[SIZE=5][ALIGN=JUSTIFY]وللإسلام ركائز أخرى وإن لم تكن من الأركان لكنها تعين على وجوده حيا مطبقا في واقع المسلمين ، منها : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولقد وصف سبحانه وتعالى هذه الأمة بأنها خير أمة
أخرجت للناس ، لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر قال تعالى : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ قال بعض السلف : من أراد أن يكون من خير هذه الأمة فليؤد شرطها : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وجانب آخر مهم في الإسلام يجب أن يهتم به المسلمون وهو : الجهاد في سبيل الله لما يترتب عليه من عز المسلمين وإعلاء كلمة الله وحماية أوطان المسلمين من عدوان الكافرين ، ولهذا ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله وفي المسند وجامع الترمذي بإسناد صحيح عن معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خطبة خطبها بعدما بايعه المسلمون لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل
ففي الجهاد إحقاق للحق وإزهاق للباطل وإقامة لشرع الله وحماية للمسلمين وأوطانهم من مكايد أعدائهم .
ودين الإسلام هو دين الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، وهو دعوة الأنبياء والرسل من قبل ، فكل نبي يدعو قومة إليه ليكونوا مسلمين ، كما قال سبحانه في كتابه العظيم عن أبي الأنبياء وخليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام :
وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
ولقد بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بهذا الدين العظيم ، وأهل الكتاب من يهود ونصارى في جهل وضلال بعد أن حرفوا وبدلوا في التوراة والإنجيل ولعبت الأهواء بهم ، فأصبح اليهود والنصارى في صف كفار قريش في النيل من محمد صلى الله عليه وسلم ودعوته وخاصة اليهود مع أنهم يعرفونه تمام المعرفة من خلال كتبهم وأنهم مطالبون باتباعه والإيمان بدعوته كما قال سبحانه : الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار
لذلك عندما استقر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة أرسل إلى ملوك الأرض في زمانه يدعوهم إلى دين الله ليخرجهم من الظلمات إلى النور ، ولقد بين ربعي بن عامر رضي الله عنه بكلمات قلائل عندما سأله رستم قائد الفرس ما أنتم فأجابه بقوله : ( نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ) .
وهذا الدين الخاتم جاء ليضع الأمور في نصابها ويوجه الناس الوجهة الصحيحة : من توحيد الله ، والتصديق بأنبيائه ورسله والإيمان بهم ، والدعوة إلى ما دعوا إليه من توحيد الله وإسلام الوجه له .
جاء واليهود والنصارى على طرفي نقيض ، فاليهود عرف عنهم التفريط في حق أنبيائهم فقتلوا بعضهم ووصفوا آخرين بما لا . يليق مع عامة الناس فكيف بخير خلق الله المعصومين ، والنصارى غلت في عيسى وزعموا أن الله تعالى ثالث ثلاثة . وجاء الإسلام ليحق الحق ويبطل الباطل فكان وسطا عدلا لا إفراط ولا تفريط كما قال تعالى : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وقال عز وجل ناهيا ومحذرا أهل الكتاب عن الغلو ، ومحذرا لهذه الأمة من سلوك مسلكهم : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا وروى البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله وصح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا : إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين .
ومحاسن دين الإسلام كثيرة جدا لا تحصى وكيف لا وهو دين الله الذي يعلم كل شيء ، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة وهو الحكيم العليم في كل ما يقدره ويقضيه وفي كل ما يشرعه لعباده ،
فلا خير إلا دعا إليه رسولنا عليه الصلاة والسلام ودل أمته عليه ، ولا شر إلا حذرهم منه ، كما في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم
وفي مسند أحمد بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق ورواه الحافظ الخرائطي بإسناد جيد : بلفظ : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق .
وفي الختام : وما نلاحظه اليوم من دخول الناس أفواجا من الكفرة والمشركين وأهل الكتاب من اليهود والنصارى ، إنما هو دلالة على فشل الديانات والفلسفات الأخرى في إيجاد الطمأنينة والراحة والسعادة للناس ، والواجب على المسلمين وخاصة الدعاة أن ينشطوا بين هذه الأمم لدعوتهم إلى دين الله ، ولا ننسى قبل القيام بذلك أن نتمثل الإسلام فينا علما وسلوكا ، فالبشرية بحاجة إلى من يخرجهم من الظلمات إلى النور وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ
أسأل الله أن يجعلنا دعاة خير ، وأن يبصرنا بديننا ، وأن يوفقنا في الدعوة إليه على بصيرة إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
ابن باز غفر الله له [/ALIGN][/SIZE] |