الأمة الإسلامية!!
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله الأمين و بعد : إن الأمة الإسلامية هي آخر الأمم ترتيبا , وأولها خيرية و تفضيلا , فقد ذكرها الله تعالى , و أثنى عليها كثيرا في كتابه المبين لما لها من خصائص و سمات عظيمة دون سائر الأمم السابقة قال الله تعالى : ( إن هذه أمتكم أمة واحدة و أنا ربكم فاعبدون ) 92, الأنبياء , و قال تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله و لو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون و أكثرهم الفاسقون ) 110 , آل عمران , و أرسل إليها خاتم الرسل و النبيين و أفضل الأنبياء و سيد المرسلين ـ محمدا صلى الله عليه وسلم- و أنزل الله عليه الدين القويم الذي ارتضاه الله لعباده المؤمنين دينا , أنزله الله تعالى على الهادي البشير , و السراج المنير ـ محمد صلى الله عليه و سلم ـ دين صالح لكل زمان و مكان , به أنقذ أمته من دياجير الكفر و الطغيان , و جور المذاهب و الأديان , و أنقذ الله به أمته من الضلالة إلى الهدى، ومن الظلمات إلى النور ، و جاء بهدى و خير عظيم ونور وبرهان مبين و هداهم إلى طريق الله المستقيم , و المنهج القويم قال الله تعالى : (( و من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين ) 85, آل عمران , و للأمة الإسلامية سمات كثيرة و صفات طيبة عديدة , فهي أمة وسط , تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر , و تدعو إلى الخير في مشارق الأرض و مغاربها , و تقيم حدود الله مقتدية بإمامها ورسولها محمد صلى الله عليه وسلم،, أمة تنتسب إلى الإسلام , و تحكم الشريعة الإسلامية , و تطبق تعاليمه السامية , قال الله تعالى: ( إِنَّا أَنزلنا إليك الكتاب بِالْحَقِّ لتحكم بين النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ الله و لا تكن للخائنين خصيما ) 105 النساء , و تحفظ الإسلام من الأفكار المنحرفة و المبادئ السيئة , مبتعدة بذلك عن المناهج و المذاهب الأخرى قال تعالى : ( و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) , و الدعوة إلى الدين الإسلامي و الخيرr بالحكمة والموعظة الحسنة , قال الله تعالى: ( ادْعُ إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله و هو أعلم بالمهتدين ) 125, النحل و حث المسلمين على الوحدة الإسلامية تحت ظل راية التوحيد ( لا اله إلا الله ) و نشر المحبة و الألفة و التآخي بين المسلمين عامة , و نبذ العداوة و البغضاء و نزع كل ما يؤثر على الإسلام أو ما يكدر صفو الأمة الإسلامية , و هي امة القرآن الكريم التي تعلمت القرآن و عملت به , و أنها لن تضل ما دامت الأمة متمسكة بالقرآن و السنة , و إن الرسول صلى الله عليه و سلم اخبر عن فتن آخر الزمان , و حذر أمته منها , و كثرة الذنوب و المعاصي , و إن القابض على دينه كالقابض على الجمر , و إن أمته ستضعف , و يتكالب عليها الأعداء من كل حدب و صوب لضعف الإيمان , و إن خير الأزمنة هو عهد الرسول و صحابته ـ رضوان الله عليهم جميعا ـ قال صلى الله عليه و سلم : ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) .
الأخوة في الله !!
إنَّ العقيدةَ الإسلامية جاءت بالحكم و المعاني و الأحكام التي تقوم على الإعجاز في كافة الوجوه و المجالات كانت صغيرة كالذرة و أقل أو عظيمة كالسماوات و الأرضين و أعظم أو ما لا تدركه الأبصار و الذي لا يعلمه إلا الله علام الغيوم , فالباري جل جلاله هو الذي شرعها و أنزلها على عباده المؤمنين , فجات تلك التشريعات موافقة للنفوس البشرية و طبائعها , حيث اهتمت بفئات المسلمين كالأيتام و الأرامل و الفقراء و الوالدين , و تضمنت العديد من القيم و المبادئ السامية التي تهذب أخلاق المسلمين, و تؤلف بين قلوبهم كالمحبة و الصدق و الوفاء و التعاون و التآلف و التواصل و التعاطف , و تعتبر الأخوة في الله و لله نعمة عظيمة منَّ الله بها على عباده المؤمنين المخلصين , أخوة بعيدة عن المصالح الشخصية و المنافع الذاتية تقوم على الرابط الإيماني الذي يقوم على منهج الله تعالى الذي يزرع في قلوبهم التقوى و التآخي و التعاون و الخير و محبة الله و محبة عباده الصالحين قال الله تعالى إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ) الحجرات , و إن الله جل جلاله دعا عباده المؤمنين للوحدة , و عدم التفرق , لكي تقوى تلك الأخوة فقال الله تعالى : ( و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا و اذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ) آل عمران , و للأخوة الصادقة ثمرات طيبة عامة تعود على المسلمين أفرادا و أسرا و مجتمعات , و ذلك متى قامت على الحب في الله و الإخلاص و ابتغاء مرضات الله و الجزاء و الثواب , التي توثق هذه الأخوة . فمن ثمراتها العظيمة و فوائدها الجليلة التعاون في السراء و الضراء , و الحرص على النصيحة و التناصح فيما بين المسلمين و يتذوق المؤمن في هذه المحبة طعم الإيمان , ويجد المؤمن لذة الطاعة في اتباع أوامر الله تعالى و رسوله صلى الله عليه و سلم , و يستشعر محبة الله و رسوله , و تكون محبة المسلم في الله سببا للتوفيق في الحياة الدنيا و رضوان الله في الآخرة , و عاملا رئيسا في نشر المحبة و تالف القلوب , و صفو النفوس بين المسلمين . و ختاما نقول : إن الأخوة في الله صفة عظيمة كلما زادت و انتشرت بين المسلمين نشرت ثمارها الطيبة و فوائدها العظيمة على المسلمين , قال صلى الله عليه و سلم : ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلمٍ كربة فرَّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة ) رواه البخاري ومسلم .
المسلم ..والمصائب !!
إن الله جل جلاله خلق الحياة الدنيا , و جعل فيها الخير و الشر و السراء و الضراء ليبتلي عباده المؤمنين و يختبرهم , و يمحو عنهم الخطايا قال الله تعالى : ( و نبلوكم بالشر و الخير فتنة و إلينا ترجعون ) 35 الأنبياء , و يقول تعالى : ( و لنبلونكم بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات و بشر الصابرين . الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون . أولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة و أولئك هم المهتدون ) 155, 156, 157 البقرة , و ليرى ـ و الله أعلم بهم ـ صدق إيمانهم , و توكلهم عليه و تسليمهم بقضاء الله و قدره , و إن أقدار الله بعباده فيها خير عظيم لا يعلمه العباد قال تعالى : ( و عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم و عسى أن تحبوا شيئا و هو شر لكم و الله يعلم و أنتم لا تعلمون ) 216, البقرة . و إن المصائب و المحن و الشدائد مهما طالت أو عظمت فإنها لا توهن المؤمن المتعلق بربه , و ذلك لأنه قوي الإيمان بربه , و يعلم أن الدنيا دار بلاء و ابتلاء , و أن الله قدر تلك المصائب عليه , فيتضرع إلى الله و يصبر و يحتسب رغبة بما عند الله من الأجر و الثواب , و دفع تلك المصيبة قال صلى الله عليه وسلم : ( ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا أخلف الله له خيرا منها ) , و لقد ذكرت النصوص و الشواهد الدينية و الحوادث و الوقائع التي تصيب المسلمين أفرادا و أسرا و مجتمعات أن هذه الدنيا لا تدوم على حال يعيش المسلم اليوم في سرور و غدا تصيبه الهموم و الأحزان , و اليوم يفرح بمولود و غدا يفجع بميت مفقود , و اليوم يضحك و هو مسرور و غدا يهل دمعه محزون , و اليوم صحيح معافى , و غدا سقيم يكابد الأسقام . وعلى المسلم المصاب أن يعلم أن ما يحدث له من المصائب و الهموم و الأحزان و الخطوب , فصبر و احتسب إلا كانت له خيرا كثيرا , فمن رضي فله الرضا , ومن سخط فله السخط قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته ) , و قال صلى الله عليه وسلم : ( ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله - عز وجل - بها عنه حتى الشوكة يشاكها ) . و إن المؤمن قوي الإيمان هو الذي يصبر و يحتسب الأجر و الثواب من الله تعالى و يحمد الله على مصيبته أنها لم تكن أعظم , و المؤمن يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ولهذا ينبغي عليه أن يحذر التسخط أو الاعتراض على قدر الله , أو يأتي بسلوك من أقوال أو أفعال تنافي تعاليم الدين الإسلامي , فتؤثر على إيمانه , و أن يعلم المؤمن علم اليقين أن الله عدل حليم رحيم بعباده لا يقضي حكما و قضاء إلا فيه خير كثير لعباده , و أن مع العسر يسرا و مع الصبر فرجا , و أن الله يبتلي عباده بالخير كما يبتليهم بالشر , و المصيبة الكبرى هي مصيبة المسلم في دينه , و غيرها من المصائب تهون , فمصيبة الدين يخسر بها المؤمن الدنيا و الآخرة , و إن المصيبة العظمى التي أصابت المسلمين هي موت الرسول صلى الله عليه و سلم , فبموته انقطع الوحي , و كملت رسالة الإسلام .
القرآن..وفضائل السور و الآيات!!
إن القرآن كلام الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه , كلام الله الذي تصدع منه الحجر قال تعالى : ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية و تلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ) 21/ الحشر , فلماذا لا تخشع له القلوب و تلين , و هو كلام الله عز وجل الذي جعل فيه الأجر و الثواب و الشفاء , فالقرآن الكريم ليس كتاب دين فقط, بل جمع كثيرا من القيم و الحكم و الأحكام والمبادئ الإسلامية و العجائب و الأسرار و المعجزات العظيمة الباهرات في كافة الوجوه و الميادين التي لم تنقض و لن تنقضي حتى يوم القيامة , وفي قراءة القرآن و تطبيقه و الوقوف عند حدوده و أحكامه , و تدبر معانيه آثار طيبة تعود على القارئ , أو كل مسلم يعمل به في هذه الحياة قال عز وجل ( إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور. ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور ) 29, 30/فاطر , و قال صلى الله عليه وسلم : ( الذي يقرأ القرآن , وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة , والذي يقرأ القرآن وهو يتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران) رواه البخاري . و القرآن فيه أجر عظيم , و سعادة لمن قرأه و عمل بمقتضاه , و قد ورد في السنة فضائل بعض السور أو الآيات قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه فرفع رأسه فقال : هذا باب من السماء فتح اليوم ، لم يفتح قط إلا اليوم ، فنزل منه ملك فقال : هذا ملك نزل إلى الأرض ، لم ينزل قط إلا اليوم ، فسلم وقال : أبشر بنورين أوتيتهما ، لم يؤتهما نبي قبلك ؛ فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة البقرة ، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته ) رواه مسلم , و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما أنزلت في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها. وإنها سبع من المثاني، والقرآن العظيم الذي أعطيته ) متفق عليه , وقال صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة ، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت ) [ رواه النسائي , و قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان ) رواه الترمذي.
, و قال : سمعت صلى الله عليه وسلم : ( اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة ) رواه مسلم , و قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصم من الدجال وفي رواية ـ من آخر سورة الكهف ) رواه مسلم , وقال عليه الصلاة والسلام : ( من قرأ سورة ( الكهف ) ليلة الجمعة، أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق ) [ صححه الألباني , وقال صلى الله عليه و سلم : ( أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن ؟ . قالوا : وكيف يقرأ ثلث القرآن ؟ قال ( قل هو الله أحد ) تعدل ثلث القرآن ) رواه مسلم ,و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ ( قل هو الله أحد ) حتى يختمها عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة ) صححه الألباني , و قال صلى الله عليه وسلم : ( يا عقبة ألا أعلمك سورا ما أنزلت في التوراة و لا في الزبور و لا في الإنجيل و لا في الفرقان مثلهن ، لا يأتين عليك إلا قرأتهن فيها ، ( قل هوالله أحد ) و ( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذ برب الناس ) حديث صحيح .
عبد العزيز السلامة / أوثال
شهر المغفرة و الخيرات !!
إن الله تعالى أنزل على عباده المؤمنين الدين الإسلامي دينا قيما ليؤمنوا بالله , و يتبعوا أوامره , و يجتنبوا النواهي , و قد شرع الله لعباده المؤمنين عبادات ما بين الأقوال و الأفعال , و التي لا يدرك ثمراتها الطيبة , و الحكم العظيمة منها إلا ذوو الحجا و الأبصار. و يعتبر صيام رمضان الركن الربع من أركان الإسلام الخمسة , و صومه واجب على كل مسلم عاقل بالغ قادر مقيم , و رمضان شهر مبارك كريم , و هو شهر الهدى والفرقان فيه تفتح الجنان , وتصفد مردة الشياطين , فيه تتجلى على المؤمنين شآبيب الرحمة الغفران التي تمحو الذنوب و الأدران, و فيه تسمو صفة الصبر , قال تعالى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه..) 185 البقرة. و إن رمضان فيه وقفات للقلوب البصيرة كي تقوي إيمانها بالله , و تكون قريبة من الله تعالى ، وتتزود من أعمال الخير والتقوى , فشهر رمضان تضاعف فيه الحسنات ، وفيه أجل عبادة نسبها الله إلى نفسه , وخص بالثواب عليها لما ميزها به من ميزة الإخلاص قال صلى الله عليه وسلم : (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) فعبادة الصيام، تهذب النفوس , وتحفظها من الشهوات، وتكف الجوارح كلها عن اللغو والمنكرات ، وتطهر المسلمين من عثرات الألسن , وأسقام القلوب , و شهر رمضان فرصة خير وتدريب و تهذيب تقوي المسلم على مجاهدة النفس والمعاصي والذنوب ، وتحفظ النفوس من الأسقام و المعاصي في عبادة الصوم . و صيام رمضان يتذوق المسلم حلاوة الإيمان في طاعة الله تعالى , و يحس بطعم الجوع ، ويعرف ألمه ، ويشعر بالفقراء والمحرومين ، فهناك الكثير و الكثير من البشر في مشارق الأرض و مغاربها ـ لا يعلمهم كثير من المسلمين ـ يموتون جوعا و فقرا و مرضا ، لا يعلم حالهم إلا الله , و هم ينتظرون الأيادي البيضاء أيادي الكرم و الجود و السخاء . فبادر يا أخي إلى الخير, و الله يقول: ( ..و ما تنفقوا من خير فلأنفسكم و ما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله و ما تنفقوا من خير يوف إليكم و أنتم لا تظلمون ) 272, البقرة, و في شهر الصوم تتجسد الوحدة الإسلامية, و فيه ليلة خير من ألف شهر . إنها ليلة القدر خير من 83 سنة من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه . وإن المسلم اليوم بحاجة إلى اغتنام مواسم الخيرات , وإشغال هذه النفوس بطاعة الله , فإن لم يجاهدها المسلم في الخير أشغلته في الشر .
أمراض القلوب!!
إن من سنن الله ـ تعالى ـ في خلقه انتشار الأمراض بينهم , و قد جعلها الله و قدرها لعباده المؤمنين ليبتليهم , و يمحص عنهم المعاصي و الآثام , و يرفع درجاتهم , و يرشدهم إلى الصبر و الاحتساب و عدم الجزع و القنوط من رحمة الله , و إن البدن تصيبه الأمراض العضوية المختلفة و التي تؤلم المسلم , فيبحث عن الدواء لهذه الأسقام في المشفيات , و كذلك الحال في القلوب فهي من أعضاء البدن التي تصيبها الأمراض العضوية كالأبدان , أو الهموم و الغموم و الأحزان , التي يجد الطب غالبا لها العلاج . و التي تزول بالدواء . فالقلب عضو من أعضاء البدن , فإذا تأثر القلب من البدن كذلك يتأثر البدن باعتلال القلب , و إن الطب مهما تقدم بأبحاثه و معلوماته و تقنياته الحديثة إلا أنه يقف عاجزا عن معالجة بعض الأمراض , و أن من أمراض القلوب و البدن ما يزول بالأدوية الطبيعية , ومنها الذي لا يزول إلا بالأدوية الشرعية الإيمانية . لكن القلب قد يصيبه مرض آخر لا يؤلم المسلم , و لا يستطيع الطب علاجه إلا أن خطره عظيم على المسلم كمرض الجهل و الغي و الشبهات و الحسد و الغيبة و العداوة و الشك , فالألم موجود و لا يحس به المسلم لأنه غارق في الشبهات و الشكوك و الأمراض , فتكون أمراض القلوب سببا في فساد تلك القلوب و قسوتها أو موتها ـ لا قدر الله ـ و إن الإسلام حث المسلمين لما فيه حياة القلوب , و حفظها من الشهوات و الشكوك و الشبهات , و رغبها في رضوان الله وسعادة الدارين , و اتباع هدي الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي أوحاه الله إليه , قال تعالى : ( و النجم إذا هوى . ما ضل صاحبكم و ما غوى . و ما ينطق عن الهوى .إن هو إلا وحي يوحى )1, 2, 3, 4, النجم . و إن القلب متى اتصل برب العالمين ، و آمن بقضاء الله و قدره و أنه ـ جل جلاله ـ بحكمته خلق الداء و الدواء , قوي أيمان المسلم , و صار أشد تعلقا بالله و تذللا و خضوعا , و يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطأه , و ما أخطأه لم يكن ليصيبه , فيستطيع المسلم الصبر و تحمل تلك الأسقام , و يحمد الله و يحتسب الأجر و الثواب من الله تعالى , و يتوكل على الله جل جلاله , و يبحث عن الأسباب و العلاج , و يبتعد عن التواكل , و هذه صفات عظيمة لا يتصف بها إلا المسلمون الذين نهلوها من الشرع المطهر , دون غيرهم . و متى صح القلب وتداوى بهذه الأدوية الشرعية الصحيحة صح الجسد بإذن الله تعالى . و إن الوحيين مملوءان بالنصوص الدينية التي تعتبر أدوية للبدن أو القلب كانت عضوية أو هموم و حزن و غموم , كالإيمان بالله و إخلاص النية لله تعالى , و توحيد الله في أسمائه و صفاته , و اتباع القرآن الكريم تدبرا و تطبيقا قال تعالى : ( و ننزل من القرآن ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين و لا يزيد الظالمين إلا خسارا ) 82 , الإسراء , و اتباع سنة الرسول صلى الله عليه و سلم , و قراءة الأدعية و الأذكار الصحيحة المأثورة عن الرسول صلى الله عليه و سلم و التي أثبتها الطب الحديث , في شفاء الكثير من الحالات المرضية في القرآن و السنة , فقد ورد في السنة المطهرة أن ماء زمزم ماء مباركة، قال صلى الله عليه وسلم في ماء زمزم : ( إنها مباركة إنها طعام طعم ) ، وفي رواية عند أبي داود ( و شفاء سقم ) .