الجبرتي


المنشأ :-
هو عبد الرحمن بن حسين بن عبد الرحمن الجبرتي ,العالم المؤرخ المعروف,الذي ولد عام 1167هـ - 1754م,والذي تنتسب أسرته إلى مدينة (جبرت) الواقعة في أرض الحبشة. فقد وفد جده السابع منها إلى القاهرة ابتغاء الدراسة وتلفي العلم في الجامع الأزهر ,ثم استقر في مصر وتزوج فيها, فتتابع أحفاده يعيشون في ربوعها,ويمتزجون بأهلها,فظهر منهم العلماء والفقهاء,حتى كان لهم في الأزهر رواقٌ يسمى رواق الجبرتي.

أما الشيخ حين والد عبد الرحمن,فقد كان رجلاً ثرياً,ينتقل بين العلم و التجارة,شديد الولع بالعلوم الدينية,إلى جانب ولعه بالعلوم الطبيعية,كعلم البيئة والفلك والطب والحساب. وقد رُوي أن أحد وُجهاء الأتراك كان شغوفاً بهذه العلوم,فأراد أن يستزيد منها ,فقدم إلى مصر باحثاً عمن يتقن هذه العلوم,فأعياه البحث,فقال(المسموع عندنا بالديار الرومية (التركية) أن مصر منبع الفضائل والعلوم,وكنت في غاية الشوق للمجيء إليها,فلما جئتها وجدتها كما قيل: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه) .فدلوه على الشيخ حسن الجبرتي فلما زاره وجد عنده مبتغاه

كما يروى أن عدداً من الطلاب الأوربيين كانوا قد قصدوه,ليتعلموا على يديه أصول الهندسة وفنونها ,فأخذوا عنه إقامة طواحين الهواء وآلات الجر واستخراج الماء من باطن الأرض.

وقد تمكن الشيخ حسن بفضل ثروته العريضة أن يقتني الآلات الفلكية والمعدات الهندسية , وأن يُنشئ في منزله مكتبه عامرة,تستقبل طلاب الأزهر ويقرؤون في كتبها ويستعيرونها ,وينقلون منها دونما استئذان.

بداية الطريق:-

في هذا الوسط العلمي نشأ عبد الرحمن الجبرتي,فما كاد يتجاوز العاشرة من عمره حتى كان قد أتقن القراءة والكتابة,وحَفظ القرآن الكريم,فشرع يأخذ عن أبيه العلوم الرياضية والفلكية ويتتلمذ على يد الشيخ الجليل محمد مرتضى الزبيدي صاحب المعجم اللغوي الواسع(تاج العروس).

ثم دخل الأزهر فنهل من علوم الدين والمنطق واللغة والحديث والتصوف . إلا أن عقله المتفتح على البحث دفعه إلى أن ينتقد بعض علماء الأزهر,فهم قد(افتتنوا بالدنيا وهجروا مذاكرة المسائل ومدارسة العلم ,إلا بمقدار حفظ القاموس,مع ترك العلم بالكلية).

وهكذا بدأ نجم الجبرتي يلمع بين أرباب العلم والسلطة ,يغترفون من علومه ومعارفه,ويسترشدون بأفكاره وآرائه.

النهايه الفاجعه:-

كان للجبرتي ابن شاب خليلاً,يعمل في قصر محمد علي ميقاتياً للصلاة,وفوجئ الجبرتي في أحد الأيام بفئة من الناس تطرق عليه الباب,وتحمل على الأكف جثة ابنه خليل, وتخبره أنه قد قتل في طريقه عائداً من قصر الباشا في شبرا.
ويتفتت قلب الجبرتي حزنا على ولده,ويداهمه المرض,فلا يبارحه الداء,ولا تنقطع عينه عن البكاء,حتى فقد بصره,ووقف عن الكتابة,واعتزل الناس مدة ثلاث سنوات.
وفي سنة 1241هـ -1825م أدركته الوفاة,فانتقل إلى رحمة به,تاركا ًللأجيال خلاصة تجاربه وعصارة ثقافاته

هذه نبذة بسيطه عن حياة الجبرتي