نجوم المونديال: بوفون حامي عرين إيطاليا
لم يأت اختيار حارس يوفنتوس والمنتخب الايطالي جانلويجي بوفون من قبل الاتحاد الدولي للتاريخ والإحصاءات في كرة القدم كأفضل حارس مرمى في العالم خلال العقدين الأخيرين من فراغ، لأن "جيجي" هو صمام أمان "الازوري" وملهمه.
لعب بوفون (32 عاما) دورا أساسيا في قيادة ايطاليا إلى لقب مونديال ألمانيا 2006 حيث حافظ على نظافة شباكه في 5 مباريات خلال النهائيات ولم يتلق مرماه سوى هدفين، الأول بنيران صديقة سجله عن طريقه الخطأ زميله كريستيانو زاكاردو ضد الولايات المتحدة والثاني من ركلة جزاء سجلها زين الدين زيدان خلال المباراة النهائية ضد فرنسا.
ويحلم بوفون في أن يعيد الكرة في مونديال جنوب أفريقيا 2010 لكنه يعترف بان المهمة ستكون صعبة وهو قال مؤخرا: "نملك حظوظا اقل في الاحتفاظ باللقب من تلك التي كنا نملكها عند فوزنا به عام 2006، لأنه بعد الفوز يصبح من الصعب تكرار الأمر".
وواصل: "لكن املك ثقة كبيرة لان الجميع، ومن بينهم الشبان الجدد، مستعد. وبالتالي لدينا الأساسات اللازمة من اجل ترك لمستنا في كأس العالم حتى وان كنت تحتاج الى الكثير من العوامل من اجل الفوز، إضافة إلى الحظ".
يدخل بوفون إلى جنوب أفريقيا 2010 بعد موسم صعب مع يوفنتوس حيث ابتعد عن الملاعب لفترة طويلة بسبب خضوعه لعملية جراحية، في وقت عانى فريق "السيدة العجوز" الأمرين ومني بـ15 هزيمة في الدوري المحلي ما حرمه من الحصول على مركز مؤهل إلى مسابقة دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل.
لكن "جيجي" رفض الحديث عن انه بدأ شخصيا يفقد بريقه وقواه، وهو قال: "إذا سنحت الفرصة لي من اجل إظهار قدراتي فيعني ذلك أني ما زلت أؤمن باني أفضل حارس في العالم".
الأفضل في العالم
ومن المؤكد أن الاتحاد الدولي للتاريخ والإحصاءات في كرة القدم يوافق بوفون الرأي لأنه اختاره أفضل حارس في العقدين الأخيرين على حساب الدنماركي بيتر شمايكل حارس مانشستر يونايتد الانكليزي سابقا، والاسباني ايكر كاسياس حارس ريال مدريد الاسباني.
وشمل الإحصاء أفضل حراس المرمى منذ 1990 وتواجد في لائحة الثمانية الأفضل بينهم خمسة حراس مرمى لا يزالون في الملاعب حتى الآن، هم الهولندي ادوين فان در سار (مانشستر يونايتد) والتشيكي بيتر تشيك (تشيلسي الانكليزي) والبرازيلي نيسلون ديدا (ميلان الايطالي) الذين احتلوا المراكز السابع والثامن والثالث عشر على التوالي، إلى جانب بوفون وكاسياس.
وضم نادي العشرين الأوائل حراسا كبار مثل السوفياتي رينات داساييف والانكليزي بيتر شيلتون اللذين احتلا المركزين الخامس عشر والثامن عشر، والألماني اوليفر كان الذي جاء في المركز الرابع.
إن المبلغ الذي دفعه يوفنتوس عام 2001 من اجل التعاقد مع بوفون من بارما يعكس أهمية وموهبة هذا الحارس، إذ اضطر فريق "السيدة العجوز" إلى أن يجعل "جيجي" أغلى حارس مرمى في العالم بعدما دفع 52 مليون يورو للتعاقد معه.
بدأ بوفون مسيرته مع المنتخب الاول في الـ19 من عمره عندما حل بدلا من جانلوكا باليوكا المصاب خلال تصفيات مونديال 1998 امام روسيا ثم فرض نفسه تدريجيا في المنتخب وكان الحارس الاساسي في تصفيات كأس اوروبا 2000 الا ان الاصابة حرمته من المشاركة في النهائيات التي وصلت فيها بلاده الى المباراة النهائية قبل ان تخسر امام فرنسا بالهدف الذهبي.
ولم يغب بوفون عن الاحداث الكبرى مع منتخب بلاده منذ حينها حيث كان اساسيا في مونديال 2002 وكأس اوروبا 2004 ومونديال 2006 وكأس أوروبا 2008 حيث ارتدى شارة القائد بسبب غياب زميله فابيو كانافارو بسبب الإصابة.
ويعتبر بوفون خير خلف لحراس متميزين دافعوا عن مرمى "الازوري" أمثال جانبيارو كومبي وألدو اوليفييري ودينو زوف، وهو يأتي من عائلة رياضية بامتياز، إذ أن والدته ماريا ستيلا ماسوكو كانت بطلة ايطاليا في رمي القرص، ووالده ادريانو كان يمارس رياضة رفع الأثقال، وشقيقتيه فيرونيكا وغويندالينا تمارسان كرة الطائرة، وعمه انجيلو ماسوكو كان لاعب كرة سلة، وقريب والده لورنزو بوفون كان حارسا دوليا متميزا في الخمسينات والستينات وهو لعب مع ميلان وجاره انتر ميلان وفيورنتينا وتوج بلقب الدوري الايطالي 5 مرات بين 1950 و1963.
مشوار طويل في الدوري الإيطالي
بدأ بوفون مشواره في الدوري الايطالي في السابعة عشرة وتسعة أشهر من عمره وتحديدا في 19 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1995 ونجح في الحفاظ على نظافة شباكه في مواجهة ميلان.
خاض بوفون 168 مباراة في صفوف بارما خلال ستة مواسم وحاز معه لقب مسابقة كأس ايطاليا والكأس السوبر الايطالية وكأس الاتحاد الأوروبي قبل الانتقال إلى يوفنتوس عام 2001 ليحل مكان الهولندي ادوين فان در سار.
نجح بوفون في موسمه الأول في قيادة يوفنتوس إلى إحراز اللقب المحلي، ثم كرر الأمر في الموسم التالي، وهو بقي وفيا للفريق "السيدة العجوز" رغم إنزال الأخير إلى الدرجة الثانية عام 2006 بسبب تلاعبه بنتائج الدوري المحلي.
خاض بوفون أولى مبارياته الدولية ضد روسيا في تشرين الأول/أكتوبر عام 1997. وفي العام التالي سافر مع منتخب بلاده لخوض نهائيات كأس العالم في فرنسا عام 1998 حيث كان الحارس الثاني. وبعد أن اضطر إلى الغياب عن كأس أوروبا 2000، شارك في نهائيات كأس العالم في كوريا الجنوبية واليابان عام 2002 حيث تصدى لركلة ترجيحية في دور ال16 في مواجهة كوريا الجنوبية التي خرجت فائزة في تلك المباراة.
تخطى بوفون خيبة الأمل هذه في كأس العالم 2006 في ألمانيا عندما نجح في إحراز أول لقب كبير في صفوف منتخب بلاده. لعب حارس يوفنتوس دورا كبيرا في الوقت الإضافي من المباراة النهائية ضد فرنسا عندما تصدى ببراعة لكرة رأسية من زين الدين زيدان ثم تفوق ذهنيا على زميله في يوفنتوس الفرنسي دافيد تريزيغيه واجبره على تغيير خطته في تنفيذ الركلة الترجيحية، فوضع الأخير الكرة خارج الخشبات الثلاث.
بوفون والاكتئاب
كشف بوفون عام 2008 انه تعرض سابقا لحالة اكتئاب شديدة اجبرته على استشارة طبيب نفسي. وفي كتابه "الرقم واحد" تحدث انه مر في "فترة سوداء" لمدة 6 اشهر، بين كانون الاول/ديسمبر 2003 وحزيران/يونيو 2004، عانى خلالها من "الاكتئاب وتلقى العلاج عبر طبيب نفسي".
وقال بوفون: "لم اكن راضيا عن حياتي كلاعب كرة قدم وعن عملي. عانيت من ارتجاف في قدماي خلال المباريات". واضاف بوفون الذي كتب سيرته الذاتية مع الصحافي في جريدة "كورييري ديللا سيرا" روبرتو بيرروني: "اخرجت رأسي من هذه الحالة بعد حدث كنت اخشى المشاركة فيه وهو كأس اوروبا 2004".
واعتبر بوفون انه هناك عدة اسباب لهذا الاكتئاب رغم كونك مشهورا وغنيا بينها "عدم وجود رفيقة مناسبة، او عدم الفوز في مسابقة دوري ابطال اوروبا، او عدم تقدير ما تملك. تساورك الشكوك، وتمر في فترة صعبة للغاية". وختم بوفون ان "الجماهير لا تكترث لحالتك النفسية. انت لاعب كرة، المثل الاعلى، ولا احد يسألك عن حالك واذا ما كنت على ما يرام. تصبح في النهاية عبدا في خدمة صورتك".
كيف أصبح بوفون حارسا للمرمى؟
يروي حارس يوفنتوس لصحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية انه كان يبلغ الثانية عشرة عام 1990 وهو يشاهد مونديال ايطاليا على شاشة التلفزيون، فدفعته رؤية الحارس الكاميروني توماس نكونو ان يختار مهنة حراسة المرمى.
يقول بوفون: "كانت الحرارة تبلغ 40 درجة مئوية، وهو يلبس زيا رياضيا طويلا ودافئا، ولم تكن اعصابه مشدودة: لقد كانت خفته ظاهرة للعيان".
20 سنة بعد واقعة نكونو-بوفون لم ينس العملاق الايطالي فضل نكونو عليه، فبعد أن ارتبط بملكة جمال تشيكيا للعام 1998، عارضة الازياء الينا سيريدوفا انجبت له الاخيرة ابنا يبلغ من العمر سنتين أطلق عليه اسم توماس-لويس تيمنا بالحارس الكاميروني العملاق الذي قاد بلاده وقتذاك الى ربع نهائي المونديال، ثم طفلا ثانيا أطلق عليه اسم ديفيد لي أبصر النور في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
المصدر