26/06/2010, 01:35 AM
|
زعيــم مميــز | | تاريخ التسجيل: 29/07/2004 المكان: أرض الله الواسعة !
مشاركات: 2,160
| |
أهلاً أخي فيصل ,,,
بارك الله في اليدِ التي كتبت هذا الكلام ...
أجدني و أنا أقرأ كلماتك في هذا الموضوع أني متفق معك في أغلب ما قلته و الأمر كما قلت : " لا تظنّها الأولى ولن تكون الأخيرة... " فالإختلاف سنة الله في الناس { و لا يزالون مختلفين } .
في نفسي كلام كثير و لكن سأختصر الرد في النقاط التالية :
النقطة الأولى عن الإختلاف (و ليس الخلاف) بين العلماء و عدم انتقاصهم و تسفيه آراؤهم , و للأسف كثرت في الآونة الأخيرة هذه الأقوال التي تسخر من علماء لهم مكانتهم العلمية من قبل أشخاص جُهّال سمّوا أنفسهم صحفيين ! أو من قبل أشخاص للأسف متدينين _ كما يزعمون _ لمجرّد أن فتوى مُعيّنة لم تعجبهم أو خرجت عمّا اعنادوا عليه و لو كان لها أصل شرعي ..
النقطة الثانية أن بالمقابل هُناك بعض من تصدروا للفتوى أصدروا فتاوى قد لا يفهمها العامّة و كان من المُفترض أن تُطرح في مجالس العلم و المعاهد الشرعية لأن هذه الفتاوى قد تفتن الناس و قد يأخذونها من غير علم أو يتخذونها ذريعةً للطعن في الدين و العلماء ...
النقطة الثالثة أنه قيل قديماً : " من تكلّم في غير فنه أتى بالأعاجيب " فلماذا يُمسك البعض عن الكلام في الطب أو الهندسة مثلاً و غيرهما من الأمور و إذا أتى للدين تجده لا يتوّرع عن الخوض فيه و التكلم في ما لا يفقه ؟!!
بل أنك تجد البعض _هداهم الله_ يقحم نفسه إقحاماً في مسائل كان في غنى عن الحديث عنها .
النقطة الرابعة عن الغناء و هل هو جائز أم حرام ؟! و العلماء انقسموا بين فريقين : منهم من قال بحرمته و قليل من قال بجوازه و أحسن ما قرأت فيه كان في كتاب ( فتاوى علي الطنطاوي) الجزء الأول الصفحة 106 و سأورد بعض منها ...
كتب الشيخ في جوابه عن سؤال يتعلق بالغناء و الموسيقى هذا الجواب :
·ينبغي أن نعرف ماهو الحرام. فالحرام عند الحنفية هو الأمر الذي ثبت النهي عنه بدليل قطعي الورود قطعي الدلالة، و هو الآية المحكمة التي تدل على النهي دلالة محققة، و الحديث المتواتر الذي تلقته الأمة بالقبول و كانت دلالته على التحريم محققة، و ما أجمع المسلمون على تحريمه، و ما ثبت حرمته بالقياس الصحيح.
· من المحرمات ما استقبحه الشرع لذاته، كشرب الخمر و الربا و الزنا. و منها ما حرم بالنص لأنه يجرّ إلى المحرم ككشف العورات و النظر إليها اللذين يجران إلى الزنا.
·فلنأت الآن إلى الغناء و الموسيقى، هل السؤال عنهما باعتبارهما أصواتاً تسر بإيقاعها النفس و تستميل الأذن ؟ و بلفظ آخر: هل حـرّم الشّرع سماع الأصوات المطربة المتناسقة لأنه استقبحها لذاتها ؟ لا. و لو أن إنساناً جمع في بيته الطيور المغردة البلابل و الشحارير و استمع إليها فطرب لأصواتها لما كان في عمله محظور، فليس الغناء و الموسيقى مما استقبحه الشرع لذاته، لكن يطرأ عليها التحريم في حالات: الأولى : من جهة الكلام الذي يتغنى به، فإن كان فيه ما يمس العقيدة أو يدعو إلى محرم أو ينفر من واجب أو كان فيه غزل مكشوف أو غزل بامرأة معينة معروفة لم يَـجُـز. أما الغزل العفيف فلا مانع منه، و بمَ يتغنى الناس إن لم يتغنوا بشعر الغزل ؟ هل يكون الغناء بألفية ابن مالك في النحو ؟ الثانية : حال المغني و السامع. فإن غنـّت المرأة للرجال الأجانب لم يَجـُز لأن الصوت بالتطريب ( لا الكلام العادي بالصوت العادي ) يعتبر عورة و لو كان بقراءة القرآن. الثالثة : وقت الغناء : فإن كان وقت أداء واجب ديني أو دنيوي و الغناء يشغل السامع عنه لم يَجـُز. و إن طال الوقت حتى صار سماع الغناء عادة لا يستطيع تركها كان الأولى عدم سماعه. الرابعة : مجلس الغناء، فإن كان فيه محرّم كالخمر أو الإختلاط بين الرجل و المرأة الأجنبية عنه لم يَجـُز. الخامسة : أثره في نفس سامعه، و هذا مقياس شخصي،فمن كان يعلم من نفسه أن الغناء و الموسيقى يدفعانه إلى الحرام أو يصرفانه عن واجب، لم يجز له أن يسمع، كالشاب العزب يسمع الغناء الذي يصف لوعة العاشق و جمال المعشوق، فيثير في نفسه طاقة ليس أمامه مصرف لها ( كما يكون أمام المتزوج )، فيفتش عن مصرف حرام فيقع فيه، أو يكتم هذه الطاقة في صدره فتؤذيه و تضنيه و تصرفه عن مطالب العيش و أسباب الدراسة و ما يحتاج إليه من عمل. و هذا المقياس ينطبق أيضاً على الألحان الموسيقية المجردة عن الكلمات، و رب لحن يسمعه المرء يذكـّره بالمكان الذي سمعه فيه و من كان معه في ذلك المكان فيسبب له التفكير فيه رغبة في الحرام و شوقاً إليه. و ربما كان قد سمع اللحن في مكان لا يسمح الشرع بدخوله، بل إن من النغمات ما يهيج العاطفة أو يبعث النشاط أو يحزن أو يرقـّص، فمن دفعه اللحن إلى الحرام حرم عليه سماعه.
فما لم يكن فيه شيء من ذلك، كأن يغني المرء أو يعزف لنفسه في وقت فراغه، أو تغني المرأة لزوجها أو للنساء، أو يغني الرجل للرجال بالشروط التي سبق ذكرها، أو يسمع الغناء من الراد بهذه الشروط، فهو على الإباحة الأصلية. أما الوضع الحالي للمغنين و المغنيات و ما يقترن به من تكشف و اختلاط و ما ينفق فيه من جليل الأموال، و ما يكون لهؤلاء من التقدير في المجتمع و التقديم على أهل العلم و على الأساتذة و الأطباء، فلا يجادل مسلم أنه ممنوع في الإسلام.
أمّا أسباب هذا الإختلاف في أمر الغناء فلقد بيّنه رحمه الله أنه ناشئ _ كما يرى _ من أمرين :
أولهما : أن من يقول بالإباحة و من يذهب إلى المنع لا يتكلمان عن شيء واحد، مع أن من الواجب قبل المناظرة تحديد موضوعها. فالذين يحرِّمون يتكلمون عن الغناء و الموسيقى بوضعها الحاضر، و لا شك أنه على هذا الحال ممنوع غالباً لأنه يقترن بمحرمات و يؤدي إلى محرمات و يشغل عن واجبات و يهدر أموالاً الأمة أحوج إلى ريعها فيما هو أنفع لها و أجدى عليها منها، و فتح المدارس للعلم و إعداد الجيش للدفاع أولى من الطرب و الغناء. و الذين يبيحون يتكلمون عن الغناء و الموسيقى من حيث أنهما أصوات موزونة مطربة تسلي و لا تؤذي، و يضعون لهذه الإباحة حدوداً و يشترطون شروطاً. و من حقق رأى هذا الإختلاف في كثير من الحالات لفظياً لا حقيقياً.
ثانيهما : إن الطريق الصحيح للإجتهاد هو أن نجمع الأدلة الثابتة و نفهمها و نتبعها فحيث انتهت بنا وقفنا، إما التحريم و إما الإباحة. و بعض الناس يقلبون الوضع، فيضعون النتيجة التي يريدونها إما التحريم المطلق و إما الإباحة، ثم يأخذون من الأدلة ما يؤدي بهم إلى هذه النتيجة. و منهم من يدع الصحيح و يأخذ ما لم يصح، و قد يفسر اللفظ على معنى و يحصره فيه مع إمكان فهم معنى غيره .
شكراً أخي فيصل , و اعذرني إن شرّقت أو غرّبت |