
26/04/2008, 05:51 PM
|
زعيــم فعــال | | تاريخ التسجيل: 31/01/2008
مشاركات: 401
| |
كان يا ما كان . كما هو معروف أنّ الخلايا العصبية لا تتكاثر .. إنها تتطوّر و تنشط فقط . اضطرابها أو تلف بعضاً منها يُنتج أمراضاً عصبية تتراوح في خطورتها كالنسيان و الزهايمر و غيرها .في بعض الدول كبار السن يهتمّون بتنشيطها و القيام بتمارين ذهنية تحافظ على خلايا الدماغ أطول فترة ممكنة .. كممارسة لعبة الشطرنج مثلاً ! ماذا عن أجدادنا ؟ أولئك الذين لم يتربّوا على لمس قطعة الشطرنج أو صف قطع الضومنة ! أجدادنا لا يحترفون شيئاً الآن أكثر من استرجاع الحكايا القديمة و " كان يا ما كان " . في طفولتي كانت الحكاية من فم جدّتي مثيرة و مشوّقة جداً .. لديهم أساليب و حيل تنمّ عن دهاء عربي حتى في سرد الحكايات حركة اليدين التي تشارك اللسان في سرد القصّة بكمّية متساوية .. الحروف التي تُنطق لا تطغى على الإيماءات التي تحفظ قدراً من التشويق أيضاً حتى فن السرد كان مذهلاً .. الصوت قد يغيب يغيب يغيب بهدووء ليضرب على وتر الإثارة و ما إن تصل اللحظة الحاسمة إلا وتستيقظ الحبال الصوتية المتراخية لتحدث ذات الربكة التي تعترينا عند مشاهدة أحد أفلام هوليوود ! و الآن .. قد كبرت , الحكاية مازالت ذاتها ,, بدون أي تفاصيل مختلقة بدون جزء منسي بدون أي تراجع في الإثارة و كأنك تنصت لها للمرة الأولى الفرق الوحيد فقط .. هو عامل الزمن , في الصغر كنت تعزو كل شيء للخيال الذي يملأ نصف رأسك أما الآن .. تعيد كل شيء للمنطق الذي قد يفقد الخرافات لذّتها الطفل الذي يعزو كل شيء لخياله قد يصبح شخصاً ملهماً في المستقبل , و نحن من أكثر الشعوب التي تتعامل بحماقة مع أطفالها .. " عيب أنت رجال " بدون أن يفهم الأب أن كلمة كهذه قد تهدر الكثير من عناصر الطفولة لدى ابنه التي ما إن اُستغِلت جيداً ستصنع منه شخصاً واعداً في المستقبل . هذه الكلمة ليست أقل تأثيراً من ردة الفعل الساخرة التي يُقابل بها طفل ينسج أحداثاً من محض خياله و يحكيها و كأنها حقيقة ستجد الطرف الآخر بكل تهكم " أنت تنصب علينا ؟ " متجاهلاً تماماً أن ما يقوم به الآن هو وأد خيال لطفل قد يبني منه واقعاً في المستقبل . أفضل المخترعات البشرية لم تكن في بداية الأمر إلا محض صدفة أو افتراض مع الزمن و تتبّع المعطيات تحوّلت إلى نظريات و كتل واقعية عمّتنا بنفعها . هذا يذكّرني بـ " حكايات ألف ليلة وليلة " الموروث الشعبي العربي الذي يضم العديد من الخرافات و الأساطير والتصورات التي أهملها أهلها و تلقّفتها أيدي الغرب و كانت نواة للعديد من أعمالهم المخلّدة . لا أعلم متى ندرك قيمة كل أجزائنا و وظائفها التي تعطّلها سلوكيات قمّة في الحماقة و الغباء مثل ما نواجهه أثناء الاعتكاف على مقاعد الدراسة ؛ اكتبي التعريف نصّاً ! اشرحي بالتفصيل فيما لا يزيد عن خمسة أسطر ! .. ناقصة نص درجة لأنك ما مليتي الفراغ بكلمة وحدة ! و كأن عليك هنا تحزّن المعلومات كما هي نصّاً و ترسل الأوامر ليدك لتترجم المحفوظ و تنسخه كما استودعته بالضبط . أثناء التلقين عليك أن تعلم بأنك تقف على المحك فإما بأسلوبك تبني أو تهدم دون أن تشعر . خلاصة القول ، يجب أن نتعامل مع أدمغتنا كأي عضو جسديّ آخر .. يحتاج لتغذية , لتنشيط و تمرين و لاسترخاء أيضاً . ربّما سيكون لي تفصيل في ذلك مستقبلاً ملحوظة مهمّة لمن يصل إلى هنا : الاستياء الذي تخلّفه لديّ عبارة " اكتبي التعريف نصّاً " لا يقل عمّا تخلفه الردود على شاكلة " مشكورة يعطيكِ العافية "  قراءة ممتعة .
|