#1  
قديم 13/03/2009, 12:27 AM
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 28/03/2008
مشاركات: 809
Lightbulb تفسير سورة ص (4)

بسم الله الرحمن الرحيم

[‏41 - 44‏]‏ ‏{‏وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ *وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ‏}‏

أي‏:‏ ‏{‏وَاذْكُر‏}‏ في هذا الكتاب ذي الذكر ‏{‏عَبْدَنَا أَيُّوبَ‏}‏ بأحسن الذكر، وأثن عليه بأحسن الثناء، حين أصابه الضر، فصبر على ضره، فلم يشتك لغير ربه، ولا لجأ إلا إليه‏.‏
فـ ‏{‏نَادَى رَبَّهُ‏}‏ داعيا، وإليه لا إلى غيره شاكيا، فقال‏:‏ رب ‏{‏أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ‏}‏ أي‏:‏ بأمر مشق متعب معذب، وكان سلط على جسده فنفخ فيه حتى تقرح، ثم تقيح بعد ذلك واشتد به الأمر، وكذلك هلك أهله وماله‏.‏
فقيل له‏:‏ ‏{‏ارْكُضْ بِرِجْلِكَ‏}‏ أي‏:‏ اضرب الأرض بها، لينبع لك منها عين تغتسل منها وتشرب، فيذهب عنك الضر والأذى، ففعل ذلك، فذهب عنه الضر، وشفاه اللّه تعالى‏.‏
‏{‏وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ‏}‏ قيل‏:‏ إن اللّه تعالى أحياهم له ‏{‏وَمِثْلَهُمْ مَعَهُم‏}‏ في الدنيا، وأغناه اللّه، وأعطاه مالا عظيما ‏{‏رَحْمَةً مِنَّا‏}‏ بعبدنا أيوب، حيث صبر فأثبناه من رحمتنا ثوابا عاجلا وآجلا‏.‏ ‏{‏وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ‏}‏ أي‏:‏ وليتذكر أولو العقول بحالة أيوب ويعتبروا، فيعلموا أن من صبر على الضر، أن اللّه تعالى يثيبه ثوابا عاجلا وآجلا، ويستجيب دعاءه إذا دعاه‏.‏
‏{‏وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا‏}‏ أي حزمة شماريخ ‏{‏فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَث‏}‏
قال المفسرون‏:‏ وكان في مرضه وضره، قد غضب على زوجته في بعض الأمور، فحلف‏:‏ لئن شفاه اللّه ليضربنها مائة جلدة، فلما شفاه اللّه، وكانت امرأته صالحة محسنة إليه، رحمها اللّه ورحمه، فأفتاه أن يضربها بضغث فيه مائة شمراخ ضربة واحدة، فيبر في يمينه‏.‏
‏{‏إِنَّا وَجَدْنَاهُ‏}‏ أي‏:‏ أيوب ‏{‏صَابِرًا‏}‏ أي‏:‏ ابتليناه بالضر العظيم، فصبر لوجه اللّه تعالى‏.‏ ‏{‏نِعْمَ الْعَبْدُ‏}‏ الذي كمل مراتب العبودية، في حال السراء والضراء، والشدة والرخاء‏.‏
‏{‏إِنَّهُ أَوَّابٌ‏}‏ أي‏:‏ كثير الرجوع إلى اللّه، في مطالبه الدينية والدنيوية، كثير الذكر لربه والدعاء، والمحبة والتأله‏.‏
‏[‏45 - 47‏]‏ ‏{‏وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ‏}‏
يقول تعالى‏:‏ ‏{‏وَاذْكُرْ عِبَادَنَا‏}‏ الذين أخلصوا لنا العبادة ذكرا حسنا، ‏{‏إِبْرَاهِيمَ‏}‏ الخليل ‏{‏و‏}‏ ابنه ‏{‏إِسْحَاقَ وَ‏}‏ ابن ابنه ‏{‏يَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي‏}‏ أي‏:‏ القوة على عبادة اللّه تعالى ‏{‏وَالْأَبْصَارَ‏}‏ أي‏:‏ البصيرة في دين اللّه‏.‏ فوصفهم بالعلم النافع، والعمل الصالح الكثير‏.‏
‏{‏إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ‏}‏ عظيمة، وخصيصة جسيمة، وهي‏:‏ ‏{‏ذِكْرَى الدَّارِ‏}‏ جعلنا ذكرى الدار الآخرة في قلوبهم، والعمل لها صفوة وقتهم، والإخلاص والمراقبة للّه وصفهم الدائم، وجعلناهم ذكرى الدار يتذكر بأحوالهم المتذكر، ويعتبر بهم المعتبر، ويذكرون بأحسن الذكر‏.‏
‏{‏وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ‏}‏ الذين اصطفاهم اللّه من صفوة خلقه، ‏{‏الْأَخْيَارِ‏}‏ الذين لهم كل خلق كريم، وعمل مستقيم‏.‏
‏[‏48 - 49‏]‏ ‏{‏وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ * هَذَا ذِكْرٌ‏}‏
أي‏:‏ واذكر هؤلاء الأنبياء بأحسن الذكر، وأثن عليهم أحسن الثناء، فإن كلا منهم من الأخيار الذين اختارهم اللّه من الخلق، واختار لهم أكمل الأحوال، من الأعمال، والأخلاق، والصفات الحميدة، والخصال السديدة‏.‏
‏{‏هَذَا‏}‏ أي‏:‏ ذكر هؤلاء الأنبياء الصفوة وذكر أوصافهم، ‏{‏ذكر‏}‏ في هذا القرآن ذي الذكر، يتذكر بأحوالهم المتذكرون، ويشتاق إلى الاقتداء بأوصافهم الحميدة المقتدون، ويعرف ما منَّ اللّه عليهم به من الأوصاف الزكية، وما نشر لهم من الثناء بين البرية‏.‏
فهذا نوع من أنواع الذكر، وهو ذكر أهل الخير، ومن أنواع الذكر، ذزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ‏}‏
أي‏:‏ ‏{‏وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ‏}‏ ربهم، بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، من كل مؤمن ومؤمنة، ‏{‏لَحُسْنَ مَآبٍ‏}‏ أي‏:‏ لمآبا حسنا، ومرجعا مستحسنا‏.‏
ثم فسره وفصله فقال‏:‏ ‏{‏جَنَّاتِ عَدْنٍ‏}‏ أي‏:‏ جنات إقامة، لا يبغي صاحبها بدلا منها، من كمالها وتمام نعيمها، وليسوا بخارجين منها ولا بمخرجين‏.‏
‏{‏مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ‏}‏ أي‏:‏ مفتحة لأجلهم أبواب منازلها ومساكنها، لا يحتاجون أن يفتحوها هم ، بل هم مخدومون، وهذا دليل أيضا على الأمان التام، وأنه ليس في جنات عدن، ما يوجب أن تغلق لأجله أبوابها‏.‏
‏{‏مُتَّكِئِينَ فِيهَا‏}‏ على الأرائك المزينات، والمجالس المزخرفات‏.‏ ‏{‏يَدْعُونَ فِيهَا‏}‏ أي‏:‏ يأمرون خدامهم، أن يأتوا ‏{‏بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ‏}‏ من كل ما تشتهيه نفوسهم، وتلذه أعينهم، وهذا يدل على كمال النعيم، وكمال الراحة والطمأنينة، وتمام اللذة‏.‏
‏{‏وَعِنْدَهُم‏}‏ من أزواجهم، الحور العين ‏{‏قَاصِرَاتُ‏}‏ طرفهن على أزواجهن، وطرف أزواجهن عليهن، لجمالهم كلهم، ومحبة كل منهما للآخر، وعدم طموحه لغيره، وأنه لا يبغي بصاحبه بدلا، ولا عنه عوضا‏.‏ ‏{‏أَتْرَابٌ‏}‏ أي‏:‏ على سن واحد، أعدل سن الشباب وأحسنه وألذه‏.‏
‏{‏هَذَا مَا تُوعَدُونَ‏}‏ أيها المتقون ‏{‏لِيَوْمِ الْحِسَابِ‏}‏ جزاء على أعمالكم الصالحة‏.‏
‏{‏إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا‏}‏ الذي أوردناه على أهل دار النعيم ‏{‏مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ‏}‏ أي‏:‏ انقطاع، بل هو دائم مستقر في جميع الأوقات، متزايد في جميع الآنات‏.‏
وليس هذا بعظيم على الرب الكريم، الرءوف الرحيم، البر الجواد، الواسع الغني، الحميد اللطيف الرحمن، الملك الديان، الجليل الجميل المنان، ذي الفضل الباهر، والكرم المتواتر، الذي لا تحصى نعمه، ولا يحاط ببعض بره‏.‏
‏[‏55 - 64‏]‏ ‏{‏هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ * هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ * هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ * قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ * قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ * وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ * أَأَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ * إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ‏}‏
‏{‏هَذَا‏}‏ الجزاء للمتقين ما وصفناه ‏{‏وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ‏}‏ أي‏:‏ المتجاوزين للحد في الكفر والمعاصي ‏{‏لَشَرَّ مَآبٍ‏}‏ أي‏:‏ لشر مرجع ومنقلب‏.‏
ثم فصله فقال‏:‏ ‏{‏جَهَنَّمَ‏}‏ التي جمع فيها كل عذاب، واشتد حرها، وانتهى قرها ‏{‏يَصْلَوْنَهَا‏}‏ أي‏:‏ يعذبون فيها عذابا يحيط بهم من كل وجه، لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل‏.‏
‏{‏فَبِئْسَ الْمِهَادُ‏}‏ المعد لهم مسكنا ومستقرا‏.‏
‏{‏هَذَا‏}‏ المهاد، هذا العذاب الشديد، والخزي والفضيحة والنكال ‏{‏فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ‏}‏ ماء حار، قد اشتد حره، يشربونه فَيقَطعُ أمعاءهم‏.‏ ‏{‏وَغَسَّاقٌ‏}‏ وهو أكره ما يكون من الشراب، من قيح وصديد، مر المذاق، كريه الرائحة‏.‏

‏{‏وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ‏}‏ أي‏:‏ من نوعه ‏{‏أَزْوَاجٌ‏}‏ أي‏:‏ عدة أصناف من أصناف العذاب، يعذبون بها ويخزون بها‏.‏



تفسير السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن)


استغفر الله استغفر الله استغفر الله
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13/03/2009, 12:02 PM
زعيــم متواصــل
تاريخ التسجيل: 09/02/2008
مشاركات: 66
جزاك الله كل خير وجعلها في موازين حسناتك
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13/03/2009, 09:01 PM
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 08/02/2008
المكان: فى قلب الزعيم
مشاركات: 2,349
مشكوور اخووووي وماااتقصر
الله لايحرم اجره

تسلم ياااالغاالي
اضافة رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13/03/2009, 09:10 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ زِيْزُو المَسْعُودِي
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 01/02/2006
المكان: تبوگ الورد - ولاية البدع
مشاركات: 4,527
بارك الله فيك ونفع بك الاسلام والمسلمين
اضافة رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13/03/2009, 09:30 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ Ң alzaeem Ң
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 01/08/2008
المكان: الرياض
مشاركات: 3,609
الله يجزاك بالخيــر ,,

وجعلها بموازين حسناتك ياغالي,,
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد

أدوات الموضوع
طريقة عرض الموضوع

قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 08:41 PM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube