الكرة المصرية صنعت تاريخها الإفريقي
في آخر20 عاما.. فلماذا الغضب وعدم الرضا؟!
كتب ـ خالد توحيد
لم يكن فوز نادي الزمالك بلقب بطولة دوري الأبطال الإفريقي ـ قبل أسبوع واحد ـ سوي انتصار جديد ومهم أضيف إلي رصيد ابناء الفانلة البيضاء من جانب, ورصيد الكرة المصرية من جانب آخر ..
اللقب ـ كما هو معروف وبات شائعا بين الكل ـ يعد اللقب الخامس للزمالك في مشواره مع هذه البطولة, ويعد ـ أيضا ـ اللقب العشرين للأندية المصرية مع بطولات القارة المختلفة منذ مشاركتها الأولي التي بدأت بالنادي الأوليمبي عام1967.
البطولة التي احرزها الزمالك جاءت في ختام عام2002, وهو تاريخ يستحق التوقف أمامه كثيرا, والاهتمام به طويلا لسبب يتعلق في الأساس بنظرتنا للانتصار الذي تحققه أنديتنا ومنتخباتنا علي مستوي القارة الإفريقية, حيث يظهر في هذه النظرة مدي الأخذ بفكرة التقويم الجزئي والمرحلي لكل مايحدث لأي فريق في مشاركاته القارية ..
والمعني الذي أقصده هو أننا عشنا عصرا أقل ما يوصف به أنه عصر الصراخ وانتقاد الذات عند كل خسارة أو اخفاق في هذه البطولة أو تلك ..
وتجسدت هذه الصورة في أوضح تفاصيلها في السنوات العشرين الأخيرة مع أن هذه السنوات تكاد تكون السنوات التي صنعت تاريخ الكرة المصرية كله.. إلا قليلا جدا! راج في تلك السنوات الحديث عن تراجع مستوي اللعبة, وشاع الكلام عن تدهور النتائج وغياب الألقاب والانتصارات. وقد وجد هذا الحديث وذلك الكلام من يردده دون ملل أو كلل كلما وقعت هزيمة, أو خسارة يمكن أن تكون مقبولة ومنطقية في ظل القاعدة العالمية التي تقول إنه لا يوجد فريق في الدنيا يستطيع الفوز كل الوقت وأي وقت.. وإلا ظل منتخب البرازيل هو البطل الدائم لكأس العالم دون منازع!
الغريب أن حملة الهجوم وانتقاد الذات التي شهدت ذروتها في السنوات العشرين الأخيرة باتت قاعدة راسخة لايجرؤ أحد علي مناقشتها وكأنها حقيقة, وهو ما ينطبق تماما علي مفهوم العقدة, الذي روج له البعض عند أي اخفاق لفريق مصري ـ ناد أو منتخب ـ أمام فرق الشمال الإفريقي الذي يضم مثلث تونس والجزائر والمغرب, واتضح بمراجعة شاملة لتاريخ اللقاءات المصرية مع الشمال الإفريقي مدي وهم هذا المفهوم, وتأكد لنا ـ من النتائج وحدها ـ أن المسألة ليست أكثر من استراتيجية ظلت تطبق في كل مرة وتتمثل في الخسارة خارج أرضنا والتعادل علي ملعبنا, وإن لم يمنع هذا من وجود جوانب تفوق علي هذا المستوي أو ذاك ثم اكتشفنا أخيرا ـ وبالتحديد في العام الماضي والحالي ـ أن الأهلي فاز علي فريق شباب بلوزداد الجزائري في الجزائر في ختام دور الثمانية لبطولة دوري الأبطال العام الماضي, ثم اخرج الترجي من ذات البطولة, عندما تعادلا سلبيا في القاهرة, ثم تعادل الأهلي علي ستاد المنزه بهدف لكل فريق, واخرج الزمالك ـ في بطولة هذا العام ـ فريق الترجي مرة أخري عندما تعادل معه بهدف في تونس, وفاز عليه بهدف علي استاد القاهرة, ثم تغلب علي فريق الرجاء المغربي في مجموع مباراتي نهائي البطولة حيث تعادل سلبيا في الدار البيضاء وفاز في القاهرة بهدف! أعود إلي تاريخ مصر مع الألقاب الإفريقية الذي يمتد من عام1957 وهو تاريح حصول منتخب مصر علي كأس الأمم الأولي التي أقيمت بالخرطوم, وطوال هذه الفترة ـ أي عبر45 عاما ـ حصدت فرقنا26 بطولة, هي أربع بطولات في كأس الأمم وتسع بطولات في بطولة أبطال الدوري ـ دوري الأبطال حاليا ـ وثماني بطولات في بطولة كأس الكئوس وثلاث في كأس السوبر, وبطولتان للشباب والناشئين علي مستوي المنتخبات ..
ومن المهم هنا توضيح أن مايقرب من90 في المائة من تاريخ مصر الإفريقي تحقق في العقدين الأخيرين لم تحقق فرق مصر بعيدا عن هذه السنوات سوي أربع بطولات منها.. اثنتان لمنتخب مصر الأول في كأس الأمم عامي1957, و1959, وواحدة للإسماعيلي في بطولة الأندية أبطال الدوري عام1970, وواحدة لمنتخب الشباب في بطولة عام1980.
ودون هذه البطولات حققت الأندية والمنتخبات23 لقبا نبدأها بلقبين لمنتخب مصر الأول في كأس الأمم عامي1986 بالقاهرة, و1998 ببوركينافاسو, ولقب لمنتخب الناشئين في عام1997 حين احرز بطولة إفريقيا في بتسوانا, إلي جانب تسع عشرة بطولة للأندية توالي تحقيقها ابتداء من عام1982 بفوز الأهلي ببطولة أبطال الدوري وفوز المقاولون العرب ببطولة أبطال الكئوس, وتتابعت الانتصارات بفوز المقاولون العرب ببطولة الكئوس عام1983, وفوز الزمالك بلقب أبطال الدوري والأهلي بلقب أبطال الكئوس عا م1984, ثم فوز الأهلي بلقب أبطال الكئوس عام1985, وفوز الزمالك عام1986 بلقب أبطال الدوري وفوز الأهلي بلقب أبطال الكئوس واحتفظ الأهلي بالكأس إلي الأبد بعد حصوله عليها ثلاث مرات ..
وفي عام1987 فاز الأهلي بلقب بطولة أبطال الدوري, وجاء عقد التسعينيات ليشهد فوز الزمالك بلقب أبطال الدوري عام1993, وفوز الأهلي بلقب أبطال الكئوس في العام نفسه, وفوز الزمالك بلقب أبطال الدوري والمقاولون للقب أبطال الكئوس عام1996, واحتفظ الزمالك بالكأس مدي الحياة بعد عام93, وفي عام2000 فاز الزمالك بلقب أبطال الكئوس, وفي عام2001 فاز الأهلي بلقب دوري الأبطال وجاء الزمالك ليحافظ عليه في مصر باحرازه له عام2002 .. ويضاف إلي تلك الألقاب ثلاثة ألقاب أخري في بطولة كأس السوبر منها اثنان للزمالك عامي1997 و1998 وواحد للأهلي عام2002 ..
والسؤال الآن: ماهو السر وراء عدم الرضا ـ الذي يبدو في انتقاد الذات وجلدها عند أي خسارة ـ مع أننا كتبنا أغلب تاريخنا الكروي في عشرين سنة هي أكثر السنوات غضبا واعنفها هجوما علي الكرة ونتائجها؟ الاحتمال الأكبر في هذا السر هو أننا لانريد قراءة تاريخنا جيدا من جانب وعدم معالجة الأمور بالقطعة من جانب آخر. |