
09/11/2003, 04:55 PM
|
زعيــم نشيــط | | تاريخ التسجيل: 23/04/2002
مشاركات: 708
| |
··^v¯`×) (رمـضــانـيــات-2-) (ׯ`v^·· [ALIGN=CENTER] رمضان الرحمة ..
رمضان المغفرة ..
رمضان العتق من النار ..
تمضي أيامه بسرعة ..
و تغمرنا التساؤلات ..
هل أدينا حق هذا الشهر ..
أم لا زال التسويف يحاصرنا ..
للشهر بقية ..
و للعودة لله فرص متاحة ..
فهل نعود !! ..
لتكملة التواصل ..
أطرح عليكم العدد الثاني من رمضانيات ..
الذي جمعته من مواقع إسلامية و صحف و مجلات و وكالات أنباء ..
أتمنى أن أقدم ما يليق بكم ..
و أن تستفيدوا و تستمتعوا بهذا الطرح .. مفسدات الصوم مفسدات الصوم هي المفطرات وهي: 1- الجماع. 2- الأكل. 3- الشرب. 4- إنزال المني بشهوة. 5- ما كان بمعنى الأكل والشرب. 6- القيء عمدا. 7- خروج الدم بالحجامة. 8- خروج دم الحيض والنفاس. أما الأكل والشرب والجماع فدليلها قوله تعالى: ( فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ) [البقرة:187]. وأما إنزال المني بشهوة فدليله قوله تعالى في الحديث القدسي في الصائم: { يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي } [أخرجه ابن ماجه]، وإنزال المني شهوة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { في بضع أحدكم صدقة، قالوا يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في الحرام - أي كان عليه وزر- فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجراً } [أخرجه مسلم]. والذي يوضع إنما هو المني الدافق، ولهذا كان القول الراجح أن المذي لا يفسد الصوم حتى وإن كان بشهوة ومباشرة بغير جماع. الخامس: ما بمعنى الأكل والشرب، مثل الإبر المغذية التي يستغني بها عن الأكل والشرب؛ لأن هذه وإن كانت ليست أكلا، ولا شراباً لكنها بمعنى الأكل والشرب، حيث يستغني بها عنهما، وما كان بمعنى الشيء فله حكمه، ولذلك يتوقف بقاء الجسم على تناول هذه الإبر بمعنى أن الجسم يبقى متغذياً على هذه الإبر، وإن كان لا يتغذى بغيرها، أما الإبر التي لا تغذي ولا تقوم مقام الأكل والشرب، فهذه لا تفطر، سواء تناولها الإنسان في الوريد، أو في العضلات، أو في أي مكان من بدنه. السادس: القيء عمدا أي أن يتقياً الإنسان ما في بطنه حتى يخرج من فمه، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: { من استقاء عمداً فليقض، ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه } [أخرجه أبو داود، والترمذي].
والحكمة في ذلك أنه إذا تقيأ فرغ بطنه من الطعام، واحتاج البدن إلى ما يرد عليه هذا الفراغ، ولهذا نقول: إذا كان الصوم فرضاً فإنه لا يجوز للإنسان أن يتقيأ؛ لأنه إذا تقيأ أفسد صومه الواجب. وأما السابع: وهو خروج الدم بالحجامة فلقول النبي صلى الله عليه وسلم: { أفطر الحاجم والمحجوم } [أخرجه ا لبخا ري، والترمذي]. وأما الثامن: وهو خروج دم الحيض، والنفاس، فلقول النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة: { أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم } [أخرجه البخاري، ومسلم]، وقد أجمع أهل العلم على أن الصوم لا يصح من الحائض، ومثلها النفساء. وهذه المفطرات وهي مفسدات الصوم لا تفسده إلا بشروط ثلاثة، وهي: 1- العلم. 2- التذكر. 3- القصد.
فالصائم لا يفسد صومه بهذه المفسدات إلا بهذه الشروط الثلاثة: الأول: أن يكون عالماً بالحكم الشرعي، وعالماً بالحال أي بالوقت، فإن كان جاهلا بالحكم الشرعي، أو بالوقت فصيامه صحيح، لقول الله تعالى: ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) [القرة:286]، ولقوله تعالى: ( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم ) [الأحزاب:5]. وهذان دليلان عامان.
ولثبوت السنة في ذلك في أدلة خاصة في الصوم، ففي الصحيح من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه صام فجعل تحت وسادته عقالين- وهما الحبلان اللذان تشد بهما يد البعير إذا برك-، أحدهما أسود، والثاني أبيض، وجعل يأكل ويشرب، حتى تبين له الأبيض من الأسود، ثم أمسك، فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس المراد بالخيط الأبيض، والأسود في الآية الخيطين المعروفين، وإنما المراد بالخيط الأبيض، بياض النهار، وبالخيط الأسود الليل، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء الصوم. [خرجه البخاري، ومسلم]؛ لأنه كان جاهلاً بالحكم، يظن أن هذا معنى الآية الكريمة.
وأما الجهل بالوقت ففي صحيح البخاري، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: ( أفطرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس ) [أخرجه البخاري]، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء، ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به، ولو أمرهم به لنقل إلى الأمة، لقول الله تعالى: ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [الحجر:9]. فلما لم ينقل مع توافر الدواعي على نقله علم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم به، ولما لم يأمرهم به - أي بالقضاء - علم أنه ليس بواجب، ومثل هذا لو قام الإنسان من النوم يظن أنه في الليل فأكل أو شرب، ثم تبين له أن أكله وشربه كان بعد طلوع الفجر، فإنه ليس عليه قضاء؟ لأنه كان جاهلاً. وأما الشرط الثاني: فهو أن يكون ذاكرا، وضد الذكر النسيان، فلو أكل أو شرب ناسياً، فإن صومه صحيح، ولا قضاء عليه، لقول الله تعالى: ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطانا) [البقرة:286] فقال الله تعالى: { قد فعلت }، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه } [رواه مسلم]. الشرط الثالث: القصد وهو أن يكون الإنسان مختاراً لفعل هذا المفطر، فإن كان غير مختار فإن صومه صحيح، سواء كان مكرهاً أو غير مكره، لقول الله تعالى في المكره على الكفر: ( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ) [النحل:106]، فإذا كان حكم الكفر يغتفر بالإكراه فما دونه من باب أولى، وللحديث الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: { أن الله رفع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه } [أخرجه ابن ماجه].
وعلى هذا فلو طار إلى أنف الصائم غبار، ووجد طعمه في حلقه، ونزل إلى معدته فإنه لا يفطر بذلك؟ لأنه لم يتقصده، وكذلك لو أكره على الفطر فأفطر دفعا للإكراه، فإن صومه صحيح؛ لأنه غير مختار، وكذلك لو احتلم فأنزل وهو نائم، فإن صومه صحيح، لأن النائم لا قصد له، وكذلك لو أكره الرجل زوجته وهي صائمة فجامعها، فإن صومها صحيح، لأنها غير مختارة. وها هنا مسألة يجب التفطن لها: وهي أن الرجل إذا أفطر بالجماع في نهار رمضان والصوم واجب عليه فإنه يترتب على جماعه خمسة أمور:
الأول: الإثم.
الثاني: وجوب إمساك بقية اليوم.
الثالث: فساد صومه.
الرابع: القضاء.
الخامس: الكفارة.
ولا فرق بين أن يكون عالما بما يجب عليه في هذا الجماع، أو جاهلا، يعني أن الرجل إذا جامع في صيام رمضان، والصوم واجب عليه، ولكنه لا يدري أن الكفارة تجب عليه، فإنه تترتب عليه أحكام الجماع السابقة؛ لأنه تعمد المفسد، وتعمده المفسد يستلزم ترتب الأحكام عليه، بل في حديث أبي هريرة { أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هلكت، قال: "ما أهلكك؟" قال: وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم. } [أخرجه البخاري، ومسلم]، فأمره النبي صلى اله عليه وسلم بالكفارة، مع أن الرجل لا يعلم هل عليه كفارة أو لا، وفي قولنا: (والصوم واجب عليه) احترازا عما إذا جامع الصائم في رمضان وهو مسافر مثلا، فإنه لا تلزمه الكفارة، مثل أن يكون الرجل مسافرا بأهله في رمضان وهما صائمان، ثم يجامع أهله، فإنه ليس عليه كفارة، وذلك لأن المسافر إذا شرع في الصيام لا يلزمه إتمامه، إن شاء أتمه، وإن شاء أفطر وقضى. الاجتهاد في قراءة القرآن الكريم سنذكر في هذا الشأن أمرين عن حال السلف الصالح : أ) كثرة قراءة القرآن . ب) البكاء عند قراءته أو سماعه خشوعاًَ و إخباتاً لله تبارك و تعالى :
شهر رمضان هو شهر القرآن فينبغي أن يكثر العبد المسلم من قراءته و قد كان من حال السلف العناية بكتاب الله , فكان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان . و كان عثمان بن عفان رضي الله عنه يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال , و بعضهم في كل سبع , و بعضهم في كل عشر , فكانوا يقرأون القرآن في الصلاة و في غيرها . و كان للشافعي في رمضان ستون ختمة , يقرؤها في غير الصلاة , و كان الأسود يقرأ القرآن في كل ليلتين في رمضان , و كان قتادة يختم في كل سبع دائماً , و في رمضان في كل ثلاث , و في العشر الأواخر في كل ليلة , و كان الزهري إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث و مجالسة أهل العلم و يقبل على تلاوة القرآن من المصحف , و كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن .
و قال ابن رجب : إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان كمكة المكرمة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناماً لفضل الزمان و المكان , و هو قول أحمد و إسحاق و غيرهما من الأئمة , وعليه يدل عمل غيرهم , كما سبق ذكره . ج) البكاء عند تلاوة القرآن :
لم يكن من هدي السلف الصالح هَذّ القرآن هذّ الشعر دون تدبر و وفهم , و إنما كانوا يتأثرون بكلام الله عز و جل و يحركون به القلوب . ففي البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( اقرأ علي )) فقلت أقرأ عليك و عليك أنزل ؟ فقال : (( إني أحب أن أسمعه من غيري )) قال فقرأت سورة النساء حتى إذا بلغت : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً } [ النساء 41 ] قال : (( حسبك )) , فألتفت فإذا عيناه تذرفان .
و أخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما نزلت { أفمن هذا الحديث تعجبون * وتضحكون و لا تبكون } [النجم:60,59] فبكى أهل الصفة حتى جرت دموعهم على خدودهم فلما سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم حسهم بكى معهم فبكينا ببكائه , قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( لا يلج النار من بكى من خشية الله )) .
و قد قرأ ابن عمر سورة المطففين حتى بلغ { يوم يقوم الناس لرب العالمين } [المطففين:6] فبكى حتى خر , و امتنع من قراءة ما بعدها .
و عن مزاحم بن زفر قال : صلى بنا سفيان الثوري المغرب فقرأ حتى بلغ { إياك نعبد و إياك نستعين } [الفاتحة:5] بكى حتى انقطعت قراءته ثم عاد فقرأ الحمد .
و عن إبراهيم بن الأشعث قال : سمعت فضيلاً يقول ذات ليلة - و هو يقرأ سورة محمد – و هو يبكي ويردد هذه الآية { ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم و الصابرين ونبلو أخباركم } [محمد:31] و جعل يقول : ونبلو أخباركم و يردد وتبلو أخبارنا؟ إن بلوت أخبارنا فضحتنا وهتكت أسرارنا , إنك إن بلوت أخبارنا أهلكتنا و عذبتنا , و يبكي . الجلوس في المسجد حتى تطلع الشمس كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الغداء – أي الفجر – جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس [أخرجه مسلم] .
و أخرج الترمذي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قال : (( من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة و عمرة تامة تامة تامة )) صححه الألباني , هذا في كل الأيام فكيف بأيام رمضان ؟ .
فيا أخي .. رعاك الله استعن على تحصيل هذا الثواب الجزيل بنوم الليل .. و الإقتداء بالصالحين .. و مجاهدة النفس في ذات الله و علو الهمة لبلوغ الذرة من منازل الجنة . فتح مكة.. إستراتيجية الخطط وعبقرية التنفيذ (في ذكرى فتحها: 10 رمضان سنة 8هـ) ما تزال السيرة النبوية بحاجة إلى إعادة قراءة، وإعادة فقه لأحداثها من خلال منظور القوة والقيم التي كانت سائدة أثناء وقوع الحدث، ومحاولة ربط دروس السيرة -التي كان يحرص الصحابة على تحفيظ أحداثها لأبنائهم كما يحفظونهم آيات القرآن الكريم- بواقعنا المعاصر من خلال النظر إلى جوهر الأحداث، واستنباط فقهها في كيفية التفاعل بين النص والواقع.. ومن هذا المنطلق يأتي حديثنا عن فتح مكة الذي تم في (العاشر من رمضان سنة 8هـ= 1 من يناير سنة 630م). ما قبل الفتح
كانت البداية الحقيقية لفتح مكة، بعد "غزوة الخندق" في السنة الخامسة من الهجرة، عندما أعلن النبي صلى الله عليه وسلم عبارته الشهيرة "الآن نغزوهم ولا يغزوننا".
فبعد هذه الغزوة تفكك التحالف الذي قام بين اليهود ومشركي مكة، وكشفت أحداث الخندق استحالة قيام مثل هذا التحالف مرة أخرى؛ وبالتالي أمن المسلمون المقاتلة على جبهتين في وقت واحد.
وكانت الرؤية النبوية ذات بعد إستراتيجي في تحليل الموقف السياسي والعسكري في الجزيرة العربية بعد الخندق؛ إذ أثبتت الأحداث وتطوراتها أن رقعة الإسلام أخذت تزداد مقابل انحسار القوتين الضاربتين: اليهود والمشركين؛ حيث لم يبق لليهود تجمعات إلا في خيبر الحصينة، ولم يبق للمشركين مكان إلا في مكة وبعض القبائل والتجمعات الصغيرة التي يكفيها بعض السرايا الصغيرة لتأديبها والقضاء على خطرها.
كانت تحركات المسلمين في السنوات الثلاث الفاصلة بين الخندق وفتح مكة مدروسة بعناية فائقة، وتنطلق من رؤى إستراتيجية، وتهدف إلى تحقيق أمرين:
أولهما القضاء النهائي على قوة اليهود في الجزيرة العربية؛ لأن هؤلاء يرفضون الإسلام رغم يقينهم أنه الحق، واستمرار وجودهم وعدم تصفيته نهائيا يعني استمرار الخطر الدائم والمتفاقم على الإسلام بما يدبرونه ويكيدونه، ولذلك هدفت ضربات النبي لليهود إلى اقتلاع جذور وجودهم بين العرب، وحدث ذلك مع يهود "بني قينقاع"، ويهود "بني قريظة"، ويهود "بني النضير"، ثم كانت المعركة الفاصلة الحاسمة مع يهود "خيبر" في السنة السابعة من الهجرة، والتي أضاف انتصارها قوة إلى قوة المسلمين حتى قال قائلهم: "ما شبعنا إلا بعد فتح خيبر". وكانت السنة السابعة من الهجرة هي آخر سطر كتبه المسلمون في نهاية اليهود في الجزيرة.
وثاني الأمرين هو: حصار المشركين وسحب البساط تدريجيا من تحت أقدامهم بعد تنظيفه من الكفر والشرك، مع إعطاء مساحة لهؤلاء للدخول في الإسلام؛ لأن دواخل أنفسهم -رغم كفرهم- ليست في صدام مع الإسلام، على خلاف اليهود، ولكنهم يحتاجون إلى فترة من الجهد والجهاد لكسر عناد الكفر في نفوسهم؛ لأنهم مواد خام نقية وجيدة يمكن للإسلام صبها في قوالبه الصحيحة، ولذلك كانت الخطة الإستراتيجية النبوية للتعامل معهم هي المزاوجة بين الأساليب الدعوية والسياسية والعسكرية والنفسية لتحطيم الحواجز بينهم وبين الإسلام، مع عدم اللجوء إلى القتال إلا في حالات الضرورة القصوى، وبالقدر الذي يحقق هيبة المسلمين، وليس تحطيم الخصم نهائيا، لذلك كانت سياسة العفو النبوي عنوانا بارزا في تلك السنوات، فكان هذا العفو يأسر القلوب، ويجعل القبائل تدخل في دين الله أفواجا.
وقد أنتجت هذه السياسة النبوية وضعا فريدا في الجزيرة العربية هو أن رقعة الكفر كادت تنحصر في مكة فقط، وقضى على اليهود نهائيا، واتسعت رقعة الإسلام. وكانت روعة النبي صلى الله عليه وسلم أنه بدأ في جذب قادة مكة إلى الإسلام بحكمته، ومما يروى في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى خالد بن الوليد بطريق غير مباشر رسالة يدعوه فيه إلى الإسلام عن طريق أخيه "الوليد" الذي بعث إليه برسالة جاء فيها: "وقد سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم عنك، وقال: أين خالد؟ فقلت: يأتي به الله، فقال: مثله يجهل الإسلام؟! ولو جعل نكايته وجدّه مع المسلمين كان خيرا له، ولقدّمناه على غيره"؛ ففتحت هذه الكلمات قلب "خالد" الذي حارب الإسلام عشرين سنة فجاء مسلما في بداية السنة الثامنة هو و"عمرو بن العاص" و"عثمان بن طلحة" رضي الله عنهم، وكان معنى ذلك أن معسكر الكفر في مكة بدأ يتخلخل من داخله ويفقد قادته الأفذاذ، وصدق فيهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد رمتكم مكة بأفلاذ أكبادها". الفتح بين السبب والفرصة
كان صلح الحديبية في السنة السادسة من الهجرة ينظم العلاقة بين المسلمين والمشركين لمدة عشر سنوات، وكان من بنوده المهمة أنه "من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخله، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخله" فدخلت قبيلة "خزاعة" في تحالف مع المسلمين، ودخلت قبيلة "بكر" في تحالف مع قريش.
وأدت التطورات والأحداث التي أعقبت صلح الحديبية إلى تغير في ميزان القوى بين المسلمين وقريش لصالح المسلمين.. وكما يؤكد خبراء السياسة فإن المعاهدات التي تعقد في ظل اختلال موازين القوى لا بد أن تتغير عندما تتغير هذه الموازين، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم -تقديرا منه لعهده وميثاقه- حافظ على ما ورد في صلح الحديبية، عالما ومدركا أنه لا بد من وقوع حادثة من جانب قريش تعصف بالصلح، وتجعل المسلمين في حل من التزاماته.
وصدقت الرؤية النبوية، حيث أغارت قبيلة بكر على خزاعة، وأمدت قريش حليفتها "بكر" بالمال والسلاح، وقتلوا أكثر من عشرين من خزاعة حليفة المسلمين، واعتدوا عليهم رغم لجوئهم إلى الحرم. وأمام هذا النقض الصريح للعهد ركب "عمرو بن سالم الخزاعي" في أربعين من قومه وذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب منه النصرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "نُصرت يا عمرو بن سالم"، وأمر المسلمين بالخروج لمناصرة خزاعة.
وقد حققت مساعدة النبي لخزاعة ووعده لها بالنصرة عدة أهداف، منها أنها فرقت بين أن يحترم المسلمون العهود والمواثيق التي وقعوا عليها، وبين أن يعيشوا في غفلة عما يدبره المهادنون لهم؛ لأن وقائع التاريخ تؤكد أن غالبية العهود ما هي إلا فترات لالتقاط الأنفاس في الصراع، كما أنها كشفت عن احترام المسلمين لتحالفاتهم حتى لو كانت مع خزاعة التي لم تكن قد أسلمت بعد، وأثبتت أن المسلمين جادون في تنفيذ بنود تحالفهم حتى لو كلفهم ذلك دخول حرب، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام القبائل العربية للتحالف مع المسلمين وليس مع قريش (الغادرة)، مع خلق رأي عام في الجزيرة العربية يذيب بعض الحواجز بين هذه القبائل والإسلام، ويجعلهم يستمعون إلى القرآن الكريم دون تحيز مسبق؛ وبالتالي يكسر الحدود الوهمية بينهم وبين الإيمان.
أدركت قريش أنها ارتكبت خطأ إستراتيجيا كبيرا بما أقدمت عليه من تقديم المال والسلاح لقبيلة بكر، وحاولت أن تعالج هذا الخطأ؛ حيث انطلق زعيمها وأكبر ساستها "أبو سفيان بن حرب" إلى المدينة المنورة طلبا في العفو عن هذا الخطأ الفادح، وتجديدا للهدنة، واستشفع بكبار المسلمين مثل أبي بكر وعمر وعلي وفاطمة، لكن علي بن أبي طالب لخص الموقف بقوله لأبي سفيان: "ويحك يا أبا سفيان! والله لقد عزم رسول الله على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه"؛ فعاد أبو سفيان صفر اليدين إلى قريش واتهم بأن المسلمين لعبوا به. السرية والمفاجأة
كان فشل سفارة أبي سفيان لا يعني إلا شيئا واحدا وهو الحرب، وجهز المسلمون جيشا ضخما بلغ قوامه عشرة آلاف مقاتل، وقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم السرية الشديدة حتى يحقق عنصر المفاجأة لكفار مكة، فكتم وجهة الجيش في التحرك عن الجميع، بما فيهم أبو بكر، حتى إنه دخل على ابنته فسألها عن وجهة النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: والله ما أدري، وعندما خرج النبي صلى الله عليه وسلم دعا ربه "اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها".
واستكمالا لعملية التوكل التي تجمع بين دعاء الرب والأخذ بالأسباب، قام النبي صلى الله عليه وسلم بعملية خداع رائعة، اقترنت بعملية تأمين للمعلومات وسرية تحرك الجيش، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية من ثمانية رجال بقيادة "أبي قتادة بن ربعي" إلى مكان يسمى "بطن إضم"، وكان هدفها الحقيقي غير المعلن هو تضليل المشركين، كذلك كانت هناك وحدات صغيرة بقيادة عمر بن الخطاب، قوي الشكيمة، تحقق في الداخلين والخارجين من المدينة المنورة، وتتحفظ على من سلك طريق المدينة- مكة، وبذلك حال دون حصول قريش على أي معلومات عن تجهيزات المسلمين.
وأحبطت محاولة كبيرة لتسريب معلومات إلى قريش حول استعدادات المسلمين، قام بها أحد الصحابة البدريين وهو "حاطب بن أبي بلتعة"؛ وتم القبض على المرأة والرسالة التي تحملها من قبله قبل أن تصل إلى قريش.
وما ارتكبه حاطب خيانة عظمى عقوبتها معلومة، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم علم أن الضعف الإنساني قد يصيب بعض المسلمين رغم إيمانهم العميق، لذلك رفض رغبة عمر في قطع رقبة حاطب، وقال له: "وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر يوم بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"، وأيد القرآن الكريم موقف النبي صلى الله عليه وسلم في "سورة الممتحنة" واصفا حاطبا بالإيمان رغم ما ارتكبه. حكمة مع القلوب المغلقة
وافق خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى فتح مكة العاشر من رمضان من السنة الثامنة للهجرة فصام، وصام المسلمون معه، حتى إذا بلغوا مكانا يسمى "الكديد" أفطر وأفطر المسلمون معه، ولم يزل مفطرا باقي الشهر حتى دخل مكة.
واستجاب الله تعالى دعوة نبيه صلى الله عليه وسلم، فلم تعلم قريش شيئا عن تحركات المسلمين أو نواياهم، وفي هذه الأثناء خرج العباس بن عبد المطلب بأهله مهاجرا إلى المدينة، وكان العباس هو الذي يمد المسلمين بالمعلومات الاستخبارية عن نشاطات قريش منذ هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة.
ولم يستطع زعيم قريش أبو سفيان السكون طويلا على هذا الوضع المقلق الذي خلقه نقض قومه لعهدهم مع المسلمين؛ فخرج يتحسس الأخبار ففوجئ بجيش المسلمين الضخم عند مكان يسمى "ثنية العقاب" قرب مكة، فأسرته قوة من استطلاعات المسلمين، وهمّ عمر بن الخطاب أن يضرب عنقه، إلا أن العباس أجار أبا سفيان وأركبه خلفه على بغلته ليدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتمسون العفو.
رفض النبي صلى الله عليه وسلم استقبال أبي سفيان في بداية الأمر، فقال أبو سفيان: "والله ليأذنن، أو لآخذن بيد ابني هذا، ثم لنذهب في الأرض حتى نموت عطشا أو جوعا"، فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك رق له، ورحم عزيز قوم أصابته تقلبات الدهر، وأذن له بالدخول، ولما رآه قال له: "ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم ألا إله إلا الله؟".
فتحت هذه الكلمة من النبي صلى الله عليه وسلم قلب أبي سفيان للإسلام، وقال: "بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، أما هذه والله فإن في النفس منها حتى الآن شيئا"، فقال له العباس: "ويحك! أسلم واشهد ألا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، قبل أن تُضرب عنقك" فأسلم أبو سفيان. ويكشف هذا الموقف عن روعة تقاسم الأدوار بين المسلمين لهداية الناس إلى الله تعالى، فإن الأقفال المغلقة للقلوب تحتاج إلى مفاتيح مختلفة تمزج بين الشدة واللين، وبين الصفح والحزم.
أسر زعيم قريش هذا المعروف النبوي؛ واللين في مواقف القوة والتملك أشد وقعا على النفوس من السيف، والأخلاق النبوية أصابت سويداء قلب هذا الزعيم القرشي بعد حرب ومناهضة للإسلام زادت على عشرين عاما.
ولم تتوقف الدروس النبوية في حق أبي سفيان عند هذا الحد، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أجلسه في مكان يرى فيه جيش المسلمين القوي وهو يمر بقواته الكثيفة أمام عينيه، حتى يزيل جميع رواسب الكفر من نفسه، وحتى يقوم أبو سفيان قائما -دون أن يشعر- بحرب نفسية لصالح المسلمين وسط قريش، تخيفهم من قوة المسلمين، وتحول كلماته عن وصف هذا الجيش الكثيف دون أي محاولة قرشية للمقاومة. وتقول روايات السيرة: إن أبا سفيان لما رأى ذلك المشهد انطلق إلى قومه وصرخ فيهم بأعلى صوته: "يا معشر قريش، هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن".
لقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم نفسية هذا الزعيم بأن جعل له من الفخر نصيبا ريثما يستقر الإيمان في قلبه، فقال من "دخل دار أبي سفيان فهو آمن". تجنب الحرب.. تكسبها
تفرق القرشيون ولزم كثير منهم دورهم، أما الباقون فلجئوا إلى المسجد، وبذلك نجحت خطة المسلمين في تحطيم مقاومة قريش، وخلق استعداد عند أهل مكة ليطبق عليهم المسلمون ما يعرف في عصرنا الحالي "حظر التجول"، وهو ما يمهد للسيطرة التامة دون مقاومة على مكة.
لقد سبق دخول النبي صلى الله عليه وسلم لمكة حرب نفسية مركزة ومتعددة الأدوات، ومنها:
- أنه أمر كل جندي في الجيش أن يوقد نارا ضخمة، فأوقد من النار عشرة آلاف حول مكة طوال الليل وهو ما أدخل الرعب في قلوبهم، وشتت أي عزيمة في المقاومة وحرمتهم النوم بالليل خوفا من المداهمة، فأضعفت استعدادهم لمواجهة المسلمين في الصباح.
- أنه فتح باب الرحمة والعفو لقريش قبل أن يبدأ في دخولها مستحضرا في ذلك عظمة البيت الحرام، فإذا فعل المنتصر ذلك فإن المقاومة تنهار.. تروي كتب السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أن "سعد بن عبادة" وهو أحد قادة الجيش قال: "اليوم يوم الملحمة، اليوم تُستحل الحرمة"، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُعزل من قيادة الفيلق ويتولى ابنه "قيس بن سعد".
- كانت خطة المسلمين أن يدخلوا مكة من جهاتها الأربع في وقت واحد، وهو ما يشتت أي احتمالات لمقاومة مكية، ويهدم معنويات الخصم ويدخل اليأس إلى نفسه من جدوى المقاومة التي تعد انتحارا لا طائل من ورائه. التواضع في قمة النصر
نجحت الخطة الإستراتيجية التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم عند دخول مكة في عدم تعرض جيش المسلمين لمقاومة تذكر، وأسلم غالبية زعاماتهم.. لكن هذا الانتصار العظيم زاد النبي صلى الله عليه وسلم تواضعا، فدخل مكة وهو يركب ناقته، ويقرأ سورة الفتح، وكان يطأطئ رأسه حتى لتكاد تمس رحله شكرا لربه تعالى، ولما جاء على باب الكعبة قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده".
يقول الشيخ محمد الغزالي في ذلك: "إن هذا الفتح المبين ليذكره صلى الله عليه وسلم بماض طويل الفصول كيف خرج مطاردا، وكيف يعود اليوم منصورا مؤيدا، وأي كرامة عظمى حفه الله بها هذا الصباح الميمون، وكلما استشعر هذه النعماء ازداد لله على راحلته خشوعا وانحناء".
وعقب دخوله صلى الله عليه وسلم مكة أعلن العفو العام بمقولته الشهيرة: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، ولم يمنع هذا العفو العام من إهداره لدماء بضعة عشر رجلا أمر بقتلهم حتى لو تعلقوا بأستار الكعبة، لكونهم "مجرمي حرب"، وكان الوجه الآخر لهذا الأمر أن تبقى هذه الرؤوس التي من الممكن أن تكون نواة لنمو مقاومة ضد المسلمين في حالة خوف وحذر على أنفسها تمنعها من التحرك وتفرض عليها التخفي، وكانت روعة الإسلام أن غالبية هؤلاء أسلموا وحسن إسلامهم، وقبل منهم النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام. 10 وقفات للنساء في رمضان الوقفة الأولى: رمضان نعمةٌ يجب أن تشكر:
أختاه! إن شهر رمضان من أعظم نعم الله تعالى على عباده المؤمنين، فهو شهر تتنزل فيه الرحمات، وتغفر فيه الذنوب والسيئات، وتضاعف فيه الأجور والدرجات، ويعتق الله فيه عباده من النيران، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وسُلْسِلت الشياطين ) متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه.
وقال تعالى في الحديث القدسي: ( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ) متفق عليه
وقال: ( إن لله في كل يوم وليلة عتقاء من النار في شهر رمضان، وإن لكل مسلم دعوة يدعو بها، فيستجاب له ) رواه أحمد بسند صحيح. وفيه ليلة القدر، قال تعالى: ( ليلة القدر خير من ألف شهر) القدر:3
فيا أختي المسلمة، هذه بعض فضائل هذا الشهر الكريم، وهي تبين عظم نعمة الله تعالى عليك بأن آثرك على غيرك وهيأك لصيامه وقيامه، فكم من الناس صاموا معنا رمضان الغابر، وهم الآن بين أطباق الثرى مجندلين في قبورهم فاشكري الله – أختي المسلمة – على هذه النعمة، ولا تقابليها بالمعاصي والسيئات فتزول وتمنحي ولقد أحسن القائل:
إذا كنت في نعمة فارعها *** فإن المعاصي تزيل النعــم
وحُطْها بطاعة رب العبــاد *** فربُّ العبــاد ســـريع النِّقم الوقفة الثانية: كيف تستقبلين رمضان ؟ !
1- بالمبادرة إلى التوبة الصادقة كما قال سبحانه: ( وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) النور:31
2- بالتخلص من جميع المنكرات من كذب وغيبة ونميمة وفحش وغناء وتبرح واختلاط وغير ذلك.
3- بعقد العزم الصادق والهمة العالية على تعمير رمضان بالأعمال الصالحة، وعدم تضييع أوقاته الشريفة فيما لا يفيد.
4- بكثرة الذكر والدعاء والاستغفار و تلاوة القرآن.
5- بالمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، وتأديتها بتؤدة وطمأنينة وخشوع.
6- بالمحافظة على النوافل يعد إتيان الفرائض. الوقفة الثالثة: تعلمي أحكام الصيام
يجب على المسلمة أن تتعلم أحكام الصيام، فرائضه وسننه وآدابه، حتى يصح صومها ويكون مقبولا عند الله تعالى: وهذه نبذة يسيرة في أحكام صيام المرأة:
1- يجب الصيام على كل مسلمة بالغة عاقلة مقيمة ( غير مسافرة ) قادرة ( غير مريضة ) سالمة من الموانع كالحيض والنفاس.
2- إذا بلغت الفتاة أثناء النهار لزمها الإمساك بقية اليوم، لأنها صارت من أهل الوجوب، ولا يلزمها قضاء ما فات من الشهر، لأنها لم تكن من أهل الوجوب.
3- تشترط النية في صوم الفرض، وكذا كل صوم واجب، كالقضاء والكفارة لحديث : ( لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل ) رواه أبو داود، فإذا نويت الصيام في أي جزء من أجزاء الليل ولو قبل الفجر بلحظة صح الصيام.
4- مفسدات الصوم سبعة:
أ- الجماع.
ب- إنزال المني بمباشرة أو ضم أو تقبيل.
ج- الأكل والشـــرب.
د- ما كان بمعنى الأكل والشرب كالإبرة المغذية.
هـ - إخراج الدم بالحجامة و الفصد.
و- التقيؤ عمداً.
ز- خروج دم الحيض أو النفاس.
5- الحائض إذا رأت القصة البيضاء – وهو سائل أبيض يدفعه الرحم بعد انتهاء الحيض- التي تعرف بها المرأة أنها قد طهرت، تنوي الصيام الليل وتصوم، وإن لم يكن لها طهر تعرفه احتشت بقطن ونحوه، فإذا خرج نظيفا صامت وإن رجع دم الحيض أفطرت.
6- الأفضل للحائض أن تبقى على طبيعتها، وترضى بما كتبه الله عليها، ولا تتعاطى ما تمنع به الحيض، فإنه شيء كتبه الله على بنات آدم.
7- إذا طهرت النفـساء قبل الأربعين، صامت واغتسلت للصلاة، وإذا تجاوزت الأربعين نوت الصيام واغتسلت، وتعتبر ما استمر استحاضة، إلا إذا وافق وقت حيضها المعتاد فهو حينئذٍ حيض.
8- دم الاستحاضة لا يؤثر في صحة الصيام.
9- الراجح قياس الحامل والمرضع على المريض، فيجوز لهما الإفطار، وليس عليهما إلا القضاء، لقول النبي: ( إن لله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحامل والمرضع الصوم ) رواه الترمذي وقال: حسن
10- لا بأس للصائمة بتذوق الطعام للحاجة، ولكن لا تبتلع شيئا منه، بل تمجُّه وتخرجه من فيها، ولا يفسد بذلك صومها.
11- يستحب تعجيل الفطر قبل صلاة المغرب، وتأخير السحور، قال: ( لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر ) متفق عليه الوقفة الرابعة: رمضان شهر الصيام لا شهر الطعام:
أختي المسلمة..
فرض الله صيام رمضان ليتعود المسلم على الصبر وقوة التحمل، حتى يكون ضابطا لنفسه، قامعا لشهوته، متقيا لربه، قال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) البقرة:183
وقد سئل بعض السلف: لمَ شُرع الصيام ؟ فقال: ليذوق الغني طعم الجوع فلا ينسى الفقير !!
وإن مما يبعث على الأسف ما نراه من إسراف كثير من الناس في الطعام والشراب في هذا الشهر، حيث إن كميات الأطعمة التي تستخدمها كل أسرة في رمضان أكثر منها في أي شهر من شهور السنة !! إلا من رحم الله. وكذلك فإن المرأة تقضي معظم ساعات النهار داخل المطبخ لإعداد ألوان الأطعمة وأصناف المشروبات !!
فمتى تقرأ هذه القرآن ؟
ومتى تذكر الله وتتوجه إليه بالدعاء والاستغفار؟
ومتى تتعلم أحكام الصيام وآداب القيام ؟
ومتى تتفرغ لطاعة الله عز وجل ؟
فاحذري – أختاه – من تضيع أوقات هذا الشهر في غير طاعة الله وعبادته، فقد خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه،فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه ) رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني الوقفة الخامسة: رمضان شهر القرآن:
لشهر رمضان خصوصية بالقرآن ليست لباقي الشهور، قال الله تعالى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) البقرة:185
فرمضان والقرآن متلازمان، إذا ذكر رمضان ذكر القرآن، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم : ( أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه كل ليلة في رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة ) في هذا الحديث دليل على استحباب تلاوة القرآن ودراسته في رمضان، واستحباب ذلك ليلا، فإن الليل تنقطع فيه الشواغل، وتجتمع فيه الهمم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر كما قال تعالى: ( إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا ) المزمل:6.
وكان السلف يكثرون من تلاوة القرآن في رمضان،
وأنت – أختي المسلمة – ينبغي أن يكون لك وِرْد من تلاوة القرآن، يحيا به قلبك، وتزكو به نفسك، وتخشع له جوارحك، وبذلك تستحقين شفاعة القرآن يوم القيامة. قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ري منعته الطعام والشهوة، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه. قال: فيُشفَّعان ) رواه أحمد والحاكم بسند صحيح الوقفة السادسة: رمضان شهر الجود والإحسان:
أختي المسلمة: حث النبي صلى الله عليه وسلم النساء على الصدقة فقال عليه الصلاة والسلام: ( يا معشر النساء تصدقن وأكثرن من الاستغفار، فإني رأيتكن أكثر أهل النار ) رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: ( تصدقن يا معشر النساء ولو من حُليِّكُن .. ) رواه البخاري
ويروى عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها تصدقت في يوم واحد بمائة ألف، وكانت صائمة في ذلك اليوم، فقالت لها خادمتها: أما استطعت فيما أنفقت أن تشتري بدرهم لحماً تفطرين عليه ؟ لو ذكرتني لفعلت !!
أما الجود في رمضان فإنه أفضل من الجود في غيره، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان أجود من الريح المرسلة، وكان جوده صلى الله عليه وسلم شاملا جميع أنواع الجود، من بذل العلم والمال، وبذل النفس لله تعالى في إظهار دينه وهداية عباده، وإيصال النفع إليهم بكل الطرق، من إطعام جائعهم، ووعظ جاهلهم، وقضاء حوائجهم، وتحمُّل أثقالهم.
ومن الجود في رمضان: إطعام الصائمين:
فاحرصي - أختي المسلمة – على أن تفطري صائما، فإن في ذلك الأجر العظيم، والخير العميم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا ) رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح
واحرصي كذلك على الصدقة الجارية، فقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدفة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعوا له ) رواه مسلم الوقفة السابعة: رمضان شهر القيام:
أختي المسلمة.. ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالوا له: يا رسول الله ! تفعل ذلك وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال: أفلا أكون عبدا شكورا ) متفق عليه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من قام رمضان إيمانا واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه
وللمرأة أن تذهب إلى المسجد لتؤدي الصلوات ومنها صلاة التراويح و غير أن صلاتها في بيتها أفضل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خير لهن ) رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني
وقال الحافظ الدمياطي: ( كان النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرجن من بيوتهن إلى الصلاة يخرجن متبذلات متلفعات بالأكسية، لا يعرفن من الغَلَس- أي الظلمة – وكان إذا سلم النبي صلى الله عليه وسلم يقال للرجال: مكانكم حتى ينصرفن النساء، ومع هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن صلاتهن في بيوتهن أفضل لهن... فما ظنك فيمن تخرج متزينة، متبخرة، متبهرجة، لابسة أحسن ثيابها، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: لو علم النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن الخروج إلى المسجد، هذا قولها في حق الصحابيات ونساء الصدر الأول، فما ظنك لو رأت نسـاء زماننا هـذا؟!
فعلى المرأة الرشيدة إذا أرادت الخروج إلى المسجد تخرج على الهيئة التي كانت عليها نساء السلف إذا خرجن إلى المساجد.
وعليها كذلك استحضار النية الصالحة في ذلك، وأنها ذاهبة لأداء الصلاة، وسماع آيات الله عز وجل، وهذا يدعوها إلى السكينة والوقار وعدم لفت الأنظار إليها.
بعض النساء يذهبن إلى المسجد مع السائق بمفردهن فيكن بذلك مرتكبات لمحرمٍ سعياً في طلب نافلة، وهذا من أعظم الجهل وأشد الحمق.
