عيادة المريض من الأمور التي يؤجر عليها العبد المسلم ولو قارنا بين المريض الذي يزوره الناس وبين المريض الذي لايزوره أحد لوجدنا أن الأول في حال نفسية أفضل من الثاني كما أن الزيارة للمرضى تقوي أواصر المحبة والصداقة بين المريض والزائر وهنالك أشخاص يزورون مرضى لايعرفونهم ولكن فقط قدموا من أجل الأجر عبد العزيز السلامة عوافي على الموضوع القيم.
الإسلام..دِين الشُّمُوليَّة و الكمَال/1
إن الإسلام هو آخر الأديان السماوية السابقة و خاتمها, وهو الدِّين الحقُّ الذي ارتضاه الله تعالى للعالمين وأَخبَر سبحانه أنه لا يُقبَل من أحدٍ سواه، قال تعالى : ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإْسْلاَمُ ..)19, آل عمران، وقال سبحانه : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإْسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )85 , آل عمران , و هو منهج ربَّاني أنزله الله تعالى، و له خصائص كثيرة : أعظمها أنه دين إِلهيّ من عند الله , حفِظَه الله بالكتاب و السنة من التَّحْريف و التَّعطيل , قال تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )9, الحِجْر, و غايته تحيق المسلم العُبوديَّة لله و القيام بشعائر الإسلام , وكسب الأجر و الثواب , و هو مُنزَّه عن الخطَأ و النسيان و الزيادة و النقصان , دين الشُّمُوليَّة و الإعجاز والكمال , صالح لكل زمان ومكان , منذ بعثة النبيِّ صلى الله عليه و سلم حتى يوم القيامة , و مُلائم للفطرة البشرية , و تحقيق رغباتها المختلفة ما دامت توافق تعاليم الدين ,فالمَولود يُولَد على تقَبُّل فِطْرة الإسلام ما لم يُؤَثِّر عليه الوالدان أو المجتمع و نحوهما , فيبْتعِد عن الإسلام , قال صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ) رواه البخاري ومسلم. فالدين ينير العقول بالعلم, و يشفي النفوس من الأمراض القلبية و الصحيَّة, و يُخرِج الناس من عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد. فالله جلَّ جلاله حكيم و عليم بما يناسب خلْقه من التشريعات , و دِين يدعو إلى التَّفَكُّر و التَّدبُّر في بديع خلق الله لمخْلوقاته المختلفة في أنماط حياتها , فيزْداد المؤْمن إيمانا , و يتعَلَّق بالله طاعة و انقيادا، قال جل وعلا : ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفاق وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )53, فصلت .
عبد العزيز السلامة / أوثال
الإسلام..دِين الشُّمُوليَّة و الكمَال/2
و الإسلام شرْع عام للثقَليْن في أحْكامه و حِكَمِه وتشريعاته , قال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإْنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) 56, الذَّاريات ، و شامل لجميع متطلبات الحياة : الاجتماعية و الاقتصادية و التعليمية و السياسية و الصِّحِّية و الرياضية و الأخلاقيَّة و غيرها , حتى الكون الواسع بأفلاكه , وليله و نهاره , و صيفه و شتائِه, و ما فيه من عوالم و معالم كثيرة , و حقائق علميَّة باهرة , قد يدْرِك الإنسان القليل منها , و يجْهَل الكثير منها تتَوافق مع تعاليم الدين , و تقوم عليها كثير من شعائر الدين و أنماط الحياة المختلفة , و هو دين يدعو المسلم إلى التفكر في المآل , و أن يعمل لآخرته , و ألاَّ ينسى نصيبه من الدنيا , و يبحث عمَّا كتَبَه الله له , و هو دين الوسطيَّة و الخير و الاعتدال في العقيدة, و جميع ميادين الحياة, فلا غُلُوّ و تَشَدُّد, و لا تفريط, كما فعَلَ أهل الدِّيانات السابقة, و الأمة الإسلامية خيْر الأمم و أوسطها, قال تعالى : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ )110, آل عمران , و ديـن يهْتمُّ بالعلم و التَّعليم , فَأَوَّل آية نَزَلَتْ قوله تعالى : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) 1, العَلَق ,و يُقَدِّر العلماء , قال تعالى : ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأْلْبَابِ )9 , الزُّمَر. و هو دِين المبادئ الفاضلة و حيث يحثّ على الأخلاق الحسنة، و ما ينشر المحبَّة و يُقوِّي التَّرابط في المجتمع الإسلامي, قال صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صالِحَ الأخْلاق ) رواه البخاريّ. فالإسلام دِين عظيم لا ينْقطِع إعجازه و لا تنْقضِي عجائِبه, و له سمات عظيمة أَثَّرَتْ على العقول, و أسَرَتْ القلوب, مِمَّا جعَلتْ الناس يدخلون في دين الله أفْواجا.
عبد العزيز السلامة / أوثال
( سبَق المُفرِّدُون )
قال صلى الله عليه و سلم : ( سيرُوا، هذا جُمْدان ، سبَقَ المُفرِّدُون ) قالوا: وما المفرِّدُون ؟ يا رسول الله قال ( الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات ) رواه مسلم . و جُمْدان : جبل , و العلاقة بين الجبال و الأذكار, فالجبال أوتاد للأرض ورواسي تحفظها , كي لا تضْطرِب , قال تعالى : ( أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ) 6 , 7 , النَّبأ , و قال تعالى : ( وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) 15, النحل, و هي في تسبيح لله دائم ، قال تعالى : ( إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ ) 18, ص. فالجبال صامِتة , لكنها ناطقة بذكر الله تعالى , و الجبال قويَّة شديدة , لكنها تتصَدَّع من خشْية الله , و هذا تنْبِيه للغافل عن ذكر الله , و الذي لا يلِين قلبه عند تلاوة الأذكار , أوسمَاعها , و الجبال تسجُد كسائر المخلوقات لله جلَّ جلاله طائعة . قال تعالى: ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ.. ) 18, الحج. فالأذكار سعادة للنّفوس , و حيَاة و طمأنِينة للقلُوب ، قال تعالى : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) 38, الرعْد , و كلَّما تقرب المسْلم من الله زاد إيمانه , و صار يذكر الله بقلبه و لسانه ,ما بين التَّسبيح و التحميد و التهليل و التكبير، وتلاوة القرآن ، و دُعاء الله تعالى وسؤاله جميع حاجاتِه في الدنيا و الآخرة ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) 41, 42, الأحزاب , والإكثار من ذكْر الله تبارك وتعالى ودعاؤُه في جميع الأوقات والمناسبات، في الصباح والمساء، وعند النوم واليقظَة، ودخول المنزل والخروج منه، وعند دخول المسجد .
عبد العزيز السلامة / أوثال [/B][/COLOR]
المجَاهِرون
من الظلْم أن يسيْ ء الإنسان إلى خالقه تعالى أولا , , فيَعصي ربَّه , و يخالف تعاليم الدين, و يسي ء إلى نفسه ثانيا و يقودها إلى المهالك . بل و يزْداد الأمر سوءا عندما يجَاهر بالمعاصي , و قد ستَر الله عليه , و ينشرُها و العيَاذ بالله , قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) 19, النّور, و قال صلى الله عليه و سلم : ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ: يَا فُلانُ، عمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ) متفق عليه . و لم يعظـِّم ربه , قال تعالى: ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) 67, الزّمَر. و من سُنن الله تعالى العظيمة في خلْقه الذين كذَّبوا بالله, وآياته و رسله, و جاهروا بالمعاصي إهلاكهم بأنواع العذاب, كما قصَّ علينا القرآن الكريم أخبَار الأمم السابقة, فمَن أهلك ثمود بالصَّاعقة ؟! و من خسَف بقارون و بداره الأرض ؟! ومن الذي أغرَق فرعون وجنوده ؟! فالمجاهرة بالمعصيةُ لها آثار سيئة فهي من صِفات الإنسان المستهزئ بالشرْع، و الاستمرار في المعاصي يزِيل الحواجز النفسيَّة , مما يؤَدي إلى فعْلها دون حياء, و قد تؤدِّي إلى التسْويف في التوبة؛ و عدَم السعادة في الدارين ,و إنْ وقَع المسلم في بعض المعاصي بسبب ضعْف النفس أو الشيطان , فإن من عظمَة التشْريع الإِلهي , أنْ فتَح أبواب التوبة لعباده بشرُوط , فإن همَّ المسلم بالسيئة , فلم يعملها كُتبتْ له حسنة , و إن عملها كُتبت له سيئة واحدة , وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً ، فَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً , و إن توعَّد الله المجاهرين بالعذاب, إلا أنه حث على الستْر بقيود , فجعَل الستر و النصْح للعُصَاة غير المجاهرين , و هُم من لم يُعرفوا بالأذى و الفساد , قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَل يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه مسلم , أما ستْر الشخص المجاهر و المُستهتِر، فهذا مذموم , فلا يُستر ؛ بل المشرُوع أن يبيَّن أمره و يُردَع .
عبد العزيز السلامة / أوثال