#1  
قديم 15/12/2008, 11:06 AM
زعيــم نشيــط
تاريخ التسجيل: 28/03/2008
مشاركات: 809
Lightbulb تفسير سورة الجاثية (3)

[‏23ـ 26‏]‏ ‏{‏أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ‏

{‏أَفَرَأَيْتَ‏}
‏ الرجل الضال الذي

‏{‏اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ‏}
‏ فما هويه سلكه سواء كان يرضي الله أو يسخطه‏.‏

‏{‏وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ‏}
‏ من الله تعالى أنه لا تليق به الهداية ولا يزكو عليها‏.‏

‏{‏وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ‏}
‏ فلا يسمع ما ينفعه،

‏{‏وَقَلْبِهِ‏}
‏ فلا يعي الخير

‏{‏وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً‏}‏
تمنعه من نظر الحق،

‏{‏فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ‏}‏
أي‏:‏ لا أحد يهديه وقد سد الله عليه أبواب الهداية وفتح له أبواب الغواية، وما ظلمه الله ولكن هو الذي ظلم نفسه وتسبب لمنع رحمة الله عليه

‏{‏أَفَلَا تَذَكَّرُونَ‏}‏
ما ينفعكم فتسلكونه وما يضركم فتجتنبونه‏.‏


‏{‏وَقَالُوا‏}‏
أي‏:‏ منكرو البعث

‏{‏مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ‏}‏
أي‏:‏ إن هي إلا عادات وجري على رسوم الليل والنهار يموت أناس ويحيا أناس وما مات فليس براجع إلى الله ولا مجازى بعمله‏.‏
وقولهم هذا صادر عن غير علم ‏

{‏إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ‏}‏
فأنكروا المعاد وكذبوا الرسل الصادقين من غير دليل دلهم على ذلك ولا برهان‏.‏
إن هي إلا ظنون واستبعادات خالية عن الحقيقة ولهذا قال تعالى‏:‏

‏{‏وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ‏}
‏ وهذا جراءة منهم على الله، حيث اقترحوا هذا الاقتراح وزعموا أن صدق رسل الله متوقف على الإتيان بآبائهم، وأنهم لو جاءوهم بكل آية لم يؤمنوا إلا إن تبعتهم الرسل على ما قالوا، وهم كذبة فيما قالوا وإنما قصدهم دفع دعوة الرسل لا بيان الحق، قال تعالى‏:‏

‏{‏قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ‏}
‏ وإلا فلو وصل العلم باليوم الآخر إلى قلوبهم، لعملوا له أعمالا وتهيئوا له‏.‏


‏[‏27ـ 37‏]‏ ‏{‏وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ * وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ * وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ * وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ * وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ * ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ * فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏}‏
يخبر تعالى عن سعة ملكه وانفراده بالتصرف والتدبير في جميع الأوقات وأنه

‏{‏يوم تَقُومُ السَّاعَةُ‏}‏
ويجمع الخلائق لموقف القيامة يحصل الخسار على المبطلين الذين أتوا بالباطل ليدحضوا به الحق، وكانت أعمالهم باطلة لأنها متعلقه بالباطل فبطلت في يوم القيامة، اليوم الذي تستبين به الحقائق، واضمحلت عنهم وفاتهم الثواب وحصلوا على أليم العقاب‏.‏
ثم وصف تعالى شدة يوم القيامة وهوله ليحذره العباد ويستعد له العباد
فقال‏:‏

‏{‏وَتَرَى‏}
‏ أيها الرائي لذلك اليوم

‏{‏كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً‏}
‏ على ركبها خوفا وذعرا وانتظارا لحكم الملك الرحمن‏.‏


‏{‏كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا‏}
‏ أي‏:‏ إلى شريعة نبيهم الذي جاءهم من عند الله، وهل قاموا بها فيحصل لهم الثواب والنجاة‏؟‏ أم ضيعوها فيحصل لهم الخسران‏؟‏ فأمة موسى يدعون إلى شريعة موسى وأمة عيسى كذلك وأمة محمد كذلك، وهكذا غيرهم كل أمة تدعى إلى شرعها الذي كلفت به، هذا أحد الاحتمالات في الآية وهو معنى صحيح في نفسه غير مشكوك فيه، ويحتمل أن المراد بقوله‏:‏ ‏

{‏كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا‏}‏
أي‏:‏ إلى كتاب أعمالها وما سطر عليها من خير وشر وأن كل أحد يجازى بما عمله بنفسه كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا‏}‏
ويحتمل أن المعنيين كليهما مراد من الآية ويدل على هذا قوله‏:‏

‏{‏هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ‏}
‏ أي‏:‏ هذا كتابنا الذي أنزلنا عليكم، يفصل بينكم بالحق الذي هو العدل،

‏{‏إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ‏}‏
فهذا كتاب الأعمال‏.‏
ولهذا فصل ما يفعل الله بالفريقين فقال‏:‏

‏{‏فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ‏}
‏ إيمانا صحيحا وصدقوا إيمانهم بالأعمال الصالحة من واجبات ومستحبات

‏{‏فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ‏}
‏ التي محلها الجنة وما فيها من النعيم المقيم والعيش السليم،

‏{‏ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ‏}‏
أي‏:‏ المفاز والنجاة والربح والفلاح الواضح البين الذي إذا حصل للعبد حصل له كل خير واندفع عنه كل شر‏.‏


‏{‏وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا‏}
‏ بالله فيقال لهم توبيخا وتقريعا‏:‏

‏{‏أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُم‏}
‏ وقد دلتكم على ما فيه صلاحكم ونهتكم عما فيه ضرركم وهي أكبر نعمة وصلت إليكم لو وفقتم لها، ولكن استكبرتم عنها وأعرضتم وكفرتم بها فجنيتم أكبر جناية وأجرمتم أشد الجرم فاليوم تجزون ما كنتم تعملون‏.‏
ويوبخون أيضا بقوله‏:‏

‏{‏وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم‏}
‏ منكرين لذلك‏:‏ ‏{‏مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ‏}‏
فهذه حالهم في الدنيا وحال البعث الإنكار له ورد قول من جاء به قال تعالى‏:‏

‏{‏وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا‏}‏
أي‏:‏ وظهر لهم يوم القيامة عقوبات أعمالهم،

‏{‏وَحَاقَ بِهِم‏}‏
أي‏:‏ نزل

‏{‏مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ‏}
‏ أي‏:‏ نزل بهم العذاب الذي كانوا في الدنيا يستهزئون به وبوقوعه وبمن جاء به‏.‏


‏{‏وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُم‏}
‏ أي‏:‏ نترككم في العذاب

‏{‏كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا‏}‏
فإن الجزاء من جنس العمل ‏{‏وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ‏}‏ أي‏:‏ هي مقركم ومصيركم،

‏{‏وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ‏}‏
ينصرونكم من عذاب الله ويدفعون عنكم عقابه‏.‏


‏{‏ذَلِكُم‏}
‏ الذي حصل لكم من العذاب

‏{‏بـ‏}
‏ سبب

‏{‏أنكم اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا‏}
‏ مع أنها موجبة للجد والاجتهاد وتلقيها بالسرور والاستبشار والفرح‏.‏


‏{‏وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا‏}
‏ بزخارفها ولذاتها وشهواتها فاطمأننتم إليها، وعملتم لها وتركتم العمل للدار الباقية‏.‏


‏{‏فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ‏}
‏ أي‏:‏ ولا يمهلون ولا يردون إلى الدنيا ليعملوا صالحا‏.‏

‏{‏فَلِلَّهِ الْحَمْدُ‏}‏
كما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه

‏{‏رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏}
‏ أي‏:‏ له الحمد على ربوبيته لسائر الخلائق حيث خلقهم ورباهم وأنعم عليهم بالنعم الظاهرة والباطنة‏.‏


‏{‏وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ‏}
‏ أي‏:‏ له الجلال والعظمة والمجد‏.‏
فالحمد فيه الثناء على الله بصفات الكمال ومحبته تعالى وإكرامه، والكبرياء فيها عظمته وجلاله والعبادة مبنية على ركنين، محبة الله والذل له، وهما ناشئان عن العلم بمحامد الله وجلاله وكبريائه‏.‏

‏{‏وَهُوَ الْعَزِيزُ‏}
‏ القاهر لكل شيء،

‏{‏الْحَكِيمُ‏}‏
الذي يضع الأشياء مواضعها، فلا يشرع ما يشرعه إلا لحكمة ومصلحة ولا يخلق ما يخلقه إلا لفائدة ومنفعة‏.‏
تم تفسير سورة الجاثية، ولله الحمد والنعمة والفضل‏.‏


تفسير السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن)


استغفر الله وأتوب اليه
اضافة رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15/12/2008, 03:06 PM
موقوف
تاريخ التسجيل: 06/06/2008
المكان: الـشـرقـيه
مشاركات: 7,139
جزاك الله خيرا يا سامي صعب يتكرر ..

اتمنى ان تختم تفسيرك للقران..

وجزيت خيرا على عملك..

..
اضافة رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15/12/2008, 05:47 PM
الصورة الرمزية الخاصة بـ زعيم تشلساوي
زعيــم مميــز
تاريخ التسجيل: 21/04/2008
المكان: الدمـــــ07ـــــام
مشاركات: 2,566
جــــــــــــزاااااااااااااااااكـ الله خيــــر ونفــــع بـــــكـ ورده ورده ورده
اضافة رد مع اقتباس
   


إضافة رد

أدوات الموضوع
طريقة عرض الموضوع

قوانين المشاركة
غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
غير مصرّح لك بنشر ردود
غير مصرّح لك برفع مرفقات
غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك

وسوم vB : مسموح
[IMG] كود الـ مسموح
كود الـ HTML غير مسموح
Trackbacks are مسموح
Pingbacks are مسموح
Refbacks are مسموح



الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +3.
الوقت الان » 07:56 AM.

جميع الآراء و المشاركات المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها فقط , و لا تمثل بأي حال من الأحوال وجهة نظر النادي و مسؤوليه ولا إدارة الموقع و مسؤوليه.


Powered by: vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

Google Plus   Facebook  twitter  youtube