المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى الثقافة الإسلامية
   

منتدى الثقافة الإسلامية لتناول المواضيع والقضايا الإسلامية الهامة والجوانب الدينية

إضافة رد
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 29/02/2004, 01:38 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
من يحب الله فاليدخل ؟؟؟؟

(باب الحب في الله ومن الله)
عن ابي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن الله إذا احب عبداًً دعا جبريل فقال: إني احب فلاناً فأحبه، قال فيحبه جبريل . ثم ينادى في السماء فيقول : أن الله يحب فلانا ًًفأحبوه، فيحبه اهل السماء .ثم يوضع له القبول في الارض. واذا أبغض عبد دعا جبريل فيقول : إني أبغض فلاناً فأبغضه ،قال فيبغضه جبريل .ثم ينادى في أهل السماء .ان الله يبغض فلاناً فأبغضوه ،قال فيبغضونه. ثم يوضع له البغضاء في الارض)) رواه مسلم
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29/02/2004, 01:57 PM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 06/08/2002
المكان: الدمام
مشاركات: 1,845
جزاك الله خير
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29/02/2004, 04:46 PM
زعيــم متواصــل
تاريخ التسجيل: 13/07/2003
المكان: السعودية - الرياض
مشاركات: 189
</u></center>
[ALIGN=CENTER]





السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اخي الفاضل srabالهلال حضرت وافدت فبارك الله لك وسدد خطاك دنيا لتفوز في الآخره، نسأل الله ان يكتب لك آجر ذلك اللهم امين. فالحديث كما تفضلت رواه مسلم وكذلك البخاري ومالك والترمذي.

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابة الكريم : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 1 ) - فعن أبي الدرداء رضوان الله عليه قال: مامن رجلين تحابا في الله بظهر الغيب إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حبا لصاحبه. ( 2 ) - وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أحب رجلا لله فقد أحبه الله. فدخلا جميعا الجنة، وكان الذي أحب لله أرفع منزلة، ألحق الذي أحبه لله. ( 3 )


وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الرسل محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


مع فائق احترامنا لشخصكم الكريم - الشمري[/ALIGN]


</normalfont></normalfont></normalfont></normalfont></normalfont></normalfont>



( 1 ) سورة ال عمران اية رقم 31
( 2 ) رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح، غير المعافى بن سليمان وهو ثقة
( 3 ) رواه الطبراني والبزار بنحوه بإسناد حسن
اضافة رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29/02/2004, 05:35 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
(اخواني smk20smk والشمري بارك الله فيكما وفي علمكما وجزاكما الجنه

هناكحديثشريف
عن انس أن رجلاً قال:يارسول الله ، متى الساعة ؟ قال((ويلك،وماأعددتلها))
قال: ما أعددت لها إلا أني أحب الله ورسوله، قال ((أنت مع من أحببت)) .
قال أنس : فما رايت المسلمين فرحوا بشيء بعد الاسلام فرحهم بها. متفق عليه

اخر تعديل كان بواسطة » srabالهلال في يوم » 29/02/2004 عند الساعة » 06:39 PM
اضافة رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01/03/2004, 11:24 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
[ALIGN=CENTER]عن عائشة قالت: [/ALIGN]
قالرسولاللهصلىاللهعليهوسلم(الارواحجنودمجندة:فماتعارفمنهاائتلف،وماتناكراختلف))
رواه البخاري
اضافة رد مع اقتباس
  #6  
قديم 03/03/2004, 01:31 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
محبة الله

قراءة القرآن بتدبرٍ مع الفهم لمعانيه والتعقل لأسراره وحكمه، ولهذا فإن رجلاً من أصحاب نبينا استجلب محبة الله بتلاوة صورة الإخلاص, فظلّ يرددها في صلواته، فلما سُئل عن ذلك قال: إنها صفة الرحمن, وأنا أحبُ أن أقرأها، فقال النبي : ((فأخبروه أن الله يحبه)) رواه البخاري

قال الإمام ابن القيم رحمه الله عن هذه المحبة العظيمة: "هي المنزلة التي فيها تنافس المتنافسون، وإليها شخص الآملون, وإلى أملها شمّر السابقون, وعليها تفان المحبون، وبروح نسيمها تروح العابدون، وهي قوت القلوب وغذاء الأرواح وقرة العيون، وهي الحياة التي من حُرمها فهو في جملة الأموات، والنور الذي من فقده فهو بحار الظلمات، والشفاءُ الذي من عدمه حلّت بقلبه جميع الأسقام، واللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام، تالله لقد ذهب أهلها بشرف الدنيا والآخرة؛ إذ لهم من معرفة محبوبهم أوفر نصيبٍ" انتهى من كلامه رحمه الله.
اضافة رد مع اقتباس
  #7  
قديم 03/03/2004, 02:01 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
أسباب انشراح الصدر

معنى انشراح الصدر : شرح الصدر أي: اتساعه و انبساطه و انفتاحه

ذكر ابن القيم في كتابه القيم ( زاد المعاد في هدي خير العباد ) أسباباً لانشراح الصدر وهي:

1 - التوحيد: فالهدى و التوحيد من أعظم أسباب شرح الصدر ، و الشرك و الضلال من أعظم أسباب ضيق الصدر و انحراجه.

2 - الإيمان : فنور الإيمان الذي يقذفه الله في قلب العبد يشرح الصدر و يوسعه و يفرح القلب.

3 - العلم ( الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم): فإنه يشرح الصدر و يوسعه حتى يكون أوسع من الدنيا ، والجهل يورثه الضيق و الحصر و الحبس.

4 - الإنابة إلى الله سبحانه و تعالى و محبته بكل القلب و الإقبال عليه و التنعم بعبادته.

5 - دوام ذكر الله على كل حال و في كل موطن.

6 - الإحسان إلى الخلق و نفعهم بما يمكنه من المال و الجاه و البدن و أنواع الإحسان.

7 - الشجاعة.

8 - إخراج دغل القلب من الصفات المذمومة التي توجب ضيقه و عذابه و تحول بينه و بين حصول البرء.

9 - ترك فضول النظر و الكلام و الاستماع و المخالطة و الأكل و النوم.

-------------------------------------------------------

للاستزادة يراجع كتاب ( زاد المعاد في هدي خير لعباد ) - فصل في اسباب شرح الصدور و حصولها على الكمال له صلى الله عليه وسلم - .
اضافة رد مع اقتباس
  #8  
قديم 05/03/2004, 07:56 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
حياة أوقفت لله
الشيخ عبدالوهاب الطريري


الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وعلمنا الحكمة والقرآن، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس، وألبسنا لباس التقوى خير لباس.
الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضاه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، لا ربَ غيرُه ولا معبودَ بحقٍ سواه.
و أشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته واهتدى بهداه.
أما بعد أيها الناس اتقوا الله حق التقوى..
أيها المؤمنون بالله ولقائه وبالرسول ورسالاته، أيها الأخوة المتحابون بجلال الله.
إن رسالاتِ اللهِ إلى أهلِ الأرض، والدينَ الذي اختاره اللهُ لهم هو أثمنُ هبةٍ للبشرِ واعظمُ منةٍ عليهم، خيرةُ اللهِ للإنسانِ منهاجَ حياته، وطريقَه الموصلَ إلى جنته، هو النعمةُ التامةُ والفضلُ المبين.
( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً )(المائدة)
أي نعمةٍ أعظمُ و أتمُ من أن تتنزلَ ملائكةُ الله بكلمات الله على رسول الله لتقول للإنسان هذا طريقُك إلى الله.
(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(الأنعام)
إن هذا العطاءَ الإلهيَ والهبةَ الربانيةَ منةٌ تستشعرُ نفوسُ المؤمنين كِبرَ نعمةِ الله بها عليهم، فتتضاءلُ النفسُ أن تكونَ ثمناً لهذه النعمة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان –فذكر منهن- وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار).
ولذا حفلت مسيرة المؤمنين في التاريخ بصور من عطاء الحياة بسخاوة نفس ثمنا لهذا الدين.
ثمنا لعطاء الله من الهداية.
ثمنا لنعمة الله بالنور المبين.
أعطيت الحياة بسخاوة نفس يوم كان ثمنها هذه العقيدة وهذه الرسالة وهذه المنة الإلهية، يوم كان ثمنها خيرة الله للإنسان طريق حياته ومنهاجه وثمنها الجنة ورضاء الله.
أستمع إلى سحرة فرعون يتقبلون وعيده وهو يقول:
( فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى)(طـه:71)
فماذا كان الجواب على هذا التهديد ؟
بل كيف استقبل هذا الوعيد وقد وصل فيه فرعون إلى كل ما يستطيعه من تنكيل ؟
أستمع إلى ثبات المؤمن المستشعر عظم المنة بالهداية المنتظر من الله فضلا تحتقر له الحياة كلها.
أستمع إلى جواب السحرة وهم يقدمون للدين أرواحهم بسخاوة نفس:
(قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) (طـه:72)
نعم ما أصغر الحياة وما أهون الحياة الدنيا حين تكون ثمنا للإيمان بالله عز وجل، وإن عذابها مهما اشتد ونكالها مهما كاد وبطش أيسر من أن يخشاه قلب موصول بالله عز وجل ينتظر ثوابه وينتظر مغفرته وينتظر رضاه وجنته:
(إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (طـه:73)
أيها الأحباب إنه الإيمان، إنه الإيمان إذا خالطت بشاشتُه القلوب، استحكَم الولاءُ له، وكان العطاءُ للدينِ سخياً، كان العطاءُ للدينِ سخيا غايةَ السخاء، لأنه معاملةٌ مع كريمٍ، وتلقٍِ لمننٍ من إله عظيم..
آيها المؤمنون بالله رب وبمحمد (صلى الله عليه وسلم) نبيا، وبرسالته الإسلام دينا.
إذا كانت الحياةُ تقدمُ فداءً للدين، وثمناً للدين فهيَ كذلك تسخرُ لخدمةِ الدين، تسخرُ للعطاءِ للدين، إذا كلُ ما فيها لله، وإذا هيَ حياةُ أوقفت كلٌها لله.
يقول نوح وهو يخاطب ربه:(قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً) (نوح:5)
إنه الجهدُ الدائمُ الذي لا ينقطعُ ولا يمَلُ، ولا يفترُ ولا ييئسُ أمامَ الأعراضِ، ألفَ سنةٍ إلا خمسين عاما.
(قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً)
ثم يقولُ: ( ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً* ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً) (نوح:9)
الله أكبر.
ماذا بقيَ من حياةِ نبيَ اللهِ نوح لم يسخَر لدعوته ولم يبذَل لرسالتِه ؟
الليلُ والنهار، الجهر والإسرار كلُها لله، حياةُ أوقِفَت كلُها لله.

ثم سرح طرفك في مسيرة أنبياء الله ورسله :
لتقف أمام نبي الله يوسف السجين الغريب الطريد الشريد الذي يعاني ألم الغربة وقهر السجن وشجى الفراق وعذاب الظلم، في هذا كله وبين هذا كله في زنزانة السجن يسأله صاحبا السجن عن تعبير الرؤيا .
فلا يدع نبي الله يوسف الفرصة تفلت منه.
لا تنسيه مرارة المعاناة القاسية واجب العمل لله والعطاء لدينه فإذا به يحول السجن إلى مدرسة للدعوة.
ويرى أن كونه سجينا لا يعفيه أبدا من تصحيح الأوضاع الفاسدة والعقائد الفاسدة فإذا به ينادي في السجن:
(يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (يوسف:39)
عذاب السجن وألم الغربة وقهر الظلم كل ذلك لم يذهل ولم يدهشه ولم ينسه واجب الدعوة.
لأن العمل للدين رسالة في الحياة لا يمكن التحلل منها بحال.
وهكذا تسير ركاب المؤمنين برسالات الله، لا تدع فرصة للعمل للدين تفلت ولا فرصة للعطاء للدين تضيع.
كل عطاء يقدم مهما كان قليل.
وكل جهد يبذل مهما كان يسيرا.
وكل فرصة تلوح للعمل للدين لا يمكن أن تفلت من يدي مؤمن بالعمل لهذا الدين.

هذه أسماءُ بنتُ أبي بكرٍ رضي اللهُ عنهما لما جهزت رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) و أبا بكرٍ جهازهما للهجرة.
جمعت سفرةَ رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم) التي فيها طعامُه، والسقاءَ الذي فيه شرابُه، ثم جاءت لتحملَهما فلم تجد ما تربطُ به السفرةَ والسقاء، فعمدَت إلى نطاقِها فشقته نصفين فربطت بأحدهما السفرةَ وبالأخرِ السقاء.
امرأةُ تأبى إلا أن تقدم للدين، وتعطيَ للدين ولو كانت لا تملكُ إلا نطاقها فليكن عطاؤُها هذا النطاق، وإذا لم يكن النطاقُ كافيا فليشقَ النطاقُ نصفين.
وترحلَت الأيامُ تُعطرُ سني التاريخِ بخبرِ أسماء، وتحملُ صفحاتُ التاريخ هذاِ الخبرَ، ومعهُ تشريفُ أسماء وتلقيبُها بذاتِ النطاقين، إن هذا اللقبَ يعبرُ عن العطاء للدين الذي لا يدعُ فرصةً تفلتَ دون أن يقدَم لدين مهما كان هذا العطاءُ قليلاً فهو الجهدُ وهو الطاقة.
ثم سر قليلا لترى الرجل الكفيف الأعمى عبد الله أبن أم مكتوم رضي الله عنه مؤذن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي عذره الله في قرأنه: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ )(النور 61).
لم يرى أنه يسعه أن يدع فيها فرصة يخدم فيها الدين تفلت منه، ولتكن هناك في مواقع القتال وقعقعة السيوف وطعن الرماح وإراقة الدماء، ليكن له موقع ثم..
فيصحب كتائب المسلمين ويطلب أن توكل إليه المهمة التي تناسبه وتليق به:
(إني رجل أعمى لا أفر، فادفعوا إلى الراية أمسك بها).
يأبى إلا أن يشارك بنفسه على أي صورة كانت هذه المشاركة ممكنة.
حتى إذا كان يوم القادسية كان هو حامل الراية للمسلمين، الممسك بها أعمى ضرير يرى أن في عماه مؤهل لحمل الراية:
(إني رجل أعمى لا أفر).
وتحمل كتب التاريخ أنباء عبد الله أبن أم مكتوم وأنه كان أحد شهداء القاسية يوم غشيته الرماح فلم تصادف فرارا ولا موليا ولا معطي دبره في قتال.

إن معنى العطاء لهذا الدين كان أمرا تشرب به نفوس الصحابة مذ أن تبسط أيديهم إلى كف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مبايعة على الإسلام.
هذا ضمام أبن ثعلبة رضي الله عنه
يأتي إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقف يسأله عن شهادة لا إله إلا الله.
وأن محمدا رسول الله.
وأقام الصلاة.
وإيتاء الزكاة.
وصوم رمضان.
وحج بيت الله الحرام.
حتى إذا عرفها أمن بها ثم رفع أصابعه الخمس قائلا:
( يا رسول الله والله لا أزيد على هذه ولا أنقص).
لكنه لا يرى ولا يُرى أن العمل للدين داخل في ما تحلل منه.
ولكنه رآه داخل في وجب عليه فإذا به ينقلب إلى قومه داعيا إلى الله يقول لهم:
(يا قوم بئست اللات، بئست العزى).
فيضل بين ظهرانيهم حتى لا يبقى بيت من بيوتهم إلا دخله الإسلام، فيقول عمر رضي الله عنه:
(ما رأينا قادما على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان أيمن من ضمام أبن ثعلبه).

إن وضوح هذا المعنى للصحابة هو الذي دفع كتائبهم فانداحت بها الأرض فإذا مائة سنة تشهد أعظم إنجاز يتحقق على الأرض يوم طوي بساط المشرق إلى الصين، وبساط المغرب إلى المحيط الأطلسي تفتحه كتائب الصحابة والتابعين.
ما كان هذا الإنجاز ليتحقق إلا على أيدي الرجال الذين يعلنون في كل موقعة قائلين:
(أن الله إبتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد).
لم يكن هذا الإنجاز ليتحقق إلا على أيدي رجا أوقفت حياتهم كلها لله.
أمة الإسلام، أتباع محمد (صلى الله عليه وسلم):
إن هذا المعنى العظيم معنى العطاء للدين والبذل له وتسخير الحياة من أجله حتى إذا الحياةُ كلُها، بليلِها ونهارِها، وإذا النفسُ بمشاعِرها ووجدانها وبكلِ طاقاتِها سخرةُ لهذا الدين.
هذا المعنى توارى أو خفتَ في نفوسِ كثيرٍ من المسلمين، بل ضعف في نفوس الشباب المتدين ذاته.
إنا نقلب الطرفَ فتقرُ العينُ وتبتهجُ النفسُ، برُؤيةِ الوجوه العريضة الملحية للشباب الواعد من شباب الصحوة.
إذ هيَ جموعُ تضيقُ بها المحافل.
وتكتظُ بها المساجد، وتتزين بها وتتزي ردهات الجامعات.
جموع أصبحت تواري التائهين، وتحجب الرؤيا عن الشاردين، فإذا هم الواجهة كثرة ووجودا وحضورا.
لكن هل يتناسبُ هذا العدد مع العطاء المنتظر؟
إن عدد شباب الصحوة الدافق المائج لا يتناسب مع ما ينتظر من عطاء.
لو أن كل نفس أشربت هذا المعنى وسخرت للدين هذا التسخير.
إن هذا المعنى أمر ينبغي أن يذكى في القلوب ويوقد في النفوس وتشحذ له العزائم وتسخر له الطاقات.
يبدأ من توتر القلب لهذا الدين.
توتر القلب وانفعاله وتوهج العاطفة وتلظيها ابتهاجا لكل خطوة إلى الأمام يتقدمها أهل الخير.
ويعتصر ألما وحرقة يوم يرى أي صورة من صور حجب الدين أو المضايقة لأهله أو المزاحمة لدعاته أو التضييق على الكلمة الهادفة أو حجب الكلمة الناصحة.
يتلظى القلب وتشتعل النفس ويلتهب الوجدان تفاعلا مع مصاب الأمة في الكلمة الهادئة يوم يراد لها الحجاب والإطفاء.
فما مدى التفاعل مع الكلمة والدعوة والدعاة والغيرة لهم؟
نحن والله نعيش منة الله علينا بالهداية بدعوة دعاة مخلصين سخروا ليلهم ونهارهم وزاحموا ساعات حياتهم عطاء للدين، فما مدى امتناننا لله بهذه النعمة ؟
ثم شكرنا لمن أهدانا الهداية وبذل الكلمة والوقت والنفس دعوة وجهادا ومجاهدة.
ما حال القلوب، ما حال النفوس تعاطفا مع الكلمة عندما يراد لها أن تطفأ أو تخبو ؟
إن الغيرة على رسالة الله وعلى أنبياء الله منسحبة إلى ورثة أنبياء الله الذين يرثون عن الأنبياء علمهم ودورهم في الأمة، فهل أوقد في القلوب الحماس والتعاطف والتواصل والتوهج مع الدعوة والدعاة ؟
والتوتر المنفعل مع قضايا الدعوة وآلام الدعاة؟
إن القلوب ينبغي أن لا تشح بمشاعرها.
والعيون لا تبخل بدموعها وأن تقدّر أن مصابها في الدعاة وكلمتهم مصاب لقداسة الأمة في الصميم.
أيها الأحباب:
أين العطاءُ للدين في حياتنِا ؟
أين العطاء للدين، هل يعيشُ كلُ منا همَ العطاءِ للدين فإذا به يحاول جهده أن يكون مؤثرا على قطاعا يقل أو يكثر يصغر أو يكبر في المجتمع ؟
هل يسألُ كلُ منا نفسَهُ إذا غربَت شمسُ كلِ يوم، هل غرَبت وقد قدم لدينه شيئاً في ذلك اليوم ؟
هل العطاءُ للدين همُ جاثمُ في القلوب يحركُها إلا أن تعطي، يبعثُها إلا أن تُقدم ؟
لنتساءل بالتفصيل:
هل اشتريت كتابا فأبى عليك حس الدعوة إلا أن تشتري بدل النسخة نسخا لنفسك منها واحدة وللدعوة أخر؟
هل استمعت إلى شريط فلما أعجبك حملك حب الهداية إلى أن تهديه إلى غيرك ؟
هل وجدت نفسك تحف وترف لجمع التبرعات لمساعدة الأنشطة الإسلامية والجهد الهادف والدعوة الخيرة ؟
هل تفكرت في نفسك فرأيت أن من الواجب عليك أن تكفي الأمة مجتمعك، فإن عجزت فحيك، فإن قصرت فبيتك ؟
هل وجدت أنه ينبغي أن يكون لك حضور لا يفقد في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟
فاتضحت لك المشاركة والوجود.

أيها الأحباب:
إن الطاقة موجودة تحتاج إلى توظيف.
إن الطاقات كامنة تحتاج إلى تشغيل.
وصدق النية أيضا موجود، ولكن نحتاج إلى عزيمة وهمل يخرج للوجود.
إن أعظم مؤسسة نشر قد تنشر من كتيب أو كتاب مائة ألغ نسخة وإن شئت فقل مائتا ألف..
لكن لو قام كل متدين يعلم أنه يتحمل مسؤولية بلاغ رسالات الله بنشر الكتاب الموجه والشريط الهادف فأي طاقة نملكها في النشر ؟ وأي جهد يقدم للدعوة من خلال ذلك ؟
إننا سنجد أنفسنا أمام عملية نشر واسعة لا نظير لها توقظ الأمة من رقاد تفيقها من غفلة.
بل تبعثها من ممات وتحركها من همود..

أيها الأحباب:
إن واجبنا ن نتفقد أنفسنا ما مدى العزيمة على العطاء في نفوسنا ؟
ما مقدار الهم للعمل للدين في قلوبنا ؟
ثم نحول ذلك إلى برنامج عملي في حياتنا.
برنامج يومي يعيشه كل منا في يومه وهو أن يكون ذا عطاء لهذا الدين.
لقد مرِضَ المسلمون اليومَ بالتدينِ السلبيِ الجامدِ الهامد الذي لا يقدمُ ولا ينفعُ ولا يحرك،
إننا اليوم أمام خير لا خيار لنا غيره؛
وهو أن نقدم لديننا وأن نعيش له حتى نلقى الله وقد قدمنا شيئا لهذا الدين.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


اخر تعديل كان بواسطة » srabالهلال في يوم » 05/03/2004 عند الساعة » 02:49 PM
اضافة رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10/03/2004, 10:38 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
‏حدثنا ‏ ‏حجاج ‏ ‏حدثنا ‏ ‏همام ‏ ‏حدثنا ‏ ‏قتادة ‏ ‏عن ‏ ‏أنس ‏ ‏عن ‏ ‏عبادة بن الصامت ‏
‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ قالمنأحبلقاءاللهأحباللهلقاءهومنكرهلقاءاللهكرهاللهلقاءهقالت ‏ ‏عائشة ‏ ‏أو بعض أزواجه إنا لنكره الموت قال ليس ذاك ولكن المؤمنإذاحضرهالموتبشربرضواناللهوكرامتهفليسشيءأحبإليهمماأمامهفأحبلقاءاللهوأحباللهلقاءهوإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته فليس شيء أكره إليه مما أمامه كره لقاء الله وكره الله لقاءه ‏
‏اختصره ‏ ‏أبو داود ‏ ‏وعمرو ‏ ‏عن ‏ ‏شعبة ‏ ‏وقال ‏ ‏سعيد ‏ ‏عن ‏ ‏قتادة ‏ ‏عن ‏ ‏زرارة ‏ ‏عن ‏ ‏سعد ‏ ‏عن ‏ ‏عائشة ‏ ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏
‏قوله : ( عن عبادة بن الصامت ) ‏
‏قد رواه حميد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بغير واسطة أخرجه أحمد والنسائي والبزار من طريقه . وذكر البزار أنه تفرد به فإن أراد مطلقا وردت عليه رواية قتادة وإن أراد بقيد كونه جعله من مسند أنس سلم . ‏

‏قوله ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ) ‏
‏قال الكرماني : ليس الشرط سببا للجزاء بل الأمر بالعكس ولكنه على تأويل الخبر أي من أحب لقاء الله أخبره بأن أحب لقاءه وكذا الكراهة وقال غيره فيما نقله ابن عبد البر وغيره " من " هنا خبرية وليست شرطية فليس معناه أن سبب حب الله لقاء العبد حب العبد لقاءه ولا الكراهة ولكنه صفة حال الطائفتين في أنفسهم عند ربهم والتقدير من أحب لقاء الله فهو الذي أحب الله لقاءه وكذا الكراهة . قلت : ولا حاجة إلى دعوى نفي الشرطية فسيأتي في التوحيد من حديث أبي هريرة رفعه " قال الله عز وجل إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه " الحديث فيعين أن " من " في حديث الباب شرطية وتأويلها ما سبق وفي قوله " أحب الله لقاءه " العدول عن الضمير إلى الظاهر تفخيما وتعظيما ودفعا لتوهم عود الضمير على الموصول لئلا يتحد في الصورة المبتدأ والخبر ففيه إصلاح اللفظ لتصحيح المعنى وأيضا فعود الضمير على المضاف إليه قليل . وقرأت بخط ابن الصائغ في " شرح المشارق " يحتمل أن يكون لقاء الله مضافا للمفعول فأقامه مقام الفاعل ولقاءه إما مضاف للمفعول أو للفاعل الضمير أو للموصول لأن الجواب إذا كان شرطا فالأولى أن يكون فيه ضمير نعم هو موجود هنا ولكن تقديرا . ‏

