#1  
قديم 18/11/2003, 01:32 AM
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 23/04/2002
مشاركات: 708
}{}{}{ رمـضــانـيــات -3- }{}{}{

[ALIGN=CENTER]


هلت العشر الأواخر ..
و هي خلاصة رمضان ..
فيها ليلة القدر ..
خير من ألف شهر ..
اللهم بلغنا ليلة القدر ..
اللهم أعتق رقابنا من النار ..

نبحر وإياكم في العدد الثالث و الأخير من رمضانيات .. أتمنى لكم كل المتعة ..









مشروعية الاعتكــــــاف


أولاً : الاعتكاف مشروع بالكتاب والسنة والإجماع . أما الكتاب : فقوله تعالى : ( وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) البقرة/125 , وقوله : ) وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) البقرة/187 .
وأما السنة فأحاديث كثيرة منها حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ ) رواه البخاري ومسلم ).
وأما الإجماع ، فنقل غير واحد من العلماء الإجماع على مشروعية الاعتكاف . كالنووي وابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيمية .
وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى : "لا ريب أن الاعتكاف في المسجد قربة من القرب ، وفي رمضان أفضل من غيره .. وهو مشروع في رمضان وغيره" .

ثانياً : حكم الاعتكاف . الأصل في الاعتكاف أنه سنة وليس بواجب ، إلا إذا كان نذرا فيجب ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ ) رواه البخاري . ولأن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ . قَالَ : ( أَوْفِ بِنَذْرِكَ ) . وقال ابن المنذر في كتابه "الإجماع" (ص53) : "وأجمعوا على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضا إلا أن يوجبه المرء على نفسه نذرا فيجب عليه" .






الصوم مع ترك الصلاة


تارك الصلاة لا يقبل منه عمل ، لا زكاة ولا صيام ولا حج ولا شيء . روى البخاري عن بُرَيْدَة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ تَرَكَ صَلاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ) . ومعنى "حبط عمله" أي : بَطَلَ ولم ينتفع به . فهذا الحديث يدل على أن تارك الصلاة لا يقبل اللهُ منه عملاً ، فلا ينتفعُ تاركُ الصلاةِ من عمله بشيء ، ولا يَصْعَدُ له إلى الله عملٌ .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في معنى هذا الحديث في كتابه الصلاة (ص/65) : " والذي يظهر في الحديث ؛ أن الترك نوعان : تركٌ كليٌّ لا يصليها أبداً، فهذا يحبط العملُ جميعُـه ، وتركٌ معينٌ في يومٍ معينٍ، فهذا يحبط عملُ ذلك اليومِ ، فالحبوطُ العامُّ في مقابلةِ التركِ العامِّ ، والحبوطُ المعينُ في مقابلةِ التركِ المعينِ "
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص87) عن حكم صيام تارك الصلاة ؟ فأجاب : تارك الصلاة صومه ليس بصحيح ولا مقبول منه ؛ لأن تارك الصلاة كافر مرتد ، لقوله تعالى : ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ) التوبة/11. ولقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاةِ ) رواه مسلم . ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ) رواه الترمذي . صححه الألباني في صحيح الترمذي . ولأن هذا قول عامة الصحابة إن لم يكن إجماعا منهم ، قال عبد الله بن شقيق رحمه الله وهو من التابعين المشهورين : كان أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة ، وعلى هذا فإذا صام الإنسان وهو لا يصلي فصومه مردود غير مقبول ، ولا نافع له عند الله يوم القيامة ، ونحن نقول له : صل ثم صم ، أما أن تصوم ولا تصلي فصومك مردود عليك لأن الكافر لا تقبل منه العبادة .
وسئلت اللجنة الدائمة إذا كان الإنسان حريصا على صيام رمضان والصلاة في رمضان فقط ، ولكن يتخلى عن الصلاة بمجرد انتهاء رمضان فهل له صيام ؟ فأجابت : الصلاة ركن من أركان الإسلام ، وهي أهم الأركان بعد الشهادتين وهي من فروض الأعيان ، ومن تركها جاحدا لوجوبها أو تركها تهاونا وكسلا فقد كفر ، وأما الذين يصومون رمضان ويصلون في رمضان فقط فهذا مخادعة لله ، فبئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان ، فلا يصح لهم صيام مع تركهم الصلاة في غير رمضان ، بل هم كفار بذلك كفرا أكبر وإن لم يجحدوا وجوب الصلاة في أصح قولي العلماء .















العمرة في رمضــان :

ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : (( عمرة في رمضان تعدل حجة )) [أخرجه البخاري ومسلم] و في رواية (( حجة معي )) فهنيئاً لك – يا أخي – بحجة مع النبي صلى الله عليه وسلم .





تحري ليلـة القدر :

قال الله تعالى : { إنا أنزلناه في ليلة القدر * و ما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر } [القدر1-3] .
و قال صلى الله عليه و سلم : (( من قام ليلة القدر إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) [أخرجه البخاري ومسلم] .
و كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى ليلة القد و يأمر أصحابه بتحريها و كان يوقظ أهله ليالي العشر رجاء أن يدركوا ليلة القدر . و في المسند عن عبادة مرفوعاً (( من قامها ابتغاءها ثم وقعت له غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر )) و للنسائي نحوه , قال الحافظ إسناده على شرط الصحيح .
و ورد عن بعض السلف من الصحابة و التابعين الاغتسال و التطيب في ليالي العشر تحرياً لليلة القدر التي شرفها و رفع قدرها . فيا من أضاع عمره لا شئ , استدرك ما فاتك في ليلة القدر , فإنها تحسب من العمر , العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها من حرم خيرها فقد حرم .
و هي في العشر الأواخر من رمضان , و هي في الوتر من لياليه الآخرة , و أرجأ الليالي سبع وعشرين , لما روى عن مسلم عن أبي بن كعب رضي الله عنه : (( و الله إني لأعلم أي ليلة هي , هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها , و هي ليلة سبع وعشرين )) , و كان أبي يحلف على ذلك و يقول : (( بلآية و العلامة التي أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم , أن الشمس تطلع صبيحتها لا شعاع لها )) .
و عن عائشة قالت : (( يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر ما أقول ؟ قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني )) [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني] .






الاعتكــاف :

كان النبي صلى الله عليه و سلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام , فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً .. [ أخرجه البخاري] .
فالاعتكاف من العبادات التي تجمع كثيراً من الطاعات من التلاوة و الصلاة و الذكر و الدعاء و غيرها . و قد يتصور من لم يجربه صعوبته وشقته , و هو يسير على من يسره الله عليه , فمن تسلح بالنية الصالحة و العزيمة الصادقة , أعانه الله . و أكد الاعتكاف في العشر الأواخر تحرياً لليلة القدر , و هو الخلوة الشرعية فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله و ذكره , و قطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه , و عكف قلبه و قالبه على ربه و ما يقربه منه , فما بقي له هم سوى الله و ما يرضيه عنه .















الطهي بالتسبيح

[ قصة واقعية ]

لا أخفي عليكم أنني لستُ مِن هواة الطهي، فقد كنت أعتبره مضيعةً للوقت والجهد، فلما تمت خطبتي إكتشفت أن حماتي من الذين يقضين معظم أوقاتهن بالمطبخ ، بل و تهوى التفنن في إعداد الأصناف الجديدة من الطعام كل حين وآخر، مستعينة بشتى كتب الطهي العربية والغربية، فكان هذا الأمر- بالطبع- يقلقني، فلابد أن خطيبي بعد الزواج سوف يقارن بين طعامي وطعام والدته، فلما انتهينا من إعداد كل شيء للزواج وتم تحديد الموعد مع والدي ، لا حظ خطيبي أنني أؤجل موعد الزواج ، و أنني في كل مرة أتعلل بسبب مختلف ، فسألني صراحةً:" إنك تؤخرين الزواج لسبب لا أفهمه، فما الأمر؟" فشعرت أن الأمر مكشوف، ولم يعد أمامي إلا أن أذكر الحقيقة ، فقلت له:" بصراحة ..أنا أكره المطبخ!!!!"، فضحك متعجباً، وقال لي:" على كُلٍ أنا أحب الأكلات البسيطة ، كما أنني لا أهتم إذا تناولت لوناً و! احداً من الطعام لمدة يومين على التوالي " فطمأنني هذا الكلام ، ولم أؤجل الزواج بعد ذلك، ولكنني بعد الزواج شعرت بأنني مسؤولة عن البيت وكل شؤونه، ومن بين هذه الشؤون : المطبخ!!!! فقلت لنفسي:" لا بد من أن تبذلي جهدك لتبدعي في المطبخ حتى لو كان زوجك يحب البسيط من الأكلات"

وفي أول يوم أدخل مطبخي للطهو إستعنت بالله تعالى وتوكلتُ عليه ورجوته ألا يكون طعامي أسوأ كثيراً من طعام حماتي ، ثم بدأت بالطهي... وفي هذه الأثناء تذكرت- بفضل الله-كلمات قالتها لنا أخت فاضلة كانت تعطينا درساً بالمسجد في شهر رمضان ، قالت لنا- جزاها الله خيرا- " إن المرأة العربية تقضي معظم أوقاتها بالمطبخ ، وخاصةً في شهر رمضان، مما يضيِّع عليها الكثير من فضل هذا الشهر العظيم ... إن رمضان يا أخواتي كالعطر يتبخر سريعاً!!! فلا تضيِّعنه بالمطبخ وما شابه من أعمال ... فإن كان ولا بد، فلماذا لا نذكر الله في المطبخ ؟؟!!!!"
"هل جرَّبَت إحداكن أن تطهو وهي تسبِّح الله وتذكره؟؟!!!!"

وشعرتُ بأنني في حاجة لأن أفعل ذلك، ليس لاغتنام شهر رمضان- فقد كنا في شهر آخر لا أذكره- ولكن عسى الله أن يجعل نكهة الطعام الذي أطهوه طيبة!!!!!!
وقررت أن أبدأ بالبسملة عند كل خطوة من إعداد الطعام!!! بدءاً بإشعال الموقد ومروراً بوضع الدهن بالإناء ، ثم البصل أو الثوم ، ووضع الطماطم .... وانتهاءً بإطفاء الموقد.

وفي المرة الثانية قلتُ لنفسي: لماذا لا أتلو سورة الإخلاص بعد البسملة عند كل خطوة ؟ إنني أحب هذه السورة كثيراً، كما أنها قصيرة، وفي تلاوتها الكثير من الثواب أيضا؟!!!!
فصرتُ أفعل ذلك بفضل الله ... ثم هداني الله سبحانه إلى أن أقوم بالتسبيح ريثما ينضج الطعام ، وفي أثناء غسل الأطباق مثلاً أو تنظيف المطبخ.

وكان رد فعل زوجي هو الثناء على طعامي ، حتى أنه قال لي أنني تفوقت على والدته!!!! ولم أصدقه وقتها بالطبع- فلستُ من الذين يدققون في نكهة الطعام مادام صالحاً للأكل والملح غير مبالغ فيه- و ظننتُه يجاملني... فأنا مازلت عروساً حديثة العهد، وهذه المجاملات الزوجية شيء معتاد.
ولكني لاحظت أنه يكرر هذه العبارة كثيراً فأسعدني ذلك ولكني لم أصدقه تماماً و ظننت ذلك تشجيعاً منه ، خاصة عندما اكتشفت أن زوجي من هواة الطعام المعد بإتقان ، كما أنه يدقِّق في طريقة إعداد كل صنف.... وأن ما قاله لي قبل الزواج كان من قبيل التشجيع فقط!!!!

ولما كنت أدعو حماتي لتقضي معنا أياماً، كانت هي الأخرى تُثني على طعامي ، فكنت أظنها هي الأخرى تجاملني، وكنت ألاحظ أنها كانت تقضي معي الأوقات بالمطبخ ، فكنت أرجوها أن ترتاح بغرفة المعيشة فكانت ترفض... فكنا نتجاذب أطراف الحديث... ولكني لم أنتبه إلى أنها كانت تراقب خطواتي في إعداد الطعام ، حتى سألتني ذات مرة عن طريقة إعداد صنف معين، فلما ذكرت ذلك لها لاحظتُ العجب على وجهها ولكني لم أفهم السبب ، حتى اتصلَت بي بعد شهور من زواجي لتقول لي :" يا عفريته،أنا أستحلفك بالله أن تذكري لي سر النكهة الطيبة التي يتميز بها طعامك!!!!"، فسألتها إن كان تمزح، فأقسمَت أنها لا تمزح!!!!"

فكانت تلك مفاجأة بالنسبة لي، ولكني عصرتُ ذهني لأبحث عن السبب ، فلم أجد غير البسملة وسورة الإخلاص ، وأحياناً التسبيح... فقلت لها :" هل تريدين الحقيقة؟" قالت لي :" بالطبع" فذكرت لها ما كان من أمري، فتعجبت ، ولكن يبدو أنها لم تصدقني تماماً فلاحظتُ أنها حين زارتنا في المرة التالية كانت تتابعني أثناء الطهو لتتأكد من من صدق حديثي!!!! ولما اطمأن قلبها وتأكدَت قالت لي بعد ذلك أنها أصبحت تفعل مثلي، وأنها لاحظت تقدَّماً في نكهة طعامها أيضاً!!!!!!

والطريف في الأمر أنني لم أعد أكره الطهو ، ولا البقاء في المطبخ ...خاصة عندما خصصتُ جهاز تسجيل للمطبخ أستمع من خلاله إلى القرآن الكريم ومختلف الدروس الدينية، فصار وقتي الذي أقضيه بالمطبخ ممتعاً !!! ولم أعد أشعر بالوقت إلا بعد الانتهاء من كل شيء!!!

ليس هذا فحسب وإنما صرت –بفضل الله-لا أقتصر على إعدا د الوجبات الرئيسة ، وإنما تطور الأمر بي إلى إعداد المخبوزات مثل الكيك ، و البيتزا، بل والتورتة أيضاً، وأحياناً بعض المخللات والمربى...حتى أن صديقاتي والمقربين لم يصدِّقوا حين علموا بذلك!!!!!

فسبحان الله إن لذِكر الله أسرارٌ نغفل عنها ...إلا أن غفلتنا هذه لا تنفي أبداً عجيب هذه الأسرار...فسبحانك ربي ما أعظمك !!!















خالد بن الوليد.. المنتصر دومًا

(في ذكرى وفاته: 18 من رمضان 21هـ)

هو "أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة"، ينتهي نسبه إلى "مرة بن كعب بن لؤي" الجد السابع للنبي (صلى الله عليه وسلم) و"أبي بكر الصديق" رضي الله عنه.
وأمه هي "لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية"، وقد ذكر "ابن عساكر" – في تاريخه – أنه كان قريبًا من سن "عمر بن الخطاب".

أسرة عريقة ومجد تليد

وينتمي خالد إلى قبيلة "بني مخزوم" أحد بطون "قريش" التي كانت إليها "القبة" و"الأعنة"، وكان لها شرف عظيم ومكانة كبيرة في الجاهلية، وكانت على قدر كبير من الجاه والثراء، وكانت بينهم وبين قريش مصاهرة متبادلة.
وكان منهم الكثير من السابقين للإسلام؛ منهم: "أبو سلمة بن عبد الأسد"، وكان في طليعة المهاجرين إلى الحبشة، و"الأرقم بن أبي الأرقم" الذي كانت داره أول مسجد للإسلام، وأول مدرسة للدعوة الإسلامية.
وكانت أسرة "خالد" ذات منزلة متميزة في بني مخزوم؛ فعمه "أبو أمية بن المغيرة" كان معروفًا بالحكمة والفضل، وكان مشهورًا بالجود والكرم، وهو الذي أشار على قبائل قريش بتحكيم أول من يدخل عليهم حينما اختلفوا على وضع الحجر الأسود وكادوا يقتتلون، وقد مات قبل الإسلام.
وعمه "هشام بن المغيرة" كان من سادات قريش وأشرافها، وهو الذي قاد بني مخزوم في "حرب الفجار".
وكان لخالد إخوة كثيرون بلغ عددهم ستة من الذكور هم: "العاص" و"أبو قيس" و"عبد شمس" و"عمارة" و"هشام" و"الوليد"، اثنتين من الإناث هما: "فاطمة" و"فاضنة".
أما أبوه فهو "عبد شمس الوليد بن المغيرة المخزومي"، وكان ذا جاه عريض وشرف رفيع في "قريش"، وكان معروفًا بالحكمة والعقل؛ فكان أحدَ حكام "قريش" في الجاهلية، وكان ثَريًّا صاحب ضياع وبساتين لا ينقطع ثمرها طوال العام.

فارس عصره

وفي هذا الجو المترف المحفوف بالنعيم نشأ "خالد بن الوليد"، وتعلم الفروسية كغيره من أبناء الأشراف، ولكنه أبدى نبوغًا ومهارة في الفروسية منذ وقت مبكر، وتميز على جميع أقرانه، كما عُرف بالشجاعة والجَلَد والإقدام، والمهارة وخفة الحركة في الكرّ والفرّ.
واستطاع "خالد" أن يثبت وجوده في ميادين القتال، وأظهر من فنون الفروسية والبراعة في القتال ما جعله فارس عصره بلا منازع.

معاداته للإسلام والمسلمين

وكان "خالد" –كغيره من أبناء "قريش"– معاديًا للإسلام ناقمًا على النبي (صلى الله عليه وسلم) والمسلمين الذين آمنوا به وناصروه، بل كان شديد العداوة لهم شديد التحامل عليهم، ومن ثَم فقد كان حريصًا على محاربة الإسلام والمسلمين، وكان في طليعة المحاربين لهم في كل المعارك التي خاضها الكفار والمشركون ضد المسلمين.
وكان له دور بارز في إحراز النصر للمشركين على المسلمين في غزوة "أحد"، حينما وجد غِرَّة من المسلمين بعد أن خالف الرماة أوامر النبي (صلى الله عليه وسلم)، وتركوا مواقعهم في أعلى الجبل، ونزلوا ليشاركوا إخوانهم جمع غنائم وأسلاب المشركين المنهزمين، فدار "خالد" بفلول المشركين وباغَتَ المسلمين من خلفهم، فسادت الفوضى والاضطراب في صفوفهم، واستطاع أن يحقق النصر للمشركين بعد أن كانت هزيمتهم محققة.
كذلك فإن "خالدا" كان أحد صناديد قريش يوم الخندق الذين كانوا يتناوبون الطواف حول الخندق علهم يجدون ثغرة منه؛ فيأخذوا المسلمين على غرة، ولما فشلت الأحزاب في اقتحام الخندق، وولوا منهزمين، كان "خالد بن الوليد" أحد الذين يحمون ظهورهم حتى لا يباغتهم المسلمون.
وفي "الحديبية" خرج "خالد" على رأس مائتي فارس دفعت بهم قريش لملاقاة النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه، ومنعهم من دخول مكة، وقد أسفر الأمر عن عقد معاهدة بين المسلمين والمشركين عرفت باسم "صلح الحديبية".
وقد تجلت كراهية "خالد" للإسلام والمسلمين حينما أراد المسلمون دخول مكة في عمرة القضاء؛ فلم يطِق خالد أن يراهم يدخلون مكة –رغم ما بينهم من صلح ومعاهدة– وقرر الخروج من مكة حتى لا يبصر أحدًا منهم فيها.

إسلامه

أسلم خالد في (صفر 8 هـ= يونيو 629م)؛ أي قبل فتح مكة بستة أشهر فقط، وقبل غزوة مؤتة بنحو شهرين.
ويروى في سبب إسلامه: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال للوليد بن الوليد أخيه، وهو في عمرة القضاء: "لو جاء خالد لقدّمناه، ومن مثله سقط عليه الإسلام في عقله"، فكتب "الوليد" إلى "خالد" يرغبه في الإسلام، ويخبره بما قاله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيه، فكان ذلك سبب إسلامه وهجرته.
وقد سُرَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) بإسلام خالد، وقال له حينما أقبل عليه: "الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلاً رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير".
وفرح المسلمون بانضمام خالد إليهم، فقد أعزه الله بالإسلام كما أعز الإسلام به، وتحول عداء خالد للإسلام والمسلمين إلى حب وتراحم، وانقلبت موالاته للكافرين إلى عداء سافر، وكراهية متأججة، وجولات متلاحقة من الصراع والقتال.

سيف الله في مؤتة

وكانت أولى حلقات الصراع بين خالد والمشركين –بعد التحول العظيم الذي طرأ على حياة خالد وفكره وعقيدته– في (جمادى الأولى 8هـ = سبتمبر 629م) حينما أرسل النبي (صلى الله عليه وسلم) سرية الأمراء إلى "مؤتة" للقصاص من قتلة "الحارث بن عمير" رسوله إلى صاحب بصرى.
وجعل النبي (صلى الله عليه وسلم) على هذا الجيش: "زيد بن حارثة" ومن بعده "جعفر بن أبي طالب"، ثم "عبد الله بن رواحة"، فلما التقى المسلمون بجموع الروم، استشهد القادة الثلاثة الذين عينهم النبي (صلى الله عليه وسلم)، وأصبح المسلمون بلا قائد، وكاد عقدهم ينفرط وهم في أوج المعركة، وأصبح موقفهم حرجًا، فاختاروا "خالدًا" قائدًا عليهم.
واستطاع "خالد" بحنكته ومهارته أن يعيد الثقة إلى نفوس المسلمين بعد أن أعاد تنظيم صفوفهم، وقد أبلى "خالد" – في تلك المعركة – بلاء حسنًا، فقد اندفع إلى صفوف العدو يعمل فيهم سيفه قتلاً وجرحًا حتى تكسرت في يده تسعة أسياف.
وقد أخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) أصحابه باستشهاد الأمراء الثلاثة، وأخبرهم أن "خالدًا" أخذ اللواء من بعدهم، وقال عنه: "اللهم إنه سيف من سيوفك، فأنت تنصره". فسمي خالد "سيف الله" منذ ذلك اليوم.
وبرغم قلة عدد جيش المسلمين الذي لا يزيد عن ثلاثة آلاف فارس، فإنه استطاع أن يلقي في روع الروم أن مددًا جاء للمسلمين بعد أن عمد إلى تغيير نظام الجيش بعد كل جولة، فتوقف الروم عن القتال، وتمكن خالد بذلك أن يحفظ جيش المسلمين، ويعود به إلى المدينة استعدادًا لجولات قادمة.

