المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى الثقافة الإسلامية
   

منتدى الثقافة الإسلامية لتناول المواضيع والقضايا الإسلامية الهامة والجوانب الدينية

إضافة رد
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 17/08/2002, 11:53 AM
مشرف سابق بمنتدى الثقافة الإسلامية
تاريخ التسجيل: 15/12/2000
المكان: القصيم
مشاركات: 2,953
من لأسرى المسلمون..................... للشيخ سلمان العودة

من لأسرى المسلمين ؟ (1/3)
سلمان بن فهد العودة
25/5/1423

تعيش مجموعة من الأسرى المسلمين في معسكر " إكس راي " بجوانتانامو وضعاً متفرداً صعباً يستوجب من أهل الإسلام وقفة تعاطف ومناصرة جادة ، ولابد من تحريك هذا الموضوع على أكثر من صعيد ، ولعل هذه الكلمة مشاركة في هذا المجهود الواجب .
ويتعين مثل هذا العمل لأسرى الفلسطينيين في إسرائيل ، وأسرى المسلمين في سجون روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها.
والأسر ظاهرة مرتبطة بالحياة البشرية ، وبالحرب على وجه الخصوص ، والأسير أخيذ الحرب ، وقد تطلق على من يؤخذ سلماً ، أو من يسجن أو يؤسر .
وكان الأسير في الأمم المتوحشة مهدر الحقوق ، من حقهم أن يصلبوه أو يُحرقوه أو يقتلوه أو يعذبوه بما شاءوا دون مسائلة بل يوجد عند بعض الأمم والشعوب القديمة كالشعب الأقيانوسي عادة أكل لحم الأسير .
والأسر بمرارته وغربته وغموض مستقبله وانقطاع الإنسان عن أحبته وأهله وزوجه وولده وقرابته يشوي الأسير بنيران الشوق واللهفة والمحبة والتوقع ، ولذلك كان الأسر فرصة للإبداع وللشعر وللكتابة ، وهذه المعاناة الصادقة الجادة كانت وراء الكثير من الإبداع العلمي والأدبي والحيوي ، ويحفظ التاريخ لنا من ذلك ما لا يمكن حصره ، خصوصاً وأن المأسور والمسجون غالباً ما يعيش نوعاً من الفراغ .
المعتمد بن عبّاد الأمير الشهير أسر في الأندلس وسيق للمغرب وسجن بأغمات إلى أن مات ، فكان يقول لما زارته بناته في الأسر يوم العيد :

فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا
فساءك العيد في أغمــات مأسورا

ترى بناتك في الأطـــــمار جائعة
يغزلن للـــــناس لا يملكن قطميرا

خرجن نحوك للتـــــــسليم خاشعة
أبصارهن حـــــــسيرات مكاسيرا

يطأن في الــــطين والأقدام حافية
كأنها لم تطــــــــأ مسـكاً وكافورا

من بات بعدك في ملك يُســــرُّ به
فإنما بات بالأحـــــــــلام مغرورا

وللمتنبي شاعر العربية قصائد مشهورة منها القصيدة التي قالها وهو سجين :

دعوتك لــما براني البــــلى
وأوهن رجــــليَّ ثقلُ الحديدِ

دعوتك عند انقطاع الرجا ء
والمــوت مني كحبل الوريدِ

وقد كان مشيــهما في النعال
فقد صــار مشيهما في القيودِ

ومنها ما كتبه لرجل يقال له أبو دلف حين أرسل له هدية في سجنه ، وكان قد ذكره عند السلطان بسوء :

أهون بطول الثـــــواء والتلف
والسجـــــــن والقيد يا أبا دلفِ

غير اختيـــــــار قبلت برّك بي
والجوع يرضي الأسود بالجيفِ

كن أيها الســجن كيف شئت فقد
وطنت للموت نفـــــس معترفِ

لو كان سكــــــناي فيك منقصة
لم يكن الدر ساكن الصــــــدفِ

ومن غرر قصائد علي بن الجهم التي قالها في الأسر ، وهو شاعر فحل مشهور سُنّي :

قالوا:حبستَ فقلت:ليس بضائري
حبـــــسي وأيُّ مـــــــهند لا يُغمدُ

لا يؤيســــنك من تفـــــــرج كربة
خطب رمــــــاك به الزمان الأنكدُ

كم من عليل قد تخـــــــطاه الردى
فنــــجا ومات طــــــــبيبه والعُوَّدُ

صبرًا فإن الصـــــبر يعقب راحة
ويَدُ المــــــهيمن لا تـــــطاولها يدُ

ولــــــــكل حال مـــــعقب ولربما
أجلى لك المــــــــكروه عما يُحمدُ

و لصالح بن عبد القدوس قصيدة متداولة ، وروي بعضها لعبد الله بن معاوية :

خرجنا من الدنيا ونحــن من أهـلها
فلسنا من الأموات فيها ولا الأحـــيا

إذا جاءنا الســـــجّان يومـــاً لحاجة
عجبنا وقلنا : جاء هــــذا من الدنيا

ونفرح بالرؤيا فـــــــــجل حديثــــنا
إذا نحن أصحبنا الحديث عن الرؤيا

فإن حـــــــسنت كانت بطيئاً مجيئها
وإن قبحـــــت لم تنتظر وأتت سعيا

ومن شهير هذا الباب القصائد الرومية لأبي فراس الحمداني ، ومن غررها ودررها القصيدة المشهورة :

أراك عصــــيَّ الدمع شيمتك الصبرُ
أما لــــلهوى نهيُ عليـــــك ولا أمرُ

بلى أنا مشـــــتاق وعـــــندي لوعة
ولكن مـــــــثــــــلي لا يذاعُ لـه سرُّ

تكاد تضــيء النار بيــــــن جوانحي
إذا هـــي أذكتها الصـــــــبابة والفكرُ

مــعللتي بالوصل والمـــــــوت دونه
إذا مــــتُ ظمــــــئاناً فلا نزل القطرُ

أسرتُ وما صحبي بعزل لدى الوغى
ولا فرسي مـــــــــــهرٌ ولا ربه غمرُ

ولكن إذا حم القـــــــضاء على امرئ
فليـــــس لـه بر يقيه ولا بحـــــــــــر

وقال أصيـــحابي : الفرارُ أو الردى
فقلت :هما أمـــــــــران أحلاهما مُرُّ

ولكنني أمــــــــــــضي لما لا يعيبني
وحسبك من أمرين خــــيرهما الأسرُ

تهون علـينا في المـــــــعالي نفوسنا
ومن خطب الحــسناء لم يغلها المهرُ

ومن عيون الشعر المعاصر قصيدة " رسالة في ليلة التنفيذ " للشاعر هاشم الرفاعي :

أبتاه مــاذا قد يخط بناني ؟
والسيف والجلاد ينتظراني

وقصيدة الأستاذ سيد قطب " من وراء القضبان " :

أخي أنت حر وراء السدود
أخي أنـــت حر بتلك القيود

إذا كنــــــت بالله مستعصماً
فماذا يضــيرك كيد العبيد ؟

ولأن الأسر جزء من الحياة البشرية كما هو الشأن في الحرب ذاتها ، فإن الإسلام قد نظم شأن الأسير وكيفية التعامل معه وفق المنهج الرباني القائم على العدل والإحسان ، ومن خلال عرض سريع نتبين طريقة الإسلام في التعامل مع الأسير ، وطريقة القانون الوضعي الذي جاء بعد الحرب العالمية الثانية ، وبعد المشاكل الطويلة العريضة والقتلى والأسرى بمئات الآلاف ، بينما النظام الإسلامي جاء ابتداءً دون معاناة ولا اعتبارات وقتية ولا ضغوط خاصة .

نظام الأسرى في الإسلام
شرع الله سبحانه الأسر كما في قوله تعالى : "حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق" والحرب الشرعية العادلة لابد منها لمقاومة المعتدين والظالمين ودفع العدوان وإزالة العقبات التي تحول بين الناس وبين معرفة الحق واتباعه ، فإن الأسر جزء من مقتضيات الحرب ، ولهذا قال سبحانه : " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب " وهذا طبيعي فلا يتوقع أحد أن يقال : إذا لقيتم الذين كفروا فانثروا الورود والرياحين في وجوههم ؛ لأن المقام مقام حسم ومصارمة ، يقول المتنبي :

ووضع الندى في موضع السيف بالعلا
مضر كوضع السيف في موضع الندى

وقال أحمد شوقي :

والشر إن تلقه بالخير ضقت به
ذرعـــاً وإن تلقه بالشر ينحسم

ولآخر :

والناس إن تركوا البرهان واعتسفوا
فالحرب أجدى على الدنيا من السلم

فالحرب جزء من الحياة متى كانت حرباً عادلة لا يُقصد بها مجرد التوسع الإمبراطوري الظالم ، ولا العدوان والبغي بغير حق ، وكم لهذه الحروب من أثر في بناء الحضارة وتجديد نسيجها واستئصال آفاتها .
وفي كتاب الله تعالى آيتان تتحدثان عن الأسرى :
الأولى : قول الله سبحانه وتعالى : " ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض " وهذه الآية نزلت بعد معركة بدر لما أسر المسلمون من أسروا من المشركين .
الثانية : قوله تعالى : " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منّا بعد وإما فداءً حتى تضع الحرب أوزارها " وفي كلام أهل العلم اختلاف ، لكن الراجح أنه ليس بين الآيتين تعارض ولا نسخ فإن المعنى واحد ، فالله تعالى يقول في الآية الأولى : "ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض " فإذا أثخنوا في قتل أعداءهم حتى يكون عندهم خوف ورعب فبعد ذلك يأتي النص الآخر الذي يأذن بالأسر بعد الإثخان " إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق " فالأسر يكون بعد الإثخان وليس معه أو قبله ، فليس ثمت نهي عن الأسر ، وإنما أمر أن يكون الإثخان هو الأول ، وبعده يأتي الأسر .
فالإثخان لتحطيم قوة العدو وكسر شوكته ثم يكون الأسر ، والحكمة فيه ظاهرة ؛ لأن إزالة القوة المعتدية المعادية هو الهدف الأول من القتال ، ولهذا يقول الشيخ رشيد رضا في تفسير المنار : [جملة القول في تفسير الآيات أنه ليس من سنة الأنبياء ولا مما ينبغي لأحد منهم أن يكون له أسرى يفاديهم أو يمنُ عليهم إلا بعد أن يكون له الغلبُ والسلطان على أعدائه وأعداء الله الكافرين ] .

اخر تعديل كان بواسطة » شيروكي في يوم » 03/10/2002 عند الساعة » 09:04 AM
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17/08/2002, 11:54 AM
مشرف سابق بمنتدى الثقافة الإسلامية
تاريخ التسجيل: 15/12/2000
المكان: القصيم
مشاركات: 2,953
من لأسرى المسلمين ؟ (2/3)

سلمان بن فهد العودة
1/6/1423
10/08/2002


حقوق الأسير في الإسلام
1 ـ من حق الأسير عدم إكراهه على ترك دينه فلا يُكره على الدخول في الإسلام، وإنما يُدعى إلى الإسلام بالتي هي أحسن، وفي العصر الحاضر يعرف هذا بالحرية الدينية، يقول الله تعالى : "يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرًا يؤتكم خيرًا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم"[الأنفال:70] ففيها استمالة لهؤلاء الأسرى، وتجديد الدعوة لهم، وفتح باب التوبة أمامهم، وترغيبهم بما يعوضهم عما دفعوا من الفداء، ويعدهم إن هم دخلوا في الإسلام طائعين مختارين بالرزق الوفير في الدنيا والآخرة والمغفرة لما سلف من ذنوبهم قبل الإيمان، وفي هذا دليل واضح على أنهم لا يكرهون على الدخول في الإسلام، ولم يقع قط أن أكره أسير على أن يدخل في الإسلام، ومن الأدلة على ذلك قصة ثمامة بن أثال الحنفي وهي في البخاري (4372) ومسلم (1764) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - وكان مشركاً أسره جيش المسلمين وربط في المسجد فأتاه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له: (ما عندك يا ثمامة) فقال : عندي خير يا محمد إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت، فتركه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلمّا كان من الغد قال له مثل ذلك، وفي اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أطلقوا ثمامة) فأطلقوه فإذا به يذهب ويغتسل ويعود فيقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، والله يا محمد ما كان على ظهر الأرض وجه أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إليّ، والله ما كان على ظهر الأرض دين أبغض عليّ من دينك فأصبح دينك أحب الدين كله إليّ، والله ما كان على وجه الأرض بلد أبغض إليّ من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إليّ .
وهكذا أثرت هذه المعاملة الحسنة والخلق الكريم، في استمالة قلب رجل غير عادي، إنه ليس من بسطاء الناس أو سذجهم، بل هو سيد قومه، ولم يكن إسلامه إسلام تقية أو خوفاً على نفسه وحياته .
2 ـ ومن حقوقه إطعامه ما يكفيه من الطعام والشراب، ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى : "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً" [الإنسان:8-9] ففي هاتين الآيتين دليل على أن إطعام الأسير قربة يتقرب بها المؤمن إلى ربه سبحانه وتعالى، ولهذا قال : "نطعمكم لوجه الله" وفيها أن المؤمن يؤثر الأسير حتى على نفسه "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً" ومعنى هذا أنه لم يطعمه مما فضل من قوته، وإنما يطعمه من طيب طعامه مع حاجته إليه ومحبته له، ولذلك كان منع الطعام عن الأسير من الكبائر كما جاء في حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : "عُذبتْ إمرأة في هرة ، سجنتها حتى ماتت، فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها ولا سقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض" رواه البخاري (3482) ومسلم (2242) .
فلما كان الحبسُ مانعاً للمحبوس من التصرف في أمر معاشه وكسبه وجب على حابسه أن يقوم بحقه، ولو كان ذلك في حق الحيوان، فما بالك بالإنسـان الذي كرمه الله تبارك وتعالى "ولقد كرمنا بني آدم" [الإسراء:70] ويكفي أن الله سبحانه قرن حق الأسير بالمسكين واليتيم "مسكيناً ويتيماً وأسيرًا" [الإنسان:8] حثاً على القيام على إطعامه والإحسان إليه، وقد يكون هذا الإحسان سبباً في هدايته، كما كان الأمر في شأن ثمامة رضي الله عنه .
3 ـ حقه في الكسوة والثياب المناسبة التي تليق به وتجدر بمثله وقد روى البخاري في صحيحه من حديث جابر- رضي الله عنه - قال : "لما كان يوم بدر أتي بأسارى وأتي بالعباس، ولم يكن عليه ثوب فنظر النبي صلى الله عليه وسلم له قميصاً، فوجدوا قميص عبد الله بن أبيّ يقدر عليه فكساه النبي صلى الله عليه وسلم إياه . . " البخاري (3008)، فالإسلام يضمن للأسير حق الكسوة والثياب المناسبة .
4 ـ المأوى والسكن المناسب أياً كان فقد يُسكن في المسجد أو يُسكن في سجن خاص ويكون ملائماً أو حتى في بيوت بعض المؤمنين، وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن هناك دار خاصة للأسرى ولا للسجن، ولهذا ربما سجن الأسير في المسجد، وربما وزع الأسرى على المسلمين في بيوتهم إلى أن يُنظر في شأنهم، وقد روى البيهقي في سُننه (9/89) عن ذكوان عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها بأسير وعندها نسوة، فلهينها عنه فذهب الأسير فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا عائشة : (أين الأسير؟) قالت: نسوة كُنَّ عندي فلهينني عنه، فذهب فقال : رسول الله – صلى الله عليه وسلم – "قطع الله يدك" وخرج فأرسل في أثره فجيء به فدخل النبي – صلى الله عليه وسلم – وإذا عائشة – رضي الله عنها – قد أخرجت يديها فقال مالك قالت يا رسول الله إنك دعوت علىَّ بقطع يدي وإني معلقة يدي أنتظر من يقطعها، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أجننت؟ ثم رفع يديه وقال : (اللهم من كنت دعوت عليه فاجعله له كفارةً وطهورًا)، قال الذهبي عن هذا الحديث : إسناده جيّد .
وقد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية (5/191) أن الرسول صلى الله عليه وسلم فرق أسرى بدر على أصحابه، وروى الإمام أحمد (2216) عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ناساً من الأسرى الذين كانوا يتقنون القراءة والكتابة يُعلمون أولاد الأنصار القراءة والكتابة، وجعل ذلك فداءهم وفكاكهم، ومن المعلوم أن الأسير كي يُعلم ويكتب لابد أن يكون طليقاً غير مقيد ولا مربوط، وقادراً على الذهاب والإياب، والوثاق إنما جُعل لمنعه من الهرب فإذا أمكن منعه بلا وثاق فلا حاجة إليه .
5 ـ لا يفرق في الأسرى بين الوالدة وولدها أو بين الولد ووالده وبين الأخ وأخيه، وهذا ورد في حكم السبي، و السبي نوع من الأسر، وإن كان يطلق في الغالب على النساء والذرية، والتفريق بينهم وبين الأسرى إنما هو أمر اصطلاحي، وإلا فالكل أسرى، وقد جاء في حديث رواه الإمام أحمد (23499) وأهل السنن الترمذي (1283) وابن ماجه (2250) من حديث أبي موسى وأبو داود (2696) من حديث علي – رضي الله عنه -عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من فرق بين والدة وولدها ـ يعني من السبي ـ فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة) قال الترمذي : وهذا حديث حسن غريب، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، كرهوا التفريق في السبي بين الوالدة وولدها وبين الولد والوالد وبين الإخوة .
وأعجب من ذلك أن الدارمي (2479) روى هذا الحديث، وذكر في أوله أن أبا أيوب رضي الله عنه كان في جيش ففرق بين الصبيان وبين أمهاتهم من الأسرى فرآهم يبكون فجعل يرد الصبي إلى أمه ويقول : إن رسول صلى الله عليه وسلم قال : ( من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة ) .
فانظر كيف بلغ الرفق والرحمة والشفقة والعدل بالمسلمين في الجمع بين الإخوة وبين الآباء والأمهات والأولاد من الأسرى .
6 ـ عدم تعريضهم للتعذيب بغير حق فلا يمكن أن نعذبهم مثلاً لأنهم قاتلونا، ولم ينقل في الشرع أنه أُمر بتعذيبهم، ولا أنه حصل لهم تعذيب خلال عصور العزة الإسلامية، وذلك لأنه إذا كان المسلم مأمورًا بإكرامهم وإطعامهم وسقيهم والجمع بينهم فإن تعذيبهم يتنافى مع هذا الأمر، اللهم إلا أن يكون هناك حالات خاصة يتطلب الأمر فيها أن يُمس بشيء من العذاب قليل لا يؤثر عليه من أجل كشف أمور يُعلم أنها موجودة عنده كما في حديث ابن عمر – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قاتل أهل خيبر حتى ألجأهم إلى قصرهم فغلب على الأرض والزرع والنخل فصالحوه على أن يجلوا منها ولهم ما حملت ركابهم ولرسول الله – صلى الله عليه وسلم – الصفراء والبيضاء ويخرجون منها واشترط عليهم أن لا يكتموا ولا يغيبوا شيئاً فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد فغيبوا مسكا فيه مال وحلي لحي بن أخطب كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لعم حيّ ما فعل مسك حيّ الذي جاء به من النضير فقال : أذهبته النفقات والحروب فقال : العهد قريب والمال أكثر من ذلك فدفعه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى الزبير فمسه بعذاب وقد كان حيّ قبل ذلك دخل خربة فقال : قد رأيت حيّ يطوف في خربة ههنا فذهبوا وطافوا فوجدوا المسك في الخربة . . " الحديث رواه البيهقي في السنن الكبرى (9/137) وقال ابن حجر في الفتح (7/479) إسناد رجال ثقات .
وأما قتل النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأسرى فذلك لأن لهم سوابق وجرائم في حق المسلمين استوجبت قتلهم، ولهذا جاء في التاج والإكليل أنه قيل لمالك: أيعذب الأسير إن رُجي أن يدل على عورة العدو ؟! فقال : ما سمعت بذلك.
وكان جماعة من السلف يكرهون قتل الأسرى، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل من الأسرى خلال حروبه الطويلة إلا عددًا قليلاً كانوا من أكابر عتاة المشركين وقادة الحرب الضروس الفاجرة ضد الإسلام وأهله، ويمكن أن نطلق عليهم حسب التعبير المعروف اليوم (مجرمي حرب) وقد روى مسلم في صحيحه (1779) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه مقدم أبي سفيان ومن معه شاور أصحابه فيما يصنع، وفي القصة أنهم ظفروا بغلام، فأخذوه، فكان أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يسألونه عن أبي سفيان وأصحابه، فيقول : مالي علمٌ بأبي سفيان، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية ابن خلف، فإذا قال ذلك ضربوه، فقال : نعم أنا أخبركم هذا أبو سفيان، فإذا تركوه فسألوه فقال : مالي بأبي سفيان علم، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف في الناس فإذا قال : هذا أيضاً ضربوه ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – قائمٌ يصلي فلمّا رأى ذلك انصرف، قال : "والذي نفسي بيده لتضربوه إذا صدقكم وتتركوه إذا كذبكم".
فهذا دليل على أنه ينبغي ألا يكون هناك عدوان على الأسرى، ولا تعذيب لهم بغير حق، وإذا كانت هذه الأشياء كلها مطلوبة فالإسلام يوجب أن يكون لهم العلاج المناسب والمعاملة الحسنة وأن لا يظلم أحد منهم في نفس أو أهل أو مال .

