03/03/2011, 09:47 PM
|
| زعيــم نشيــط | | تاريخ التسجيل: 01/09/2010
مشاركات: 943
| |
صلاح الدين فارس في ميدان التاريخ
الناصر صلاح الدين الأيوبي قائد عربي مسلم ومؤسس الدولة الأيوبية، خاض العديد من المعارك والتي ظهرت من خلالها إمكانياته كفارس شجاع وقائد عسكري حكيم يتمتع بقدر وافر من الذكاء والحنكة السياسية والحربية، وتعد معركة حطين التي وقعت عام 583هـ -1187م من أشهر المعارك التي خاضها والتي ارتبط اسمها دائماً باسمه وذكرتها كتب التاريخ كثيراً، والتي تمكن فيها من هزيمة أقوى الجيوش الصليبية محرزاً العديد من الانتصارات.
لم يتميز صلاح الدين فقط بكونه قائد عسكري عظيم بل تميز أيضاً بأخلاق رفيعة وشهامة منقطعة النظير فكانت له العديد من المواقف الإنسانية الرائعة سواء مع أفراد جيشه أو مع شعبه أو حتى مع الأسرى حيث تجلى كرم أخلاقه مع الجميع، هذا بالإضافة لعلمه الواسع وشغفه بالمطالعة وتشجيعه للعلم.
النشأة
اسمه كاملاً يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان, أبو المظفر, الملقب بالناصر صلاح الدين الأيوبي، ولد صلاح الدين لعائلة كردية في عام 532هـ، في تكريت بالقرب من بغداد، كان والده محافظاً لقلعة تكريت من قبل بهروز، وكان عمه أسد الدين شيركوه أحد القادة العظام في جيش نور الدين زنكي حاكم الموصل.
شهدت مدينة بعلبك نشأة صلاح الدين فترعرع بها وتلقى علومه المختلفة فدرس القرآن وسمع الحديث من الحافظ السلفي وابن عوف وقطب الدين النيسابوري، كما تعلم الصيد وفنون القتال وغيرها من المهارات والعلوم.
الحياة العسكرية لصلاح الدين
بدأت الحياة العسكرية تشق طريقها إلى صلاح الدين عندما ذهب مع عمه شيركوه بأمر من نور الدين زنكي لصد الهجمات الصليبية وتحقيق المساندة والدعم للخليفة الفاطمي في مصر، حيث كانت الحملات الصليبية تتوالي حينذاك، فحققا العديد من الإنجازات في صد هذه الهجمات، الأمر الذي دفع بالخليفة الفاطمي إلي تعيين شيركوه وزيراً له، وفي مصر قام صلاح الدين بالاختلاط بالمصريين وتقرب منهم وأحبه الشعب المصري أيضاً لما لمسوه فيه من سمات البطولة والعدل والحكمة مما أهله بعد ذلك لأن يحل محل عمه بعد وفاته فتم إسناد الوزارة إليه، وذلك بتأييد من المصريين وأيضاً لخبرته الواسعة سواء على المستوى الحربي أو الإنساني.
حاكماً لمصر
عندما مات الخليفة الفاطمي قام صلاح الدين بإعلان انتهاء الحكم الفاطمي ونصب نفسه حاكماً على مصر ونزل إلى قصر الخلافة جامعاً الأتباع والقواد فتعلق به الشعب المصري، وعندما علم نور الدين بنية صلاح الدين بالاستقلال بمصر قرر أن يسير إليه بجيش كبير ليسترجعها منه ولكنه مات في عام 569هـ قبل أن يحقق ما سعى إليه وبموته زالت إحدى العقبات الكبيرة من طريق صلاح الدين.
وبعد وفاة نور الدين محمود تطلع صلاح الدين من أجل ضم الشام إلى حكمه فسار إلى دمشق وتمكن من إخماد الثورات التي قامت في الشام بسبب الطمع بملك نور الدين، ومكث بها قرابة العامين من أجل أن يعيد الحكم إلى حالة من الاستقرار فضم إليه دمشق وحمص وحماة وبعلبك وغيرها ثم أعلن عن استقلاله عن بيت نور الدين محمود وتبعيته للخلافة العباسية التي منحته لقب سلطان، وأصبح حاكما على مصر، عاود حملته على الشام عام 578هـ ، ونجح في ضم حلب وبعض المدن الشامية، وقد استغرقت هذه الفتوحات أكثر من عشر سنوات وبعد استقرار الأحوال في الشام وفلسطين عاد مرة أخرى إلى مصر.
أتجه صلاح الدين بعد استقرار الأمور الخارجية نحو الإصلاح الداخلي في مصر فعمل على إنشاء جيش قوي حقق به العديد من الإنجازات، مما عمل على تثبيت أقدامه في مصر، كما سعى من أجل نشر العلم فيها وتقوية المذهب السني بها فقام بإنشاء المدارس التي تدرس الفقه السني مثل المدرسة الناصرية والمدرسة الكاملية، كما عمل على عذل القضاة الشيعيين وإحلال قضاة من السنة محلهم، ومن الخطوات الشجاعة التي قام بها أنه أعلن في الجمعة الأولى من شهر المحرم عام 567هـ قطع الخطبة للخليفة الفاطمي الذي كان مريضًا وجعلها للخليفة العباسي، فكان ذلك إيذاناً بانتهاء الدولة الفاطمية، وبداية عصر جديد، تمكن خلاله من القضاء على الفتن والمؤامرات التي اشتعلت لإعادة الحكم الفاطمي.
توسعت سلطة صلاح الدين في البلاد فامتدت من النوبة جنوباً وبرقة غرباً إلى بلاد الأرمن شمالاً وبلاد الجزيرة والموصل شرقاً.
بعد استقرار الأمور الداخلية التفت صلاح الدين إلى الحروب الصليبية وبدأ يسعى في تحضير جيش قوي من أجل القضاء عليها.
معاركه مع الصليبيين
سعى صلاح الدين بعد أن تأكد من قوة جبهته الداخلية وتماسكها من أجل تكوين جيش قوي يقوم من خلاله بالقضاء على الصليبيين في معركة حاسمة وذلك بدلاً من الغارات التي تشن من آن لآخر لإضعاف العدو، فقام بشن سلسلة من المعارك الناجحة على الصليبيين وسقطت العديد من المناطق في يده مثل قلعة طبرية، عكا، قيسارية، ونابلس، وأرسوف، ويافا وبيروت بالإضافة لبيت المقدس، وكانت معركة حطين واحدة من أنجح المعارك الحربية والتي وقعت في عام 583هـ حيث كللت رحلة الكفاح العسكرية لصلاح الدين بنجاح عظيم مازالت تتذكره كتب التاريخ.
استفز ملوك أوربا وأثار غضبهم انتصارات صلاح الدين وسيطرته على بيت المقدس فقرروا شن حملة عظيمة لاستعادة بيت المقدس من يد صلاح الدين والجيش الإسلامي وتجمع لذلك عدد من ملوك أوربا والذين أتى على رأسهم ملك إنجلترا ريتشارد قلب الأسد، بالإضافة إلى فيليب أوغسطس ملك فرنسا، وفريدريك بربروسا ملك ألمانيا، ولم تسفر هذه الحملة عن أي نجاح بالنسبة إلى ملوك أوربا حيث رجعوا إلى بلادهم يجرون أذيال الخيبة وتم عقد صلح الرملة بين الطرفين في عام 588هـ - 1192م .
أخلاق الفرسان
عرف صلاح الدين سواء في البلاد العربية أو الأوربية كمحارب شهم كريم الأخلاق أبي النفس، وعرف كمسلم مؤمن، وشخص متواضع، وكانت له العديد من المآثر الإنسانية التي تجلت فيها رقة قلبه ولم يكن قائداً مقاتلاً عنيداً قوي الشكيمة فقط بل كان مثقفاً يحب العلم ويشجع العلماء عمر المساجد وأصلح الري وبنى القلاع والأسوار في القاهرة ودمشق.
توفي صلاح الدين عام 1193 م بقلعة دمشق عن 57 عاما، توفى ولكن مازال التاريخ يتذكره كثيراً كواحد من أهم الشخصيات التاريخية التي كان لها بالغ الأثر في أحد العصور الإسلامية القديمة.
.................................................. ..........
ابن بطوطة شاهد على عجائب البلدان
ابن بطوطة هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن إبراهيم الطنجي، رحالة شهير لف معظم بلاد العالم وأتى بمغامرة من كل بلد منها، من منا لا يريد أن يكون مثل هذا الإنسان الرائع الذي قام بزيارة العديد من البلدان حيث تعرف على ثقافات متنوعة وعادات وتقاليد مختلفة منها الطبيعي ومنها الغريب، والأجمل من كونه قام بزيارة هذه البلدان هو قيامه بتسجيل ما رآه فيها في كتاب شهير قام بكتابته له ابن الجوزي هو الكتاب الذي يعرف باسم "رحلات ابن بطوطة"، حيث أصبح هذا الكتاب بعد ذلك دليلاً لكثير من المهتمين بالإطلاع على كل ما يتعلق بثقافات البلاد الأخرى.
قضي ابن بطوطة في رحلاته هذه حوالي ثلاثين عاماً تعرض فيهم للعديد من الأحداث، منها العديد من الأحداث التي تعرضت فيها حياته للخطر، ومن خلال كتابه قام بإعطاء وصف دقيق لكل ما صادفه في رحلته من أماكن وشخصيات ومعالم وأحداث وغيرها من الأمور الشيقة التي قام بتناولها.
النشأة
ولد ابن بطوطة في مدينة طنجة بالمغرب في عام 1304م، وقام بدراسة الشريعة وقرر وهو في الحادية والعشرين من عمره وذلك في عام 1325م أن يخرج لأداء فريضة الحج، وعزم أنه في أثناء رحلته هذه سوف يعمل على التوسع في دراسة الشريعة في بلاد العرب.
عشق ابن بطوطة السفر منذ الصغر ومما حببه به أكثر الكتب التي تداولها العرب والتي يوجد بها العديد من أخبار البلدان ومعالمها مثل كتاب "المسالك والممالك" لابن خرداذبة، و"مسالك الممالك " للأصطخري والتي تتناول البلدان من الناحية التاريخية والجغرافية.
وعرف العرب باهتمامهم بالرحلات ووصف البلاد التي قاموا بزياراتها وذلك من أجل معرفة المزيد من العلوم والمعارف ونقلها إلى العربية وكانت تفيد هذه الرحلات في نقل الثقافات والعادات المختلفة بين البلاد المختلفة بالإضافة للتعرف على شعوب جديدة.
إصرار وعزيمة
على الرغم من الأخطار والأهوال التي عرف ابن بطوطة أنه سوف يتعرض لها أثناء رحلته خاصة أنه سوف يتوجه إلى بلاد غريبة وسوف يدخل إليها لأول مرة إلا أن هذا لم يثني من عزيمته، فقرر بمنتهى العزم أن يبدأ رحلته ويكملها إلى نهايتها، فبدأ هذه الرحلة وحيداً ثم أنضم بعد ذلك لقافلة من التجار وواصل الرحلة هكذا، وكلما يمضي قدماً ينضم إليه آخرين.
في بداية رحلته وبالتحديد في مدينة بجاية تعرض ابن بطوطة للمرض وأصابه الضعف الشديد ولكنه أصر على مواصلة المسير مفضلاً الموت وهو متوجه لمكة للحج عن التخلف عن القافلة.
رحلاته
قام ابن بطوطة بثلاث رحلات خلال حياته بدأت الرحلة الأولى من المغرب وبالتحديد من طنجة وباتجاه شمال إفريقيا حتى الإسكندرية ومنها إلى دمياط فالقاهرة، ثم تابع سفره في النيل إلي أسوان فعيذاب على البحر الأحمر ومنها قام بالإبحار حتى وصل إلى جدة ، ثم عاد إلى القاهرة فدمشق عبر فلسطين، ثم سار إلى اللاذقية فحلب واتجه مع قافلة حجاج إلي مكة المكرمة، توجه بعد ذلك إلي العراق ثم فارس وحج للمرة الثانية ثم أنطلق من مكة إلى اليمن فالبحرين ومنها إلى مكة ورجع للقاهرة.
بدأت رحلة ابن بطوطة الثانية باتجاه الشمال فزار الشام ودخل أسيا الصغرى وبلغ سينوب على البحر الأسود ثم عبرها إلى جزيرة القرم وزار جنوب روسيا قبل أن ينتقل لأرض البلغار ومنها عاد إلى فارس ودخل أرض الهند، وفي الهند أقام سنوات في خدمة السلطان، ثم زار كل من سيلان وأندونيسيا وكانتون في الصين، وعاد من سومطرة إلى ظفار بحراً وانتقل برا إلى فلسطين، ثم رحل باتجاه بلاده عبر مصر فتونس وفي طريقه زار سردينا بحراً، وخلال زياراته لفاس عبر مضيق جبل طارق وزار الأندلس، وكانت الرحلة الثالثة إلى أعماق إفريقيا وحتى مالي ثم عاد إلى فارس بعد أن خاض الكثير من المشاق.
قام ابن بطوطة بوصف مفصل لكل ما صادفه في طريقه، وذكر جميع الأحداث التي مرت به فذكر الطريق والبلاد والقصور وأبواب المدن ومعالمها والأشخاص الذين مروا عليه والأحداث التي حدثت بينهم سواء تشاجر مع أحد أو تقابل مع أخر فأكرمه، حتى فترات مرضه ذكرها أيضاً ولم يغفل نقطة مهما كانت بساطتها، فلم يترك ابن بطوطة بلداً مر فيه إلا وصفه وذكر أهله وحكامه وعلمائه وقضاته.
مما قاله في وصف البلاد
يقول في وصفه لمدينة الإسكندرية "ثم وصلنا في أول جمادى الأولى إلى مدينة الإسكندرية حرسها الله، وهي الثغر المحروس والقطر المأنوس، العجيبة الشأن الأصيلة البنيان، بها ما شئت من تحسين وتحصين، ومآثر دنيا ودين، كرمت مغانيها ولطفت معانيها وجمعت بين الضخامة والإحكام مبانيها"
ولقد بهرته أيضاً مدينة القاهرة ووصفها قائلاً " أم المدن, سيدة الأرياف العريضة والأراضي المثمرة, لا حدود لمبانيها الكثيرة, لا نظير لجمالها وبهائها, ملتقى الرائح والغادي, سوق الضعيف والقوي... تمتد كموج البحر بما فيها من خلق بالكاد تسعهم..."
كما سحرته دمشق وقال عنها "تنوع ونفقات الأوقاف الدينية في دمشق تتجاوز كل حساب، هناك أوقاف للعاجزين عن الحج إلى مكة, ومنها تدفع نفقات من يخرجون للحج نيابة عنهم، وهناك أوقاف أخرى توفر أثواب الزفاف للعرائس اللائي تعجز عوائلهن عن شرائها, وأوقاف أخرى لعتق رقاب السجناء، وهناك أوقاف لعابري السبيل تدفع من ريعها أثمان طعامهم وكسائهم ونفقات سفرهم لبلدانهم، كما أن هناك أوقافاً لتحسين ورصف الدروب, لأن كل الدروب في دمشق لها أرصفة على جانبيها يمشي عليها الراجلون, أما الراكبون فيمضون في وسط الدرب."
ومما قاله فيما رأه في وصف الهند "ولما انصرفت عن هذا الشيخ رأيت الناس يهرعون من عسكرنا، ومعهم بعض أصحابنا فسألتهم ما الخبر فأخبروني أن كافراً من الهنود مات أججت النار لإحراقه ، وامرأته تحرق نفسها معه، ولما احترقا، جاء أصحابي واخبروا أنها عانقت الميت حتى احترقت معه"
وفي جزر المليبار قال "ومن عجائبها أن سلطانتها امرأة وهي خديجة بنت السلطان جلال الدين، وهم يكتبون الأوامر في سعف النخيل بحديدة معوجة تشبه السكين ولا يكتبون في الكاغد إلا المصاحف وكتب العلم ولما وصلت إليها نزلت بجزيرة كنلوس وكان غرضي أن أسافر منها إلى المعبر وسرنديب وبنجالة ثم إلى الصين "
توفى ابن بطوطة في مراكش، طبعت رحلته مراراً وهي باسم " تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" كما ترجمت فصول منها لعدد من اللغات الأجنبية. |