لي عودة بإذن الله ***** وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته حياك الله أخي الغالي مرسال في البداية أنت مندفع وبقوه ، ويبدو لي أن هناك ما أشغل فكرك وألهب نفسك قبيل كتابة الموضوع مباشرةً ، والله أعلم يحدث في هذه الأيام ما كان يحدث في تلك الأيام ، والخلل فيك أنت كونك لم تستنطق الماضي بحكمة ورويه ، فصدمت نفسياً بعد أن علمت بأن من سنن الحياة منذ خلق الله الكون ، أن يبدأ الإنسان بكل مافيه صغيراً فيكبر شيئاً فشيئاً ، وجاهل فيتعلم شيئاً فشيئاً ، فلم تأتي يا أخي بجديد في فلسفة الحياة ونشأة الخلائق ، بل أتيت بجديد على فكرك وعقلك وهذا هو المهم ، بينما الأهم أن تستطيع تجاوز صدمة المعلومة بحكمة ورجاحة عقل ، وتغييب كامل لعاطفتك ، وكبح لإندفاعها بالنسبة للمحسوبين على الدعاة والعلماء فلن أتحدث عنهم كونهم كما تقول محسوبين على الدعاة ، والدارج في فهم هذا المصطلح ، هو أنهم لايمتون للدعاة بصلة ، فلذلك دعهم جانباً . أما من اشتهروا وعرفوا بين الناس كدعاة حقيقيين ، فهم مازالوا كذلك ، وهم في طور التقدم في مجالاتهم العلمية ، كما أنهم في طور التقدم في أعمارهم وأشكالهم ، وهذه هي سنة الحياة ، فمالمطلوب ؟؟ في كل مجالات العلوم سواءً الطبيعية أو التطبيقية ، هناك معلومة تلغي أختها ، ونظرية تدحض ماقبلها ، واختراع يتفوق على مثيله ، وابتكار يغير شكل الحياة برمتها ، وقد يكون مصدر هذه العلوم المتناحرة والمتفوقه على بعضها شخص واحد آمن بالبحث والتقصي ، فهو بذلك تميز عن غيره بأنه مازال يطلب المزيد من العلم ، ولم يستكين لمجد خلا ، أو منجز صنعه ، وهو بذلك سخر حياته للبحث عن المعلومة . فلا تستنكر على دعاتنا وعلمائنا تجدد آرائهم وفتاواهم ، بحسب ما استجد عليهم من علم أو حديث أو واقعة للقياس . والدنا الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله ، وهو بشهادة المسلمين إمام العصر ، سبق وأن تراجع عن فتاوى أطلقها ، فهل كان جاهلاً أو كاذباً أو ليبرالياً بلحية ، أو باع دينه لأجل راتب ضخم يتقاضاه من الحاكم !! وقبله الإمام ابن تيمية وهو شيخ الفقهاء ، أذكر أني قرأت له رأيين متناقضين في حكم الزواج بنية الطلاق ، فهل كان جاهلاً قبلاً فعلم ، أو كان عالماً قبلاً فباع فتواه بمال أو منصب وجاه وهل تظن أنك بسكوتك عن أخطائهم مأجوراً ، لا والله ، كونك تخفي عن أخوك المسلم علماً ، والحكمة ضالة المؤمن ، لكن قبل أن تنقد آرائهم وفتاويهم وجب عليك أن تستند على علم كبير ، وأن تناقشهم بما شرع الله للناس من آداب النقاش والحوار ، فلا يستوي نقد العلماء من دون تخصص ، وإلا فإنك ستصبح كأغلب كتاب الصحافة (( الغوغائيين )) والذين يحاجون قول العالم الحي ، بقول العالم الميت ، فيخلطون الحابل بالنابل ، كون المتقدمين حكموا وأفتوا بناءً على علم محدد قد بلغهم في عصرهم ، بينما المتأخرين فقد أفتوا بعلم حاضرهم ، فالأحاديث النبوية واجتهادات الصحابة ، ووقائع التاريخ قد تكون غابت عن عالم قبل خمسة قرون بسبب بعد مصدرها عنه ، بينما هي توفرت لعالم وقتنا بعد جمع الأحاديث والوقائع التاريخية وتصحيحها وتنقيحها ، وسهولة الوصول إليها مستعد لأن أرمي المسميات خلف ظهري ، لكن أوجد لي قدوة لايتغير ، إلا إن كان الحجر فأنا لا أقتدي به . والقدوة الحقيقية للمسلم هو الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، وحتى الإقتداء بالرسول قد يتبدل ويتغير بحسب إلمامك بسيرته العطره عليه أفضل الصلاة والسلام أرجوك صدقني المشكلة في فهمك ، فالمسائل التي ذكرت والتي لم تذكر كلها خلافية ولو تعمقت قليلاً لوجدت أن كبار علماء الأمة قد اختلفوا فيها ، بل إن الإختلاف حدث بين الصحابة رضوان الله عليهم وهم من عاصر محمد صلى الله عليه وسلم ، فلذا قد يرى العالم حكماً في فترة معينه ثم يرجح عنده حكم آخر ، فهم كما تعلم في أسوء أحوالهم ينالهم أجراً ، وإن أصابوا عند اجتهادهم فلهم أجران . ولك مني ولبقية الإخوان الأعضاء نصيحة عند اختلاف أقوال الفقهاء ، فبعد أن تفهم الإختلاف وتعرض أدلة المختلفين ، إعمل بالحديث الصحيح عند الإمام أحمد : (( استفت قلبك ، البِرُّ ما اطمأنَّت إليه النفس ، واطمأنَّ إليه القلب ، والإثم ما حاك في القلب ، وتردَّد في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتَوْك )) وبالحديث في صحيح البخاري وغيره : (( دع مايريبك إلى مالا يريبك )) ، عندها ستنعم بإذن الله بإطمئنان قلبك ، وسكون روحك ، وستفهم بأن الدين أوسع من حدود صنعناها بجهلنا نحن العامة ، ولم ينزل الله بها من سلطان أتمنى أن يكون لك ولي وللبقية نصيب من اتهام النفس والذمة ومحاسبتها قبل أن يحاسبنا الله ، فها أنت تتهم بعضهم في الذمم (( ولم تصرح بأسمائهم )) ، وقد أوقعت في ذمتك مسؤولية هذا الاتهام من دون دليل ، ولا تنسى قول الله تعالى : (( مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) يا أخي العزيز ، يجب أن تدرك وتعلم بأن ماتتحدث به وتتسائل عنه ، كله قائم وموجود ، وقد فصل العلماء في أحكام العلاقة بين الحاكم والمحكوم ، وكلها موجودة في كتب الفقه من عدة قرون ، وهي موجودة للقراءة حتى في المكتبات الحكومية والمسماة بأسماء حكام البلاد ، فهي في مكتبة الملك فهد الوطنية ، ومكتبة الملك عبدالعزيز ، وقد كتب عنها علمائنا المعاصرين . اما إن كنت ترغب منهم الإحتجاج والتظاهر وإعلان الخروج على طاعة ولي الأمر ، فهذا بأمر الإسلام لايجوز وهو ضرب من ضروب فتن المسلمين في أرضهم ومالهم وعرضهم وأنفسهم وهو تخريب في الأرض ، وذلك لعدم وجود مايستدعي الخروج ، فهل ترى من وجهة نظرك أنه من صالح المسلمين حديث العلماء والدعاة في المنابر أو في الإعلام عن فساد الحاكم والخروج عليه لأنه سمح بالإختلاط في جامعة أو سمح بالربا في بعض البنوك أو ورث الحكم لإبنه ، هل ترى أن ذلك من موجبات الخروج على الحاكم وهل ترى أن ذلك يستدعي إزهاق النفوس المسلمة وضياع الأمن على المال والعرض والنفس ؟! هناك الكثير من العلماء وأعرفهم بأسمائهم ممن هم قريبين من الحاكم كمستشارين وممن هم بعيدين ، لايتوانون للحظة في النصح والإرشاد والتذكير بالتي هي أحسن ، فلا مجال في الدين لإثارة الفتن في بلد مسلمة على غالبها ظاهراً وباطناً . في العجلة الندامة وفي التأني السلامة وفي الهلال لي يونج بيو (( قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيفما شاء )) أو في ما معناه السؤال هل نحن أهل للتقييم ، أنا عن نفسي لا ، وأنت الله أعلم بك ، هم أعلنوا فتاويهم واستندوا على دليل ، فهل نملك حق الإجتهاد لمناقشة أدلتهم أم لا ؟؟ وبقولك أنك تعبت من مداراتهم فهل تظن أنك أحسنت ولك الثواب لأنك داريتهم في السابق وهم لايدارون دين الله وشرعه ؟؟ لاحول ولاقوة إلا بالله ، أتمنى أن نمنح التخصص مكانته ، ونبتعد عن تحميل ذممنا كلام قد لاندرك تبعاته ، فما كتبته محفوظ في كتابك ، ومحفوظ في الشبكة العنكبوتيه ، وستحمل جزاء من يقرأه أن خيرا فلك أضعافه ، وإن شراً فلك ذلك أرى نفسي من العامة ورحم الله امرىء عرف قدر نفسه ، فمن ياترى خلف يوزر مرسال هل هو من العامة أو من الفقهاء والعلماء ؟؟ الله أعلم . وتذكر إن كنت من العامة فذلك بإرادتك كون العلوم التي نهلو منها متوفرة للجميع ، لكنهم تفقهوا فاجتهدوا فأفتوا ، وهم بذلك براء من تهمتك لهم بأنهم صنفونا من العامة ، فالصحيح أننا وضعنا أنفسنا عوام ولم نوضع أو نصنف من أحد . تحارب من وبأمر من ؟ وكيف لك أن جعلتهم في جادة الخطأ ؟ عمر وعلي رضوان الله عليهم اختلفوا في مسألة العّده للمرأة ، فمن برأيك نأيد ومن نحارب كون أحدهم على خطأ قطعاً ؟؟ وتذكر بأنك محاسب على اختيارك انت ، ولن يحمل عنك احد المختلفين وزر محاربة الآخر ، فهم اختلفوا بعد علمهم واجتهادهم ولم يتحاربوا ، لكنك أنت فضلت رأي أحدهم وحاربت واتهمت الطرف الآخر في ذمته ودينه عذراً على الإطالة ، أتمنى أن تقبلني ناصحاً لا محاوراً .. والله أعلم وهو من وراء القصد ،، |