..
يحدث أن تزدحم بداخلنا الذكريات ، ويحولنا الحزن إلى شموع ننصهر كلما زادت حدة الحزن
النهاية تكون إنصهارنا .. لامحالة آت ..
مرت الأيام وتجاوزت آخر مراحل التعليم العام
واليوم رأيت هناء لأخر مرة تحاول أن تظهر كما كانت دائماً مرحة
ولكن دمعاً يكاد يسقط ترتجيه بإبتسامات وداع أن لايسقط ويفضح مابقلبها من جراح
تلك كانت آخر لقائتنا و لاأدري إن كنت سألتقيها يوماً ما
لم أشعر بطعم النجاح
حاولت التظاهر بذلك أمام عائلتي .. و أينما وليت وجهي لغيرك أتذكرك
ملامحك ، صوتك ، وكل ماقد كان يجمعني بك
في بيتنا ، طرقات السفر و تحدياتنا التي قطعناها
هأنذا الآن ياأخي سأنهي آخر تحدياتنا .. وبنسبة كنا نتراهن على تحقيقها
من سيحقق لي أمنياتي الحبيسة في داخلي إن لم تعد أنت .. ؟
كل الأمور كانت تسير على مايرام
لولا أني في طريقي لحجرتي إستمعت لحديث أمي وأبي عن يوسف الذي كان تخرجه وحلم أهلي كان سيكون لولا أن أخذه الموت
جررت خيبتي لأنام و لأبكي فشلي بزرع السعادة من جديد في أسرتي
سأتنفس اليوم و أنفث زفرات الألم و أستنشق نسمات الهواء العليل
ساعات ثلاث كنت قد عايشتها بـ كل صبر لأكمل تسجيلي
و دخلت الجامعه لأكمال دراستي ، و مر عام على وداعك يا يوسف :/
كل آمالي بأن تعاود السعادة إشراقها في حياتنا من جديد
إلى من " أكتب له " دائماً
ولكنه لا يقرأني
بربك لم يعد قلبي قادراً على تحمل غيابك
أناشده بأن لا يخذلني ويسقطني أرضاً
دعني أبقى شامخة أمام الآخرين بعد أن كُسرت أمام غيابك
متعبة ياأنت
ولا أجد مايعينني على الصمود
منذ ذلك اليوم الذي فقدناك فيه وأنا أبكي بصمت
إعتادت عيني على الدموع
ومسامعي على الأخبار المبكية
فقدت حياتي ذلك اليوم
وتبدلت كل أموري هناك
منذ ذلك اليوم وأنا أبحث عن نفسي ولاأجدني
حتى الأمور التي اعتدت على أن أقوم بها وأحببتها
لم تعد كذلك
تمنيت لو أستطع إلغاء الماضي أو نسيانه
أحن لذكريات الطفولة كثيراً ،
وماألبث أن أتذكر ماأنا عليه الآن حتى أتمنى أن تزول من ذاكرتي :/
كل الأوقات التي جمعتني بهم
و الآن .. تميتني الوجيه المزيفة الضحكات الصفراء المنمقة الإدعاءات الكاذبة بالأهتمام
سنوات الجامعه ، غالباً لا تعترف بالصداقة كـ أساس فما أن تنتهي المنفعة حتى يغادرون ، وإذا إلتقيناهم بعد ذلك كأنهم لا يعرفوننا
و بالطبع هناك إستثناءات فالطيبون لهم العرفان
إختبارات و بحوث تكاد تعزلني عن أسرتي ، وأختي مازالت تفضل الصمت و الأنطوائية
و في أثناء هذه الليالي العصيبة تقدم لخطبتي شاب رأيت فيه السند لوالدي عند عودتي وهو يحمل عنه حاجيات لمنزلنا
أتاني والدي وهو ينشد الفرح بموافقتي
أخذوا موعداً مع أبي و أتوا
ترددت في الدخول ليأتي أبي ويقبلني و يقودني بغير وعي مني إلى أن أكون بجواره ..
قلبي ينبض بشدة خوفاً أم حُب لا أدري و لكنني أرجح الخوف و لكنه ليس الخوف كما كل من سيكون في وضعي
و لكن الخوف في أن أحُبه و بشدة و من ثم يتخلى عني
لن أتحدث كثيراً عما جرى خلال تلك الليلة ، سأفضل الأحتفاظ بها في ذاكرتي لا أن اكتبها على الأوراق
و أصبحت زوجة له .. و أنا على ثقة بأن من سأكون زوجته سيحبني و سيعوضوني سعادة وفرحاً
كما أقسمت بيني و بين نفسي في أن أمنحه قلبي و أن أرسم له السعادة و أكون عون له بما يرضي الله
زارنا عدة مرات وفي كل مرة كنت أتعلق به أكثر و أحبه أكثر و أود بقائه أكثر وأكثر آسرني بحنانه و بعطفه
و حتى عائلته التي أصبحت جزء منها بعد إرتباطنا كانوا يغمروني بعطفهم ولطفهم ..
نتبادل الزيارات المكالمات و الرسائل حتى أحسست أنني أنتمي لهم و يزداد فضولي لمعرفة الكثير عن زوجي من خلالهم
أصبحت لا أنام إلا وقد إطمئنت روحي عليه و سمعت صوته و أصبح يلازمني في كل قرارتي كم كنت سعيدة
و أنا أجد منه الحُب و الحنان وكم أنا ممتنة للصدف السعيدة التي قادته إلى حيث أكون
وكـ أي سعادة لا تكتمل .. :/
أخبرنا أبي بأن فهد لابد أن يغادرنا غداً أو بعد غد ، لمرضه الذي اكتشف به
و قلبي لا يحتمل مزيداً من الفقدان .. يمزقني الألم ولا اقوى على الكتمان فيأخذ الدمع مجراه و ينزف قلبي حزناً على ما أصاب أخي
كان لابد أن يرافق أخي أحداً منا وكلما أشحت بنظري لا أجد إلا نفسي فـ أبي لايقوى على الجلوس لمدة طويلة و كل ذلك من تبعات الحادث
وأمي يكاد قلبها ينفطر على وجع أخي ، ومنار قد عزلت نفسها عن الحياة و بالطبع سعود لايجدي إختياره
طلب مني والدي بأن أستاذن زوجي و أحضر نفسي للرحيل
ولكن الفاجعة الكبرى التي حلت بي كانت أكبر من أن أخبئها في بضع صفحات ..
أن تاتي و أنت متيقناً بـ الموافقة و تصتدم بالرفض أن تحاول الأقناع فـ يجرحك بالتهديد أن تتوسل وتبكي و لايزيد ذلك إلا سوءاً تلك كانت القاصمة لظهري
حاولت الأتصال به كثيراً و لكنه يتجاهلني ، أخي على وشك الموت و هو لا يهتم لأمري
خيبتي بك كبيرة :/ ظننت أنك لا تشبههم ، منحتك كل مساحة في قلبي تنبض بالحب لك وحدك
كنت أخبرهم بأنك لن تكون كما الآخرين ،
الجميع إتفق على ضرورة ذهابي ولم يكن الحسبان أن يكون من منحته قلبي هو من يقف في الطريق كـ عقبة لمرحلة العلاج
مازلنا في مرحلة عقد القران ويخيرني بين أوامره وبين علاج أخي استخرت وأراد الله أن أختار فراقه
ووالله لم أندم على قراري بأن أرافق أخي
بكيت من صدمتي به وبأسلوبه المهدد وكنت أختنق كل مساء وأدعوا الله لـ يعينني
أردته أن يتراجع عن قراره أخبرته بظروفنا ، ولم يعذر
حدثته عن تعب اخي الشديد كلما تأخر العلاج ، ولم يبالي
هاتفته مراراً ولم تحرك به دموعي و حرقتي على أخي إحساسه
طلبت بأن يمنحني الفرصة ليسمعني وإنتظرته وإنتظرت و ماظهر .
لك أن تتخيل كم من مرة وقفت على بابي أترقبك ولا تأتي
لك أن تتخيل كم من مرة إنتظرت إتصالك ولم تفعل
لك أن تتخيل كم من مرة بكيتك ولا تدري
أفرطت بأمنياتي بأن تأتي و خذلتني ولم تفعل ،، لم أشأ أن أكدر صفو عائلتي بماحدث فيكفي ماأصابنا من وجع
و غادرت بعد أن أبلغته أني اخترت الرحيل مع أخي
لم ألقي بالاً للعواقب إختياري ، ولم يكن والداي على علم بمايحدث ولوكانوا ربما لرفضوا فكرة أن أرافق اخي
ولكن حينها من سيحل بدلاً عني .. ؟
لم ينتظر طويلاً فبعد أقل من أسبوع تصلني عبر هاتفي النقال رسالة منه ليخبرني بأني ماعدت زوجة له
لم أبكي حينها لأنني قبل أن أسافر هيأت نفسي لمثل هذه الأمر وفوضت أمري لله
و مازالت في القلب غصة يا من أهديته قلبي و ب أول موقف غدر بي
كنت قد هيأت نفسي لحياة جديدة .. مؤملة فيها الفرح و الطهر
و كل ماغاب عني منذ وفاة يوسف .. الفقد ، مروراً بـ صداقات لم تكن
و كلها إنتهت إلى لاشيء .. و مطلقة
لم يكتفي بالألم الذي سببه لي بل حاول تشويه صورتي في أعين الجميع ،
ربما لأنه لم يتقبل حقيقة إنفصالنا و ربما لأنه أحس بإهانة لأني اخترت الفراق و رغم ذلك لم أذكره في حضرة أحد بسوء حتى أمام عائلتي لا لشيء و لكن لأني فضلت الصمت بدافع المحبة لأهلي و أهلي فقط ..
يؤلمني أن تكون أيضاً لم تعرفني جيداً ، ويؤلمني أكثر أن تجردني من الأشياء الجميلة ،
و أؤمن برغم تلك الأقوال .. بأنك لم تعد تعني لي أي شيء
من يبكيني ، مع أدمعي / ومن يخبرني إن كنت على صواب .. وبأن الدنيا تحمل الأخيار ،
وهم من يبقون تملئهم السعادة في نهايات حياتهم
ليتني لم أقبل أن أكون لك ، لربما حينها كنت أفضل حالآً من الآن ..
أحمل الأمل بأن تأتي الأرواح الطاهرة لتجعلني أحُب الحياة مجدداً كما كنت دائماً
كسرني الفراق ، لا لأنه يحمل مسمى " طلاق " بل لأنه فراق وكفى
لم أندم على تضحيتي بحياة معك لأجل أخي ، ليتك كنت تعي بأن من لايحمل الخير لأهله لا خير يحمله للغير
لم أنسى كل تلك الجراح ، كل ذلك التعب والحنين إليك
كنت قد أقسمت على أن لا تبدلك الظروف ، وعلى أن أكون دوماً الأولى بقلبك
و لشدة حاجتي لأعيد تصديقي بالبشر فقد صدقتك ، وثقت بك
لم أكن أعلم أن من فئة البشر ، متلونون حتى أريتني خيانتك
وكل غدرك لي ، أضحكتني مرة وهاأنت تبكيني مرات
وثقت بك وسلمتك قلبي ، وكسرته ، لتعيده إلى واقع كان يعتقد إنه شفي منه
ليتني لم أصدق حكايتك ، وعذوبة كلماتك
ليتني ما أمضيت أيامي بالدعاء لك
ليتني مت قبل كل هذا العذاب
فقد أخطأت بحق قلبي حينما سمحت لرجل أن يهديني الألم و ينزع من قلبي كل ذرة أمل كنت أحيا بها
قبل أن يحملني خيبة لا تتسع لأجلها الدنيا
يتبع .. ..