تناول الأستاذ عبد الرحمن العتيبي في صفحة مدارات شعبية يوم الأربعاء الموافق الثالث من محرم في السنة الهجرية الجديدة 1430هـ مسرحية ما يسمى بشاعر المليون التي أطلت علينا بنسختها الجديدة وبمفاجأتها المدوية المتمثلة في شاعرة سعودية شاركت وهي محتشمة جدا حسب شروط وسيناريوهات هذا البرنامج الملهم الذي يعد طعما مخطط له كما أشار الكاتب القدير الأستاذ عبد الرحمن - وفقه الله - في صفحة مدارات شعبية وما أروع مقولته حينما قال إن مستقبل هذا البرنامج مشرع للشاعرات السعوديات الأكثر سفورا لا للأكثر والأفضل شعرا، وحينها يظهر المستور وتنكشف الحقائق ويندم المفتونون. ومما يلاحظ اليوم تباين الكتابات حول شاعر المليون واختلاف الرؤى حول هذا البرنامج المثير للجدل فتبارى في نقده وتقويمه الغالي والجافي القريب والبعيد. ولكن اللافت للنظر أن كثيرا ممن كتب عن هذا البرنامج لم ينظر إليه نظرة موضوعية متزنة ولم يسبر غوره ولم يدرك معطياته وأبعاده.
إن هذا البرنامج جماهيري ومثير ولا يخلو من فوائد ولكن المتأمل للسيناريوهات التي أعدها المنظمون له والمطلع على آثاره التي أحدثها يدرك أن وراء الأكمة ما وراءها ويرى بعين البصيرة أن غوغائية هذا البرنامج وسطحية المتحمسين له تثبت بجلاء أن كثيرا من شبابنا المتابعين لهذا البرنامج غرهم جهلهم وأعماهم هواهم وغلبتهم عاطفتهم عن تحكيم عقولهم والحد من اندفاعهم نحو هذا البرنامج النشاز. ربما يخفى على كثير من المتابعين والمتحمسين لهذا البرنامج أنه يستخف في عقولهم ويهدر أموالهم ويكرس أحقادهم وحزازاتهم فقد ينبت المرعى على دمن الثرى وتبقى حزازات النفوس كما هي.
لقد ضخت أموال هائلة من جيوب البسطاء لخزينة هذا البرنامج من أجل ماذا؟ من أجل التصويت لهذا أو ذاك ثم ماذا؟ حتى يفوز من فاله المليون وتفتخر قبيلته بهذا الانتصار الخادع ونخسر كلنا أكثر من عشرين مليونا وحدهم ملك همام جعل كل همه توحيدهم على راية واحدة مدركا - رحمه الله - أن النار من مستصغر الشرر. وأن الفتنة نائمة لا يوقدها إلا شيطان مارد.
لقد أجج هذا البرنامج عصبية مقيتة وأيقظ قبلية بغيضة حينما نحى المنحى القبلي فهاجت الغوغاء وماجت العامة البسطاء فعمدوا إلى نصب خيام التبرعات وتذكر الأيام الغابرات من أجل التصويت لبطلهم المنتظر وفارسهم الأغر لكي ينابزوا به بقية الفرسان المخدوعين ويفاخروا به الغر الميامين.
وبقي دور العقلاء والمثقفين ويظل دور المفكرين والناصحين في تقويم هذه التجربة المريرة والحد من تكرارها وتوعية الناس بخطورتها وآثارها فنحن بحاجة إلى برامج معاكسة لبرنامج شاعر المليون حتى نمسح سوءته ونستر عيوبه ونحصن شبابنا من الاندفاع وراء هذا البرامج الخواء وننمي فيهم مهارات التفكير التي تجعلهم يميزون البرامج التي تنفعهم والبرامج التي تضرهم لأن الوقاية خير من العلاج وحتى لا تضطرنا برامج الهواء الخواء إلى أن نعيدها جدعة ونعود إلى ما وراء الوراء... وفالكم المليون يا نائمون.