ولا يجوز للمرأة أن تتعطر أو تتطيب وهيَ خارجة من منزلها، كما أنه لا يجوز لها أن تتبخر بالمجامر لقوله : ( أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء ) رواه مسلم
وعلى المرأة ألا تصطحب معها الأطفال الذين لا يصبرون على انشغالها عنهم بالصلاة، فيؤذون بقية المصلين بالبكاء والصراخ، أو بالعبث في المصاحف وأمتعة المسجد وغيرها. الوقفة الثامنة: صيام الجوارح:
أختي المسلمة.. اعلمي أن الصائم هو الذي صامت جوارحه عن الآثام، فصامت عيناه عن النظر إلى المحرمات، وصامت أذناه عن سماع المحرمات من كذب وغيبة ونميمة وغناء وكل أنواع الباطل، وصامت يداه عن البطش المحرم، وصامت رجلاه عن المشي إلى الحرام، وصام لسانه عن الكذب والفُحش وقول الزور، وبطنه عن الطعام والشراب، وفرجه عن الرفث، فإن تكلم فبالكلام الطيب الذي لاحت فائدته وبانت ثمرته، فلا يتكلم بالكلام الفاحش البذيء الذي يجرح صيامه أو يفسده.. ولا يفري كذلك في أعراض المسلمين كذباً وغيبة ونميمة وحقداً وحسداً ؛ لأنه يعلم أن ذلك من أكبر الكبائر وأعظم المنكرات ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه ) رواه البخاري
وقال صلى الله عليه وسلم: ( وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤٌ صائم ) متفق عليه
وأما من يصوم عن الطعام والشراب فقط، ويفطر على لحوم إخوانه المسلمين وأعراضهم، فإنه المعنىُّ بقوله صلى الله عليه وسلم : ( رُب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ) رواه أحمد وابن ماجة بسند صحيح الوقفة التاسعة: خطوات عملية للمحافظة على الأوقات في رمضان:
ينبغي على المرأة أن تستثمر أوقات هذه الشهر العظيم فيما يجلب لها الفوز والسعادة يوم القيامة، وأن تغتنم أيامه ولياليه فيما يقربها من الجنة ويُباعدها عن النار، وذلك بطاعة الله تعالى والبعد عن معاصيه، وحتى تكون المرأة صائنة لأوقاتها في هذا الشهر الكريم فإن عليها ما يلي:
1- عدم الخروج من البيت إلا لضرورة، أو لطاعة لله مُحققة، أو لحاجة لابد منها.
2- تجنب ارتياد الأسواق وبخاصة في العشر الأواخر من رمضان، ويمكن شراء ملابس العيد قبل العشر الأواخر أو قبل رمضان.
3- تجنب الزيارات التي ليس لها سبب، وإن كان لها سبب كزيارة مريض فينبغي عدم الإطالة في الجلوس.
4- تجنب مجالس السوء، وهيَ مجالس الغيبة والنميمة والكذب والاستهزاء والطعن في الآخرين.
5- تجنب تضييع الأوقات في المسابقات وحل الفوازير ومشاهدة الأفلام والمسلسلات وتتبع القنوات الفضائية. فإذا انشغلت المسلمة بذلك فعلى رمضان السلام !
6- تجنب السهر إلى الفجر ؛ لأنه يؤدي إلى تضييع الصلوات والنوم أغلب النهار.
7- تجنب صحبة الأشرار وبطانة السوء.
8- الحذر من تضييع أغلب ساعات النهار في النوم، فإن بعض الناس ينامون بعد الفجر، ولا يستيقظون إلا قُرب المغرب، فأي صيام هذا ؟!
9- الحذر من تضييع الأوقات في إعداد الطعام وتجهيزه، وقد سبق التنبيه على ذلك.
10- الحذر من تضييع الأوقات في الزينة والانشغال بالملابس وكثرة الجلوس أمام المرآة.
11- الحذر من تضييع الأوقات في المكالمات الهاتفية، فإنها وسيلة ضعفاء الإيمان في كسر حدة الجوع والعطش، ولو أقبل هؤلاء على كتاب الله تلاوة ومدارسة لكان خيراً لهم.
12- الحذر من المشاحنات والخلافات التي لا طائل من ورائها إلا إهدار الأوقات والوقوع في المحرمات، وإذا دعيت – أختي المسلمة – إلى شيء من ذلك فقولي: إني امرأة صائمة. الوقفة العاشرة: العشر الأواخر:
أيتها الأخت في الله، مضى من الشهر عشرون يوماً ولم يبقى إلا هؤلاء العشر، فالفرصة مازالت أمامك قائمة، والأجور مازالت مُعدة، فإذا كنت قد فرطت فيما مضى من الأيام، فاحرصي على اغتنام هذه الليالي والأيام، فإنما الأعمال بخواتيمها.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله، وأيقظ أهله ) متفق عليه. فهيَ والله أيام يسيرة، وليالٍ معدودة، يفوز فيها الفائزون، ويخسر فيها الخاسرون.
كانت امرأة حبيب أبي محمد تقول له بالليل: قد ذهب الليل وبين أيدينا طريق بعيد، وزادنا قليل، وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا، ونحن قد بقينا !!
ومن فضل الله تعالى أن جعل ليلة القدر إحدى ليالي العشر الأواخر، وهيَ في أوتار العشر الأواخر من رمضان، فقد قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ) متفق عليه. وليلة القدر ليلة عظيمة، وفرصة جليلة، العبادة فيها خير من عبادة ألف شهر، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم ) رواه ابن ماجة وصححه الألباني
فاجتهدي – أختي المسلمة – في تحري هذه الليلة العظيمة، ولا تحرمي نفسكِ من هذا الأجر الكبير، واعلمي أنك إذا قمت ليالي العشر كلها، وعمّرتيها بالعبادة والطاعة، فقد أدركت ليلة القدر لا محالة، وفزتِ – إن شاء الله – بعظيم الأجر وجزيل المثوبة. دعاء ليلة القدر:
قالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم : ( أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال : قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا ) رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح الإعجاز الطبي في الصيام يتعرض الجسم البشري لكثير من المواد الضارة والسموم التي قد تتراكم في أنسجته، وأغلب هذه المواد تأتي للجسم عبر الغذاء الذي يتناوله بكثرة، وخصوصًا في هذا العصر الذي عمت فيه الرفاهية مجتمعات كثيرة، وحدث وفر هائل في الأطعمة بأنواعها المختلفة، وتقدمت سوائل التقنية في تحسنيها وتهيئتها وإغراء الناس بها، فانكب الناس يلتهمونها بنهم؛ وهو ما كان له أكبر الأثر في إحداث الخلل لكثير من العمليات الحيوية داخل خلايا الجسم، وظهر نتيجة لذلك ما يُسمَّى بأمراض الحضارة؛ كالسمنة، وتصلب الشرايين، وارتفاع الضغط الدموي، وجلطات القلب والمخ والرئة، ومرض السرطان، وأمراض الحساسية المناعة.
وتذكر المراجع الطبية أن جميع الأطعمة تقريبًا في هذا الزمان تحتوي على كميات قليلة من المواد السامة، وهذه المواد تضاف للطعام أثناء إعداده أو حفظه؛ كالنكهات، والألوان، ومضادات الأكسدة، والمواد الحافظة، أو الإضافات الكيميائية للنبات أو الحيوان كمنشطات النمو، والمضادات الحيوية، والمخصبات أو مشتقاتها.
وتحتوى بعض النباتات في تركيبها على بعض المواد الضارة، كما أن عددًا كبيرًا من الأطعمة يحتوي على نسبة من الكائنات الدقيقة التي تفرز سمومها فيه وتعرضه للتلوث.
هذا بالإضافة إلى السموم التي نستنشقها مع الهواء مع عوادم السيارات وغازات المصانع وسموم الأدوية التي يتناولها الناس بغير ضابط إلى غير ذلك من سموم الكائنات الدقيقة التي تقطن في أجسامنا بأعداد تفوق الوصف والحصر. وأخيرًا مخلفات الاحتراق الداخلي، والتي تسبح في الدم؛ كغاز ثاني أكسيد الكربون، واليوريا، والكرياتينين، والأمونيا، والكبريتات، وحمض اليوريك... إلخ. ومخلفات الغذاء المهضوم والغازات السامة التي تنتح من تخمره وتعفنه، مثل: الندول، والسكاتول، والفينول.
كل هذه السموم جعل الله (سبحانه وتعالى) للجسم منها فرجًا ومخرجًا؛ فيقوم الكبد -وهو الجهاز الرئيسي في تنظيف الجسم من السموم- بإبطال مفعول كثير من هذه المواد السامة، بل قد يحولها إلى مواد نافعة، مثل: اليرويا، والكرياتنين، وأملاح الأمونيا. غير أن للكبد جهدًا وطاقة محدودين، وقد يعتري خلاياه بعض الخلل لأسباب مرضية أو لأسباب طبيعية كتقدم السن، فيترسب جزء من هذه المواد السامة في أنسجة الجسم، خصوصًا في المخازن الدهنية.
فالكبد يقوم بتحويل مجموعة واسعة من الجزيئات السمية -والتي غالبًا ما تقبل الذوبان في الشحوم- إلى جزيئات غير سامة تذوب في الماء، يمكن أن يفرزها الكبد عن طريق الجهاز الهضمي أو تخرج عن طريق الكلى. الصوم نعمة
في الصيام تتحول كميات هائلة من الشحوم المختزنة في الجسم إلى الكبد حتى تؤكسد وينتفع بها ويسترد منها السموم الذائبة فيها وتزال سميتها ويتخلص منها مع نفايات الجسد، كما أن هذه الدهون المتجمعة أثناء الصيام في الكبد والقادمة من مخزونها المختلفة يساعد ما فيها من الكوليسترول على التحكم وزيادة إنتاج مركبات الصفراء في الكبد، والتي بدورها تقوم بإذابة مثل هذه المواد السامة والتخلص منها مع البراز.
ويؤدي الصيام خدمة جليلة للخلايا الكبدية بأكسدته للأحماض الدهنية فيخلص هذه الخلايا من مخزونها من الدهون، وبالتالي تنشط هذه الخلايا، وتقوم بدورها خير قيام فتعادل كثيرًا من المواد السامة بإضافة حمض الكبريت أو حمض الجلوكونيك حتى تصبح غير فعالة ويتخلص منها الجسم.
كما يقوم الكبد بالتهام أية مواد دقيقة كدقائق الكربون التي تصل إلى الدم ببلع جزيئاتها بواسطة خلايا خاصة تسمى خلايا "كوبفر"، والتي تبطن الجيوب الكبدية، ويتم إفرازها مع الصفراء.
وفي أثناء الصيام يكون نشاط هذه الخلايا في أعلى معدل كفاءتها؛ للقيام بوظائفها، فتقوم بالتهام البكتريا بعد أن تهاجمها الأجسام المضادة المتراصة.
وبما أن عمليات الهدم في الكبد أثناء الصيام تغلب عمليات البناء في التمثيل الغذائي فإن فرصة طرح السموم المتراكمة في خلايا الجسم تزداد خلال هذه الفترة، ويزداد نشاط الخلايا الكبدية في إزالة سمية كثير من المواد السامة.
وهكذا يُعتبر الصيام شهادة صحية لأجهزة الجسم بالسلامة. انظر إلى الدكتور "ماك فادون" -وهو من الأطباء العاملين الذين اهتموا بدراسة الصوم وأثره- وهو يقول: "إن كل إنسان يحتاج إلى الصوم، وإن لم يكن مريضًا؛ لأن سموم الأغذية والأدوية تتجمع في الجسم فتجعله كالمريض وتثقله، فيقل نشاطه، فإذا صام الإنسان تخلص من أعباء هذه السموم، وشعر بنشاط وقوة لا عهد له بها من قبل". ماذا عن الكسالى في رمضان الذين يفضلون النوم على العمل والسكون على الحركة؟
ذكرت المراجع الطبية أن الحركة العضلية في فترة ما بعد امتصاص الغذاء أثناء الصوم تؤكسد مجموعة خاصة من الأحماض الأمينية: ليوسين، وأيسوليوسين، والفالين، وتسمى "الأحماض ذات السليلة المتفرعة"، وبعد أن تحصل الخلايا العضلية على الطاقة المنبعثة من هذا التأكسد يتكون داخل هذه الخلايا حمضان أمينان في غاية الأهمية، وهما حمضا الألانين والجلوتامين، ويعتبر الأول وقودًا أساسيًّا في تصنيع الجلوكوز الجديد في الكبد، ويدخل الثاني في تصنيع الأحماض النووية، ويتحول جزء منه إلى الحمض الأول، كما يتكون أثناء النشاط والحركة حمضا البروفيت واللاكتيت من أكسدة الجلوكوز في الخلايا العضلية اللذان يُعتبران أيضًا الوقود الأول لتصنيع جلوكوز الكبد.
تتأكسد الأحماض الأمينية ذات السليلة المتفرعة في العضلات، ويعتبر حمض الألانين أهم الأحماض الأمينية المتكونة في العضلات أثناء الصيام؛ إذ يبلغ 30% من أكسدة بعض الأحماض الأمينية ومن البيروفيت، كما يتحول هو أيضًا إلى البيروفيت عبر دائرة تصنيع الجلوكوز في الكبد وأكسدته في العضلات.
ويستهلك الجهاز العضلي الجلوكوز القادم من الكبد للحصول منه على الطاقة، فإن زادت الحركة وأصبح الجلوكوز غير كافٍ لإمداد العضلات بالطاقة حصلت على حاجتها من أكسدة الأحماض الدهنية الحرة القادمة من تحلل الدهن في الأنسجة الشحمية، فإن قلت الأحماض الدهنية حصلت العضلات على الطاقة من الأجسام الكيتونية الناتجة من أكسدة الدهون في الكبد، والذي يؤكد أن النشاط والحركة تنشط جميع عمليات الأكسدة لكل المركبات التي تمد الجسم بالطاقة، وتنشط عملية تحلل الدهون، كما تنشط أيضًا عملية تصنيع الجلوكوز بالكبد من الجليسرول الناتج من تحلل الدهون في النسيج الشحمي ومن اللاكتيب الناتج من أكسدة الجلوكوز في العضلات. الحركة والنشاط أثناء الصوم
الحركة والنشاط أثناء الصيام الإسلامي عمل إيجابي وحيوي يزيد من كفاءة عمل الكبد والعضلات، ويخلص الجسم من الشحوم ويحميه من أخطار زيادة الأجسام الكيتونية الضارة.
كما أن الحركة العضلية تثبط من تصنيع البروتين في الكبد والعضلات وتتناسب درجة التثبيط مع قوة الحركة ومدتها، وهذا بدوره يوفر طاقة هائلة تستخدم في تكوين البروتين؛ حيث تحتاج كل رابطة من الأحماض الأمينية إلى مخزون الطاقة في خمسة جزيئات للأدينوزين والجوانين ثلاثي الفوسفات، وإذا كان كل جزئ من هذين المركبين يحتوى على كمية من الطاقة تتراوح من 5-10 كيلو كالورى، وإذا علمنا أن أبسط أنواع البروتين لا يحتوي الجزيء منه على أقل من 100 حمض أميني؛ فكم تكون إذن الطاقة المتوافرة من تكوين مجموعة البروتينيات المختلفة بأنواعها المتعددة؟
وفي أثناء الحركة أيضًا يستخدم الجلوكوز والأحماض الأمينية في إنتاج الطاقة للخلايا العضلية، وهذا بدوره يؤدي إلى تنبيه مركز الأكل، وذلك لوجود علاقة عكسية بين هذه المواد في الدم ودرجة الشبع وتنبيه مركز الأكل في الدماغ؛ لذلك فالحركة العضلية تنبه مركز الأكل وتفتح الشهية للطعام، كما أن الحركة والنشاط العضلي الزائد يحللان الجليوكين إلى جلوكوز في عدم وجود الأكسجين، وينتج من جراء التمثيل الغذائي للسكر الناتج من حمض اللاكتيك الذي يمر إلى الدم ويتحول بدوره إلى جلوكوز وجليكوين بواسطة الكبد؛ ففي العضلات لا يتحلل الجليوكين إلى جلوكوز في حالة السكون، كما في الكبد؛ وذلك لغياب أنزيم فوسفاتكز الجلوكوز. فالحركة إذن عامل هام لتنشيط استقلاب المخزون الجليوكوين العضلي إلى جلوكوز وتقديمه للأنسجة التي تعتمد عليه: كالمخ، والجهاز العصبي، وخلايا الدم، ولب الكلى.
كما يمكن أن تكون للحركة العضلية علاقة بتجديد الخلايا المبطنة للأمعاء فتحسن بذلك الهضم والامتصاص للمواد الغذائية؛ إذ تحتاج هذه الخلايا لحمض الجلوتامين لتصنيع الأحماض النووية، والذي تنتجه العضلات بكثرة أثناء الحركة.
ويتجدد شباب الخلايا المبطنة للأمعاء كل يومين إلى 6 أيام، وتفقد يوميًّا 17 بليون خلية، فيمكن أن تكون الحركة العضلية علاجًا لاضطرابات الهضم وسوء الامتصاص. فلسفة الصوم من منظور علمي
إن فلسفة الصيام مبنية على ترك الطعام والشراب، وتشجيع آليات الهدم والعمليات الكيميائية الحيوية أساس في عملية التمثيل الغذائي، والنهار هو الوقت الذي تزداد فيه عمليات التمثيل الغذائي، وخصوصًا عمليات الهدم؛ لأنه وقت النشاط والحركة واستهلاك الطاقات في أعمال المعاش، وقد هيَّأ الله -سبحانه وتعالى- للجسم البشري ساعة بيولوجية تنظم هرمونات الغدد الصماء.
لذلك فقد يكون هذا أحد الأسرار التي جعل الله من أجلها الصيام في النهار وقت النشاط والحركة والسعي في مناكب الأرض، ولم يجعله بالليل وقت السكون والراحة.
ومن أجل هذا يمكننا أن نقول -وبكل ثقة-: إن النشاط والحركة أثناء الصيام يوفران للجسم من الجلوكوز المصنع أو المخزون في الكبد، وهو الوقود المثالي لإمداد المخ وكرات الدم الحمراء ونقى العظام والجهاز العصبي بالطاقة اللازمة لتجعلها أكثر كفاءة لأداء وظائفها، كما توفر الحركة طاقة للجسم البشري تُستخدم في عملياته الحيوية؛ فهي تثبط تكون البروتين من الأحماض الأمينية، وتزيد من تنشيط آليات الهدم أثناء النهار، فتستهلك الطاقات المختزنة، وتنظف المخازن من السموم التي يمكن أن تكون متماسكة أو ذائبة في المركبات الدهنية أو الأمينية. هناك من ينام أثناء النهار ويسهر ليلاً؛ فهل لهذا تأثير؟
النوم أثناء النهار والسهر طوال ليل رمضان يؤدي إلى اضطراب عمل الساعة البيولوجية في الجسم؛ وهو ما يكون له أثر سيئ على التمثيل الغذائي داخل الخلايا.
ولقد أجريت دراسة أثبتت هذا الاضطراب على هرمون الكورتيزول، قام بها الدكتور "محمد الحضرامي" في كلية الطب بجامعة الملك بن عبد العزيز، وقد أجرى الدراسة على عشرة أشخاص أصحاء مقيمين خارج المستشفي، وأظهرت الدراسة أن أربعة منهم حصل عندهم اضطراب في دورة الكورتيزول اليومية، وذلك خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر رمضان مع انقلاب النسب المعهودة في الصباح وفي منتصف الليل، فقد لوحظ أن المستوى الصباحي قد انخفض والمستوى المسائي قد ارتفع، وهذا على عكس الوضع الاعتيادي اليومي. وقد عزا الباحث هذا الاضطراب إلى تغير العادات السلوكية عند هؤلاء الصائمين الذين يقضون النهار في النوم والليل في السهر، وقد عاد الوضع الطبيعي للكورتيزول بعد 4 أسابيع من نهاية شهر الصيام، وبعد أن استقر نظام النوم ليلاً والنشاط نهارًا عند هؤلاء الأشخاص.