‏قوله ( ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ) ‏
‏قال المازري : من قضى الله بموته لا بد أن يموت وإن كان كارها للقاء الله ولو كره الله موته لما مات فيحمل الحديث على كراهته سبحانه وتعالى الغفران له وإرادته لإبعاده من رحمته . قلت : ولا اختصاص لهذا البحث بهذا الشق فإنه يأتي مثله في الشق الأول كأن يقال مثلا من قضى الله بامتداد حياته لا يموت ولو كان محبا للموت إلخ . ‏

‏قوله ( قالت عائشة أو بعض أزواجه ) ‏
‏كذا في هذه الرواية بالشك وجزم سعد بن هشام في روايته عن عائشة بأنها هي التي قالت ذلك ولم يتردد وهذه الزيادة في هذا الحديث لا تظهر صريحا هل هي من كلام عبادة والمعنى أنه سمع الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم وسمع مراجعة عائشة أو من كلام أنس بأن يكون حضر ذلك فقد وقع في رواية حميد التي أشرت إليها بلفظ " فقلنا يا رسول الله " فيكون أسند القول إلى جماعة وإن كان المباشر له واحدا وهي عائشة وكذا وقع في رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى التي أشرت إليها وفيها " فأكب القوم يبكون وقالوا : إنا نكره الموت قال : ليس ذلك " ولابن أبي شيبة من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة نحو حديث الباب وفيه " قيل يا رسول الله ما منا من أحد إلا وهو يكره الموت فقال : إذا كان ذلك كشف له " ويحتمل أيضا أن يكون من كلام قتادة أرسله في رواية همام ووصله في رواية سعيد بن أبي عروبة عنه عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة فيكون في رواية همام إدراج وهذا أرجح في نظري فقد أخرجه مسلم عن هداب بن خالد عن همام مقتصرا على أصل الحديث دون قوله " فقالت عائشة إلخ " ثم أخرجه من رواية سعيد بن أبي عروبة موصولا تاما وكذا أخرجه هو وأحمد من رواية شعبة والنسائي من رواية سليمان التيمي كلاهما عن قتادة وكذا جاء عن أبي هريرة وغير واحد من الصحابة بدون المراجعة وقد أخرجه الحسن بن سفيان وأبو يعلى جميعا عن هدبة بن خالد عن همام تاما كما أخرجه البخاري عن حجاج عن همام وهدبة هو هداب شيخ مسلم فكأن مسلما حذف الزيادة عمدا لكونها مرسلة من هذا الوجه واكتفى بإيرادها موصولة من طريق سعيد بن أبي عروبة وقد رمز البخاري إلى ذلك حيث علق رواية شعبة بقوله اختصره إلخ وكذا أشار إلى رواية سعيد تعليقا وهذا من العلل الخفية جدا . ‏

‏قوله ( إنا لنكره الموت ) ‏
‏في رواية سعد بن هشام " فقالت يا نبي الله أكراهة الموت ؟ فكلنا نكره الموت " . ‏

‏قوله ( بشر برضوان الله وكرامته ) ‏
‏في رواية سعد بن هشام " بشر برحمة الله ورضوانه وجنته " وفي حديث حميد عن أنس " ولكن المؤمن إذا حضر جاءه البشير من الله وليس شيء أحب إليه من أن يكون قد لقي الله فأحب الله لقاءه " وفي رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى " ولكنه إذا حضر فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم فإذا بشر بذلك أحب لقاء الله والله للقائه أحب " . ‏

‏قوله ( فليس شيء أحب إليه مما أمامه ) ‏
‏بفتح الهمزة أي ما يستقبله بعد الموت وقد وقعت هذه المراجعة من عائشة لبعض التابعين فأخرج مسلم والنسائي من طريق شريح بن هانئ قال سمعت أبا هريرة فذكر أصل الحديث قال " فأتيت عائشة فقلت سمعت حديثا إن كان كذلك فقد هلكنا " فذكره قال " وليس منا أحد إلا وهو يكره الموت فقالت : ليس بالذي تذهب إليه ولكن إذا شخص البصر - بفتح الشين والخاء المعجمتين وآخره مهملة أي فتح المختضر عينيه إلى فوق فلم يطرف - وحشرج الصدر - بحاء مهملة مفتوحة بعدها معجمة وآخره جيم أي ترددت الروح في الصدر - واقشعر الجلد وتشنجت " بالشين المعجمة والنون الثقيلة والجيم أي تقبضت وهذه الأمور هي حالة المختضر وكأن عائشة أخذته من معنى الخبر الذي رواه عنها سعد بن هشام مرفوعا وأخرجه مسلم والنسائي أيضا عن شريح بن هانئ عن عائشة مثل روايته عن أبي هريرة وزاد في آخره " والموت دون لقاء الله " وهذه الزيادة من كلام عائشة فيما يظهر لي ذكرتها استنباطا مما تقدم وعند عبد بن حميد من وجه آخر عن عائشة مرفوعا " إذا أراد الله بعبد خيرا قيض له قبل موته بعام ملكا يسده ويوفقه حتى يقال مات بخير ما كان فإذا حضر ورأى ثوابه اشتاقت نفسه فذلك حين أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه وإذا أراد الله بعبد شرا قيض له قبل موته بعام شيطانا فأضله وفتنه حتى يقال مات بشر ما كان عليه . فإذا حضر ورأى ما أعد له من العذاب جزعت نفسه فذلك حين كره لقاء الله وكره الله لقاءه " قال الخطابي : تضمن حديث الباب من التفسير ما فيه غنية عن غيره واللقاء يقع على أوجه : منها المعاينة ومنها البعث كقوله تعالى ( الذين كذبوا بلقاء الله ) ومنها الموت كقوله ( من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت ) وقوله ( قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ) وقال ابن الأثير في النهاية : المراد بلقاء الله هنا المصير إلى الدار الآخرة وطلب ما عند الله وليس الغرض به الموت لأن كلا يكرهه فمن ترك الدنيا وأبغضها أحب لقاء الله ومن آثرها وركن إليها كره لقاء الله لأنه إنما يصل إليه بالموت . وقول عائشة والموت دون لقاء الله يبين أن الموت غير اللقاء ولكنه معترض دون الغرض المطلوب فيجب أن يصبر عليه ويحتمل مشاقه حتى يصل إلى الفوز باللقاء . قال الطيبي : يريد أن قول عائشة إنا لنكره الموت يوهم أن المراد بلقاء الله في الحديث الموت وليس كذلك لأن لقاء الله غير الموت بدليل قوله في الرواية الأخرى " والموت دون لقاء الله " لكن لما كان الموت وسيلة إلى لقاء الله عبر عنه بلقاء الله وقد سبق ابن الأثير إلى تأويل لقاء الله بغير الموت الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام فقال : ليس وجهه عندي كراهة الموت وشدته لأن هذا لا يكاد يخلو عنه أحد ولكن المذموم من ذلك إيثار الدنيا والركون إليها وكراهية أن يصير إلى الله والدار الآخرة . قال : ومما يبين ذلك أن الله تعالى عاب قوما بحب الحياة فقال ( إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها ) وقال الخطابي : معنى محبة العبد للقاء الله إيثاره الآخرة على الدنيا فلا يحب استمرار الإقامة فيها بل يستعد للارتحال عنها والكراهة بضد ذلك وقال النووي : معنى الحديث أن المحبة والكراهة التي تعتبر شرعا هي التي تقع عند النزع في الحالة التي لا تقبل فيها التوبة حيث يكشف الحال للمحتضر ويظهر له ما هو صائر إليه . ‏

‏قوله ( بشر بعذاب الله وعقوبته ) ‏
‏في رواية سعد بن هشام " بشر بعذاب الله وسخطه " وفي رواية حميد عن أنس " وإن الكافر أو الفاجر إذا جاءه ما هو صائر إليه من السوء أو ما يلقى من الشر إلخ " وفي رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى نحو ما مضى . ‏

‏قوله ( اختصره أبو داود وعمرو عن شعبة ) ‏
‏يعني عن قتادة عن أنس عن عبادة ومعنى اختصاره أنه اقتصر على أصل الحديث دون قوله " فقالت عائشة إلخ " فأما رواية أبي داود وهو الطيالسي فوصلها الترمذي عن محمود بن غيلان عن أبي داود وكذا وقع لنا بعلو في مسند أبي داود الطيالسي وأما رواية عمرو وهو ابن مرزوق فوصلها الطبراني في " المعجم الكبير " عن أبي مسلم الكجي ويوسف بن يعقوب القاضي كلاهما عن عمرو بن مرزوق وكذا أخرجه أحمد عن محمد بن جعفر عن شعبة وهو عند مسلم من رواية محمد بن جعفر وهو غندر . ‏

‏قوله ( وقال سعيد عن قتادة إلخ ) ‏
‏وصله مسلم من طريق خالد بن الحارث ومحمد بن بكر كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة كما تقدم بيانه وكذا أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه من رواية سعيد بن أبي عروبة ووقع لنا بعلو في " كتاب البعث " لابن أبي داود . وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم البداءة بأهل الخير في الذكر لشرفهم وإن كان أهل الشر أكثر وفيه أن المجازاة من جنس العمل فإنه قابل المحبة بالمحبة والكراهة بالكراهة وفيه أن المؤمنين يرون ربهم في الآخرة وفيه نظر فإن اللقاء أعم من الرؤية ويحتمل على بعد أن يكون في قوله " لقاء الله " حذف تقديره لقاء ثواب الله ونحو ذلك ووجه البعد فيه الإتيان بمقابله لأن أحدا من العقلاء لا يكره لقاء ثواب الله بل كل من يكره الموت إنما يكرهه خشية أن لا يلقى ثواب الله إما لإبطائه عن دخول الجنة بالشغل بالتبعات وإما لعدم دخولها أصلا كالكافر . وفيه أن المحتضر إذا ظهرت عليه علامات السرور كان ذلك دليلا على أنه بشر بالخير وكذا بالعكس . وفيه أن محبة لقاء الله لا تدخل في النهي عن تمني الموت لأنها ممكنة مع عدم تمني الموت كأن تكون المحبة حاصلة لا يفترق حاله فيها بحصول الموت ولا بتأخره وأن النهي عن تمني الموت محمول على حالة الحياة المستمرة وأما عند الاحتضار والمعاينة فلا تدخل تحت النهي بل هي مستحبة . وفيه أن في كراهة الموت في حال الصحة تفصيلا فمن كرهه إيثارا للحياة على ما بعد الموت من نعيم الآخرة كان مذموما ومن كرهه خشية أن يفضي إلى المؤاخذة كأن يكون مقصرا في العمل لم يستعد له بالأهبة بأن يتخلص من التبعات ويقوم بأمر الله كما يجب فهو معذور لكن ينبغي لمن وجد ذلك أن يبادر إلى أخذ الأهبة حتى إذا حضره الموت لا يكرهه بل يحبه لما يرجو بعده من لقاء الله تعالى . وفيه أن الله تعالى لا يراه في الدنيا أحد من الأحياء وإنما يقع ذلك للمؤمنين بعد الموت أخذا من قوله " والموت دون لقاء الله " وقد تقدم أن اللقاء أعم من الرؤية فإذا انتفى اللقاء انتفت الرؤية وقد ورد بأصرح من هذا في صحيح مسلم من حديث أبي أمامة مرفوعا في حديث طويل وفيه " واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا " . ‏
اضافة رد مع اقتباس
  #10  
قديم 10/03/2004, 10:54 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
أيها المسلمون، إن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها، وإن لله تعالى هو الذي وهب للعباد كل ما أوتوا من نعمة، قال تعالى: وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْـئَرُونَ [النحل:53].

ونعم الله علينا لا تعد ولا تحصى، قال تعالى: وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ [النحل:18]. فكل النعم التي أوتيتموها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر نعمة الصحة والبصر والسمع والعقل والعلم والمال والولد، وأعظم من ذلك كله نعمة الإسلام الذي هداك الله له وقد ضل عنه خلق كثير، كل ذلك بفضل الله ورحمته وتوفيقه، لك ليس بحولك ولا قوتك، وإذا شاء الله سلب منك تلك النعم في أي لحظة، ولذلك يجب عليك أيها العبد الفقير إلى ربه أن تعبد الله وحده لا شريك له مخلصاً له الدين وأن تقدم محبته ومحبة رسوله على محبة كل شيء.

أيها المسلمون، إن محبة الله واجبة وكذلك محبة رسول الله ، فإنها تابعة لمحبة الله ولازمة لها، فقد ثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك أن رسول الله قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين().

ومتى كان عند العبد شيء أحب إليه من الله ورسوله فهو الشرك الذي لا يغفره الله لصاحبه البتة ولا يهديه الله قال تعالى: قُلْ إِن كَانَ ءابَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوٰنُكُمْ وَأَزْوٰجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوٰلٌ ٱقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَـٰرَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَـٰكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأْتِىَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلْفَـٰسِقِينَ [التوبة:24].

فكل من قدم طاعة أو قول أحد من هؤلاء على طاعة الله ورسوله أو قولهما أو قدم خوف أحد منهم ورجاءه والتوكل عليه على خوف الله ورجائه والتوكل عليه فلم يحقق تقديم محبة الله ورسوله على ما سواهما، وإن قاله بلسانه فهو كاذب.

أيها المسلمون، إن من علامات محبة الله اتباع رسوله ، فقد جعل الله اتباع رسوله علماً وشاهداً لمن ادعى محبته فقال تعالى: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31].

وقد ذكر ابن كثير رحمه الله في تفسيره أن الحسن البصري وغيره من السلف قالوا: "زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله قال: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))".

فإذا كنت فعلاً تحب الله فعلامة صدقك في هذه المحبة أن تطيع الله وتتبع الشرع المحمدي، فإن المحب لمن يحب مطيع، إذ كيف تدعي محبة الله ورسوله وأنت لا تطعهما، بل تقدم هوى نفسك وشهوتها وملذتها الدنيوية على طاعة الله ورسوله، فمن الناس من يدعي محبة الله وهو لا يؤدي الصلاة ولا يجيب داعي الله، والبعض يصلي يوم الجمعة فقط والبعض يصلي متى يحلو له، وكأن الصلاة بالمزاج، فأصبح حب الراحة لديه مقدم على محبة الله .

ومن الناس من يدعي محبة الله وهو لا يأمر أولاده بالصلاة ولا يربيهم عليها ولا يأمرهم باحترام شعائر الإسلام ولا ينهاهم عن إيذاء الناس، ولو تأخر أبناؤه عن الدراسة لأقام الدنيا وأقعدها ولتعامل معهم بحزم وجِد، ولا يعاب عليه حزمه في ذلك ولكن أين هذا الحزم مع أبنائه إذا صدر منهم تهاون في القيام بأمر الله أو صدر منهم معصية لله، فتجده لا يهتم لذلك، فهو لا يريد أن يغضبهم ولو عصوا ربهم وتركوا واجبهم.

ومن الناس من يدعي محبة الله وهو يشرك بالله ويتعامل بالربا ويزني ويشرب الخمور ويتعاطى المخدرات ولا يتورع عن ارتكاب المنكرات والمحرمات.

إذاً فتلك دعوى كاذبة، فإن المؤمن إيماناً حقيقياً يسلم لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم لأنه يعلم أنه ليس له الخيرة من أمره قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـٰلاً مُّبِينا [الأحزاب:36].

وإن من صفات وعلامات الذين يحبهم الله ويحبونه ما بينه الله في قوله: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِى ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ يُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَخَـٰفُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ [المائدة:54]. ففي هذه الآية أربع علامات لمحبة الله للعبد:

الأولى: الذلة للمؤمنين فيكون رحيماً بهم محسناً إليهم عطوفاً عليهم متواضعاً لهم.

والثانية: العزة على الكفرين كما قال تعالى في آية أخرى أَشِدَّاء عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ [الفتح:29].

الثالثة: أن يكون مجاهداً في سبيل الله بالنفس والمال واللسان والقلب.

الرابعة: أن لا تأخذه في الله لومة لائم.

فالمؤمن متواضع لإخوانه المؤمنين، عزيز على خصمه وعدوه من الكافرين، لا يرده عن الجهاد في سبيل راد، ولا يصده عنه صاد، لا يرده لومة لائم ولا عذل عاذل.

بارك الله…



عباد الله، اعلموا إن هناك أسباباً كثيرة جالبة لمحبة الله لكم، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله عشرة منها في كتابه مدارج السالكين فقال رحمه الله: "الأسباب الجالبة للمحبة والموجبة لها عشرة:

أحدها: قراءة القران بالتدبر والتفهم لمعانيه.

الثاني: التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض.

الثالث: دوام ذكره لله على كل حال باللسان والقلب، فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من هذا الذكر.

الرابع:إيثار محاب الله على محابك عند غلبة الهوى، والتسنم إلى محابه، وإن صعب المرتقى.

الخامس: مطالعة القلب لأسمائه وصفاته، ومشاهدتها ومعرفتها. وتقلبه في رياض هذه المعرفة ومبادئها. فمن عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله، أحبه لا محالة.

ولهذا كانت المعطلة والفرعونية والجهمية قطاع الطريق على القلوب بينها وبين الوصول إلى المحبوب.

السادس: مشاهدة بره وإحسانه وآلائه، ونعمه الباطنة والظاهرة. فإنها داعية إلى محبته.

السابع: وهو من أعجبها انكسار القلب بكليته بين يدي الله تعالى.

الثامن: الخلوة به وقت النزول الإلهي في الثلث الأخير من الليل، لمناجاته وتلاوة كلامه، والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية بين يديه. ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة .

التاسع: مجالسة المحبين الصادقين، والتقاط أطايب ثمرات كلامهم كما ينتقى أطايب الثمر. ولا تتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام، وعلمت أن فيه مزيداً لحالك، ومنفعة لغيرك .

العاشر: مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل".

فمن طريق هذه الأسباب العشرة وصل المحبون إلى منازل المحبة. ودخلوا على الحبيب. وملاك ذلك كله أمران: استعداد الروح لهذا الشأن، وانفتاح عين البصيرة.
اضافة رد مع اقتباس
  #11  
قديم 10/03/2004, 10:55 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
الإيمانبوجوبمحبةاللهعزَّوجلَّ.


لقوله تعالى « ومِنَ الناسِ مَن يتخذُ مِن دون الله أنداداً يُحبُّونهم كَحُبِّ اللهِ والذين ءامنوا أشَدُّ حُبَّاً لله » (سورة البقرة ءاية 165).

ولحديث أنسِ بن مالكٍ رضِىَ الله عنه فِى الصحيحين « ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه وَجَدَ بِهِنَّ حلاوَةَ الإيمان: أن يكونَ اللهُ ورسولُهُ أحَبَّ إليه مما سواهُما، وأن يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحبه إلا لله، وأن يكرَهَ أن يعودَ في الكفر بعد أن أنقَذَهُ اللهُ منه كما يَكرَه أن تُوقَدَ له نارٌ فيُقذَفُ فيها » .

وبه أنْبَأنا البيهقِىُّ، قال: سمِعتُ أبا عبدِ الرحمنِ السُّلَمِى يقول سمعت أبا نصرٍ الطُّوسِىَّ يقول سمعت جَعفَرَ الخُلدِىَّ يقول سمعتُ الجُنَيدَ يقول: قال رجلٌ لسِرىٍّ السَّقَطِىِّ: كيف أنت, فأنشَأَ يقول:

من لم يَبِت والحُبُّ حَشوُ فؤادِه
لم يَدرِ كيفَ تُفَتَّتُ الأكبَادُ


وبه أنبأ أبو عبد الرحمن السُّلمِىُّ قال سمعت أبا نصرٍ محمدَ بنِ محمدِ بنِ إسماعيلَ قال سمعت أبا القاسِمِ الشِّيرازِىَّ الواعظَ قال سمعت أبا دُجانةَ يقول كانت رَابِعَةُ إذا غلبَ عليها حالُ الحُبِّ تقولُ:

تعصِى الإلهَ وأنتَ تُظهِرُ حُبَّهُ
هذا محالٌ فِى الفِعالِ شنيعُ

لَو كان حُبُّكَ صادقَاً لأَطعتَهُ
إنَّ المُحِبَّ لمَن يُحِبُّ مُطِيعُ
اضافة رد مع اقتباس
  #12  
قديم 10/03/2004, 11:00 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
مقياس محبة الله
لكل شيء مقياس يقاس به، وقد وضع الله مقياس محبته عز وجل: )قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ..( [آل عمران: 31].. إن محبة الله ليس معنى هلامياً أو مبهماً، ولكنه قيمة، يمكن لمسها، والتعرف عليها، وقياسها، ورصد مظاهرها. فاتباع النبي صلى الله عليه وسلم هو المقياس، والاتباع عبارة عن أوامر ونواهٍ شرعية، نص عليها القرآن والسنة. أما الابتداع، فإنه دليل انتفاء وكذب ادعاء المحبة لله، ولرسوله.

قال ابن القيم رحمه الله: "والمحبة الصادقة تقتضي توحيد المحبوب، وألا يشرك بينه وبين غيره في محبته، وإذا كان المحبوب من الخلق يأنف ويغار أن يُشرك معه محبة غيره في محبته، ويمقته لذلك، ويبعده، لا يحظيه بقربه، ويعده كاذباً في دعوى محبته... فكيف بالحبيب الأعلى، الذي لا تنبغي المحبة إلا له وحده، وكل محبة لغيره فهي عذاب على صاحبها ووبال. ولهذا لا يغفر الله سبحانه وتعالى أن يشرك به في هذه المحبة، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.."(1).

تهديد ووعيد
"ومن أعرض عن محبة الله وذكره، والشوق إلى لقائه، ابتلاه بمحبة غيره، فيعذبه بها في الدنيا، وفي البرزخ، وفي الآخرة. فإما أن يعذبه بمحبة الأوثان، أو بمحبة الصلبان، أو بمحبة الصلبان، أو المُردان، أو بمحبة النسوان، أو محبة العشراء، أو محبة ما دون ذلك، مما هو في غاية الحقارة والهوان، فالإنسان عبد محبوبه، كائناً من كان.

أنت القتيـل بكــــل مــن أحببتـه

فاختر لنفسك في الهوى من تصطفي"(2).

"أنواع المحبة"
عقد ابن القيم، في كتابه القيم "الداء والدواء"، فصلاً تحت هذا العنوان، وذكر فيه هذه الأنواع:

النوع الأول: محبة الله: ولا تكفي وحدها للنجاة من عذاب الله والفوز بثوابه، فإن المشركين، وعباد الصليب، واليهود، وغيرهم، يحبون الله.

النوع الثاني: محبة ما يحب الله: وهذه هي التي تدخله في الإسلام، وتخرجه من الكفر، وأحب الناس إلى الله أقومهم بهذه المحبة وأشدهم فيها.

النوع الثالث: الحب لله وفيه: وهي من لوازم محبة ما يحب، ولا تستقيم محبة ما يحب، إلا فيه، وله.

النوع الرابع: المحبة مع الله: وهي المحبة الشركية، وكل من أحب شيئاً مع الله، لا لله، ولا من أجله، ولا فيه، فقد اتخذه نداً من دون الله، وهذه محبة المشركين.

قال ابن القيم: "وبقي قسم خامس، ليس مما نحن فيه، وهو المحبة الطبيعية، وهي كل ميل الإنسان إلى ما يلائم طبعه، كمحبة العطشان للماء، والجائع للطعام، ومحبة النوم، والزوجة والولد، فتلك لا تُذم، إلا إذا ألهت عن ذكر الله، وشغلت عن محبته، كما قال سبحانه وتعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ ولا أَولادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ..( [المنافقون: 9]. وقال سبحانه وتعالى: )رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ ولا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ..( [النور: 37](3).

* * *

شعبة وجوب الخوف من الله عز وجل
إن موضوع الخوف من الله يجب أن تحسمه المسلمة الربانية مع نفسها على عدة أسس:

1. أن الله وحده هو مالك النفس، هو الذي يحيي ويميت، وهو الذي يعطي ويمنع، ويقبض ويبسط.

2. أن الله هو وحده مالك الجنة والنار، وأن نعيم الدنيا وعذابها ضئيلان جداً، ويمضيان سريعاً بالقياس إلى النعيم والعذاب الأخروي.

3. أن مصدر الخوف يجب أن يكون واحداً؛ لأن مصادر الخوف لو تعددت، لشغلت العبد عن الخوف الأكبر، )فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ( [آل عمران: 175]. )فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ( [المائدة: 44].

4. أن مجرد الخوف من الله الواحد القهار من أسباب دخول الجنة، )وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ( [الرحمن: 46].

وحكي لنا النبي صلى الله عليه وسلم هذه القصة: "أسرف رجل على نفسه، فلما حضره الموت، أوصى بنيه، فقال: إذا أنا مت، فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم اذروني في الريح في البحر، فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذاباً ما عذبه به أحداً". قال صلى الله عليه وسلم: "ففعلوا ذلك به، فقال الله تعالى للأرض: أبدي ما أخذت، فإذا هو قائم، فقال الله تعالى له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: خشيتك يا رب - أو قال: مخافتك -فغفر له بذلك"(رواه مسلم).

5. إن الخوف من الله الواحد القهار من أعظم أسباب الاستقامة على الدين والصلاح.

6. إن الخوف من الله وحده أعظم علاج للجبن والخوف من غيره.

وأما الخوف من السباع، ومن مصادر الشرور، ومن قطع الطريق.. باتقاء مواضعها وأسبابها، فإن ذلك من الحذر الواجب شرعاً: )وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ( [البقرة: 195]. وكقول موسى عليه السلام لفرعونفَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ..( [الشعراء: 21]. إنه موسى عليه السلام الذي رجع إلى مصر، ودعا فرعون إلى الله، وفضح طغيانه، ولم يخف منه.

مبدأ تربوي
هذه الشعبة من شعب الإيمان تمثل أحد أهم المبادئ في تربية الأولاد، والمسلمة الربانية، بوصفها أماً، وهي تربي أولادها وأحفادها، تربيهم جنوداً للإسلام، يجب عليها أن تؤسس فيهم هذه الشعبة تأسيساً متيناً، تلك التربية تنمي الشجاعة في نفوس الأولاد، وتؤهلهم لأن يكونوا مصلحين.

كتب الشيخ "عبدالله ناصح علوان" في كتابه القيم "تربية الأولاد في الإسلام"(4) يقول: فما أحوجنا إلى مربين جادين وواعين، يغرسون في الطفل، منذ أن يفتح عينيه، خُلُُق الجرأة والشجاعة وقولة الحق... حتى إذا بلغ الولد السن التي تؤهله في أن ينقد، أو أن ينصح، أو أن يقول، قام بواجب النصح ومسؤولية النقد خير قيام، بل انطلق في مضمار الدعوة إلى الله، وفي تبليغ رسالة الإسلام، وفي تقويم الاعوجاج والانحراف، دون أن تأخذه في الله لومة لائم، ودون أن يصده عن إعلان كلمة الحق مستبد أو ظالم".

وذكر الشيخ "عبدالله ناصح علوان" نماذج للشجاعة (في الصفحات من 477 إلى 482)، وتاريخنا الإسلامي ملآن بالنماذج المشرفة، فلترجع إليها من شاءت.



_______________

الحواشي:

1. الداء والدواء، فصل توحيد المحبوب.

2. المصدر السابق.

3. الداء والدواء.

4. الجزء الأول، صفحة 465، المراقبة والنقد الاجتماعي.
عبدالقادر أحمد عبدالقادر
اضافة رد مع اقتباس
  #13  
قديم 10/03/2004, 11:05 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
سؤال ينبغي أن يخطره المسلم على باله وهو يتجه بسلوكه إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى: أيهما يقود المسلم إلى الآخر، الحب يقود المسلم إلى طاعة الله عز وجل؟ أم طاعة الله سبحانه وتعالى تقوده إلى محبته؟ سؤال ينبغي أن يُخطره كل مسلم على فكره، وأن يتبين الجواب منه، ليعلم كيف السبيل الموصل إلى الله، هلالحبهوالسبيلإلىطاعةالله؟أمطاعةاللهعزوجلهيالسبيلإلىمحبته؟
الحقُّ أن محبة الله عز وجل هي السبيل إلى طاعته سبحانه وتعالى، فمن كان قلبه فارغاً من محبة الله عز وجل لن يجد سبيلاً يدفعه إلى طاعته، ويخطئ من يتصور العكس، فيقول: إن طاعة العبد لربه عز وجل هي السبيل إلى محبته. إذا لم تكن محبة الله عز وجل مهيمنة على القلب، فلن يقوى العبد على الصبر على طاعة الله سبحانه وتعالى، لن يقوى على الثبات على تنفيذ أوامره، ولن يقوى على الثبات على الابتعاد عن النواحي التي حذره الله سبحانه وتعالى منها.

وهكذا فمحبة العبد لربه هي المحور وهي الأساس وهي المنطلق.

ولكن العبد لابدَّ أن يسأل عندما يسمع هذه الحقيقة: فكيف السبيل إلى أن تغرس محبة الله عز وجل في القلب؛ حتى تقوده المحبة إلى الطاعة؟ سبيل محبة العبد لربه سبحانه وتعالى – أيها الإخوة – أن يتذكر النعم الكثيرة التي لا تحصى، والتي يغدقها الله سبحانه وتعالى على عباده صباح مساء، وفي سائر التقلبات والأحوال، فإذا تنبه العبد إلى نعم الله عز وجل المتواصلة المتنوعة والمختلفة التي تتوالى عليه، وربط هذه النِعَم بالمُنْعِمِ، اهتاجت محبة الله سبحانه وتعالى في قلبه، ولا أقول وجدت فمحبة العبد للرب موجودة حتى ولو كان هذا العبد من أفسق الفاسقين، بل حتى ولو كان هذا العبد من التائهين الملحدين، ولكن قد تكون راقدة، وإنما يوقظها تذكر نعم الله سبحانه وتعالى، ثم ربط هذه النِعَم بالمُنْعِمِ.

فتعالوا - أيها الإخوة - نوقظ محبة الخالق عز وجل بين جوانحنا عن طريق التنبه إلى هذه النعم الكثيرة، والتي لا تحصى، والمتنوعة والتي لا تنقطع عن عباده أياً كانوا وكيف كانت أحوالهم، عندئذ إذا تذكرنا هذه النعم وربطناها بالمنعم سبحانه وتعالى، وثبتنا على هذا النحو، فلاشك أن القلب يتحول عندئذ إلى وعاء لحب واحد لا ثاني له، ألا وهو حب هذا المنعم جل جلاله.

يقول المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أحبوا الله لما يغزوكم من نعمه، وأحبوني لحب الله عز وجل إياي))، انظروا إلى نعم الله - أيها الإخوة، انظروا إلى هذه النعمة التي تهمي من سماء الله سبحانه وتعالى والتي لا تنقطع، وقارنوا بين ما يصل من الله إلينا من نعمة وهذه واحدة منها - وبين ما يرقى من عندنا إلى الله سبحانه وتعالى من واجب شكره، من واجب العمل على تحقيق عبوديتنا له. قارنوا بين هذا وذاك تجدون أمراً يخجل، تجدون أن واقع أكثر المسلمين اليوم يجعل الإنسان يذوب خجلاً من موقفه من الله عز وجل، ومن معاملة الله سبحانه وتعالى له.

انظروا إلى واقع المسلمين اليوم في أي قطر من أقطارهم، وفي أي بلدة من بلادهم. انظروا إلى واقع المسلمين على اختلاف فئاتهم بدءاً من قادتهم وحكامهم إلى الفئات الأخرى التي تعيش في رحاب أرض الله سبحانه وتعالى، الغفلة هي السائدة، والإعراض عن الله عز وجل هو الأمر المستمر، بل إن الأمر ليزيد على ذلك في كثير من الأحيان: الاستخفاف بحرمات الله، الاستخفاف بشرائع الله، الامتهان لشعائر هذا الدين العظيم، هذه هي الحال المتغلبة والتي يتقلب فيها المسلمون اليوم.

ولكن انظروا إلى معاملة الله عز وجل لعباده هؤلاء، هل انقطعت نعمة من نعمه سبحانه وتعالى عنا، هل انقطع فضلٌ من فضل الله سبحانه وتعالى عنا، هذه النعمة التي تهمي من سماء الله عز وجل ستعانق عما قريب النعم المختلفة التي تتفجر من أرضكم هذه أرزاقاً متنوعة كثيرة مختلفة، كلها تتجلى وتتفجر من هذه الأرض التي سخرها الله سبحانه وتعالى لكم، وعما قريب يتقلب هذا الإنسان في هذه النعم المختلفة المتنوعة التي لا تحصى، ينعم بأكلها، ينعم بشرب ما يشرب منها، يتفكه بما يتفكه به منها، يتقلب منها في سعادة لا توصف، ولا يزيده ذلك إلا إعراضاً عن الله، ولا يزيده ذلك إلا غفلة عن الله سبحانه وتعالى، فهل تنقطع نعم الله عن عباده بسبب ذلك؟ لا تنقطع، تلك هي سنة الله عز وجل في عباده، آلى على ذاته العلية أن يكرمهم، وألاَّ يقطع إكرامه عنهم، آلى ربنا عز وجل على ذاته العلية أن يعطيهم ولا يقطع عطائه عنهم، آلى مولانا الأعز الأكرم أن يُبقى مائدته مبسوطة مليئة بالنعم الكثيرة التي لا تحصى، وآلى على ذاته العلية أن تبقى أبوابه إلى هذه المائدة مفتحة لا تغلق {كُلاًّ نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً} [الإسراء: 17/20].

ألا يخجلكم هذه أيها الإخوة، أما ينبغي للعبد وهو يتأمل فيرى هذا الأمر العجيب، كيف يعامل اللهُ عز وجل عبادَه، وكيف نعامل نحن مولانا وخالقنا سبحانه وتعالى، أما يخجل هذا الأمر العبد؟ لو أن المسلمين اليوم ربطوا هذه النعم بالمنعم سبحانه وتعالى، وكم هو أمر يسير، إنها عبادة فكرية لا تحتاج إلى رحلة بدنية قط، إنها عبادة تأمُّلٍ، لو أن المسلم ربط هذه النعم بالمنعم وتذكر أنها تأتي من قيوم السماوات والأرض، وربطها بمثل قوله سبحانه: {فَلْيَنْظُرِ الإِنْسانُ إِلَى طَعامِهِ، أَنّا صَبَبْنا الْماءَ صَبّاً، ثُمَّ شَقَقْنا الأَرْضَ شَقّاً، فَأَنْبَتْنا فِيها حَبّاً، وَعِنَباً وَقَضْباً، وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً، وَحَدائِقَ غُلْباً، وَفاكِهَةً وَأَبّاً، مَتاعاً لَكُمْ وَلأَنْعامِكُمْ} [عبس: 80/24-32] لو أن الإنسان ربط هذه النعم بخلاقها، بمنزلها، بالمتفضل علينا بها، وهو جالس لا يتحرك، لا يرحل من مكان إلى مكان، لا نقدح من جراء ذلك حب المولى سبحانه وتعالى بين جوانحه، ولفاض شعور من العشق - لا أقول من الحب - لهذا الإله المتفضل الوهاب المعطي، أفيعجزكم هذا؟ أفيعجزكم أن تكونوا جالسين في بيوتكم لا تتحركون، لكن توجهون قلوبكم إلى الله بهذا الشعور، بهذا التذكر؟ أفيعجز العبد أن يتذكر مولاه وخالقه؟ أن يستجيب لندائه الحلو العذب الأخاذ {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 2/152]، {كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ، فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 2/151-152]. هذا هو السبيل إلى أن تستيقظ محبة الله عز وجل بين جوانحنا، فإذا استيقظت هذه المحبة قادت أصحابها إلى الطاعة، فادت أصحابها إلى السير الحثيث إلى مرضاة الله، سار العبد عندئذ إلى الله وهو يقول: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 20/84].

بالأمس أيها الإخوة، الدابر كيف كانت حالتنا؟ ذكَّرنا الله عز وجل بالبلاء، لو أراد أن يبتلينا به جفت الأرض، جفت الينابيع، تراجعت الأرزاق، أطلت النكبات برؤوسها علينا، ولكن الله عز وجل تدارك عندما طرق المسلمون بابه طرقات ذل، طرقات اعتراف، طرقات تجديد لليقين بالله سبحانه وتعالى، أبدل الله سبحانه عسرنا يسراً، أكرمنا الله سبحانه وتعالى بما غاب عنا لمدة قصيرة تنبيهاً لنا، لا قطعا للرفد، والتنبيه نعمة من أجّلِّ النعم التي يكرم الله سبحانه وتعالى بها عباده، ألا نشكر الله؟ ألا نشكر الخالق؟ وعندما أقول: ألا نشكر الله، لا أتوجه بكلامي هذا إليكم، أنتم فقط، ولا إلى أمثالكم الذين تفيض بهم المساجد، لكنني أتوجه بهذا الكلام إلى عباد الله المؤمنين به الذين يرفعون فوق رؤوسهم شعارات الإيمان بالله عز وجل، وأولهم قادة المسلمين، أما ينبغي أن يكونوا هم أئمتنا في شكر الله، في حمد الله؟ أما ينبغي أن يكونوا هم قادتنا في إيقاظ محبة الله عز وجل بين الجوانح؟ أما ينبغي أن يكونوا هم السباقين إلى التأمل في قول الله عز وجل: {وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 16/53]، {وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ} لاحظوا الاستقصاء في هذه العبارة {وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ} تخيل تخيل أي نعمة يكرمك الله عز وجل بها. اعلم أيها العبد أنها لم تأتك من شرق ولا غرب، وإنما جاءتك من لدن الكريم الأوحد خالقك مولاك، جاءتك من عند الله سبحانه وتعالى: {ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} {فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} ليكشف الضر عنكم أليس كذلك؟ وكشف الضر بل التجاؤك إلى الله نعمة أخرى، التجاؤك إلى الله في أن يكشف عنك الضر، ثم يستجيب الله عز وجل لدعائك نعمة من أجلِّ النعم.

ومن ثم فنعم الله عز وجل ظاهرة وخفية، وهذه الحقيقة - أيها الإخوة - ينبغي أن نتبينها، وينبغي أن نعرفها، والحل عندئذ سيكون سهلاً لكل من يسال! كيف أستسهل الصعب الذي كلفني الله عز وجل به؟ كيف أسلك الطريق إلى الله؟ وهو طريق شاق يحتاج إلى صبر ومعاناة، إنك تسأل هذا السؤال لأنك توجهت إلى طاعة الله قبل أن يوجد الوقود اللازم بين جوانحك، الوقود المحرك، الوقود المحرك هو الحب، حب الله سبحانه وتعالى، أيقظ محبة الله بين جوانحك، وسبيل ذلك سهل كما قلت: أن تربط نعم الله عز وجل بذاته العلية، أن تعلم من أين جاءتك هذه النعمة، صغرت أو كبرت، خاصة كانت أو عامة، اذكر أنها جاءتك من عند الله عز وجل، والقاعدة تقول: جبلت النفوس على حب من أحسن إليها، عندئذ تستيقظ محبة الله عز وجل بين جوانحك، وتهتاج مشاعر حبك له في قلبك، فتندفع إلى طاعته، عندئذ ستستهل الصعب، ولسوف تجد الطريق الطويل قصيراً، والحب محبة الله عز وجل هي التي تقرب البعيد، وتلين الحديد، وتقيم الاعوجاج، وتصلح الحال، وتزيل كل أسباب الفساد.

أيها الإخوة ما أقصر الطريق إلى الله عز وجل لو تبصرنا بمفتاحه، مفتاحه محبة الله، ومفتاح محبة الله تذكر نعم الله، ألا تذكرون هذه النعم؟ ألا تذكرون فضل الله، تهمي نعم الله طوال الليل فإذا أقبل الفجر غابت مشكلة الأمطار التي تهمي، ونادى منادي الله عز وجل أنِ استيقظوا وقوموا إلى مساجدكم، فإن الطريق معبد، ومشكلة الأمطار توقفت لكي تؤدوا حقوق النعمة المثبتة في أعناقكم للمولى سبحانه وتعالى، وتحين صلاة الجمعة كهذه الصلاة، وتغيب السحب، وتنقطع سلسلة الأمطار ليخرج الناس فيتسابقوا إلى شكر الله سبحانه وتعالى على نعمه، وَيْحَكُم والله إن ربنا هو الذي يعشق وهو الذي يحب، أسأله سبحانه وتعالى أن يجعل أفئدتنا أوعية لحبه، لا لأي حب آخر، واسأله سبحانه أن يذيق قادتنا وحكامنا لذة هذا الحب، اللهم أذقهم لذة حبهم لك، اللهم طهر قلوبهم من الشوائب والأدران، اللهم مزق الحجب ما بينك وبينهم، ومزق الحجب المسدلة بيننا وبينك، حتى لا نرى في الكون غيرك، حتى لا نرى منعماً إلا لك، حتى لا نرى متفضلاً سواك، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
اضافة رد مع اقتباس
  #14  
قديم 10/03/2004, 11:22 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ srabالهلال
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 07/12/2002
المكان: السعودية - البديعه
مشاركات: 2,602
محبة الله عز وجل وهدي السلف.

الأدلة:

يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأت الله بقوم يحبهم ويحبونه.

إن الله يحب التوابين. إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص.

ومن الناس من يتخذ من دون أنداداً يحبونهم كحب الله. قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله.

روى البخاري ومسلم عن أنس: أن رجلاً سأل النبي: متى الساعة؟ قال: ((وما أعددت لها)) قال: ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صوم، ولكني أحب الله ورسوله قال: ((أنت مع من أحببت)).
اضافة رد مع اقتباس
  #15  
قديم 10/03/2004, 02:38 PM
عضو غير عادي
تاريخ التسجيل: 14/03/2002
المكان: الـريـــــــــــاض
مشاركات: 10,107
الـحـاتـمـي ...


مــر مـــن هـــنـــا ...


ويـقـول : جزاك الله أخي الكريم كل الخير ...
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 03:26 PM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube