منطقة الجوف
كلمة الجوف في المعنى اللغوي أي المطمئن من الارض , و ذلك لانخفاض ارضه عما حولها , و كان هذا الانخفاض يوصف بالنقرة ... كما قال الشاعر عن الجوف :
يا ما حلا و الشمس يبدي شعقها من حدر الزرقاء على نقرة الجوف
و ورد ذكر عقدة الجوف في شعر المتنبي و يبدو انه قصد بها دومة الجندل لان العقدة تعني الارض الكثيرة النخيل و دومة الجندل معرفة بكثرة نخيلها . فقد قال المتنبي :
و جابـت بسيطة جوب الردا بين النعام و بيــن المهــا
إلى عقدة الجوف حتى شفت بماء الجراوي بين الصدا
هذا و يطلق اسم الجوف حاليا على منطقة واسهة تضم عددا من المدن و القرى بما فيها سكاكا و دومة الجندل المعروفة بالجوف سابقا , و تقدر مساحة منطقة الجوف بـ 58425 كم و عدد سكانها 95000 نسمة , و هي في موقع وسط بين امارات شمال المملكة العربية السعودية , فامارة الحدود الشمالية تحف بها من الشمال و الشمال الشرقي , و امارة تبوك تحف بها من ناحية الغرب , و من الجنوب تحف بها امارة حائل .
دومة الجندل و الفتح الاسلامي
عندما جاء الاسلام بنور الهداية كانت دومة الجندل لا تزال كغيرها من بلاد العرب قبل الاسلام تعيش حياة العرب الجاهليين حتى وهبها الله نور الاسلام بعد فتحها , و قد غزا الرسول صلى الله عليه و سلم دومة الجندل في شهر ربيع الاول في السنة الخامسة للهجرة , و عدت تلك الغزوة اول غزوات بلاد الشام , و سبب هذه الغزوة انه قد بلغ الرسول صلى الله عليه و سلم ان جمعا كثيرايظلمون من مر بهم و انهم يريدون الدنو من المدينة , فخرج الرسول صلى الله عليه و سلم بعد ان استعمل على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري مع الف من اصحابه و معه دليل له من عذرة يقال له مذكور فاصاب اهل دومة الجندل الرعب و تفرقوا ثم عاد إلى المدينة و غنم المسلمون ابلا لهم , ثم رجع رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل ان يصلها .
اما الغزوة الثانية لدومة الجندل فقد وقعت في السنة السادسة للهجرة في شهر شعبان و سببها ان حاكم دومة الجندل بقي على تعرضه للسابلة من تجار المدينة المنورة , و قد ذكر ان الرسول صلى الله عليه و سلم دعا عبد الرجمن بن عوف فاقعده بين يديه و عممه بيده و قال : (( اغز باسم الله و في سبيل الله فقاتل من كفر بالله , لا تغل و لا تغدر و لا تقتل وليدا )) . و بعثه إلى كلب بدومة الجندل , و قال له : (( ان استجابوا لك فتزوج ابنة ملكهم , فاسلم الاصبغ بن عمرو الكلبي و كان كبيرهم فاسلم معه اناس كثيرون , و تزوج عبد الرحمن تماضر ابنة الاصبغ .
اما الغزوة الثالثة لدومة الجندل و التي وقعت في السنة التاسعة للهجرة , فقد ورد ان الرسول صلى الله عليه و سلم وجه اليها خالد بن الوليد اثناء غزوته لتبوك و كان ملك دومة وقتها اكيدر بن عبد الملك , و قال النبي صلى الله عليه و سلم لخالد : ستلقاه يصيد الوحش , و جاءت بقرة وحشية فحكت قرونها بالحصن المنيع المسمى مارد , و هو الذي يتحصن به الاكيدر , فنزل اليها ليلا ليصيدها فهجم عليه خالد فاسره و قتل اخاه حسان و افتتحها خالد عنوة . ثم ان النبي صلى الله عليه و سلم صالح اكيدر على دومة و امنه و قرر عليه و على اهله الجزية , و لكن اخاه حريث اسلم فاقره النبي صلى الله عليه و سلم على ما في يده .
و لكن اكيدر نقض الصلح بعد وفاة النبي صلى الله عليه و سلم فاجلاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه من دومة الجندل إلى الحيرة .
اهم الاثار في منطقة الجوف
:
قلعة مارد ( قصر الاكيدر ) :
http://www.ppsch.net/joufvb/images/mareeds.gif
تقع هذه القلعة على ربوة في مدينة دومة الجندل , بحث تطل على جميع المدينة و تمثل هذه القلعة حصننا منيعا تتوافر فيه جميع وسائل المنعة بالنسبة لحاكم المدينة , و تعد السيطرة على هذا الحصن رمزا للقوة و السلطان , و معنى بليغا للهيمنة على المنطقة منذ كانت دومة الجندل عاصمة لمملكة عربية في العهد الاشوري , في القرنين السادس و السابع قبل الميلاد , إلى ان دخلت هذه المملكة في حرب مع مملكة تدمر التي قالت قولتها المشهورة عندما حاولت احتلال دومة الجندل و استعصى عليها هذا الحصن المنيع , كما استعصى عليها حصن الابلق في تيماء : (( تمرد مارد و عز الابلق )) , و ذلك في القرن الثاني الميلادي , و استمرت اهمية هذا الحصن حتى الفتح الاسلامي و إلى يومنا هذا و هو في عظمته و كبريائه .
و لم يعرف سبب تسيته باسم ( مارد ) و لا زمن التسمية و لكن من المرجح ان لفظ مارد جاء هنا صفة للحصن العملاق المنيع الشامخ الذي تمرد على الغزاة فاصبح ماردا عزيز المنال .
مسجد عمر بن الخطاب :
و يقع هذا المسجد ايضا في دومة الجندل و بالقرب من قلعة مارد و المئذنة فقط و التي بنيت كلها بالحجارة بما في ذلك السلم الداخلي لها ذات القيمة الاثرية امام الناظر , اما المسجد فيلاحظ عليه اثر التجديد أو التغيير .
http://www.ppsch.net/joufvb/images/omars.gif
الرجاجيل :
هي عبارة عن اعمدة من الحجارة الصماء طويلة قائمة و الواحدة منها تشبه الرجل اذا ما شوهد من بعيد و لهذا سميت بالرجاجيل
http://www.ppsch.net/joufvb/images/rajajils.gif
حصن زعبل :
يمثل حصن زعبل الذي يطل على مدينة سكاكا من الجهة الشمالية الغربية المرتبة الثانية من حيث الاهمية الحربية بعد قلعة مارد و قد وصفته الرحالة ( ان بلانت ) فقالت : و سكاكا كالجوف ذات قلعة قديمة تجثم على مرتفع يبلغ طوله حوالي 100 قدم و تسيطر على المدينة .
http://www.ppsch.net/joufvb/images/za3bals.gif
بئر سيسرا :
يقع بالقرب من قلعة زعبل على بعد 200 م تقريبا , و هو محفور في موقع صخري مرتفع يحيط بها من الداخل درج منحوت في صخرة البئر نفسها ذات فوهة واسعة , و بها نفق من الجهة الشرقية من قاع البئر يغذي المزارع التي تقع منخفضة في المدينة على بعد 3 كم تقريبا , و قد جفت البئر منذ زمن قديم , و يرجح انها تعود إلى العهد البيزنطي و يربط البعض بين اسم سيسرا و اسم سيزار أو قيصر في اللغة الانجليزية .
غار حضرة :
يقع جنوب بئر سيسرا بحوالي 200 م و هو كهف منحوت داخل تل جبلي و لم يعرف بعد إلى أي عصر يعود و لا سبب تسميته بهذا الاسم , الا ان طبيعة النحت و كيفيته تماثل إلى حد كبير نحت
الثموديين في مدائن صالح .
