العبـــادة!!
إن العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة. فمن أجلها أرسلت الرسل , و أنزلت الأديان و الكتب , و مفهومها واسع جدا فكل عمل خالص لله تعالى فهو عبادة سواء كان صلاة أو تعليما, أو زراعة , أو صدقة أو تجارة, و إن خير ما يتعبد به المسلم ربه هو ما افترضه الله عليه من الشعائر و العبادات و هي أركان الإسلام , و لا تتحقق العبادة إلا بشرطين هما : الإخلاص لله , قال تعالى : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء..) 5 , البينة , وقال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى الله ورَسُوله فَهِجْرَتُه إِلَى الله ورَسُوله ..) رواه البخاري, و أن تكون العبادة موافقة ما شرعه الله ورسوله, و كل أمر مخالف شرع الله و رسوله باطل و مردود على صاحبه, قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ منهِ فَهُوَ رَدٌّ ) متفق عليه. و العبادة هي الالتزام و التدلل لأوامر الله تعالى, فالله لا تنفعه طاعة و لا تضره معصية , بل جعل الجزاء من جنس العمل بالحسنات أو السيئات , و يتوب الله على من تاب . و للعبادة ثلاثة أركان هي: المحبة، والرجاء، والخوف وقد اجتمعت هذه الأركان الثلاثة العظيمة في أم الكتاب قال تعالى : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) ، فالآية الأولى فيها المحبة لله تعالى ، و الثانية فيها الرجاء في رحمة الله ، و الثالثة فيها الخوف من عذابه . و للعبادة نوعان: عبادة عامة: وهي تشمل عبادة جميع المخلوقات لله عز وجل، قال عز وجل: ( إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً ) 93مريم , و عبادة خاصة: وهي عبادة المؤمنين لربهم، قال تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ) 36, النساء , و عبادات تتعلق بالعباد , و هي عبادات اعتقادية: أساسها أن تعتقد أن الله هو الرب الواحد الأحد , و منها التصديق بما أخبر به الله تعالى , و عبادات قلبية لا يقصد بها إلا الله كالتوكل و الخشية , و عبادات قولية كالأذكار و تلاوة القرآن و الدعوة إلى الله , وعبادات بدنية كالركوع و السجود و الطواف , و عبادات مالية كالزكاة و النفقة .
عبد العزيز السلامة / أوثال
الطهـــارة!!
إن الدين الإسلامي دين الكمال و النظافة و الجمال, أمر المسلمين بطهارة القلوب والأبدان، قال تعالى: ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ 6, المائدة . وقد أثني الله على المتطهرين , قال تعالى: ( لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ) 108, التوبة , و ان الطهارة أبلغ و أعم من النظافة فكل طاهر نظيف وليس كل نظيف طاهرا فيكون نظيفا في شكله العام ولكن لا يخلو من الجراثيم و الآفات , أما الطهارة فهي نظافة وطهارة في الأمور الظاهرة كالجسد و الملبس و المشرب و المأكل و المسكن و غيرها , أو في الأشياء الباطنة كطهارة القلب من الغل و الحقد و البهتان و الزور, والقلوب تتأثر بالشهوات كالأبدان تتأثر بالملذات و الرغبات , فتؤثر على غيرها , فيكون منها السقيم و الصحيح , لذلك اهتم الإسلام بالقلوب اهتماما عظيما , و جاء بكل ما يصلح السرائر , و يطهرها من الذنوب و المعاصي , فإذا صلحت القلوب صلحت الجوارح , و صحت الأبدان وأعظمُ صلاحٍ لها هو التوحيد و إخلاص الأعمال لله وحده , و الاستعانة بالله , فالقلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء ، و متى يشاء , قال صلى الله عليه وسلم : ( اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ) رواه مسلم , و ذكر الله تعالى , قال عز و جل : (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) 28 , الرعد , و التقرب إلى الله بالعبادات , فالمسلم دائما فقير إلى الله . والوضوءُ دواءٌ للقلوبِ والجوارِح؛ قبل أن يكون نظافة , قال صلى الله عليه و سلم : ( إذا توضَّأ العبدُ الـمُسلمُ -أو المؤمنُ- فغسلَ وجههُ، خرجَ من وجهه كلُّ خطيئةٍ نظرَ إليها بعينِه مع الماءِ -أو مع آخر قطرِ الماء-، فإذا غسلَ يديه خرجَ من يديه كلُّ خطيئةٍ كان بطَشَتها يداه مع الماءِ -أو مع آخر قطرِ الماءِ-، فإذا غسلَ رجلَيْه خرجَت كلُّ خطيئةٍ مشَتها رِجلاه مع الماءِ -أو مع آخر قطرِ الماءِ-، حتى يخرج نقيًّا من الذنوب ) رواه مسلم .فيجب على المسلم أن يطهر قلبه قبل جسمه , و أي طهارة للجسم , و القلب تغطيه الأمراض و الذنوب و سوء الأخلاق , قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله لا ينظر إلى أجسادكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم ) رواه مسلم .
عبد العزيز السلامة / أوثال