
17/12/2008, 09:20 PM
|
زعيــم مميــز | | تاريخ التسجيل: 29/07/2004 المكان: أرض الله الواسعة !
مشاركات: 2,160
| |

~* أيـَا قــمري *~ (( بسم الله الرحمن الرحيم ))
يا أيها الكوكب الدري المتنائي في السماء بين تلك النجوم المتناثرة , و يا من ملأت بسنا ضوئك تلك الظُلمة المعتمة في هذه الليلة الكالحة ,
و وقفت شامخا ً في كبد السماء رغم صروف الدهر و تباعد الأزمان .
أيها الشيخ الهرم هل مازلت تُحس بوجودي في هذا الكون الفسيح و تشعر بآلامي المتراكمة على صدري.
أم كنت على غير العهد بك فضاقت بك أسراري و مللت مشاركتي همومي ؟!
أتـُراك انشغلت عني و قعدت تراقب هؤلاء العشاق الذين يزاحمونني فيك . تراقب همساتهم وتسمع عذب كلامهم , و وسوسة قبلاتهم !!
فهذا يشكو فراق محبوبته و هجرها , و ذاك يسهر ليله الطويل, فقد أرّقه البَـيـْن و أشقاه
يتمنى أن يلقى نضرة أو بسمه تبرق من في محبوبته!
لكن مهلا ً , لا تصدقهم فهم ليسوا أصدق مني بمودتك , لا تغتـّر بما يقولون فهم يرون صور من يحبون فيك , و أنا أراك لذاتك .
أم أنّك أشفقت على ذاك المغترب عن وطنه يقاسي آلام البُعد عن الأرض و الأهل, و يعاني مشقة السفر و كآبة المنظر .
أجبرته الأيام و نوائب الزمان على فِراق أول أرضٍ وطأتها قدماه , فقمت تـُسليه بعدما ناجاك ؟!
صدقني هو يرى انعكاس ما فقد فيك و سينساك عندما يرجع إلى وطنه و أحبابه .
مالك أيها القمر النيّـر تبدو حزينا ً , فمثلك لا ينبغي أن يكون كذلك . بل مترنما ً في علياءه مأخوذاً بحسنه وجماله .
هل أحزنك منظر هذه الأم الثكلى التي فـُجعت بابنها و فلذة كبدها غدرا ً و طغيانا ً ؟ أم صورة هؤلاء الأطفال الجائعين اليـُتـَّم الذين غاب عنهم أبوهم ؟
أم راعك أمر هذه المرأة الطاهرة التي فقدت زوجها و قلبها و سَوْدة عينها فما من محب ٍ و لا من شفيق ؟
لا تكترث لأمرهم و لا تغتم , فما أنت بقادر ٍ على إزالة بؤسهم و شقائهم !
اللهُ وحده قادر على ذلك.
يا رفيق وحدتي , و مؤنس وحشتي , و يا بهجة الليل البهيم , و هداية الأرض , و منحة الله للسماء, ما لي كلّما رأيتك سافرت إلى الماضي شوقا ً و حنينا ً ,
فأغوص في بحر الذكريات و استخرج من أعماق لجّـته الدُرر , فأتنقل بين معاهد الطفولة و ملاعب الصبا و أتجول في تلكم الأطلال .
فيا رحمة الله على تلك الأيام الصافيات التي أفلت من ميدان الحياة , و استقرت في غياهب القلب و جالت في أطياف الخيال .
أيا قمري ...
لا أدري لما أنا متعلِّق بك , لكن ما أعرفه أني جئت إلى هذه الحياة في يوم تمامك و اكتمالك , و
أني رأيت فيك آمالي و آلامي !
فهلا ّ أعطيتني قبسا ً من نورك المنسّـل يبن أطراف الفضاء ليضيء ما حولي !
فلقد كللت من حمل تلك ( السُرج ) التي ما انفكت تحرق أطراف أصابعي كل حين .
أيا قمري ...
لماذا أضحى الكذب في هذا الزمان صدقا ً و الصدق أمسى كذبا ً ؟!
لقد أضناني المسير , و أنهكني التعب , و ضاقت بي السُبل. فهل أتمسك مبادئي و أخلاقي أم أتنازل عنها ؟ و كيف أستطيع ذلك و الرياح العاصفة تواجهني من بين يدي و عن يميني و شمالي !
وماذا بعد ,
أأُخبرك عن بقايا أحلام مبعثرة كزجاجةٍ طوّح بها طفلٌ صغير فاستحالت أشلاءً متناثرة على قارعة الطريق.
أم أنبئك عن ذلك الغطاء من الترقب و الإنتظار المميت الذي أتدثر به عن المستقبل المجهول ؟!
سأذهب الآن و لكني سأعود غدا ً يا رفيقي أبثُ إليك همومي و أناجيك بأسراري الكثيرة
فخيوط الفجر قد لاحت . سأتركك أميرا ً على عرشه و حولك خوَلك و خدمك لتضيء أركان الكون فتبارك من سوَّاك و جعلك في السماء قمرا ً منيرا ً .
كتب في 15/12/1429 هـ |