خالد والدفاع عن الإسلام

وحينما خرج النبي (صلى الله عليه وسلم) في نحو عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار؛ لفتح "مكة" في (10 من رمضان 8هـ = 3 من يناير 630م)، جعله النبي (صلى الله عليه وسلم) على أحد جيوش المسلمين الأربعة، وأمره بالدخول من "الليط" في أسفل مكة، فكان خالد هو أول من دخل من أمراء النبي (صلى الله عليه وسلم)، بعد أن اشتبك مع المشركين الذين تصدوا له وحاولوا منعه من دخول البيت الحرام، فقتل منهم ثلاثة عشر مشركًا، واستشهد ثلاثة من المسلمين، ودخل المسلمون مكة – بعد ذلك – دون قتال.
وبعد فتح مكة أرسل النبي (صلى الله عليه وسلم) خالدًا في ثلاثين فارسًا من المسلمين إلى "بطن نخلة" لهدم "العزى" أكبر أصنام "قريش" وأعظمها لديها.
ثم أرسله – بعد ذلك – في نحو ثلاثمائة وخمسين رجلاً إلى "بني جذيمة" يدعوهم إلى الإسلام، ولكن "خالدًا" – بما عُرف عنه من البأس والحماس – قتل منهم عددًا كبيرًا برغم إعلانهم الدخول في الإسلام؛ ظنًا منه أنهم إنما أعلنوا إسلامهم لدرء القتل عن أنفسهم، وقد غضب النبي (صلى الله عليه وسلم) لما فعله خالد وقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد"، وأرسل "عليًا بن أبي طالب" لدفع دية قتلى "بني جذيمة".
وقد اعتبر كثير من المؤرخين تلك الحادثة إحدى مثالب "خالد"، وإن كانوا جميعًا يتفقون على أنه أخطأ متأولاً، وليس عن قصد أو تعمد. وليس أدل على ذلك من أنه ظل يحظى بثقة النبي (صلى الله عليه وسلم)، بل إنه ولاه – بعد ذلك – إمارة عدد كبير من السرايا، وجعله على مقدمة جيش المسلمين في العديد من جولاتهم ضد الكفار والمشركين.
ففي "غزوة حنين" كان "خالد" على مقدمة خيل "بني سليم" في نحو مائة فارس، خرجوا لقتال قبيلة "هوازن" في (شوال 8هـ = فبراير 630م)، وقد أبلى فيها "خالد" بلاءً حسنًا، وقاتل بشجاعة، وثبت في المعركة بعد أن فرَّ من كان معه من "بني سليم"، وظل يقاتل ببسالة وبطولة حتى أثخنته الجراح البليغة، فلما علم النبي (صلى الله عليه وسلم) بما أصابه سأل عن رحله ليعوده.

سيف على أعداء الله

ولكن هذه الجراح البليغة لم تمنع خالدًا أن يكون على رأس جيش المسلمين حينما خرج إلى "الطائف" لحرب "ثقيف" و"هوازن".
ثم بعثه النبي (صلى الله عليه وسلم) – بعد ذلك – إلى "بني المصطلق" سنة (9هـ = 630م)، ليقف على حقيقة أمرهم، بعدما بلغه أنهم ارتدوا عن الإسلام، فأتاهم "خالد" ليلاً، وبعث عيونه إليهم، فعلم أنهم على إسلامهم، فعاد إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فأخبره بخبرهم.
وفي (رجب 9هـ = أكتوبر 630م) أرسل النبي (صلى الله عليه وسلم) "خالدًا" في أربعمائة وعشرين فارسًا إلى "أكيدر بن عبد الملك" صاحب "دومة الجندل"، فاستطاع "خالد" أسر "أكيدر"، وغنم المسلمون مغانم كثيرة، وساقه إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فصالحه على فتح "دومة الجندل"، وأن يدفع الجزية للمسلمين، وكتب له النبي (صلى الله عليه وسلم) كتابًا بذلك.
وفي (جمادى الأولى 1هـ = أغسطس 631م) بعث النبي (صلى الله عليه وسلم) "خالدًا" إلى "بني الحارث بن كعب" بنجران في نحو أربعمائة من المسلمين، ليخيرهم بين الإسلام أو القتال، فأسلم كثير منهم، وأقام "خالد" فيهم ستة أشهر يعلمهم الإسلام وكتاب الله وسنة نبيه، ثم أرسل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) يخبره بإسلامهم، فكتب إليه النبي يستقدمه مع وفد منهم.

يقاتل المرتدين ومانعي الزكاة

وبعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) شارك "خالد" في قتال المرتدين في عهد "أبي بكر الصديق" – رضي الله عنه – فقد ظن بعض المنافقين وضعاف الإيمان أن الفرصة قد أصبحت سانحة لهم – بعد وفاة النبي – للانقضاض على هذا الدين، فمنهم من ادعى النبوية، ومنهم من تمرد على الإسلام ومنع الزكاة، ومنهم من ارتد عن الإسلام. وقد وقع اضطراب كبير، واشتعلت الفتنة التي أحمى أوارها وزكّى نيرانها كثير من أعداء الإسلام.
وقد واجه الخليفة الأول تلك الفتنة بشجاعة وحزم، وشارك خالد بن الوليد بنصيب وافر في التصدي لهذه الفتنة والقضاء عليها، حينما وجهه أبو بكر لقتال "طليحة بن خويلد الأسدي" وكان قد تنبأ في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) حينما علم بمرضه بعد حجة الوداع، ولكن خطره تفاقم وازدادت فتنته بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) والتفاف كثير من القبائل حوله، واستطاع خالد أن يلحق بطليحة وجيشه هزيمة منكرة فر "طليحة" على إثرها إلى "الشام"، ثم أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، وكان له دور بارز في حروب الفرس، وقد استشهد في عهد عمر بن الخطاب.
وبعد فرار طليحة راح خالد يتتبع فلول المرتدين، فأعمل فيهم سيفه حتى عاد كثير منهم إلى الإسلام.

مقتل مالك بن نويرة وزواج خالد من امرأته

ثم سار خالد ومن معه إلى مالك بن نويرة الذي منع الزكاة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم)، فلما علم مالك بقدومه أمر قومه بالتفرق حتى لا يظفر بهم خالد، ولكن خالدا تمكن من أسره في نفر من قومه، وكانت ليلة شديدة البرودة، فأمر خالد مناديًا أن أدفئوا أسراكم، وظن الحرس -وكانوا من كنانة- أنه أراد قتل الأسرى – على لغتهم- فشرعوا فيهم سيوفهم بالقتل، حتى إذا ما انتبه خالد كانوا قد فرغوا منهم.
وأراد خالد أن يكفّر عن ذلك الخطأ الذي لم يعمده فتزوج من امرأة مالك؛ مواساة لها، وتخفيفًا عن مصيبتها في فقد زوجها الفارس الشاعر.

القضاء على فتنة مسيلمة الكذاب

وخرج خالد – بعد ذلك – لقتال مسيلمة الكذاب الذي كان من أشد أولئك المتنبئين خطرًا، ومن أكثرهم أعوانًا وجندًا، ودارت معركة عنيفة بين الجانبين، انتهت بهزيمة "بني حنيفة" ومقتل "مسيلمة"، وقد استشهد في تلك الحرب عدد كبير من المسلمين بلغ أكثر من ثلاثمائة وستين من المهاجرين والأنصار، وكان أكثرهم من السابقين إلى الإسلام، وحفظه القرآن، وهو الأمر الذي دعا أبا بكر إلى التفكير في جمع القرآن الكريم؛ خوفًا عليه من الضياع بعد موت هذا العدد الكبير من الحفاظ.

