الموضوع: حبٌ ٌلا يموت
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #2  
قديم 13/03/2005, 07:43 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ مرسول الهلال
مرسول الهلال مرسول الهلال غير متواجد حالياً
زعيــم متألــق
تاريخ التسجيل: 06/11/2004
المكان: بين الشقا وبين الغرام
مشاركات: 1,071
كمله للموضوع ( حبٌ لا يموت..! )
ما كان صاحبي بحديث عهدٍ بجراح ولا بآلام..!

فذات شجاعة..

كان الأمير ينتقي من الكتيبة مجموعةً للترصد.. فاختار خمسةً منهم صاحبي ( س .أ ) .. فمضت المجموعة باكرًا تسابق خيوط الشمس.. وسرنا معهم نودعهم كما هي العادة في كل عملية.. بل في كل ليلة.. حين يسلم الإخوة بعضهم على بعض سلام مودع.. فقد تكون آخر العهد بالصحاب..!

وتوارت المجموعة خلف تلك التبة الصغيرة جهة الشمال.. وبعد قرابة الساعتين تناهي إلى سمعنا صوت زخاتٍ من الرصاص.. وكان منها صوت سلاح لا يملك الإخوة في مجموعة الترصد مثله..! وبدا القلقُ على وجه الأمير من انقطاع المخابرة بيننا وبينهم.. ودوي الرصاص يتعالى ويستمر.. حتى استحال إلى طلقاتٍ متقطعة.. ثم خفت الصوت تمامًا..! وبعد قرابة الدقيقتين اتصل قائد المجموعة يطلب إمدادًا من الكتيبة.. فذهب الأميرُ ومعه نخبةٌ من الكوادر المتمرسة.. وطال غيابهم..!

ثم أبصرناهم يمشون إلينا.. وعيوننا تسابق خطاهم لنطمئن عليهم.. فإذ بالخمسة يأتون كلهم عدا واحد.. لكنه ليس كأي " واحد " .. إنه صاحبي ( س . أ ) ..!

انطلقتُ إلى الأمير أستفسر منه عن الخبر.. فأخبرني أن المجموعة وقعت في كمين.. وأن أخانا صاحبي ( س . أ ) قد أُصيب بعيارات نارية، أصاب واحدٌ منها صدره من الجهة اليسرى، وخرج من ظهره..!

قلتُ بانفعال :

** " .. وهل استشهد..؟! "

فقال الأمير وهو يلتقط أنفاسه :

** " .... حتى الآن.. لا ..!

** " ..........

** .. وإن حدث ذلك فهي أمنيته فلا تأسَ عليه.. فهو على الأقل قد صرع اثنين من الروس..

المهم لدينا الآن أن نغير مكان المخيم في أسرع وقت لئلا يُباغتنا الروس..! " ..

وبقيتُ أصارع حزني بغيابه.. ونحن نيمم وجوهنا شطر المكان الجديد.. ومع مسيرة جديدة..!

* * * * *

وبعد أقل من أسبوع..

كان أخي وصاحبي ( س . أ ) يتصل بالمخابرة ليستئذن الأمير في الإياب.. فهو – كما يقول – قد تماثل للشفاء..!

الله أكبر..!

ما أقوى عزمك يا صاحبي وما أشد بأسك.. غيرك يعذر نفسه بأوهام، وأنت تَعدُّ جرحًا غائرًا أعلى قلبك من الجراح اليسيرة..!

وما أروع الدرس ( العملي ) الذي علمته لنا، وأنت تستجدي الأمير أن يأذن لك وأنت جريح، في الوقت الذي نستسلم فيه للإخلاد إلى الأرض والركون إلى الدنيا ونحن أصحاء أقوياء..!

وما أجمل الأمل الذي نستلهمه منك ومن أمثالك.. حين تدهمنا فلول اليأس الموهن..!

* * * * *

ومرت الأيام.. وفارقتُ صاحبي إجبارًا لا اختيارًا.. لكن أرواحنا لم تفترق.. أسأل عنه ويسأل عني.. وأدعو له ويدعو لي.. فليست الإخوةُ مجرد علاقة فحسب.. بل هي علاقة روحية راقية.. تسمو بنا إلى درجاتٍ من الصفاء والحب لا يبلغها إلا من ذاق طعم الأخوة.. واستظل بأفيائها..

وفي رمضان من هذا العام 1424 ، بلغني خبرُ استشهاد صاحبي - أحسبه شهيدًا والله حسيبه ولا أزكي على الله أحدًا - ..

كان صائمًا مرابطًا مجاهدًا.. حتى أتاه ما يتمنى.. في قرية صغيرة.. وبعد معركة ضارية مع قوات الأمون الروسية جندل فيها كافرًا وأصاب آخر.. حتى نالوا منه ما كان يهون عليه في ذات الله : روحه الطاهرة..!

فرحمة الله عليك أخي ( س . أ ).. فقد كنتَ زهرةَ من أزاهير الأمل.. تتعالى وسط حقول اليأس..!

وتقبلك الله في عداد الشهداء..

وألحقني - وألحق كل من يسمع بأمرك - بك وبالشهداء.. مقبلين غير مدبرين..!
اضافة رد مع اقتباس