[ALIGN=JUSTIFY]##
حينما كنت على مقاعد الدراسة ، كنت أستمع إلى مصطلح " الروتين " يتردد بين الحين والآخر في وسائل الإعلام أو في المجالس بين الموظفين خاصة .. وقتها كنت أدعي بأن حياة الطالب في الجامعة أو في المدرسة هي أبسط مثال لعملية الروتين اليومي التي لا تختلف سوى في عطلة نهاية الاسبوع .
## الآن وتقريباً بعد مرور أربع سنوات على عملي الحالي بدأت أشعر بأن كل معاني " الروتين " التي كنت أعتقدها في السابق لا تمثل ولا ذرة واحدة من الروتين اليومي الذي أعيشه حالياً -ويعيشه الكثيرون غيري - من الرتابة اليومية الثابتة خصوصاً في ظل ثبات فكر العمل اليومي على مستوى معين وعدم القدرة على الإرتقاء به أو تطويره لاسباب مختلفة قد تكون إدارية أو مادية أو فنية .. الخ .
## ويزيد هذا الشعور العدواني تجاه الروتين اليومي طريقة المعيشة في مدينة الرياض تحديداً والتي لا أعدها سوى كتلة خرسانية صلبة يسير البشر فوقها وهم يبكون في داخلهم من رتابة الحياة اليومية ، و"الرياض " في نظري مهما قدم لتطويرها وتحسينها جمالياً أو " سياحياً " إلا أن ذلك في لن يجملها في نظري لان المكان الذي ترتاح حين تزوره .. لم يظهر في "الرياض بعد ، كل الأمكنة التي من المفترض أن تكون ملاذاً يومياً هي أماكن مزعجة أو غالية أو " بغيضة " لنوعية من يرتادها ، لذلك تضحمل جميع الخيارات وتفضل أن تعود للبيت أو الاستراحة كما هو حال البعض .
## الروتين مازال يلاحقنا حتى ونحن نمسك " الريموت كنترول " لنتجول بين القنوات الفضائية ، دقق في وضعك اليومي ستتفاجاً بأنك ستتجول بين محطات محددة لا لمتابعة برنامج ما بل لمعرفة مافيها لا أكثر ولا أقل وكأن الحال أصبح عملاً يومياً يجب أن تقوم به ، أسألك .. هل تابعت قناة "الجزائر " مثلاً ؟ منذ أن ظهرت هذه القناة لم أتوقف عندها أكثر من 30 ثانية على أكبر تقدير ، ومع ذلك الروتين القاتل يجبرني على زيارتها يومياً ، أي أن العقل او لنقل الذوق ليس من يحدد مجال رؤيتك للبرامج بقدر مايتحكم فيها الروتين اليومي .
## حتى لا نبقى بعيداً .. شبكة الانترنت ، أجزم أن تصفحها اليومي للبعض يمثل " قمة الروتين " ، شبكة الزعيم .. قراءة البريد .. إيلاف ربما ..الساحة .. ثم إغلاق جميع النوافذ ، هل فكرت يومياً بأن تجعل وجهتك إلى موقع آخر مختلف تماماً عن المواقع التي تزورها يومياً .. للأسف تغيير هذه المواقع لن يكون إلا من خلال رابط في رسالة الكترونية أو "ماسنجرية " ، روتين يومي آخر !
## تخيل أن يكون جدولك اليومي لهذا اليوم .. هو جدولك ليوم أمس .. وهو جدولك ليوم غد .. ، تخيل أن تمرر بعض الدهان الأبيض على إطارات سيارتك اليوم ثم تتجه لعملك وتقف في موقفك المخصص .. وتخيل أنك في اليوم التالي حتى لو أغمضت عينيك ستجد أنك ستسير على نفس الخطوط البيضاء التي طبعتها إطارات سيارتك بالأمس ..، تخيل أن نفس الوجوه التي تقابلها حين دخولك مقر عملك ترد التحية بشكل مبرمج وكأنهم تحولوا إلى " ريبوتات آلية " .. موظف الأمن سيرد السلام بلهجته المعتادة وهو يقرأ رسائل جواله ، ثم تمر بموظف الاستقبال الذي يرد التحية اليومية بنفس الطريقة التي يرددها طوال الأشهر الماضية بل تشك أحياناً أن طريقة ارتداءه للشماغ هي ذاتها التي كانت بالأمس والاسبوع الماضي .. والشهر الماضي .. وربما ستجد عامل البوفيه يسألك السؤال اليومي " هل تريد كوب القهوة الآن " ، ياترى .. حتى الروتين يسير معي إلى هنا .. لماذا لا يقول " كوب الشاي " ولو على سبيل التغيير !!
## فكرة عابرة .. أعتقد أن الروتين اليومي أحد أهم الأسباب التي تعطي للإنسان دافعاً نحو الإبداع في مجال معين ، فهو حين يقرر الهرب من الروتين يبحث أن أي ملاذ يحميه ويغير من طريقة حياته اليومية ، ربما يتجه للكتابة .. او القراءة .. أو الرسم .. أو التصوير ..أو البرمجة .. الخ وهي فرص قد لا نتمكن من الحصول عليها لو كان جدولنا اليومي مليء بالأحداث والمتغيرات اليومية .
## أعرف أن الأسطر السابقة ربما حين تقرأها ستطرح تساؤلك ( الحين هذا وش يبي ) ، إجابتي ستكون ( لا أدري )!! هموم أحببت طرحها لأبث معاناتي من الروتين اليومي رغم أني أحب عملي ..ولكن الروتين يقتلني ويقتل الملايين غيري![/ALIGN]
[ALIGN=CENTER]
[/ALIGN]
واكون نشيطة بعدها
الوضع العادي
