ظنن تظنن من الظناني ظنونه !! - نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم

هلالي من ارض اليمن · #1 23/02/2009, 12:57 PM

كان الشيخ عبدالحميد كشك يردد دوما في كل محاضراته :

( البر لا يبلى .. والذنب لا ينسى .. والديان لا يموت .. أفعل ما شئت .. كما تدين تدان )

رحمك الله شيخنا الجليل

قال الفيلسوف الفرنسي ( ديكارت ) ذات يوم : " انا اشك اذا انا موجود " !!

ولقد افادت بعض الدراسات العربيه المعنية بالفلسفة والتي تناولت هذه المقولة الشهيرة بان قائلها تمكن بواسطتها من التوصل الى أثبات وجود الله !! ولكن في عصرنا الحالي يستخدم العامة من الناس هذه المقولة كمبرر يمكنهم النيل من الآخرين والاساءة لهم !!

في مكان ما من الشارع :

الأول : انظر .. انها تعود الساعة ( 2 ) بعد منتصف الليل !!!
الثاني : وماذا في الأمر ؟
الأول : تعود الساعة ( 2 ) وتقول ماذا في الأمر ! أتظن اننا في اوروبا !
الثاني : وماذا تريدنا ان نفعل ؟
الأول : يجب ان نضع حد لهذه المهزلة التي تحدث بالقرب منا ؟
الثاني : ليس لنا علاقة بهذه الفتاه فهي لا تمت لأحدنا بصلة ؟
الأول : من قال لك انها لا تمت الينا بصلة ! اليست تسكن الشارع الذي نسكنه ؟
الثاني : وهل نحن مسؤولين عن الشارع ومن يقطنه ؟
الأول : نعم .. ان للشارع وأهله سمعه .. وهذه المرأة تهيننا بتجاوزاتها ،،،
الثاني : لا يظهر على سلوكها أو ملامحها ما يشينها ويشيننا معها ،،،
الأول : وهل بعد العودة الى المنزل بعد منتصف الليل من عيب ؟!
الثاني : لعل هنالك ظرف دعاها للخروج والعودة في هذا الوقت ،،،
الأول : وما هو الظرف الذي يجعلها تعود في هذا الوقت المتأخر ؟
الثاني : اتبعها وأسألها فلست المتحدث بأسمها ..
الأول : نعم سوف أسألها ولن اسمح لهذه " الساقطة " ان تمارس حياتها بحرية بيننا ..
الثاني : هكذا جعلتها " ساقطة " !! اتق الله أنك تخوض في شرف امرأة ،،،
الأول : كيف تدعي لها الشرف وهي تعود الساعة ( 2 ) بعد منتصف الليل بمفردها ؟!!

في " مكان " من مكان ما بالشارع :

الأم : يا بنيتي .. لقد ذهب ماء وجهي من عودتك المتأخرة يوميا بعد منتصف الليل .. وبدأت استمع الى عبارات تنال منك ومني من الجيران وسكان الشارع ،،،
الفتاه : أمي اني منهكة .. هل تفضلتي علي بدعوة يفرج الله بها همنا ،،،
الأم : يا بنيتي ليس للفتاه سوى سمعتها ،،،
الفتاه : أمي .. ما بك تحدثينني وكانك لا تعلمين انني اتيت من عملي بالمستشفى !!
الأم : أعلم يا بنيتي ولكنهم لا يعلمون !!
الفتاه : من الذي لا يعلمون ؟
الأم : جيراننا وكذلك سكان الشارع الذي نقطن به ،،،
الفتاه : لا يعلمون انه لا يوجد لدينا من يعيلنا !! هم يعلمون كل شئ .. ولكنهم في فعل الخير يتجاهلون وفي أعراض الآخرين يخوضون ،،،
الأم : وكيف السبيل يا بنيتي ؟؟
الفتاه : غدا سوف يستحق الإيجار .. لا أعتقد ان سكان العمارة والشارع قد أجتمعوا واتفقوا على ان يدفعوا قيمة الإيجار لمن هن في حاجة مثلنا ،،،

اصبح الكثيرين من الناس لا يتورعون ان ينالوا في مجالسهم واحاديثهم وغمزهم ولمزهم الخوض في اخلاقيات الناس وسلوكهم بدون وجه حق او قليل من ضمير وجعلوا من انفسهم قضاة على مالا تراه الأعين وما تخفي الصدور !!

نسمع او نقرأ او نرى ( نماذج ) لفتيات يذهبن للدراسه بالخارج فيصاغ حولهن الكثير من القصص التي تستهدف اخلاقهن وسمعتهن وكذلك الحال عن فتيات يذهبن للعمل سواء عن حاجة او عن كفائه فتكثر الاشاعات التي ترغب بالنيل منهن وكذلك الحال ايضا عن فتيات القت بهن الظروف للعمل في خارج حدود الوطن ولأجل ذلك نصبت لأجلهن المشانق من حبال جيدة الصنع !! وكذلك الحال في أمور عديدة تنال من النساء والرجال ايضا ولكن يبقى أثر ( جرائم سوء الظن ) عظيما لدى شقائق الرجال ،،،

اذا ما اتخذنا جريمة الزنا ( كقياس ) وما يرتبط بها من شهود وشروط تكاد ان تكون صعبة المنال بل تكاد ان تكون مستحيلة !! فجميع الحوادث التي ارتبطت بتطبيق هذه الشريعه في تراثنا الاسلامي وربما حتى تاريخنا المعاصر كانت من خلال اشخاص تقدموا لتطهير انفسهم من هذا الذنب .. فما الحكمة من تشريع الله لتلك الشروط التعجيزية التي ارتبطت بهذه الجريمة طالما لا يمكن تطبيقها ؟

قرأت ذات يوم تفسير لطيف يظهر عظمة هذا الدين الرباني وسمو تشريعاته وأحترامه لمكانة الأنسان .. حيث تطرق الى المسألة التعجيزية في التطبيق بالقول : ان الاسلام اراد ان يعلمنا عظيم حرمة الخوض في شرف الناس واخلاقهم .. فاذا ما كانت جريمة الزنا ذنب عظيم فان قذف الناس والنيل من اخلاقهم دون توفر الشروط الشرعيه واستيفائها والتي يستحيل تطبيقها ذنب عظيم ايضا يستوجب تطبيق العقوبات الشرعية على من يجرؤ بالتطاول على الآخرين !!

بينما انا بين هذه السطور وجدت نفسي امام التساؤل التالي : اذا ما تشبثنا بشكل مطلق بالقاعدة الفقهية القائمه على درء المفاسد .. وفرضنا ما يردده البعض عطفا على رؤيتهم ان اصل البلاء هي المرأة .. واعتبرنا ان المرأة ليست سوى كائن وظيفته ( إثارة الغرائز ) .. فكيف يمكن مواجهة حالات عديدة تجد المراة نفسها تفقد عائلها وضاقت السبل ان يكفلها احد اقربائها ولم تجد معينا يكفيها حاجتها من مؤسسات المجتمع .. فان وافقت افكار صوت عال بالمجتمع يؤمن انها خلقت بين الجدران الاربعة ( هلكت ) وان وافقت حاجتها في حياة كريمه من صنيع مجهودها ( قذفت ) !! وفي الختام هي تعيش المعاناه ونحن نتحدث من وسع !!

في حياتنا تساهلنا كثيرا في أصدار أحكامنا تجاه الآخرين من الرجال والنساء على حد سواء واصبحت القاعدة في نفوس العامة منا هي سوء الظن بالرغم ان الاصل في الانسان المسلم السوي حسن الظن في الله وعباد الله .. واصبح النيل من اخلاق الناس وقيمهم وسلوكياتهم يتم كما نلوك اللبان في افواهنا !! نعترض دون ان نمنح البديل .. نتهم بدون أدلة مثبته .. نعيب على الناس ضعفهم دون ان نمد لهم يد المساعدة .. أصبحت القاعدة انت مذنب حتى تثبت برائتك بينما الأصل في الأنسان البراءة المطلقة ،،،

قال نبي الرحمة المهداة عليه الصلاة والسلام :

.. ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ) ..

ودمتـم فـي خيـر