╠ محاكم المستقبل .. إلكترونية بالنيابة ╣
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا مقال للكاتب المتألق : فهد عامر الاحمدي .
قرأته وأعجبني وأذهلني في نفس الوقت , وأحببت ان تشاركوني في قراءته , وان تبدوا لي آرائكم وإجاباتكم على الأسلة التي في آخر المقال .
================================
محاكم المستقبل.. إلكترونية بالنيابة
-----------------
أيام المراهقة شاهدت فيلما خياليا يبدأ بالمشهد التالي:
....... صف طويل من المجرمين ينتظرون الحكم عليهم بواسطة قاضٍ إليكتروني (عبارة عن جهاز كمبيوتر متقدم يتضمن كافة القوانين الجنائية والعدلية والسوابق الفردية).. وما أن يأتي دور المتهم حتى يتقدم محاميه ويدخل قرص ليزر (يتضمن تفنيدا لكافة الاتهامات المنسوبة لموكله) كما يتقدم المدعي العام ويدخل في الفتحة المجاورة قرصا مماثلا (يتضمن كافة معطيات الادعاء ضد المتهم).. وخلال ثوان يقوم "القاضي الإلكتروني" بالموازنة بين الفريقين ويصدر قراره بالإدانة والعقاب / أو البراءة وإطلاق السراح!!
ورغم أن هذه "التقنية" كانت جزءا من قصة خيالية؛ إلا أنني حين نظرت إليها (من باب المنطق الحسابي) ولم أجد ما يمنع تنفيذها مستقبلا...
وهذه الأيام يبدو أن الصينيين سبقوا الجميع في ابتكار هذا النوع من التقاضي الإلكتروني.. وما ذكرني بالفيلم السابق خبر مماثل تناقلته مؤخرا وكالة "شينخوا" الحكومية؛ ففي مدينة زيبو - في إقليم شاندونج - توجد محكمة "إلكترونية" أصدرت ألف حكم قضائي بهذه الطريقة. وهي تعتمد على برنامج كمبيوتري متطور يحفظ كافة القوانين والأنظمة، وظروف الإدانة المحتملة، والقضايا المماثلة التي صدر فيها حكم سابقا..
وقبل الاحتكام للقاضي الإلكتروني يعد الدفاع والادعاء معطياتهما على قرصين يملكان نفس السعة - وقد يطلب القاضي الالكتروني رأي القاضي البشري بخصوص بعض التفاصيل الخاصة أو الاإسانية الفريدة قبل أن يقوم بإصدار الحكم والعقوبات المفروضة!!
ومن محاسن الحكم بهذه الطريقة (غير أنها جماعية وتتضمن عقوبات قياسية موحدة) أن الكمبيوتر لا يملك عواطف أو ميولاً أو مواقف مسبقة ويعمل بطريقة مجردة بعيدة عن أي تأثير خارجي - وفي جميع الأحوال يظل في مقدور قضاة الاستئناف تعديل الأحكام التي يطلقها الكمبيوتر وإدخال رؤيتهم الإنسانية لكل قضية على حدة (وهو ما يساهم في إثراء البرنامج وجعله أكثر خبرة ومرونة)!!
...أما من الناحية التقنية البحتة فأتصور أن برنامجا كهذا يتضمن بالضرورة عددا كبيرا من العمليات المنطقية المترابطة مثل ( إذا ضرب زيد عمر/ يدخل زيد السجن ويدفع تعويضا لعمر). ولكن في حال اكتشف الكمبيوتر أن (عمر هو من تحرش أولا بزيد) سيكتفي حينها بإصدار حكم مخفف (بسجن زيد دون تعويض عمر)..
هذا الترابط المنطقي يمكن برمجته لخدمة أي مجال نظري آخر يمكن تصوره.. إذ يمكن مثلا برمجة الكمبيوتر ليعمل طبيبا في الأمراض البسيطة والشائعة اعتمادا على ترابط من نوع (في حال التهاب اللوزتين /تناول مضاد أموكسيل لسبعة أيام) ولكن ( في حال كان طفلا /وتكرر التهاب اللوزتين/ يستحسن إزالتهما نهائيا)...
وأنا شخصيا أتوقع - في المستقبل القريب - ظهور أجهزة قادرة على تشخيص وعلاج الأمراض الشائعة دون الحاجة لمقابلة الطبيب؛ إذ سيكون بإمكانها تشخيص المرض وصرف الدواء وإسداء النصائح - وإضافة المعلومات الى أرشيف المريض - بشكل أسرع وأكثر فعالية من معظم الأطباء.. وبعد عشرين عاما من الآن لا أستبعد انتشارها في الشوارع (كماكينات بيع المرطبات) بحيث يمكنك إدخال سن المريض وجنسه ومواصفات الحالة فتخرج لك روشتة بالدواء المناسب (أو ربما ستفاجئك بإخراج الدواء نفسه)!!
.. وكما يصعب ترك القرار للكمبيوتر وحده في القضايا الجنائية الكبيرة؛ يصعب ترك القرار له في الحالات المرضية المعقدة أو التي تتطلب خبرة طبية متقدمة (... أقول هذا من باب الحذر والافتراض بأن أجهزة المستقبل ستجمد عند مستوى تقني معين)!!
-----------------------------
.:. إنتهى المقال .:.
-----------------------------
وبقي أن أضيف أسئلتي المعتادة 
س / هل تتوقعون أن تـُفـَعـَل التقنية بالأمور الحساسة مثل الصحة والقضاء ؟
س / هل تقبلون بحكم الاجهزة لو أسند إليها اصدار الاحكام القضائية ؟
س / هل ترضون وتعملون بـ توصيات الاجهزة في أمور الصحة ؟
الوضع العادي
