عدت كما وعدت باليوميات

اليوميات 17
لماذا في مدينتنا نعيش الحب تهريبا وتزويرا
؟؟؟
ونسرق من شقوق الباب موعدنا
..ونستعطي الرسائل والمشاويرا
لماذا في مدينتنا
؟؟ يصيدون العواطف والعصافيرا
..
وما يبقى من الإنسان
..حين يصير قصديرا
؟؟؟
لماذا نحن مزدوجون
.. إحساسا وتفكيرا
؟؟؟؟
لماذا نحن أرضيون
.. تحتيون
.. نخشى الشمس والنورا
؟؟
لماذا أهل بلدتنا
؟؟ يمزقهم تناقضهم
..
ففي ساعات يقظتهم
.. يسبون الضفائر والتنانيرا
وحين الليل يطويهم
.. يضمون التصاويرا
.. 18
يعود أخي من الماخور
.. عند الفجر سكرانا
..
يعود كأنه السلطان
.. من سماه سلطانا
؟؟؟
ويبقى في عيون الأهل
.. أجملنا
.. وأغلانا
..!!
ويبقى في ثياب
_العهر
_ أطهرنا وأنقانا
..!!
يعود أخي من الماخور ..مثل الديك نشوانا
فسبحان الذي سواه من ضوء
!!
ومن فحم رخيص
..نحن سوانا
!!
وسبحان الذي يمحو خطاياه
..!!
ولا يمحوا خطايانا
...!! 19
خرجت اليوم للشرفه
.. على الشباك جارتنا المسيحيه
تحييني
..!!!
فرحت لأن إنساناً يحييني
..!!لأن يداً صباحية
يداً كمياه تشرين.. تلوح لي
..!!تناديني
..!!
أيا ربي
..!! متى نشفى هنا
..من عقدة الدين
؟؟
اليس الدين
.. كل الدين إنسانا يحييني
؟؟
ويفتح لي ذراعيه
.. ويحمل غصن زيتون
؟؟ 20
تخيف أبي مراهقتي
..يدق لها
.. طبول الذعر والخطرٍ
..
يقاومها
.. يقاوم رغوة الخلجان
.. يلعن جرأة المطرِ
..
يقاوم دونما جدوى مرور النحل في الزهرِ
..
أبي يشقى إذا سألت رياح الصيف عن شعري
ويشقى إن رأى
.... يرتفعان في كبري
ويغتسلان كالأطفال تحت أشعة القمر
فما ذنبي وذنبهما
؟؟
هما مني هما قدري
... 21
سماء مدينتي تمطر
... ونفسي مثلها تمطر
..
وتاريخي معي طفل
.. نحيل الوجه لايبصر
..
أنا حزني رمادي
.. كهذا الشارع المقفر
..
أنا نوع من الصبير
.. لايعطي ولا يثمر
..
حياتي مركب ثمل
.. تحطم قبل أن يبحر
..
وأيامي مكررة
.. كصوت الساعة المضجر
وكيف أنوثتي ماتت
.. أنا ماعدت أستفكر
..
فلاصيفي أنا صيف
.. ولا زهري أنا يزهر
..
بمن أهتم.. هل شيء بنفسي بعد ما دمر
..؟؟!!
أبالعفن الذي حولي
؟؟ أم القيم التي أنكر
؟؟
حياتي كلها عبث فلا خبر أعيش له ولا مخبر
..
للا أحد أعيش أنا ولا لشيء أستنظر
.. 22
متى يأتي ترى بطلي
؟؟
لقد خبأت في صدري
..
له زوج من الحجل
وقد خبأت في صدري
له كوز من العسل
متى يأتي على فرس
له مجدولة الخصل
ليخطفني
ليكسر باب معتقلي
فمنذ طفولتي وأنا
أمد على شبابيكي
حبال الشوق والأمل
وأجدل شعري الذهبي كي يصعد
على خصلاته بطلي
23
سأكتب عن صديقاتي
..
فقصة كل واحدة أرى فيها أرى ذاتي
ومأساة كمأساتي
سأكتب عن صديقاتي
عن السجن الذي يمتص أعمار السجينات
عن الزمن الذي أكلته أعمدة المجلات
عن الأبواب لا تفتح
عن الرغبات وهي بمهدها تذبح
عن الزنزانة الكبرى
وعن جدرانها السود
وعن آلآف آلآف الشهيدات
دفن بغير أسماء
بمقبرة التقاليد
صديقاتي
دمى ملفوفة بالقطن
داخل متحف مغلق
نقود صكها التاريخ لاتهدى ولا تنفق
مجاميع من الأسماك في أحواضها تخنق
وأوعية من البلور مات فراشها الأزرق
بلا خوف
سأكتب عن صديقاتي
عن الأغلال دامية بأقدام الجميلات
عن الهذيان والغثيان عن ليل الضراعات
عن الأشواق تدفن في المخدات
عن الدوران في اللاشيء
عن موت الهنيهات
صديقاتي
رهائن تشترى وتباع
في سوق الخرافات
سبايا في حريم الشرق
موتى غير أموات
يعشن يمتن مثل الفطر في جوف الزجاجات
صديقاتي
طيور في مغاورها
تموت بغير أصوات
24
بلادي ترفض الحبا تصادره كأس مخدر خطر
تسد أمامه الدربا
تطارده
تطارد ذلك الطفل الرقيق الحالم العذبا
تقص له جناحيه وتملاء قلبه رعبا
بلادي تقتل
...... الذي أهدى لها الخصبا
وحول صخرها ذهبا
وغطى أرضها عشبا
وأعطاها كواكبها
وأجرى ما أها العذبا
بلادي لم يزرها العذب
منذ أغتالت الـ.
..... 25
كفى ياشمس تموز غبار الكلس يعمينا
فمنذ البداء غير الكلس لم تشرب أراضينا
ومنذ البداء غير الدمع لم تسكب مآقينا
ومنذ البدء نستعطي سماء ليس تعطينا
كفانا نلعق الأحجار والأسفلت والطينا
كفانا ياسماوات من القصدير تكوينا
جلود وجوهنا يبست تشقق لحم أيدينا
لماذا ترفض الأمطار أن تسقي مآقينا
لماذا تنشف الأنهار إن مرت بوادينا
لماذا تصبح الأزهار فحما في أوانينا
لأنا قد قتلنا العطر وأغتلنا الرياحينا
وأغمدنا بصدر الحب أغمدنا السكاكينا
لأن الأرض تشبهنا مناخات وتكوينا
لأن العقم كل العقم لا في الأرض بل فينا
26
يروعني شحوب شقيقتي الكبرى
هي الأخرى
تعاني ما أعانيه تعيش الساعة الصفرا
تعاني عقدة سوداء تعصر قلبها عصرا
قطار الحسن مر بها ولم يترك سوى الذكرى
ولم يترك من ال
.... الا الليف والقشرا
لقد بدأت سفينتها تغوص وتلمس القعرا
اراقبها وقد جلست بركن تصبغ الشعرا
تصففه تخربه وترسل زفرة أخرى
تلوب تلوب في الردهات
مثل ذبابة حيرى
وتقبع في محارتها كنهر لم يعد مجرى
27
فساتيني
لماذا صرت أكرهها
لماذا لا أمزقها
أقلب فوقها طرفي
كأني لست اعرفها
كأني لم أكن فيها
أحركها وأملؤها
لمن تتهدل الأثواب أحمرها وأزرقها
وواسعها وضيقها
وعاريها ومغلقها
لمن قصبي
لمن ذهبي
لمن عطر فرنسي
يقيم الأرض من حولي ويقعدها
فساتيني
فراشات محنطة
على الجدران أصلبها
وفي قبر من الحرمان أدفنها
مساحيقي وأقلامي أخاف أخاف أقربها
وأمشاطي ومرآتي أخاف أخاف ألمسها
فما جدوى فراديسي
ولا إنسان يدخلها
28
مدينتنا
تظل أثيرة عندي
برغم جميع ما فيها
أحب نداء باعتها
أزقتها
أغانيها
مآذنها كنائسها
سكاراها مصليها
تسامحها تعصبها
عبادتها لماضيها
مدينتنا بحمد الله
راضية بما فيها ومن فيها
بآلآف من الأموات تعلكهم مقاهيها
لقد صاروا مع الأيام جزء من كراسيها
صراصير محنطة
خيوط الشمس تعميها
مدينتنا وراء النرد منفقة لياليها
وراء جريدة كسلى وعابرة تعريها
فلا الأحداث تنفضها
ولا التاريخ يعنيها
مدينتنا بلا حب
يرطب وجهها الكلسي أو يروي صحاريها
مدينتنا بلا أمرأة
تذيب صقيع عزلتها
وتمنحها معانيها
29
أقمنا نصف دنيانا على حكم وأمثال
وشيدنا مزارات لألف وألف دجال
وكالببغاء رددنا مواعظ الف محتال
قصدنا شيخ حارتنا ليرزقنا بأطفال
فأدخلنا لحجرته وقام بنزع جبته
وباركنا وضاجعنا وعند الباب طالبنا
بدفع ثلاث ليرات لصنع حجابه البالي
وعدنا مثلما جئنا بلا ولد ولا مال
30
يعيش بداخلي وحش جميل أسمه الرجل
له عينان دافئتان يقطر منهما العسل
................................
...............................
قرونا وهو مخبؤ بصدري ليس يرتحل
ينام كأنه الأجل
أخاف أخاف أوضه فيشعلني وأشتعل
****
كمخلوق خرافي يعيش بذهننا الرجل
تصورناه تنينا له تسعون أصبعة
وشدق أحمر ثمل
تصورناه خفاشا مع الظلمات ينتقل
تخيلناه قرصانا تخيلناه ثعبانا
أمد يدي لأقتله أمد يدي ولا أصل
*****
إله في معابدنا
نصليه ونبتهل
يغازلنا
وحين يجوع يأكلنا
ويملا الكأس من دمنا
ويغتسل
إله لانقاومه
يعذبنا نعاجا من ضفائرنا
ونحتمل
ويلهو في مشاعرنا
ويلهو في مصائرنا
ونحتمل
ويدمينا ويؤذينا
ويقتلنا ويحيينا
ويأمرنا فنمتثل
إله ماله عمر
إله أسمه الرجل
*****
تلاحقنا الخرافة والأساطير
من القبر
ويحكمنا هنا السياف مسرور
ملايين من السنوات لا شمس ولا نور
بأيدينا مسامير وأرجلنا مسامير
وفوق رقابنا سيف رهيف الحد مسعور
وفوق فراشنا عبد قبيح الوجه مجدور
من ال
...... يصلبنا وبالكرباج بجلدنا
ملايين من السنوات والسياف مسرور
يفتش في خزائننا يفتش في ملابسنا عن الأحلام نحلمها
عن الأسرار من تحت الجوارير
عن الأشواق تحملها التخارير
ملايين من السنوات والسياف مسرور
مقيم في مدينتنا
أراه في ثياب ابي ألااه في ثياب أخي
أراه هاهنا وهنا فكل رجال بلدتنا
هم السياف مسرور
32
ثقافتنا
فقاقيع من الصابون والوحل
فما زالت بداخلنا
رواسب من أبي جهل
وما زلنا نعيش بمنطق المفتاح والقفل
نلف نساءنا بالقطن ندفنهن في الرمل
ونملكهن كالسجاد
كالأبقار في الحقل
ونهزاء من قوارير بلا دين ولا عقل
ونرجع آخر الليل
نمارس حقنا الزوجي كالثيران والخيل
نمارسه خلال دقائق خمس
بلا شوق بلا ذوق ولا ميل
نمارسه كآلات تؤدي الفعل للفعل
ونرقد بعدها موتى ونتركهن وسط النار
وسط الطين والوحل
قتيلات بلا قتل
بنصف الدرب نتركهن
يالفظاظة الخيل
33
قضينا العمر في المخدع
وجيش حريمنا معنا وصك زواجنا معنا
وصك طلاقنا معنا
وقلنا الله قد شرع
ليالينا موزعة على زوجاتنا الأربع
هنا
..... هنا
... هنا ظفر هنا أصبع
كأن الدين حانوت فتحناه لكي نشبع
تمتعنا "بما أيماننا ملكت"
وعشنا من غرائزنا بمستنقع
وزورنا كلام الله بالشكل الذي ينفع
ولم نخجل بما نصنع
عبثنا في قداسته
نسينا نبل غايته
ولم نذكر سوى المضجع
ولم نأخذ سوى زوجاتنا الأربع
34
أنا طروادة الأخرى أقاوم كل أسواري
وأرفض كل ماحولي ومن حولي بإصرار
أقاوم واقعي المصنوع من قش وفخار
أقاوم كل أهل الكهف والتنجيم والزار
تواكلهم تآكلهم تناسلهم كأبقار
أمامي الف سياف وسياف
وخلفي الف جزار وجزار
فيا ربي
اليس هناك من عار سوى عاري
وياربي
اليس هناك من شغل
لهذا الشرق
غير حدود زناري
؟؟؟ 35
تظل بكارة الأنثى
بهذا الشرق عقدتنا وغايتنا
فعند جدارها الموهوم قدمنا ذبائحنا
وأولمنا ولائمنا
نحرنا عند هكيلها شقائقنا
قرابينا
وصحنا
"وا كرامتنا
"
صداع الجنس مفترس جماجمنا
صداع مزمن بشع
من الصحراء رافقنا
فأنسانا بصيرتنا
وأنسانا ضمائرنا
وأطلقنا
قطيعا من كلاب الصيد نستوحي غرائزنا
أكلنا لحم من نهوى
ومسّحنا خناجرنا
وعند منصة القاضي
صرخنا
"واكرامتنا
"
وبرمنا كعنترة ابن شداد شواربنا
.. 36
وداعاً أيها الدفتر
وداعا ياصديق العمر يا مصباحي الأخضر
وياصدرا بكيت عليه أعواما ولم يضجر
ويا رفضي ويا سخطي
ويارعدي ويا برقي
ويا ألما تحول في يدي خنجر
تركتك في أمان الله
ياجرحي الذي أزهر
فإن سرقوك من درجي
وفضو ختمك الأحمر
فلن يجدوا سوى إمرأة
مبعثرة على دفتر
.... نهاية اليوميات

بالحب والإشراق