من أجل هذا كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) وصحبه والمسلمون الأولون يفرقون في الأعمال بين أيام الصيام وغيرها، بل قد يعقدون ألوية الحرب ويخوضونها صائمين متعبدين؛ فهل يتحرر المسلمون من أوهام الخوف من الحركة والعمل أثناء الصيام؟ وهل يهبون قائمين لله عاملين ومنتجين ومجاهدين مقتدين بنبيهم (صلى الله عليه وسلم) وسلفهم الصالح (رضوان الله عليهم)؟ لماذا كان يفطر النبي (صلى الله عليه وسلم) على التمر؟
هذا إعجاز نبوي؛ فالتمر من أغنى الأغذية بسكر الجلوكوز، وبالتالي فهو أفضل غذاء يقدم للجسم حينئذ؛ إذ يحتوى على نسبة عالية من السكريات تتراوح ما بين 75- 87% يشكل الجلوكوز 55% منها، والفركتوز 45%، علاوة على نسبة من البروتينيات والدهون وبعض الفيتامينات أهمها: (أ)، و(ب2)، و(ب12)، وبعض المعادن الهامة، أهمها: الكالسيوم، والفوسفور، والبوتاسيوم، والكبريت، والصوديوم، والماغنسيوم، والكوبالت، والزنك، والفلورين، والنحاس، والمنجنيز، ونسبة من السليلوز، ويتحول الفركتوز إلى جلوكوز بسرعة فائقة، ويمتص مباشرة من الجهاز الهضمي ليروي ظمأ الجسم من الطاقة، خصوصًا تلك الأنسجة التي تعتمد عليه أساسًا؛ كخلايا المخ والأعصاب، وخلايا الدم الحمراء، وخلايا نقى العظام، وللفركتوز مع السليلوز تأثير منشط للحركة الدودية للأمعاء، كما أن الفوسفور مهم في تغذية حجرات الدماغ، ويدخل في تركيب المركبات الفوسفاتية، مثل: الأدينوزين، والجوانين ثلاثي الفوسفات، والتي تنقل الطاقة وترشد استخدامها في جميع خلايا الجسم، كما أن جميع الفيتامينات التي يحتوى عليها التمر لها دور فعال في عمليات التمثيل الغذائي (أ، ب1، ب2، والبيوتين، والريبوفلافين... إلخ)، ولها أيضا تأثير مهدئ للأعصاب، وللمعادن دور أساسي في تكوين بعض الأنزيمات الهامة في عمليات الجسم الحيوية ودور حيوي في عمل البعض الآخر، كما أن لها دورًا مهمًّا في انقباض وانبساط العضلات والتعادل الحمضي والقاعدي في الجسم؛ فيزول بذلك أي توتر عضلي أو عصبي، ويعم النشاط والهدوء والسكينة سائر الجسم.
وعلى العكس من ذلك لو بدأ الإنسان فطره بتناول المواد البروتينية أو الدهنية فهي لا تُمتَصُّ إلا بعد فترة طويلة من الهضم والتحلل، ولا تؤدي الغرض في إسعاف الجسم لحاجته السريعة من الطاقة، فضلاً عن أن ارتفاع الأحماض الأمينية في الجسم نتيجة للغذاء الخالي من السكريات أو حتى الذي يحتوى على كمية قليلة منه يؤدي إلى هبوط سكر الدم.
لهذه الأسباب يمكن أن ندرك الحكمة في أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) بالإفطار على التمر، فقد قال (صلى الله عليه وسلم): "إذا أفطر أحدكم فليفطر على التمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء، فإنه طهور". (رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح).
وعن أنس (رضي الله عنه) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء" (رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن).
أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) الصائم بالهدوء والبعد عن الشجار؛ لماذا؟ لأنه إذا اعترى الصائم غضب وانفعل وتوتر ازداد إفراز الأدرينالين في دمه زيادة كبيرة، وقد يصل إلى 20 أو 30 ضعفًا من معدله العادي أثناء الغضب الشديد أو العراك، فإن حدث هذا في أول الصوم أثناء فترة الهضم والامتصاص اضطرب هضم الغذاء وامتصاصه زيادة على الاضطراب العام في جميع أجهزة الجسم؛ ذلك لأن الأدرينالين يعمل على ارتخاء العضلات الملساء في الجهاز الهضمي، ويقلل من تقلص المرارة، ويعمل على تضييق الأوعية الدموية الطرفية، وتوسيع الأوعية التاجية، كما يرفع الضغط الدموي الشرياني، ويزيد كمية الدم الواردة إلى القلب وعدد دقاته.
وإن حدث الغضب والشجار في منتصف النهار أو آخره أثناء فترة ما بعد الامتصاص تحلل ما تبقَّى من مخزون الجليكوين في الكبد، وتحلل بروتين الجسم إلى أحماض أمينية، وتأكسد المزيد من الأحماض الدهنية، كل ذلك يرفع مستوى الجلوكوز في الدم، فيحترق ليمد الجسم بالطاقة اللازمة في الشجار والعراك، وبهذا تستهلك الطاقة بغير ترشيد، كما أن بعض الجلوكوز قد يفقد من البول إن زاد عن المعدل الطبيعي، وبالتالي يفقد الجسم كمية من الطاقة الحيوية الهامة في غير فائدة تعود عليه، ويضطر إلى استهلاك الطاقة من الأحماض الدهنية التي يؤكسد المزيد منها، وقد تؤدي إلى تولد الأجسام الكيتونية الضارة في الدم.
كما أن الازدياد الشديد للأدرينالين في الدم يعمل على خروج كميات كبيرة من الماء من الجسم بواسطة الإدرار البولي. وارتفاع الأدرينالين قد يؤدي إلى نوبات قلبية أو موت الفجاءة عند بعض الأشخاص المهيئين لذلك نتيجة لارتفاع ضغط الدم وارتفاع حاجة عضلة القلب للأكجسين من جراء ازدياد سرعته، وقد يتسبب الغضب أيضًا في النوبات الدماغية لدى المصابين بارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين.
كما أن ارتفاع الأدرينالين نتيجة للضغط النفسي في حالات الغضب يزيد من تكون الكوليسترول من الدهن البروتيني منخفض الكثافة، والذي قد يزداد أثناء الصيام، وثبتت علاقته بمرض تصلب الشرايين؛ لهذا ولغيره –مما عرف ومما لم يعرف بعد- وصَّى النبي (صلى الله عليه وسلم) الصائم بالسكينة وعدم الصخب والانفعال أو الدخول في عراك مع الآخرين.
عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "إذا كان يوم صوم أحدكم؛ فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم" (متفق عليه). رمضان في فلسطين .. أسواق خاوية وجيوب فارغة ارتفع صوت البائع أبو حسن في السوق الرئيسة في مخيم جباليا ، منادياً على بعض المنتجات والمواد الغذائية الخاصة بشهر رمضان المبارك . وظهرت علامات القلق بادية على وجه البائع أبو حسن ، فهو منذ الصباح الباكر لم يبع إلا كميات محدودة مما عرضه من بضائع حسب قوله ، خاصة من المربى والأجبان والتمور، عازياً ذلك إلى الحصار الاقتصادي الذي تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية بصورة لم يسبق لها مثيل . وتساءل البائع بامتعاض ، كيف تريد أن يكون هناك حركة نشطة في البيع والشراء والجميع عاطل عن العمل منذ أكثر من سنتين . ووفقا لإحصائيات رسمية ارتفعت نسبة البطالة في قطاع غزة إلى أعلى معدل لها حيث بلغت أكثر من 70 % جراء الإجراءات والممارسات الإسرائيلية ، وتقسيم قطاع غزة إلى جزر معزولة . وبدت سوق جباليا شبه خالية من المتسوقين إلا من أعداد قليلة حضرت لشراء الحاجيات الضرورية لأسرها حيث بالكاد يشترون اللحوم والخضار المثلجة لأنها أقل سعراً من الطازجة ، وفي أحيان كثيرة هناك من يسأل ولا يشتري . وأرجع العديد من التجار تدني القدرة الشرائية بين المواطنين إلى الظروف الاقتصادية الصعبة جراء الحصار والإغلاق الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ، الأمر الذي حد من إقبال المواطنين على شراء البضائع المختلفة . وقال التاجر إبراهيم حمدان لوكالة الأنباء الفلسطينية أن القدرة الشرائية لدي المواطنين أقل مما كانت عليه في نفس الفترة من الأعوام الماضية ، معللا ذلك بارتفاع نسبة البطالة وكثرة العاطلين عن العمل والإغلاق والحصار الإسرائيلي . وبحكم العادات والتقاليد المتبعة في الشهر الفضيل ، يلجأ المواطنون إلى شراء أنواع من المواد الغذائية الخاصة برمضان ، لإدخال البهجة على نفوس أطفالهم وأسرهم ، غير أنه في هذه الفترة الحرجة تجعل منه تطبيقا عمليا لمعاني الصبر والرحمة والتكافل الاجتماعي التي طالما تحلى بها الشعب الفلسطيني . ويختلف شهر رمضان عن غيره من الأشهر بطابعه الخاص والمتميز سواء من النواحي الاقتصادية أو الدينية وحتى بالنسبة للعادات والتقاليد الحياتية ، حيث تتجمع الأسر الفلسطينية حول مائدة واحدة في موعد أذان المغرب ، بعد يوم صيام يقضيه الإنسان في طاعة الله تعالى ، فضلا عن الزيارات العائلية وصلة الأرحام . وقالت "هديل إسماعيل" ، طالبة جامعية من بيت حانون ، أن شهر رمضان شهر صلة الرحم والعبادة ، ولكننا هذا العام لا نستطيع أن نفكر بزيارة الأقارب أو دعوتهم على الإفطار أو بعده خوفاً من إغلاق الطرق أو اجتياح محتمل للبلدة في أي وقت . ويجمع المواطنون الفلسطنيون على أن الحصار الإسرائيلي المستمر على الأراضي الفلسطينية وتقطيع أوصال المناطق ، سوف يحرمهم من هذه العادة التي طالما انتظروها على مدار العام . صيام السلاحف تشكل السلاحف مجموعة كبيرة وواسعة الانتشار من رتبة الزواحف، فمنها ما يعيش في البيئة الأرضية، ويطلق عليه Tortoises، ومنها ما يعيش في البيئة المائية العذبة، ويطلق عليه Terrapins، ومنها مجموعة ثالثة تعيش في المياه الملحة ويطلق عليها Turtles.
واتضح من الدراسات الخاصة بهذه المخلوقات أنها على اختلاف أنواعها تمارس نوعًا من الصيام، تمتنع فيه عن تناول الطعام والشراب، ويستمر هذا الصيام عدة أشهر كل عام، حيث تقوم هذه السلاحف باللجوء إلى أماكن معينة، وذات مواصفات خاصة عندما تعلن بدء الصوم والدخول فيه، وهذه الأماكن التي تأوي إليها هذه الحيوانات تختلف باختلاف أنواعها، ففي السلاحف المائية أيًّا كان نوع الماء عذبًا أم ملحًا فإن هذه الأنواع تلجأ إلى قاع المجرى المائي وتستقر عليه، وتكف عن السباحة والحركة والنشاط طيلة فترة الصيام، ولا تعود إلى سابق نشاطها إلا بانقضاء هذه الفترة.
أما السلاحف الأرضية فتلجأ إلى مكان رطب ظليل يحتوي على الأعشاب الرطبة والمبللة بالماء، فتعمد إلى هذه الأماكن، وتقوم بدفن نفسها تحت التربة، أو أسفل هذه المواد والمخلفات، وتدخل في مرحلة تصوم فيها عن الطعام والشراب، وتستمر فترة البيات أو السكون هذه لمدة طويلة تصل إلى عدة أشهر.
ولما كانت الرطوبة عاملاً محددا ومهمًّا لحياة هذه الأنواع، فإن يد القدرة الإلهية قد زودتها بخزانات مائية على درجة كبيرة من الدقة والإبداع، وهذه الخزانات تقع في المثانات الخلفية لها، حيث تمثل احتياطيا للماء تحافظ عليه، ولا تتصرف فيه إلا في أوقات الحاجة، وتظل ترتوي بهذا الماء فترة طويلة وبخاصة في نهاية الصوم، فتبارك الله أحسن الخالقين. صيام طيور البطريق إن طيور البطريق من الطيور المغرمة بسكن المناطق الباردة؛ حيث تستهويها الحياة بين الثلوج، فيوجد من هذه الطيور نحو 17 نوعًا في العالم، ويعيش نوع واحد منها فقط في المناطق القطبية الشمالية، بينما تنتشر الأنواع الباقية في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية موزَّعة في البحار الممتدة بين جنوب أستراليا وأفريقيا وأمريكا.
وتختلف هذه الأنواع اختلافات بيِّنة في سلوكها نحو وضع البيض وتفريخه، فأنواع المنطقة الجنوبية تقضي بها فصل الشتاء. وعند حلول الربيع تعود هذه الطيور قافلة إلى وطنها في الشمال، قاطعة مئات الأميال حتى تصل إلى بقعة الإِنْسال والتكاثر، وما إن ينتهي بها المطاف، وتلقي عصا التَّسيار، حتى تخرج إلى اليابس لتبني أعشاشها من قطع الصخور، وبعد نحو ثلاثة أسابيع من وصولها تكون قد هيأت الأعشاش وأتمت التكاثر، فتضع الأنثى بيضتين ذواتي لون أبيض مشوب بالزرقة، فيتولى الذكر مهمة حضانة البيض بدلاً من الأنثى التي تكون مشغولة بالبحث عن الطعام في مياه البحار العميقة، في حين يظل الذكر صائمًا لمدة أسبوعين حتى تخرج الصغار، وعندئذ ينطلق الذكر إلى البحر فيشق ريقه على بعض مائه، وعلى ما يجود الله به له من غذاء فيتناوله بسعادة، في حين ترجع الأنثى فتغذِّي تلك الصغار النضرة.
وأما نوع البطريق المعروف باسم الإمبراطور، فإنه لا يبني أعشاشًا؛ فهو على عكس الأنواع الأخرى، فهو يقضي فترة الشتاء في المناطق المتجمدة الشمالية، وهناك يضع بيضه في تلك البيئة الجليدية؛ فتضع الأنثى بيضها، لا على الثلج، ولكن على قدميها الخلفيتين، وقد يتناوب معها الذكر في بعض الأحيان، وتستمر على هذا الوضع صائمة طيلة فصل الشتاء.
وعندما يحل الربيع وتذوب الثلوج؛ فإن البيض يفقس عن هذه الصغار.
والسر في هذا الصيام القاسي هو احتياج البيض إلى الحضانة على هذه الدرجة المنخفضة من الحرارة. ثم إن الطيور الصغار إذا بلغت حدَّ كمال نموها فإنها تصوم عن الطعام، فلا تقربه حتى يسقط عنها الزغب الذي يشبه الشعر اللبني في الثدييات، ويكتسي جسمها بالريش؛ فتنزل الماء، وتعلن نهاية هذا الصوم بتناول الطعام والشراب.
أما الطيور الكبار فإنها تصوم هي الأخرى عن الطعام مرة ثانية فترة تكفي لتبديل ريشها القديم بريش آخر زاهٍ نضير؛ فتعود إلى البحر سعيدة مسرورة، وكأنها تقلد الآدميين حينما يلبسون الملابس الجديدة عند حلول أعيادهم المرتبطة بالصيام، أو كأن الآدميين يقلدون هذه المخلوقات، وإن شئنا الدقَّة فلنقل: "إنها سُنَّةٌ سارية في خلق الله".
(ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيم). عبد الله بن عمر .. المنفق البار كان من أئمة المسلمين وعلما من أعلام الفتوى ، أفتى الناس ستين سنة ، وكان من أكثر الصحابة اتباعا لآثار الرسول صلى الله عليه وسلم . كان جوادا ، إذا أعجبه شيء من ماله قربه إلى الله تعالى ، مستشهدا في ذلك بقوله تعالى " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون" . هو عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي ، أبو عبد الرحمن ، أمه زينب بنت مظعون ، وهي أم أخته حفصة بنت عمر ، صحابي من أعز بيوتات قريش . أسلم مع أبيه وهو صغير لم يبلغ الحلم ، وهاجر إلى المدينة مع أبيه ، وشهد فتح مكة . شارك في معركة اليرموك وفتح مصر وغزا إفريقية مرتين : الأولى مع ابن أبي سرح والثانية مع معاوية بن حديج ثم قدم البصرة وبنى فيها دارا ، وشهد غزو فارس . لما توفي عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، عرض عليه نفر أن يبايعوه ، ولما علم بذلك معاوية بن أبي سفيان دس إليه عمرا بن العاص ، وهو يريد أن يعلم ما في نفس ابن عمر ، فقال له : يا أبا عبد الرحمن ، ما يمنعك أن تخرج فيبايعك الناس؟ أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن أمير المؤمنين ، وأنت أحق الناس بهذا الأمر. فقال ابن عمر: هل اجتمع الناس كلهم على ما تقول ؟ قال عمرو: نعم إلا نفرا يسيرا. فقال له ابن عمر: لو لم يبق إلا ثلاثة أعلاج بهجر ، لم يكن لي فيها حاجة ، فعلم عمرو أنه لا يريد القتال ، فقال له : هل لك أن تبايع من قد كاد الناس أن يجتمعوا عليه ، ويكتب لك من الأرضين والأموال؟ فقال: أف لك اخرج من عندي إن ديني ليس بديناركم ولا درهمكم . ولما مات يزيد بن معاوية قال له مروان بن الحكم هلم بنا نبايعك ، فأنت سيد العرب وابن سيدها ، قال: كيف أصنع بأهل المشرق ويريد أهل العراق؟ قال مروان : نضربهم حتى يبايعوك ، قال: والله ما أحب أن يقتل في سيفي رجل واحد . توفي ، رضي الله تعالى عنه ، في مكة وكان آخر من توفي فيها من الصحابة وله من العمر 83 سنة. هل تعلم أن مداد العالم (حبر الكتابة) أرفع منزلة في الإسلام من دم الشهيد وأن العالم أو الذي يعلم الناس الخير تستغفر له جميع المخلوقات حتى الحيتان في البحار ، وأن الملائكة لتضع اجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع . وهل تعلم أن طلب العلم بمثابة الفريضة على كل مسلم ومسلمة ، وان من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له بذلك طريقا إلى الجنة والرضوان . السواك مطهر للفم مرضاة للرب أوصى النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا بالسواك فمنها قوله: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة". وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "لم يزل يأمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالسواك حتى ظننا أنه سينزل عليه فيه شيء" وأكمل وأجمل صلى الله عليه وسلم بقوله: "السواك مطهر للفم مرضاة للرب".
السواك عود من أعواد شجرة الأراك وعادة يؤخذ من جذور شجرة الأراك في الغالب وهو الأفضل وأحيانا يؤخذ من فروع وأغصان شجرة الأراك والسواك له طعم ورائحة مميزان ولونه بني فاتح إذا كان رطباً وهو الأطيب وداكن إذا كان جافا وتشبه شجرة الأراك في شكلها شجرة الرمان فأوراقها بيضاوية وملساء وهي دائمة الخضرة طوال فصول السنة، وثمرة الأراك أكبر من حبة الحمص ويكون لونها في البداية أخضر ثم بعد ذلك يحمر ويسود وتصبح حلوة الطعم.
تنمو شجرة الأراك في الأماكن الحارة والاستوائية فتوجد في جنوب المملكة العربية السعودية خاصة في منطقة جازان ومصر وإيران والسودان.
ولقد أجريت أبحاث كثيرة في عدد من الدول لاكتشاف فوائد السواك ومنها:
1- يحتوي السواك على بيكربونات الصوديوم وهي ذاتها توجد في تكوين معاجين الأسنان والتي أوصت به جمعية طب الأسنان الأمريكية.
2- يتكون السواك كيميائيا من ألياف السيليوز وبعض الزيوت الطيارة وبه مواد عطرية لذلك لو نظرنا إلى تحليل السواك لوجدنا أن فرشاة طبيعية قد زودت بأملاح معدنية ومواد عطرية تساعد على تنظيف الأسنان.
3- يحتوي السواك على مادة حمض التنيك والتي تقاوم التعفنات، مطهرة للثة والأسنان وقابضة تمنع نزيف الدم.
4- يمتاز السواك بسهولة التحكم به وحمله، لين عند تفريش شعيراته، قادر على إزالة الفضلات بين الأسنان دون أن تؤذي اللثة وله طعم مميز يساعد على إفراز اللعاب مما يساعد على تنظيف الفم ومقاومة أمراض الفم ورائحته تكسب الأفواه رائحة زكية.
يفضل استخدام السواك بصفة دورية كأوقات الصلوات وبعد الأكل وقبل النوم وعند الاستيقاظ من النوم وعند تغير رائحة الفم كما يستحب للمفطر والصائم.
وينصح بإزالة الجزء المستخدم من السواك بصفة دورية والتسوك بجزء طري جديد. صور رمضانية
المسحراتي يجوب شوارع بغداد لإيقاظ الناس للقيام و السحور .
فلسطيني يقرأ القرآن في أحد مساجد غزة .
حشد من المسلمين يؤدون صلاة الجمعة الثانية خلال شهر رمضان في أحد مساجد مدينة لاهور الباكستانية .
فلسطينية تدعو الله أمام مسجد قبة الصخرة في القدس الشريف . كاريكاتيرات رمضانية ¨°o.O (رمـضـانـيـات -1- ) O.o°¨ إلى هنا و تنتهي الرحلة ..
كل الأمنيات بأن ما قدمته قد حاز على رضاكم ..
في الأسبوع القادم لي معكم موعد بإذن الله .. إعـداد & إخـراج / الشـفوق [/ALIGN] |