بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، أما بعد :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، و أسعد الله أوقاتكم بكل خير .
إذا كنت تظن أنك تقوم بأمور تافهة بسبب تملّك الفراغ النسبة الأكبر من وقتك ، فيجب عليك إعادة النظر ، ففي جامعة "ستوكهولم" قام ثلاثة علماء يدعون "جونسون" و "تشيرلاندا" و "أنكيوس" بدراسة مستفيضة و شاقة ، أما ما هو محور هذه الدراسة ؟ فحتماً لن تصدق أنه ( مـزاج الدجـاج ) ، و هذه ليست مزحة !
حيث قام هؤلاء العلماء ، عفواً بل السفهاء ، بمراقبة الدجاج ، و التمركز في حظائرها في مجموعة من المزارع السويدية لفترة طويلة ، و كل ذلك من أجل أن يخرجوا بنتيجة مفادها : [ الدجاج يفضّل النساء على الرجال ، و الجميلات على القبيحات ، و الشابات على المسنات ] ، و يبدو أن معظم الرجال يملكون نفس المزاج !
حسناً ، ليس المهم ما وصلوا إليه ، بل المهم أن نشير إلى توفر البحث في مجالات عدة قد تكون أتفه من التافهة ، و يكون الأمر فيها جدياً إلى حـدٍ بعيد ، و بما أن الحديث عن الأمزجة ، سنستدرج الأمر لنتكلم عن الأذواق و الآراء .
إن ما يثيرنا هذه الأيام هو ما يطرح في هذا الشهر الفضيل من أعمال تلفزيونية لها أهدافها المختلفة ، و بما أننا لازلنا نرصد بشكل أكبر ما يحدث في "طـاش ما طـاش" ، و بما أن أمزجتنا و أراءنا تختلف حول ( هـضـم ) فحواه ، يجب علينا التريث قبل أن ندخل في غوغاء الحديث و الرأي حول حقيقة ما طُرح من تزييفه .
أولاً يجب أن نعي أن كل مَن في الطرف الآخر من الرأي يحب الله - عز و جل - ، و يحب رسوله - عليه الصلاة و السلام - ، و ثالثاً يوالي حكام هذا البلد الكريم ، فإن كان غير ذلك من أي شيء ، فلا سبيل للنقاش أو الجدال ، فإما عدوٌ للإسلام ، أو عدواً للوطن .
و بعد أن نكون متأكدين من كل ذلك ، يجب علينا إجتناب الحديث عن النوايا ، و أن نحصر الجدل في الظاهر ، فلا نقول أن فلاناً كارهاً ، و لا نقول أن فلاناً جاحداً ، بل مخالفاً ، فتؤخذ الدراما بشكلها الظاهر و المشار إليه .
هكذا نستطيع أن نحكم على ما يعرض هل هو واقع أم من نسج الخيال ؟ و لن أجادل في ذلك ، فسأتركه لكم ، و لكن آمل أن لا يكون ما يطرح في هذا الشهر المبارك زيادة في الفتنة و التفرقة و العدوانية ، فنحن كلنا مسلمون أبناء وطن واحد ، نطرح الآراء و نختلف مع ما يخالف ، و لسنا في كل الأمور محقين .
إن المشاهد أن ما يعرض في القنوات يتحول إلى حرب على صفحات الصحف و البرامج الحوارية ، و تعُود لنا الصفات و التَقسُمات حول أبناء هذا المجتمع ، و بدلاً من أن يكون شهر رمضان هو منطلق الرحمة و ( اللـُحمة ) و ليست ( اللـَحمة ) ، يكون منطلق التحزب و التفرقة ، فإما وعيٌ و إدراك كامل لذلك ، أو تجنبه جملةً و تفصيلاً .
على أية حال ، فتشخيص حالة ما يحدث في الشاشة الآن لا يحتاج إلى أكثر من دجاجة و بعض الديوك الخرساء !
|-| ختمة على الماشي |-|
ليس العبرة بالكـَم و لكن بالكيف ، يبدو أن ذلك معمم حتى ليدخل بعض النوافل .
فقد ذُكر أن تلميذاً عند "أحمد بن حنبل" كان يقوم الليل و يختم القرآن في كل ليلة ، فلما بلغ "إبن حنبل" ذلك أراد أن يعضه ، فقال: [ بلغني أنك تفعل كذا و كذا ] ، قال: [ نعم ] ، قال: [ فأذهب و أقرأه كأنك تقرأه علي ] ، و لمّا كان من الغد ، أتى التلميذ شيخه و قال: [ لم أقرأ إلا عشرة أجزاء ] ، فقال "إبن حنبل": [ إذهب و أقرأه كأنك تقرأه على النبي عليه الصلاة و السلام ] ، فلمّا كان من الغد ، جاء التلميذ و قال: [ لم أستطع أن أنتهي من جزء عـمّ ] ، قال: [ فأذهب و أقرأه كأنك تقرأه على الله تعالى ] ، قيل فذهب ، و لمّا كان الغد ، حضر إلى شيخه باكياً دامعاً ، عليه أثر التعب و السهر ، فقال: [ يا سيدي ، و الله لم أكمل الفاتحة طوال الليل ] ..!!
و في شأن آخر ، قال "عـمـر" - رضي الله عنه - : [ إن الرجل ليشيب عارضاه في الإسلام و لم يكمل لله صلاة ] ، قيل: [ و كيف ذلك يا أمير المؤمنين ؟ ] ، قال: [ لا يتم ركوعها و سجودها و خشوعها و إقباله على الله فيها ] ..!!
إن العبرة يا سيدي ليس أن تقف في صلاة التراويح ، و أنت تفكر في زيّك ، أو تقرأ القرآن لا تعلم ما فيه من الحكمة و الموعظة ، تسابق الوقت لتنهي أجزاءه ، بل هي في الخشوع و الخضوع و الخنوع و الإقبال على الله عز وجل ، فهل من مذّكِر ؟
|-| خـاتمـــة |-|
صَـحَّ عن النبي - صلى الله عليه و سلم - فيما يرويه عن ربه - سبحانه و تعالى :
[ كل عمل ابن آدم له ، إلا الصوم فهو لي و أنا أجزي به ]
اللهم إن قيامنا و قعودنا ، و صلاتنا و صيامنا ، و خشوعنا و خضوعنا ، لك قربان ، فتقبل منا إنك سميع مجيب الدعوات .
و كـــــــل عام و أنتم بخيــــــر
[-] مــرور الـكـــرام [-]
.