كما هو معروف أنّ الخلايا العصبية لا تتكاثر .. إنها تتطوّر و تنشط فقط . اضطرابها أو تلف بعضاً منها يُنتج أمراضاً عصبية تتراوح في خطورتها كالنسيان و الزهايمر و غيرها .
في بعض الدول كبار السن يهتمّون بتنشيطها و القيام بتمارين ذهنية تحافظ على خلايا الدماغ أطول فترة ممكنة .. كممارسة لعبة الشطرنج مثلاً ! ماذا عن أجدادنا ؟ أولئك الذين لم يتربّوا على لمس قطعة الشطرنج أو صف قطع الضومنة ! أجدادنا لا يحترفون شيئاً الآن أكثر من استرجاع الحكايا القديمة و " كان يا ما كان " .
في طفولتي كانت الحكاية من فم جدّتي مثيرة و مشوّقة جداً .. لديهم أساليب و حيل تنمّ عن دهاء عربي حتى في سرد الحكايات حركة اليدين التي تشارك اللسان في سرد القصّة بكمّية متساوية .. الحروف التي تُنطق لا تطغى على الإيماءات التي تحفظ قدراً من التشويق أيضاً حتى فن السرد كان مذهلاً .. الصوت قد يغيب يغيب يغيب بهدووء ليضرب على وتر الإثارة و ما إن تصل اللحظة الحاسمة إلا وتستيقظ الحبال الصوتية المتراخية لتحدث ذات الربكة التي تعترينا عند مشاهدة أحد أفلام هوليوود ! و الآن .. قد كبرت , الحكاية مازالت ذاتها ,, بدون أي تفاصيل مختلقة بدون جزء منسي بدون أي تراجع في الإثارة و كأنك تنصت لها للمرة الأولى الفرق الوحيد فقط .. هو عامل الزمن , في الصغر كنت تعزو كل شيء للخيال الذي يملأ نصف رأسك أما الآن .. تعيد كل شيء للمنطق الذي قد يفقد الخرافات لذّتها الطفل الذي يعزو كل شيء لخياله قد يصبح شخصاً ملهماً في المستقبل , و نحن من أكثر الشعوب التي تتعامل بحماقة مع أطفالها .. " عيب أنت رجال " بدون أن يفهم الأب أن كلمة كهذه قد تهدر الكثير من عناصر الطفولة لدى ابنه التي ما إن اُستغِلت جيداً ستصنع منه شخصاً واعداً في المستقبل .
هذه الكلمة ليست أقل تأثيراً من ردة الفعل الساخرة التي يُقابل بها طفل ينسج أحداثاً من محض خياله و يحكيها و كأنها حقيقة ستجد الطرف الآخر بكل تهكم " أنت تنصب علينا ؟ " متجاهلاً تماماً أن ما يقوم به الآن هو وأد خيال لطفل قد يبني منه واقعاً في المستقبل . أفضل المخترعات البشرية لم تكن في بداية الأمر إلا محض صدفة أو افتراض مع الزمن و تتبّع المعطيات تحوّلت إلى نظريات و كتل واقعية عمّتنا بنفعها . هذا يذكّرني بـ " حكايات ألف ليلة وليلة " الموروث الشعبي العربي الذي يضم العديد من الخرافات و الأساطير والتصورات التي أهملها أهلها و تلقّفتها أيدي الغرب و كانت نواة للعديد من أعمالهم المخلّدة . لا أعلم متى ندرك قيمة كل أجزائنا و وظائفها التي تعطّلها سلوكيات قمّة في الحماقة و الغباء مثل ما نواجهه أثناء الاعتكاف على مقاعد الدراسة ؛ اكتبي التعريف نصّاً ! اشرحي بالتفصيل فيما لا يزيد عن خمسة أسطر ! .. ناقصة نص درجة لأنك ما مليتي الفراغ بكلمة وحدة ! و كأن عليك هنا تحزّن المعلومات كما هي نصّاً و ترسل الأوامر ليدك لتترجم المحفوظ و تنسخه كما استودعته بالضبط . أثناء التلقين عليك أن تعلم بأنك تقف على المحك فإما بأسلوبك تبني أو تهدم دون أن تشعر . خلاصة القول ، يجب أن نتعامل مع أدمغتنا كأي عضو جسديّ آخر .. يحتاج لتغذية , لتنشيط و تمرين و لاسترخاء أيضاً . ربّما سيكون لي تفصيل في ذلك مستقبلاً
ملحوظة مهمّة لمن يصل إلى هنا : الاستياء الذي تخلّفه لديّ عبارة " اكتبي التعريف نصّاً " لا يقل عمّا تخلفه الردود على شاكلة " مشكورة يعطيكِ العافية "
مع الأسف في مجتمعنا تنعدم أساليب التربيه السليمه ويعامل الطفل على أنه ( حقير ) وليس صغير
عندمنا نتعامل مع الصغير على أنه صاحب مكانه في المنزل ونعطيه أهميه ولا نحتقره أبدا هنا نعزز الثقه في نفس الطفل حتى يعطي لـ شخصيته مكانه ويصبح في المستقبل شخص إرتجالي وصاحب قرار غير متردد
مثلا: نستشيره بأشياء تتناسب مع عقليته مثل ( ما رأيك أشتري لأختك عروسه أم لعبه أخرى ) ( ما رأيك نذهب إلى فلان أم فلان ) نحاول أن تتناقش معه في أي شئ حتى وإن كنت تعلم ان النقاش لن يفيدك ولكن إعلم وتأكد ان هذا النقاش سيفيده كثيراا
ولكن .. عندما يخطئ الطفل خطأ بسيط نعامله على أنه مذنب أرتكب جرم يستحق عليه الشتم والسب والضرب ولا نحل الموقف بشكل ودي ونشرح له ان هذا الفعل خطأ وعواقبه تؤدي إلى كذا وكذا وكذا عندها نقتل فيه الثقه بنفسه ويصبح في المستقبل شخص متردد يخاف كثيرا من رده الفعل والعواقب لأي تصرف يخرج منه حتى وإن اصبح في عمر يتجاوز الـ 40 سنه
يجب أن لا نجبره ونعامله على أنه لا يستوعب كل مايدور حوله إلا إذا كبر مثل مايعتقد بعض كبار السن عندما يشتم وينهر ويكسر خاطر أبنه ويعتقد ان هذا التصرف لن يؤثر عليه في المستقبل عندما تكبر عقليته ويصبح مدرك للأمور
يجب علينا أن نعامل عقليه الطفل على أنها عقليه واسعه المدارك ولا نحتقرها حتى لا تصبح حقيره في المستقبل
كما أننا ننتقي وبعناية مثيرة كل مفردات قمع الخيال .
ماتطرقتُ إليه محورٌ ليس بالرئيس لما تعرضتِ له ..
لكنه ماكان لأتجاوزه .
تحدثت بروعة عن (( قلة احترامنا )) لأدمغتنا . عن تجاهلنا لها بعدم تغذيتها وصقلها . هذا " الجرم " نقترفه نحن في أبنائنا , ونواصل تطبيقه علينا إلى أن ننتهى , وهذا العضو مازال في المهد !!
ملحوظة مهمّة لمن يصل إلى هنا :
الاستياء الذي تخلّفه لديّ عبارة " اكتبي التعريف نصّاً " لا يقل عمّا تخلفه الردود على شاكلة " مشكورة يعطيكِ العافية "
اهلا بالأخت المتألقة " ميادة " ... وتحية طيبة
استميحك عذرا اختي بالسماح لي بالخروج عن النص قليلا فيما يتعلق بالملاحظة اعلاه !!!
حقيقة انني اتعجب من البعض ولست انتي وحدك اختي الكريمة ممن يظهرون امتعاضهم من العبارات المقتضبة على شاكلة " شكرا " و " يعطيكي العافية " ولا ادري اين الجرم في ان اقول لشخص ما " شكرا ويعطيك العافية " حتى يلفت نظري بطريقة ذكية لعدم اضافة اي تعليق طالما الرد مقتضبا !!!
هل يمكن ان نطلق على ذلك نوع من الغرور !!! او هل يمكن ان اقول ان اعملي يستحق أكثر من عبارة " شكرا " !!!
الموضوع الذي تفضلتي به اعلاه يحمل معلومات قيمة وتم استخدام عبارات راقية وتم عرضه بطريقة مميزة - قد يحدث ان لا امتلك اضافة على ما تفضلتي به ولكني احترمت موضوعك بشدة واريد ان اظهر احترامي - فهل اعاقب على انني اكتفيت بعبارة " شكرا " !!!
أتمنى ان اكون التزمت بالخروج عن النص قليلا ،،،
نعود الى محور حديثنا الذي تفضلتي به ...
اعتقد ان العرب اجمالا خاصة من المتقدمين في العمر ليس لديهم الوقت كما لا تتوفر لهم الراحة والدعة التي يمتلكها الآخرين في بعض الدول حتى تكون لعبة الشطرنج او غيرها من الرياضات الذهنية عاملا لتنشيط القوى العقلية !!!
والسبب :
ان عقل المواطن العربي دائم النشاط والتحرك حتى ان لديه القدرة على التمدد في الحرارة والتقلص بالبرودة !!! فهذا العقل منهك التفكير في تأمين حياة اسرته وتامين لقمة العيش والكيفية التي يستطيع فيها ان يتملق فلان والالية التي تمكنه من الحفاظ على اسرته ومكتسباته المتواضعه ناهيك عن هموم التقاعد اذا كان هنالك تقاعد ولم يلقى به في احدى صناديق القمامة ... الخ الخ ... هل بعد ذلك نقول اننا في حاجة الى تمارين ذهنية وعقولنا تخوض على مدار 24 ساعة مالا يمكن ان يتحمله " السيرفر الرئيسي " لوكالة الاستخبارات الامريكية !!!
من حيث الطفولة فقد قال حدثنا ان احدهما عندما رزقه الله بولده البكر قام بالاذان في اذنه اليمنى ثم اقام الصلاة في اذنه اليسرى ثم نظر الى عينيه قائلا : كن رجلا !!!
المواطن العربي مجملا دائما في سباق مع الزمن ... وقليلين هم من يستطيع القول انه يتذكر جيدا المراحل العمرية التي تنقل فيها بينما الكثير سيقول لكي : مضت الطفولة سريعا ... ويقولون ان هنالك مراهقة لم يسعفني الوقت للحاق بها !!! أتى الشباب وانهمكنا في العمل لتوفير لقمة العيش ... اتت الكهولة لمواجهة المخاطر المحيطة بالأسرة !!! الحمدالله اصبحنا في أواخر العمر بانتظار قطار الموت !!!
في عالمك العربي هنالك الكثيرين في جل الاقطار العربيه الذين تجدين فيه الأطفال يعيلون اسر بأكملها ... أطفال كل ما فيهم تجاوز عمره باستثناء بقايا تلك النظرة الطفولية البريئة في عالم متوحش ،،،
مع الأسف في مجتمعنا تنعدم أساليب التربيه السليمه ويعامل الطفل على أنه ( حقير ) وليس صغير
عندمنا نتعامل مع الصغير على أنه صاحب مكانه في المنزل ونعطيه أهميه ولا نحتقره أبدا هنا نعزز الثقه في نفس الطفل حتى يعطي لـ شخصيته مكانه ويصبح في المستقبل شخص إرتجالي وصاحب قرار غير متردد
مثلا: نستشيره بأشياء تتناسب مع عقليته مثل ( ما رأيك أشتري لأختك عروسه أم لعبه أخرى ) ( ما رأيك نذهب إلى فلان أم فلان ) نحاول أن تتناقش معه في أي شئ حتى وإن كنت تعلم ان النقاش لن يفيدك ولكن إعلم وتأكد ان هذا النقاش سيفيده كثيراا
ولكن .. عندما يخطئ الطفل خطأ بسيط نعامله على أنه مذنب أرتكب جرم يستحق عليه الشتم والسب والضرب ولا نحل الموقف بشكل ودي ونشرح له ان هذا الفعل خطأ وعواقبه تؤدي إلى كذا وكذا وكذا عندها نقتل فيه الثقه بنفسه ويصبح في المستقبل شخص متردد يخاف كثيرا من رده الفعل والعواقب لأي تصرف يخرج منه حتى وإن اصبح في عمر يتجاوز الـ 40 سنه
يجب أن لا نجبره ونعامله على أنه لا يستوعب كل مايدور حوله إلا إذا كبر مثل مايعتقد بعض كبار السن عندما يشتم وينهر ويكسر خاطر أبنه ويعتقد ان هذا التصرف لن يؤثر عليه في المستقبل عندما تكبر عقليته ويصبح مدرك للأمور
يجب علينا أن نعامل عقليه الطفل على أنها عقليه واسعه المدارك ولا نحتقرها حتى لا تصبح حقيره في المستقبل
بالفعل كما ذكرت , قد يكون أخطر حوار هو الحوار مع طفل .. هو بفطرته كثير الأسئلة لمحاولة الإلمام بكل شيء يحيط به
فعند تعاطي حوار معه ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أننا سنشكّل فكر أولي للطفل .. كل ما يقال له سيستقر في ذهنه ويسترجعه مهما بلغ من العمر
كثيرة هي السلوكيات الخاطئة التي نتعامل بها مع الأطفال و منها العقاب أيضاً بالرّغم من أنّني لا أؤمن أبداً أن الضرب سيقوّم تصرف لطفل أو غيره
لكن مع الطفل قد نجد أساليباً أكثر لطفاً و يستجيب لها أسرع غيرها
مساء الخير اختي الغاليه .. طرح جميل .. باسلوب مميز ورائع جداً ..
بالفعل نحن لم نطور عقولنا .. فكيف باساليب التطوير الحديثه التي تطور خلايا المخ والتفكير ..
واعتقد ان اجدادنا كانوا اعلى همة ًمنا في تطوير ذواتهم .. ليس بالاطلاع بل بالعمل وبخبراتهم ..
والآن نحن نملك امكانيات كبيره بامكاننا استخدامهاواستغلالها .. ولكن امور كثيره اخرتنا ...
هناك امورتطور الفكر والتفكير .. بعضها مسلي والبعض الاخر دروس تطويريه بحته ..
كبعض الكتب المطوره للتفكير .. والآن هناك عدة دروس ودورات تدريبيه لتطوير الذات والفكر والعقل ..
ولكن الهمه تنقصنا .. والطموح لا زال لدى الكثير في اسفل السافلين ..
ومن الامور التي قد تؤخر التطور والعمل وتثبط من الهمه هي اسلوب التربيه وكما ذكرتي ..
الطفل بحاجه لتشجيع .. ولاعطاءه مساحه من الحريه كي يعمل ويعمل ويفكر ليتعلم ..
مشكلتنا ان البعض قد يلقي كلمات تحبط همة طفل لا زال ينمو ليفكر ..
مياده .. شكراً لك ولطرحك .. ولموضوعك الاكثر من رائع ..
تقبلي احترامي وتقديري .. ولاتحرمينا جديدك . .
أجدادنـا يتقِنوا فن سرد الحكايات والقصص الخيالية والقديمة على حد كبير , فـ من القِدم ليس العرب وحدهم من أختصوا بـ سرد القصص والحكايات وما إلى ذلك , حتى الآخرين من غيرنـا لهم حكايات وصولات
قراءة جيّدة للموضوع من كافة الجوانب , أوافقكَ في الكثير منها و بالتأكيد سيكون لي وقفة بإذن الله فيما لم أفصّل به
شكراً لوقتك و قراءتك , و لجهدكَ الملموس جداً بالمجلس
بحكم تواصلي اليوميّ مع أفواج الأطفال فإنه مامن أحدٍ يتقنُ فنّ بتر لسان وفكر الطفل كما نتقنه نحن .
المسؤوليّة عليكم هنا مُضاعفة بالرّغم من أنها مرهقة و صعبة أيضاً , احتكاك الشخص بالأطفال بشكل مستمر و يومي يجعله كطرف ثابت و مؤثّر في تكوين الشخصية . و قد يكون هو أكثر من يتذكره الطفل لوقت طويل حتّى و إن مرّ بمراحل مدرسيّة عديدة .
إلى الآن نحن نحفظ جيّداً ملامح معلميّ الصفوف الأولى بل و نذكر العديد من أطباعهم حتى مواقفنا معهم مازالت راسخة
شكراً لك صمت .. شكرٌ يضاهي سعادتي عند قراءة شيء مذيّل باسمك .
للأسف أصبحنا شعوب متخلفة ( علمياً ) أصبحنا ننتظر جديد الاختراعات و الاكتشافات من الغرب و الشرق حتى نعمل بها انظري إلى حياتنا كيف أصبحت؟...............أجسادنا لنا فقط وبقية ما حولنا ماهو سوى تقليد و تبعية لغيرنا دون أن نتحرى سلبياته و إيجابياته لا أنكر الكم الهائل لما استفدناه منهم و لكن.............لم نلقي بالاً للسلبيات!!
لا أدري ماذا حلَّ بذائقتنا ونحن نبتعدُ عن كلّ هذا البوح الجميل في موضوع مهم للغاية !!!
إقتباس
إلى الآن نحن نحفظ جيّداً ملامح معلميّ الصفوف الأولى بل و نذكر العديد من أطباعهم حتى مواقفنا معهم مازالت راسخة
صدقتِ ياميادة ..
إنه ومع جهدي لتغيير خارطة هذه الملامح ومحو كل مالايناسبنا من التوجّه الغابر أجدُ من يصرُّ أنّ هذا ضربٌ من العبث أو كمن يرسمُ على وجه البحر متأبطًا علبة ألوانٍ فارهة !!
لكِ أن تعدينا بالتعرض لهذا كمحورٍ رئيسٍ في القادم القريب من الأيام .
عودتي من جديد دليلُ إيماني بأنّ هناك متسع للحديث هنا . ليس ببعيد عمّا سبق . اخترتُ لكم هذه المقالة التي تدعم وتؤكد ماجاءت به الأخت القديرة ميادة . لقد ذكرت كلامًا يستحق تناولا أكثر جدية من قبلنا , لأنه يمسنا جميعا . يمس إخوتنا. يمس أبناءنا . يؤثر على المدى البعيد في مسيرتنا كمسلمين وعرب . *****
إقتباس
تعلم مهارة التفكير
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
لقد كرَّم الله تعالى الإنسان بالعقل، ورفع به قدْره، وميَّزه على من سواه من المخلوقات، ووصف الذين لا يستخدمونه بالدواب، بل شر من الدواب، فقال تعالى: (إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون (22) ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون (23)) (الأنفال). ودعا الله تعالى إلى إعمال العقل والتفكر في آيات الله تعالى التي لا حد لها ولا حصر، فقال تعالى: (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب - الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى" جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار191) (آل عمران). ولقد عظَّم الإسلامُ التفكيرَ، وأعلى من شأن أصحابه، ويكفي للتدليل على ذلك، النظر إلى عدد الآيات التي ورد فيها إعمال العقل والدعوة إلى التفكير والتدبر والتبصر والتفقه والتذكر، فقد دعا القرآن الكريم إلى التفكير في (16) آية، وإلى التبصر في (148) آية، وإلى النظر (بمعنى التأمل والتفكير) في (129) آية، وإلى التذكر في (269) آية، وإلى التدبر في (4) آيات، وإلى الاعتبار في (7) آيات، وإلى التفقه في (20) آية.
والإنسان عندما يولد تُولد معه أكثر من مائة مليار خلية عصبية (خلايا التفكير)، وبعد سنوات قليلة نجد أن أكثر من (90%) من هذه الخلايا يصاب بالخمول والضمور والاضمحلال، والسبب في ذلك إهمال رياضة التفكير، وعدم القيام بالتدريبات اللازمة للإبقاء على حيويته ونشاطه بل وعلى تطويره. ومن المعلوم أن الدماغ لا يزن سوى (2%) من وزن الجسم، غير أنه يستهلك (20%) من طاقة الجسم ومن الأكسجين، كما أنه يستهلك (198) جالوناً من الدم يومياً، وذلك عن طريق شريان يخرج من القلب ليذهب مباشرة إلى الدماغ، كل ذلك يدل على أهمية الدور الذي يلعبه الدماغ بالنسبة لباقي أعضاء الجسم.
ويبدأ الدماغ منذ الولادة في البحث عن المعرفة والتكيف مع نمط الحياة التي يعيشها الطفل، فإن عاش في بيئة محفزة وآمنة ومعلّمة ومشجعة للمبادرات وموفّرة للأدوات والوسائل التفكيرية، فإن الخلايا العصبية "النيورونات" تنشط، والارتباطات العصبونية تنمو، والقدرة على التفكير تزداد. أما إذا عاش الطفل في بيئة غير آمنة ولا محفِّزة أو في بيئة مقيَّدة للحرية والحركة، أو رافضة للمبادرة والتجربة في بيئة محرومة من الوسائل والأدوات المساعدة على تعلُّم التفكير، فإن الخلايا العصبية تزداد خمولاً، والارتباطات العصبونية تضمر، والقدرة على التفكير تتراجع.
إن تعلم التفكير أصبح اليوم علماً يُدرَّسُ ويُكتسب، ولم يعد طلاسم لا تستطيع التعرف على أوله من آخره، بل أصبح تعلُّمه ضرورة لا يستغني عنها من يريد أن يصنع الحياة، ويكون رقماً صعباً فيها، ولذا قامت فنزويلا قبل سنوات بتدريب أكثر من مائة ألف مدرس على كيفية تعليم مهارة التفكير، وهؤلاء المدرسون يباشرون الآن تدريب الطلبة على برنامج متكامل حول مهارات التفكير بمعدل ساعتين أسبوعياً، كما أن هذا البرنامج يُدرّس اليوم في العديد من المدارس في الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وغيرهما من الدول.
إن الاهتمام بالطفل منذ نعومة أظفاره، وتربيته على مهارة التفكير لهو أمر مهم جداً، وقد أثبتت الدراسات والتجارب أن كثيراً من الصفات يكتسبها الإنسان من البيئة التي يتواجد فيها. وقد أخبر النبي { أن "كل مولود يُولد على الفطرة فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يُمجِّسانه" (رواه البخاري). وفي ذلك قال القائل:
وينشأ ناشئ الفتيان فينا
على ما كان عوَّده أبوه
ويقول أحمد شوقي: فربَّ صغير قوم علموه سمى فحمى المسومة العرابا فكان لأهله خيراً ونفعاًولو تركوه كان أذيً وعابا فعلم ما استطعت لعل جيلاًسيأتي يُحدث العجب العجابا إن الغالبية العظمى من الأطفال في العالم يتربّون على أسلوب تربوي تعليمي واحد، وهو الأسلوب التلقيني الذي إن اكتفينا به فإنه يحد من الخيال ولا يرفع من مستوى التفكير، وهذا الأسلوب يعيشه للأسف معظم الأطفال في بيوتهم مع آبائهم وفي مدارسهم مع مدرسيهم. لقد آن الأوان أن يتم اعتماد أساليب تربوية تسمو بالخيال وتفجّر القدرات العقلية والإبداعية عند صغار السن، حتى إذا ما كبروا أصبحوا قادة التفكير وأساتذة التغيير، وأساطين التطوير، فالتفكير في الصغر كالنقش في الحجر، ثابت أصيل لا يتبدل ولا يزول.
في بعض الدول كبار السن يهتمّون بتنشيطها و القيام بتمارين ذهنية تحافظ على خلايا الدماغ أطول فترة ممكنة .. كممارسة لعبة الشطرنج مثلاً ! ماذا عن أجدادنا ؟ أولئك الذين لم يتربّوا على لمس قطعة الشطرنج أو صف قطع الضومنة
أجدادنا لا يحترفون شيئاً الآن أكثر من استرجاع الحكايا القديمة و " كان يا ما كان " .
أعتقد أنه ومنذ قديم الزمن كان العرب يجيدون وبشكل كبير استخدام الشعر على سبيل المثال في تنشيط ذاكرتهم وذلك من خلال التدرب على عملية الحفظ منذ سنٍ مبكرة إلا أن جاء الإسلام
فعندما جاء الإسلام لم تتغير الطريقة بل أضيفت لها طريقة أهم منها وهي قراءة القرآن الكريم وحفظه ولهذا هم يتمتعون بمواهب عده لعل أهمها الحفظ من أول مرة .
إقتباس
الطفل الذي يعزو كل شيء لخياله قد يصبح شخصاً ملهماً في المستقبل , و نحن من أكثر الشعوب التي تتعامل بحماقة مع أطفالها ..
إقتباس
" عيب أنت رجال " بدون أن يفهم الأب أن كلمة كهذه قد تهدر الكثير من عناصر الطفولة لدى ابنه التي ما إن اُستغِلت جيداً ستصنع منه شخصاً واعداً في المستقبل .
هذه الكلمة ليست أقل تأثيراً من ردة الفعل الساخرة التي يُقابل بها طفل ينسج أحداثاً من محض خياله و يحكيها و كأنها حقيقة ستجد الطرف الآخر بكل تهكم " أنت تنصب علينا ؟ " متجاهلاً تماماً أن ما يقوم به الآن هو وأد خيال لطفل قد يبني منه واقعاً في المستقبل .
هذا هو الواقع الأليم الذي يحتضننا ولم نستطع إلى الآن أن نفلت من هذا الحضن القذر ... ربما سنستطيع
إقتباس
خلاصة القول ، يجب أن نتعامل مع أدمغتنا كأي عضو جسديّ آخر .. يحتاج لتغذية , لتنشيط و تمرين و لاسترخاء أيضاً
ربّما سيكون لي تفصيل في ذلك مستقبلاً
ربما أنكِ تجعليني أنتظر ما سيؤول إليه تفصيلكِ
إقتباس
ملحوظة مهمّة لمن يصل إلى هنا :
الاستياء الذي تخلّفه لديّ عبارة " اكتبي التعريف نصّاً " لا يقل عمّا تخلفه الردود على شاكلة " مشكورة يعطيكِ العافية "