من أحكام الأسر في الإسلام
1ـ يجوز للمسلم إذا لم يقدر على المدافعة في حرب من الحروب أن يستأسر للعدو، وقد ذكر البخاري في صحيحه (3989) قصة خبيب بن عدي ومن معه، وكيف أنهم استأسروا للكفار ثم جاءوا بهم وباعوهم في مكة، وصلبوهم، وقال خبيب رضي الله عنه قصيدته المشهورة :

ولســـت أبالي حــــين أقـــتل مسلماً
على أي جنب كان في الله مصرعي

وذلك في ذات الإلـــــــه وإن يــــشأ
يبارك على أوصال شـلوٍ ممـــــزعِ


2ـ فكاك الأسير المسلم من القربات والطاعات وفضائل الأعمال، فقد روى البخاري في صحيحه (3406) من حديث أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (فكوا العاني ـ يعني الأسير ـ وأطعموا الجائع وعودوا المريض) وفي البخاري (3047) ومسلم (1370) من حديث أبي جحيفة لما سأل علياً رضي الله عنه هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله ؟ قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه إلا فهماً يعطيه الله رجلاً في القرآن، وما في هذه الصحيفة قلت : وما في الصحيفة ؟ قال : العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر " .
ففكاك الأسير من الطاعات والقربات التي ينبغي أن يسعى المسلمون إليها ما استطاعوا، ومهما بذلوا في سبيل ذلك من الجاه والقوة والمال والجهد والمخاطرة، خاصة مع تطور وسائل الاتصال والتأثير والضغط وإمكانية العمل المثمر لفك الأسرى وتحسين ظروفهم .
3ـ روى البخاري في صحيحه معلقاً في كتاب : الطلاق ، باب : حكم المفقود في أهله وماله عن الزهري أنه قال : الأسير إذا عُلم مكانه فإنه لا تتزوج امرأته ولا يقسم ماله، فإذا انقطع خبره فسنته سنة المفقود. على الخلاف المعروف بين الفقهاء .
4ـ بوّب البخاري في صحيحه كتاب الفرائض "باب ميراث الأسير" ثم قال : "وكان شريح يُوَرِّثُ الأسير الذي يكون في أيدي العدو، ويقول : هو أحوج إلى المال من غيره " وهكذا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال : " أجز وصية الأسير وعتاقه، وما صنع في ماله ما لم يتغير عن دينه، فإنما هو ماله يصنع فيه ما يشاء " .
5ـ إذا أُسِر أسير كافر ثم قال : إني مسلم فما الحكم ؟
روى مسلم في صحيحه (1641) عن عمران بن حصين قال : كانت ثقيف حلفاء لبنى عقيل فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من بني عقيل وأصابوا معه العضباء فأتى عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو في الوثاق، قال : يا محمد . فأتاه فقال : (ما شأنك ؟) فقال : بم أخذتني ؟ وبم أخذت سابقة الحاج ؟ فقال : إعظاماً لذلك (أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف) ثم انصرف عنه، فناداه فقال : يا محمد يا محمد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيماً رقيقاً، فرجع إليه فقال : (ما شأنك ؟) قال : إني مسلم قال : (لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح) ثم انصرف ... ثم إن الرسول بدا له ففداه برجلين من المسلمين وأمسك الناقة لنفسه .
وقد جاء ما يدل على قبول إسلام الأسير، ومن ذلك الحديث الذي رواه البخاري (4269) ومسلم (96) واللفظ له في قصة أسامة بن زيد حينما قتل رجلاً مقاتلاً بعدما قال : لا إله إلا الله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (أقتلته بعدما قال : لا إله إلا الله؟ فكيف تصنع بـ لا إله إلا الله إذا جاء يوم القيامة ؟) .
فإذا أسلم الأسير فقد عصم دمه لحديث (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله، فإذا قالوا لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم وأموالهم...) البخاري (25) ومسلم (21) واللفظ له .
6ـ أسير الحرب يُعتبر أسير الدولة المسلمة، وليس أسيرًا للشخص الذي أسره، ولذلك فالرأي فيه للإمام , وعلى الإمام أن ينظر ما فيه مصلحة المسلمين، فله أن يمنّ على الأسرى بدون مقابل كما أطلق الرسول صلى الله عليه وسلم ثمامة بن أثال سبق تخريجه، وكما أطلق النبي صلى الله عليه وسلم ثمانين رجلاً في غزوة الحديبية، وكانوا نزلوا لقتال النبي صلى الله عليه وسلم فعفا عنهم، والحديث في صحيح مسلم (1807)، وله أخذ الفدية كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع أسرى بدر وغيرهم مسلم (1764)، وله مبادلتهم بأسرى مسلمين عند الكفار كما في حديث عمران بن حصين الذي سبق، وكما في حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه" أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث بامرأة من المشركين وقعت في الأسر إلى مكة، وفي أيديهم أسارى من المسلمين ففداهم الرسول بتلك المرأة" وهو حديث صحيح انظر : مسلم (1755) والإمام أحمد (16502) والنسائي (8665) وابن ماجة (2846) .
7- هل للمسلمين أن يقتلوا الأسير إذا رأوا المصلحة في ذلك كما قتل النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأسرى ممن كان بقاؤه خطراً على المسلمين مثل عبد الله بن خطل ففي صحيح البخاري (1846) ومسلم (1357) واللفظ للبخاري عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاء رجل فقال : إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال : (اقتلوه)، وكذلك قتل الجاريتين اللتين كانتا تغنيان بهجاء النبي – صلى الله عليه وسلم – انظر : أبو داود (2684)، وكذلك أبو ليلى الشاعر الذي قال يا محمد من للصبية ؟ فقال : (النار) وقتله؛ لأنه غدر مرة بعد أخرى انظر ما رواه الحاكم في المستدرك (2618) والبيهقي في السنن الكبري (6/323)، إلى غير ذلك من الأحداث، فهل للإمام أن يقتل الأسير بعد أسره أو ليس له ذلك ؟
في المسألة خلاف فقهي، والراجح فيها ـ والله أعلم ـ أنه لا يقتله لمجرد التشهي، لكن يمكن أن يقتل المسلمون من ثبتت عليه جرائم وأعمال ومخالفات يستحق عليها العقوبة، كما حصل في القصص التي نقلت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا كره الحسن وعطاء ـ وهما من فقهاء السلفـ قتل الأسير، وجاء الحجاج بأسير مكبّل إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقال له : قم يا عبد الله بن عمر فاقتله . فقال ابن عمر : ما بهذا أمرنا، فإن الله يقول : "فإما منا بعد وإما فداء" أي بعد الأسر، فلم يذكر القتل، وإنما ذكر المنّ أوالفداء، وفيه قصة أخرى لابن عمر رضي الله عنهما لما أمره أمير بقتل أسير، فقال : أما وهو مصرور فلا .
والصَّرُّ هو التقييد والتكبيل، فكأن ابن عمر يقول : أما وقد أسرته ووثقته فأصبح أسيرًا فلا، يعني لو قتلته في ميدان المعركة فهذا باب آخر، ولهذا قال ابن مفلح من فقهاء الحنابلة : ومن أسر أسيرًا حَرُمَ على الأصح قتله . وهذا هو المذهب، وحكى الحسن بن محمد التميمي أن هذا كان إجماع الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أنهم لا يقتلون الأسير .
هذا جانب من عظمة الإسلام ومن نظام الإسلام في التعامل مع الأسرى الذين هم كفار أولاً، وأعداء ثانياً، ومحاربون مقاتلون تم أسرهم في ميدان المعركة ثالثاً .
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01/09/2002, 12:37 AM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 01/08/2002
المكان: قلبي تولع بالرياض ....
مشاركات: 2,013
الله يبارك فيكم

والله يكون في عون أخواننا الاسرى المسلمين في كل مكان
اضافة رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01/09/2002, 12:42 AM
زعيــم متألــق
تاريخ التسجيل: 01/08/2001
المكان: الرياض
مشاركات: 1,418
مشكور ياشيروكي ..
اضافة رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03/10/2002, 08:59 AM
مشرف سابق بمنتدى الثقافة الإسلامية
تاريخ التسجيل: 15/12/2000
المكان: القصيم
مشاركات: 2,953
من لأسرى المسلمين ؟ (3/3)

سلمان بن فهد العودة
8/6/1423
17/08/2002


الأسير في الاتفاقات الدولية
ربما سمع الناس ـ بسبب الكلام في أسرى غوانتانامو وما يتعلق بهم ـ الكثير عن اتفاقية جنيف للأسرى ، فما هذه الاتفاقية ؟
المبادئ الأساسية المتعلقة بحقوق الأسرى وضعت سنة 1864م وكان فيها أربع اتفاقيات ، ووقع عليها حوالي (190) دولة من دول العالم وأدرج فيها عدد من الحقوق .
وفي وقت لاحق عام 1977م تم إدراج لوائح جديدة فيما يسمى ببرتوكول إضافي أشار بوضوح إلى وجود مجموعات أو شرائح متعددة من أسرى الحروب .
والولايات المتحدة الأمريكية لم توقع على هذه الاتفاقية ، وإنما وقعتها دول أخرى ، وأهم النقاط الموجودة في هاتين الوثيقتين تتلخص فيما يلي :
أولاً : اتفاقية جنيف ، بمقتضى الفقرة الرابعة من هذه الاتفاقية ، فإن مصطلح أسرى الحرب ينطبق على الأفراد المنتمين للشرائح التالية :

القسم الأول : أفراد القوات المسلحة لأحد طرفي النزاع ، ويدخل في ذلك :
1ـ المليشيات أو المتطوعون الذين يشكلون جزءًا من هذه القوات أي : ليسوا من أفراد القوات المسلحة ، ولكنها مليشيات تابعة لهم أو متعاونة معهم .
2ـ الأفراد المنتمون لمليشيات أخرى ، أو المتطوعون ، ومن بينهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة ما دامت تنطبق عليهم الشروط التالية :
أ ـ أن يخضعوا لقيادة شخص مسؤول عنهم .
ب ـ أن يكون لهم علامة محددة بزي أو صفة معينة يتميزون بها عن بُعد .
ج ـ أن يحملوا السلاح علانية .
د ـ أن يلتزموا في العمليات التي ينفذونها بأعراف وقواعد الحرب المتبعة .

القسم الثاني ـ ممن تشملهم هذه الاتفاقية ويعتبرون أسرى حرب ـ : أعضاء القوات المسلحة النظامية ، ممن يعلنون الولاء لحكومة أو سلطة قد لا يعترف بها النظام الحاكم في تلك الدولة ، أو سكان أي أرض تتمتع بالاستقلال في حال حملهم السلاح لمقاومة أي غزو بشرط حمل السلاح بشكل علني والالتزام بأعراف وقواعد الحرب .
ثانياً : في حالة وجود أي إشكال أو شك في كون هذا الأسير تنطبق عليه الشروط السابقة أو لا تنطبق عليه ، فإنه في هذه الحالة يتمتع بالحماية في ظل الاتفاقية إلى أن تتولى المحكمة المؤهلة البت في أمرهم وما إذا كانوا أسرى حرب أو ليسوا أسرى حرب .
ثالثاً : ما يتعلق بالبروتوكول الإضافي الذي أضيف بعد ذلك ، وهذا يقول إن أي مقاتل يقع في أسر قوة مناوئة يعتبر أسير حرب ، أي مقاتل على الإطلاق ، والمقاتل عندهم الذي يلتزم بأعراف وقواعد الحرب ، وحتى حينما يخالف هذه القواعد والأعراف فإن من حقه أن يُعامل كأسير حرب في حالة أسره .
ونلاحظ أن هناك أمثلة من الواقع تدل على الطبيعة التنفيذية لهذه اللوائح ، وكيفية فهمها وإجرائها لدى الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها ، ومن ذلك :
1ـ مقاتلو جبهة الفيتو كونغ خلال حرب فيتنام أخذوا على اعتبار أنهم أسرى حرب على الرغم من أنهم كانوا يرتدون زياً أسودًا ولا يحملون إشارة مميزة .
2ـ بالرغم من عدم اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالنظام في الصين الشعبية خلال الحرب الكورية إلا أنها كانت تعامل المحتجزين لديها من الأسرى الصينيين على أنهم أسرى حرب .
3ـ على رغم أن بعض الطيارين الألمان خالفوا أعراف الحرب ، وقاموا بمهاجمة أهداف مدنية غير عسكرية خلال الحرب العالمية الثانية إلا أنهم أخذوا وضع أسرى الحرب ، وتم منحهم هذه الصفة خلال الأسر .

أسرى [ غوانتانامو]
يوجد حالياً أكثر من خمسمائة معتقل في هذه الجزيرة التي تقع في البحر الكاريبي ، وهؤلاء يشكلون أكثر من اثنين وثلاثين جنسية ، منهم مائة وخمسون من السعودية ، ومنهم نحو مائة من اليمن ، وآخرون من الكويت والجزائر ومصر وغيرها ، على رغم أن الجنسيات تتغير من وقت لآخر ؛ لأنها غير منضبطة بشكل دقيق ، وهؤلاء يعيشون في زنزانات انفرادية مؤقتة يبلغ بُعد الزنزانة الواحدة طولاً وعرضاً حوالي مائتين وأربعين سنتيمتراً ، أي : مترين وأقل من النصف طولاً وعرضاً ، وهي محاطة بأسلاك شائكة تفصل بينها ، وأما الأرضية فإنها مرصوفة بالخرسانة ، ولهم إمام مسلم يؤمهم ، وهو من البحرية الأمريكية ، ويعطون ثلاث وجبات يومياً ، هذه معلومات نقلتها عدد من وسائل الإعلام ، وبالذات جريدة الرأي العام الكويتية ، وقد كتبت عشر حلقات من الميدان ، وحاولت أن تقدم تغطية وافية لوضع الأسرى في هذا المعتقل ، وثمت أحداث لابد من الوقوف عندها :
أولاً : نقل الأسرى من أفغانستان إلى غوانتانامو هو نقل إلى أرض غير أمريكية ، نقلوا لها لأنه لا يسري عليها حكم القانون الأمريكي ، وبالتالي تصبح الحكومة فيها بمندوحة عن أن تلتزم بالنظام العام .
ثانياً : تم نقلهم بطريقة وحشية ، وكأنهم حيوانات مفترسة ، فقد وضعوا في أقفاص حديدية ، وحجبت كل حواسهم عن العمل ، وحجبت عيونهم وآذانهم ، وكممت أفواههم ، وشلت حركات أيديهم وأرجلهم بقيود حديدية شديدة القسوة ، بل تم تخدير بعضهم خلال الطريق ، ولما وصلوا إلى هناك تم حلق رؤوسهم ولحاهم بحجة أن فيها القمل أو أنها غير نطيفة ثم تم رشهم بعد ذلك بالمبيدات .
ثالثاً : رفضت أمريكا على لسان عدد من مسئوليها اعتبار هؤلاء أسرى حرب ، وقد اعترض على هذا التعسف الرأي العام العالمي ، فهناك منظمات حقوق الإنسان ومنظمات العفو الدولية واللجان المختصة في عدد من البرلمانات الأوروبية ومفوضية الأمم المتحدة وعدد من اللجان العربية والإسلامية وكثير من المؤسسات العالمية والدول قد أعلنت رفضها هذا التعسف ، وبناء على ذلك رضخت أمريكا للضغوط ، وقالت : إن من كانوا تابعين لحكومة طالبان فهم أسرى حرب ، أما من كانوا تابعين للقاعدة فليسوا كذلك ، وهذا أيضاً لون من التحكم لا مسوغ له.
رابعاً : استخدمت أمريكا التمييز العنصري في معاملة هؤلاء الأسرى ، فالشاب الأمريكي الطالباني المشهور "جون روكر" نقل بطريقة مختلفة إلى بلده ، وعومل بطريقة مختلفة وسوف يعرض على محكمة مدنية ، فهل لأنه أبيض البشرة ؟!أو لأنه أمريكي الجنسية ؟!
نحن لا نعترض على أن تكون معاملة هذا الشاب جيدة ، بل نطالب أن تكون معاملته أفضل مما هي عليه ، لكننا نتساءل لماذا هذا التمييز العنصري بين أناس تهمتهم في نظر الأمريكان واحدة ؟
خامساً : هناك أسرى في يد الأمريكان في أفغانستان وفي باكستان ، وهؤلاء لا يُعرف على وجه التحديد عددهم ، ولا يُعرف أين يعيشون ؟
ولا تُعرف الظروف التي يعيشون فيها ، فهم يعيشون بعيدًا عن الأنظار .
سادساً : إضافة إلى هؤلاء الأسرى فإن هناك أسرى في السجون الأفغانية ، وهم كثير ، وربما يتناقص عددهم يوماً بعد يوم ، وفي جريدة القبس نشر تحقيق عن سجن اسمه (شاذر غان) فيه أكثر من ثلاثة آلاف محشورون في ثلاث زنزانات في أحوال مأساوية .
ثلاثة آلاف لا يوجد عندهم طبيب ولا يستطيع واحد منهم الاستحمام ، لا يعطى سوى لقمة واحدة من الطعام يومياً ، وقد ظهر الجوع على وجوههم وعلى قسماتهم .
أما معاملتهم فحدث ولا حرج والكلام عن هؤلاء يطول ، وقد نشرت معلومات كثيرة وتقارير ودراسات عن الأفغان العرب في أفغانستان وغوانتانامو ، وهذه التقارير والدراسات غيض من فيض وقليل من كثير مما يضج به الواقع .
أما المقابر الجماعية والتصفية والعنف والعسف فهذا باب يطول ، وهناك عدد من العرب تزدحم بهم السجون والحاويات والأقفاص والقبور ، وهم يباعون بالمزاد بأسعار محددة ويقع الكثير من المشترين ضحية الخداع والنصب .

تعليقات على هذه المعلومات :
1 ـ وزير الدفاع الأمريكي أوجد مجموعة من الخيارات أمام هؤلاء فقال : يمكن أن يعرضوا للقضاء المدني ، ويمكن أن يُعرضوا للقضاء العسكري ، ويمكن إعادتهم إلى بلادهم ، ويمكن إطلاقهم فورًا ، ويمكن أسرهم لفترة غير محدودة ، ولما سئل هل يمكن إعدام أحدهم أو بعضهم ؟
قال : بالطبع .
فهذا يدل على أن مسألة القانون الدولي والحديث عن حقوق الإنسان قضية انتقائية في نظر الولايات المتحدة الأمريكية ، وأنها تطبق منها ما تشاء وتستبعد ما تشاء ، وقد تطبقها جزئياً في داخل بلدها ، لكنها تعتبر أن الشعوب والأمم الأخرى لا تستحق هذه الكرامة التي تمنحها لشعبها ، وهذا يؤكد أنه ليس لديهم معلومات صحيحة وافية عن هؤلاء الأسرى ، ولذلك فهم يضربون في التيه ، فمن الممكن أن يحاكموا محاكمة مدنية أو عسكرية ، والأحكام شبه جائزة يمليها وزير الدفاع ، وهي تتراوح بين القتل والإطلاق بلا قيد ولا شرط أو لفترة غير محدودة ، وهذا كلام غير منضبط .
2ـ قام مجموعة من المحامين والصحفيين بل والقسس من الأمريكيين برفع دعوى ضد الرئيس الأمريكي ووزير الدفاع وضد ألف جندي من الجيش الأمريكي بسبب خرقهم للدستور حين حرموا هؤلاء الأسرى من حرياتهم دون إجراء قانوني ، وبسبب عدم إخبار هؤلاء الأسرى بطبيعة التهم الموجهة إليهم ، وبسبب اعتقالهم ، ولعدم تمكينهم من الاتصال بمحامين أو الاتفاق معهم ، ولا شك أن هذه المحاولة وإن كانت رفضت من قبل المحكمة إلا أنها محاولة يجب أن تتكرر ، وأن يسعى المسلمون والقادرون إلى تحريك هذه القوى من داخل المجتمع الأمريكي ومن خارجه ؛ لممارسة مزيد من الضغوط على الحكومة الأمريكية .
3ـ الغالبية من الأسرى خصوصاً في غوانتانامو هم من الشباب الذين ليس لهم علاقة بأي تنظيم ، وإنما ذهبوا في أعمال إغاثية أو دعوية أو تجارية ، بل بعضهم ذهبوا قبل الأحداث بفترة طويلة ، ومنهم شباب في مقتبل أعمارهم ، ومنهم من لم يحمل السلاح قط ، وقد أثبتت بعض أجهزة الكشف الأمريكية أن من هؤلاء الشباب من لم تلمس يده سلاحاً في تاريخه كله ، ومن هؤلاء المجاهدون الذين ذهبوا لأفغانستان أثناء الاحتلال السوفييتي السابق ، وبقوا هناك ، ومنهم المتطوعون بشكل منفرد من قبل أنفسهم ، وهؤلاء جمع كبير لا يمكن إحصاؤهم ، بل غالبية من ذهبوا كذلك ، وفيهم العرب المقيمون أصلاً في أفغانستان إما بسبب ظروف سياسية كأن تكون بلادهم لا تقبلهم ، أولا تعطيهم فرصة التمثيل ، وإن كانت تتحدث عن الديمقراطية مثلاً إلا أنها لا تمنح التيارات الإسلامية التمثيل الحقيقي ، فيذهبون إلى هناك ، وقد يكون ذلك لأسباب اجتماعية أو اقتصادية .
وعلى سبيل المثال هناك عدد غير قليل من المقيمين في أفغانستان من العراقيين الذين يعرف الجميع ظروف بلادهم .
والأمريكان يعتقدون كما تقول جريدة القبس بأن اثنين في المائة فقط هم من أسرى القاعدة على الأقل ، هذا هو الأمر الذي توصلوا إليه في نهاية المطاف . وهؤلاء جميعاً عوملوا بهذه المعاملة القاسية الشرسة التي أشرت إليها ، وقامت كثير من وسائل الإعلام من الصحافة والقنوات الفضائية وغيرها بحملة إعلامية ضارية ضدهم دون تعقل ولا تحرز ولا انتظار .
4 ـ هناك شاب جزائري الأصل اسمه "مهدي غزالة" سويدي الجنسية عمره في الواحدة أو الثانية والعشرين من عمره موجود في غوانتانامو حقق معه من قبل مجموعة سويدية ، وبحضور المخابرات الأمريكية ، وقد أبدىسفير سويدي ودبلوماسي مشهور محترم عندهم احتجاجه على هذا العمل ، وقال : كيف نحقق معه بحضور الاستخبارات الأمريكية ؟ يجب أن يكونوا بعيدين عن هذا التحقيق ؛ لأن هذا نوع من التدخل ، ولأنه ربما يبوح بمعلومات تكون ضررًا عليه ، وقد تستخدم ضده .
فانظر إلى هذه الشفافية ، وهذا الحرص عندهم على تتبع رعاياهم ، والحرص على مستقبلهم .
وفي تصريح لوزيرة الخارجية في السويد أبدت اعتراضها على أن يُسلم إلى دولة إسلامية يمكن أن تطبق عليه حكم الإعدام .
هذا الشاب الجزائري يظهر أنه من ضمن الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل ، ولذلك كتب رسالة لوالديه وإخوانه ، يقول : " أنا بخير والحمد لله ، وأعتذر لعدم مراسلتكم في الآونة الأخيرة ؛ لأني كنت في طريقي إلى باكستان واعتقلت هناك على أيدي رجال الجيش ، وقد تم التحقيق معي ، وقلت لهم بأني كنت في طريقي إلى جامعة إسلامية في باكستان ، وأكد المحقق لي أنه في حال ثبوت مصداقية هذا الأمر فإنه سيتم إرسالي إلى السويد ... أنا في شوق كبير للعودة إليكم ، فصلّوا كي أعود وأبقى معكم إلى الأبد ، تحياتي لإخوتي الصغار الذين اشتقت إلى أن ألاعبهم في الحديقة ، واشتري لهم الحلوى ، ولكن بشرط أن يجتهدوا في الدراسة ، وختم بعبارة ( الله معنا ) " .
5ـ هناك أسترالي واحد في هؤلاء الأسرى اسمه "ديفد" ومع ذلك شكلت مجموعة من أهل بلده جماعة خاصة للدفاع عنه اسمها جماعة [ العدالة لديفد ] للدفاع عنه والمطالبة بحقوقه ، وقالوا هو محتجز في قفص يرفض معظم الأستراليين أن يستخدموه لكلابهم فضلاً عن أولادهم .
وكذلك الإخوة الكويتيون شكلوا لجنة سموها لجنة الأسرى ، وفي عدد من دول الخليج سعى البعض إلى تأسيس لجنة اسمها لجنة {الدفاع عن المعتقلين في سجن غوانتانامو} وهذه اللجنة تسعى لتحقيق عدد من الأهداف الطيبة مثل الدفاع عن هؤلاء المعتقلين ، والدفاع عن أسرهم ، واستكمال إجراءات الوكالة عنهم ، والاتصال بهم وبأسرهم في كل مكان ، وجمع التبرعات وشرح القضية من الناحية الإعلامية ، والمساعدة المادية لهم ولأسرهم ، وتلك لاشك أهداف طيبة نبيلة .
6 ـ إن أمريكا تمارس حرباً نفسية واضحة لابد أن نكون يقظين لها فيما يتعلق بهذا الموضوع ، فالحركة التي تعملها ذات مردود إيجابي داخل الشعب الأمريكي ، فإنه من خلال الأسر والنقل والتغطية الإعلامية عملوا ترويجاً إعلامياً أوجد كثيراً من الطمأنينة أن الحكومة فعلت ووصلت وحققت إنجازاً ، وإن كان الأمر قد يتعلق بأشياء لا حقيقة من ورائها ، ومن خلال هذا الأمر أحبوا أن يوصلوا رسالة إلى غيرهم من الأمم والشعوب على طريقة عنترة الذي يقول : إنني آتي الضعيف فأضربه ضربة يطير لها قلب الشجاع .
وربما كان هؤلاء الأسرى ليسوا أكثر من وسيلة إيضاح ، أريد أن يؤدب بهم غيرهم ، ولهذا فالأمريكان بدءوا يتظاهرون بالصبغة الإنسانية ، ويسمحون لوسائل الإعلام أن تأتي لهذا السجن ، وسمحوا بالتصوير ، وروجوا كثيراً من الأخبار عن الطعام الطيب الذي يُقدم لهم ، وعن الصلاة وعن توزيع المصاحف عليهم ، وعن حسن المعاملة ، وصور المعتقلين أصبحت توزع على عدد من وكالات الأنباء ، وهكذا بدأ الكلام يشاع عن إمكانية إعادة بعضهم إلى بلادهم كما جاء في عدد من التصريحات , وعن إمكانية إطلاق سراحهم ، ولماذا بدأ الكلام الآن عن الجوانب الإنسانية ؟
في أحد الاحتمالات أنهم أدركوا أنهم لم يظفروا بشيء ، فأحبوا أن يكسبوا من الجهة الأخرى ، وأن يظهروا بمظهر الإنسانية ، ولذلك يحق لنا أن نتساءل لماذا لا تسمح أمريكا مثلاً بتغطية صور وجثث القتلى الذين يقتلون في أفغانستان ؟ حتى من المدنيين ؟ وقد تم خلال هذا الأيام إلقاء القنابل على عُرس ، وقتل أكثر من مائة وخمسين من الأطفال والنساء والأبرياء ، ومع ذلك يتم التكتم على مثل هذه الأشياء ، ولا يُسمع بتغطيتها بشكل صحيح .
7 ـ هناك صمت عربي وإسلامي إزاء ما يجري ، وكأن كل أحد يخشى أن يتهم بالإرهاب ، فلا يرفع رأسه ولا يحرك لسانه .
إن هؤلاء الإخوة يحملون جنسيات دول عربية وإسلامية ، وكما قال أحد المسؤولين في مجلس التعاون الخليجي : " لا يمكن لأي دولة أن تتخلى عن رعاياها هم أبناؤنا ، ولا يمكن أن يتركوا تحت رحمة الأمريكان " .
فنحن ينبغي أن نسعى لأن نعزز الأقوال بالأفعال ، وأن يكون هناك جهود صادقة للوقوف معهم ، وهناك مسؤوليات كبيرة على عواتقنا تجاه هؤلاء الشباب :
أولاً : الدعاء لهم ، وأذكر هنا قصة ملخصها أن امرأة كان لها ولد أسير عند الروم فجاءت لأحد علماء السلف ، وقالت له ، وهي تبكي : إن ولدي أسير ، وهو وحيدي ، فأرجو أن تسعى في فكاكه ، فوعدها خيرًا ، وطلب منها أن تأتيه بعد أسبوع ، وخلال هذا الأسبوع اجتهد وابتهل إلى الله بالدعاء الصادق ،وتضرع إليه حتى كاد أن يكون وقف الدعاء على هذا الأسير ، حدث أن جاءت المرأة إلى الشيخ وهي تدعو له وتقول : فرج الله عنك كما فرجت عن ولدي ، فقد وصل ولدها ، وكان يحدثها عن طريقة خلاصه من الأسر ، وكيف كانت تظهر العناية الإلهية فيها ، فينبغي أن ندعو لهؤلاء الإخوة ، ولو لم يكن من هذا الدعاء إلا أداء بعض حقهم ، والشعور بمشاركتنا في ألمهم وكربتهم وغربتهم .
وقد كتب أحدهم لأهله في الكويت رسالة يقول فيها : إنه بلغ بنا الأمر مبلغه ، ونحن نعمل إضراباً عن الطعام ، ولا يمكن أن نصبر على هذا الأمر ، فإما أن يطلقونا أو يحاكمونا أو يقتلونا ، لا صبر لنا وراء ذلك .
ثانياً : أهمية الاتصال بالجهات الرسمية ، وفي دول الخليج على وجه الخصوص ، والتأكيد على أهمية ممارسة الضغوط ، ومطالبة الأمريكان بإعادة هؤلاء إلى بلادهم لتتولى هي النظر في أمرهم .
ثالثاً : تكوين اللجان المتخصصة لمتابعة قضيتهم من الناحية القانونية ومن الناحية الإنسانية .
إن حرب أمريكا على أفغانستان لم تخضع لقانون ، ولم تستفت أمريكا القانونَ الدولي حينما ضربت المدنيين وغير المدنيين في أفغانستان ، وإنما هي فعلت ما تقتضيه مصالحها وسياستها ، واستخدمت لغة القوة عندها فقط ، ولم تستفت القانون الدولي حينما قتلت الأبرياء والمدنيين ولم تعتذر عن هذا الأمر .
وأمريكا في اعتقالها لهؤلاء أيضاً لم تستفت القانون الدولي ، وإنما كان هذا عملاً اعتباطياً غير مدروس لمجرد استعراض القوة ، وربما كان ذنب هؤلاء أنهم لم يستطيعوا الفرار ، وهي تعاملهم الآن بطريقة غير نظامية ولا قانونية ، فلذلك ينبغي أن يدخل الناس من هذا المدخل ، وأن يكشفوا الغطرسة الأمريكية ، وأن هؤلاء أسرى ، وربما كانوا مختطفين من بعض الوجوه ، وينبغي الوقوف إلى جانبهم .
رابعاً : الدعم المادي السخي ، سواءً تمثل في فداء بعض الأسرى ، أو تمويل الدفاع عنهم ، أو المساعدة في إبراز قضيتهم إعلامياً ودولياً ، أو خلافتهم في أهلهم ومن وراءهم بخير ، فهذا من الإنفاق في سبيل الله ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .
خامساً: القيام بحملات إعلامية متواصلة لحمايتهم ، وكشف مصير غيرهم ممن لايعرف أين انتهى بهم المطاف ؟ فإنني أعتقد أن في باكستان وأفغانستان أعداداً ربما تكون كبيرة جدًا ، وأنا أعرف كما يعرف غيري عددًا من أبناء بلدنا ممن انتهت بهم الطرق إلى مصير غامض ، فهم ليسوا في القتلى ، وليسوا في كوبا ، ولا أحد يعلم إلا الله سبحانه مصيرهم ، فينبغي أن يكون هناك تدخل عاجل من الجهات الرسمية والشعبية ، ومن كل القادرين ، ومن المؤسسات واللجان الحقوقية في كشف مصير هؤلاء وحمايتهم وضمان العيش الكريم لهم وإعادتهم إلى بلادهم .
سادساً : ضرورة التعامل مع هذه الظواهر التي حصلت ووقعت بصورة هادئة متعقلة تنظر للمستقبل أكثر مما تنظر للماضي ، وتسعى في معالجة الأسباب وتهيئة الظروف المناسبة والمناخ الملائم الذي يستوعب طاقات الشباب ويصرف جهودهم بطريقة صحيحة وبطريقة شرعية ، ويؤمن لهم العيش الكريم والاحتياجات الضرورية الفطرية ، ويساعدهم على أن يشقوا طريقهم في الحياة ، وأن يتغلبوا على المصاعب والمتاعب .
إن هذا واجب على كل القادرين ، علينا أن نسعى جاهدين لأن تتحول المجتمعات الإسلامية إلى بيئات خصبة للعيش الكريم للإبداع وللإنجاز ، ولتحقيق الإنسان ذاته ولتحقيق الإنسان مطالبه سواء كانت مطالب ذاتية أم مطالب شرعية ، والمؤسسات الحكومية والشعبية والجماعات الإسلامية وأفراد العلماء والدعاة وسائر المعنيين بقضايا الأمة عليهم تبعة كبيرة ومسؤولية ضخمة تتجاوز حدود المعالجة الآنية إلى الرؤية المستقبلية وتستحضر الرقابة الربانية على من ولي شيئاً من أمر هذه الأمة دق أو جل ، والله المستعان .
والحمد لله رب العالمين ، صلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
اضافة رد مع اقتباس
  #6  
قديم 05/12/2002, 07:18 PM
مشرف سابق بمنتدى الثقافة الإسلامية
تاريخ التسجيل: 15/12/2000
المكان: القصيم
مشاركات: 2,953
ونحن نعيش فرحة العيد بين أهلنا وأحبابنا في أمن وأمان وطمأنينة

أحببت التذكير بأخواننا هناك

فأكثروا من الدعاء لهم
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 09:38 AM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube