مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
  #3  
قديم 04/04/2002, 02:01 PM
السلطانة السلطانة غير متواجد حالياً
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 29/12/2001
المكان: جدة
مشاركات: 2,219
التغالي في المهور

أخي الكريم:

إن التغالي في مهور النساء أصبح يشكل مشكلة عظيمة أمام كثير من الشباب ميسوري الحال الذين يريدون الزواج وعفة أنفسهم ولكن لا يجدون المهر الكثير الذي يطلبه بعض الآباء- هداهم الله-، فيعزف مثل هؤلاء عن الزواج مما قد يكون له آثار وخيمة على انحراف الشباب ووقوعهم في الجريمة.

ومن جانب آخر فإن عزوف الشباب عن الزواج أيضاً يكثر من العوانس في البيوت، الأمر الذي قد يؤدي لانحراف الفتيات إلى الجريمة أيضاً.

هذا جانب من المشكلة، أما الجانب الآخر فهو إقدام الشباب على الزواج في ظل هذه الظروف فيضطر إلى الذين واستلاف المهر من هنا وهناك، فيعيش هذا المسكين طوال حياته أو بعضها مرهقاً كاهله بالديون، فلا يصبح للزواج عنده طعم بل أصبح وبالاً عليه وعلى أسرته كلها.

إن هذه المشكلة وهي غلاء المهور قد عرضت على هيئة كبار العلماء وصدر في ذلك قرارها رقم 52 بتاريخ 4/4 /1397 هـ في تحديد مهور النساء ، وهذا نصه:

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد...

فإن مجلس هيئة كبار العلماء قد اطلع في دورته العاشرة المعقودة في مدينة الرياض فيما بين يوم 21/3 /1397هـ و4/4/1397 هـ على البحث الذي أعدته اللجنة الدائمة من هيئة كبار العلماء في موضوع تحديد مهور النساء بناءاً على ما قضى به أمر سمو نائب رئيس مجلس الوزراء من عرض هذا الموضوع على هيئة كبار العلماء لإفادة سموه بما يتقرر..

وجرى استعراض بعض ما رفع للجهات المسؤولة عن تمادي الناس في المغالاة في المهور والتسابق في إظهار البذخ والإسراف في حفلات الزواج، وبتجاوز الحد في الولائم، وما يصحبها من إضاءات عظيمة خارجة عن حد الاعتدال، ولهو وغناء بآلات طرب محرمة بأصوات عالية قد تستمر طوال الليل حتى تعلو بعض الأحيان على أصوات المؤذنين في صلاة الصبح، وما يسبق ذلك من ولائم الخطوبة وولائم عقد القران، كما استعرض بعض ما ورد في الحث على تخفيف المهور والاعتدال في النفقات والبعد عن الإسراف والتبذير، فمن ذلك قول الله تعالى:{ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} (27) سورة الإسراء .

وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال:

سألت عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشأ. قالت: أتدري ما النش؟ قلت: لا. قالت: نصف أوقية، فذلك خمسمائة درهم.

وقال عمر رضي الله عنه:

ما علمت رسول الله-صلى الله عليه وسلم نكح شيئاً من نسائه ولا أنكح شيئاً من بناته على أكثر من اثنتي عشرة أوقية، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج امرأة رجلاً بما معه من القرآن.

وروى الترمذي وصححه أن عمر رضي الله عنه قال:

"لا تغلوا في صداقي النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أصدق امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، وإن كان الرجل ليبتلى بدقة امرأة حتى يكون عداوة في نفسه وحتى يقول: كلفت لك علق القربة" .

والأحاديث والآثار في الحث على الاعتدال في النفقات والنهي عن تجاوز الحاجة كثيرة، وبناء على ذلك ولما يسببه هذا التمادي في المغالاة في المهور والمسابقة في التوسع في الولائم بتجاوز الحدود المعقولة وتعدادها قبل الزواج وبعده، وما صاحب ذلك من أمور محرمة تدعو إلى تفسخ الأخلاق من غناء واختلاط الرجال بالنساء في بعض الأحيان، ومباشرة الرجال لخدمة النساء في الفنادق إذا أقيمت الحفلات فيها، مما يعد من أفحش المنكرات، ولما يسببه الانزلاق في هذا الميدان من عجز الكثير من الناس عن نفقات الزواج فيجرهم ذلك إلى الزواج من مجتمع لا يتفق في أخلاقه وتقاليده مع مجتمعنا، فيكثر الانحراف في العقيدة والأخلاق، بل يجر هذا التوسع الفاحش إلى انحراف الشباب من بنين وبنات.

ولذلك كله فإن مجلس هيئة كبار العلماء يرى ضرورة معالجة هذا الموضوع معالجة جادة وحازمة بما يلي:

1- يرى المجلس منع الغناء الذي أحدث في حفلات الزواج بما يصحبه من آلات اللهو

وما يستأجر له من المغنين والمغنيات وبآلات تكبير الصوت؛ لأن ذلك منكر محرم يجب منعه ومعاقبة فاعله.

2- منع اختلاط الرجال مع النساء في حفلات الزواج وغيرها، ومنع دخول الزوج على زوجته بين النساء السافرات، ومعاقبة من يحصل عندهم ذلك من زوج وأولياء الزوجة معاقبة تزجر عن مثل هذا المنكر.

3- منع الإسراف وتجاوز الحد في ولائم الزواج وتحذير الناس من ذلك بواسطة مأذوني عقود الأنكحة وفي وسائل الإعلام، وأن يرغب الناس في تخفيف المهور، ويذم لهم الإسراف في ذلك

على منابر المساجد وفي مجالس العلم وفي برامج التوعية التي تبث في أجهزة الإعلام.

4- يرى المجلس بالأكثرية معاقبة من أسرف في ولائم الأعراس إسرافاً بيناً، وأن يحال بواسطة أهل الحسبة إلى المحاكم لتعزير من يثبت مجاوزته الحد بما يراه الحاكم الشرعي من عقوبة رادعة زاجرة تكبح جماح الناس عن هذا الميدان المخيف؛ لأن من الناس من لا يمتنع إلا بعقوبة، وولي الأمر - وفقه الله- عليه أن يعالج مشاكل الأمة بما يصلحها ويقضي على أسباب انحرافها، وأن يوقع على كل مخالف من العقوبة ما يكفي لكفه.

5- يرى المجلس الحث على تقليل المهور والترغيب في ذلك على منابرالمساجد ووسائل الإعلام وذكر الأمثلة التي تكون قدوة في تسهيل الزواج، إذا وجد من الناس من يرد بعض ما يدفع إليه من مهر أو اقتصر على حفلة متواضعة لما في القدوة من التأثير.

6- يرى المجلس أن من أنجح الوسائل في القضاء على السرف والإسراف أن يبدأ بذلك قادة الناس من الأمراء والعلماء وغيرهم من وجهاء الناس وأعيانهم.

وما لم يمتنع هؤلاء من الإسراف وإظهار البذخ والتبذير فإن عامة الناس لا يمتنعون من ذلك لأنهم تبع لرؤسائهم وأعيان مجتمعهم.

فعلى ولاة الأمر أن يبدأوا في ذلك بأنفسهم ويأمروا به ذوي خاصتهم قبل غيرهم، ويؤكدوا على ذلك اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم، واحتياطاً لمجتمعهم لئلا تتفشى فيه العزوبة التي ينتج عنها انحراف الأخلاق وشيوع الفساد.

وولاة الأمر مسؤولون أمام الله عن هذه الأمة، وواجب عليهم كفهم عن السوء ومنع أسبابه عنهم، وعليهم تقضي الأسباب التي تثبط الشباب عن الزواج ليعالجوها بما يقضي على هذه الظاهرة.

والحكومة أعانها الله ووفقها قادرة بما أعطاها الله من إمكانات متوفرة ورغبة أكيدة في الإصلاح أن تقضي على كل ما يضر بهذا المجتمع أو يوجد فيه أي انحراف، وفقها الله لنصرة دينه وإعلاء كلمته وإصلاح عباده، وأثابها أجزل الثواب في الدنيا والآخرة، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

هيئة كبار العلماء
اضافة رد مع اقتباس