جغرافية الجوف :
تتمثل في الجوف بمسماها الواسع انواع مختلفة من التضاريس من مرتفعات و منخفضات و وديان و سهول و هضاب , فمن اشهر مرتفعاتها جبال : قيال , قيالات , الفضية , الطويل , و هضبة الحماد . و اهم منخفضاتها مدينة دومة الجندل نفسها التي وصفها غالب بن سراح , احد امراء دومة الجندل ابان حكم الرشيد بـ ( النقرة ) أي المنخفض , و ذلك ضمن قصيدته اثناء لجوئه إلى البلقاء من الشام حين قال :
يا ما حلا و الشمس تبدي شعقها من حدر الزرقاء على نقرة الجوف
و تقدر مساحة الجوف بنحو (107,794) كيلو متر مربع ، أي ما يعادل (4,9) من المساحة الإجمالية للمملكة.
خارطة توضح موقع منطقة الجوف بالنسبة للملكة العربية السعودية
جغرافية مدينة سكاكا
وتقع في الطرف الشمالي للنفود الكبير ومساحتها 27 كم2 وهي مقر إمارة منطقة الجوف وتقع على خط عرض 30 شمالا ً وخط الطول 40 شرقاً وترتفع عن سطح البحر ( 580 ) قدم بينما تنخفض حوالي ( 500 ) قدم عما حولها وهي من أهم مدن المنطقة وأكثرها سكاناً ومساحة ، فيها فروع الدوائر الحكومية حيث تقوم على خدمة المواطنين والوفاء بمتطلباتهم ، وتحتضن مدينة سكاكا العديد من مزارع النخيل والزيتون والفواكه ، كذلك فيها منطقة صناعية وبعض المراكز التجارية ، أيضاً بقربها أقدم موقع أثري استوطنه الإنسان في الجزيرة العربية وهو الشويحطية
أمارة منطقة الجوف :
دخلت منطقة الجوف ضمن الدولة السعودية الثالثة في عهد الملك عبد العزيز ال سعود و ذلك عام 1922 م , وقد تاسست امارة منطقة الجوف في نفس العام , و قد تعاقب على راس الامارة عدد من الامراء وفق الترتيب الزمني :
1. عساف الحسين ( 1341 هـ - 1343 هـ ) .
2. ابن عقيل ( 1343 هـ - 1345 هـ ) .
3. تركي بن احمد السديري ( 1345 هـ - 1346 هـ ) .
4. ابن سعيد ( 1347 – 1348 هـ ) .
5. ابراهيم النشمي ( 1348 – 1349 هـ ) .
6. تركي بن احمد السديري ( 1349 – 1351 هـ ) .
7. عبد العزيز بن احمد السديري ( 1352 – 1357 هـ ) .
8. محمد بن احمد السديري ( 1357 – 1362هـ ) .
9. عبد الرحمن بن احمد السديري ( 1362 – 1410 هـ ) .
10. سلطان بن عبد الرحمن السديري ( 1410 – 1419 هـ ) .
11.صاحب السمو الملكي الامير عبد الاله بن عبد العزيز ال سعود ( 1419 هـ - 1422) .
12.صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبد العزيز آل سعود (1422هـ - 00000 )
http://www.alkalog.net/up/uploads/2bf0535d9b.jpg
و تنقسم منطقة الجوف وفقا للتقسيم الاداري الخاص بنظام المناطق بموجب الامر الملكي الى المحافظتين الرئيسيتين التالي ذكرهما :
1. محافظة القريات , فئة ( أ ) .
2. محافظة دومة الجندال , فئة ( ب ) .
هذا بالاظافة طبعا الى العاصمة الادارية و هي مدينة سكاكا .
مدن الجوف :
يشهد التاريخ بان مدينة دومة الجندل هي اهم مدن منطقة الجوف على وجه الاطلاق , من حيث الوجهة التاريخية و الاثرية , و بالرغم من هذا فانه لا يمكننا تجاهل المؤثرات التاريخية و الاثرية لمدينة سكاكا و ما حولها من الضواحي , حيث عثر في منطقة الشويحطية و التي تتبع مدينة سكاكا و تبعد عنها حوالي 35 كم على ادوات حجرية تعود إلى قبل مليون عام تقريبا على حسب ما ذكره الباحثين , كما اخذ من الدراسة التي اجريت على هذه الادوات ان تتبع العصر ( من 500 الف سنة إلى ما قبل 30 الف سنة ) و كذلك العصر التشالكوليتي أو البرونزي ( من 4500 سنة إلى 2500 سنة قبل الميلاد .
مدينة سكاكا :و مدينة سكاكا اليوم هي حاضرة المنطقة بشكل عام و اهمها من حيث عدد السكان و المساحة , و ايضا من ناحية احتضانها الادارات الحكومية الرئيسية في المنطقة .
و لما كانت مدينة سكاكا في سابق عهدها عبارة عن مزارع من النخيل اكثر من كونها مدينة ذات مظهر حضاري , فانها و قد شقت بها الطرق و تزاحم في العمران و قد البستها مزارع النخيل حلة خضراء جميلة .
مدينة القريات:
مدينة دومة الجندل:
مركز طبرجل:
الحياة الأجتماعية :
إفطار رمضان
كان عادة الناس في الجوف أن يتناول طعام إفطار رمضان عند المساجد ، ويحضر كل من القادرين من جماعة المسجد ما تيسر لديه من طعام مناسب ، فيتناول كل من الحاضرين ما يروق له مما قدم ، ولهذه العادة ما لها من قيم إنسانية من تقوية الروابط الاجتماعية والتعاون على البر والتقوى . وتأمين الإفطار المناسب للفقراء الذين لا يستطيعون الحصول على هذا الطعام بغير هذه الكيفية التي من شأنها أيضاً رفع الحرج عن الذين لا يجدون طعاماً يسد جوعهم .
وتعظم قيمة هذه الكيفية لتقديم الطعام في شهر رمضان إذا أخذنا في اعتبارنا أن هذه العادة قد سادت في وقت كان الناس في أشد الحاجة إليها حيث كان يسود الفقر لقلة الموارد ، ويأخذ الجوع من الناس مأخذه .
وتعظم القيمة أكثر إذا ما تصورنا شعور الفقير وعابر السبيل وهو يجد تلك الموائد المتعددة الأصناف على قلتها قد قدمت له بطريقة رفعت عنه حرج السؤال من قبل أناس يحثونه على الأكل دون منة ابتغاء مرضاة الله وعظيم جزائه لهذا العمل الخيري الجليل .
كما كان من العادات السائدة في رمضان أن يدعى المصلون لصلاة آخر الليل في العشر الأواخر من رمضان ( صلاة القيام ) إلى السحور بحيث يتسحرون كل يوم من الأيام العشرة الأواخر عند واحد من جيران المسجد وفي ذلك ما يعين المصلين الذين يصومون النهار ويقومون الليل على طاعة الله سبحانه وتعالى .
وقد تلاشت في الآونة الأخيرة ظاهرة إفطار الناس عند المساجد ، كما تلاشت ظاهرة تناول السحور الجماعي عند أحد المصلين من جيران المسجد نظراً لزوال الظروف الداعية لذلك من الفقر والجوع بفضل الله تعالى وما أنعم به على هذا البلد من خير عميم .
الألعاب :
كان أطفال المنطقة وشبابها يمارسون عدداً من الألعاب الشعبية يشدهم إليها شغف عظيم مبعثه حب التسلية والتنافس ، وقد كان من تلك الألعاب ما هو نهاري وأخر ليلي ، كما أن الشباب وهم يمارسون ألعابهم ينقسمون إلى فئات حسب أعمارهم ، فحين يلعب الصغار من الشباب مع بعضهم نجد الكبار منهم ينعزلون في ملعب آخر ليمارسوا اللعبة نفسها ، ومن تلك الألعاب السائدة :
1- الباكورة :
وهي تشبه إلى حد كبير جداً لعبة ( القلف ) Golf من حيث ميدانها وأدواتها وفرقها .
2- الحاح :
وهذه تأتي في الأهمية بالمرتبة الثانية بعد الباكورة وتمارس من قبل فريقين ،بين ثلاثة وثلاثة لاعبين أو أربعة وأربعة ، المهم ، يتساوى العدد عند الفريقين .
3- السباحة :
وهذه اللعبة ذات أهمية كبرى إذ يقدم الآباء على تدريب الأبناء وتعليمهم السباحة لاعتبارين مهمين ، أحدهما نظرة الإسلام لتعليم السباحة من خلال الدعوة الإسلامية لذلك : ( علموا أبناءكم السباحة والرماية وركوب الخيل ) .
الألعاب :
* عظيم وضاح
* فري يا شعيرة
* من سواقك يا بقيرة
* طاق طاق طاقية
* من حاميك يا كلبة
الأكلات الشعبية بمنطقة الجوف
اعتاد سكان منطقة الجوف في الماضي على عدة أكلات شعبية كان عليها قوام معيشتهم ، وتعتمد تلك الأكلات بالدرجة الأولى على إنتاجهم المحلي ، ومما لا شك فيه أن التمر واللبن من أبرز وأهم أنواع مأكلهم ومشربهم ، ويلي ذلك الوجبات التي تعد من القمح والشعير ومن أهمها : الجريش ، المرقوق ، المطازيز و العصيدة .
الخبز بأنواعه ومنه :
خبز الصاج وهو على نوعين :
أ – رغيف ( المقشوش ) : وهو يشبه ما يسمى في نجد ( القرصان ) ، وهذا النوع من الخبز يعمل منه الثريد . كما يضاف إلى هذا الخبز بعض أنواع الخضار كالقرع والباذنجان واللوبيا والبصل . وفي هذه الحالة يسمى ( المشورب ) وذلك عند إضافة شوربة هذه الخضار أو أحدها إليه . كما يضاف السمن الطبيعي إلى الخبز بنوعيه المقشوش أو المصلي بعد تقطيع الخبز إلى أجزاء صغيرة بقدر اللقمة ، ويسمى أيضاً عند بعضهم الثريد أو الخميعاء .
ب- رغيف ( المصلي ) : وسمكه في المتوسط لا يقل عن 1سم .
جـ- خبز الصفاة : وهو يعد على قطع حجرية ملساء محماة على النار .
د – الجمري : وهو العجين الذي يوضع مباشرة على الجمر حتى ينضج .
.
المنغطة :
وهذه الأكلة تتكون من تمر الحلوة والسمن الطبيعي ، إذ يعجن التمر بعد تخليصه من النوى بالسمن على نار هادئة فيؤكل ساخناً قبل أن يجمد السمن . وغالباً ما تقدم هذه الأكلة في ليالي الشتاء الباردة .
العونة
يعتمد كثير من وجوه حياة الناس قديماً في الجوف – كما هي الحال في غيرها – على الجهد التعاوني ، إذ يجد المرء نفسه غير قادر بجهده الخاص على التغلب على ما يواجهه من صعوبات الأمر الذي هيأ الجميع لأن يستعدوا للمشاركة فيما يطلبون إليه من أعمال جماعية ، فالكل سيتعرضون لهذا الموقف أو ذاك وإن كانت هذه الحاجة وتلك التعاونيات تختلف من حيث النوع من بيئة لأخرى .
مكانة الضيوف في حياة أهل الجوف :
كغيرهم من أهل هذه البلاد الحبيبة ، فإن أهل الجوف أيضاً قد عرفوا بالكرم منذ القدم ، في وقت كانت فيه المعيشة قاسية وأسبابها عسرة ونادرة ، فكانوا يعتمدون – بعد الله – على ما تنتجه مزارعهم أو ما يستوردونه على ظهور الإبل من أسواق العراق وسوريا والأردن . وكانوا يؤثرون الضيف على أنفسهم ، ويقدمون مطمعه على مطعم أسرهم ، ويحتفظون له بالطعام الجيد فلا تمتد أيديهم إلى نصيب الضيف حتى ولو كان أولادهم في أمس الحاجة إليه ، وإنما يبقى وقفاً على الضيوف ، وفي هذا المقام يوصي أحدهم ابنه للحفاظ على حق الضيف من الزاد ، يقول المرحوم / حمد المويشير :
حط للعمال تمر وزادي غير حق الضيف لا تزحمونه
ويقول أحد أبناء الجوف غالب بن سراح كان قد سافر إلى منطقة البلقاء من بلاد الشام فصادف موقفاً أحسن فيه بالغربة والضيق وأراد أن يعرب عن وجه المقارنة بين الحال التي عاشها في القرية وواقع حاله بين بني قومه في الجوف ومدى إكرامهم للضيف ، يقول :
يا ما حلا والشمس يبدى شعقها من حدر الزرقا على نقرة الجوف
نسقي بها غيد ظليل ورقها نقلط نماها للمسايير وضيوف
كم حايل للضيف نرمي شنقها يقلط حثث ما هو على الزاد مردوف
ويعرب آخر عن أنه لم يسع في سبيل غرس النخل إلى التجارة بالمير ويعني ( التمر ) ولكنه غرس النخل لأداء واجبه تجاه الضيف وذي الحاجة .
يقول الشاعر مرخان المرخان :
غرايس من ميرهن ما تجرنا الضيف والعاني كلا في ذرانا
ولما كان الأمر كذلك فيما يتعلق بالضيف ومكانته في نفوس مواطني الجوف فإن الأمر بالطبع يتطلب إيجاد غرفة استقبال وضيافة خاصة بالضيوف تسمى ( القهوة ) وكانت غرفة ( القهوة ) تتميز عن غيرها من غرف البيت بارتفاع سقفها وسعة مسطحها طولاً وعرضاً ، مع جعلها في مواجهة القادم إلى البيت .
وللضيافة تقاليد معروفة ، فالضيافة إنما تجوز للضيف للمرة الواحدة عند مضيفه ( المعزب ) ثلاثة أيام وما بعدها غالباً ما يشد الرحال بحكم العرف . أو ترفع عنه سمة الضيف إلى حد ما . كما أن للضيافة آدابها من حيث أدب الجلوس ، والأكل وشرب القهوة التي تجهز بحكم العادة أما الضيوف . ويشرب معد القهوة ( المعزب ) الفنجان الأول من القهوة للتأكد من صلاحيتها ولطمأنة الضيف بأنها سليمة من أي شائبة . وهذه الآداب من شأنها حفظ كرامة الطرفين وضمان عدم تعرض أن منهما لأذى الآخر . وإذا ما حل ضيف في بيت رجل آخر وامتنع عن الأكل والشرب أو ما يسمى بـ( الممالحة ) ، فإن الشخص المضيف ( المعزب ) يضيق بضيفه ويتوقع منه سوءاً ، أما إذا ذاق الضيف الطعام أو الشراب وحقق ( الممالحة ) فإن المعزب يأمن شر الضيف أو بوائقه .
أما النجر ( الهاون ) فهو أمر يعتز به صاحب البيت ، ويطرب له ، ويعتبر في الوقت نفسه وسيلة نداء لمن يسمعه من الجيران أو عابري السبيل للضيافة . ولدق النجر نغم يتفنن به كثير من الناس فهو الإضافة إلى عملية طحن البن والهيل ، فإن عملية الطحن هذه تتم بإيقاعات متناسقة .
وإذا من خالج نفس صاحب البيت بعض الشجون ليلاً فإنه يقوم من منامه ليوقد النار لإعداد القهوة وليعبر عن أشجانه بدق النجر حتى في هجود الليل . يقول الشاعر في مثل هذا الظرف :
ليا ضاق خلقي شعمت النار ودنيت نجر ومحماسة
ودنيت نجر يجيب أخبار يطرد كرى الليل وعماسه
إن صوت النجر حين تدق به القهوة والهيل لصوت تعشقه الأذن ويتنادى به الجيران ويطرب له الجالس إلى أدوات القهوة ( المعاميل ) هو ومن حوله . فصوت النجر رمز لـ( الكيف ) و ( أهل الكار ) يضيف إلى المسرور سروراً على حين يحس الحزين أيضاً أن صوت النجر خليل يخفف عن كاهله الحزن ويشاركه أحزانه .
يقول الشاعر :
وارقع النجر للي حالته مثل حالي
والقهوة إنما تزين ( تبهر ) ويحلو طعمها وتتصاعد رائحتها الجميلة بـ( الهيل ) حتى أن ( المعزب ) يتحاشى الإقلال من الهيل رغم قلته سابقاً لارتفاع ثمنه حتى لا يتهم بالبخل ، ومن هنا قيل :
الدلة اللي ما تبهر من الهيل مثل العجوز اللي خبيث نسمها
ويستعيض من يصعب عليهم الحصول على الهيل بإضافة العود ( القرنفل ) إلى القهوة ويعتبر مستوى القهوة في تلك الحال أدنى بكثير من مستواها عندما تبهر بالهيل .
أما في هذا الزمن فمع أن البهار بالهيل لا يضارع ذوقاً وقيمة شرائية فإن المحاذير الصحية من الهيل وخصوصاً لدى كبار السن قد صرفت البعض إلى تبهير القهوة بالعود ( القرنفل ) ، حتى أن بعض من يفتحون بيوتهم للضيوف بشكل مستمر يحرصون على تجهيز دلتين من القهوة إحداهما مبهرة بالهيل والأخرى مبهرة بالعود ( القرنفل تلمساً لأمزجة الناس وإتياناً مع ظروفهم .
وتدار القهوة على الضيوف بدءاً من جهة اليمين من قبل من يقوم بصب القهوة وهم ينفذون بذلك القاعدة التي يتناقلها الناس ويرددونها في هذه الظروف دفعاً للحرج ، وهو القول الشائع : ( صب على يمينك لو أو زيد على يسارك ) ويخرج عن هذه القاعدة وجود شخص يتطلب الأمر تقديره واحترامه حتى لو لم يكن على اليمين ، كوجود ضيف ، أو فارق كبير في السن بين الجالسين .
ومن العرف في شرب القهوة ألا يتجاوز الضيف ثلاثة فناجين كما أن اكتفاء الضيف بشرب فنجان واحد فقط يوجب الشك والتساؤل وغالباً ما يكون هذا الشك أو التساؤل حول القهوة نفسها ، وموقف الضيف منها من حيث طعمها ومستوى جودتها أو رداءتها .
هذا وتشتهر قهوة منطقة الجوف كما هي قهوة أهل الشمال عموماً بأنها ( ثقيلة ) إذ تختلف عن قهوة نجد ( الخفيفة ) من حيث زيادة كمية البن وزيادة حمسه ( إحراقه ) .
وقد عرفت بعض الساحات أما أبواب البيوت بـ( المناخ ) وهو الموضع الذي تناخ فيه إبل الضيوف ، ويقدم لها فيه طعامها وشرابها . كما قد اعتاد بعض الناس إذا ما بنى بيتاً أن يخرج من جداره حلقاً قد تكون خشبية أو حديدية لربط راحلة الضيف فيها خشية ضياعها ليلاً .
وكان أهالي منطقة الجوف – إلى وقت غير بعيد – يأنفون من بيع محاصيلهم الزراعية في الأسواق ، ويرون أنه يجب أن ينعم بها الجار والضيف وذو الحاجة كما تنعم بها أسرهم . وها هو شاعرهم يحرم بيع ثمار النخيل حتى يصطف حفار القبور على قبره ، يقول ناصر بن قادر :
غرست وقع ميتين على بير والميه الأخرى لحيق بثرها
ما دام ما صفوا علي الحفافير بحرم علينا بيعة من ثمرها
ولهذا أضفت قبائل البادية المجاورة لمنطقة الجوف وكذا قوافل العرب التي تمر بالمنطقة خلال سفرها بين الجزيرة العربية والبلاد الأخرى ، أضفى هؤلاء اسم ( وادي النفاخ ) كاسم مرادف لـ : الجوف . لأن أهل المنطقة اشتهروا بإكرامهم للضيف والحرص على إشباعه حتى ينتفخ بطنه ممتلئاً بالأكل ، وقد جسد هذه التسمية أي ( وادي النفاخ ) معالي الأمير عبد الرحمن بن أحمد السديري ، حين اختار هذا الاسم عنواناً لكتابة في تاريخ منطقة الجوف فعنون الكتاب بـ : ( الجوف – وادي النفاخ ) بطبعته الأولى عام 1406هـ .
الرياضة والشباب :
رعاية الشباب
تولي الرئاسة العامة لرعاية الشباب ، أبناء منطقة الجوف كغيرهم من شباب المملكة العربية السعودية ، رعاية فائقة من خلال أنشطتها المتعددة الأوجه ، إذ يحظون بكل وسائل التوجيه والدعم المادي المعنوي والرعاية المستمرة . وتسهيلاً لتحقيق خدمة الشباب بمنطقة الجوف وتهيئة الظروف الملائمة للأخذ بأيدهم لمستويات أفضل ، صحيا وتربويا وثقافيا واجتماعيا ، فقد أنشيء المركز الرئيسي لرعاية الشباب بمدينة سكاكا عام 1393هـ ، للممارسة مهامه من خلال نشاطاته المركزية ونشاطات ثمانية أندية يشرف عليها في عدد من مدن المنطقة الشمالية هي سكاكا - عرعر - القريات - طريق - دومة الجندل - رفحا - قارا .
وينفذ أنشطته الثقافية المكثفة وفق خطة سنوية تشمل مسابقات أدبية في القصة ، والمقالة ، والشعر الموزون ، وصحف الحائط ، كما تشمل تلك الأنشطة إقامة المحاضرات والمسابقات الثقافية ، ومسابقة القرآن الكريم ، ومعارض للفنون التشكيلية ومهرجاناً ثقافياً سنوياً ، وحفلاً سنوياً للفنون المسرحية وغير ذلك من وجوه الأنشطة الثقافية الأخرى .
كما ينفذ المركز مهامه إزاء الألعاب الرياضية وفق خطط سنوية معتمدة في الألعاب التالية :
1- كرة القدم .
2- الكرة الطائرة .
3- كرة السلة .
4- تنس الطاولة .
5- كرة اليد .
6- ألعاب القوى .
7- الكاراتيه والتايكوندو .
8- السباحة .
وذلك عن طريق تنظيم مسابقة الدوري العام للمنطقة ودوري كأس خادم الحرمين الشريفين من خلال لجان الحكام الفرعية بالمنطقة ولهذا المركز مشاركة فعالة في بطولات ألعاب القوى التي تنظمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب على مستوى المملكة .
الأندية الموجودة في المنطقة:
يوجد في المنطقة انديةرياضية ثقافية إجتماعية مثل نادي القلعة في سكاكا و نادي العروبة بسكاكا و نادي الانطلاق في قارا و نادي المسيرة في القريات ونادي الجندل في دومة الجندل .