بداية دعوني اتسائل ( بقدر ما أستيطعُ المحافظة على ثباتي الانفعالي ) وأقول : ماذا فعل المنتخب في المباراة حتى نفكر في الفوز على منتخب مثل كوريا ؟؟ ذلك أني ولوهلة ظننت أن المنتخب يقابل منتخب صغير وضعيف جداً .. وعبثاً أحاول التخلص من الغضب الذي يحاصرني كلما تذكرت أن المنتخب يعاني من عيوب فنيه واضحه ونحن لازلنا في الدور الأول..
وبرغم ذلك فإني لا أنكر أن التذمر من قوة المجموعة في هذا الوقت بالذات أصبح فكرة قديمة جداً وذلك لخلفية الخسارة ( المذلة ) اليوم أمام كوريا وكذلك لأن قانون كرة القدم يقتضي أن تفوز على الكبار فيما إذا أردت أن تثبت أنك لا زلت كـبـيـراً..!
وبخصوص مباراة الليلة التي أعد المنتخب لها كل شيء في سبيل مشاهدة ( متعة سعودية مجانية ).. فيمكنك أن تضحك.. ويمكنك أن تبكي.. ويمكنك أن تضرب برأسك على الجدار. غير مأسوف عليهما معاً - ليست مشكلة.. المهم هو أن لاتسأل أو تقول « ماذا فعلوا بنا؟ » فحتى لو لم تفهم يجب أن يكون الأمر مفهوماً كالعادة !.
وفي وضع كهذا لا يُنصح كثيراً بالخوض في مفكرة اللقاء ( الفنية ) فالأمر أصبح أكثر من مبذول ومبتذل،، وغير قابل للطرق والسحب، فقد أوهمتنا رقعة الملعب أننا نخوض اللقاء بطريقة 4 - 4 - 2 ولكن ما تم مشاهدته لا يمت لذلك بأي صلة.. شاهدنا مجموعة من القمصان الخضراء الذين ضلو يلوحون بورقة الحماس وبهتافات الجماهير وعندما تلعب في ظل الكرة الحديثة ومن دون غطاء تكيتي واضح فعليك مصادرة حقوقك في المنافسة.. وأكثر من ذلك إذ يجب أن تذهب إلى بطولات الحواري..!
ليس جلداً للذات أهوى الحديث بهذا المنطق ولكنها القلوب المكلومة على رمادية أداء لاعبين توسمنا فيهم الكثير واستبعاد آخرين مكانهم لازال شاغراً في المنتخب .. سمعنا كثيراً عن الانسجام الكبير بين اللاعبين على خلفية أنهم مجموعة من الشباب ، وسمعنا اكثر عن الاعداد الذي يفترض أنه ( جيد ) لهذه المنافسة.. كان لدينا صحف ومواقع كثيرة تقول كل شيء وأي شيء..! وقد كان ذلك جيداً إلى حد ما، ولكن الان هل سيكون جيداً أكثر لو تضاعف العدد ليتضاعف كل شيء وأي شيء؟!. غير أن العبرة هنا ودائماً ليست في العدد أو الكم بل في النوع أو الكيف فلا تصدق الجعجعة قبل أن تعاين الطحين؟؟
لقاء الليلة أمام كوريا كان مهماً جداً ولا ينكر أحد أن الخصم الكوري كبير ومتمرس.. كانت البداية مقبولة على مستوى الضغط والندية.. بدا لاعبونا وكأنهم قادرين على قتل الكوريين وحصرهم في منطقتهم إلى أن تحقق التقدم للكوريين بطريقة ساذجة قد يصعب إيجاد مثيل لها في المستطيلات الخضراء.. لأن من لاحظ طريقة مدافعينا في محاربة الهجمة الكورية وطريقة الارتداد لإهداء الكرة للكوريين لأحراز التقدم سيقتنع وبشدة أنها كبيرة جداً تلك المسافة التي تفصل اللاعبين عن التفكير والتصرف السليم..!
تقدم الكوريين بالهدف الثانية كانت متوقعة.. لسبب جوهري وحاسم وهو أننا لم نلاعب الخصم الكوري بما تقتضية إملاءات ( المرحلة ) وطريقة لعب المنافس، وإنما بإملاءات ( على البركة ) وكرة تعتمد على الفزعات وحماس الجماهير الوفية.. ولكي أكون إيجابياً اكثر في الطرح فلعلي سأحاول أن أنشر غسيل منتخبنا الذي كان في مباراة كوريا شديد الاتساخ وأشدد على أن ناصر الجوهر واللاعبين أجبرو أنفسهم على خوض مجريات قاسية باعتمادهم على تصعيد النسق في نقل الكرات إلى المقدمة وذلك مع منتخب أصل قوته وأساس لعبه هو ( السرعة والمباغتة ) ولو أن اللاعبين اعتمدوا على التحضير ( الكثير ) والاحتفاض بالكرة في المنتصف لأكبر قدر ممكن مستغلين مهاراتهم الفردية ( في النصف الأول من شوط المباراة الأول على الأقل ) فلعل ذلك سيكون فيه خفض لرتم المباراة وتعطيل للنسق السريع مما يفقد الخصم الكوري ركناً أساسياً من أركان قوته،، أما المضحك المبكي فيكمن في أن المنتخب وعندما أعتمد على السرعة في نقل الكرات ( طولياً ) إلى المقدمة ( وهي ميزة لا نجيدها ) لم نكن نحقق التقدم المطلوب لأن كراتنا كانت ( دائماً ) تنقطع برعونة كبيرة وذلك لأن لاعبينا ومع هتـافــات واهـازيج الجماهير الغفيرة يجدون صعوبة كبيرة في التفريق بين السرعة والتسرع .... !
إلى هنا علينا ان نتفق ( جملة وإفراداً وتفصيلا ) أن تقديم وجه مرضي في ظل معطيات كهذه كان صعبا جداً.. لأن المدرب واللاعبين أفقدوا أنفسهم نقاط قوتهم مفسحين الطريق للمنافس في الاستفادة القصوى من إمكانات لاعبيه.. الشوط الثاني كشف عن تسيد كوري كامل للمجريات وأكثر من ذلك فقد أظهر منتخب كوريا ميزة أخرى فريدة وهي التسديد السهل البسيط والمتقن ( الهدف الثاني ) ..
ولأن الجوهر كان يلعب بطريقة ( دفاع المنطقة ) فإن تسديدات وهجمات الكوريين كانت لا تنفك تعبر الأجواء السعودية بيسر وسهولة لتحط رحالها في الصندوق السعودي كما هي المعادلة التالية :
كرة عرضية بطيئه + تغطية سيئة = هدف .
ضعف تغطية من وسط الملعب / تصوير للحدث من الدفاع السعودي + تسديده من اللاعب الكوري وهو في أريحية تامه = هدف .
وبما أن القناعات سارت قبل اللقاء بأن للكوريين عيوب فنية وأننا نستطيع تجاوزهم بفعل حزمة عباقرة يحفل بها المنتخب فلماذا لم تسر قناعات المدرب إلى إلى الحقيقة تقول أننا يجب أن نلعب بمالك معاذ وفيصل السلطان كمهاجمين صريحيين جداً ؟ أقول ذلك لأني أتسائل ألم يدرس ناصر الجوهر المنتخب الكوري ؟ لماذا خاض اللقاء معتمداً على الهجوم الغير منظم وتفريغ الوسط تماماً ، مما أدى إلى فتح الطريق على دفاع المنتخب الذي فسح المجال للكوريين في الاختراق والتسديد .. لماذا لم يعتمد على اللعب بطريقة ( الدفاع المتقدم ) والضغط على حامل الكرة؟؟ وبعيداً عن جحيم الخسارة الكورية .. أجد ذهني يطالبني وبشده أن أسأل عن كذبة يقال لها ( الانسجام وأننا لسنا بحاجة إلى لاعبين مثل نور ) . ؟؟ أقول ذلك لأني لم أشاهد جمل تكيتكية تحسب لجهاز فني أيا كانت قدراته؟؟
أسئلة كثيرة طرحتها على عقلي بعد مباراة كوريا واعتقد أنها تساؤلات من طراز يتطلب التصحيح فضلاً عن الإجابة.. إذ كم هو محزن أن ترتفع الهتافات اسراباً في سبيل تشريف سعودي( معهود ) ثم ينتهي الأمر بخسارة أهداف تمزق شباكنا وتجعل الأجهزة الفنية في المنتخبات المنافسة تشرع في وضع منتخبنا في موضع من يسير وجهة المجموعة قياساً لكم الخسارة التي سيتلقاها المنتخب ،
لذلك كله كان سقوط الأخضر في مباراة كوريا لم يغضب الجماهير فحسب لمجرد أنها مباراة وأنتهبت بل حذراً في المستقبل فكان سقوط بكيفية أغضبتني ودلالة أحزنتني فيما حز في نفسي الأثر ..!
الوضع العادي
