بسم الله الرحمن الرحيم
**********
بعد أن أُريقت الدماء ، ورُميت الأحشاء ، وقُطعت اللحوم والأعضاء ، وامتلأت البطون بلذيذ الشواء ،،
غمضت العيون ، وزال بحمد الله العناء ..
عّم السعد قلوب العباد ، فتهافت صغار القوم لكبارهم ، وأصحائهم لمرضاهم ، وأغنيائهم لفقرائهم ، وعامتهم لخاصتهم بما فضل الله بعضهم على بعض ..
تحققت حكمة الخالق عند حكماء الخلق ، وتقاسم الكل فرحة العيد ، فنسيَ المسجون زنزانته ، وباع المكلوم أحزانه ، وسد الجائع حاجته ، وتصافح الإخوة بعد طول جفاء ..
فرحة العيد وسيلةُ أرادها الله لنا ، لنرغب العيد ونعيده كل عام ، لنصل بهذه الوسيلة إلى الغاية السامية ، والهدف المنشود ، وهو إحياء الضمائر ، وتطهير النفوس ، وتجسيد معاني الإنسانية التي أنهكتها المادة ، بإطعام الفقير ، ومساواة أفراد المجتمع بإختلاف أحوالهم وأوضاعهم ، وقبل ذلك لتجديد إيماننا بالله ورسوله ، لنستعين بكل ماسبق على إستهلال العام الجديد ، بعزيمة أكبر ، وروح مرتفعة ، تعيننا على إعمار الأرض بالخير والحب والتسامح .. فلله الحمد في الأولى والآخره ..
مع إجتماع العائلة لإقامة مراسم الذبح ، وجلب أولى ضحايا هذه المراسم ، برزت أنياب ، وشمرت سواعد ، فهذا يسن السكين ، وذاك يجر الخروف المسكين ، وآخر يشد حبال التعليق ، ورفيقه بالكاميرا يعشق التوثيق ..
هناك في الطرف المقابل ، طفل بدت على واجهه معالمٌ شريرة ، فمن إبتسامة خبيثة ، وتقطيب للحواجب ، إلى يد ترتعش ، وقلب يخفق ، تناقض في المشاعر الظاهرة ، وتوافق في المشاعر الباطنة التي علمتها بعد أن مضت اللحظة الحاسمة ..
بعد التسمية ، فارت دماء الأضحية ، وبدى وكأن خروفنا الأول يركض مضطجعاً على جنبه من حرارة الموت ، وبدأ والدي بالدعاء بعد أن نظف سكينه من الدماء :
اللهم أعنى على ما أعنته عليه ، اللهم أعنى على ما أعنته عليه
لمحت ذلك الطفل سريعاً ، فرأيت معالم الخوف بدت واضحة عليه ، فما عاد لمعالم الشر في وجهه أثر ، فقد تحولت بعد المشهد إلى معالم الخوف والرهبة ، فأطلق عبارةً متقطعة خالطتها الرعشة ودفعها الخوف وأوجبتها براءة الأطفال ، مخاطباً بها والدي قائلاً :
الطفل : (( أشوى أني مانيب خروف ))
الوالد : (( ليه ))
الطفل : (( علشان مايصير لي مثل ما صار له ))
الوالد : (( اللي صار له وأنا أبوك أهون من اللي بيصير لنا ))
الطفل : بأسلوب المهايط (( وييييييييييييييين مافيه أمل ))
الوالد : (( الخروف وأنا أبوك انتهى بموته ، وحنا بنذوق اللي ذاقه من حرارة
الموت ، وبيحاسبنا الله بعدها ))
سكت الطفل ، بنهاية تلك الجملة
فقلت في نفسي
(( ياليتني خروف ))
كل عام وأنتم إلى الله وأحبابكم أقرب ،،
كتبه لشبكة الزعيم الموقع الرسمي لنادي الهلال
أخوكم / أبو سواج
كونوا بخير ،،
.
.
.
.
.
.