجري، ويجعله بعضهم إجازة له عن العمل، فلا يحضر إلى عمله، كما يتبادلون فيه الهدايا المكلفة مادياً، وإذا قيل لهم في ذلك قالوا: مسألة الإعياد هذه مرجعها إلى أعراف الناس، فلا بأس باستحداث أعياد لهم للتهاني وتبادل الهدايا، ولاسيما في الوقت الحاضر حيث انشغل الناس بأعمالهم وتفرقوا، فهذا من البدع الحسنة، هذا قولهم، فما رأي فضيلتكم وفقكم الله؟ نسأل الله تعالى أن يجعل هذا في ميزان حسناتكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فأجاب فضيلته بقوله: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تخصيص الأيام، أو الشهور، أو السنوات بعيد مرجعه إلى الشرع وليس إلى العادة، ولهذا لما قدم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: «ما هذان اليومان»؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر». ولو أن الأعياد في الإسلام كانت تابعة للعادات لأحدث الناس لكل حدث عيداً ولم يكن للأعياد الشرعية كبير فائدة. ثم إنه يخشى أن هؤلاء اتخذوا رأس السنة أو أولها عيداً متابعة للنصارى ومضاهاة لهم حيث يتخذون عيداً عند رأس السنة الميلادية فيكون في اتخاذ شهر المحرم عيداً محذور آخر. كتبه محمد الصالح العثيمين في 42/1/1418هـ.
اضافة رد مع اقتباس
  #41  
قديم 28/03/2004, 10:49 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
اداب الجماع

السؤال:


علمنا الإسلام كل شيء ، كيف نأكل وكيف نلبس ، فهل هناك سنة تبين للمسلم آداب الجماع ؟
هل هناك أي موضع من السنة ؟ أم أنّ السنة لا يوجد بها حديث صحيح عن مثل هذا ؟.

الجواب:

الحمد لله
نعم أحسنت في قولك علمنا الإسلام كل شيء ، فالإسلام أتى للناس بكل خير في أمور معاشهم ودينهم ومحياهم ومماتهم لأنه دين الله عز وجل .

والجماع من الأمور الحياتية المهمة التي أتى ديننا بتبيينها وشرع لها من الآداب والأحكام ما يرقى بها عن مجرد أن تكون لذّة بهيمية وقضاء عابرا للوطر بل قرنها بأمور من النيّة الصالحة والأذكار والآداب الشرعية ما يرقى بها إلى مستوى العبادة التي يُثاب عليها المسلم . وجاء في السنّة النبوية تبيان لذلك ، قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه زاد المعاد : ( وأما الجماع أو الباه ، فكان هديه فيه - صلى الله عليه و سلم - أكمل هدي ، يحفظ به الصحة ، وتتم به اللذة وسرور النفس ، ويحصل به مقاصده التي وضع لأجلها ، فإن الجماع وضع في الأصل لثلاثة أمور هي مقاصده الأصلية :

أحدها : حفظ النسل ، ودوام النوع إلى أن تتكامل العدة التي قدر الله بروزها إلى هذا العالم .

الثاني : إخراج الماء الذي يضر احتباسه واحتقانه بجملة البدن .

الثالث : قضاء الوطر ، ونيل اللذة ، والتمتع بالنعمة ، وهذه وحدها هي الفائدة التي في الجنة ، إذ لا تناسل هناك ، ولا احتقان يستفرغه الإنزال .

وفضلاء الأطباء يرون أن الجماع من أحد أسباب حفظ الصحة ) . الطب النبوي ص249 .

و قال رحمه الله تعالى : ( ومن منافعه - أي الجماع - : غض البصر ، وكف النفس ، والقدرة على العفة عن الحرام ، وتحصيل ذلك للمرأة ، فهو ينفع نفسه في دنياه وأخراه ، وينفع المرأة ، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعاهده ويحبه ، ويقول : ( حبب إلي من دنياكم : النساء والطيب ) رواه أحمد 3/128 والنسائي 7/61 وصححه الحاكم .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) رواه البخاري 9/92 و مسلم 1400 ) . الطب النبوي 251 .

ومن الأمور المهمة التي ينبغي مراعاتها عند الجماع :

1 - إخلاص النية لله عز وجل في هذا الأمر ، وأن ينوي بفعله حفظ نفسه وأهله عن الحرام وتكثير نسل الأمة الإسلامية ليرتفع شأنها فإنّ الكثرة عزّ ، وليعلم أنه مأجور على عمله هذا وإن كان يجد فيه من اللذة والسرور العاجل ما يجد ، فعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( وفي بُضع أحدكم صدقة ) - أي في جماعه لأهله - فقالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال عليه الصلاة والسلام : ( أرأيتم لو وضعها في الحرام ، أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر ) رواه مسلم 720 .

وهذا من فضل الله العظيم على هذه الأمة المباركة ، فالحمد لله الذي جعلنا منها .

2 - أن يقدِّم بين يدي الجماع بالملاطفة والمداعبة والملاعبة والتقبيل ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلاعب أهله ويقبلها .

3 - أن يقول حين يأتي أهله ( بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فإن قضى الله بينهما ولدا ، لم يضره الشيطان أبدا ) رواه البخاري 9/187 .

4 - يجوز له إتيان المرأة في قبلها من أي جهة شاء ، من الخلف أو الأمام شريطة أن يكون ذلك في قُبُلها وهو موضع خروج الولد ، لقول الله تبارك و تعالى : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) . وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : كانت اليهود تقول : إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول ! فنزلت : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج ) رواه البخاري 8/154 ومسلم 4/156 .

5 - لا يجوز له بحال من الأحوال أن يأتي امرأته في الدبر ، قال الله عز وجل : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) ومعلوم أن مكان الحرث هو الفرج وهو ما يبتغى به الولد ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ملعون من يأتي النساء في محاشِّهن : أي أدبارهن ) رواه ابن عدي 211/1 و صححه الألباني في آداب الزفاف ص105 . وذلك لما فيه من مخالفة للفطرة ومقارفة لما تأباه طبائع النفوس السوية ، كما أن فيه تفويتا لحظ المرأة من اللذة ، كما أن الدبر هو محل القذر ، إلى غير ذلك مما يؤكد حرمة هذا الأمر . للمزيد يراجع سؤال رقم ( 1103 ) سؤال رقم 1103: حكم وطء المرأة في دبرها



اضغط هنا للحصول على نسخة مناسبة للطباعة

السؤال:


اعتذر يا شيخنا على طرح هذا السؤال المحرج .
سؤالي هو : ما حكم إتيان الزوجة في دبرها ؟.

الجواب:

الحمد لله
اعتذارك مقبول يا أخي والسعي لمعرفة الحكم الشرعي في هذه القضية وأمثالها ليس حراما ولا عيبا بل هو أمر مطلوب .

أما بالنسبة لما سألت عنه فإنّ إتيان الزوجة في دبرها ( في موضع خروج الغائط ) كبيرة عظيمة من الكبائر سواء في وقت الحيض أو غيره ، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعل هذا فقال : " ملعون من أتى امرأة في دبرها " رواه الإمام أحمد 2/479 وهو في صحيح الجامع 5865 بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد " رواه الترمذي برقم 1/243 وهو في صحيح الجامع 5918 . ورغم أن عددا من الزوجات من صاحبات الفطر السليمة يأبين ذلك إلا أن بعض الأزواج يهدد بالطلاق إن لم تطعه ، وبعضهم قد يخدع زوجته التي تستحي من سؤال أهل العلم فيوهمها بأن هذا العمل حلال ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يجوز للزوج أن يأتي زوجته كيف شاء من الأمام والخلف ما دام في موضع الولد ولا يخفى أن الدبر ومكان الغائط ليس موضعا للولد .

ومن أسباب هذه الجريمة - عند البعض - الدخول إلى الحياة الزوجية النظيفة بموروثات جاهلية قذرة من ممارسات شاذة محرمة أو ذاكرة مليئة بلقطات من أفلام الفاحشة دون توبة إلى الله . ومن المعلوم أن هذا الفعل محرم حتى لو وافق الطرفان فإن التراضي على الحرام لا يصيره حلالا .

وقد ذكر العلامة شمس الدين ابن قيم الجوزية شيئا من الحكم في حرمة إتيان المرأة في دبرها في كتابه زاد المعاد فقال رحمه الله تعالى : وأما الدبر : فلم يبح قط على لسان نبي من الأنبياء ..

وإذا كان الله حرم الوطء في الفرج لأجل الأذى العارض ، فما الظن بالحُشّ الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل والذريعة القريبة جداً من أدبار النساء إلى أدبار الصبيان .

وأيضاً : فللمرأة حق على الزوج في الوطء ، ووطؤها في دبرها يفوّت حقها ، ولا يقضي وطرها ، ولا يُحصّل مقصودها .

وأيضا : فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل ، ولم يخلق له ، وإنما الذي هيئ له الفرج ، فالعادلون عنه إلى الدبر خارجون عن حكمة الله وشرعه جميعاً .

وأيضاً : فإن ذلك مضر بالرجل ، ولهذا ينهى عنه عُقلاء الأطباء ، لأن للفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن وراحة الرجل منه ، والوطء في الدبر لا يعين على اجتذاب جميع الماء ، ولا يخرج كل المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي .

وأيضاً : يضر من وجه آخر ، وهو إحواجه إلى حركات متعبة جداً لمخالفته للطبيعة .

وأيضاً : فإنه محل القذر والنجو ، فيستقبله الرجل بوجهه ، ويلابسه .

وأيضاً : فإنه يضر بالمرأة جداً ، لأنه وارد غريب بعيد عن الطباع ، منافر لها غاية المنافرة .

وأيضاً : فإنه يُفسد حال الفاعل والمفعول فساداً لا يكاد يُرجى بعده صلاح ، إلا أن يشاء الله بالتوبة .

وأيضاً : فإنه من أكبر أسباب زوال النعم ، وحلول النقم ، فإنه يوجب اللعنة والمقت من الله ، وإعراضه عن فاعله ، وعدم نظره إليه ، فأي خير يرجوه بعد هذا ، وأي شر يأمنه ، وكيف تكون حياة عبد قد حلت عليه لعنة الله ومقته ، وأعرض عنه بوجهه ، ولم ينظر إليه .

وأيضاً : فإنه يذهب بالحياء جملة ، والحياء هو حياة القلوب ، فإذا فقدها القلب ، استحسن القبيح ، واستقبح الحسن ، وحينئذ فقد استحكم فساده .

وأيضاً : فإنه يحيل الطباع عما ركبها الله ، ويخرج الإنسان عن طبعه إلى طبع لم يركّب الله عليه شيئاً من الحيوان ، بل هو طبع منكوس ، وإذا نُكس الطبع انتكس القلب ، والعمل ، والهدى ، فيستطيب حينئذ الخبيث من الأعمال والهيئات ..

وأيضاً : فإنه يورث من الوقاحة والجرأة ما لا يورثه سواه .

فصلاة الله وسلامه على من سعادة الدنيا والآخرة في هديه واتباع ما جاء به ، وهلاك الدنيا والآخرة في مخالفة هديه وما جاء به . انتهى مختصرا من كلامه رحمه الله روضة المحبين 4/257 - 264
. انتهى مختصرا من كلامه رحمه الله روضة المحبين 4/257 - 264

وللمزيد يراجع سؤال رقم 6792

أسأل الله تعالى أن يرزقنا جميعا الفقه في دينه والوقوف عند حدوده وتعظيم حرماته إنه سميع مجيب .



السؤال:


السؤال :
أريد أن أعرف إذا كان الزوج يعاشر زوجته من الدبر فهل يُعتبر زواجهما باطلا وهل يجب إعادة الزواج .

الجواب:

الجواب :
الحمد لله

قال تعالى (( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين )) سورة البقرة .


لفظ الحرث يفيد أن الإباحة لم تقع إلا في الفرج الذي هو القُبل خاصة إذ هو مزرع الذرّية ، فقد شبَّه ما يلقى في أرحامهن من النُّطف التي منها النسل بما يلقى في الأرض من البذور التي منها النَّبْت بجامع أن كل واحد منهما مادة لما يحصل منه ، وقوله ((أنى شئتم )) أيْ : من أيِّ جهة شئتم : من خلف وقدام وباركة ومستلقية ومضطجعة إذا كان في موضع الحرْث ( أي الفرج وموضع خروج الولد )

قال الشاعر :

إنما الأرحام أرضون لنا محترثات

فعلينا الزرع فيها وعلى الله النبات

وعَنْ خُزَيْمَةَ بن ثابت رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحِي مِنْ الْحَقِّ لا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ رواه الإمام أحمد5/213 حديث حسن .

وعن ابن عباس قال : قال رسول الله (( لا ينظر الله إلى رجل أتى امرأته في الدبر )) أخرجه ابن أبي شيبه 3/529 والترمذي 1165وحسنه

انظر نيل المرام لصديق حسن خان 1/151-154

أما إذا وقع هذا الأمر من رجل فإن زوجته لا تعتبر طالقا كما شاع وذاع عند كثير من الناس ،

إذ أنه لم يدل دليل شرعي على ذلك البتة ، إلا أن العلماء قالوا أن من اعتاد على الفعل فإن لزوجته أن تطلب الطلاق منه ذلك لأنّه فاسق يؤذيها بفعله وكذلك فإن الغرض من الزواج لا يتحصّل بهذا الأمر ، ويجب على المرأة مقاومة هذا الفعل الخبيث ووعظ الزّوج وتذكيره بالله وبعاقبة من يتعدى حدود الله فإذا تاب الزّوج إلى الله من هذا الفعل فلا مانع من البقاء معه ولا يحتاج الأمر إلى تجديد عقد النكاح ، والله ولي التوفيق .




6 - إذا جامع الرجل أهله ثم أراد أن يعود إليها فليتوضأ ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءا ، فإنه أنشط في العَوْد ) رواه مسلم 1/171 . وهو على الاستحباب لا على الوجوب . وإن تمكن من الغسل بين الجماعين فهو أفضل ، لحديث أبي رافع أن النبي صلى الله عله وسلم طاف ذات يوم على نسائه ، يغتسل عند هذه وعند هذه ، قال فقلت له : يا رسول الله ألا تجعله غسلا واحدا ؟ قال : ( هذا أزكى وأطيب وأطهر ) رواه أبو داود والنسائي 79/1 .

7 - يجب الغسل من الجنابة على الزوجين أو أحدهما في الحالات التالية :

- التقاء الختانين : لقوله صلى الله عليه وسلم : " إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ ( وفي رواية : مسّ الختان الختان ) فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْل . " رواه أحمد ومسلم رقم 526 وهذا الغسل واجب أنزل أو لم يُنزل . ومسّ الختان الختان هو إيلاج حشفة الذّكر في الفرج وليس مجرّد الملاصقة .

- خروج المني و لو لم يلتق الختانان : لقوله صلى الله عليه وسلم : " إنما الماء من الماء " رواه مسلم رقم 1/269 .

قال البغوي في شرح السنة (2/9) : ( غسل الجنابة وجوبه بأحد الأمرين : أما بإدخال الحشفة في الفرج أو خروج الماء الدافق من الرجل أو المرأة ) . و لمعرفة صفة الغسل الشرعية انظر السؤال رقم ( 415 ) .

ويجوز للزوجين الاغتسال معا في مكان واحد ولو رأى منها ورأت منه ، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه واحد تختلف أيدينا فيه فيبادرني حتى أقول : دع لي ، دع لي قالت : وهما جنبان . رواه البخاري ومسلم .

8 - يجوز لمن وجب عليه الغسل أن ينام ويؤخر الغسل إلى قبل وقت الصلاة ، لكن يستحب له أن يتوضأ قبل نومه استحبابا مؤكدا لحديث عمر أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم : أينام أحدنا وهو جنب ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ( نعم ، ويتوضأ إن شاء ) رواه ابن حبان 232 .

9 - ويحرم إتيان الحائض حال حيضها لقول الله عز وجل : ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) ، وعلى من أتى زوجته وهي حائض أن يتصدق بدينار أو نصف دينار كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أجاب السائل الذي أتاه فسأله عن ذلك . أخرجه أصحاب السنن وصححه الألباني آداب الزفاف ص122. لكن يجوز له أن يتمتع من الحائض بما دون الفرج لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر إحدانا إذا كانت حائضا أن تتزر ثم يضاجعها زوجها ) متفق عليه.

10 - يجوز للزوج العزل إذا لم يرد الولد ويجوز له كذلك استخدام الواقي ، إذا أذنت الزوجة لأنّ لها حقّا في الاستمتاع وفي الولد ، ودليل ذلك حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال : كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا . رواه البخاري 9/250 ومسلم 4/160 .

ولكن الأولى ترك ذلك كله لأمور منها : أن فيه تفويتا للذة المرأة أو إنقاصا لها . ومنها أن فيه تفويت بعض مقاصد النكاح وهو تكثير النسل والولد كما ذكرنا سابقا .

11 - يحرم على كل من الزوجين أن ينشر الأسرار المتعلقة بما يجري بينهما من أمور المعاشرة الزوجية ، بل هو من شر الأمور ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن من شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها ) رواه مسلم 4/157 . وعن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود ، فقال : ( لعل رجلا يقول ما يفعل بأهله ، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها ؟! ) فأرّم القوم - أي سكتوا ولم يجيبوا - ، فقلت : إي والله يا رسول الله ! إنهن ليفعلن ، وإنهم ليفعلون . قال : ( فلا تفعلوا ، فإنما ذلك مثل شيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون ) رواه أبوداود برقم 1/339 ، وصححه الألباني في آداب الزفاف ص143 .

هذا ما تيسر ذكره من جملة من آداب الجماع ، فالحمد لله الذي هدانا لهذا الدين العظيم ذي الآداب العالية والحمد لله الذي دلّنا على خير الدنيا والآخرة . وصلى الله على نبينا محمد . .


الشيخ محمد صالح المنجد
اضافة رد مع اقتباس
  #42  
قديم 28/03/2004, 10:56 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
عزيزتي الزوجة :
هذه نخبة من الإرشادات ، العمل بها يضمن لك زوجاً متفهماً هادئاً ، يرجى حفظها والأخذ بها تجلبي الخير والسعادة لبيتك .

أدي حقوق زوجك الشرعية قبل كل شيء
كوني دائماً صريحة معه ، ولا تخفي مشاعرك .
اختاري الوقت المناسب لمحاورته وتقدم طلباتك
إياك وأن تفشي له سراً ، ولأيُ شخص كان .
تعلمي السيطرة علي نفسك ، ولسانك خاصة عند الغضب ، فكظم الغيظ عبادة .
أبعدي عنك الشك والغيرة ، ولا تهدمي حياتك بيدك .
لا تتجسسي عليه ولا تلاحقيه وترفعي عن ذلك
لا تتكلمي معه بلهجة الآمر والمستجوب ، ولا تنتقديه .
لا تذكري أهله عنده إلا بخير
لا تجرحيه بكلمة قاسية تظل محفورة في نفسه حتى بعد المراضاة
لا تثيريه أو تستفزيه أمام أبنائه.
راعي أبناءه واهتمي بهم جيداً تمتلكي قلبه فوراً .
لا تخرجي أنت وأبناءك من تحت رعايته أو تحاولي ذلك فتعرضي علاقتكما للاضطراب .
تعودي تقديم التضحية إذا اختلفتما في شيء ، فهبي أياك له ووافقيه تكسبيه .
إذا حدثت بينكما مشكلة ، وأهملها هو أو أمهلها . فلا تنتظري وبادري أنت بكل لطف إلي حلها .
لا تربطي الماضي بالحاضر عند أي خصام يقع .
شاركيه في همومه المنزلية ، والعملية والشخصية لكن مع تخير المكان والزمان المناسبين .
كوني معه لينة مسايرة ، تمتلكيه
اجتهدي ألا يتدخل أهلك في مشاكلكما .
أخفي عيوبه ، وأظهري محاسنه ، واحترميه واشكري فعله
استأذنيه .. دوماً .. لا ينقص هذا من قدرك ، وتزيد في قلبه محبتك .
احذري أن يحس أن صديقاتك وزائراتك أحب إليك منه وقت راحته .
حاولي ألا يراك زوجك إلا في أكمل هيئة وأجمل شكل ، وأحسن رائحة .
كوني له أمَةً يصبح لك عبداً .. هذه وصية أمامة بنت الحارث لابنتها فطبقيها .
أظهري له أنك غيورة علي ماله ، حريصة علي ملكه ، وإياك والإسراف والتبذير .
كوني أهلاً للمسؤولية التي حمَلها لك الشرع ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها .
وافقيه دوماً تحظى عنده .. فقد قالوا : الحظوة في الموافقة .
لا تظهري الفرح وهو حزين ، ولا الحزن وهو مسرور .
استعملي معه اللطف دوماً يأتك أكثر لطفاً
اغلبي أهل زوجك بالخير ولا تغلبيهم بالشر .
اقتربي منه دوماً ، بالمادة والمعني ، ولا تكوني قريبة الجسم بعيدة الروح ، أو العكس .
اضافة رد مع اقتباس
  #43  
قديم 29/03/2004, 08:13 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
س : يتساهل كثير من النساء في الصلاة ، فيبدو ذراعاها أو شيء منهما ، وكذا قدمها ربما بعض ساقها ، فهل صلاتها صحيحة حينئذ ؟

ج : الواجب على المرأة الحرة المكلفة ستر جميع بدنها في الصلاة ما عدا الوجه والكفين؛ لأنها عورة كلها .

فإن صلت وقد بدا شيء من عورتها كالساق والقدم والرأس أو بعضه لم تصح صلاتها . لقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار رواه أحمد ، وأهل السن إلا النسائي بإسناد صحيح . والمراد بالحائض : البالغة؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم : المرأة عورة ولما روى أبو داود رحمه الله ، عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة تصلي في درع وخمار بغير إزار فقال إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في البلوغ : ( وصحح الأئمة وقفه على أم سلمة رضي الله عنها ) ، فإن كان عندها أجنبي وجب عليها أيضا ستر وجهها وكفيها .
من ضمن الفتاوى المهمة المتعلقة بأركان الإسلام الخمسة قدمها لسماحته بعض طلبة العلم عام 1413 هـ.
ابن باز رحمه الله
اضافة رد مع اقتباس
  #44  
قديم 30/03/2004, 07:45 AM
زعيــم فعــال
تاريخ التسجيل: 08/12/2003
مشاركات: 253
الله يوفقك اخي الكريم
فإني والله استفيد منك كثيرا
واقرأ كل موضوع بتأني
نفع بك
وجعلك الله من الفانزين
اضافة رد مع اقتباس
  #45  
قديم 30/03/2004, 10:57 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ولو بالنصيحة

عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا))[1].

قال ابن حجر رحمه الله: "وفيه استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف"[2].

وقال الغزالي رحمه الله: "فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين، وهو المهم الذي ابتعث الله له النبيين أجمعين، ولو طوى بساطه وأهمل علمُه وعملُه لتعطلت النبوة، واضمحلت الديانة، وعمت الفترة، وفشت الضلالة وشاعت الجهالة، واستشرى الفساد واتسع الخرق وخربت البلاد وهلك العباد، ولم يشعروا بالهلاك إلا يوم التناد، وقد كان الذي خفنا أن يكون، فإنا لله وإنا إليه راجعون"[3].

وقال النووي رحمه الله: "واعلم أن هذا الباب قد ضيع أكثره من أزمان متطاولة، ولم يبق منه في هذه الأزمان إلا رسوم قليلة جدا، وهو باب عظيم به قوام الأمر وملاكه، وإذا كثر الخبث عمّ العقاب الصالح والطالح، وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم، فينبغي لطالب الآخرة والساعي في تحصيل رضا الله عز وجل أن يعتني بهذا الباب فإن نفعه عظيم، لا سيما وقد ذهب معظمه، ويخلص نيته، ولا يهابنّ من ينكر عليه لارتفاع مرتبته فإن الله تعالى قال: {وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ} [الحج:40]"[4].

وقال ابن باز رحمه الله: "موضوع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر موضوع عظيم، جدير بالعناية؛ لأن في تحقيقه مصلحة الأمة ونجاتها، وفي إهماله الخطر العظيم والفساد الكبير واختفاء الفضائل وظهور الرذائل"[5].
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 01:34 PM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube