لست أدري لِمَ يرى البعض أن النقد يعني أن المنقود شخص فاشل ولا بد أن يتنحى عن عمله؟
هكذا برز السؤال أمامي كنتيجة لنقاش البعض حول نقدي لإدارة الهلال في بطولة الخليج التي أقيمت في قطر، وأنها سجلت فشلا أكثر مما نجحت، وكنت دائما أصر على أن نقدي لا يعني أني أطالب الإدارة بالرحيل، وأني لم أضع مقارنات بينها وبين الإدارة السابقة، وأكدت للجميع أن الأمر لو كان مقارنة لقلت : إن الإدارة الحالية الأكثر ترتيباً من الإدارات السابقة، فهي أكثر تنظيماً إن لم أقل وعياً .. ورغم أنها الأفضل إلا أنها ارتكبت أخطاء، كان من المفترض ألا تقع بها، لأنها الأفضل والأكثر وعياً .. وحتى لا يتهمني البعض بأني أرمي التهم جزافاً .. تعالوا إلى كلمة سواء بيني وبين الإدارة .

=====

أخطاء في بطولة الخليج

لاحظ الجميع أن فريق الهلال الكروي لم يقدم طوال المباريات الأربع أي مستوى يشفع له، وكان المستوى يسجل بروداً واضحاً، لدرجة أن المشاهد سيظن أن اللاعبين مغلوبون على أمرهم، وكأنهم يلعبون رغماً عنهم، وأن الأمر لو كان بيدهم لما لعب أحد، فالبرود كان طاغياً .. لدرجة تجعل مشاعر عشاق الهلال تتجمد فيخبو الحب .
هذه الحالة التي شاهدها الجميع لم يتدخل أي من الإدارة أو المدرب لتغييرها، وهي حالة نفسية تسمى (اللامبالاة)، وهي تجعل العضلة لا تستجيب، لأن العقل غير جاهز لخوض هذه المباريات، لأنه لم يستثر لإثبات الوجود .. هذه الحالة بعض اللاعبين يعرفون كيف يتخلصون منها، والبعض الآخر لا يملك الثقافة، فلا يعرف ما الذي يحدث له .. وعلى الجهازين الفني والإداري أن يحلا له مشكلته .. وشاهد الجميع أن لا أحد حل هذه المشكلة، فالمستوى استمر على ثبات واحد .. فرق ضعيفة جدا تهزم أمام الهلال كاسم وليس كلعب، وحين حضر فريق يملك طموحا (العربي) أسقط الهلال بسهولة، لأن الفريق غير جاهز أو لم يجهز نفسيا لخوض البطولة .
وليزيدوا من هذه الحالة، تم إحضار اللاعب الأجنبي لداخل الحدث، أي أحضر لقطر حتى تسلط عليه الأضواء، فيصبح الحدث الأهم، ويستمر اللاعب في حالة اللامبالاة التي وقع تحت تأثيرها، وهذا خطأ ثان، لأن الإدارة لم تساعد في حل حالة الفريق، بل وأضافت عاملاً جديداً لهذه الحالة .
أيضا بلاتشي شارك في قتل الروح لدى بعض اللاعبين، فقط شاهد الجميع كيف تم الزج بالنجم الأول ليس لفريق الهلال بل وللمنتخب اللاعب نواف التمياط في الوقت الضائع في أول مباراة، وهذا خطأ ثالث .. أما لماذا خطأ؟
هناك فرق بين أن تمنح لاعباً جديداً وناشئاً فرصة 3 دقائق من الوقت الضائع، وبين أن تدفع بنجم كبير في هذا الوقت الميت، فكل منهما ستصله رسالة مختلفة، الناشئ سيرى أنها مكافأة له، وأن الأمل اقترب، وفرصته بأن يشارك الفريق اقتربت .. اللاعب النجم تصله رسالة أخرى بأنه لا قيمة لك، لهذا دفعت بك في الوقت الميت، فيقرأ الرسالة على أنها عقاب له وليست مكافأة .. ولم نشاهد من يتدخل في هذا الأمر .
خطأ رابع حين لم يتم التنسيق وتحديد عدد البعثة، فالوقت والحجوزات التي أفضت إلى تقسيم البعثة لقسمين، كل قسم يسكن في فندق بسبب عدم التأكد والتأكيد من مواعيد الحجوزات .. فشتت اللاعب وخرج من أجواء البطولة تماماً بفعل فاعل، هذا الفاعل للأسف هو رئيس البعثة المحامي أسامة السليم، الذي أغضبه أن كابتن الفريق لم يبك لضياع البطولة، وكأن المحامي رئيس البعثة أمام قاض ويطالب المتهم بالبكاء ليستدر عطف القاضي، بشكل يبدو أنه ساذج ويثير الدهشة ويجعلنا نتساءل: كيف يفكر رئيس البعثة؟ وما الذي يعرفه في مجال الرياضة ليصبح مقرراً للبعثة أين تسكن ومتى تلعب؟
ورغم كل الأخطاء التي حدثت، ترك رئيس البعثة مهامه في البحث وإصلاح الخطأ، وتفرغ للرد على هذا وذاك، وكأن مهمته الأولى التصريح فقط .

====

الأولويات يا اقتصاديين

وطالما هي سيرة وانفتحت، عليّ أن أضيف أن هناك خلطاً في الأوراق مارسته الإدارة، أعني خلطاً في الأولويات .. عضو الشرف الهلالي الرائع والواعي الأمير عبدالرحمن بن مساعد، أكد أن المبالغ التي وعدت بها الإدارة لم يصل 70% منها، وأن هناك عجزاً مالياً، وهذا العجز المالي كان من المفترض أن يجعل الإدارة تعيد ترتيب أولوياتها .. فتكريم اللاعبين القدامى الذي كنت أنا أحد من سيكرمهم النادي لولا كسلي وتقاعسي، كان من المفترض تأجيله لما بعد الضائقة المالية التي يمر بها النادي، بسبب عدم التزام أعضاء الشرف .
فوسط هذه الضائقة لم يعد التكريم (الذي أراه عملاً رائعاً وجميلاً وله قيمته للأجيال القادمة) من الأولويات أو هكذا أرى .. فهناك ما هو أهم، رواتب أو مكافآت فوز أو مكافأة بطولة دوري كأس خادم الحرمين الشريفين، لم يستلمها اللاعبون .
هؤلاء الاعبون مطالبون بخوض بطولة وتحقيقها في وقت لم يروا حافز البطولات التي سبقت .
وهذا التكريم وإن كان عملاً نبيلاً، إلا أن توقيته ترك آثاراً سلبية، وهذا ما يجعلنا نتساءل: هل الاقتصاد لا يهتم بالأولويات؟

=====

هل يبحث الاقتصاديون عن الأضواء؟

لم أطالب في حياتي بمنع شخص من التعبير عن رأيه، ومع هذا حين بدأ البعض يتهكم على زيارات الهلال للمعاقين وللجمعيات الخيرية، تمنيت لو بيدي السلطة لأمنع مثل هذا التهكم .. فالعمل الذي قامت به إدارة الهلال هو أهم وأكبر قيمة من أي عمل آخر، بل ما زلت أتذكر لاعب التنس السويدي (بيون بوري) الذي كان يقيم بطولات يذهب ريعها للجمعيات الخيرية والمستشفيات، وكنت أعشق هذا اللاعب وأتمنى أن ينتصر في كل مباراة ليس لمستواه، بل لإنسانيته .
ورغم غضبي من أولئك السذج إن لم أقل الأغبياء، إلا أني أعتب على إدارة الهلال لأنها لم تقم بعملها على أكمل وجه، فالهدايا التي كانت تقدم لليتامى والمعاقين والمرضى رغم قيمتها النفسية لأولئك المكلومين، الذي كان يمكن لأي واحد منا أن يخرج للعالم ليجد نفسه في مكانه ، إلا أن إدارة الهلال لم تحضر معها من بيده أن يقدم الأكثر والأفيد .. فالهلال هذا الكيان الكبير، تطارده الأضواء والعدسات وكاميرات التلفزيون أينما حل، وكان يمكن للإدارة أن تسمح (لصاحب شركة كبيرة أو منتج) أن يظهر في الصورة معهم ويقدم (شيكا) لهذه الجمعية وتلك المستشفى قد تصل أصفار الشيك لست خانات، وهذا ما لا تستطيع إدارة الهلال دفعه لتلك المؤسسات، فيما الشركات الكبيرة ستعمل هذا العمل الإنساني للمجتمعات ولو من باب الدعاية لها .. لكن إدارة الهلال رفضت أن يشاركها أحد أو يزاحمها في الصورة، فلا هو الهلال قدم مبلغا كبيرا له قيمته، ولا هو الهلال خفف من أعبائه المالية طالما هناك ضائقة مالية .. فظن البعض أن الاقتصاديين يبحثون عن الأضواء ولا يريدون أن يشاركهم أحد .

====

النقد والتجربة الجديدة

قلت في البداية إني لا أضع مقارنات بين إدارة الهلال والإدارات السابقة أو إدارات الأندية الأخرى، لأني لو فعلت سأقول إنها الأفضل .. فما تقوم به عمل جيد ونبيل وجديد في نفس الوقت، وبما أن التجربة جديدة، يجب علينا ككتاب أن نضع يدنا في يدهم، فلا نهاجمهم ولا نطبل لهم، بل ننقدهم، فالأهداف واحدة، والنوايا علمها عند خالقها، وليس من حقنا أن نتهم الإدارة بأنها تبحث عن الشهرة وأنها تريد إسقاط الزعيم أو أنها (إدارة ناشئة تتخبط)، ولا يحق لإدارة الهلال أن ترى كل نقد هجوماً شخصياً عليها، فما تقوم به جديد يستحق النقد .. وأظن كل الاقتصاديين والمحامين يعلمون أن النقد بوابة التطور، وأن الرأيين أفضل من رأيها هي .. فحين تكثر الآراء تكثر فرص الخيارات، وربما تتبنى رأياً يخالفها طالما الهدف واحد، وربما هذا الرأي المخالف خطأ، فيدلها خطؤه على الصواب، أو هي تدمج رأيها بنقد الآخر لتقترب من الكمال .. أما أن تهاجم الإدارة لأنها تقدم عملاً جديداً على إدارات الأندية، فهذا ما لا يستساغ، أو ترفض إدارة الهلال النقد وترى أن كل من يختلف معها في الرأي يعمل على التخريب، فهذا ما يجعلنا نسأل ما الذي تريده إدارة الهلال من الكاتب .. هل تبحث عن تلميع وتطبيل؟
وبالتالي يحق لي أن أردد ما ردده ذاك الشيخ الجليل حين قال واصفا أن الماضي كالحاضر (سعيد أخو مبارك) .