داعب أحدهم فتاه تعيش معنا أسمها ( سارة ) وهي فتاة في بداية العشرينات من العمر وتعمل مصممة للديكور بعد نيلها شهادة مختصة في ذلك وهي على قدر من الجمال كما تتمتع بحسن الدعابة ويبدو لدي ان صديقنا متيم بها وهو يقول لها أمام والديها الذين نسكن في منزلهم : أريد الزواج منك ( قالها ضاحكا ) وان كنت على اعتقاد انه يعني ما يقول

أجابت ( سارة ) وهي تبتسم أيضا : لا مانع لدي شريطة أن أكون ( مستقلة ) !!

سرحت بتفكيري وتركتهم في دعابتهم وأنا أفكر ما معنى أن تكون ( مستقلة ) ؟! وتذكرت يوما أتيح لنا في دولة عربية أن نحضر ندوة نظمتها أحدى الجامعات وكانت حول تحديات المرأة العربية وحقوقها .. وبعد انتهاء الندوة كنا مجموعة من الشباب والفتيات التي بدى عليهن الحماس حول هذه التحديات والحقوق التي أظن أن الجميع ينشدها في وطننا العربي وليس المرأة فقط .. وبينما الجميع يشيد بالندوة ويتحدث عن استقلالية المرأة ضمن مصطلحات عديدة .. طرحت سؤالا مفاده : ماذا تعني استقلالية المرأة ؟

قوبل سؤالي بنظرات الاستهجان والتعجب وكأن لسان حالهم : ما هذا السؤال الرجعي المتخلف !! ثم بدأ كل منهم يدلوا بدلوه في هذه المسألة والرجال يسابقون النساء في تفسير الاستقلالية !! وكان حديثهم عاطفيا بعيدا عن الواقعية والقراءة الجيدة لموروثنا الإسلامي !! وانتهت أحاديثهم وفي عقلي مقولة ( يمنية ) مفادها : ليتهم رقدوا

ابحث عن أي بطاقة دعوة لعقد قران وتناولها بين يديك وسوق تقرأ ان أسرة ( آل مخمخ ) وأسرة ( آل مشمش ) يتشرفون بدعوة الآخرين لحضور هذا الحفل الكريم ولا أتذكر أن قرأت يوما أن أسرة ( مخمخ ) قرروا احتلال فتاة من أسرة ( مشمش ) حتى تطالب السيدة ( مشمشة ) في قادم الأيام بضرورة استقلالها من نير الاحتلال ( المخمخاوي ) !!

سؤالان يشغلان تفكيري :

هل هنالك حقيقة ما يسمى ( استقلال ) الفرد سواء كان ذكر أو أنثى ؟ واذا كانت هنالك استقلالية كما يدعون فما هو مبرر وجود الأنظمة والقوانين اللذان يتعارضان حتما مع مفهوم استقلالية الفرد ؟!!

أذا افترضنا جدلا أن المرأة نالت استقلالها وان الرجل قد نال استقلاله أيضا وان كل منهما لا يساوم على هذه الاستقلالية .. فأين سنجد معنى المسؤولية والالتزام ؟

لا يكاد أن يسترها سوى مقدار قليل من قطع القماش لم يساهم صراحة في أن يستر إي شئ !! هكذا كان الحال وأنا انظر إلى تلك الفتاه التي شاركتني المقعد الذي يقابلني مباشرة في القطار .. أطلت النظر إليها وحقيقة هي ليست عادتي كما أنني لم أكن مفتونا بها فأنا أفكر وليس هنالك مساحة شاغرة في عقلي تتيح لي ترف الافتنان والقيام بدور ( روميو القطار ) .. سألت نفسي وأنا أتفحص هذه ( البضاعة ) الماثلة أمامي : هل العري هو الغاية التي ينشدها دعاة ومنظمات تحرير المرأة ؟ أكملت النظر إليها وأنا ابحث عن ماذا أضاف تحرير المرأة لهذه الشخصية والتي تشبه مجملا جميع قريناتها .. لم أجد في هيئتها ما يمنحني مساحة لكي امنحها شئ من الاحترام .. امرأة عارية فكيف أحترمها ؟ نظرت إلى عينيها مرة أخرى لعلي أرى فيهما شئ من إي شئ .. صراحة لم أجد سوى فراغ .. صحراء قافرة من أي معنى لأي شئ !! نظرت إلى امرأة أخرى ابحث عن هذه الحرية التي يدعونها فوجدت أخرى في منتصف العمر يبدوا أنها أكثر رزانة إلى حد ما من المراهقة التي أمامي تلبس تنوره تعلو الركبة وبلوزة لم تنسى أن تمنح أزرارها العلوية مساحة أكبر من التحرر يوافق مستواها التحرري ومعلنا عن حرية ما يقع خلف تلك البلوزة مع عناية غير عادية بتفاصيل دقيقة في المكياج والتسريحة التي تتناسب مع غرف النوم وليس مكاتب العمل !! هذه امرأة يبدو انها اكتسبت وظيفتها ليس بناء على مؤهلاتها العلمية او خبراتها الفنية ولكن على مقوماتها الجسدية .. جميله هذه الحرية لمن يرغب أن يكون ذئب بين قطعان الخراف !!

نحن قلقون بشأن المرأة في الدول العربية !! المرأة المسلمة تعاني من التمييز بين الجنسين !! دعوة للمنظمات الحقوقية والإنسانية ومؤسسات المجتمع المدني لتحرير المرأة من قيود مخلفات الماضي !! هذه بضع عناوين تتناولها من وقت الى آخر الصحف والقنوات الحوارية والعنواين الأخبارية في التلفازات الغربية ويرددها بضع ( ببغاوات ) في عالمنا العربي والإسلامي .. حقيقة يبدو أنهم قلقون بالفعل على نساؤنا العربيات والمسلمات .. ولكن من حقي أنا القادم من ذلك العالم الذي يصفوننا بالجهل والتخلف أن أعلن عن قلقي أيضا من الحال المتردي التي وصلت إليه المرأة الغربية .. فالحال حقيقة مزري خاصة وقد تحولت المرأة الغربية إلى ( أمة ) في سوق العبيد ومتاع يمكن بيعه وشراؤه لمن يستطيع دفع الثمن ولمن لا يستطيع أيضا !! لن أتكلم عن ( التعري ) فهذه حرية شخصية يمكن لنا أن نتفهمها وفق قيمهم الاجتماعية طالما يعدونها قيم مثلى .. ولكن حديثي عن تجارة الجنس الرائجة في هذه المجتمعات والتي تعد رسميا عملا غير قانوني !! فالجنس مقابل المال جريمة .. كما أن هذه التجارة الرائجة معلوم جيدا أن القائمين عليها مجموعات إجرامية يمارسون صور شتى من الجرائم تجاه تلك الفتيات العاملات بالجنس ناهيك عن جرائمهم الأخرى وبالرغم من كل ذلك نجد الترويج والإعلانات في الصحف والمجلات والتلفاز وقنوات النت في تجارة غير شرعية تدر المليارات سنويا على القائمين عليها على حساب القيم الإنسانية وفق الأعراف الدولية وميثاق حقوق المرأة .. أعتقد أن على منظمات الدفاع عن حقوق المرأة في العالم الغربي أن يلتفتوا إلى الضحايا الماثلين أمامهم وبالقرب منهم قبل توجيه أحاديثهم نحونا في أقاصي الأرض .. ويجب أن يتذكروا جيدا أنني قلق ويجب أن يحترموا قلقي