[B] من أسرار الطـواف
إن الطواف حول الكعبة يعني : الدوران حولها , و هو طاعة لله تعالى والطواف بالبيت الحرام من أفضل العبادات والقربات , و استجابة لآمر الله , قال تعالى : ( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) 125, البقرة
، فينبغي لمن يطوف بالبيت أن يتقيد بشروطه و آدابه , و أن يكثر الدعاء ؛ لأن ذلك مستحب في جميع الأحوال ، ففي حال تلبسه بهذه العبادة أولى ، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم , ويَترك الحديثَ إلا ذكر الله تعالى ، أو قراءة القرآن ، أو أمرًا بمعروف أو نهيًا عن منكر ، و إن صفة الطواف يكون البيت عن يسار المسلم الطائف مبتدئا بالحجر الأسود و منتهيا به , وهي حركة دائرية ضد عقارب الساعة , و فيها أسرار إلهية فالكون يدور هذه الدورة, و ما فيه من شحنات كهربائية وخلايا وأقمار وكواكب ونجوم و مجموعات شمسية و مجرات , و الملائكة تطوف بالبيت المعمور في السماء , و الناس تطوف في البيت الحرام بمكة المكرمة لا يتوقفون عن ذلك ولا يخلو البيت منهم أبدا , وكلهم منسجمون في طوافهم مع كل ذرة من ذرات هذا الكون البديع. فالعلم قد أثبت أن حركة كل شيء في هذا الكون تتم ، من اليسار إلى اليمين ، فالمسلم عندما يطوف بحسب ما يأمره به الشرع الحنيف, فإنما هو منسجم في طوافه مع طواف كل شيء في هذا الكون الواسع , قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) 33, الأنبياء . و اعلم ـ أخي المسلم ـ أن الله جل جلاله قد أنزل الدين القويم شاملا للطاعات مرغبا بالنوافل محذرا من الشر لحكم عظيمة , و أحكام نبيلة قد لا يدركها إلا أولو الأبصار .
عبد العزيز السلامة / أوثال [/B]
أسماء الله الحسنى
قال الله تعالى : ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )180,الأعراف , و قال صلى الله عليه و سلم : (إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) متفق عليه.فاعلم ـ أخي المسلم ـ أن معرفة أسماء الله الحسنى و الدعاء بها و العمل بمقتضاها جزاءها الجنة , ولها فوائد جليلة تعود بالخير على المسلم في الدنيا و الآخرة , فكلما ازددت علما بأسماء الله و صفاته ازددت علما و يقينا و إيمانا بفاطر السماوات و الأرض, و تكون متعلقا بربك , فتجد لذة العبادات , و تتحقق ثمراتها كالخوف من الله و الرجاء فيما عند الله تعالى و التوكل عليه , وأن التعبد بالأسماء والصفات الحسـنى درجات ومراتب، وكلما زاد علم العبد بالله ـ جل وعلا ـ ارتـفعت درجاته في العبودية، وأكمل الناس عبودية هو المتعبد بجميع الأسماء والصفات, و يراقب الله فيها قولا و عملا . و إن معرفة معاني الأسماء والصفات تحقق آثاراً طيبة على كل من تعبد بها, و عمل بمقتضاها كالأنس بالله تعالى, و زيادة الإيمان , و الفوز بالجنة و رضوان الله , و انشراح القلب, فيزداد نورا,و تحفظه من الأمراض القلبية و النفسية , فيحيا حياة طيبة, و تدل على تعظيم الله تعالى , و هي سبب في الراحة و الطمأنينة, و تقوي المسلم أمام المصائب و الخطوب . لذلك يجب على المسلم أن يتعبد الله بأسماء الحسنى , و صفاته العلى بما يليق بجلاله و عظمته .
عبد العزيز السلامة / أوثال
التواضع..وثمراته !
إن التواضع صفة محمودة , و لها آثار طيبة حيث تنشر المحبة و المساواة و الإخاء بين الأفراد , فيعم الترابط الأسري و الاجتماعي , و تزول الآفات القلبية السيئة كالحسد و الغيبة و النميمة و الحقد , ويعيش المجتمع في سعادة , و قد أمر به الدين الإسلامي , قال تعالى : ( واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ) 215, الشعراء , و قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ). رواه مسلم. و أفضل أنواع التواضع , و أعلاها منزلة : التواضع لله و رسوله بأن يتقبل الإسلام , و يعمل بأوامره , و يبتعد عن نواهيه , و يقتدي بسنة الرسول صلى الله عليه و سلم , و يعمل بما جاء في الكتاب و السنة المطهرة طاعة و انقيادا لله ورسوله , حتى يرفعه الله درجات , قال صلى الله عليه وسلم : ( مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للهِ إِلا رَفَعَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ . و يتواضع للناس, و يبتعد عن السخرية و التهكم بالآخرين.و للتواضع ثمار عديدة، منها:أن الله يحب المتواضعين, و هو سبب في رفعة منازل المتواضعين, و سبيل لدوام النعم, و جزاء المتواضعين الجنة, قال تعالى: ( وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا )63, الفرقان . فلا يجوز الكبر و التكبر؛ لأن الكبرياء لله وحده، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: (قال الله عز و جل الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدًا منهما قذفته في النار) رواه مسلم.
عبد العزيز السلامة / أوثال