المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى الثقافة الإسلامية
   

منتدى الثقافة الإسلامية لتناول المواضيع والقضايا الإسلامية الهامة والجوانب الدينية

إضافة رد
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #31  
قديم 04/11/2010, 04:35 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الزعيم%الهلالي
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 08/03/2010
المكان: الشرقيهـ
مشاركات: 3,693
- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعاً وعشرين درجة، وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد لا ينهزُهُ إلا الصلاة، لا يريد إلا الصلاة، فلم يخط خطوة إلارفع له بها درجة، وحُطَّ عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان في الصلاة، ما كانت الصلاة هي تحبسه، والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، ما لم يؤذ فيه، ما لم يحدث فيه)) (42) [ متفق عليه] .
وهذا لفظ مسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم : ((يَنْهَزُهُ)) هو بفتح الياء والهاء، وبالزاي : أي يُخرجه وينهضه.



الشرح
إذا صلى الإنسان في المسجد مع الجماعة كانت هذه الصلاة أفضل من الصلاة في بيته أو في سوقه سبعاً وعشرين مرة؛ لأن الصلاة مع الجماعة قيام بما أوجب الله من صلاة الجماعة.
فإن القول الراجح من أقوال أهل العلم أن صلاة الجماعة فرض عين؛ وأنه يجب على الإنسان أن يصلي مع الجماعة في المسجد، لأحاديث وردت في ذلك، ولما أشار الله إليه - سبحانه وتعالى- في كتابه حين قال: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ...﴾الآية.[النساء:102].
فأوجب الله الجماعة في حال الخوف، فإذا أوجبها في حال الخوف؛ ففي حال الأمن من باب أولى وأحرى.
ثم ذكر السبب في ذلك : ((بأن الرجل إذا توضأ في بيته فأسبغ الوضوء، ثم خرج من بيته إلى المسجد لا ينهزه، أو لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفع الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة))، سواء أقرب مكانه من المسجد أم بعد، كل خطوة يحصل بها فائدتان:
الفائدة الأولى: أن الله يرفعه بها درجة.
والفائدة الثانية: أن الله يحطُّ بها خطيئة، وهذا فضل عظيم. حتى يدخل المسجد؛ فإذا دخل المسجد فصلى ما كتب له، ثم جلس ينتظر الصلاة؛ ((فإنه في صلاة ما انتَظَرَ الصلاة)) ؛ وهذه أيضاً نعمة عظيمة ؛ لو بَقِيْتَ منتظراً للصلاة مدة طويلة، وأنت جالس لا تصلي، بعد أن صليت تحية المسجد، وما شاء الله - فإنه يحسب لك أجر الصلاة.
وهناك أيضاً شيء رابع: أن الملائكة تصلي عليه ما دام في مجلسه الذي صلى فيه، تقول (اللهم صلِّ عليه، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم تب عليه)) وهذا أيضاً فضل عظيم لمن حضر بهذه النية وبهذه الأفعال.
والشاهد من هذا الحديث قوله: ((ثم خرج من بيته إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة)) فإنه يدل على اعتبار النية في حصول هذا الأجر العظيم.
أما لو خرج من بيته لا يريد الصلاة، فإنه لا يكتب له هذا الأجر؛ مثل أن يخرج من بيته إلى دكانه؛ ولما أذن ذهب يصلي؛ فإنه لا يحصل على هذا الأجر؛ لأن الأجر إنما يحصل لمن خرج من البيت لا يخرجه إلا الصلاة.
لكن ربما يكتب له الأجر من حين أن ينطلق من دُكّانه، أو من مكان بيعه وشرائه إلى أن يصل إلى المسجد ؛ ما دام انطلق من هذا المكان وهو على طهارةٍ. والله الموفق
اضافة رد مع اقتباس
  #32  
قديم 04/11/2010, 04:35 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الزعيم%الهلالي
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 08/03/2010
المكان: الشرقيهـ
مشاركات: 3,693
- وعن أبي العباس عبد الله بن عباس بن عبد المطلب- رضي الله عنهما- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه- تبارك وتعالى- قال: ((إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بيَّن ذلك فمن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله- تبارك وتعالى- عنده حسنة كاملة ، وإن همَّ بها فعملها كتبها الله عشر حسنات، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، وإن همَّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همَّ بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة))(43) [متفق عليه] .




الشرح


قوله: ((إن الله كتب الحسنات والسيئات))؛ كتابته للحسنات والسيئات تشمل معنيين:
المعنى الأول: كتابة ذلك في اللوح المحفوظ، فإن الله - تعالى- كتب في اللوح المحفوظ؛ كل شي كما قال الله: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر:49]، وقال تعالى ﴿وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ﴾[القمر:53] ، فالله - سبحانه وتعالى- كتب السيئات والحسنات في اللوح المحفوظ ، إذا عملها العبد فإن الله - تعالى- يكتبها حسب ما تقتضيه حكمته، وحسب ما يقتضيه عدله وفضله.
فهاتان كتابتان:
كتابة سابقة: لا يعلمها إلا الله - عز وجل- فكل واحد منا لا يعلم ماذا كتب الله له من خير أو شر حتى يقع ذلك الشيء.
وكتابة لاحقة: إذا عمل الإنسان العمل كُتب له حسب ما تقتضيه الحكمة ، والعدل ، والفضل: ((ثم بَيَّن ذلك)) أي: ثم بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك كيف يكتب، فبين أن الإنسان إذا همَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله - تعالى - حسنة كاملة.
مثاله: رجل همَّ أن يتوضأ ليقرأ القرآن، ثم لم يفعل ذلك وعدل عنه، فإنه يكتب له بذلك حسنة كاملة.
مثال آخر: رجل همَّ أن يتصدق، وعيَّن المال الذي يريد أن يتصدق به، ثم أمسك ولم يتصدق ، فيُكتب له بذلك حسنة كاملة. همَّ أن يصلي ركعتين، فأمسك ولم يصلِّ ، فإنه يكتب له بذلك حسنة كاملة.
فإن قال قائل: كيف يكتب له حسنة وهو لم يفعلها؟
فالجواب على ذلك: أن يقال إن فضل الله واسع، هذا الهمُّ الذي حدث منه يعتبر حسنةً؛ لأن القلب همّام؛ إما بخير أو بشر، فإذا همَّ بالخير فهذه حسنة تكتب له، فإنْ عملها كتبها الله عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
وهذا التفاوت مبني على الإخلاص والمتابعة؛ فكلما كان الإنسان في عبادته أخلص لله كان أجره أكثر، وكلما كان الإنسان في عبادته أتبع للرسول صلى الله عليه وسلم كانت عبادته أكمل، وثوابه أكثر، فالتفاوت هذا يكون بحسب الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
اضافة رد مع اقتباس
  #33  
قديم 04/11/2010, 04:36 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الزعيم%الهلالي
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 08/03/2010
المكان: الشرقيهـ
مشاركات: 3,693
أما السيئة فقال : ((وإن همَّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله حسنة كاملة))كرجل همَّ أن يسرق ، ولكن ذكر الله- عز وجل- فأدركه خوف الله فترك السرقة، فإنه يكتب له بذلك حسنة كاملة؛ لأنه ترك فعل المعصية لله فأثيب على ذلك كما جاء ذلك مفسراً في لفظ آخر: ((إنما تَرَكَها مِن جَرَّاي)) (44) أي من أجلي،همَّ أن يفعل منكراً كالغيبة مثلاً، ولكنه ذكر أن هذا محرم فتركه لله؛ فإنه يعطى على ذلك حسنة كاملة.
فإن عمل السيئة كتبت سيئة واحدة فقط، لا تزيد، لقوله - تعالى- : ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ [الأنعام:160].
وهذا الحديث فيه: دليل على اعتبار النية؛ وأن النية قد تُوصل صاحبها إلى الخير.
وسبق لنا أن الإنسان إذا نوى الشر، وعمل العمل الذي يوصل إلى الشر، ولكنه عجز عنه؛ فإنه يكتب عليه إثم الفاعل؛ كما سبق فيمن التقيا بسيفيهما من المسلمين : ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)) قالوا: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: ((لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه))(45) والله الموفق.
</b></i>
اضافة رد مع اقتباس
  #34  
قديم 04/11/2010, 04:36 PM
زعيــم متواصــل
تاريخ التسجيل: 05/03/2009
مشاركات: 79
جزاك الله كل خير
وبارك فيك .. وأنار دربك بنور الهدى
وجعله في موازين حسناتك
وأعانك على طاعته وعبادته
ورزقك الفردوس الاعلى من الجنة
اضافة رد مع اقتباس
  #35  
قديم 04/11/2010, 04:36 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الزعيم%الهلالي
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 08/03/2010
المكان: الشرقيهـ
مشاركات: 3,693
- وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب- رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل فسدَّت عليهم الغار؛ فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدْعُوا الله - تعالى- بصالح أعمالكم.
قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أَغْبِقُ قبلها أهلا ولا مالا. فنأى بي طلب الشجر يوماً، فلم أرِح عليهما حتى ناما، فحلبت لهما غَبُوقَهُما، فوجدتهما نائِمَيْن فكرهت أن أوقظهما وأن أغبقَ قبلها أهلا أو مالا، فلبثت -والقدح على يدي- أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر- والصبْية يتضاغَونَ عند قدمي- فاستيقظا، فشربا غبوقهما. اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فَفَرِّج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئاً لا يستطيعون الخروج منه.

قال الآخر: اللهم إنه كانت لي ابنة عم، كانت أحب الناس إلي - وفي رواية؛ ((كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء)) - فأردتها على نفسها، فامتنعت مني، حتى ألمت بها سنة من السنين، فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار؛ على أن تخلي بيني وبين نفسها، ففعلت، حتى إذا قدرت عليها- وفي رواية(فلما قعدت بين رجليها)) - قالت: اتقِ الله، ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إليَّ، وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها.

وقال الثالث: اللهم إني استأجرت أُجَراءَ وأعطيتهم أجرهم، غير رجل واحد ترك الذي له وذهب، فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين فقال: ((يا عبد الله أدِّ إلي أجري، فقلت: كل ما ترى من أجرك : من الإبل والبقر والغنم والرقيق. فقال: يا عبد الله لا تستهزئ بي ‍! فقلت: لا أستهزئ بك فأخذه كله،فاستاقه، فلم يترك منه شيئاً، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون))(46). [ متفق عليه] .



الشرح
قوله: ((انطلق ثلاثة نفر)) أي: ثلاثة رجال.
((فآواهم المبيت فدخلوا في غار)) يعني : ليبيتوا فيه والغار: هو ما يكون في الجبل مما يدخله الناس يبيتون فيه، أو يتظلَّلُون فيه عن الشمس، وما أشبه ذلك. فهم دخلوا حين آواهم المبيت إلى هذا الغار، فتدحرجت عليهم صخرة من الجبل حتى سدَّت عليهم باب الغار, ولم يستطيعوا أن يزحزحوها؛ لأنها صخرة كبيرة.فرأوا أن يتوسَّلوا إلى الله - سبحانه وتعالى - بصالح أعمالهم.
فذكر أحدهم برَّه التام بوالديه، وذكر الثاني عفَّته التامة، وذكر الثالث وَرَعَه ونُصحه.
أما الأول: يقول إنه كان له أبوان شيخان كبيران ((وكنت لا أغبق(47)قبلهما أهلاً ولا مالاً)) الأهل: مثل الزوجة والأولاد ، والمال : مثل الأرقاء وشبهه.
وكان له غنم، فكان يسرح فيها ثم يرجع في آخر النهار، ويحلب الغنم، ويعطي أبويه- الشيخين الكبيرين - ثم يعطي بقية أهله وماله.
يقول : ((فنأى به طلب الشجر ذات يوم)) أي: أبعد بي طلب الشجر الذي يرعاه. فرجع ، فوجد أبويه قد ناما، فنظر ، هل يسقي أهله وما له قبل أبويه، أو ينتظر حتى يستيقظ الأبوان , فرجَّح الثاني , يعني أنه بقي , فأمسك الإناء بيده حتى برق الفجر؛ أي حتى طلع الفجر- وهو ينتظر استيقاظ أبويه-، فلما استيقظا وشربا اللبن أسقى أهله وماله.
اضافة رد مع اقتباس
  #36  
قديم 04/11/2010, 04:37 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الزعيم%الهلالي
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 08/03/2010
المكان: الشرقيهـ
مشاركات: 3,693
قال: ((اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه)) ومعناه : اللهم إن كنت مخلصاً في عملي هذا- فعلتُه من أجلك- فافرج عنا ما نحن فيه.
وفي هذا دليل على الإخلاص لله - عز وجل- في العمل، وأن الإخلاص عليه مدار كبير في قبول العمل، فتقبل الله منه هذه الوسيلة وانفرجت الصخرة؛ لكن انفراجاً لا يستطيعون الخروج منه.
أما الثاني: فتوسَّل إلى الله عز وجل - بالعفة التامة؛ وذلك أنه كان له ابنة عمٍّ، وكان يحبها حباً شديداً كأشدِّ ما يحب الرجال النساء((فأرادها على نفسها)) أي أرادها- والعياذ بالله- بالزنا؛ ليزني بها، ولكنها لم توافق وأبَتْ، فألمت بها سنة من السنين، أي: أصابها فقر وحاجة، فاضطرَّت إلى أن تجود بنفسها في الزنا من أجل الضرورة، وهذا لا يجوز، ولكن على كل حال؛ هذا الذي حصل، فجاءت إليه، فأعطاها مائة وعشرين دينارا، أي: مائة وعشرين جنيهاً؛ من أجل أن تمكنه من نفسها، ففعلت من أجل الحاجة والضرورة، فلما جلس منها مجلس الرجل من امرأته على أنه يريد أن يفعل بها، قالت له هذه الكلمة العجيبة العظيمة: ((اتقِ الله، ولا تفض الخاتم إلا بحقه)).
فخوفته بالله- عز وجل- وأشارت إليه إلى أنه إن أراد هذا بالحق فلا مانع عندها، لكن كونه يفضُّ الخاتم بغير حق، هي لا تريده، ترى أن هذا من المعاصي؛ ولهذا قالت له: اتقِ الله، فلما قالت له هذه الكلمة - التي خرجت من أعماق قلبها- دخلت في أعماق قلبه، وقام عنها وهي أحب الناس عليه، يعني ما زالت رغبته عنها، ولا كرهها، بل حبها باقٍ في قلبه، لكن أدركه خوف الله -عز وجل- فقام عنها وهي أحب الناس إليه، وترك لها الذهب الذي أعطاها - مائة وعشرين ديناراً، ثم قال: ((اللهم إن كنت فعلت هذا لأجلك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، إلا أنهم لا يستطيعون الخروج)) وهذا من آيات الله؛ لأن الله على كل شي ء قدير، لو شاء الله تعالى لانفرجت عنهم بأول مرة.
ولكنه- سبحانه وتعالى- أراد أن يُبقي هذه الصخرة؛ حتى يتم لكل واحد منهم ما أراد أن يتوسَّل به من صالح الأعمال.
وأما الثالث: فتوسَّل إلى الله - سبحانه وتعال- بالأمانة والإصلاح والإخلاص في العمل ، فإنه يذكُر أنه استأجر أجراء على عمل من الأعمال؛ فأعطاهم أجورهم، إلا رجلاً واحداً ترك أجره فلم يأخذه . فقام هذا المستأجر فثمَّر المال، فصار يتكسب به بالبيع والشراء وغير ذلك، حتى نما وصار منه إبل وبقر وغنم ورقيق وأموال عظيمة.
فجاءه بعد حين، فقال له: يا عبد الله أعطني أجري. فقال له: كل ما ترى فهو لك؛ من الإبل والبقر والغنم والرقيق.فقال: لا تستهزيء بي، الأجرة التي لي عندك قليلة، كيف لي كل ما أرى من الإبل والبقر والغنم والرقيق؟ لا تستهزيء بي. فقلت: هو لك، فأخذه واستاقه كله ولم يترك له شيئاً.
اللهم إن كنت فعلت ذلك من أجلك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، وانفتح الباب، فخرجوا يمشون)) لأنهم توسلوا إلى الله بصالح أعمالهم التي فعلوها إخلاصاً لله عز وجل.
ففي هذا الحديث من الفوائد والعبر: فضيلةُ بِرِّ الوالدين؛ وأنه من الأعمال الصالحة التي تفرج بها الكربات، وتزال بها الظلمات.
وفيه: فضيلة العفة عن الزنا، وأن الإنسان إذا عف عن الزنا- مع قدرته عليه- فإن ذلك من أفضل الأعمال، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: ((رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال : إني أخاف الله))(48).
فهذا الرجل مَكَّنَتْهُ هذه المرأة التي يحبها من نفسها، فقام خوفاً من الله عز وجل، فحصل عنده كمال العفة، فيرجى أن يكون ممن يُظلُّهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
وفي هذا الحديث أيضاً: دليل على فضل الأمانة وإصلاح العمل للغير، فإن هذا الرجل بإمكانه- لما جاءه الأجير- أن يعطيه أجرته، ويبقى هذا المال له، ولكن لأمانته وثقته وإخلاصه لأخيه ونصحه له؛ أعطاه كل ما أثمر أجره.
ومن فوائد هذا الحديث: بيان قدرة الله - عز وجل- حيث إنه تعالى أزاح عنهما الصخرة بإذنه، لم تأتِ آلة تزيلها، ولم يأتِ رجال يزحزحونها، وإنما هو أمر الله عز وجل أمر هذه الصخرة أن تنحدر فتنطبق عليهم ثم أمرها أن تنفرج عنهم، والله سبحانه- على كل شيء قدير.
وفيه من العبر: أن الله تعالى سميع الدعاء ؛ فإنه سمع دعاء هؤلاء واستجاب لهم.
وفيه من العبر: أن الإخلاص من أسباب تفريج الكربات؛ لأن كل واحد منهم يقول
اضافة رد مع اقتباس
  #37  
قديم 04/11/2010, 04:38 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الزعيم%الهلالي
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 08/03/2010
المكان: الشرقيهـ
مشاركات: 3,693
((اللهم إن كنت فعلت ذلك من أجلك فافرج عنا ما نحن فيه)).
أما الرياء- والعياذ بالله- والذي لا يفعل الأعمال إلا رياءً وسمعة، حتى يمدح عند الناس؛ فإن هذا كالزبد يذهب جُفَاءً، لا ينتفع منه صاحبه، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الإخلاص له؛ فالإخلاص هو كل شيء لا تجعل لأحد من عبادتك نصيباً، اجعلها كلها لله وحده، عز وجل- حتى تكون مقبولة عند الله؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن الله تعالى أنه قال: ((أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه))
(49) والله الموفق.

* * *
-----------------
(5) أخرجه مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله، رقم (2985).
(6) أخرجه البخاري ، كتاب بدء الوحي، باب كيف بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رقم (1) ، ومسلم، كتاب الجهاد، باب قوله صلى الله عليه وسلم : (( إنما الأعمال بالنية)) رقم (1907).
(7) الحديث بهذا اللفظ أخرجه مسلم، كتاب الأقضية ، باب نقض الأحكام الباطلة، رقم (1718)، ورواه البخاري بلفظ: (( من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)) كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، فالصلح مردود، رقم ( 2697).
(8) أخرجه الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة فاتحة الكتاب، رقم(2953،2954 ) بلفظ: (( اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضلال))، وأحمد (4/378) بلفظ: (( إن المغضوب عليهم اليهود، وإن الضالين النصارى)). وقال الترمذي: حسن غريب، وهو في صحيح الجامع آخر حديث.
(9) أخرجه البخاري، كتاب الرقاق ، باب الانتهاء عن المعاصي، رقم (6484) ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل، رقم (41).
(10) أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب الهجرة رقم ( 6077)، ومسلم كتاب البر والصلة، باب تحريم الهجر فوق ثلاث بلا عذر شرعي، رقم ( 2560).
(11) إشارة إلى حديث كعب بن مالك في قصة تخلُّفِه عن غزوة تبوك أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب حديث كعب بن مالك، رقم( 4418)، ومسلم، كتاب التوبة، باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه، رقم ( 2769).
(12) أخرجه البخاري، كتاب البيوع ، باب ما ذُكر في الأسواق، رقم (2118)، ومسلم، كتاب الفتن، باب الخسف بالجيش الذي يؤم البيت، رقم ( 2884).
(13) أخرجه البخاري، كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد ، رقم (2731).
(14) أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب فضل الجهاد والسير، رقم (2783)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب المبايعة بعد فتح مكة على الإسلام والجهاد، رقم (1864).
(15) أخرجه أبو داود ، كتاب الجهاد، باب في الهجرة هل انقطعت، رقم (2479)، وأحمد في المسند (4/99) وهو صحيح الجامع رقم (7469).
(16) أخرجه البخاري، كتاب الوصايا ، باب قول الله تعال: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْما) رقم (2766). ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها، رقم (88).
(17) أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، رقم ( 2810). ومسلم ، كتاب الإمارة، باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله، رقم (1904) .
(18) أخرجه البخاري، كتاب الجهاد، باب من يخرج في سبيل الله، رقم ( 2803). ومسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله، رقم ( 1876).
(19) الرواية الأولى أخرجها مسلم، كتاب الإمارة، باب ثواب من حَبَسَهُ عن الغزو مرض، أو عذر آخر، رقم (1911)، والرواية الثانية أخرجها البخاري ، كتاب الجهاد والسير، باب من حبسه العذر عن الغزو، رقم (2839).
(20) أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير ، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، رقم ( 2996).
(21) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، رقم (843) ومسلم، كتاب المساجد، ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، رقم ( 595).
(22) أخرجه الترمذي ، كتاب الزهد، باب ما جاء مثل الدنيا مثل أربعة نفر، رقم (2325) ، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب النية، رقم (4228)، وقال الترمذي: حسن صحيح.
(23) أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب إذا تصدق على ابنه وهو لا يشعر، رقم ( 1422).
(24) أخرجه البخاري، كتاب الزكاة ،باب الزكاة على الأقارب، رقم: (1462).
(25) أخرجه البخاري، كتاب الوصايا، باب أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا الناس، رقم ( 2742) ومسلم، كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث، رقم (1628).
(26) أخرجه البخاري، كتاب المرضى، باب دعاء العائد للمريض، رقم ( 5675).ومسلم، كتاب الطب، باب استحاب رقية المريض، ( 2191).
(27) أخرجه أبو داود كتاب الطب، باب كيف الرقى. رقم ( 3892)، والحاكم في المستدرك (1/343،344)، وقال: قد احتج الشيخان بجميع رواة هذا الحديث غير زيادة بن محمد؛ وهو شيخ من أهل مصر قليل الحديث. وقال الذهبي في التخليص: قال البخاري وغيره: منكر الحديث.
(28) لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقرَّ من رقى بها. أخرجه البخاري، كتاب الطب، باب النفث في الرقية، رقم (5749). ومسلم، كتاب الطب، باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار ، رقم (2201).
(29) أخرجه البخاري، كتاب الطب ، باب من لم يرق، رقم (5752)، ومسلم ، كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، رقم (220).
(30) أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب من ترك بعد الاختيار مخافة أن يقصُر فهم بعض الناس عنه، فيقعوا في أشد منه، رقم (126). ومسلم ، كتاب الحج، باب نقض الكعبة وبنائها، رقم (1333).
(31) أخرجه البخاري، كتاب الشروط، باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز، رقم ( 2718). ومسلم، كتاب المساقاة، باب بيع البعير واستثناء ركوبه، رقم (715) .
(32) أخرجه أبو داود ، كتاب الصلاة، باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة، رقم (492)، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء أن الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام، رقم (317). وابن ماجة ، كتاب المساجد، باب المواضع التي تكره فيها الصلاة، رقم (745). وأحمد في المسند(3/83). وصحّحه الألباني في الإرواء رقم (287). والشيخ أحمد شاكر في حاشيته على الترمذي (2/133،134).
(33) أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره..، رقم (2564).
(34) أخرجه البخاري ، كتاب الحيل، باب رقم (10) رقم( 6967)، ومسلم، كتاب الأقضية، باب الحكم بالظاهر، واللحن بالحجة، رقم (1713).
(35) تقدم تخريجه ص (34) .
(36) ذكره العجلوني في كشف الخفاء رقم (1102) ، وقال: قال الصغاني: موضوع .
(37) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان ، باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق...، رقم (140).
(38) أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر ، رقم(48). ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم : ((سباب المسلم فسوق...)) رقم (64).
(39) أخرجه البخاري، كتاب الديات، باب: ﴿ومن أحياها﴾ رقم ( 6875). ومسلم ، كتاب الفتن، باب إذا تواجه المسلمان بسيفهما، رقم ( 2888).
(40) أخرجه أبو داود ، كتاب السنة، باب في قتال اللصوص ، رقم (4772). والترمذي ، كتاب الديات؛ باب ما جاء فيمن قتل دون ماله فهو شهيد، رقم (1421)، وقال: حديث حسن صحيح. وابن ماجه مختصراً ، كتاب الحدود، باب من قتل دون ماله فهو شهيد ، رقم (2580) وصححه الألباني كما في صحيح الجامع رقم ( 6445) والإرواء رقم (708).
(41) أخرجه مسلم، كتاب الفتن، باب ذكر الدجال وصفته وما معه، رقم (2937).
(42) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب فضل صلاة الجماعة، رقم ( 647). ومسلم ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وانتظار الصلاة، رقم (649).
(43) أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب من همَّ بحسنة أو سيئة، رقم( 6491)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب إذا همَّ العبد بحسنة كتبت ، رقم ( 1311).
(44) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب إذا همَّ العبد بحسنة كُتبت...، رقم (129).
(45) تقدم تخريجه ص(69) .
(46) أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث الغار رقم (3465)، ومسلم، كتاب التوبة، باب قصة أصحاب الغار الثلاثة ...، رقم (2743).
(47) الغبوق: هو الشرب بالعَشِيِّ، والمراد: أنه كان لا يقدّم على أبويه أحداً في طعام ولا شراب.
(48) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، رقم (660) ،ومسلم كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، رقم (1013).
(49) تقدم تخريجه ص (15). </b></i>
اضافة رد مع اقتباس
  #38  
قديم 04/11/2010, 04:38 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الزعيم%الهلالي
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 08/03/2010
المكان: الشرقيهـ
مشاركات: 3,693
2- باب التَّوبة



قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب ، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى، لا تتعلق بحق آدمي؛ فلها ثلاثة شروط.
أحدها: أن يُقْلِعَ عن المعصية.
والثاني: أن يندم على فعلها.
والثالث : أن يعزم أن لا يعود إليها أبداً. فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته.
وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة، وأن يبرأ من حق صاحبها، فإن كانت مالاً أو نحوه رَدَّهُ إليه، وإن كانت حدَّ قذف ونحوه مكنه منه أو طلب عفوه ، وإن كانت غيبة استحلَّه منها. ويجب أن يتوب من جميع الذنوب، فإن تاب من بعضها صحَّت توبته - عند أهل الحق - من ذلك الذنب، وبقي عليه الباقي. وقد تظاهرت دلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على وجوب التوبة:
قال الله تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[النور:31]، وقال تعالى: ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ[هود: 3]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً[التحريم: 8] .



الشرح


قال المؤلف- رحمه الله تعالى - باب التوبة:
التوبة لغة: من تاب يتوب ، إذا رَجع.
وشرعًا : الرجوع من معصية الله تعالى إلى طاعته.
وأعظمها وأوجبها التوبة من الكفر إلى الإيمان ، قال الله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38]، ثم يليها التوبة من الكبائر ؛ كبائر الذنوب.
ثم المرتبة الثالثة: التوبة من صغائر الذنوب.
والواجب على المرء، أن يتوب إلى الله - سبحانه وتعالى- من كل ذنب.
وللتوبة شروط ثلاثة: كما قال المؤلف - رحمه الله- ، ولكنها بالتتبُّع تبلغُ إلى خمسة:
الشرط الأول: الإخلاص لله، بأن يكون قصد الإنسان بتوبته وجه الله- عز وجل- وأن يتوب الله عليه، ويتجاوز عمَّا فعل من المعصية. لا يقصد بذلك مُراءاةُ الناس والتقرب إليهم، ولا يقصد بذلك دفع الأذية من السُّلُطات وولي الأمر.
وإنما يقصد بذلك وجه الله والدار الآخرة، وأن يعفو الله عن ذنوبه.
الشرط الثاني: الندم على ما فعل من المعصية؛ لأن شعور الإنسان بالندم هو الذي يدل على أنه صادق في التوبة؛ بمعنى أنْ يتحسَّر على ما سبق منه، وينكسر من أجله، ولا يرى أنه في حِلٍّ منه حتى يتوب منه إلى الله.
الشرط الثالث: أن يقلع عن الذَّنْب الذي هو فيه، وهذا من أهم شروطه. والإقلاع عن الذَّنب : إن كان الذّنْبُ تركُ واجب؛ فالإقلاع عنه بفعله؛ مثل أن يكون شخص لا يزكِّي، فأراد أن يتوب إلى الله، فلابد من أن يخرج الزكاة التي مضت ولم يؤدها. وإذا كان الإنسان مقصراً في برِّ الوالدين؛ فإنه يجب عليه أن يقوم بِبِرِّهما، وإذا كان مقصراً في صلة الرّحم؛ فإنه يجب عليه أن يصل الرحم.
وإن كانت المعصية بفعل محرّم،فالواجب أن يقلع عنه فوراً، ولا يبقى فيه ولا لحظة.
فإذا كانت من أكل الربا مثلاً، فالواجب أن يتخلَّص من الربا فوراً، بتركه والبعد عنه، وإخراج ما اكتسبه عن طريق الربا، إذا كانت المعصية بالغش والكذب على الناس وخيانة الأمانة، فالواجب عليه أن يقلع عن ذلك ،وإذا كان قد اكتسب مالا من هذا الطريق المحرَّم، فالواجب عليه أن يرده إلى صاحبه أو يستحله منه، وإذا كانت غِيبةً، فالواجب أن يقلع عن غيبة الناس والتكلم في أعراضهم، أما أن يقول إنه تائب إلى الله وهو مُصِرٌ على ترك الواجب، أو مُصِرٌ على فعل المحرم، فإن هذه التوبة غير مقبولة. بل إن هذه التوبة كالاستهزاء بالله عز وجل، كيف تتوب إلى الله- عز وجل- وأنت مصر على معصيته؟!
اضافة رد مع اقتباس
  #39  
قديم 04/11/2010, 04:39 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الزعيم%الهلالي
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 08/03/2010
المكان: الشرقيهـ
مشاركات: 3,693
لو أنك تعامل بشرا من الناس ، تقول أنا تبت إليك وأنا نادم لا أعود، ثم في نيتك وفي قلبك أنك ستعود، وعدت، فإن هذه سخرية بالرجل، فكيف بالله رب العالمين؟!
فالإنسان التائب حقيقة هو الذي يُقلع عن الذنب.
ومن الغريب أن بعض الناس تجلس إليه، وتجده يتأوه من وجود الربا، وهو في نفسه يرابي والعياذ بالله، أو يتأوه من الغيبة وأكل لحوم الناس؛ وهو من أكثر الناس غيبة- نسأل الله العافية-، أو يتأوه من الكذب وضياع الأمانة في الناس؛ وهو من أكذب الناس وأضيعهم للأمانة!!
على كل حال، الإنسان لابد أن يقلع عن الذنب الذي تاب منه، فإن لم يقلع فتوبته مردودة لا تنفعه عند الله عز وجل. والإقلاع عن الذنب إما أن يكون إقلاعاً عن ذنب يتعلق في حق الله- عز وجل- فهذا يكفي أن تتوب بينك وبين ربك، ولا ينبغي- بل قد نقول: لا يجوز- أن تحدث الناس بما صنعت من المحرم أو ترك الواجب. لأن هذا بينك وبين الله، فإذا كان الله قد منَّ عليك بالستر، وسترك عن العباد فلا تحدث أحداً بما صنعت إذا تبت إلى الله.
وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((كل أمتي معافي إلا المجاهرين))(50) .
ومن المجاهرة، كما جاء في الحديث: ((أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذاإلى آخره))(51) .
إلا أن بعض العلماء قال: إذا فعل الإنسان ذنباً فيه حدٌ، فإنه لا بأس أن يذهب إلى الإمام الذي يقيم الحدود- مثل الأمير- ويقول إنه فعل الذنب الفلاني ويريد أن يطهِّره منه، ومع ذلك فالأفضل أن يستر على نفسه، هذا هو الأفضل.
يعني يباح له أن يذهب إلى ولي الأمر إذا فعل معصية فيها حد كالزنا مثلا، فيقول إنه فعل كذا وكذا؛ يطلب إقامة الحد عليه؛ لأن الحد كفارة للذنب.
أما المعاصي الأخرى فاسترها على نفسك كما سترها الله، وكذلك الزنا وشبهه، استره على نفسك - بالنسبة لغير ولي الأمر- لا تفضح نفسك.
ما دمت أنك قد تبت فيما بينك وبين الله تعالى، فإن الله تعالى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.
أما إذا كان الذنب بينك وبين الخلق، فإن كان مالاً فلابد أن تؤديه إلى صاحبه، ولا تقبل التوبة إلا بأدائه مثل أن تكون قد سرقت مالاً من شخص وتبت من هذا، فلابد أن توصل المسروق إلى المسروق منه.
أو جحدت حقاً لشخص؛ كأن يكون في ذمتك دين لإنسان وأنكرته، ثم تبت ، فلابد أن تذهب إلى صاحب الدين الذي أنكرته، وتقرَّ عنده وتعترف حتى يأخذ حقه. فإن كان قد مات، فإنك تعطيه ورثته، فإن لم تعرفهم، أو غاب عنك هذا الرجل ولم تعرف له مكاناً، فتصدق به عنه تخلصاً منه، والله- سبحانه وتعالى- يعلمه ويعطيه إياه.
أما إذا كانت المعصية التي فعلتها مع البشر ضرْباً وما أشبهه، فاذهب إليه ومكِّنه من أن يضربك مثل ما ضربته؛ إن كان على الظهر فعلى الظهر، وإن كان على الرأس فعلى الرأس، أو في أي مكان ضربته فليقتصَّ منك؛ لقول الله تعالى سبحانه:﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا[الشورى:40]، ولقوله:﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ[البقرة:194] .
اضافة رد مع اقتباس
  #40  
قديم 04/11/2010, 04:39 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الزعيم%الهلالي
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 08/03/2010
المكان: الشرقيهـ
مشاركات: 3,693
وإذا كان بقول؛ أي: أذيَّةٌ بالقول، مثل أن تكون قد سَبَبْته أمام الناس ووبَّخته وعيَّرته، فلابد أن تذهب إليه وتستحلَّ منه بما تتفقان عليه. حتى لو قال لا أسمح لك إلا بكذا وكذا من الدراهم فأعطه.
الرابع: أن يكون الحق غِيْبَةً، يعني أنك تكلمت به في غيبته، وقدحت فيه عند الناس وهو غائب.

فهذه اختلف فيها العلماء ؛ فمنهم من قال: لا بد أن تذهب إليه، وتقول له يا فلان إني تكلمت فيك عند الناس، فأرجوك أن تسمح عني وتحلّلني.
وقال بعض العلماء؛ لا تذهب إليه، بل فيه تفصيل!فإن كان قد علم بهذه الغيبة فلابد أن تذهب إليه وتستحلَّه. وإن لم يكن علم فلا تذهب إليه، واستغفر له، وتحدث بمحاسنه في المجالس التي كنت تغتابه فيها؛ فإن الحسنات يهذبن السيئات. وهذا القول أصح؛ وهو أن الغيبة إذا كان صاحبها لم يعلم بأنك اغتبته، فإنه يكفي أن تذكُرَهُ بمحاسنه في المجالس التي اغتبته فيها، وأن تستغفر له، تقول: ((اللهم اغفر له)) كما جاء في الحديث: ((كفارة من اغتبته أن تستغفر له)) (52) فلابد في التوبة من أنْ تصل الحقوق إلى أهلها.
أما الشرط الرابع: فهو العزم على أن لا تعود في المستقبل؛ بأنك لن تعود إلى هذا العمل في المستقبل، فإن كنت تنوي أن تعود إليه عندما تسمح لك الفرصة فإنَّ التوبة لا تصح؛ مثل: رجل كان- والعياذ بالله- يستعين بالمال على معصية الله، يشتري به المسكرات، يذهب إلى البلاد يزني- والعياذ بالله- ويسكر.فأُصيب بفقر وقال: اللهم إني تبت إليك، وهو كاذب ، يقول : تبت إليك، وهو في نيته أنه إذا عادت الأمور إلى مجاريها الأولى فعل فعله الأول.
فهذه توبة عاجز، تُبْتَ أم لم تَتُبْ لست بقادر على فعل المعصية، لأنه يوجد بعض الناس يُصاب بفقر، فيقول: تركت الذنوب ، لكن يُحدِّث قلبه أنه لوعاد إليه ما افتقده لعاد إلى المعصية مرة ثانية، فهذه توبة غير مقبولة؛ لأنها توبة عاجز ، وتوبة العاجز لا تنفعه.
الشرط الخامس: أن تكون في زمن تقبل فيه التوبة، فإن تاب في زمن لا تقبل فيه التوبة لم تنفعه التوبة. وذلك على نوعين:
النوع الأول: باعتبار كل إنسان بحسبه.
النوع الثاني: باعتبار العموم.
أما الأول: فلابد أن تكون التوبة قبل حلول الأجل- يعني الموت-، فإن كانت بعد حلول الأجل فإنها لا تنفعُ التائبَ؛ لقول الله تعالى ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ[النساء: 18] ،هؤلاء ليس لهم توبة! </b></i>
اضافة رد مع اقتباس
  #41  
قديم 04/11/2010, 04:40 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الزعيم%الهلالي
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 08/03/2010
المكان: الشرقيهـ
مشاركات: 3,693
وقال تعالى:﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ[غافر:84،85] . فالإنسان إذا عاين الموت وحضره الأجل؛ فهذا يعني أنه أَيِسَ من الحياة، فتكون توبته في غير محلِّها! بعد أن أَيِسَ من الحياة، وعرف أنه لا بقاء له يذهب فيتوب! هذه توبة اضطرار ، فلا تنفعه ولا تُقبَلُ منه، لابد أن تكون التوبة سابقة.
أما النوع الثاني: وهو العموم، فإن الرسول - عليه الصلاة والسلام- أخبر بأن : ((الهجرة لا تنقطع حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها))(53).
فإذا طلعت الشمس من مغربها لم ينفع أحداً من توبة.قال الله سبحانه:﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرا[الأنعام:158]، وهذا البعض: هو طلوع الشمس من مغربها كما فسر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
إذاً فلابد أن تكون التوبة في وقت تقبل فيه التوبة، فإن لم تكن كذلك فلا توبة للإنسان.
ثم اختلف العلماء - رحمهم الله- هل تقبل التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره أو لا ، في هذا ثلاثة أقوال لأهل العلم ‍‍!!
1ـ منهم من قال: إنها تصح التوبة من الذنب وإن كان مُصِراً على ذنب آخر، فتقبل توبته من هذا الذنب، ويبقى الإثم عليه في الذنب الآخر بكل حال.
2ـ ومنهم من قال: لا تقبل التوبة من الذنب مع الإصرار على ذنب آخر.
3ـ ومنهم من فصَّل فقال: إن كان الذنب الذي أصرَّ عليه من جنس الذنب الذي تاب منه فإنها لا تقبل ، وإلا قُبلت.
مثال ذلك: رجل تاب من الربا ولكنه- والعياذ بالله- يشرب الخمر وُمصِرٌ على شرب الخمر.
فهنا من العلماء من قال: إن توبته من الربا لا تقبل ، كيف يكون تائبا إلى الله وهو مُصِرٌ على معصيته؟
وقال بعض العلماء: بل تقبل ؛ لأن الربا شيء وشرب الخمر شيء آخر، وهذا هو الذي مشى عليه المؤلف- رحمه الله- وقال: إنها تقبل التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره عند أهل الحق.
فهذا فيه الخلاف: بعضهم يقول تقبل: وبعضهم يقول: لا تقبل. أما إذا كان من الجنس؛ مثل أن يكون الإنسان - والعياذ بالله مبتلىً بالزنا، ومبتلىً أيضاً بالإطلاع على النساء والنظر إليهن بشهوة وما أشبه ذلك ، فهل تقبل توبته من الزنا وهو مُصِرُّ على النظر إلى النساء شهوة؟ أو بالعكس؟
هذا فيه أيضاً خلاف؛ فمنهم من يقول : تَصِح.
ومنهم من يقول : لا تصح التوبة.
ولكنَّ الصحيح في هذه المسألة أن التوبة تصح من ذنب مع الإصرار على غيره، لكن لا يُعطى الإنسان اسم التائب على سبيل الإطلاق ، ولا يستحق المدح الذي يُمدح به التائبون؛ لأن هذا لم يتب توبة تامة بل تاب توبة ناقصة، تاب من هذا الذنب فيرتفع عنه إثم هذا الذنب لكنه لا يستحق أن يوصف بالتوبة على سبيل الإطلاق، بل يقال: هذا توبته ناقصة وقاصرة؛ فهذا هو القول الذي تطمئن إليه النفس؛ أنه لا يعطى الوصف على سبيل الإطلاق، ولا يحرم من التوبة التي تابها من هذا الذنب.
قال المؤلف- رحمه الله- إن النصوص من الكتاب والسنه تظاهرت وتضافرت على وجوب التوبة من جميع المعاصي ، وصدق-رحمه الله- فإن الآيات كثيرة في الحث على التوبة وبيان فضلها وأجرها، وكذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .
اضافة رد مع اقتباس
  #42  
قديم 04/11/2010, 04:58 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الزعيم%الهلالي
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 08/03/2010
المكان: الشرقيهـ
مشاركات: 3,693
وقد بيَّن الله تعالى في كتابه أنه - سبحانه- يحب التوابين ويحب المتطهرين ، التوابون : الذين يكثرون التوبة إلى الله- عز وجل -؛ كلما أذنبوا ذنباً تابوا إلى الله.
ثم ذكر المؤلف من الآيات قول الله تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون[النور:31]،هذه الجملة خَتَم الله بها آيتي وجوب غض البصر، وهي قوله:﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا﴾إلى قوله:﴿أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:30،31] .

ففي هذه الآية دليل على وجوب التوبة من عدم غض البصر وحفظ الفرج؛ لأن غضّ البصر يعني: قصره وعدم إطلاقه، ولأن ترك غضّ البصر وحفظ الفرج؛ كل ذلك من أسباب الهلاك وأسباب الشقاء، وأسباب البلاء. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء))(54)، ((وإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)) (55) .
ولهذا كان أعداؤنا- أعداء الإسلام- بل أعداء الله ورسوله من اليهود والنصارى والمشركين والشيوعيين وأشباههم وأذنابهم وأتباعهم كل هؤلاء - يحرصون غاية الحرص على أن يفتنوا المسلمين بالنساء، يَدْعون إلى التبرج، يدعون إلى اختلاط المرأة بالرجل، يدعون إلى التَّفَسُّخ في الأخلاق، يدعون إلى ذلك بألسنتهم ، وأقلامهم، وأعمالهم، - والعياذ بالله؛ لأنهم يعلمون أن الفتنة العظيمة التي ينسى بها الإنسان ربه ودينه إنَّما تكون في النساء.
النساء اللاتي يفتنَّ أصحاب العقول كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهبَ للُبِّ الرجل الحازم من إحداكن))(56).
هل تريد شيئاً أبْيَنَ من هذا.
أذهب للب الرجل - لعقله - الحازم، فما بالك بالرجل المهين؛ الذي ليس عنده حزم، ولا عزم، ولا دين، ولا رجولة؛ يكون أشد وأشد والعياذ بالله.
لكن الرجل الحازم تُذهبُ النساءُ عقْله- نسأل الله العافية-، وهذا هو الواقع لذلك قال الله تعالى عقب الأمر بغض البصر، قال: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31] ؛وقوله عز وجل: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً﴾ يدل على أنه ينبغي لنا- بل يجب علينا- أن نتواصى بالتوبة، وأن يتفقَّدض بَعضُنا بعضاً، هل الإنسان تاب من ذنبه أو بقي مُصِراً عليه؛ لأنه وجَّه الخطاب للجميع: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ[النور: 31] ،وفي قوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ دليل على أن التوبة من أسباب الفلاح، والفلاح- كما قال أهل العلم بالتفسير وباللغة- الفلاح: كلمة جامعة يحصل بها المطلوب ويزول بها المرهوب، فهي كلمة جامعة لخير الدنيا والآخرة.
وكل إنسان يطلب خير الدنيا والآخرة. ما تجد إنساناً- حتى الكافر يريد الخير. لكنْ من الناس من يوفَّق ومنهم من لا يُوفَّق.
الكافر يريد الخير؛ لكَّنه يريد خير الدنيا؛ لأنه رجل بَهِيْمِيٌّ؛ هو شرٌّ الدواب عند الله:﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا[الأنفال:55] ، شرٌ من كل دابة تدبُّ على الأرض؛ ومع ذلك هو يريد الخير، ويريد الرَّفاهية، ويريد التنعم بهذه الدنيا، لكنّها- أي الدنيا- جنّته، والآخرة - والعياذ بالله- عذابه وناره.
المهم أن كل إنسان يريد الفلاح، لكن على حسب الهمة، المؤمن يريد الفلاح في الدنيا والآخرة، والكافر لا يؤمن بالآخرة؛ فهو يريد الفلاح في الدنيا.
من أسباب الفلاح التوبة إلى الله - عز وجل- كما في الآية:﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[النور:31] ، أي لتنالوا الفلاح؛ وذلك بحصول المطلوب وزوال المرهوب. والله الموفق.
</b></i>
اضافة رد مع اقتباس
  #43  
قديم 04/11/2010, 04:58 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ وافي المالكي
زعيــم متألــق
تاريخ التسجيل: 21/05/2010
مشاركات: 1,325
الله ينفعك وينفعنا في هذه الشرح والله يجزيك خير
اضافة رد مع اقتباس
  #44  
قديم 04/11/2010, 04:58 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الزعيم%الهلالي
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 08/03/2010
المكان: الشرقيهـ
مشاركات: 3,693
13- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((والله إني لاستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة))(57) [رواه البخاري].
14- وعن الأغر بن يسار المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، توبوا إلى الله واستغفروه، فإني أتوب في اليوم مائة مرة))
(58) [رواه مسلم] .



الشرح
تقدم الكلام على ما ذكره المؤلف- رحمه الله- من وجوب التوبة وشروطها، وما ساقه من الآيات الدالة على وجوبها.
وهذان الحديثان ذكرهما المؤلف- رحمه الله- ليستدل على ذلك بالسنة.
لأنه كلما تضافرت الأدلة على الشيء قَوِيَ، وصار أوْكد، وصار أوجب، فذَكَر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم بأنه يستغفر الله ويتوب إليه أكثر من سبعين مرة.
وهذا وهو الرسول عليه الصلاة والسلام- الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر -يستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة.
وفي حديث الأغر بن يسار المزني أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة)).
ففي هذين الحديثين دليل على وجوب التوبة، لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بها فقال: ((يا أيها الناس توبوا إلى الله)) فإذا تاب الإنسان إلى ربه حصل بذلك فائدتين:
الفائدة الأولى: امتثال أمر الله ورسوله؛ وفي امتثال أمر الله ورسوله كل الخير. فعلى امتثال أمر الله ورسوله تدور السعادة في الدنيا والآخرة.
والفائدة الثانية: الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم . حيث كان صلى الله عليه وسلم يتوب إلى الله في اليوم مائة مرة؛ يعني: يقول: أتوب إلى الله، أتوب إلى الله
والتوبة لابد فيها من صدق، بحيث إذا تاب الإنسان إلى الله أقلع عن الذنب.أما الإنسان الذي يتوب بلسانه وقلبه مُنطوٍ على فعل المعصية، أو على ترك الواجب. أو يتوب إلى الله بلسانه، وجوارحه مُصِرَّة على فعل المعصية؛ فإن توبته لا تنفعه، بل إنها أشبه ما تكون بالاستهزاء بالله عز وجل!
كيف تقول أتوب إلى الله من معصية وأنت مُصرٌ عليها، أو تقول أتوب إلى الله من معصية وأنت عازم على فعلها؟
الإنسان لو عامل بشرًا مثله بهذه المعاملة لقال هذا يسخر بي، ويستهزئ بي!! كيف يتنصَّل من أمر عندي وهو مُتلبِّس به؟ ما هذا إلا هزؤٌ ولعب، فكيف برب العالمين؟
إن من الناس من يقول إنه تائب من الربا، ولكنه- والعياذ بالله مُصِرٌ عليه!!يمارس الربا صريحا، ويمارس الربا مخادعة، وقد مر بنا كثيراً أن الذي يمارس الربا مخادعة أعظم إثما وجرما من الذي يمارس الربا بالصراحة. لأن الذي يمارس الربا بالمخادعة جنى على نفسه مرتين:
أولاً: الوقوع في الربا.
وثانياً: مخادعة الله- عز وجل - وكأن الله- سبحانه وتعالى- لا يعلم. وهذا يوجد كثيرا في الناس اليوم الذين يتعاملون في الربا صريحاً، أمرُهم واضح، لكن من الناس من يتعامل في الربا خيانة ومخادعة؛ تجد عنده أموالاً لها سنوات عديدة في الدكان، فيأتي الغني بشخص فقير يقوده للمذبحة والعياذ بالله !! فيأتي إلى صاحب الدكان الذي عنده هذه البضاعة، ويبيعها على الفقير بالدين بيعاً صُوريًّا. وكل يعلم أنه ليس بيعاً حقيقياً؛ لأن هذا المشتري - المدين- لا يقلب المال، ولا ينظر إليه، ولا يهمه، بل لو كان أكياساً من الرمل ويبعث عليه على أنها رز أو سكر أخَذَها؛ لأنه لا يهمه؛ الذي يهمه أن يقضي حاجة فيبيعها عليه - مثلاً- بعشرة آلاف لمدة سنة ، وينصرف بدون أن ينقلها من مكانها، ثم يبيعها هذا المدين على صاحب الدكان بتسعة آلاف- مثلاً- فيُؤكَلُ هذا الفقير من وجهين: من جهة هذا الذي ديَّنه، ومن جهة صاحب الدكان، ويقولون: إن هذا صحيح .بل يسمونه التصحيح ، يقول قائلهم: تعال أصحِّح عليك، أو أصحح لك كذا وكذا .سبحان الله، هل هذا تصحيح؟ هذا تلطيخ بالذنوب والعياذ بالله!!
ولهذا يجب علينا - إذا كنا صادقين مع الله - سبحانه وتعالى- في التوبة- أن نقلع عن الذنوب والمعاصي إقلاعاً حقيقياً، ونكرَهَها، ونندم على فِعلها؛ حتى تكون التوبة توبةً نصوحا.
وفي هذين الحديثين : دليل على أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم أشد الناس عبادة لله، وهو كذلك، فإنه أخشانا لله، وأتقانا لله، وأعلمنا بالله صلوات الله وسلامه عليه.
وفيه دليل على أنه عليه الصلاة والسلام مُعَلِّمُ الخير بمقاله وفعاله.
فكان يستغفر الله، ويأمر الناس بالاستغفار؛ حتى يتأسّوا به امتثالاً للأمر واتباعا للفعل.
وهذا من كمال نُصحِه صلوات الله وسلامه عليه لأمته. فينبغي لنا نحن أيضاً أن نتأسى به، إذا أمَرْنا الناس بأمر أن نكون أول من يمتثل هذا الأمر، وإذا نهيناهم عن شيء أن نكون أول من ينتهي عنه، لأن هذا هو حقيقة الداعي إلى الله، بل هذا حقيقة الدعوة إلى الله عز وجل؛ أن تفعل ما تؤمر به، وتترك ما تنهى عنه. كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأمرنا التوبة وهو - عليه الصلاة والسلام- يتوب أكثر منَّا . نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم، وأن يهدينا وإياكم صراطاً مستقيماً. والله الموفق
اضافة رد مع اقتباس
  #45  
قديم 04/11/2010, 04:59 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ الزعيم%الهلالي
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 08/03/2010
المكان: الشرقيهـ
مشاركات: 3,693
15- وعن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري- خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم _ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم؛ سقط على بعيره، وقد أضله في أرض فلاة))(59) [متفق عليه] .
وفي رواية لمسلم: ((لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها،وقد أيس من راحلته،فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده ،فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح)).



الشرح




قوله- رحمه الله- ((خادم النبي صلى الله عليه وسلم)) وذلك أن أنساً - رضي الله عنه- حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أتت به أمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت له: هذا أنس ابن مالك يخدمك، فَقَبِلَ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وصار أنس من خُدَّام النبي صلى الله عليه وسلم .
ذكر أنس- رضي الله عنه- أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((لله أشد فرحاً بتوبة عبده إذا تاب إليه)) من هذا الرجل الذي سقط على راحلته بعد أن أضلّها، وذكر القصة: رجل كان في أرض فلاة، ليس حوله أحد، لا ماء ولا طعام ولا أناس .. ضلَّ بعيره: أي ضاع، فجعل يطلبه فلم يجده، فذهب إلى شجرة ونام تحتها ينتظر الموت! قد أيسَ من بعيره، وأيس من حياته؛ لأن طعامه وشرابه على بعيره، والبعير قد ضاع، فبينما هو كذلك إذا بناقته عنده قد تعلَّق خطامها بالشجرة التي هو نائم تحتها. فبأي شيء يقدَّر هذا الفرح؟ هذا الفرح لا يمكن أن يتصوره أحد إلا من وقع في مثل هذه الحال!! لأنه فرح عظيم، فرح بالحياة بعد الموت، ولهذا أخذ بالخطام فقال: ((اللهم أنت عبدي وأنا ربك))!! أراد أن يُثني على الله فيقول: ((اللهم أنت ربي وأنا عبدك)) لكن من شدة فرحه أخطأ ..فقَلَبَ القضية.. وقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك.
في هذا الحديث من الفوائد: دليل على فرح الله - عز وجل- بالتوبة من عبده إذا تاب إليه،وأنَّه يحب ذلك- سبحانه وتعالى- محبة عظيمة، ولكن لا لأجل حاجته إلى أعمالنا وتوبتنا؛ فالله غنيٌّ عنا، ولكن لمحبته سبحانه للكرم؛ فإنه يحب - سبحانه وتعالى أن يعفو وأن يغفر، أحب إليه من أن ينتقم ويؤاخذ . ولهذا يفرح بتوبة الإنسان .
ففي هذا الحديث حث على التوبة ؛ لأن الله يُحبها، وهي من مصلحة العبد.
وفيه: إثبات الفرح لله عز وجل، فهو- سبحانه وتعالى- يفرح، ويغضب ، ويكره ويحب، لكن هذه الصفات ليست كصفاتنا ؛ لأن الله يقول:﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[الشورى: 11] ، بل هو فرح يليق بعظمته وجلاله ولا يشبه فرح المخلوقين.
وفيه: دليل على أن الإنسان إذا أخطأ في قول من الأقوال ولو كان كفرا سبق لسانه إليه؛ فإنه لا يؤاخذ به فهذا الرجل قال كلمة كفر؛ لأن قول الإنسان لربه: أنت عبدي وأنا ربك هذا كفر لاشك، لكن لما صدر عن خطأ من شدة الفرح - أخطأ ولم يعرف أن يتكلم - صار غير مؤاخذٍ به، فإذا أخطأ الإنسان في كلمة؛ كلمة كفر؛ فإنه لايؤاخذ بها، وكذلك غيرها من الكلمات لو سبَّ أحدا على وجه الخطأ بدون قصد، أو طلَّق زوجته على وجه الخطأ بدون قصد، أو أعتق عبده على وجه الخطأ بدون قصد، فكل هذا لا يترتَّب عليه شيء؛ لأن الإنسان لم يقصده، فهو كاللغو في اليمين، وقد قال الله تعالى: ﴿لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ[البقرة:225]، بخلاف المستهزئ فإن المستهزئ يكفر إذا قال كلمة الكفر، ولو كان مستهزئا؛ لقول الله سبحانه: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ[التوبة:65،66]، فالمستهزئ قصَدِ الكلام، وقصد معناه؛ لكن على سبيل السخرية والهزء؛ فلذلك كان كافراً، بخلاف الإنسان الذي لم يقصده؛ فإنه لا يُعتبر قوله شيئاً.
وهذا من رحمة الله - عز وجل- والله الموفق.

</b></i>
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 09:56 PM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube