إني توكلت على الله ربي وربكم مالك كل شيء والمتصرف فيه, فلا يصيبني شيء إلا بأمره, وهو القادر على كل شيء, فليس من شيء يدِبُّ على هذه الأرض إلا والله مالكه, وهو في سلطانه وتصرفه. إن ربي على صراط مستقيم, أي عدل في قضائه وشرعه وأمره. يجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
فإن تُعرضوا عما أدعوكم إليه من توحيد الله وإخلاص العبادة له فقد أبلغتكم رسالة ربي إليكم, وقامت عليكم الحجة, وحيث لم تؤمنوا بالله فسيهلككم ويأتي بقوم آخرين يخلفونكم في دياركم وأموالكم, ويخلصون لله العبادة, ولا تضرونه شيئًا, إن ربي على كل شيء حفيظ, فهو الذي يحفظني من أن تنالوني بسوء.
وأُتبعوا في هذه الدنيا لعنة من الله وسخطًا منه يوم القيامة. ألا إن عادًا جحدوا ربهم وكذَّبوا رسله. ألا بُعْدًا وهلاكًا لعاد قوم هود; بسبب شركهم وكفرهم نعمة ربهم.
وأرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحًا, فقال لهم: يا قوم اعبدوا الله وحده ليس لكم من إله يستحق العبادة غيره جل وعلا، فأخلصوا له العبادة, هو الذي بدأ خَلْقكم من الأرض بخلق أبيكم آدم منها, وجعلكم عُمَّارا لها, فاسألوه أن يغفر لكم ذنوبكم, وارجعوا إليه بالتوبة النصوح. إن ربي قريب لمن أخلص له العبادة, ورغب إليه في التوبة, مجيب له إذا دعاه.
قالت ثمود لنبيِّهم صالح: لقد كنا نرجو أن تكون فينا سيدًا مطاعًا قبل هذا القول الذي قلته لنا, أتنهانا أن نعبد الآلهة التي كان يعبدها آباؤنا؟ وإننا لفي شكٍّ مريب مِن دعوتك لنا إلى عبادة الله وحده.
قال صالح لقومه: يا قوم أخبروني إن كنت على برهان من الله وآتاني منه النبوة والحكمة, فمن الذي يدفع عني عقاب الله تعالى إن عصيته فلم أبلِّغ الرسالة وأنصحْ لكم؟ فما تزيدونني غير تضليل وإبعاد عن الخير.
ويا قوم هذه ناقة الله جعلها لكم حجة وعلامة تدلُّ على صدقي فيما أدعوكم إليه, فاتركوها تأكل في أرض الله فليس عليكم رزقها, ولا تمسُّوها بعَقْر, فإنكم إن فعلتم ذلك يأخذكم من الله عذاب قريب من عَقْرها.
فلما جاء أمرنا بهلاك ثمود نجينا صالحًا والذين آمنوا معه من الهلاك برحمة منا, ونجيناهم من هوان ذلك اليوم وذلَّته. إن ربك -أيها الرسول- هو القوي العزيز, ومِن قوته وعزته أن أهلك الأمم الطاغية, ونجَّى الرسل وأتباعهم.
ولقد جاءت الملائكة إبراهيم يبشرونه هو وزوجته بإسحاق, ويعقوبَ بعده, فقالوا: سلامًا, قال ردًّا على تحيتهم: سلام, فذهب سريعًا وجاءهم بعجل سمين مشويٍّ ليأكلوا منه.
فلما رأى إبراهيم أيديهم لا تَصِل إلى العجل الذي أتاهم به ولا يأكلون منه, أنكر ذلك منهم, وأحس في نفسه خيفة وأضمرها, قالت الملائكة -لما رأت ما بإبراهيم من الخوف-: لا تَخَفْ إنا ملائكة ربك أُرسلنا إلى قوم لوط لإهلاكهم.