الموضوع: كلاكما محسن
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #1  
قديم 25/06/2010, 02:42 PM
صقر فيصل صقر فيصل غير متواجد حالياً
كاتب مفكر بالمجلس العام
تاريخ التسجيل: 22/11/2005
المكان: في زمنٍ حياديّ
مشاركات: 1,847
كلاكما محسن

السلام عليكم ورحمة والله وبركاته

إنها تلوح في الأفق مرّة أخرى، لا تظنّها الأولى ولن تكون الأخيرة...

مما نعرفه ولم ندرك حدوثه، أن الشيخ محمد الغزالي رحمه الله اشتُهِر بفتاوى خالفها الكثير من الشيوخ في السعودية، ولعل أشهرَها إباحة الغناء. هنالك اتهمته طبقة من مخالفيه في دينه، وقال البعض هو طالب شهرة، وآخرون سفهوا آراءه وفتاواه، مما دعا المفتي العام للسعودية آنذاك الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله - وهو لم يكن في أي من الفئات المذكورة - إلى طلب الحوار معه، ففعل الشيخ الغزالي، ولقي الشيخ بن باز، فماذا جرى؟

بعد خروج الشيخ الغزالي من عند الشيخ بن باز، سألته الصحافة، فلم يغير الغزالي فتواه ولكن قال عن بن باز: وجدت رجلاً يكلمني من الجنة!

وقبل ذلك اختلف مجموعة من شيوخنا مع كتاب الشيخ القرضاوي "الحلال والحرام في الإسلام"، ولحقه من الاتهام والقدح في دينه ما لحقه، ولكن ماذا كان رد بن باز؟

يذكر الشيخ القرضاوي في مذكراته:

ومما أذكره من وقائع تلك المدة من الزمن: أني تلقيت رسالة من سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، خلاصتها: أن وزارة الإعلام طلبت رأيه في كتابي (الحلال والحرام في الإسلام) لأن بعض الناشرين طلبوا من الوزارة أن (تفسح) له، وكلمة (الفسح) غدت مصطلحا معروفا في المملكة يقصد به الإذن بنشر الكتاب ودخوله في السعودية.
[...]
فلا غرو أن ذكر الشيخ ابن باز بأدب العالم الكبير، ورفق الداعية البصير: أنه يريد أن يفسح الكتاب لما فيه من نفع للمسلمين لسلاسته وجمال أسلوبه، وأخذه بمنهج التيسير، ولكن المشايخ في المملكة خالفوه في ثمانية مسائل. وسرد الشيخ رحمه الله هذه المسائل الثمانية، ومنها: ما يتعلق بزي المرأة وعملها، وما يتعلق بالغناء والسماع، وما يتعلق بالتصوير، وما يتعلق بالتدخين، وأني لم أحسم الرأي فيه بالتحريم، وما يتعلق بمودة غير المسلم..الخ.
وقال الشيخ رحمه الله: وإن كتبك لها وزنها وثقلها في العالم الإسلامي، وقبولها العام عند الناس، ولذا نتمنى لو تراجع هذه المسائل، لتحظى بالقبول الإجماعي عند المسلمين.


هل قدح بن باز في القرضاوي؟ هل اتهمه في دينه؟ هل قال له يجب قطع لسانك وسجنك؟ هل قال اذهب لسوق الخضار؟!!

لا يا أحبتي، ورد عليه القرضاوي برسالة قال فيها:

لو كان من حق الإنسان أن يدين الله بغير ما أداه إليه اجتهاده، ويتنازل عنه لخاطر من يحب، لكان سماحتكم أول من أتنازل له عن رأيي، لما أكن لكم من حب وإعزاز واحترام، ولكن جرت سنة الله في الناس أن يختلفوا، وأوسع الله لنا أن نختلف في فروع الدين، ما دام اختلافا في إطار الأصول الشرعية، والقواعد المرعية: وقد اختلف الصحابة والتابعون والأئمة الكبار، فما ضرهم ذلك شيئا، اختلفت آراؤهم، ولم تختلف قلوبهم، وصلى بعضهم وراء بعض.

...

واذكروا موقف بن عثيمين رحمه الله مع السويدان الذي تحاورا فيه بأدب العلماء حول سلسلة "قصص من التاريخ الإسلامي" للسويدان، ثم اتفقا على ألا يبيعها في السعودية ولم ينهه عن بيعها خارجه...

وقبل ذلك اختلف ابن حنبل والشافعي ومالك وأبو حنيفة، فما سمعنا أن هذا سب ذاك، أو لمز رأي ذلك، أو شكك في دينه، أو خلقه، أو عقله...

فهل نحن، ومن معنا ممن أساؤوا للكثير ممن يخالفونهم من الشيوخ لفتوى في فرع، على منهج خير من مناهج هؤلاء؟

هل نظننا على منهج خيرٍ من المنهج الذي وضعه لنا الحبيب صلى الله عليه وسلم؟!

وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: سمعت رجلا قرأ آية، وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ خلافها، فجئت به النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فعرفت في وجهه الكراهية، وقال: (كلاكما محسن، ولا تختلفوا ، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا)

كلاكما محسن ... لا تختلفوا ... لا تتهموا بعضكم في أديانهم ... لا تسخروا من آرائهم ... كلاكما محسن ... والمسلم ليس الذي يشتغل بتتبع أخطاء البشر، واتهامهم في دينهم لاجتهاداتهم، المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.
اضافة رد مع اقتباس