إن الله تعالى يثني على النبي صلى الله عليه وسلم عند الملائكة المقربين, وملائكته يثنون على النبي ويدعون له, يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, صلُّوا على رسول لله, وسلِّموا تسليمًا, تحية وتعظيمًا له. وصفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثبتت في السنة على أنواع, منها: "اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد, كما صليت على آل إبراهيم, إنك حميد مجيد, اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد, كما باركت على آل إبراهيم, إنك حميد مجيد".
إن الذين يؤذون الله بالشرك أو غيره من المعاصي, ويؤذون رسول الله بالأقوال أو الأفعال, أبعدهم الله وطردهم مِن كل خير في الدنيا والآخرة, وأعدَّ لهم في الآخرة عذابًا يذلهم ويهينهم.
يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يرخين على رؤوسهن ووجوههن من أرديتهن وملاحفهن؛ لستر وجوههن وصدورهن ورؤوسهن; ذلك أقرب أن يميَّزن بالستر والصيانة, فلا يُتعَرَّض لهن بمكروه أو أذى. وكان الله غفورًا رحيمًا حيث غفر لكم ما سلف, ورحمكم بما أوضح لكم من الحلال والحرام.
لئن لم يكفَّ الذين يضمرون الكفر ويظهرون الإيمان والذين في قلوبهم شك وريبة, والذين ينشرون الأخبار الكاذبة في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم عن قبائحهم وشرورهم, لنسلِّطنَّك عليهم, ثم لا يسكنون معك فيها إلا زمنًا قليلا. مطرودين من رحمة الله, في أي مكان وُجِدوا فيه أُسِروا وقُتِّلوا تقتيلا ما داموا مقيمين على النفاق ونشر الأخبار الكاذبة بين المسلمين بغرض الفتنة والفساد.
إن الله طرد الكافرين من رحمته في الدنيا والآخرة, وأعدَّ لهم في الآخرة نارًا موقدة شديدة الحرارة, ماكثين فيها أبدًا, لا يجدون وليًّا يتولاهم ويدافع عنهم, ولا نصيرًا ينصرهم, فيخرجهم من النار. يوم تُقَلَّب وجوه الكافرين في النار يقولون نادمين متحيِّرين: يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا رسوله في الدنيا, فكنا من أهل الجنة.
وقال الكافرون يوم القيامة: ربنا إنا أطَعْنا أئمتنا في الضلال وكبراءنا في الشرك, فأزالونا عن طريق الهُدى والإيمان. ربنا عذِّبهم من العذاب مثلَيْ عذابنا الذي تعذبنا به, واطردهم من رحمتك طردًا شديدًا. وفي هذا دليل على أن طاعة غير الله في مخالفة أمره وأمر رسوله, موجبة لسخط الله وعقابه, وأن التابع والمتبوع في العذاب مشتركون, فليحذر المسلم ذلك.
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تؤذوا رسول الله بقول أو فعل, ولا تكونوا أمثال الذين آذوا نبيَّ الله موسى, فبرَّأه الله مما قالوا فيه من الكذب والزور, وكان عند الله عظيم القدر والجاه.
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, اعملوا بطاعته، واجتنبوا معصيته؛ لئلا تستحقوا بذلك العقاب, وقولوا في جميع أحوالكم وشؤونكم قولا مستقيمًا موافقًا للصواب خاليًا من الكذب والباطل.
إنا عرضنا الأمانة -التي ائتمن الله عليها المكلَّفين من امتثال الأوامر واجتناب النواهي- على السموات والأرض والجبال, فأبين أن يحملنها, وخفن أن لا يقمن بأدائها, وحملها الإنسان والتزم بها على ضعفه, إنه كان شديد الظلم والجهل لنفسه.
(وحمل الإنسان الأمانة) ليعذب الله المنافقين الذين يُظهرون الإسلام ويُخفون الكفر, والمنافقات, والمشركين في عبادة الله غيره, والمشركات, ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات بستر ذنوبهم وترك عقابهم. وكان الله غفورًا للتائبين من عباده, رحيمًا بهم.
الثناء على الله بصفاته التي كلُّها أوصاف كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، الذي له ملك ما في السموات وما في الأرض, وله الثناء التام في الآخرة, وهو الحكيم في فعله, الخبير بشؤون خلقه.