مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #31  
قديم 22/03/2004, 11:59 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
srabالهلال srabالهلال غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
الزنى وآثاره الصحية والاجتماعية

هذا المقال ملخص بحث كان قد أعده الدكتور حسان حتحوت تحت عنوان

" ثورة الجنس في عالمنا المعاصر "

نظرات طبيب مسلم

مع إضافات أخرى



بين يدي البحث

إن انفجار المعلومات في عصرنا الحالي استفاد منه الإنسان في شتى مجالات الحياة, إلا أنه بدل أن يحمد الله على نعمة هذه الهداية وهذا التسهيل العظيم في مجريات البحث العلمي ونتائجه , أعرض ونأى بجانبه وتكبر وتجبر زاعما أن ما حازه من الفتح العلمي إنما أوتيه على مقدرته العقلية وقوته الذاتية , فانحرف به مسار الطريق نحو الهاوية , وابتغى بعلمه واختراعه الملذات والشهوات العابرة , غير عابئ بما تعقبه من دمار اجتماعي ماحق !!

اخترع بعقله الضال أحكاما ونظريات اجتماعية , يدعي بعقله القاصر أنها لسعادة البشرية , فمن أهم هذه النظريات ما سموه نظرية "الحرية الجنسية" . نظرية اخترعها أبالسة الإنس تحت شعار ظاهره السعادة وباطنه وكل ما فيه من قبله العذاب والدمار والضياع للبشرية قاطبة .

ولما وقفت على بحث الأخ الدكتور/ حسان حتحوت / أستاذ الولادة وأمراض النساء بجامعة الكويت بعنوان" ثورة الجنس في عالمنا المعاصر" رأيت أن أختصره, ويُعرض فحواه في موقع الدعوة التابع لهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية لما فيه من الفائدة العميمة بالنسبة لشباب الأمة وشاباتها .

ويبين الباحث سمات واضحة على وجه ما يسمونه بالثورة الجنسية منها :

1ــ الفلسفة الإباحية :

الإباحة الجنسية ليست جديدة في تاريخ البشرية , وقد تتالت على التاريخ كموجات الأثير ترتفع تارة وتحط أخرى , فكلما ارتفعت وازداد أوارها كلما كان فسادها ودمارها أعظم .

حدث ذلك للإمبراطورية الرومانية , ولسدوم وعمورة محل البحر الميت الآن , ولفرنسا بين الحربين العالميتين و كما اعترف مارشالها بيتان وهو يستسلم للألمان . وما هي من الحضارة الحالية ببعيد : وآثارها وأهوال أمراضها وجراثيمها التي تطالعنا الأخبار كل يوم على جديد منها قد طبقت الآفاق .

وكلها نتاج الحضارة الغربية المادية العقلانية الحديثة , حيث استطال قرناها في نمطين يظن الناس أنهما مختلفان , والصحيح أنهما وجهان لعملة واحدة .

أولاهما : - الشيوعية المنهارة , وقد كانت تنكر الله تماما , وتعزو خلق الكون على حتمية الصدفة المادية المتطورة , وترى أن الدين اختراع بشري ابتكره سلسلة من المصلحين الاجتماعيين هم الأنبياء والرسل , وأن الآخرة مصرف وهمي بديل, وَعَدُوا الناس أن يكافئوهم منه بعد الموت إن هم أطاعوهم , وأن الدين أفيون الشعوب .

وانتشرت هذه الفلسفة والأفكار بين بسطاء الناس وعامتهم عند خلو الساحة من المفاهيم النيرة الخيرة من روح الإسلام وتعاليمه , وبسطت سلطان القهر والشدة والعنف لمّا تسنمت هرم السلطة في بعض بلاد العالم . وتلونت وتنوعت باسم الاشتراكية والعدالة والمساواة و. . . ألفاظ جوفاء براقة المظهر تحوي بمضمونها السم الزعاف .

وثانيهما :ــ المادية الرأسمالية , فقد امتدت في العالم الغربي المسيحي . واستغلت هذه الحركةُ التقدمَ العلمي الهائل الذي أحرزه العقل البشري , وانبهار الناس في المخترعات والمكتشفات الجديدة , فدعت إلى تحكيم هذا العقل في كل أمور الحياة الإنسانية ونبذ كل ما يتعارض معه من القيم والثقافات والأخلاق , فكان من ضمن ما احتكم إليه فيه العلاقات الجنسية .

كانت القاعدة عندهم أن ما وافق العقل فهو صحيح ونافذ وما خالفه فهو باطل, وفاتهم أن العقل ذاته أداة ناقصة , إذ أن كل كشف جديد اعتراف بنقص العقل قبل أن نكشفه , وسَعْيَنَا وراء الجديد اعترافٌ منا بالمدى الذي ما زال العقل يجهله , وما أكثر وأعظم وأوسع دائرة ذلك المجهول !! والحق أنه كلما ازداد العلم تقدما ازداد الإنسان إدراكا بمدى ما يجهله.

العقل إذن ناقص , ولا يستطيع أن يصدر الأحكام المطلقة . مع العلم أن العقل قابل للتأثر وهذه من صفات الإنسان : يغالبه الهوى , وكم من عاقل مُعْتدٍّ برأيه صرعته الأهواء وأثرت فيه أمواج التيارات فحرفته عن جادة الصواب, فما كان عنده بالأمس خطأ أو رذيلة يصبح اليوم مقبولا وفي غد يصبح فضيلة من الفضائل .

وهكذا فعل العقل بقضية الجنس, واتبع هواه وكان أمره فرطا , فبعد أن كان الزنى من أقبح الرذائل : تدرج شيئا فشيئا بنظر العقل حتى أصبح من شيم الحرية والأخلاق الفاضلة , وكان ذلك نتيجة هجمة شرسة قام بها منظروا من يدّعون تحكم العقل , أمثال برتراند راسل الذي دعا لحرية الجنس بين طلاب وطالبات الجامعات وزاد الطَّامَّةَ طامةً بعضُ رجال الكهنوت أمثال الأسقف الأحمر في إنجلترا الذي ادعى أنه إذا ضاجع الشاب فتاة في محبة وبغير قهر كان ذلك مبرة . حتى أساتذة علم النفس جاءتهم الحمية لمصلحة الإنسان فجعلوا يحذرون من العواقب الوخيمة من جراء الكبت الجنسي لدى الشباب المتمسكين بالعفاف . ورجال التشريع لهم دور أيضا فقد عبثوا بالقوانين حتى جعلوا جريمة اللواط تصرفا شخصيا لا علاقة لأحد به طالما أن القطبين راضيان فيما بينهما . ومؤلفون ومخرجون وسينمائيون وصحافيون وعلماء اجتماع: سلطوا أقلامهم وإعلامهم ونظرياتهم وأفكارهم حتى غيروا مناخ وأوصاف ومدلولات القيم الاجتماعية تماما .

ومن المؤلم جدا أن تقرأ في الصحف أن لجنة من مجلس الكنائس البريطاني , في تقرير لها عن الجنس والفضيلة تقول :" إنها ضد الاستغلال الجنسي وأنها تبارك الصلة الجنسية في الزواج ولكنها ترفض الرأي الداعي إلى العفة قبل الزواج !! أو الالتزام بعده , وترفض رأي الإنجيل ضد الزنى الذي تراه مسموحا في بعض الأحوال ؛ إن شكل امتزاجا شاملا بين بالغين راضين "

مجلة التايم 28 أكتوبر 1966 ص28

ويدعو التقرير إلى تهيئة وسائل منع الحمل للفتيات غير المتزوجات وإلى مزيد من التراخي في تشريعات الإجهاض .

وفي موجة الحرية والمساواة دعوا الناس إلى مساواة المرأة بالرجل في حرية الجنس بدلاً من دعوة الجنسين إلى مراعاة العفة .

ورأي الإسلام واضح في هذا الموضوع وأشهر من أن يعرف . ونحمد الله تعالى أنه نزَّل الإسلام وتكفل الله بحفظه بحفظ كتابه الكريم وسنة نبيه العظيم و على الشباب المسلم في هذا المقام واجبان :

الواجب الأول – أن يُحكم صلته بربه , ويوثق قبضته على دينه , فإن وسائل الإغراء الفائقة في دقة الجذب والتي صنعتها بيوت الفحش والرذيلة وتأنقت في صنعها , إذا لم يكن مع الشاب وسائل تحميه من شرها وتقيه من إثمها , فهو معرض للسقوط والهوي فيها, وخير وقاية هو حسن الصلة مع الله , فهو خير حافظا وهو أرحم الراحمين .

الواجب الثاني – أن ينصب من نفسه داعية يدعو القوم إلى سبيل الرشاد , بالأسلوب الذي أمر الله به , وينبغي أن نستمد الحجة من منطقهم وثقافتهم ماداموا لا يؤمنون بقرآننا , ولا بإنجيلهم . إلا أنهم كما يدعون العدالة والمساواة بين الناس رجالا ونساء, نقول لهم بمنطقهم : إن أية علاقة بين اثنين لا تتوزع نتائجها على الاثنين توزيعا عادلا بالتساوي فهي علاقة نابية عن العدل , ونظرة إلى نتائج العلاقة الإباحية التي صارت عرفا متبعا في الغرب, وهي للأسف تصدر إلى العالم الآن على أنها تقدم وتطور, والتي تبيح المعاشرة بغير رباط الزواج ومسؤولياته, ترينا أن المردود غير موزع بالتساوي, فالمرأة دائما هي الخاسرة , إن عوشرت ثم هُجرت فهي الخاسرة , وإن حملت سفاحا فهي الخاسرة , وإن لجأت إلى الإجهاض فهي الخاسرة , وإن وضعت وتنازلت عن وليدها فهي الخاسرة , وإن احتفظت به ولدا بلا والد فهي الخاسرة ! ! !



2ــ منع الحمل:

لأول مرة في التاريخ يمكن التحكم في الخصوبة البشرية بصفة فعالة وبوسائل ميسورة , وقد هلل الكثيرون من أهل الدراسات السكانية والاقتصادية لمجيء هذا الإنجاز, في الوقت الذي بدا فيه أن خطر الانفجار السكاني يوشك في رأيهم أن يهدد الحياة البشرية على الأرض , ويتوقعون أنه إذا استمر معدل الزيادة في السكان على ما هو عليه فستصل الأرض إلى مرحلة التشبع , فلا يعود ما فيها من الرزق يكفي من فيها من السكان.

يقول الدكتور حتحوت صاحب البحث الأساس : وفي مجال عملي وجب علي كطبيب مسلم أن أنظر في هذا الأمر نظرة المسلم ونظرة الطبيب :

ودلني النظر في هذا الأمر إلى أن منع الحمل , ككثير غيره من الأمور, لا يحكم له أو عليه حكما عينيا بالحل أو الحرمة , حكما عابرا , بل أعتقد أن العبرة بالتطبيق : الذين يقولون بالحل يتمثلون بإجابة الرسول عليه السلام بقوله " اعزل أو لا تعزل فإنه آتيها ما قدر لها " رواه مسلم وأبو داود . ويقول بعض الصحابة : " كنا نعزل على عهد رسول الله فلم ينهنا ." متفق عليه من حديث جابر بن عبد الله

وبالتفريق بين منع الحمل والإجهاض والوأد من حيث أن الوأد والإجهاض عُدْوان على كائن حي موجود ومنع الحمل ليس كذلك .

ولا شك أن من يجرد الزواج من وظيفة التكاثر ويقصره على وظيفة المتعة فقد نبا عن الصواب , لأن الأمة في حاجة إلى الكثرة العددية التي تفي بالدفاع عنها والقيام بأمر قيادتها وإدارة مرافق حياتها والمحافظة على عزتها وكرامتها, وإيجاد نخب فكرية تخطط لاستمرار رقيها وتقدمها بين الأمم .

هناك كذلك على النطاق العالمي اهتمام مركز جدا جدا على مسألة تحديد النسل , ومن يرى هذا الاهتمام يظن أن تحديد النسل هو المدخل الوحيد لتوقي شح الموارد , ولا نرى ذات الاهتمام ينصب على التعاون لاستخراج خيرات الأرض و سواء اليابسة أو المغمورة بالبحار والمحيطات .

ولكن لمسألة تحديد النسل شأنا آخر, يسيره ويستغله أهل السيطرة والنفوذ في العالم كما يشاؤون . من يريدون إضعافه ويخشون من مارده, الذي يرونه الإسلام, أن يستيقظ من جديد , يشيعون فيه تحديد النسل بل ويشجعونه بكل ما أوتوا من وسائل الزيغ والتضليل حتى يصوروا للناس أنهم على حافة هاوية سيسيحون فيها وتدمرهم إن لم يحددوا النسل , بل يفرضون على بعض الدول ذات القيادات الهزيلة والموارد المتخلفة في طرق الإنتاج , أن يقوموا بهذه العملية مجبرين وإلا فإن الدول الصناعية والغنيّة لا تقرضهم وتمنع عنهم الفُتاة الذي تشحدهم إياه .

ولو أن الدول الغنية تنافست في الإعمار العالمي وساعدت الدول الفقيرة وأوجدت مشاريع إنتاجية عالمية لأغنت العالم ولبقي العالم بحاجة على اليد العاملة , إلا أنهم نفخ شيطان الحرب والعداء للإسلام في رؤوسهم فسخّروا قدراتهم المادية في تصنيع الدمار وآلة الحروب وافتعلوا هذا الهياج العالمي ليبرروا مخازيهم العالمية وعدوانهم على غيرهم من الأمم .

ونحن المسلمين , وإن كنا في عالمنا المعاصر دولا ذات حدود وحكومات , ينبغي أن لا يصرفنا ذلك عما وصفنا الله به أننا أمة واحدة عرفها الله بقوله

((وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)) المؤمنون52

ولو استطاعت هذه الدول المستضعفة أن يكون واقعها هو حاصل جمع ما تملكه من أرض ومن ماء ومن معادن ومن سواعد ومن عقول ومن شواطئ ومن أنهار ومن بحار , إن تعاملت فيما بينها جمعا وضربا وليس طرحا وقسمة , لحققت بذلك رسالتها , ولحلت أزمتها وأزمة العالم , وليس من سبيل إلى ذلك إلا بأن تُحيي في قلوب أبنائها جذوة الإسلام من جديد , فليس لها دون الإسلام من رباط يربط أواصرها , وليس لها من دون الله من نصير مهما شرقت أو غربت في البحث عن النصير, إنه الإسلام وليس غير الإسلام , فلذلك فلندْعُ الشباب المؤمن للقيام بواجباته التي كلفه الله بها .





3-الإجهاض:

الإجهاض هو خروج أو إخراج الجنين من رحم أمه ولمّا يكتمل نموه لدرجة تتيح له أن يعيش بعد ذلك . وقد يحدث الإجهاض تلقائيا لعلة مرضية ظاهرة أو خفية , ولكن الذي يعنينا هنا هو ذلك الإجهاض المحدث عنوة بفعل فاعل .

فمنذ بواكير الحضارة الإنسانية, ومنذ فجر المهنة الطبية وأعلامها , كانت حرمة الحياة الإنسانية تنسدل على الجنين , فكان من قَسَم الأطباء ألاّ تمتد يدهم بالأذى دوائيا أو جراحيا للجنين المحمول , وظلت هذه الأفكار من مقدسات المهنة الطبية وموروثاتها حتى عقدنا الحالي, حين امتدت إليها كذلك تلك اليد العابثة.

ومسألة الإجهاض خيط من نسيج وغيض من فيض وجزء من كل .

ونعود إلى موانع الحمل , فنقول : إنها وإن كانت تقدما علميا وعونا طبيا واجتماعيا , إلا أنها كانت ممولة ومحفوزة من قبل الحركة التي سمت نفسها " حركة تحرير المرأة " , وكان مما تدعو إليه تلك الحركة مساواة المرأة بالرجل , وإنه إن كان الرجل يمارس الجنس دون أن يهدد بالحمل فينبغي أن يكون للمرأة كذالك أن تمارسه دون تهديد الحمل .

ولم تكد تستقر أمور منع الحمل حتى جعلوها في المتناول الميسور للبنات غير المتزوجات .

ثم تدرج الأمر إلى أن تتنادى النساء بحقهن في أجسادهن, ثم تَنَادَيْنَ بأنه من الظلم أن تضطر المرأة إلى أن تحتفظ في أحشائها بجنين لا تريده . وهذه أمور كلها دبرت بليل وخطط لها من قبل , وبعد أن كان الإجهاض الطبي مباحا فقط في الحالات التي يشكل فيها استمرار الحمل خطرا على حياة الأم , مرر المشرعون أعضاء البرلمان البريطاني القانون الجديد الذي وسع رقعة الإباحة لتشمل " تهديد صحتها الجسمية أو النفسية , أو الصحة الجسمية أو النفسية لأي أحد من أفراد الأسرة بما فيهم الأبناء بالتبني , ويستوي أن يكون هذا التهديد في الحاضر أو في المستقبل المرتقب .

إن هذا القانون لا يضبط من أمر تنظيم الإجهاض إلا ما يحمل الغربال من الماء إذا رفع , فلو أن أسرة تبنت طفلا ثم حملت السيدة , فذهبت إلى الطبيب تقول : إن متبناها يشعر بالغيرة من قدوم طفل جديد , فالقانون الطيع اللين يسمح بالإجهاض إن وافق الطبيب, على أن ذلك يهدد الصحة النفسية للمتبنى في المستقبل .

لقد ظهر أن هذه الإباحة لم تستخدم للمحافظة على صحة الزوجات أو للحد من نسل الأسر كثيرة العيال التي تعوزها النفقة .

ولكن أنبأتنا الإحصاءات بأن الكثرة الغالبة من المُجهَضات كن نساء غير متزوجات , بل حاملات من سفاح , فكشفت بذلك عن حقيقة المؤامرة التي جعلت الإجهاض فيما بعد تجارة رابحة ذات بريق ولمعان يغطي ظاهرها, أما باطنها, والعياذ بالله ممن خطط لها , فهو الدمار والخراب وإشاعة الفساد والاضطراب بين أفراد الأمم وقتل المروءات والغيرة على الحرمات , بحيث يصبح الناس فوضى لا سراة لهم , أو سراة جهالاً لا يعون من أمرهم ولا من امر دينهم ولا من أمر أممهم شيئا.

يقول الدكتور حتحوت : " في كتاب لبريطاني وبريطانية تنكرا في هيئة عشيقة حامل وصديقها ... يرويان ما شهداه في مطافهما بسوق الإجهاض , مما تشمئز له النفس . وقد تكونت هناك في عاصمة الحرية والمساواة شبكة إجهاضية وكأنها المؤسسات السياحية ترتب للبنات هناك أو القادمات من الخارج كل شيء من أول التاكسي بالمطار مرورا بالفندق والمستشفى والعملية حتى المطار مرة أخرى للمغادرة :

ومن العجيب أنهم ظنوا أن شيوع الإجهاض ومنع الحمل سيمنع ظاهرة الأطفال المولودين سفاحا , فهالهم أن هؤلاء في ازدياد, ومع إقبال الأسر المحترمة على الحد من عدد الأبناء, تحت تأثير الدعايات المغرضة, أصبح كل خامس مولود في بريطانيا مولودا من سفاح" – وهذه المعلومات تكاد تكون قديمة جدا- أما اليوم فحدث ولا حرج , حيث انتقلت العدوى من بريطانيا العظمى إلى كثير من دول أوروبا وكثير من ولايات أمريكا و وانحدر السيل الجارف نحو شرقنا البائس الحزين الذي خلع عنه ما كان يقيه من تعاليم الدين الحنيف ضد هذه العاديات .

ولننظر إلى مسألة الإجهاض من خلال آيات القرآن الكريم :

(( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ))الأنعام151

(( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءاً كَبِيراً))الإسراء 31

((وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ))الأنعام137

‏(( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ))الممتحنة12

آيات كلها تدور حول جريمة قتل الأولاد , وكلمة الأولاد تشمل الذكور والإناث , وهو قتل يشترك في اقترافه الرجال والنساء, ونعلم أن الجاهلية في جريمة الوأد كان رجالها وحدهم يئدون الإناث وحدهن , فمتى تكون الضحايا ذكورا وإناثا تغدر بها الرجل والنساء جميعا إلا إن كان القصد أنها الأجنة تغدر بها يد الإجهاض ؟

ولننظر إلى الشريعة الإسلامية وموقفها من الجنين فنجد الآتي:

أولاً – إذا مات رجل وظهر أن امرأته حامل , حجز من تركته نصيب ولد, ولم يأخذ باقي الورثة أنصبتهم إلا إن تعهدوا إن وضعت أكثر من ولد أن يردوا على التوأم نصيبه .

ثانيا – إذا حكم على امرأة بالإعدام وتبين أنها حامل أرجئ تنفيذ العقوبة حتى تلد ثم ترضع .. حتى لو كان الجنين محمولا من سفاح .

ثالثا – إذا أجهض جنين في أية مرحلة من مراحل وظهرت عليه أية علامة من علامات الحياة كتحريك إصبع أو نفس أو سعلة أو عطسة أو غيرها ثم مات بعدها , فإن هذا الجنين يرث أيّاً من مورثيه الشرعيين مات بعد بداية الحمل , ثم يرث الجنينَ ورثنه الشرعيون.

رابعا – في الإسلام عقوبة مالية (غرامة) على الإجهاض , لا تجب غيرها من عقوبات التعزير على عدوان أو إصابة أخرى , وهذه الغرامة اسمها " الغرة " وتبلغ عشر دية البالغ , تدفع لورثة الجنين الشرعيين , فإن كان من بين هؤلاء الورثة متسبب في الإجهاض دفع ما عليه من الغرم وحرم نصيبه من الإرث .

حياة الجنين إذا محترمة , ولا يضحى بها إلا إن كان في استمرار الحمل خطورة على حياة الأم المريضة , لأن الأم في الشريعة أصل والجنين فرع , والفرع فداء الأصل .



4- الأمراض الجنسية:

وهي تعرف أيضا بالأمراض السرية , وتنقل عدواها عن طريق الاتصال الجنسي عادة , ومن أهمها :

مرض السيلان , مرض الزهري , مرض فقد المناعة المعروف

بـ( ايدز) وكلها أمراض معدية وقاتلة ويسهل انتشارها بين من يتعاطون فاحشة الزنى , وإن كانوا استطاعوا إيجاد علاجات مضادة للمرضين الأولين , إلا أن الجراثيم المسببة كانت في كثير من الأحيان اقوى من الإنسان فسرعان ما توجد لها طرق ومخابئ تزيغ عن طريق المضادات ثم تعود فتنشط من جديد .

أما مرض الأيدز, والعياذ بالله , فليس أمام المصاب إلا أن يندب حظه ويودع ملذاته وفواحشه وينتظر استقبال آخرته بما قدم لها , لأن هذا المرض والعياذ بالله , رغم الجهود المكثفة والبحوث المتكاثرة والأموال الطائلة التي تنفق من أجل مكافحته , لم يعثروا على حل لهذه الكارثة الإنسانية , وصدق رسول الله r حيث يقول :" ولا فشا الزنى في قوم قط إلاّ كثر فيهم الموت " أي من كثرة أمراض الزنى والحديث قطعة من حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الموطأ.

ومن أجل ذلك قال ربنا عز وجل (( ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا ))الإسراء32

إن الأنواع الجديدة من الزهري والسيلان أكثر عصيانا على التداوي من أجيالها السابقة عند بدء استعمال المضادات الحيوية .

ونوع المريض وسماته قد اختلفت عن ذي قبل اختلافا خطيرا, لم يعد التوزيع الجنسي كما كان في السابق خمسين رجلا لكل امرأة , ولكنه أصبح متساويا بين الجنسين من المرضى . ولم يعد معدل سن الإصابة حول الخامسة والثلاثين , ولكنه أصبح في العشرين فما دون .

لم يعد مصدر الإصابة مومس الأمس يقصدها العديد من الرجال المنحرفين , ولكن زنى اليوم صار دولة بين الشباب, فزانية اليوم في بلاد الغرب هي الفتاة العادية الشابة في كافة مرافق الحياة , شجعوها على هذا الإثم باسم حرية الجنس !! باسم التقدم !! باسم التحرر !!

وهنا الجناية .. يمهد لها .. ويعين عليها حشد كامل ذكي لكل ما يثير الغرائز وشهوة الجنس ؛ من أزياء ومن مطبوعات ماجنة , ومن أفلام وأقلام مأجورة رخيصة , كلها تآمرت واحتالت على العفة والشرف والطهر , فسمت الزنى حبا, وسمت الرذيلة عشقا سد حاجة فيسيولوجية للجسد , وسمت العفة والشرف والطهر رجعية وتخلفا وجمودا لا يليق بمدنية العصر, وسمت الغناء الماجن الفاسق والتغزل بأعراض الناس فناً, ودعت الناس إلى التفاخر والتباهي به وقالت مقولتها الفاجرة " من لم يتحسس الفن ويأنس به ويتذوقه فليس بإنسان"

وسمت القيان والداعرات الممثلات اللاتي يشعن الرقص العاهر والغناء الفاجر, سمتهن فنانات !! يا لطيف نسألك اللطف . . .

إن وراء الضوء الذي يجذب الفراشة إلى المصباح النارُ التي تحرقها.

يعلن أحد المتخصصين من المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض: أن ستمائة وخمسين ألف من الأمريكان شبابا وفتيات تحت سن العشرين يصابون بالزهري أو السيلان ( وهذه معلومات قديمة قبل اكتشاف مرض الادز, فما حالهم اليوم؟ )

أما شبابنا المسلم : في حله وترحاله و في إقامته وفي اغترابه فليعلم أن عليه واجبين : واجبا دفاعيا وآخر هجوميا :

أما الدفاعي فليسأل الله عز وجل أن يثبت جنانه وإيمانه تجاه كل ما يعرض له من إغراء وإن بدا لذيذا طيبا , فكم من لذة ساعة أورثت صاحبها غما طويلا . القلب المليء بحب الله ليس فيه متسع لسواه , فلتعمر القلوب بذكر الله , ولتحسن إيمانك بالله , فالإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك . واعلم أنك كما تدين تدان , فارض لبنات آدم ما ترضاه لأختك وأمك وابنتك وزوجتك , وكفى بالمثل الواقعي أمامنا واعظا وزاجرا .

وأما الواجب الهجومي: ونقصد به الدعوي , فوفاء بواجب من آتاه الله النور , والناس تتخبط في الظلام (( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين)) المائدة/15 ومسئولية من آتاه الله الدواء والناس في قبضة المرض , علينا نحن المسلمين أن نطبب الإنسانية المريضة, وأن ننير لها السبيل , وأن ننتشلها من غرقها , لا باللوم والسباب , ولكن بتحبيبها فيما ندعوها إليه من محاسن الإسلام, والإسلام كله محاسن, وعلينا أن نكون لهم قدوة صالحة ننصحهم بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة .

والطريق طويلة , والبناء أشق من الهدم , والنار حفت بالشهوات, ولكن أي امرئ أولى بالثقة ممن علم أنه مع الله وأن الله معه, وكان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما .

ويوم نستطيع أن نُري الناس الإسلام في صورة رجال تمشي على الأرض, ويوم نستطيع أن نملك زمام أنفسنا فسنملك زمام الناس , إن أحسنّا العمل وأخلصنا في الدعوة وصبرنا عليها صبر أولي العزم , فقد علمنا أن الله لا يضيع صبر الصابرين .

(( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )). آل عمران104
اضافة رد مع اقتباس