مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #5  
قديم 01/04/2003, 08:21 AM
شيروكي شيروكي غير متواجد حالياً
مشرف سابق بمنتدى الثقافة الإسلامية
تاريخ التسجيل: 15/12/2000
المكان: القصيم
مشاركات: 2,953
ثانياً تفسير الطبري
==========
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ جَاهِدْ الْكُفَّار وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا النَّبِيّ جَاهِدْ الْكُفَّار بِالسَّيْفِ وَالسِّلَاح وَالْمُنَافِقِينَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي صِفَة الْجِهَاد الَّذِي أَمَرَ اللَّه نَبِيّه بِهِ فِي الْمُنَافِقِينَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : أَمَرَهُ بِجِهَادِهِمْ بِالْيَدِ وَاللِّسَان , وَبِكُلِّ مَا أَطَاقَ جِهَادهمْ بِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13184 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حُمَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن وَيَحْيَى بْن آدَم , عَنْ حَسَن بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن الْأَقْمَر , عَنْ عَمْرو بْن جُنْدُب , عَنْ اِبْن مَسْعُود , فِي قَوْله تَعَالَى : { جَاهِدْ الْكُفَّار وَالْمُنَافِقِينَ } قَالَ : بِيَدِهِ , فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ , فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ , فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيَكْفَهِرْ فِي وَجْهه. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ أَمَرَهُ بِجِهَادِهِمْ بِاللِّسَانِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13185 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ جَاهِدْ الْكُفَّار وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ } فَأَمَرَهُ اللَّه بِجِهَادِ الْكُفَّار بِالسَّيْفِ وَالْمُنَافِقِينَ بِاللِّسَانِ , وَأَذْهَبَ الرِّفْق عَنْهُمْ . 13186 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثني الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : { جَاهِدْ الْكُفَّار وَالْمُنَافِقِينَ } قَالَ : الْكُفَّار بِالْقِتَالِ , وَالْمُنَافِقِينَ : أَنْ تَغْلُظ عَلَيْهِمْ بِالْكَلَامِ . 13187 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { جَاهِدْ الْكُفَّار وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ } يَقُول : جَاهِدْ الْكُفَّار بِالسَّيْفِ , وَأَغْلِظْ عَلَى الْمُنَافِقِينَ بِالْكَلَامِ ; وَهُوَ مُجَاهَدَتهمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ أَمَرَهُ بِإِقَامَةِ الْحُدُود عَلَيْهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13188 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن : { جَاهِدْ الْكُفَّار وَالْمُنَافِقِينَ } قَالَ : جَاهِدْ الْكُفَّار بِالسَّيْفِ , وَالْمُنَافِقِينَ بِالْحُدُودِ , أَقِمْ عَلَيْهِمْ حُدُود اللَّه . 13189 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ جَاهِدْ الْكُفَّار وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ } قَالَ : أَمَرَ اللَّه نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجَاهِد الْكُفَّار بِالسَّيْفِ , وَيُغْلِظ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فِي الْحُدُود . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ مَا قَالَ اِبْن مَسْعُود , مِنْ أَنَّ اللَّه أَمَرَ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جِهَاد الْمُنَافِقِينَ , بِنَحْوِ الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ مِنْ جِهَاد الْمُشْرِكِينَ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَكَيْف تَرَكَهُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقِيمِينَ بَيْن أَظْهُر أَصْحَابه مَعَ عِلْمه بِهِمْ ؟ قِيلَ : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذَكَرَهُ إِنَّمَا أَمَرَ بِقِتَالِ مَنْ أَظْهَرَ مِنْهُمْ كَلِمَة الْكُفْر , ثُمَّ أَقَامَ عَلَى إِظْهَاره مَا أَظْهَرَ مِنْ ذَلِكَ . وَأَمَّا مَنْ إِذَا اِطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْكُفْر وَأَخَذَ بِهَا , أَنْكَرَهَا وَرَجَعَ عَنْهَا وَقَالَ : إِنِّي مُسْلِم , فَإِنَّ حُكْم اللَّه فِي كُلّ مَنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَام بِلِسَانِهِ , أَنْ يُحْقَن بِذَلِكَ لَهُ دَمه وَمَاله وَإِنْ كَانَ مُعْتَقِدًا غَيْر ذَلِكَ , وَتَوَكَّلَ هُوَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِسَرَائِرِهِمْ , وَلَمْ يَجْعَل لِلْخَلْقِ الْبَحْث عَنْ السَّرَائِر ; فَلِذَلِكَ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عِلْمه بِهِمْ وَاطِّلَاع اللَّه إِيَّاهُ عَلَى ضَمَائِرهمْ وَاعْتِقَاد صُدُورهمْ , كَانَ يُقِرّهُمْ بَيْن أَظْهُر الصَّحَابَة , وَلَا يَسْلُك بِجِهَادِهِمْ مَسْلَك جِهَاد مَنْ قَدْ نَاصَبَهُ الْحَرْب عَلَى الشِّرْك بِاَللَّهِ ; لِأَنَّ أَحَدهمْ كَانَ إِذَا اِطَّلَعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ قَالَ قَوْلًا كَفَرَ فِيهِ بِاَللَّهِ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ أَنْكَرَهُ , وَأَظْهَرَ الْإِسْلَام بِلِسَانِهِ , فَلَمْ يَكُنْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذهُ إِلَّا بِمَا أَظْهَرَ لَهُ مِنْ قَوْله عِنْد حُضُوره إِيَّاهُ وَعَزْمه عَلَى إِمْضَاء الْحُكْم فِيهِ , دُون مَا سَلَفَ مِنْ قَوْل كَانَ نَطَقَ بِهِ قَبْل ذَلِكَ , وَدُون اِعْتِقَاد ضَمِيره الَّذِي لَمْ يُبِحْ اللَّه لِأَحَدٍ الْأَخْذ بِهِ فِي الْحُكْم وَتَوَلَّى الْأَخْذ بِهِ هُوَ دُون خَلْقه . وَقَوْله : { وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاشْدُدْ عَلَيْهِمْ بِالْجِهَادِ وَالْقِتَال وَالْإِرْهَاب.
اضافة رد مع اقتباس