المنتديات الموقع العربي الموقع الانجليزي الهلال تيوب بلوتوث صوتيات الهلال اهداف الهلال صور الهلال
العودة   نادي الهلال السعودي - شبكة الزعيم - الموقع الرسمي > المنتديات العامة > منتدى الثقافة الإسلامية
   

منتدى الثقافة الإسلامية لتناول المواضيع والقضايا الإسلامية الهامة والجوانب الدينية

إضافة رد
   
 
LinkBack أدوات الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 22/03/2009, 11:50 PM
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 28/03/2008
مشاركات: 809
Lightbulb تفسير سورة الصافات (4)

ثم ذكر أنموذجا من عواقب الأمم المكذبين فقال‏:‏
‏[‏75 - 82‏]‏ ‏{‏وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ‏}‏
يخبر تعالى عن عبده ورسوله نوح عليه السلام، أول الرسل، أنه لما دعا قومه إلى اللّه، تلك المدة الطويلة فلم يزدهم دعاؤه، إلا فرارا، أنه نادى ربه فقال‏:‏ ‏{‏رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا‏}‏ الآية‏.‏
وقال‏:‏ ‏{‏رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ‏}‏ فاستجاب اللّه له، ومدح تعالى نفسه فقال‏:‏ ‏{‏فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ‏}‏ لدعاء الداعين، وسماع تبتلهم وتضرعهم، أجابه إجابة طابق ما سأل، نجاه وأهله من الكرب العظيم، وأغرق جميع الكافرين، وأبقى نسله وذريته متسلسلين، فجميع الناس من ذرية نوح عليه السلام، وجعل له ثناء حسنا مستمرا إلى وقت الآخرين، وذلك لأنه محسن في عبادة الخالق، محسن إلى الخلق، وهذه سنته تعالى في المحسنين، أن ينشر لهم من الثناء على حسب إحسانهم‏.‏
ودل قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ‏}‏ أن الإيمان أرفع منازل العباد وأنه مشتمل على جميع شرائع الدين وأصوله وفروعه، لأن اللّه مدح به خواص خلقه‏.‏
‏[‏83 - 113‏]‏ ‏{‏وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ‏}‏ إلى آخر القصة، أي‏:‏ وإن من شيعة نوح عليه السلام، ومن هو على طريقته في النبوة والرسالة، ودعوة الخلق إلى اللّه، وإجابة الدعاء، إبراهيم الخليل عليه السلام‏.‏
‏{‏إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ‏}‏ من الشرك والشبه، والشهوات المانعة من تصور الحق، والعمل به، وإذا كان قلب العبد سليما، سلم من كل شر، وحصل له كل خير، ومن سلامته أنه سليم من غش الخلق وحسدهم، وغير ذلك من مساوئ الأخلاق، ولهذا نصح الخلق في اللّه، وبدأ بأبيه وقومه فقال‏:‏ ‏{‏إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ‏}‏ هذا استفهام بمعنى الإنكار، وإلزام لهم بالحجة‏.‏
‏{‏أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ‏}‏ أي‏:‏ أتعبدون ‏[‏من دونه‏]‏ آلهة كذبا، ليست بآلهة، ولا تصلح للعبادة، فما ظنكم برب العالمين، أن يفعل بكم وقد عبدتم معه غيره‏؟‏ وهذا ترهيب لهم بالجزاء بالعقاب على الإقامة على شركهم‏.‏
وما الذي ظننتم برب العالمين، من النقص حتى جعلتم له أندادا وشركاء‏.‏
فأراد عليه السلام، أن يكسر أصنامهم، ويتمكن من ذلك، فانتهز الفرصة في حين غفلة منهم، لما ذهبوا إلى عيد من أعيادهم، فخرج معهم‏.‏
‏{‏فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ‏}‏ في الحديث الصحيح‏:‏ ‏"‏لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات‏:‏ قوله ‏{‏إِنِّي سَقِيمٌ‏}‏ وقوله ‏{‏بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا‏}‏ وقوله عن زوجته ‏"‏إنها أختي‏"‏ والقصد أنه تخلف عنهم، ليتم له الكيد بآلهتهم‏.‏
‏{‏فَـ‏}‏ لهذا ‏{‏تَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ‏}‏ فلما وجد الفرصة‏.‏
‏{‏فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِم‏}‏ أي‏:‏ أسرع إليها على وجه الخفية والمراوغة، ‏{‏فَقَالَ‏}‏ متهكما بها ‏{‏أَلَا تَأْكُلُونَ مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ‏}‏ أي‏:‏ فكيف يليق أن تعبد، وهي أنقص من الحيوانات، التي تأكل أو تكلم‏؟‏ فهذه جماد لا تأكل ولا تكلم‏.‏
‏{‏فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ‏}‏ أي‏:‏ جعل يضربها بقوته ونشاطه، حتى جعلها جذاذا، إلا كبيرا لهم، لعلهم إليه يرجعون‏.‏
‏{‏فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ‏}‏ أي‏:‏ يسرعون ويهرعون، أي‏:‏ يريدون أن يوقعوا به، بعدما بحثوا وقالوا‏:‏ ‏{‏مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ‏}‏
وقيل لهم ‏{‏سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ‏}‏ يقول‏:‏ ‏{‏تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ‏}‏ فوبخوه ولاموه، فقال‏:‏ ‏{‏بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمْ الظَّالِمُونَ ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنطِقُونَ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُم‏}‏ الآية‏.‏
و‏{‏قَالَ‏}‏ هنا‏:‏ ‏{‏أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ‏}‏ أي‏:‏ تنحتونه بأيديكم وتصنعونه‏؟‏ فكيف تعبدونهم، وأنتم الذين صنعتموهم، وتتركون الإخلاص للّه‏؟‏ الذي ‏{‏خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا‏}‏ أي‏:‏ عاليا مرتفعا، وأوقدوا فيها النار ‏{‏فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ‏}‏ جزاء على ما فعل، من تكسير آلهتهم‏.‏
‏{‏فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا‏}‏ ليقتلوه أشنع قتلة ‏{‏فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ‏}‏ رد اللّه كيدهم في نحورهم، وجعل النار على إبراهيم بردا وسلاما‏.‏
‏{‏وَ‏}‏ لما فعلوا فيه هذا الفعل، وأقام عليهم الحجة، وأعذر منهم، ‏{‏قال إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي‏}‏ أي‏:‏ مهاجر إليه، قاصد إلى الأرض المباركة أرض الشام‏.‏ ‏{‏سَيَهْدِينِ‏}‏ يدلني إلى ما فيه الخير لي، من أمر ديني ودنياي، وقال في الآية الأخرى‏:‏ ‏{‏وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا‏}‏
‏{‏رَبِّ هَبْ لِي‏}‏ ولدا يكون ‏{‏مِنَ الصَّالِحِينَ‏}‏ وذلك عند ما أيس من قومه، ولم ير فيهم خيرا، دعا اللّه أن يهب له غلاما صالحا، ينفع اللّه به في حياته، وبعد مماته، فاستجاب اللّه له وقال‏:‏ ‏{‏فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ‏}‏ وهذا إسماعيل عليه السلام بلا شك، فإنه ذكر بعده البشارة ‏[‏بإسحاق، ولأن اللّه تعالى قال في بشراه بإسحاق ‏{‏فَبَشَّرْنَاهَا‏]‏ بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ‏}‏ فدل على أن إسحاق غير الذبيح، ووصف اللّه إسماعيل، عليه السلام بالحلم ، وهو يتضمن الصبر، وحسن الخلق، وسعة الصدر والعفو عمن جنى‏.‏
‏{‏فَلَمَّا بَلَغَ‏}‏ الغلام ‏{‏مَعَهُ السَّعْيَ‏}‏ أي‏:‏ أدرك أن يسعى معه، وبلغ سنا يكون في الغالب، أحب ما يكون لوالديه، قد ذهبت مشقته، وأقبلت منفعته، فقال له إبراهيم عليه السلام‏:‏ ‏{‏إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ‏}‏ أي‏:‏ قد رأيت في النوم والرؤيا، أن اللّه يأمرني بذبحك، ورؤيا الأنبياء وحي ‏{‏فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى‏}‏ فإن أمر اللّه تعالى، لا بد من تنفيذه، ‏{‏قَالَ‏}‏ إسماعيل صابرا محتسبا، مرضيا لربه، وبارا بوالده‏:‏ ‏{‏يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ‏}‏ أي‏:‏ ‏[‏امض‏]‏ لما أمرك اللّه ‏{‏سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ‏}‏ أخبر أباه أنه موطن نفسه على الصبر، وقرن ذلك بمشيئة اللّه تعالى، لأنه لا يكون شيء بدون مشيئة اللّه تعالى‏.‏
‏{‏فَلَمَّا أَسْلَمَا‏}‏ أي‏:‏ إبراهيم وابنه إسماعيل، جازما بقتل ابنه وثمرة فؤاده، امتثالا لأمر ربه، وخوفا من عقابه، والابن قد وطَّن نفسه على الصبر، وهانت عليه في طاعة ربه، ورضا والده، ‏{‏وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ‏}‏ أي‏:‏ تل إبراهيم إسماعيل على جبينه، ليضجعه فيذبحه، وقد انكب لوجهه، لئلا ينظر وقت الذبح إلى وجهه‏.‏
‏{‏وَنَادَيْنَاهُ‏}‏ في تلك الحال المزعجة، والأمر المدهش‏:‏ ‏{‏أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ‏}‏ أي‏:‏ قد فعلت ما أمرت به، فإنك وطَّنت نفسك على ذلك، وفعلت كل سبب، ولم يبق إلا إمرار السكين على حلقه ‏{‏إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ‏}‏ في عبادتنا، المقدمين رضانا على شهوات أنفسهم‏.‏

‏{‏إِنَّ هَذَا‏}‏ الذي امتحنا به إبراهيم عليه السلام ‏{‏لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ‏}‏ أي‏:‏ الواضح، الذي تبين به صفاء إبراهيم، وكمال محبته لربه وخلته، فإن إسماعيل عليه السلام لما وهبه اللّه لإبراهيم، أحبه حبا شديدًا، وهو خليل الرحمن، والخلة أعلى أنواع المحبة، وهو منصب لا يقبل المشاركة ويقتضي أن تكون جميع أجزاء القلب متعلقة بالمحبوب، فلما تعلقت شعبة من شعب قلبه بابنه إسماعيل، أراد تعالى أن يصفي وُدَّه ويختبر خلته، فأمره أن يذبح من زاحم حبه حب ربه، فلما قدّم حب اللّه، وآثره على هواه، وعزم على ذبحه، وزال ما في القلب من المزاحم، بقي الذبح لا فائدة فيه، فلهذا قال‏:‏ ‏{‏إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ‏}‏ أي‏:‏ صار بدله ذبح من الغنم عظيم، ذبحه إبراهيم، فكان عظيما من جهة أنه كان فداء لإسماعيل، ومن جهة أنه من جملة العبادات الجليلة، ومن جهة أنه كان قربانا وسنة إلى يوم القيامة‏.‏


تفسير السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن)


لا اله الا الله
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23/03/2009, 05:39 PM
زعيــم متألــق
تاريخ التسجيل: 17/05/2008
مشاركات: 1,229
جزاك الله خير على الموضوع الرائع

اسأل الله بان يجعله في موازين حسناتك

تقبل تحيتي ودمت بحفظ الرحمن
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد


قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 08:32 AM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube