المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى الثقافة الإسلامية
   

منتدى الثقافة الإسلامية لتناول المواضيع والقضايا الإسلامية الهامة والجوانب الدينية

إضافة رد
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 12/09/2009, 05:57 AM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 10/10/2008
المكان: فى قلب الهلال
مشاركات: 3,349
ومضى رمضان وكيف حالنا !!

الحمد لله على ما وفق من الطاعات وذاد من المعصية، ونسأله لمنته تماما وبحبله اعتصاما نحمده على ما كان ونستعينه من أمرنا على ما يكون، ونسأله المعافاة في الدين والبدن والصلاة والسلام على من بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :

فإن شعور المسلم بالاستبشار والغبطة حينما يرى إقبال الناس على الله في رمضان وما يقلبه من بصره هنا وهناك تجاه أوجه البر والإحسان لدى الكثير من أهل الإسلام ليأخذ العجب بلبه كل مأخذ، ولربما غلب السرور مآقي المترقب، فهتن دمع الفرح والإعجاب لما يرى ويشاهد إلا أن العيد وما يعقبه ليصدق ذلك الظن أو يكذبه ومن ثم ينكص المعجب وتشخص أحداقه لما يرى من مظاهر التراجع والكسل والفتور ومن ثم يوقن أنه إنما كان مستسمنا ذا ورم.

وإن من يقارن أحوال الناس في رمضان وبعد رمضان ليأخذ العجب من لبه كل مأخذ، حينما يرى مظاهر الكسل والفتور والتراجع عن الطاعة في صورة واضحة للعيان، و كأن لسان حالهم يحكي أن العبادة والتوبة وسائر الطاعات لا تكون إلا في رمضان، وما علموا أن الله سبحانه هو رب الشهور كلها وما شهر رمضان بالنسبة لغيره من الشهور إلا محط تزود وترويض على الطاعة والمصابرة عليها إلى حين بلوغ رمضان الآخر.

نعم رمضان ميزة وخصوصية في العبادة ليست في غيره من الشهور بيد أنه ليس هو محل الطاعة فحسب، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم جوادا في كل حياته غير أنه يزداد جوده إذا حل رمضان ناهيكم عن أن الرجوع والنكوص عن العمل الصالح هو مما استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله فيما صح عنه : «وأعوذ بك من الحور بعد الكور» والله عز وجل يقول : {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا}[النحل:92] إذ لم يقصر الخير على شهر رمضان فحسب بل إن هذا كله إنما استجابة لأمر ربه جل وعلا بقوله : {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99]فلا منتهى للعبادة والتقرب إلى الله إلا بالموت.

وما يشاهده المرء في الأعياد في أقطار شتى من الفرح المشروع واللامشروع وتجاوز حدود الاعتدال فيه على هيئة وصورة تنفيان كونهم من الخائفين على رد الأعمال الصالحة أو من الشاكرين لبلوغ هذا العيد الذي أكرمهم الله به، ومن ثم فإن الحال على ما ذكر كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا لأن النفس البشرية لو كان عندها شغل بالخالق لما أحبت المزاحمة بما يسخطه : {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُم} [محمد:25]، ولو أنهم أحبوا الطاعة لما تخلوا عنها طرفة عين وقديما قيل : من عشق طريق اليمن لم يلتفت إلى الشام.

ألا فاعلموا – يا رعاكم الله – أن من قارب الفتور والكسل بعد عنه النصب والاجتهاد، ومن ادعى التراويح أو التسلية وكل إلى نفسه وإن من أحق الأشياء بالضبط والقهر والأطر على العبادة والاستقامة أطرا هي نفسك التي بين جنبيك.

فإياك إياك – أيها المسلم – أن تغتر على ترك الهوى في رمضان مقاربة الفتنة بعده فإن الهوى مكايد فكم من صنديد في غبار الحرب اغتيل فأتاه ما لم يحتسب ممن يأنف النظر إليه واذكر – حفظك الله – حمزة مع وحشي رضي الله عنهما.

من تعود الفتور والكسل أو مال إلأى الدعة والراحة فقد فقد الراحة وقد قيل في الحكمة : إن أردت ألا تتعب فاتعب لئلا تتعب ولا أدل على ذلك من وصية الباري جل وعلا لنبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم : {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ} [الشرح:7]، لأن الكسل لم يؤد حقا ومن ضجر لم يصبر على الحق والكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.

وليس في سياط التأديب للنفس أجود من سوط عزم، وإلا ونت وأبت، لأن فساد الأمر في التردد والنفس – عباد الله – من أعجب الأشياء مجاهدة لأن أقواما أطلقوها فيما تحب فأوقعتهم فيما كرهوا. وآخرين بالغوا في خلافها حتى منعوها حقها وإنما الحازم من تعلم منه نفسه الجد وحفظ الأصول، فإذا ما أفسح لها في مباح لم تتجاسر أن تتعداه لأن تفقد النفس حياة وإغفالها لون من ألأوان القتل صبرا

والنفس كالطفل إن تهمله شب على*** حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم

إن الحياة الدنيا لا تخلو من عقوبة، ومن عاش لم يخل من المصيبة وقل ما ينفك عن عجيبة، وإن من أعظم العقوبات عباد الله عدم إحساس المعاقب بها، بل وأدهى من ذلك وأمر السرور بما هو عقوبة كالفرح بالتقصير بعد التمام، أو التمكن من الذنوب بعد الإقلاع عنها، ومن هذه حاله لا يفوز بطاعة ولو غشى نفسه بعبادات موسمية ذات خداج لوجد خفي العقوبة الرئيس وهو سلب حلاوة المناجاة أو لذة التعبد إلا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات من عباد رب الشهور كلها بواطنهم كظواهرهم، شوالهم كرمضانهم. الناس في غفلاتهم وهم في قطع فلاتهم فأخلق بمدمن القرع منهم الأبواب أن يلج، لأنهم تغلبوا على طباعهم ذات الجواذب الكثيرة، ولذا فليس العجب أن يغلب الطبع وإنما العجب أن يغلب.

لقد خلق الإنسان في كبد، والمرء كادح إلى ربه كدحا فملاقيه، وإن من أعظم ما يعين النفس المسلمة على دوام الطاعة ألا تحمل من الأمر ما لا يطيق بل لابد لها من التلطف فإن قاطع مرحلتين في مرحلة خليق بأن يقف والطريق الشاق ينبغي أن يقطع بألطف ممكن ولا شك أن الرواحل إذا تعبت نهض الحادي ينشدها ولذا فإن أخذ الراحة للجد جد وغوص البحار في طلب الدر صعود، ومن أراد أن يرى التلطف بالنفس فليداوم النظر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وليستمع إلى قوله : «إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى» .
وعند البخاري في صحيحه : أن النبي صلى الله عليه وسلم : «إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه».

كثيرون هم أولئك الذين يشفقون من المتاعب وينفرون من الجهد والتكاليف وهم كذلك يتساقطون إعياء خلف صفوف الجادين ضعافا مسترخين يخذلون أنفسهم في ساعات الشدة : {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى:16-17].
نعم إن هناك ضعفا في البشر ولا يملك الناس أن يتخلصوا منه وليس مطلوبا أن يتجاوزوا حدود بشريتهم، ولكن المطلوب أن يتمسكوا بالعروة الوثقى التي تشدهم إلى الله في كل حين وتجعل من التدين في جميع جوانب الحياة عندهم ثقافة وأسرة وإعلاما من الثوابت التي لا تتغير ولا تخدع بها النفس في موسم ما دون غيره، كما أنهم تمنعهم في الوقت نفسه بأذن الله من التساقط وتحرسهم من الفترة بعد الشرة مهما قلت ما دامت على الدوام فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «يا أيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لايمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله مادام وإن قل»

ولاجرم أن نشير هاهنا إلى التحرر من الغلو والتشدد لا يعني الترك والإهمال بل يعني التوسط والاعتدال مع محافظة المرء على ما اعتاده من عمل أو التزام في السلوك العام قال عبدالله بن عمرو بن العاص رضي اله عنهما : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لي :«يا عبدالله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل».

إن الانهماك المستمر في العبادة والإغلاق على حقوق النفس والأهلين يعد إفراطا مذموما، ليس من هدي سيد المرسلين و أعبد الناس لرب العالمين بل كونه سببا في التراجع والنكوص، كما أن الأمر في الوقت نفسه إن كان تقاصرا عن العبادة أو انشغالا عنها أو تركا للحبل على الغارب مجانبة للتصحيح أو الارتقاء بالحال على ما يريده الله ورسوله يعد تفريطا ممقوتا وكلا طرفي قصد الأمور ذميم ويمثل ذلك تضييع المجتمعات المسلمة بين إفراط وتفريط ناشئين عن جهل وضلال كما قال علي رضي الله عنه : " لا يرى الجاهل إلا مفرطا " ولفظ الإفراط والتفريط – عباد الله – لم يأت في القرآن على سبيل المدح إلا في نفيه عن كل صالح أو مصلح يقول سبحانه عن الملائكة : {حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ} [الأنعام:61]. وقال عن موسى وهارون : {قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى} [طه:45]]ويقول سبحانه عن أهل النار : {قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا} [الأنعام:31] وقال جل شأنه : {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف:28].

والمراد هنا عباد الله : أن يتماسك المرء المسلم و المجتمعات المسلمة، فيكون لهم من صلابة عودهم الإسلامي وحسه ما يحول بينهم وبين الفور والضعف والتراجع عن الدين أو التخاذل عنه، وإذا ما بدت هفوة أو غفلة سارعوا بالتيقظ ومعاودة التمسك والاستجابة لكل ناصح مشفق، وهذا هو التوسط المحمود الذي اختصت به هذه الأمة من بين سائر الأمم.

فلا هو في الدنيا مضيع نصيبه *** ولا عرض الدنيا عن الدين شاغله

{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [هود:112]. والطغيان هنا هو ما تجاوز الحد في الأخذ أو الترك.

أيها المسلمون : كثيرا ما يناجي المرء نفسه ماذا وكم عملت وقليلا ما يسائل نفسه ويبلوها كيف كان عملي ؟ وما مدى قربه أو بعده من الله ؟ وما درجة المداومة عليه وعدم الفتور عنه أو الإعياء بحمله ؟ وما ذاك عباد الله إلا من جهل المرء بنفسه وتقصيره في معرفة حقيقة العبادة التي يريد الله منه في قوله : {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99]. إن البقاء على الطاعة في كل حين أو التهاون عنها كرات ومرات ليعودان في المرد بإذن الله إلى القلب وهو أكثر الجوارح تقلبا في الأحوال حتى قال فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم : «إنما سمي القلب من تقلبه إنما مثل القلب كمثل ريشة في أصل شجرة يقلبها الريح ظهرا على بطن».

و لأجل ذا كان من دعائه صلى الله عليه وسلم : «يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» وسئل عن ذلك فقال : «إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الله فمن شاء أقام ومن شاء أزاغ».

إن استدامة الطاعة والمداومة على الأ‘مال الصالحة لهي في الحقيقة من عوامل الثبات على دين الله وشرعه {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الأحقاف:13]، ألا وإن ترك المحرمات والعمل بما يوعظ به المرء من قبل خالقه ومولاه لأمر يحتاج إلى ترويض ومجاهدة من أجل الحصول على العاقبة الحميدة وحسن المغبة : {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذاً لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْراً عَظِيمًا} [النساء:66-67] والتثبيت عباد الله يكون في الحياة الدنيا على الخير والعمل الصالح وفي الآخرة يكون تثبيتا في البرزخ وعند السؤال {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء} [ابراهيم:27].

فيا أهل التوبة : استيقظوا ولا ترجعوا بعد رمضان إلى ارتضاع ثدي الهوى من بعد الفطام فالرضاع إنما يصلح الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء لا للرجال، وعليكم بالصبر على مرارة الفطام لتعتاضوا عن لذة الهوى بحلاوة الإيمان في قلوبكم ومن ترك شيئا لله عوضه الله بخير منه {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الأنفال:70].

ذنب واحد بعد التوبة أقبح من كذا ذنب قبلها النكسة أصعب من المرض وربما أهلكت، فسلوا الله الثبات على الطاعات إلى الممات، وتعوذوا بالله من تقلب القلوب ومن الحور بعد الكور، فما أوحش ذل المعصية بعد عز الطاعة وأفحش فقر الطمع بعد غنى القناعة.

ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم قوم يجتهدون في العبادة اجتهادا شديدا فقال : «تلك ضرورة الإسلام وشرته ولكل عمل شرة فمن كانت فترته إلى اقتصاد فنعما هو من كانت فترته إلى المعاصي فأولئك هم الهالكون».

ومعنى الحديث – عباد الله - : أن لكل عمل قوة وشدة يتبعها فتور وكسل، ولكن الناس يختلفون في هذا الفتور، فمنهم من يبقى على السنة والمحافظة عليها ولو كانت قليلة ومنهم من يدعها ويتجاوزها إلى ما يغضب الله، وبنحو هذا يقول ابن القيم رحمه الله : " تخلل الفترات للعباد أمر لابد منه فمن كانت فترته إلى مقاربة وتسديد ولم تخرجه من فرض ولم تدخله في محرم رجي له أن يعود خيرا مما كان ". {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) [فاطر:32].

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12/09/2009, 06:18 AM
الصورة الرمزية الخاصة بـ زعيّم آسيا
زعيــم متألــق
تاريخ التسجيل: 18/02/2008
المكان: الرياض
مشاركات: 1,455
تقبل الله صيامنا وقيامنا
وأعاده الله علينا وعلى جميع المسلمين بالخير والمسرات
جزاك الله خير اخوي
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13/09/2009, 02:35 AM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 10/10/2008
المكان: فى قلب الهلال
مشاركات: 3,349
حدثني الثقة !


مهمة الواعظ والخطيب أن يحرك عواطف الناس، ويهز قلوبهم، ولا نفع في واعظ خاوي الضمير، جاف الروح، يتحدث ببرود وجفاف .. ويذكر الجنة والنار والموت والقبر وكأنه يعرض مسألة في الهندسة أو في الحساب !

ومتى شعر المستمع بتفاعل المتكلم مع قضيته وجديته في عرضها اقبلوا إليه وتأثروا به، وقديما سأل بعض السلف والده : يا أبتي ما بالك إذا تحدثت أبكيت الناس بكلام سهل قريب، ويتحدث غيرك فلا يبكيهم ؟! فقال له : يا بني لا تستوي النائحة الثكلى والنائحة المستأجرة !!

وفي صحيح مسلم من صفة النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر رضي الله عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش، يقول : صبحكم ومساكم .. ويقول : بعثت أنا والساعة كهاتين، ويقرن بين إصبعيه : السبابة والوسطى، والعاطفة قاسم مشترك بين جميع الناس، ولذلك تجد الذين يستمعون إلى الواعظ أو الخطيب الذي يهز العواطف يفوقون بأضعاف مضاعفة عدد الذين يستمعون إلى متحدث في قضايا علمية بحتة أيا كان موضوعها .

لكن مما يحدث كثيرا أن ينساق الواعظ مع عاطفة الجماهير فتجره جرا إلى الاسترسال وراء ما يحرك ويثير رغبة في المحافظة على مستوى التأثير وعدد الحضور .

مثلا : إذا تكلم الواعظ في اليوم الأول فوفق في الحديث، وحرك القلوب، فبكت العيون، وربما ارتفعت الأصوات اعتبر الواعظ هذا (( نجاحا )) وهو نجاح .. وأقل ما يريده هذا الداعية أن يحافظ على هذا (( النجاح )) في اليوم الثاني، بل هو يريد أن يتقدم خطوة أخرى وأن يكون التأثير أعظم .

خاصة وقد زاد الجمع، وتهيأت النفوس لاستقبال الخضوع والبكاء والنشيج .. ففي حجب ذلك عنهم نوع من خيبة الأمل … وهكذا يسير الداعية أحيانا في طريق قد لا يكون أراده تماما .. لكن ماذا يصنع والناس ينتظرون ويطالبون ؟

ولذلك يبرز عند بعض الدعاة شيء من المبالغة المفتعلة في تضخيم بعض القضايا ليعظم وقعها على السامع … ولعل من نماذج ذلك مسألة القصص والروايات .

فالقصص من أكثر وسائل التأثير وفي القصص القرآني وما صح من القصص النبوي وما صح من قصص الصحابة والسلف الصالح غناء وأي غناء ولو أن الدعاة تتبعوا ذلك واعتنوا به لكان من ورائه خير كثير , ولكن الملحوظ أن المتحدثين عن القصص المغرقة في الغرابة كثروا لأنها تشد العامة وتعجبهم .

ولا بد حينئذ أن يتسامح في إسناد القصة فيرويها ولو كانت منكرة واهية الإسناد، أو لا سند لها أصلا .. وقديما قال محمد بن الحسن : من طلب العلم بالكلام تزندق، ومن طلب المال بالكيمياء أفلس، ومن طلب غريب الحديث كذب !

وقد تعلل البعض بأن هذه رقائق ليس فيها حلال ولا حرام فيتسامح فيها، وهذا ليس هو المشكل، وإنما المشكل أن تكون هذه القصص والحكايات ديدنا، وأن يتربى الناس عليها، فيعرضوا عن العلم الصحيح، وعن التفكير الصحيح .. وكم من عامي بنى حكما شرعيا لا يقبل المناقشة فيه على حكاية موضوعة سمعها من فلان ..!

ومما يزيد الأمر إشكالا أن بعض الصالحين يحسنون الظن فيروون عن كل من لقوا بحجة أن ظاهره العدالة ويقول أحدهم : حدثني ثقة، أو حدثني رجل صالح .

وقد علمنا أن بعض هؤلاء يختلقون القصص والحكايات ثم يأتون إلى صالح فيه غفلة ممن يقبل (( التلقين )) فيدس عليه القصة، فيحدث بها على الملأ .

أحد المبتلين ببعض المعاصي اختلق رواية خلاصتها : أن رجلا مات ممن يتعاطى تلك المعصية . فلما وضع في قبره صرف وجهه عن القبلة .. يعني المعصية نفسها يعملها مختلق القصة، وما مر غير وقت يسير حتى حدث بالقصة على أنها مشاهدة من بعض الثقات .

وكم سمعنا من إنسان يتحدث عن بلدنا بقصص وأخبار ومشاهد عجيبة ويؤكدها بجميع المؤكدات ويذكر أنها معروفة مستفيضة، وليس في الواقع شيء من ذلك .

لا حاجة بنا إلى حشد عدد هائل من قصص المحتضرين الذين منهم من فعل، ومنهم من فعل، ويذكر عجائب وغرائب .. وعندنا كتاب الله وسنة رسوله حسبنا .

وإذا أحب المتحدث التنويع –ولا بد– فإلى القصص الموثقة المعروفة الأسانيد كبعض الروايات التي ذكرها الإمام الربعي في كتابه : (( وصايا العلماء عند حضور الموت )) وما أشبهه .

على أن ينتقي منها ما صح سنده وسلم متنه وبعد عن التهويل و النكارة . وإذا أحب الحديث عن القبر وعذابه ونعيمه فليكتف بسياق الآية الكريمة التي تجعل المؤمن يقطع بذلك ويجزم به، ثم يسوق من روايات السنة الصحيحة وأخبارها وقصصها ما يلين القلوب . وليختر مثلا مما في كتاب البيهقي (( إثبات عذاب القبر )) أو مما في الكتب الستة أو سواها .

أما الاسترسال مع قصص فلان الذي حدث له كذا وحدث له كذا، وربط إيمان الناس بهذه القصص فهو أمر غير جيد . ويكفي في إيمان الناس أن يؤمنوا بما في الكتاب والسنة ويكفي في تحريك قلوبهم قوارع القرآن وزواجره . " فبأي حديث بعده يؤمنون " ؟

ومما يبرز أهمية ذلك أن الدروس والمواعظ أصبحت تسجل وتنتقل من مكان إلى آخر، ومن طبقة إلى أخرى وهذا اللون من الحديث إن فرض جدلا أنه يلائم فئة من الناس فإن من المؤكد أن من المصلحة حجبه عن فئات كثيرة .

أليس من المحزن أن البعض ينفعلون عند هذه القصص وتأخذهم القشعريرة .. وتمر بهم آيات الوعيد التي تزلزل الجبال فلا تهز منهم وجدانا ولا تحرك فيهم عاطفة ؟

إن في الأمر خللا نساهم نحن أحيانا من حيث لا نشعر في تعميقه، وواجب على الدعاة أن يصححوا الأمر، ويكتفوا بالكتاب والسنة والروايات المسندة التي يعرف رواتها بأشخاصهم، ويدعوا عنهم الرواية عن (( المجهولين )) ولو سماهم البعض (( ثقات )) فقد يكونون ثقات عنده متروكين عند غيره، والله أعلم.
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 02:59 PM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube