الجليس الصالح..و جليس الســـوء!!
إن الإنسان في هذه الحياة لابد له أن يختلط بغيره من الناس، و يتخذه صديقا له أو جليسا , و لكن الناس مختلفون عن بعضهم البعض في سلوكهم القولي و العملي , بعضهم ينفع صاحبه , و يكون له عونا على الخير و الفضائل , و جليس يضر صاحبه , و يعلمه الرذائل , و يودي به إلى المهالك , و لأثر الجليس الصالح الجليس السوء على صاحبهما إما صلاحا أو فسادا قال صلى الله عليه و سلم : ( مَثَلُ الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكِير، فحامل المسك: إما أن يُحْذِيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافح الكِير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة ) متفقٌ عليه. لقد شبه صلى الله عليه و سلم الجليس الصالح بحامل المسك , فهو خير و بركة على صاحبه إما أن يهديك أو تشتري منه , أو يرشدك إذا كنت مخطئا , و ينصحك إذا كنت مقصرا في الطاعات , و يكون لك عونا في أمور دينك و دنياك , و يشاركك أفراحك و آلامك , و الجليس السوء كنافخ الكير فهو شر على صاحبه , وقد حذَّرنا الله من مجالسة أصحاب السوء ، ونهانا عن الجلوس في مجالسهم التي تنتهك فيها الحرمات، و تكثر فيها الغيبة و النميمة و البهتان و مساوئ الأخلاق قال تعالى : ( وَقَدْ نزلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا). فالجليس السوء يشجع صاحبه على فعل المعاصي والمنكرات، ويرغِّبه فيها، و يدله على الشر و مصاحبة الأشرار, الذين يضرون أنفسهم , و ينشرون الفساد في المجتمع , فلا يأمنهم مجتمع , و لا أصحاب , و قد يكونون سببا في العذاب و النقم ـ لا قدر الله ـ لذلك ينبغي على المؤمن أن يكون حذرا من هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن , و اختلطت المبادئ ببعضها البعض , و أن يصاحب أهل التُّقى والصلاح، ويحذر أهل الشرِّ والفساد , و أن يكون قدوة حسنة لأهله و أولاده , و يراقب الله فيهم , و يحثهم على الخير .
عبد العزيز السلامة / أوثال
شهر رمضان المبـارك !
إن لله ـ تعالى ـ المثل الأعلى , يفعل ما يشاء , و أنى يشاء و قد اقتضت حكمته أن يفاضل بين خلقه من الملائكة و النبيين و الناس أجمعين , و أن يفاضل بين الزمان و المكان ، ففضل بعض الأمكنة على بعض ، و بعض الأزمنة على بعض، فجعل الله تعالى شهر رمضان المبارك أفضل الشهور ، و أنزل الله فيه القرآن، قال تعالى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه .. ), 185, البقرة. و قد فرضه الله تعالى على عباده , و جعله ركنا من أركان الإسلام قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) 183, البقرة , و عبادة الصوم نسبها الله لنفسه , و اختص بها الجزاء العظيم ، قال تعالى في الحديث القدس : (الصوم لي و انا أجزي به) وهو شهر التوبة والمغفرة و الرحمة ، وتكفير الذنوب و الخطايا و السيئات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان ، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ) رواه مسلم ، و هو شهر الخيرات و العتق من النيران , و شهر الجود و العطاء , فقد كان الرسول صلى الله عليه و سلم أجود ما يكون في رمضان , و كان أجود من الريح المرسلة , و شهر فيه ليلة القدر خير من ألف شهر، قال تعالى: ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) , 3, القدر:3) ، فهي ليلة واحدة خير من أكثر من ثلاث و ثمانين سنة . و شهر رمضان المبارك يرمض الذنوب أي يحرقها إحراقا , و فيه فضائل كثيرة تعود بالخير على الأفراد و الأسر و المجتمعات و الأمة الإسلامية عامة , فهو شهر المحبة و الصفاء و التعاون , و مساعدة الفقراء و المحتاجين و الإحساس بآلامهم , و فيه التسبيح و التهليل و التحميد ومناجاة الله تعالى وتلاوة القرآن و حفظ الجوارح عن المبادئ السيئة , و هو مدرسة الصبر و مدرسة عظيمة كلها خير أجر و إرشاد و تهذيب للنفوس و تطهير , و رمضان حافل بالذكريات العظيمة و الأمجاد الخالدة على مدى القرون , و توالي الأجيال , ففيه نزل القرآن , و فيه ليلة القدر , و فتح مكة , و غزوة بدر الكبرى . لذلك ينبغي للمسلم أن يغتنم مواسم الخيرات في حياته قبل مماته, أو قبل أن يحل به قدر من أقدار الله.
عبد العزيز السلامة / أوثال