مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #33  
قديم 23/03/2004, 11:27 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
srabالهلال srabالهلال غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
‏ إعادة المطالب المنحرفة

لضرب الفضيلة في آخر معقل للإسلام، وجعلها مِهادًا للجهر بفساد الأخلاق‏.‏

إن البداية مدخل النهاية، وإن أول عقبة يصطدم بها دعاة المرأة إلى الرذيلة هي الفضيلة الإسلامية‏:‏ الحجاب لنساء المؤمنين، فإذا أسفرن عن وجوههن حَسَرْن عن أبدانهن وزينتهن التي أمر الله بحجبها وسترها عن الرجال الأجانب عنهن، وآلت حال نساء المؤمنين إلى الانسلاخ من الفضائل إلى الرذائل، من الانحلال والتهتك والإباحية، كما هي سائدة في جل العالم الإسلامي، نسأل الله صلاح أحوال المسلمين‏.‏

واليوم يمشي المستغربون الأجراء على الخطى نفسها، فيبذلون جهودهم مهرولين، لضرب فضيلة الحجاب في آخر معقل للإسلام، حتى تصل الحال

ـ سواء أرادوا أم لم يريدوا ـ إلى هذه الغايات الإلحادية في وسط دار الإسلام الأولى والأخيرة، وعاصمة المسلمين، وحبيبة المؤمنين‏:‏ جزيرة العرب التي حمى الله قلبها وقبلتها منذ أسلمت ببعثة خادم الأنبياء والمرسلين إلى يومنا هذا من أن ينفذ إليها الاستعمار، والإسلام فيها ـ بحمد الله ـ ظاهر، والشريعة نافذة، والمجتمع فيها مسلم، لا يشوبه تجنس كافر، وهؤلاء المفتونون السَّخابون على أعمدة الصحف اتَّبعوا سنن من كان مثلهم من الضالين من قبل، فنقلوا خطتهم التي واجهوا بها الحجاب إلى بلادنا وصحافتنا، وبدأوا من حيث بدأ أولئك بمطالبهم هذه يُجَرِّمون الوضع القائم، وهو وضع إسلامي في الحجاب، وفيه الطهر والعفاف، وكل من الجنسين في موقعه حسب الشرع المطهر، فماذا ينقمون‏؟‏

وإن ما تقدم بيانه من أصول الفضيلة، ترد على هذه المطالب المنحرفة الباطلة، الدائرة في أجواء الرذيلة؛ من السفور عن الوجه، والتبرج، والاختلاط، وسلب قيام الرِّجال على النساء، ومنازعة المرأة في اختصاص الرجل، وهكذا من الغايات المدمرة‏.‏

وإن حقيقة هذه المطالب المنحرفة عن سبيل المؤمنين، إعلان بالمطالبة بالمنكر، وهجر للمعروف، وخروج على الفطرة، وخروج على الشريعة، وخروج على الفضائل والقيم بجميع مقوماتها، وخروج على القيادة الإسلامية التي تحكم الشرع المطهر، وجعل البلاد مِهادًا للتبرج والسفور والاختلاط والحسور‏.‏

وهذا نوع من المحاربة باللسان ـ والقلم أحد اللسانين ـ وقد يكون أنكى من المحاربة باليد، وهو من الإفساد في الأرض ‏.‏

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ في ‏[‏الصارم المسلول‏:‏ 2/ 735‏]‏ ‏:‏ ‏(‏وما يفسده اللسان من الأديان أضعاف ما تفسده اليد، كما أن ما يصلحه اللسان من الأديان أضعاف ما تصلحه اليد‏)‏ انتهى ‏.‏

لهذا فإن المتعين إجراؤه هو ما يأتي‏:‏

1ـ على مَن بسط الله يده إصدار الأوامر الحاسمة للمحافظة على الفضيلة من عاديات التبرج والسفور والاختلاط، وكفُّ أقلام الرعاع السُّفوريّين عن الكتابة في هذه المطالب، حماية للأمة من شرورهم، وإحالة مَن يَسْخر من الحجاب إلى القَضاء الشرعي، ليطبق عليهم ما يقضي به الشرع من عقاب‏.‏

وإلحاق العقاب بالمتبرجات؛ لأنهن شراك للافتتان، وهن أولى بالعقاب من الشاب الذي يتعرض لهن، إذ هي التي أغرته فَجَرَّته إلى نفسها ‏.‏

2ـ على العلماء وطلبة العلم بذل النصح، والتحذير من قالة السوء، وتثبيت نساء المؤمنين على ما هن عليه من الفضيلة، وحراستها من المعتدين عليها، والرحمة بهن بالتحذير من دعاة السوء، عبيد الهوى ‏.‏

3ـ على كل مَن ولاه الله أمر امرأة من الآباء والأبناء والأزواج وغيرهم، أن يتقوا الله فيما وُلُّوا من أمر النساء، وأن يعملوا الأسباب لحفظهن من السفور والتبرج والاختلاط، والأسباب الداعية إليها، ومن دعاة السفور ‏.‏

وليعلموا أن فساد النساء سببه الأول تساهل الرجال ‏.‏

4ـ على نساء المؤمنين أن يتقين الله في أنفسهن، وفي مَن تحت أيديهن من الذراري، بلزوم الفضيلة، والتزام اللباس الشرعي والحجاب بلبس العباءة والخمار، وأن لا يمشين وراء دعاة الفتنة وعشاق الرذيلة ‏.‏

5ـ ننصح هؤلاء الكتاب بالتوبة النصوح، وأن لا يكونوا باب سوء على أهليهم، وأمتهم، وليتقوا الله سخط الله ومقته وأليم عقابه ‏.‏

6ـ على كل مسلم الحذر من إشاعة الفاحشة ونشرها وتكثيفها، وليعلم أن محبتها كما بينها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في ‏[‏الفتاوى‏:‏ 15/ 332،344‏]‏ لا تكون بالقول والفعل فقط، بل تكون بذلك، وبالتحدث بها، وبالقلب، وبالركون إليها، وبالسكوت عنها، فإن هذه المحبة تُمَكِّن من انتشارها، وتُمَكن من الدفع في وجه من ينكرها من المؤمنين، فليتق الله امرؤ مسلم من محبة إشاعة الفاحشة، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليمٌ في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون‏}‏ ‏[‏النور‏:‏ 19‏]‏‏.‏

هذا ما أردت بيانه، وما على أهل العلم والإيمان إلا البلاغ والبيان، للتخفف من عهدته، ورجاء انتفاع من شاء الله من عباده، وللنصح به، لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏

‏(‏الدين النصيحة‏)‏ قالوا‏:‏ لمن يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم‏)‏ خرجه مسلم في صحيحه ‏.‏

وقال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله تعالى ـ في ‏[‏الحِكَم الجديرة بالإذاعة‏:‏ ص43‏]‏‏:‏ ‏(‏رُوي عن الإمام أحمد أنه قيل له‏:‏ إن عبد الوهاب الوراق ينكر كذا وكذا، فقال‏:‏ لا نزال بخير ما دام فينا من يُنكر‏)‏، ومن هذا الباب قول عمر لمن قال له‏:‏ اتق الله يا أمير المؤمنين، فقال‏:‏ لا خير فيكم إن لم تقولوها لنا، ولا خير فينا إذا لم نقبلها منكم ‏.‏

وما يتذكر إلا أولوا الألباب، والله يتولى الجزاء والحساب، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم ‏.
الأستاذ الدكتور الشيخ بكر عبدالله أبي زيد
اضافة رد مع اقتباس