فتوحات خالد في العراق

ومع بدايات عام (12هـ = 633م) بعد أن قضى أبو بكر على فتنة الردة التي كادت تمزق الأمة وتقضي على الإسلام، توجه الصديق ببصره إلى العراق يريد تأمين حدود الدولة الإسلامية، وكسر شوكة الفرس المتربصين بالإسلام.
وكان خالد في طليعة القواد الذين أرسلهم أبو بكر لتلك المهمة، واستطاع خالد أن يحقق عددًا من الانتصارات على الفرس في "الأبلة" و"المذار" و"الولجة" و"أليس"، وواصل خالد تقدمه نحو "الحيرة" ففتحها بعد أن صالحه أهلها على الجزية، واستمر خالد في تقدمه وفتوحاته حتى فتح جانبًا كبيرًا من العراق، ثم اتجه إلى "الأنبار" ليفتحها، ولكن أهلها تحصنوا بها، وكان حولها خندق عظيم يصعب اجتيازه، ولكن خالدًا لم تعجزه الحيلة، فأمر جنوده برمي الجنود المتحصنين بالسهام في عيونهم، حتى أصابوا نحو ألف عين منهم، ثم عمد إلى الإبل الضعاف والهزيلة، فنحرها وألقى بها في أضيق جانب من الخندق، حتى صنع جسرًا استطاع العبور عليه هو وفرسان المسلمين تحت وابل من السهام أطلقه رماته لحمايتهم من الأعداء المتربصين بهم من فوق أسوار الحصن العالية المنيعة.. فلما رأى قائد الفرس ما صنع خالد وجنوده، طلب الصلح، وأصبحت الأنبار في قبضة المسلمين.

يواصل فتوحاته في العراق

واستخلف خالد "الزبرقان بن بدر" على الأنبار واتجه إلى "عين التمر" التي اجتمع بها عدد كبير من الفرس، تؤازرهم بعض قبائل العرب، فلما بلغهم مقدم "خالد" هربوا، والتجأ من بقي منهم إلى الحصن، وحاصر خالد الحصن حتى استسلم من فيه، فاستخلف "عويم بن الكاهل الأسلمي" على عين التمر، وخرج في جيشه إلى دومة الجندل ففتحهما.
وبسط خالد نفوذه على الحصيد والخنافس والمصيخ، وامتد سلطانه إلى الفراض وأرض السواد ما بين دجلة والفرات.

الطريق إلى الشام

ثم رأى أبو بكر أن يتجه بفتوحاته إلى الشام، فكان خالد قائده الذي يرمي به الأعداء في أي موضع، حتى قال عنه: "والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد"، ولم يخيب خالد ظن أبي بكر فيه، فقد استطاع أن يصل إلى الشام بسرعة بعد أن سلك طريقًا مختصرًا، مجتازًا المفاوز المهلكة غير المطروقة، متخذًا "رافع بن عمير الطائي" دليلاً له، ليكون في نجدة أمراء أبي بكر في الشام: "أبي عبيدة عامر الجراح"، و"شرحبيل بن حسنة" و"عمرو بن العاص"، فيفاجئ الروم قبل أن يستعدوا له.. وما إن وصل خالد إلى الشام حتى عمد إلى تجميع جيوش المسلمين تحت راية واحدة، ليتمكنوا من مواجهة عدوهم والتصدي له.
وأعاد خالد تنظيم الجيش، فقسمه إلى كراديس، ليكثروا في عين عدوهم فيهابهم، وجعل كل واحد من قادة المسلمين على رأس عدد من الكراديس، فجعل أبا عبيدة في القلب على (18) كردسا، ومعه عكرمة بن أبي جهل والقعقاع بن عمرو، وجعل عمرو بن العاص في الميمنة على 10 كراديس ومعه شرحبيل بن حسنة، وجعل يزيد بن أبي سفيان في الميسرة على 10 كراديس.
والتقى المسلمون والروم في وادي اليرموك وحمل المسلمون على الروم حملة شديدة، أبلوا فيها بلاء حسنا حتى كتب لهم النصر في النهاية. وقد استشهد من المسلمين في هذه الموقعة نحو ثلاثة آلاف، فيهم كثير من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
وتجلت حكمة خالد وقيادته الواعية حينما جاءه رسول برسالة من عمر بن الخطاب تحمل نبأ وفاة أبي بكر الصديق وتخبره بعزله عن إمارة الجيش وتولية أبي عبيدة بدلا منه، وكانت المعركة لا تزال على أشدها بين المسلمين والروم، فكتم خالد النبأ حتى تم النصر للمسلمين، فسلم الرسالة لأبي عبيدة ونزل له عن قيادة الجيش.

خالد بين القيادة والجندية

ولم ينته دور خالد في الفتوحات الإسلامية بعزل عمر له وتولية أبي عبيدة أميرا للجيش، وإنما ظل خالد يقاتل في صفوف المسلمين، فارسا من فرسان الحرب وبطلا من أبطال المعارك الأفذاذ المعدودين.
وكان له دور بارز في فتح دمشق وحمص وقنسرين، ولم يفت في عضده أن يكون واحدا من جنود المسلمين، ولم يوهن في عزمه أن يصير جنديا بعد أن كان قائدا وأميرا؛ فقد كانت غايته الكبرى الجهاد في سبيل الله، ينشده من أي موقع وفي أي مكان.

وفاة الفاتح العظيم

وتوفي خالد بحمص في (18 من رمضان 21هـ = 20 من أغسطس 642م). وحينما حضرته الوفاة، انسابت الدموع من عينيه حارة حزينة ضارعة، ولم تكن دموعه رهبة من الموت، فلطالما واجه الموت بحد سيفه في المعارك، يحمل روحه على سن رمحه، وإنما كان حزنه وبكاؤه لشوقه إلى الشهادة، فقد عزّ عليه –وهو الذي طالما ارتاد ساحات الوغى فترتجف منه قلوب أعدائه وتتزلزل الأرض من تحت أقدامهم- أن يموت على فراشه، وقد جاءت كلماته الأخيرة تعبر عن ذلك الحزن والأسى في تأثر شديد: "لقد حضرت كذا وكذا زحفا وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء".
وحينا يسمع عمر بوفاته يقول: "دع نساء بني مخزوم يبكين على أبي سليمان، فإنهن لا يكذبن، فعلى مثل أبي سليمان تبكي البواكي".















وجبة الإفطار

يأتي الصيام ليكون أشبه بدورة طبية مجانية يتلقاها المسلم كل عام مرة، فيعمل على صيانة أجهزة الجسم والمحافظة عليها. والصيام ما هو إلا آية من آيات الله الدالة على وحدانيته وقدرته، وقد أحسن من قال: وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد، وهو دليل على صدق نبوءة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال قبل أربعة عشر قرنا: "صوموا تصحوا".
إن صيام رمضان والمداومة على عملية الصوم خلال السنة يجنب المسلم الإصابة بمرض السمنة أو زيادة الوزن، ويحميه من جميع المضاعفات والأمراض الخطيرة الناتجة عن السمنة مثل تصلب الشرايين وأمراض القلب والسكري وأمراض الكلى والمرارة وارتفاع ضغط الدم والنقرس.
وفي أثناء الصيام يكون الجهاز الهضمي كله في حالة سكون وخمول؛ لأن الإنسان لا يتناول الطعام طوال النهار، وعندما يبدأ الإنسان في الإفطار تنتبه الأجهزة ويبدأ الجهاز الهضمي عمله خصوصا المعدة.

كيف تبدأ الإفطار !!

بداية لابد من التلطف بالمعدة والتدرج معها في الطعام والشراب؛ لذا فإن أفضل ما يبدأ المرء الإفطار به هو التمر أو العصير الحلو أو قليل من الماء الذي يجب ألا يكون مثلجا.
وقد يفضل البعض كوبا من الشربة الخفيفة الدافئة لتنشيط الخلايا ولتعويض سريع للماء المفقود.
لذا نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإنه بركة، فإن لم يجد تمرا فالماء، فإنه طهور" رواه أبو داود والترمذي. وقد اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الأطعمة دون سواها لفوائدها الصحية الجمة، وليس فقط لتوفرها في بيئته الصحراوية.
فالصائم يكون بحاجة إلى مصدر سكري سريع الهضم، يدفع عنه الجوع، مثلما يكون في حاجة إلى الماء. وأسرع المواد الغذائية امتصاصا المواد التي تحتوي على سكريات أحادية أو ثنائية. ولن تجد أفضل مما جاءت به السنة المطهرة، حينما يفتتح الصائم إفطاره بالرطب والماء.
ويستحسن أن يؤدي الشخص الصائم صلاة المغرب ثم يتناول بعدها وجبة الإفطار فهذه الدقائق القليلة وسيلة للتنبيه ولامتصاص (الماء والسكريات) كما بينا.
وهنا له أن ينتقي من الأغذية المذكورة تحت بند الغذاء ما شاء، على ألا يكون الطعام شديد التوابل أو أن يكون مسبكا شديد التعقيد؛ فكما قلنا إن مثل هذه الأمور تضيع المنفعة والحكمة من الصيام، وتلغي المنافع والمناقب للشهر الكريم.
وللتذكير فهناك مبدأ ألا حرمان، ولكن كما قال المولى جل وعلا "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا" صدق الله العظيم.
لقد جمع الله الطب في آية، وينطبق ذلك على الإفطار.
كما ينبغي أن يشتمل الإفطار على جميع العناصر الغذائية بأن يحتوي على المجموعات الثلاث الرئيسية للتغذية؛ وهي مجموعة الطاقة: التي تتكون من الكربوهيدرات والدهون والبروتينيات وكذلك الفيتامينات والأملاح المعدنية،
ويستحسن أن تكون اللحوم أو الطيور أو الأسماك مشوية أو مسلوقة.
فالتحمير يعقد الأمور أمام المعدة الخاوية.
وكل هذا لتجنب المواد الدهنية الكثيرة التي تعوق الهضم، بالإضافة إلى ما تؤدي إليه من زيادة في الوزن وكذلك ما تسببه من تصلب الشرايين.
ويجب أن تحتوي وجبة الإفطار الإفطار على طبق السلطة؛ لأن أهميته ترجع إلى ما يحتويه من فيتامينات وأملاح معدنية، كما أنه مربح للأمعاء، ويساعد في حالة الإمساك.
ولا ينصح بالإكثار من المواد النشوية أو زيادة السمن في الأرز أو المكرونة، حتى لا يزداد الوزن.
وكوب الشاي بملعقة سكر يؤدي المطلوب في كثير من الأحيان، ويجب ألا يغلي الشاي حتى لا يظهر حامض التانيك به الذي يؤدي إلى حدوث الإمساك، وكذلك فنجان من القهوة بدلا من الشاي إذا فضله الصائم على ذلك.
وعن شرب الماء: لا تسمح لنفسك بالإكثار من شرب الماء أثناء تناول الطعام، بل عليك أن تتجنب ذلك ما أمكنك مكتفيا بكوب واحد، وبعد ساعتين أو ثلاث لك أن تشرب ما تشاء من الماء.
أما إدخال كميات كبيرة من الماء على الطعام فيؤدي إلى امتلاء المعدة وضعف الهضم وحدوث الغازات، وارتباك عملية الامتصاص.
كذلك تجنب الماء المثلج.
ولكن يسمح بالماء نصف المثلج؛ فالماء المثلج الشديد الثلوجة يؤدي إلى انقباض الشعيرات الدموية بالمعدة، ويؤدي أيضا إلى ضعف الهضم.
















المغرب.. الاعتكاف بالبيوت لا المساجد

لا يستطيع المغاربة الاعتكاف في المساجد خلال شهر رمضان المبارك رغم إقبالهم بأعداد كبيرة على بيوت الله طوال الشهر الفضيل، حيث يقيمون صلاة التراويح ويستمعون إلى الدروس والمواعظ .
وعلى الرغم من عدم وجود نص قانوني يحظر الاعتكاف فإن هذه السُّنَّة غير مسموح بها عمليا، حيث يوجد قرار بإغلاق المساجد بعد كل صلاة. كما تحظر القوانين كذلك التجمعات من غير ترخيص وهو ما ينطبق بالتالي على الاعتكاف.
يقول الإمام الشيخ "إدريس بنزاكور" أحد الدعاة المغاربة: "للأسف الشديد فإن الحديث فقط عن الاعتكاف هو المسموح، ويتم ذلك في الدروس وخطب الجمعة، ولكن ممارسة هذه العبادة غير مسموح بها عمليا.. إلا ما كان من محاولات القائمين على بعض المساجد غير الخاضعة لإشراف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والتي غالبا ما تكون في أحياء شعبية أو مناطق قروية أو على هوامش المدينة".
إلا أن الشيخ عمر مكرم إمام أحد المساجد لا يتوقع استمرار أداء هذه العبادة بالمساجد، ويقول: "هذه المحاولات التي إن سلمت هذه السنَة فلا شك أنها ستكون تحت المراقبة السنة المقبلة؛ فنحن بلد لا تخفى فيه خافية".

معتكفات خاصة

وإذا كان هذا حال أغلب مساجد المغرب في إحياء هذه السنة، فإن بعض المغاربة يجتهدون قدر المستطاع لإحياء هذه الأيام المباركة ولو في معتكفات خاصة.
وكما يقول الشيخ محمد عبادي عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان: "بيوت المؤمنين اليوم تعوض الدور الحقيقي للمسجد حتى يفتح الله بيننا وبين القوم الظالمين".
ويضيف هشام.. أحد المعتكفين: ماذا تظن بنا نفعل في ظل هذا الحصار لبيوت الله؟ إن هناك قاعدة عند الأصوليين معناها "ما لا يدرك كله لا يترك جله".. فهناك أناس كثيرون اشتاقوا إلى الاعتكاف من كثرة ما ورد فيه من فضائل وخيرات؛ ولعلنا نصادف في العشر الأواخر ليلة العمل فيها خير من ألف شهر وهي أعظم العطايا.

الاحتفال بليلة القدر

على نفس الصعيد، يأخذ الاحتفال بليلة القدر المباركة في المغرب طابعًا خاصًّا ومتميزًا، فتمثل هذه الليلة بالنسبة للمغاربة فرصة لصلة الرحم، حيث تتجمع العائلات في البيوت للاحتفال الجماعي بهذه المناسبة وإعداد ما لذ وطاب من الأطعمة. ويبذل أفراد العائلة جهدا كبيرا في هذه المناسبة للصلح بين المتخاصمين وتقريب المتباعدين، ويذكرون الله ويتلون الذكر الحكيم إلى أن يصلوا جماعة صلاة الفجر.
ويحرص الكثير من المغاربة على أداء صلاة التراويح في مسجد آخر غير الذي أدوا فيه صلاة العشاء ولذلك فإن تنقلهم بين المساجد يكون من المشاهد المألوفة.

اهتمام خاص بالأطفال

وفي مناطق كثيرة من المغرب تطبخ الأسر أطعمة كثيرة، خصوصًا الكسكس المغربي بلحوم وافرة وتوجه إلى المساجد، إطعامًا للفقراء والمساكين والمحتاجين في هذه الليلة المباركة.
وتعتبر العائلات هذه المناسبة فرصة بالنسبة لأبنائها الصغار الذين يصومون لأول مرة في حياتهم اعتبارا من هذه الليلة، وذلك بتشجيعهم وتحفيزهم على مواصلة الصيام. ومعاملتهم بصفة استثنائية طوال اليوم، وبعد الإفطار يلبسونهم لباسًا جديدًا يُشترى خصيصا لهذه المناسبة ويخرجون مع أمهاتهم إلى قاعات التصوير التي تتزين هي الأخرى بأحلى الديكورات لاستقبال هذه الوفود الغفيرة؛ وحتى تبقى الصورة ذكرى لأول يوم يصومه الطفل في حياته.
كما تقوم بعض النساء واللاتي يعرفن بـ"النكافات" -وهن نساء يقمن بتزيين العرائس ونقش الحناء- بفتح محلات خاصة؛ وذلك لتزيين الفتيات اللواتي صمن في هذا اليوم المبارك.
ويحرص المغاربة على أن يتزينوا بأبهى الحلل والألبسة التي تضفي على الإنسان الحشمة والوقار، وتكاد تختفي مظاهر التبرج في هذا اليوم المبارك، ويقبلون على جميع الممارسات والأفعال التي تقربهم من الخالق جل جلاله، وذلك بالصدقة، وصلة الرحم والصلاة، وفعل الخير. ولا يتوقف احتفاء المغاربة بالليلة المباركة إلا بعد صلاة الفجر وبزوغ شمس يوم جديد من أيام رمضان المبارك.














صيام السناجيب



السناجيب جمع سنجاب، وهي مجموعة من الحيوانات التي تتبع رتبة القوارض، وهي حيوانات تشبه الجرذان، وتمتاز القوارض بصفة عامة بأسنانها القاطعة عديمة الجذور، فهي في نمو مستمر طوال حياتها، ولذلك فإن هذا النمو يعوض الأجزاء التي تتآكل منها نتيجة القرض المستمر للغذاء، وهذه القواطع مكسوة بنوع من المينا يتآكل باستمرار، بحيث تكون أجزاؤها العلوية حادة وقاطعة، وهذه الحيوانات نباتية التغذية.
وتمتاز السناجيب الأرضية بأنها تأكل بنهم زائد خلال فصل الخريف، الأمر الذي يترتب عليه أن تسمن بصورة ملحوظة، وكأنها تستعد لأمر عظيم، وعندما يحمل فصل الشتاء فإنها تدخل في نوع عجيب من الصيام، حيث لا تستطيع أن تمارس الحركة، أو النشاط، فتتخذ لأنفسها مخابئ مريحة ومناسبة داخل الكهوف أو الأخشاب المجوفة وتنام نومًا عميقًا، وتتكور على أنفسها، وكأنها قد ودعت الدنيا ومن فيها، ويختلف هذا النوع من النوم عن النوم المعهود، فلا توقظها الأصوات المرتفعة أو الهزات العنيفة، فقد دخلت في حالة بيات أو نوم شتوي، وتبطؤ فيها العمليات الحيوية، فتتنفس ببطء شديد وتريح عضلاتها، وتستريح أيضًا أمعاؤها ومعداتها، وترتاح أيضًا أعينها نظرًا لإطباق جنونها، وبمرور وقت الشتاء تستهلك مخزونها الدهني، حتى إذا ما ولى فصل الشتاء أدراجه، وبدأت الحرارة تدب في الأجسام من جديد، إذا بهذه الحيوانات تستيقظ من رقادها الطويل، متثائبة متمطية، وقد بدت أجسامها نحيلة رشيقة، فتتحرك هنا وهناك سعيًا وراء رزق الله الذي تتناوله في خفة ورشاقة، معلنة بذلك إباحة الفطر وانتهاء الصيام، فتمثل لها هذه الأيام أيام عيد.
وهذه العادة الفطرية تقرب لأذهاننا وعقولنا فوائد الصيام الذي افترضه الله على عباده المؤمنين كل عام.






صيام أسماك السالمون



ما زلنا نعيش في رحاب عالم البحار، الذي يقدم ألوانًا وأشكالاً من صيام الأسماك، واليوم نعيش مع صيام أسماك السالمون الأحمر؛ فصيامه الفطري يعتبر آية من آيات الله تعالى، وصورة من صور التنوع البيولوجي العجيب والغريب؛ فهذه الأسماك تعيش مراحل صباها الباكرة في مياه الأنهار العذبة، ثم لا تلبث أن تهجرها متجهة إلى المياه الملحة في البحار والمحيطات.
وإذا كانت ثعابين السمك تمارس نوعين من الصيام: الصوم الأول والصوم الثاني والأخير، في عرض المحيط، وفي مياه تبلغ ملوحتها 35%، كما أنها لا تتكاثر ولا تضع بيضها إلا في هذا الماء الملح الأجاج - فإن أسماك السالمون الأحمر تمتاز بأن لها نمطًا آخر من أنماط الصيام؛ فهذه الأسماك تقضي جانبًا من حياتها في عرض البحار، يصل إلى نحو 4 – 7 سنوات، فإذا ما أصبحت على وشك النضج الجنسي، وأصبحت مهيأة للتكاثر؛ فإنها تتجمع في منطقة بشمال المحيط الأطلسي عبر سباحة شاقة تقطع خلالها 4 - 5 آلاف كيلو متر، ثم تكمل رحلتها هذه إلى حيث تصب الأنهار مياهها في البحر، فيتجه كل نوع إلى الموطن الأصلي الذي نشأ فيه وترعرع.
ومن الطريف أن هذه الأنواع تبدأ صيامها الأول والأخير بمجرد أن تترك المياه المالحة؛ لتبدأ السباحة في المياه العذبة، وتستغرق رحلتها هذه عدة أشهر، تواصل فيها التقدم والتجول عبر مياه النهر حتى تصل إلى مكان مناسب تجده صالحًا ومناسبًا وملائمًا لوضع البيض وتحضينه، وقد يكون من المفيد في تعرفها على هذا المكان إحساسها المرهف الذي اكتسبته من طول الصيام، فما أن تهتدي إلى البقعة الملائمة حتى تحط رحالها، وتبدأ في معسكر عمل تشترك الأمهات والآباء؛ حيث تحفر أماكن لوضع البيض؛ فتقوم الإناث بوضع البيض، ثم تنشر الذكور عليه حيواناتها المنوية ليتم إخصابه خارجيًّا، كما هو الحال في كثير من الأسماك العظمية.
وعقب إتمام هذه العملية تقوم الإناث بغريزتها التي أودعها الله فيها عند إتمام هذه العملية - بتغطية البيض وطمره بطبقة مناسبة من تربة قاع النهر، وتظل قابعة إلى جوار وديعتها حتى تفقس تلك الصغار وتخرج من أجداثها، وتزيح عن كواهلها هذا الثرى، وتنفض عن نفسها هذا الغبار. وعندئذ تلقي عليها الأمهات والآباء نظرات الوداع، وتدرك أنها قد أنهت مهمتها، فتودِّع الدنيا صائمة متبتِّلة لربها، في نفس الأماكن التي استقبلت هي فيها الدنيا، مخلِّفة وراءها جيلاً من الأبناء يستعد للقيام بدورة أخرى من دورات الكبد والمعاناة التي تلاقيها سائر المخلوقات، حتى إذا ما شبت تلك الصغار عن الطوق، وبلغت مبلغ الآباء دخلت في صيامها الأول والأخير، وودعت الدنيا صائمة في مسقط رأسها ومسقط رأس الآباء.
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيد).















زهد عمر

قال معاوية رضي الله عنه : أما أبو بكر فلم يُرد الدنيا ولم تُرده ، وأما عمر فأرادته الدنيا ولم يُردها ، وأما نحن فتمرغنا فيها ظهراً لبطن . وقال عكرمة بن خالد وغيره : إن حفصة ، وعبد الله ، وغيرهما كلموا عمر فقالوا : لو أكلت طعاماً طيباً كان أقوى لك على الحق ، قال : أكُلكم على هذا الرأي ، قالوا: نعم . قال : قد علمتُ نصحكم و لكني تركت صاحبيَّ - يعني الرسول و أبا بكر - على جادة، فإن تركتُ جادتهما لم أدركهما في المنزل . قال : و أصاب الناسَ سِنةٌ ( مجاعة ) فما أكل عامئذ سمناً ولا سميناً . وقال ابن أبي مُلَيكة : كلم عُتبة بن فرقد عمر في طعامه، فقال عمر : ويحك آكل طيباتي في حياتي الدنيا و أستمتع بها ؟! وقال مبارك ، عن الحسن : دخل عمر على ابنه عاصم وهو يأكل لحماً فقال : ماهذا ؟ قال : قَرِمنا ( اشتهينا ) إليه ، قال:أو كلما قَرِمت إلى شيء أكلته ! كفى بالمرء سرفاً أن يأكل كل ما اشتهى .





الرحمة .. لطف الإيمان

"من لا يرحم لا يرحم ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " .. هكذا قال النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم ، مخاطبا أحد المسلمين عندما تعجب من تقبيله للحسن والحسين . فالرحمة من أندى وألطف ثمرات الإيمان في القلب ، وهي ثمرة طبيعية لمعاني الإيمان السامية . ورحمة المسلم تشمل الجميع ، لقوله صلى الله عليه وسلم ( في ما معناه) : ليست الرحمة رحمة أحدكم صاحبه ، وإنما رحمة العامة . ليس هذا فقط وإنما تشمل رحمة الإسلام جميع المخلوقات : الإنسان ، الحيوان ، النبات ، الجماد . فقد قال صلى الله عليه عندما رآى طيرا يطير باضطراب ، نتيجة الإستيلاء على عشه بفراخه ، قال : " من فجع هذه بولده" ، كما نهى عن أن تتخذ ذات روح غرضا . ورسالة الإسلام الخاتم ما هي في الحقيقة سوى رحمة من الله تعالى للبشرية " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" .





أبراج الرباط

هل تعلم أن العاصمة المغربية "الرباط" تمتاز بمعالمها الأثرية الإسلامية ، ومنها الأبراج المقامة على سورها ، والتي كانت لها وظيفة دفاعية واستطلاعية هامة. ويبلغ عدد الأبراج في سور الرباط أربعة وسبعين برجاً ، بعضها قد أصابه التداعي والخراب مع مرور الزمن .




[ صور رمضانية ]



أطفال ماليزيين يتعلمون القرآن في أحد المساجد





باكستانيون يؤدون صلاة الجمعة الثالثة في رمضان





فلسطينية تدعو الله و يظهر خلفها قبة الصخرة




[ كاريكاتيرات رمضانية ]




















¨°o.O (رمـضـانـيـات -1- ) O.o°¨

··^v¯`×) (رمـضــانـيــات-2-) (ׯ`v^··



أتمنى أن أكون قد وفقت في تقديم المتعة و الفائدة لكم ..

إعــداد & إخــراج : الشـفوق [/ALIGN]
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18/11/2003, 01:42 AM
عضو غير عادي
تاريخ التسجيل: 14/03/2002
المكان: الـريـــــــــــاض
مشاركات: 10,107
الـحـاتــمــي .......


مــر مـــن هــــــنـــــــا ......


ويـقـول : رائـــعـــة رمــضــــانــيـــة جـــديـــدة كـــالـــعــــادة ,, يـــالـــشـــفـــوق ......
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 20/11/2003, 04:07 AM
نبض المجلس العام
وعضو سابق باللجنه الإعلامية
تاريخ التسجيل: 29/08/2001
المكان: بين أوراق مبعثره ..
مشاركات: 2,732
الله يجزاك ألف خير اخوي الشفوق ..
مجهود كبير كبير كبير ..
الله يثيبك ويجعل ماكتبت في ميزان اعمالك يارب العالمين ..
جمعت لنا من كل بستانٍ أزهار وليس زهرة ..

اللهم بلغنا ليلة القدر ..
وأعتق رقابنا من النار ..
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا ..

الله يجزاك عنا ألف خير ..
اضافة رد مع اقتباس
  #4  
قديم 21/11/2003, 10:59 PM
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 23/04/2002
مشاركات: 708
الأخ الكريم / الحاتمي ..

كل الشكر لك على مرورك الكريم و ردك الرائع ..

الأخت الكريمة / أسيرةالزعيم ..

الله يجزاك خير .. و الف شكر لمرورك الكريم و ردك الرائع ..

تحياتي للجميع ..
اضافة رد مع اقتباس
  #5  
قديم 22/11/2003, 09:08 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ منادي
عضو إدارة الموقع الرسمي لنادي الهلال
تاريخ التسجيل: 07/03/2001
المكان: الرياض
مشاركات: 5,453
[ALIGN=CENTER]جزاك الله كل خير أخوي الشفوق,,,

جهد رائع يا الغالي,,,

وأسأل الله ان يجعلنا في هذا الشهر الكريم من المقبولين ومن عتقاءه من النار,,,

تحياتي لك[/ALIGN]
اضافة رد مع اقتباس
  #6  
قديم 22/11/2003, 09:45 PM
ميسو
تاريخ التسجيل: 22/06/2002
المكان: حيث أنا ..
مشاركات: 7,243
[ALIGN=CENTER]
إقتباس
وعقب إتمام هذه العملية تقوم الإناث بغريزتها التي أودعها الله فيها عند إتمام هذه العملية - بتغطية البيض وطمره بطبقة مناسبة من تربة قاع النهر، وتظل قابعة إلى جوار وديعتها حتى تفقس تلك الصغار وتخرج من أجداثها، وتزيح عن كواهلها هذا الثرى، وتنفض عن نفسها هذا الغبار. وعندئذ تلقي عليها الأمهات والآباء نظرات الوداع، وتدرك أنها قد أنهت مهمتها، فتودِّع الدنيا صائمة متبتِّلة لربها، في نفس الأماكن التي استقبلت هي فيها الدنيا، مخلِّفة وراءها جيلاً من الأبناء يستعد للقيام بدورة أخرى من دورات الكبد والمعاناة التي تلاقيها سائر المخلوقات، حتى إذا ما شبت تلك الصغار عن الطوق، وبلغت مبلغ الآباء دخلت في صيامها الأول والأخير، وودعت الدنيا صائمة في مسقط رأسها ومسقط رأس الآباء.
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيد).

سبحان الله العظيم


الله يعطيك ألف ألف ألف عافيه اخوي الشفوق على على هاذي المنوعات الرمضانية الرائعة
وجعلها الله في موازين اعمالك ,,
تقبل تحياتي ,[/ALIGN]
اضافة رد مع اقتباس
  #7  
قديم 23/11/2003, 11:38 PM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 05/07/2001
المكان: الرياض
مشاركات: 5,074
جعلها الله في موازين أعمالك ، اللهم اجعل بها له سبباً في العتق من نيرانك ،،،،

شكراً لك يا صاحب الفضل .
اضافة رد مع اقتباس
  #8  
قديم 24/11/2003, 05:11 PM
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 23/04/2002
مشاركات: 708
الأخ الكريم / منادي

الأخت الكريمة / الماسه الزرقاء

الأخ الكريم / abu_riman

كل الشكر لكم على مروركم و ردكم ..

و كل عام و الجميع بخير ..
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 08:20 PM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube