مواقف ومشاهد كندية ( الجزء الخامس ) .. من يشاركني الألم ؟!!
في الجمعة الماضية .. حملت نفسي والآمها وفراق الأحبة ورمضان الذي سيأتي في ارض لا تصدح بقول ( الله أكبر ) .. كم هو جميل ذلك الصوت الذي ينادي ( حي على الصلاة ) .. مهما كانت الحداثة ومهما كان الرقي وكيفما كانت المدينه بنظامها ونظافتها وتطورها وعمرانها وفتنتها إلا إنها كالكأس بلا ماء حينما لا تسمع النداء !!
حملت حقيبتي على كتفي وتذكرت احبة لنا في بلاد أخرى يحملون على أكتافهم حقهم في الحياه أمام فوهة مدفع أو بندقية عدو لئيم يتحين الفرصة ليرديه شهيدا !! ويحك يا طارق .. ما هذا الترف الذي تحيى به ( هكذا حدثتني نفسي ) التي لا تسكت ابدا !!
اليوم جمعة ! وغدا السبت سوف يأتي بحبيب طال في البعد أنتظاره .. كيف لي ان أطيق صبرا برمضان في هذه البلاد الميته ! كيف لي ان اتناول فطوري دون مؤذن وأنا المبتلى في عبادتي بالوسوسه ! كيف يمكن أن أسير في هذه الطرقات دون أن تقع عيني على هؤلاء العراة فيذهب الأجر بذنب بؤبؤه ! من سيعد لي طعام الفطور حينما يذهب الآخرين الى النوم في وقت المغرب قرابة التاسعه ! من سيشاركني فرحة الفطور وأبي الحبيب الذي كان يمد يده الكريمة نحوي بالتمر وتتبعه الغالية أمي بكأس من عصير وأختين كريميتن تحيطان بي ولسانهما : ماذا تريد يا أخي ؟! صلاة القيام .. وقراءة القران .. وافشاء السلام .. وأناس من حولك يعبدون ما تعبد ! ويحك يا طارق .. ما الذي القى بك هنا !!
لا أدري .. لماذا كان بلال .. ولماذا كان عمار ؟!!
هكذا دون سابق أنذار !!
بلال .. ذلك العبد الذي سيق والداه من بلاد يكتسي أهلها لون السواد !
خلق في مكه لكي يمتهن .. السمع والطاعة !
هو عبد .. أسود .. من المعيب الحديث حوله عن ثمن !
ولا جديد .. فكل العبيد في حياتهم سواء بالشقاء !
وأكبر ما يحلمون به .. ان يرضوا سيدهم بتقبيل الحذاء !
ثم رددها بلال .. بأن لا اله الا الله
وأن الجبين لا يسجد الا لله
من يعرف صحراء مكة .. عندما ترتقي الشمس في كبد السماء ؟!
هنالك كان بلال .. يفترش تلك الرمال
يفتقد ريقه الماء .. مثلما هي تلك الصحراء
والصخرة الصماء يحملها الرجال .. لكي يحملها عنهم بعد ذلك بلال !!
قلها يا بلال .. وتنجوا
فيردد : أحد .. أحد ،،،
عمار .. ذلك الفتي من ارض اليمن قد أتى ،،
أباه ياسر وأمه سمية .. عن أخيه يبحثون في بلاد الآخرين ؟!
وفي بلاد اليمن قيل لمن رحل : يا غريب كن في بلاد الآخرين .. أديب !
فليست الأرض أرضك .. ولا القوم قومك .. وأن سقطت فلن تجد من يرفع رأسك !
قال حدثنا : ان عمار لم يكن أديبا ! لعدم مطابقته للشروط والمقاييس القرشية في ذاك الزمن !
قلها يا ياسر .. وتنجوا
فيردد : أحد .. أحد ،،،
فينحر على جذع نخلة .. والشاهد بالقرب منه : أبنه عمار !
تحدثي يا سمية .. فترحلي
فتردد : أحد .. أحد ،،،
فتعقر بطنها .. والشاهد بالقرب منها : أبنها عمار !
ما قولك يا عمار ؟
فيردد : أحد .. أحد .. أحد ،،،
تتحدث السيرة عن معجزات رسول الرحمة المهداه الى قومه ممن حملوا ( الوثن ) في قلوبهم ! وحقيقة الأمر أنهم لم يكونوا في حاجة الى معجزات من السماء فالمعجزات كانت ماثله أمامهم ! وكفاهم لو تسائلت عقولهم : ماذا صنع الأسلام في بلال وفي عمار ؟!!
يا لقلمك يا طارق .. سبق لي معايشة ما تعايشه الآن
الإحساس بشعور الأصم .. عندما تفطر و أنت لا تسمع صوت الحق صادحاً معلناً وقت الفطور .. برأيي المتواضع أن سماع أذان المغرب فيه من الفرح ما ينسيك ما عانيته في صيامك
لكن عندما تمد يدك إلى فطورك اعتماداً على ساعتك .. فوالله لن تجد حلاوة الإفطار الذي اعتدت عليه في بلاد الإسلام .. لكن لا أقول عظم الله أجرك و أعادك سالماً غانماً لبلادك
ذكرت موقفين من أعظم مواقف غربة الدين و الصبر .. و لكن موعدهم عليّين بإذن الله .. رزقنا الله و إياكم الصبر و الثبات و حسن الخاتمة
تتحدث السيرة عن معجزات رسول الرحمة المهداه الى قومه ممن حملوا ( الوثن ) في قلوبهم ! وحقيقة الأمر أنهم لم يكونوا في حاجة الى معجزات من السماء فالمعجزات كانت ماثله أمامهم ! وكفاهم لو تسائلت عقولهم : ماذا صنع الأسلام في بلال وفي عمار ؟!!
كلمات تكتب بماء الذهب ..
اسال الله ان يعينك على الطاعة في بلاد المعاصي .. وان يردك الى اهلك سالما غانما .. وان يلم شملكم بعد افتراق ..
أهلا بالغالي طارق الغربة هم , وتعب وإضطراب وهواجس تؤي بالإنسان وتغدو به , كيف وإن كانت بشهر الصيام , تغربت عام 24 هـ عن الأهل , حينها لم أكن متعودًا البعد والسفر لأكثر من يوم , المهم أن غربتي رغم أنها لم تكن كغربتكـ أخي , ولكني تعبت نفسيًا وبدنيًا , إلى أن جاء رمضان الذي فيه جن جنوني وتلاعبت بي شياطيني فمكثت أقضي وقت الفراغ بالبكاء وندب حظي العاثر كلما تخايلت حالي واسترجعت عامي الماضي , وأمي تتصل بي لكي تهديني وتطمن بالي فلا تتمالكـ نفسها فتبدأ بالبكاء والتودد لي بالرجوع وتركـ الوضيفة وتقول : تعال ياوليدي ماحنب ميتين جوع , إلى ماإلى ذلكـ من الأحداث التي واجهتني في غربتي وتجعلني أعلم معاناتها وأتصور حياتكـ , أسأل الله أن يعينكـ وأن يطمن بالكـ .
,,
أما ماذكرته من قصص الصحابة وما عانوه وقاسوه في ذلكـ الوقت ففيها والله العبرة والموعظة لكل من له قلب واعي , وفيها التسلية لكل معاني , اسال الله أن يرضى عنهم وأن يجمعنا بهم في جنات النعيم .
لا حول ولا قوة الا بالله , اسأل الله أن يكون في عونك وفي عون كل مسلم مُغترب يُعاني في الصيام ويفتقد إجتماع الأهل ويشتاق للمساجد ..
ولكن ما يُصبر النفس أن الأجر أعظم ان شاءالله . وكما ذكرتَ سلفاً بأننا وإن عانينا نوائب الدهر فهناك من عانى أكثر منا وأُبتلى وأُمتحن بألمٍ عظيم , وما يؤلمنا ليس الا يسيرٌ من ذاك الألم .
أهلن طارق : -أسأل الله ان يعينك و يصبرك على الغربة , فأنا لا اتخيل نفسي في رمضان و أكون بعيد عن أهلي و اقاربي و مع من أحببت و بدولة غير مسلمة . كان الله بعونك : ( و عن قصص الصحابة التي ذكرتها : فيها الكثير من الحكمة و الموعظة , و اما الآن فـ صدقت نحن في ترف -أحببت أن أسجل حضور عندك و أن أسجل إعجابي بقلمك = ) -طارق
الغربة موحشة و أسألني أنا عنها , خصوصاً إذا صادفت رمضان و معاناة الصيام ..
الإفطار مع الأهل والصلاة في مسجد الحي و ارتفاع منارات المساجد بالأذان نعمة لا يقدّرها إلا من يفتقدها حقاً ...
أعانك الله و وفقك في الدنيا و الآخرة يا طارق