السعــادة!!
إن السعادة في المفهوم الإسلامي ليست قاصرة على الجانب المادي فقط ، وإن كانت الماديات من الأسباب التي تحقق جزءا من السعادة . و لذلك كانت السعادة الحقيقية في الجانب المعنوي فقد شرع الإسلام الأحكام و الواجبات التي تكفل للإنسان سعادته في الحياة الدنيا , و أخبر أن هذه الحياة الدنيا فانية , و هي متقلبة في أطوارها فيها الخير و الشر, و الفرح و الحزن , و السعادة و الشقاء , و الفقر و الغنى , و هي ممر إلى الآخرة ، وأن الحياة الحقيقية التي يجب أن يحرص عليها الإنسان , و يعمل من أجلها كل خير هي الآخرة , قال تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) 97 , النحل , فبها السعادة الطيبة الخالدة ، إن كان العمل في الدنيا صالحا , و العمل الصالح الذي يحقق السعادة للمسلم أنواعه كثيرة : أعظمها الإيمان بالله تعالى , فهو يجعل المسلم مطمئن القلب شاكرا في السراء , صابرا في الضراء , راضيا بأقدار الله و القضاء, و يعيش حياته في طاعة الله , و خدمة نفسه , و الناس بعيدا عن الذاتية , و يعلم المسلم أنه مبتلى في الدنيا بأمراض الأبدان أو القلوب , فيزداد إيمانه بالله و يصبر و يلتجئ إلى الله , فيكون متماسكا أمام الأمراض النفسية , و منها : الحرص على الإكثار من ذكر الله تعالى , فبه تطمئن القلوب , و تنشرح الصدور , قال تعالى : ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) 28 , و منها : التحلي بالأخلاق الكريمة مع الناس ,و التي تجعله محبوبا من الله و من خلقه , و لأهمية الخلق أثني الله على رسوله , قال تعالى : ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) 4, القلم , ومنها : الاهتمام بالجانب الديني والجانب الصحي النفسي و العضوي و الاجتماعي و الرياضي , و كذلك السعي في الأرض لتوفير المال المناسب , كي يستطيع المسلم أن يؤدي حقوق الله و الواجبات الأخرى , و هو في سعادة . و الشاعر يقول:
ولست أرى السعادة جمع مال... ولكن التقي هو السعيد
عبد العزيز السلامة / أوثال
الثبات..على الــدين
إنَّ دين الإسلام هو الدين الحق الذي شرَّف الله به المسلمين, قال تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ..﴾ 19, آل عمران ، و قال تعالى : ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ 85 , آل عمران .و هو الدين الذي أنزله الله على رسوله الأمين , فدعا إليه البشرية جميعا , و سار على نهجه صحابته رضوان الله عليهم الذين دعوا إلى الهدى , و أحيوا بكتاب الله قلوبا موتى , و بصروا بنور الله أهل العمى , و قد حث الله عباده على التمسك به , فهو الدين الحق الباقي إلى يوم القيامة ,و وعدهم بالنصر على الأعداء , و التمكين في الأرض , و هو الدين الحقُّ الذي كتَب الله له البقاء إلى آخِر الزمان، وحفِظَه الله من التبديل و التحريف والزيادة والنقصان، وحكَم له بالظُّهور على سائر الأديان، ولو كَرِه المشركون وأهل الطغيان, ووَعَد سبحانه أهلَه المتمسِّكين به بالنصر والتمكين؛ قال تعالى : ﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ 41, الحج و أنه لا تزال طائفة من المسلمين متمسكة بالإسلام إلى يوم القيامة , و لو اشتدت الخطوب و كثرت الفتن , قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم , ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك ) رواه البخاري , و إن المسلم حينما يتأمل تاريخ الإسلام و حياة المسلمين , و ما مر عليهم من أحداث عصيبة يرى أن الله حفظ الإسلام , و أعز المسلمين في مشارق الأرض و مغاربها , لذلك ينبغي على المسلم أن يتمسك بهذا الدين القويم , , و يحذر فتن آخر الزمان التي تتعاقب كقطع الليل المظلم , و التي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أمته عنها , و أنه سوف يقل الخير ، و يكثر الشر , و ينصرف الناس إلى الدنيا و ملذاتها , و يقل التمسك بالدين , و يحثهم على الصبر و الثبات و الإيمان , و يرشدهم إلى توطين أنفسهم تجاه تلك الفتن , و أنها واقعة لا محالة , قال صلى الله عليه وسلم : ( يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر ) رواه الترمذي .
عبد العزيز السلامة / أوثال
سلعة الله غاليــة!!
إن سلعة الله غالية , قد عمل لها العاملون , و تزود لها بزاد التقوى المخلصون , و اشتاق إليها الصالحون , ألا إنها الجنة , قال تعالى : (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا ) 63, مريم , و قال صلى الله عليه و سلم : (مَنْ خَافَ أدلج وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ ) رواه الترمذي , و هي رجاء المؤمنين وأمل الطائعين وأمان الخائفين , و هي ذات النعيم الخالد والسعادة الأبدية , فالفوز الفوز لمن دخلها , والويل و الخسران لمن زحزح عنها , و المسلم الفطن هو الذي يكون على يقين بوعد الله , و ما أعده لعباده الصالحين من أشياء لا يدركها الإنسان , حتى يجتهد في الطاعات ,أو وعيده , فيحذر السيئات و يبلغ أعلى الدرجات , قال صلى الله عليه و سلم : ( قال الله تعالى أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ) ، واقرؤوا إن شئتم قوله تعالى: ( فلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لهم من قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بما كانوا يَعْمَلون ) متفق عليه . فيا أخي المسلم إن الله يحب عباده , و يفرح بتوبتهم , و هو أرحم بهم من أنفسهم , قد ذكر لهم في الوحيين الجنة و أسماءها و أوصافها و أنهارها و درجاتها و أبوابها , و صفات أهلها تشويقا إليها , و الشاعر يقــول :
يا سلعةَ الرحمن ِلست رخيصة ً * بـل أنتِ غالية ٌعلى الكسلان ِ
يا سلعة الرحمـن ليس ينالُهـــــا * في الألـفِ إلا واحـدٌ لا اثنان ِ
يا سلعة الرحمن أين المشتـري * فلقـد عُرِضتِ بأيسـر الأثمان ِ
يا سلعة الرحمن هل من خاطب * فالمهرُ قبل المـوتِ ذو إمكان
يا سلعة الرحمن لـولا أنَّهـــــا * حُجِـبَتْ بكلِّ مكـاره ِالإنســـان
فيا أخي المسلم لا تبخل على نفسك بالجنة .
عبد العزيز السلامة / أوثال