أعرف أن لكل وقت (موضته) ، وأن الكثير يقع تحت ما تفرضه (الموضة) ، حتى من يدعي أن لديه مناعة ضد تحويله إلى شخص مستهلك .. ومن يريد التأكد من إنه لم يكن عرضة لأن يتورط (بالموضة) ، عليه أن يعود إلى ألبوم صوره الخاصة ، وليشاهد كيف كان شعره ، وما المراحل التي مر بها ، ثم يحكم على نفسه بنفسه .
وإلى أن يشاهد الجميع ألبوم صورهم الخاصة ، دعونا نكمل مع (الموضة) .
إن المُنتج يعمد على تكثيف الدعاية لمنتجه ، ليجعل المستهلك يصدق أن هذا الأمر يحتاجه ولا غنى عنه ، ويبدأ باستهداف الطبقة الغنية في المجتمع ، ثم تنتشر (الموضة) بطريقة القصة القديمة التي قرأنها في الفصول الأولى من تعليمنا (بائع الطرابيش و القردة) ، ثم يعود المُنتج ليبتكر صرع جديدة وهكذا .
من هذا المنظور ، نكتشف أن فكرة (طرد المدربين) لدينا لا تدخل تحت إطار (الموضة) بقدر ما هي دخلت في نسق شخصية المجتمع وأصبحت (كالعقال) ، وحين لا ترتدي العقال هذا يعني أنك غريب ولا تنتمي لهذا المجتمع ، وبالتأكيد حين تأتي إدارة ولا تطرد المدرب ، يعني أنها إدارة لا تنتمي لهذا الوسط .
يقول أحد النقاد لدينا ، إن تغيير المدرب يساعد على إعادة التوازن للفريق والثقة للاعبين ، وأن كثرة نقد المدرب جعل اللاعبون لا يثقون به ولا ينفذوا ما يطلبه منهم ، وإن كان هذا المدرب أفضل مدرب في العالم .
وحين تؤكد له : (سنخسر هذه الخبرة والكفاءة) ، يقول لك : صحيح خطأ طرده ، ولكن ليس لدى الإدارة حل آخر ، فتضطر الإدارة لطرد المدرب حتى لا تشذ عن القاعدة فينبذها المجتمع ، وتضع أنت العقال حتى لا تشعر بغربة وتبحث عن سبب هذه العادة التي مازال يؤمن بها المجتمع الرياضي ، وأعني طرد كل مدربي العالم .
يرى لاعب فرنسا زيدان أن ما حدث له في إيطاليا كان به نوع من القسوة ، فهو يؤكد أن التدريبات الصباحية في إيطاليا كان أشبه بتدريب جنود سيذهبون للحرب وليس للعب مباراة ، ويضيف إن تجربة إيطاليا هي من صقلته وجعلته يتربع على هرم أفضل لاعبي العالم .. (لاعبو الأهلي أسقطوا شانتير بسبب تمارين الصباح) .
(رونالدو) حين لم يتعامل مع التدريب بجدية ، قرر المدرب في إيطاليا معاقبته وطلب منه أن يجري في الساعة الخامسة فجرا ، وحضر في نفس الوقت ، وتعاطف معه عشاقه وآزروه بأن استيقظوا في نفس الساعة ليشجعوه ، وهذا هو الاحتراف ، على اللاعب أن يتحمل مسئوليته ، وعليه أن يبحث عن تطوير مستواه ويجود ما لديه من مهارة (سلعة) ليرتفع سعره ، المحترف يعرف أيضا أن العمل ليس كالبيت ، ليمارس دلاله على والديه فيهددهما بعدم الأكل ، لتنفذ له رغباته ، فيرضخ والديه للأمر .
شيخ الرياضيين لدينا وهو الأكثر خبرة ، يقول : على المدرب أن يلعب (الجمعان) أساسيا ، طالما اللاعب يريد أن يلعب أساسيا ، وليحترق الاحتراف .
ويؤكد إن على المسئول أن يراعي نفسية اللاعبين ، ويحقق لهم رغباتهم ، ولا أعرف كيف يمكن تحقيق رغبات كل اللاعبين ، إن طلب الثلاثين لاعبا ، اللعب أساسيين ؟
وكان شيخ الرياضيين أبا لكل اللاعبين ، وهذه هي الوصاية ، أو ما تسمى السلطة الأبوية .
والاحتراف الذي يعتمد على أنظمة ولوائح محددة ومعروفة ، ضد السلطة الأبوية ، التي تعتمد على الدلال ، والابن المدلل هو من سيلعب ، ولكن على الابن أن ينافق هذه السلطة الأبوية ، ليحصل على مميزات خاصة .
وبما أن طرد المدربين لم يعد (موضة) بل دخل في نسق المجتمع وأصبح عادة ، ما رأي رئيس نادي الهلال بأن يطرد المدرب ، وأن لا يكلف النادي مبالغ طائلة بإحضار مدرب جديد سيتم طرده ، وليعتمد على أعضاء الشرف في لعب دور المدرب ووضع التشكيل ، وإن فاز الفريق يستمر عضو الشرف في وضع التشكيل ، وإن هزم يضع عضو شرف جديد تشكيل جديد ، ولبيدأ بشيخ الرياضيين ، طالما لديه خبرة ، فهو عرف أن الفريق سيهزم من خلال زيارته للمعسكر ليلة المباراة .
وأظن لن يطلب أعضاء الشرف رواتب ، وسيوفر النادي عقد المدرب ، وعلى من يبحث عن التطوير أن يضع العقال حتى لا يصبح غريبا عن المجتمع ويطرد المدربين ، وينتظر إلى أن يعي المجتمع الرياضي ، أن عادة طرد المدربين ، عادة سيئة .

[ALIGN=CENTER][email protected][/ALIGN]