إذا كان الشرق شرقا، والغرب غربا لا يلتقيان، فإن العلاقة بين (المثقف) و (السياسي) كانت وستبقى علاقة يشوبها التنافر وشبه العدائية وتتحكم بها عوامل عدة يأتي في مقدمتها اختلاف زوايا النظر لشتى الأمور.
ومن بداهة القول إنه ليس كل السياسيين على خلاف مع المثقفين، ولكن السياسي المصاب بآفات نفسية ويهجع في بواطن فكره تراكمات أقل ما يقال عنها إنها لا تتلاءم وأجواء الحرية المعتادة، وكذلك نظرته ودرجة وعيه لدوره كقائد ـ على أي مستوى كان ـ والأهم من كل هذا، تبقى النقطة الفاصلة والتي تتمثل في درجة تطرفه في تطبيق الشعارات التي رضعها وتشرّب بها وأدمنها منذ تشكّل وعيه السياسي، فالسياسي الذي يريد من المثقف أن يكتب كلمات المديح والثناء بمناسبة ودون مناسبة، ويضغط لكي يحشر أسماء أعلام ومناسبات ويقحمها حيث لا مكان لها، هو السياسي الذي سيبقى على خلاف مع المثقفين إلى أبد الآبدين.
إن القول (ليس كل سياسي بمثقف، وليس كل مثقف بسياسي) هو قول يستنكره السياسيون قليلو النظر، بينما في الجانب الآخر يطرب له المثقف ويروّج له في محاولة واضحة لعدم التقيّد والالتزام بأية معايير أو محاذير قد تحدّ من فضاءات انطلاقته وتضع في طريقه لائحة بالممنوعات والخطوط التي ينبغي أو لا ينبغي الاقتراب منها أو تجاوزها.
من المؤسف أن المثقف الذي يعتاش من قلمه ـ وهذا نادر جدا هذه الأيام ـ هو الأكثر عرضة للسقوط في فخ الإغراءات التي ينصبها السياسيون بحذق، وبالتالي تتحول كلماته وطروحاته إلى إعلانات مجانية رخيصة لأيديولوجية الجهة التي تدفع له مقابل ذلك، وناهيك عن خسارة قرّائه التدريجية وخسارة مكانته وبوار بضاعته في (سوق الكتابة) فإنه يضطر للتعامل مع أسياده بتملق ويحاورهم من موقع أدنى ويوافقهم على كل آرائهم السديدة ـ حسب تصحيحاته ـ وهنا لا يشعر بالأمان إطلاقا ويسيطر عليه شعور طاغٍ كأنه موظف منبوذ في دائرة تتبدل فيها الولاءات باستمرار مع تغيّر الوجوه، ولهذا يضطر صاحبنا المسكين إلى رفع وتيرة خضوعه التي تقترب كثيرا من الإذلال التام، والرضا بأية (عظمة) ترميها يد المسؤول السمينة التي تشع بالعافية ويتلقفها ألفاه الفاغر للمثقف الذي باع الذهب بالتراب.
أما المثقف المستقل أو الذي يبحث عن الاستقلالية فإنه لا يتنعم بجنات الخلد، كما قد يتصور البعض، وحاله ليس أفضل بكثير من زميله الذي باع قلمه، وذلك لأن الإغراءات والامتيازات التي يراها بأم عينه أو يسمع عنها وهي تهطل على زميله، تثير لعابه، وقد تنتابه نوبات حسد وضعف، ويبقى الضغط الرسمي عليه لضمه للقطيع المطيع أكبر من كل ما يواجهه وما يوضع من عراقيل أمامه في سبيل تجييش وتسخير قلمه وفق الأهواء..!
هذا، وإذا كان هناك من ثمن يقبضه المثقف المقيّد بأغلال التبعية لأيديولوجية معينة، فإن المثقف الحر يدفع ثمنا باهظا جراء نزعته الاستقلالية وصيانة حريته التي تكبده الكثير، كما أن معادلة الابتزاز المتبادلة بين السياسي والمثقف تنتهي إما بالانصياع المذل للمثقف أو بالتمرد باهظ الثمن، ويستمر السياسي بإغداق الهدايا والعطايا على حاشيته حسب درجة خضوعهم وفي الوقت نفسه يضطهد المثقف المتمرد وحسب مستوى تمرده.
وخلاصة القول إن العلاقة المتبادلة بين المثقف والسياسي يمكن تلخيصها بمقولة الفيلسوف الكبير (طاغور) عندما قال (لا يمكنك أن تصافح قبضة) أي إن المثقف الذي ينشد الاستقلالية يحاول أحيانا أن يمد يده ليصافح يد السياسي المغتاظ والحانق، فيقوم الأخير بمد يده غير المفتوحة، ويصاب المثقف بصدمة مهوّلة عندما يكتشف أنه لا يستطيع أن يصافح قبضة..!!

المقال المسروق
من قِبل صوت الفقر الفضائي خالد الشعلان

لا تصافح "قبضة"..!
خالد الشعلان
العلاقة بين "الإداري" و"الصحافي" كانت وستبقى علاقة يشوبها التنافر وشبه العدائية وتتحكم فيها عوامل عدة يأتي في مقدمتها اختلاف زوايا النظر لشتى الأمور. ومن بداهة القول إنه ليس كل الإداريين على خلاف مع الصحافيين ولكن الإداري المصاب بآفات نفسية وتهجع في بواطن فكره تراكمات أقل ما يقال عنها إنها ترسبات لحبه الشديد لذاته وللظهور اللذين رضعهما وتشرب بهما وأدمنهما منذ القدم. والإداري الذي يريد من الصحافي أن يكتب كلمات المديح والثناء بمناسبة وبدون مناسبة ويضغط لكي يحشر تصريحاته وصوره ويقحمهما حيث لا مكان لهما..! هذا الإداري هو الذي سيبقى على خلاف مع الصحافي إلى أبد الآبدين..!
فالصحافي الذي "يعتاش" من قلمه ـ وما أكثرهم هذه الأيام ـ هو الأكثر عرضة للسقوط في فخ الإغراءات التي ينصبها الإداريون بحذق وبالتالي تتحول طروحاته إلى إعلانات مجانية رخيصة لأيديولوجية الجهة التي تدفع له مقابل ذلك.. ناهيك عن خسارة قرائه وخسارة مكانته وبوار بضاعته في "سوق الصحافة" فهو دوما يضطر للتعامل مع "الدفيعة" بتملق ويحاورهم من موقع أدنى ويوافقهم على كل آرائهم السديدة..! وهنا لا يشعر بالأمان إطلاقا ويسيطر عليه شعور طاغ كأنه موظف منبوذ في دائرة تتبدل فيها الولاءات باستمرار مع تغير الوجوه ولهذا يضطر صاحبنا المسكين إلى رفع وتيرة خضوعه التي تقترب كثيرا من الإذلال التام والرضا بأي "شيء" ترميه يد الإداري" السمينة التي تشع بالعافية ويتلقفها "الفاه" الفاغر للصحافي الذي باع الذهب بالتراب..! أما الصحافي المستقل أو الذي يبحث عن الاستقلالية فإنه لا يتنعم بجنات الراحة كما قد يتصور البعض.. وحاله ليس أفضل بكثير من زميله الذي باع قلمه..! وذلك لأن الإغراءات والامتيازات التي يراها بأم عينه أو يسمع عنها وهي تهطل على زميله تثير "لعابه" وقد تنتابه نوبات حسد وضعف ويبقى الضغط الرسمي عليه لضمه للقطيع "المطيع" أكبر من كل ما يواجهه وما يوضع من عراقيل أمامه في سبيل تجييش وتسخير قلمه وفق الأهواء..!
هذا وإذا كان هناك من ثمن يقبضه الصحافي المقيد بأغلال التبعية لأيديولوجية معينة فإن الصحافي "الحُر" يدفع ثمنا باهظا جراء نزعته الاستقلالية وصيانة حريته التي تكبده الكثير..! كما أن معادلة الابتزاز المتبادلة بين الإداري والصحافي تنتهي إما بـ "الانصياع" المُذل للصحافي..! أو بـ "التمرد" باهظ الثمن..! ويستمر الإداري في إغداق الهدايا والعطايا على "مُطيعيه" حسب درجة خضوعهم وفي الوقت نفسه يضطهد الصحافي المتمرد حسب مستوى تمرده..!
وخلاصة القول إن العلاقة المتبادلة بين الإداري والصحافي يمكن تلخيصها بمقولة "لا يمكنك أن تصافح قبضة" أي أن الصحافي الذي ينشد الاستقلالية يحاول أحيانا أن يمد يده ليصافح يد الإداري المغتاظ والحانق فيقوم الأخير بمد يده غير المفتوحة..!
وعندها يصاب الصحافي بصدمة مهولة عندما يكتشف أنه لا يستطيع أن يصافح قبضة..!!

قاعة المحكمة كانت اغرب قاعة للمحاكم فى العالم جمهور المشاهدين يجلس على مدرجات القاعة يفصل بينها امن مركزي متحفز لأي تجاوز من الجمهور لا يليق بقاعة المحكمة. كانت المحكمة قبل انعقاد الجلسة تضج بالهتاف من الجانبين لوحظ أن جمهور الجانب الذي على يمين المحكمة يبدع في هتافاته من وقت لأخر مثل الليلة دي عيد يا إبراهيم سعيد…..الخ
جمهور الجانب الأخر ليردد إلا هتاف خالد له يردده منذ سنوات, أهم أهم الشياطين الحمر………. وقد فسر احد خبراء الهتافات والبلد تعج بهم أن هذا التكرار, ناتج عن ضمور مراكز الإبداع في عقل هذه الجماهير, ودا السبب الرئيسي لاستمرارهم في تشجيع هذا النادي بهذه الكثافة منذ مدة طويلة رغم انه المسئول الوحيد عن معظم نكبات مصر في الرياضة على الإطلاق.
المتهم يجلس بالقفص تحيط به حراسة مشددة,
في الجانب الذي على يسار المحكمة بالإضافة إلى الجمهور العادي يجلس خليط من البشر محامين شخصيات مرموقة, وفى المقدمة يجلس مجلس إدارة اتحاد كرة القدم ألمصري, ويشارك بسعادة بالغة في هتافهم الخالد من وقت لوقت.
في الجانب الأخر يجلس محامى وحيدا قادم مع المتهم, يبدو عليه الحنكة والاندهاش في نفس الوقت من أجواء المحكمة.
دخل ممثل الادعاء الأستاذ عادلي واستقر على مقعدة.
خرج حاجب المحكمة مناديا بصوته الجهوري المعتاد:
مهزلة اندهش كل من في القاعة بما فيهم الجمهور الأحمر من نداء الحاجب الغير معتاد في قاعات المحاكم, ماعدا الجالسين في المقدمة على الجانب الأيسر فقد ظهرت السعادة البالغة على وجوههم.
توالى حضور القضاة إلى المنصة, كان منظر القضاة في منتهى الغرابة لقد ارتدوا زى لاعبي الكرة بالكامل فانلة حمراء, شورت ابيض, وشراب ابيض, وكوتشىٍ وميز الجالس في المنتصف علامة الكابتن على ذراعه الأيسر.
نادى على المتهم كان ذلك نداء الكابتن على حاجب المهزلة.
المتهم إبراهيم سعيد:
أفندم
ممثل الادعاء:
عادلي الاهلاوى موجود يافندم
السادة المحاميين:
إبراهيم المستكاوى حاضر مع الادعاء الكابتن:
أتفضل يا أستاذ إبراهيم تاعب نفسك ليه
مرتضى حاضر عن المتهم الكابتن:
أنت جايه تشتغلى إيه قصدي تعمل إيه!!!!!!!!!!
كانت هذه الإجراءات الأولية للمهزلة.
الكابتن:
ممثل الادعاء يتفضل.
بدأ الأستاذ عادلي قبل أن يتوجه إلى المهزلة بالكلام موجها التحية للسادة الجالسين على الجانب الأيسر ثم رفع كفيه متشابكين كما يفعل زعماء الدول في العالم الثالث لشعوبهم ثم تبعها بعلامة النصر الشهيرة, فتجاوب معه الجمهور بالهتاف الشهير الذي هز أرجاء المحكمة:
حضارات المستشارين سيدي الكابتن القضية واضحة وضوح الشمس في ساعات الشفق الأحمر, إن هذا المتهم القابع أمامكم في القفص الأحمر قد أهان دولة مصر الحمراء ممثلة في النادي الاهلى , وكما أقول دائما وفى كل مكان أن مصر هي الاهلى و الاهلى هو مصر.
قاطعة الكابتن مستحسنا:
اى والله يسلم فمك.
قد يسأل البعض ماذا فعل المتهم تحديدا وما هي بنود قرار الاتهام, حتى يمكن لمحامى الدفاع بناء دفاعاته على أساسها, وأنا والله في منتهى الدهشة من هؤلاء الذين يرددون من وقت لأخر كلمات لا أدرى معناها مثل القانون واللوائح والقرارات ومتى استخدمت هذه فيما سبق من مهازل كثيرة من قبل’ وأخرها مهزلة إسلام الشاطر, إن هؤلاء يجهلوا تماما إن الأمر يتعلق بمصر وأمنها القومي, وان ممارسات كثيرة للاعب وضحت من قبل انه فاقد الانتماء, والروح إياها اللي خلت مصر تاخد الدوري المصري ييجى تلانين مرة, وحتى لا أطيل عليكم أرجو من سيادتكم أن تحكموا على المتهم بموجب القرارات التي يتم تفصيلها ألان عند ترزي النادي الاهلى للوائح والقوانين .
ويجعل نهاركم احمر في احمر
صاح المتهم في القفص:
يس دا يبقا ظلم
الكابتن صائحا بصوته محذرا:
بس يا مجرم
ثم وجه حديثة لممثل الادعاء:
الله يفتح عليك خمسين سنة في المهازل ما شفتش مرافعة بالبلاغة دي
محامى الادعاء يتفضل.
قام احد أعضاء الاتحاد المصري كمحامى للادعاء:
ليس هناك ما يمكن اضافتة إلى ما قاله زميلنا في الاتحاد ولكني اطمئن المهزلة أن االترزى في طريقة إلى الانتهاء من القرارات, أنا كنت عنده امبارح علشان البروفة والله حاجة تفرح, إن شاء الله هتكون غير مسبوقة ومفاجأة للكل حتى نردع هؤلاء الذين يقومون من وقت للأخر بتهديد الأمن القومي الاهلى.
الكابتن:
والله مصر في أيدين أمينة طول ما هي في أيدين الناس دي ياريت الأخ اللي على الجنب الأيمن يتعلم كيف يكون الانتماء لمصر, ويعرف إن هي دي مصر يا عبلة ممثلة في هؤلاء.
الشهود
إبراهيم المستكاوى
سيدي القاضي لقد ضاع عمرنا في تكريث الانتماء للنادي الاهلى ولن تسعفني الكلمات في حضور المهزلة ولكني سوف اكتفى بان أضع بين يدي المهزلة حافظة مستندات بها مجموعة مقالاتي خلال عام كامل ستوضح لسيادتك كيف تلاعبنا بالمبادئ, والقيم والقوانين وكيف قلبنا الحق باطل والباطل حق من اجل قضية الانتماء لهذا البلد الذي أضعنا عمرنا كله في الملاهي الليلية حتى ننسى فداءا له, ودفاعا عن الانتماء له. الكابتن:
محامى المتهم عايز يقول حاجة بعد اللي سمعه دا كله لو فتحت بقك ها حطك في القفص الحكم بعد المداولة.
الحاجب مرة أخرى:
مهزلة
خرج الكباتن من حجرة المداولة هذه المرة بدون ملابسهم كما ولدتهم أمهاتهم فضجت القاعة على الجانب الأيسر بالهتاف واحتضن جلساء المقدمة بعضهم لبعض وقفز ممثل الادعاء من منصته ليقبل الجميع تم كل ذلك قبل أن يصدر الحكم ولكن هيئة المحكمة أكدت لهم أن منطوق الحكم لا شك في صالحهم.
الكابتن:
أرجو من الجميع الهدوء.
حكمت المهزلة حضوريا بمعاقبة المتهم بوجب القرارات التي يتم تجهيزها ألان عند ترزي النادي الاهلى للألعاب الرياضية, والمحكمة تناشد الترزي أن يتفنن في ابتكار اشد القرارات قسوة حتى لا تطأ قدم اللاعب ملاعب الساحرة الحمراء مرة أخرى, وان عدتم عدنا وإحنا وراكم والزمن طويل, والأيام بيننا.
رفعت الجلسة
ما أن انتهى الكابتن من قراءة الحكم حتى صاح محامى المتهم:
بس دي مهزلة
أما رد فعل الحضور على ما قاله محامى المتهم وما حدث في المحكمة فحدث ولا حرج.
بينكم وبين نفسكم بقا علشان الرقابة مش هتسمح بكتابة المشاهد دي.

قاعة المحكمة كانت أغرب قاعة للمحاكم بالعالم..جمهور المُشاهدين يجلسون على مُدرجات القاعة يفصل بينهم أمن مركزي مُتحفز لأي تجاوز من الجمهورلا يليق بقاعة المحكمة..هـُتاف يضج من الجانبين فاالجمهور الذي على يسار المحكمة يبُدع في هتافاته من وقت لآخر مثل..الليلة دي عيد يا(دايم) يا سعيد…الخ الجمهورالقابع باليمين لايُردد إلا هـُتافٌ واحد يُردده منذ سنوات..(أهوه أهوه النظام أهوه) رغم أن أياديهم خاوية وعقولهم كذلك..! وقد فسر أحد خبراء الهتافات أن هذا التكرار المُتوالي لعبارة (النظام) هو الخوف والخشية من كشفه وهي على مقولة (خذوهم بالصوت لاينضمونكم) وهو السبب الرئيسي لإستمرارهم في تشجيع النظام (الرفي) الغباري..! المُتهم (دايم) يجلس بالقفص تُحيط به حراسة مُشددة..وفي الجانب الذي على يمين المحكمة والذي يُردد (النظام والنظام) هناك خليط من البشر مُمتعضي الوجوه شخصيات لاتستطيع الإلتفات أوالهمس تشعر أنها كالرسوم لاحراك..وفى المُقدمة يجلس مجموعة تلتفت لهم بكل سعادة وتـُشارك أيضا بسعادة بالغة في هتافهم الخالد من وقت لوقت. دخل مُمثل الإدعاء وإستقر على مقعدة وخرج حاجب المحكمة مُنادياً بصوته الجهوري المعتاد: مهزلة...!! إندهش كل من في القاعة من ندآء الحاجب الغير مُعتاد في قاعات المحاكم ماعدا الجالسين في المُقدمة على الجانب الأيمن فقد ظهرت السعادة البالغة على وجوههم.توالى حضورالقُضاة ومنظرهم في مُنتهى الغرابة فقد إرتدوا زي ذا لون واحد..! الحاجب يُنادي على المُتهم (دايم..دايم)..نعم ويتوالى النداء على مُمثل الإدعاء والمحامين ثم يأتي صوت القاضي..إتفضل يا أستاذ (دايم) تاعب نفسك ليه..؟ وأنت جايه تشتغلي إيه..؟ (عفواً) قصدي تعمل إيه..؟؟ كانت هذه الإجراءات الأولية للمهزلة..! بدأ القاضي قبل أن يتوجه إلى المهزلة بالكلام موجهاً التحية للسادة الجالسين على الجانب اليمين ثم رفع كفيه مُتشابكين..ثم تبعها بـ(نحنحة) غليضة فارغة تجاوب معها الجالسين على الجانب الأيمن بالهتاف الذي هـزَّ أرجاء المحكمة ليُقابلها إبتسامة من صاحب (النحنحة).يقف الإدعاء ويصرخ بصوته حضارات المُستشارين سيدي القاضي القضية واضحة وضوح الشمس في ساعات الشفق الأحمر..! إن هذا المتهم(دايم) القابع أمامكم قد أهان أسماعنا بمُطالباته الدائمة حيال النظام (الرفي) وتغييره..!! قاطعة القاضي مُستحسناً: اى والله يسلم فمك. ليأتي صوت من الجمهور أي يسلم فمه ..؟ فاالذي يُطالب به (دايم) نحن نُطالب به. فماذا فعل المُتهم تحديداً..؟ وما هي بنود لائحة الإتهام..؟ ليأتي صوت الإستنكار من الجانب الأيمن ويعلو الصخب والصياح حيال هذا الشخص المُعترض..فيصرخ القاضي..خذوه (برا..برا) ويلتفت القاضي للمتهم (دايم) ويقول له..أجل مُش عاجبك النظام (الرفي)..؟ فيأتي الرد..نعم لايُعجبني بل أزيد نحن نُطالب بإنشاء محكمة..!! فيصرخ القاضي..محكمة..!! وإحنا إيه نعمل من الصباح ..؟ نسلق أونغسل..! ويردد (دايم)..نُريد محكمة وأنت تعلم ماذا أقصد..؟ يقف أحد الجالسين بالصفوف الأمامية على اليمين ليقول..خلاص ياقاضي سنلبي مطلب (دايم) ونمسك العصى من المُنتصف..! سـ(نـُنقح) النظام ونـُعدل فيه..؟ وأطمئن المحكمة..أن (الترزي) في طريقة إلى الإنتهاء من القرارات وتعديل اللوائح والأخشاب..أنا كنت عنده إمبارح علشان البروفة والله حاجة تفرح..حاجه غير مسبوقة ومفاجأة للكل حتى نردع هؤلاء الذين يقومون من وقت لآخر بالمُطالبات..! القاضي..يا(دايم) بعد الحل هذا واللي سمعته (دا كله) لو فتحت (بقك) ها حطك في القفص..(الحكم بعد المداولة).الحاجب مرة أخرى: مهزلة..! القاضي..حكمت المهزلة حضورياً بمُعاقبة المُتهم (دايم) بموجب اللوائح والأنظمة عفواً الأنظمة واللوائح (اللي يجي) التي يتم تجهيزها الآن عند (الترزي) والمحكمة تـُناشد (الترزي) أن يتفنن في إبتكار أشدها قسوة حتى لانسمع ضجيج وتأجيج المُتهم مرة أخرى وأن عدتم عُدنا وإحنا وراكم والزمن طويل والأيام بيننا.(رفعت الجلسة)..ما إن انتهى القاضي إلا وأكمل عبارته للقابعين على الجانب الأيمن..ياالله بسرعة أنا واللي معاي حنروح معاكم لـ(الترزي) حنشوف دي التعديلات مقاسها كم..؟ صاح الحاضرون على اليسار..بس دي مهزلة..!! وعندها (نكسَّ) دايم راسه ..!! أما رد فعل الحضور وما حدث في المحكمة فحدث ولا حرج..ولن أكمل خوفاً من الرقيب..!