#1  
قديم 26/12/2008, 09:36 PM
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 28/03/2008
مشاركات: 809
Lightbulb تفسير سورة الزخرف (5)

[‏46ـ 56‏]‏ ‏{‏وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ‏}‏ إلى آخر القصة‏.‏

لما قال تعالى‏:‏

‏{‏وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ‏}
‏ بين تعالى حال موسى ودعوته، التي هي أشهر ما يكون من دعوات الرسل، ولأن اللّه تعالى أكثر من ذكرها في كتابه، فذكر حاله مع فرعون، فقال‏:‏

‏{‏وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا‏}
‏ التي دلت دلالة قاطعة على صحة ما جاء به، كالعصا، والحية، وإرسال الجراد، والقمل، إلى آخر الآيات‏.‏


‏{‏إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏}
‏ فدعاهم إلى الإقرار بربهم، ونهاهم عن عبادة ما سواه‏.‏


‏{‏فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ‏}
‏ أي‏:‏ ردوها وأنكروها، واستهزأوا بها، ظلما وعلوا، فلم يكن لقصور بالآيات، وعدم وضوح فيها، ولهذا قال‏:‏

‏{‏وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا‏}‏
أي‏:‏ الآية المتأخرة أعظم من السابقة،

‏{‏وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ‏}
‏ كالجراد، والقمل، والضفادع، والدم، آيات مفصلات‏.‏

‏{‏لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ‏}‏
إلى الإسلام، ويذعنون له، ليزول شركهم وشرهم‏.‏


‏{‏وَقَالُوا‏}‏
عندما نزل عليهم العذاب‏:

‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ‏}
‏ يعنون موسى عليه السلام، وهذا، إما من باب التهكم به، وإما أن يكون هذا الخطاب عندهم مدحا، فتضرعوا إليه بأن خاطبوه بما يخاطبون به من يزعمون أنهم علماؤهم، وهم السحرة، فقالوا‏:

‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ‏}
‏ أي‏:‏ بما خصك اللّه به، وفضلك به، من الفضائل والمناقب، أن يكشف عنا العذاب

‏{‏إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ‏}
‏ إن كشف اللّه عنا ذلك‏.‏

‏{‏فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ‏}
‏ أي‏:‏ لم يفوا بما قالوا، بل غدروا، واستمروا على كفرهم‏.‏ وهذا كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ‏}‏


‏{‏وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ‏}
‏ مستعليا بباطله، قد غره ملكه، وأطغاه ماله وجنوده‏:‏

‏{‏يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ‏}
‏ أي‏:‏ ألست المالك لذلك، المتصرف فيه،

‏{‏وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي‏}
‏ أي‏:‏ الأنهار المنسحبة من النيل، في وسط القصور والبساتين‏.‏

‏{‏أَفَلَا تُبْصِرُونَ‏}‏
هذا الملك الطويل العريض، وهذا من جهله البليغ، حيث افتخر بأمر خارج عن ذاته، ولم يفخر بأوصاف حميدة، ولا أفعال سديدة‏.‏


‏{‏أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ‏}
‏ يعني ـ قبحه اللّه ـ بالمهين، موسى بن عمران، كليم الرحمن، الوجيه عند اللّه، أي‏:‏ أنا العزيز، وهو الذليل المهان المحتقر، فأينا خير‏؟‏

‏{‏و‏}‏
مع هذا فـ

‏{‏لا يَكَادُ يُبِينُ‏}
‏ عما في ضميره بالكلام، لأنه ليس بفصيح اللسان، وهذا ليس من العيوب في شيء، إذا كان يبين ما في قلبه، ولو كان ثقيلا عليه الكلام‏.‏
ثم قال فرعون‏:‏

‏{‏فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ‏}‏
أي‏:‏ فهلا كان موسى بهذه الحالة، أن يكون مزينا مجملا بالحلي والأساور‏؟‏

‏{‏أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ‏}
‏ يعاونونه على دعوته، ويؤيدونه على قوله‏.‏


‏{‏فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ‏}‏
أي‏:‏ استخف عقولهم بما أبدى لهم من هذه الشبه، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا حقيقة تحتها، وليست دليلا على حق ولا على باطل، ولا تروج إلا على ضعفاء العقول‏.‏
فأي دليل يدل على أن فرعون محق، لكون ملك مصر له، وأنهاره تجري من تحته‏؟‏
وأي دليل يدل على بطلان ما جاء به موسى لقلة أتباعه، وثقل لسانه، وعدم تحلية الله له، ولكنه لقي ملأ لا معقول عندهم، فمهما قال اتبعوه، من حق وباطل‏.‏

‏{‏إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ‏}
‏ فبسبب فسقهم، قيض لهم فرعون، يزين لهم الشرك والشر‏.‏


‏{‏فَلَمَّا آسَفُونَا‏}
‏ أي‏:‏ أغضبونا بأفعالهم

‏{‏انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ‏}
‏ ليعتبر بهم المعتبرون، ويتعظ بأحوالهم المتعظون‏.‏


‏[‏57ـ 65‏]‏‏{‏وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ * وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ‏}‏
يقول تعالى‏:

‏ ‏{‏وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا‏}‏
أي‏:‏ نهي عن عبادته، وجعلت عبادته بمنزلة عبادة الأصنام والأنداد‏.‏

‏{‏إِذَا قَوْمُكَ‏}
‏ المكذبون لك

‏{‏مِنْهُ‏}
‏ أي‏:‏ من أجل هذا المثل المضروب،

‏{‏يَصِدُّونَ‏}
‏ أي‏:‏ يستلجون في خصومتهم لك، ويصيحون، ويزعمون أنهم قد غلبوا في حجتهم، وأفلجوا‏.

تفسير السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن)


استغفر الله وأتوب اليه
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27/12/2008, 04:02 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ زعيم تشلساوي
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 21/04/2008
المكان: الدمـــــ07ـــــام
مشاركات: 2,566
جــــــــــــــــــــزااااااااااااااااااااااااااك الله خيــــر ونفـــع بــكـ وردهوردهوردهورده
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27/12/2008, 04:07 PM
موقوف
تاريخ التسجيل: 06/06/2008
المكان: الـشـرقـيه
مشاركات: 7,139
جـزاك الله خيرا على تفسيرك للسوره..

..
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد

أدوات الموضوع
طريقة عرض الموضوع

قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 01:04 PM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube